fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي أهدافه ودلالاته.. كيف يعطي الثقة في الاقتصاد الوطني؟

0 20

مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي أهدافه ودلالاته.. كيف يعطي الثقة في الاقتصاد الوطني؟

خلال يومي 29 – 30 من يونيو الماضي، استضافت مصر مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي، والذي حمل اسم “مصر والاتحاد الأوروبي”، بحضور الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” ورئيسة المفوضية الأوروبية “أورسولا فون دير لاين”.

وهدف المؤتمر إلى زيادة التعاون الاقتصادي والاستثماري في كافة القطاعات الاقتصادية بين مصر والاتحاد الأوروبي، من خلال جذب الاستثمارات الأوروبية المتنوعة إلى مصر، وتحديدًا في قطاعات البنية التحتية والطاقة المتجددة والأمن الغذائي والصحة والتعليم والنقل المستدام وشبكات المياه والصرف الصحي

.ويأتي مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي في ظل ما شهدته الدولة المصرية من تطبيق إجراءات إصلاحية، وزيادة جاذبية الاقتصاد المصري مع عقد صفقات اقتصادية كبرى؛ مثل: صفقة رأس الحكمة ورأس جميلة؛ إلى جانب اهتمام قوى الشرق الصاعدة (الاتحاد الروسي وجمهورية الصين الشعبية) في تعزيز التعاون الاقتصادي مع مصر خلال السنوات الأخيرة، وقد بدا ذلك جليًّا في انضمام مصر إلى تكتل البريكس الاقتصادي، ما يعكس اهتمام العديد من الدول المختلفة في التعاون الاقتصادي مع الدولة المصرية، في ظل ما تتمتع به من موارد وثروات طبيعية وبشرية وفرص اقتصادية واعدة، بالرغم من التحديات والأزمات العالمية المختلفة.

فكيف يمكن قراءة مشهد الاقتصاد المصري خلال السنوات الأخيرة؟ وما أسباب ودوافع الاتحاد الأوروبي في تعزيز التعاون الاقتصادي مع الدولة المصرية؟ وما الاستفادة المتوقعة للمؤتمر على الدولة المصرية؟ وكيف يعزز ذلك الثقة في الاقتصاد المصري؟

يسلط مركز “رواق” للأبحاث والرؤى والدراسات، في هذا التقرير عبر تحليلاته ودراساته المختلفة، الضوء على مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي والآفاق المستقبلية للاقتصاد المصري في ظل ما تشهده مصر من تنمية وإصلاحات عدة؛ في هذه السطور الآتية:

الاقتصاد المصري خلال السنوات الأخيرة:

في ظل تعدد الأزمات التي شهدها العالم خلال السنوات الأخيرة، والتي كان من أبرزها: التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا (كوفيد – 19)، وحرب العقوبات الاقتصادية ما بين الاتحاد الروسي والقوى الغربية كنتيجة للحرب الروسية الأوكرانية؛ أثبت الاقتصاد المصري مرونة وقدرة على مواجهة الأزمات نتيجة لعمل الحكومات المصرية المتعاقبة بدءًا من عام 2014م وحتى الآن، على بناء اقتصاد وطني يتمتع بمقومات تنافسية ومرنة، تساهم في تعزيز مستويات النمو في مختلف القطاعات، وتحسين مناخ الاستثمار؛ فقد أقرت الحكومة المصرية حزمة من الإصلاحات الشاملة والحوافز الاستثمارية المتنوعة، مع مواصلة جهود رفع كفاءة سوق العمل، وتدعيم مصادر النقد الأجنبي؛ هذا إلى جانب تبني الدولة المصرية لخطط التنمية المختلفة في ظل عمل تشاركي بين مختلف قطاعاتها وشركاء التنمية داخليًّا وخارجيًّا، وهو الأمر الذي عُد حجر الزاوية الأساسية في القدرة على الصمود والمرونة في مواجهة الأزمات والتحديات العالمية الراهنة، والتي أثرت على مختلف اقتصادات دول العالم.خاصة مع المساعي الحثيثة التي تبذلها الدولة المصرية لاحتواء مختلف التداعيات السلبية اقتصاديًّا واجتماعيًّا؛ لتنعكس هذه الجهود على نظرة المؤسسات الدولية للاقتصاد المصري وإدارته للمخاطر المترتبة على المتغيرات الدولية، خاصة على الصعيد الاقتصادي.وبحسب التقرير الصادر عن المركز الإعلامي لمجلس الوزراء.

ونتيجة لإجراءات الحكومات المصرية المتعاقبة خلال السنوات الأخيرة؛ حقق الاقتصاد المصري أعلى معدلات نمو منذ 14 عامًا، فخلال العام المالي 2021م – 2022م حقق الاقتصاد المصري معدل نمو بلغ 6.6 في المئة متجاوزًا معدل النمو العالمي عند 3.2 في المئة؛ كما وخلال الفترة من 2014م وحتى 2022م، ازداد الناتج المحلي الإجمالي لمصر بالأسعار الجارية بأكثر من 3 أضعاف، فمن 2.2 تريليون جنيه خلال العام المالي 2013م – 2014م إلى 7.9 تريليون جنيه خلال العام المالي 2021م – 2022م؛ هذا إلى جانب تراجع الدين الحكومي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي ليسجل 87.2 في المئة خلال العام المالي 2021م – 2022م مقارنة بنحو 89.3 في المئة خلال العام المالي 2013م – 2014م (مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية).

وعملت الحكومة المصرية على مضاعفة وتنويع مصادر النقد الأجنبي بما يعزز صلابة وضع مصر الخارجي؛ وشكلت مشروعات البنية التحتية، والتي بلغت تكلفتها 10 تريليونات جنيه، بما يعادل 323 مليار دولار، بحسب تصريحات الرئيس السيسي خلال جلسة “المشروعات القومية والبنية التحتية”، عامل جذب للاستثمار الأجنبي المباشر في الاقتصاد المصري؛ إذ اشتملت مشروعات البنية التحتية على إنشاء طرق وموانئ وتطوير السكك الحديدية، وذلك كون البنية التحتية هي أحد العوامل التي يمكن أن تؤثر على مناخ الاستثمار على المستوى المحلي ورفع مستوى جاذبية المنطقة (سكاي نيوز عربية).

جاذبية الاقتصاد المصري والفرص الواعدة:

نتيجة لما حققته الدولة المصرية من تنمية وإصلاحات وخطط واعدة خلال السنوات الأخيرة؛ فقد ازدادت جاذبية الاقتصاد المصري رغم التحديات العالمية، وبدا ذلك واضحًا مع الإعلان عن مشروع رأس الحكمة؛ إذ وفي خطوة تاريخية، وقَّعت مصر والإمارات العربية المتحدة صفقة ضخمة لتطوير مدينة رأس الحكمة الساحلية.وتهدف الاتفاقية لتحويل المدينة إلى مركز سياحي وتجاري عالمي، وتوفير فرص عمل جديدة، وتنشيط الاقتصاد المصري.

وتبلغ قيمة الصفقة 35 مليار دولار على المدى القريب في خلال شهرين و150 مليار دولار على المدى الطويل؛ كما تأتي الصفقة في وقت مهم لتعزز من الثقة في مصر واقتصادها، وتعتبر خطوة مهمة في اتجاه التعافي من تداعيات الأزمات الاقتصادية التي شهدتها مصر خلال الفترة الأخيرة، وتؤكد صلابة العلاقات بين البلدين (الجزيرة).

هذا إلى جانب مشروع إنشاء المنطقة الصناعية الروسية في مصر، والذي يُعد فريدًا من نوعه ويعكس الاهتمام الروسي بالتعاون الاقتصادي مع الدولة المصرية؛ حيث إن روسيا لم تقم بمثل هذه المشاريع منذ انهيار الاتحاد السوفيتي في دول عربية. وتتطابق مصالح مصر وروسيا في هذا المجال بشكل كامل؛ حيث إن القيادة الروسية تأثرت كثيرًا بفكرة الوجود المادي في الأسواق الجديدة؛ كما أنها تتوقع تحقيق الهدف الرئيسي لإستراتيجيتها الاقتصادية الخارجية، وهو زيادة حصة الصادرات غير الأولية في التجارة الخارجية، خصوصًا مع الدولة المصرية.

كما يمثل إعلان منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “أونكتاد” عن أن صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي اجتذبتها مصر خلال العام 2023م، والتي تُقدر بنحو 9.4 مليار دولار، خطوة مهمة للغاية لكي تحافظ مصر على صدارتها للقارة الأفريقية كأكبر دولة استقبالًا للاستثمارات المباشرة للعام السابع على التوالي.

في ظل كون مصر تستحوذ على خُمس الاستثمارات الأجنبية التي اجتذبتها القارة في 2023م، والتي تُقدر بنحو 52.6 مليار دولار، كما جاءت في المرتبة الخامسة شرق أوسطيًا؛ فإن نجاح الدولة المصرية في اجتذاب 5 مليار و100 مليون دولار استثمارات مباشرة في عام 2021م؛ إضافة إلى 11.4 مليار دولار في 2022م، ليصبح بذلك إجمالي صافي الاستثمارات الأجنبية التي اجتذبتها مصر في 3 سنوات ما بعد كورونا 26.3 مليار دولار، يُعد إنجازًا كبيرًا يعكس حجم الجهود المبذولة من جانب الدولة المصرية لتحسين مناخ الاستثمار وتشجيع المستثمرين الأجانب على استثمار أموالهم داخل مصر.ونتيجة لزيادة تنوع الاقتصاد المصري خلال السنوات الأخيرة، وما شهده من تنمية صناعية، فقد انضمت مصر رسميًا إلى تكتل البريكس الاقتصادي في يناير 2024م، وذلك بعد أن تمت دعوتها في أغسطس الماضي، بجانب خمس دول أخرى للانضمام إلى التكتل، خلال القمة الـ 15 التي عُقدت في جوهانسبرج بجنوب إفريقيا، تحت شعار: “بريكس وإفريقيا.. الشراكة من أجل النمو السريع والمستقر”.

ويُمكن القول: إن انضمام مصر إلى هذا التكتل الاقتصادي الكبير يُحقق لها العديد من الفوائد الاقتصادية على المديين القريب والبعيد، ويعكس تطلعات قِوَى الشرق لمزيد من التعاون الاقتصادي مع الدولة المصرية، في ظل التحسن المستمر في تقارير المنظمات الدولية عن الاقتصاد المصري.

مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي والتعاون المستمر بين الجانبين:

اكتسب مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي، والذي نظم تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيسة المفوضية الأوروبية “أورسولا فون دير لاين”، بمشاركة العديد من المسؤولين الأوروبيين، إلى جانب الوزراء المصريين وممثلي المؤسسات المتعددة الأطراف والقطاع الخاص، أهمية كبرى لدى الجانبين المصري والأوروبي، في إطار السعي نحو تعزيز التعاون الاقتصادي بين مصر ودول الاتحاد الأوروبي، من خلال جذب الاستثمارات الأوروبية المتنوعة إلى مصر، وتسليط الضوء على الفرص الاستثمارية المتنوعة المتاحة داخل الاقتصاد المصري.وهو الأمر الذي ينعش الاقتصاد المصري بشكل كبير؛ كون الاتحاد الأوروبي يُعد شريكًا إستراتيجيًّا للدولة المصرية، ويمثل سوقًا كبيرًا متنوعًا للصادرات والمشاريع المشتركة؛ وجاء مؤتمر هذا العام في ظل ما شهده الاقتصاد المصري خلال الفترة الأخيرة من صفقات كبرى وإصلاحات مع صندوق النقد الدولي، وشكل المؤتمر منصة ثرية للمستثمرين وأصحاب الأعمال الأوروبيين للتعرف على الفرص الاستثمارية الواعدة في قطاعات السوق المصرية.

في ظل أن السوق المصرية تُعد بوابة للعديد من الأسواق في المنطقة العربية والأفريقية؛ وجاء توقيع الاتفاقيات المشتركة ومذكرات التفاهم وخطابات النوايا، والتي بلغت قيمتها الإجمالية 67 مليار دولار مع الكيانات التابعة للاتحاد الأوروبي وغير التابعة، ومع عدد كبير من الشركات الأوروبية؛ لتعكس نجاح السياسات والإجراءات التي تتخذها الحكومة المصرية للإصلاح الاقتصادي.كما وتم خلال المؤتمر؛ التوقيع على اتفاقية صرف الشريحة الأولى البالغة مليار يورو من حزمة التمويل التي أقرها الاتحاد لمصر بقيمة إجمالية 7.4 مليارات يورو لدعم الاقتصاد المصري، في ظل الاضطرابات والمتغيرات الجيوسياسية العالمية والإقليمية.فنتيجة لمحورية الاقتصاد المصري والدور الحيوي في المنطقة؛ تأثرت مصر سريعًا بالاضطرابات التي شهدتها حركة السفن بالبحر الأحمر، وتداعيات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والصراعات المسلحة في السودان وإفريقيا، في ظل استضافة الدولة المصرية لعدد كبير من النازحين واللاجئين على أراضيها من مناطق الصراعات المختلفة في المنطقة.وتعادل حزمة التمويل الأوروبية في قيمتها الحزمة المقررة من صندوق النقد الدولي بعد زيادة قيمة القرض الممنوح لمصر بموجب اتفاق التسهيل الائتماني الممتد في مارس الماضي من 3 مليارات دولار إلى 8 مليارات دولار؛ وكاستجابة لتداعيات العدوان الإسرائيلي على غزة على الاقتصاد المصري، فقد أعلن الجانبان المصري والأوروبي رفع مستوى العلاقات بين الجانبين لمستوى الشراكة الاستراتيجية والشاملة، وذلك خلال القمة المصرية الأوروبية التي عقدت مارس الماضي بالقاهرة.

دوافع الاتحاد الأوروبي للاهتمام المتزايد بالتعاون مع الدولة المصرية:

وتكمن العديد من الدوافع المختلفة التي تقف خلف الاهتمام الأوروبي المتزايد بالتعاون الاقتصادي مع الدولة المصرية؛ فإلى جانب القلق الأوروبي من زيادة تدفق اللاجئين والمهاجرين إلى دول التكتل من مناطق الصراعات المختلفة في الشرق الأوسط وأفريقيا، واستمرار التدفق المستمر للاجئين إلى الدولة المصرية والدعم السياسي الأوروبي لمواقف الدولة المصرية تجاه الصراعات في المنطقة.برز أيضًا مزاحمة قُوى الشرق (روسيا والصين) في السوق المصرية، في ظل الصفقات المتعددة، والتي كان أبرزها؛ محطة الضبعة النووية الروسية في مصر، واهتمام موسكو المتزايد بإنشاء منطقة تجارة حرة مع مصر.إضافة إلى توقيع اتفاقيتين مع كل من شركة China Energy الصينية لإنتاج الوقود الأخضر، وشركة United Energy لإنشاء مجمع لإنتاج كلورايد البوتاسيوم في مصر، باستثمارات إجمالية بقيمة 14.75 مليار دولار، على هامش المشاركة المصرية في أعمال الدورة الثالثة لمنتدى “الحزام والطريق” في الصين، في ظل الدعم والمساندة السياسية التي توليها الدولة المصرية للمستثمرين وسط التحديات الجيوسياسية.كما ويعكس المؤتمر تزايد الإدراك الأوروبي بأهمية تعزيز ودعم الاقتصاد المصري، إذ يمثل هذا المؤتمر أهمية خاصة لتعميق التعاون بين مصر وأوروبا، كونه يوفر منصة للتشاور بين المستثمرين الأوروبيين والمصريين، حول كيفية جذب الاستثمارات الأجنبية وتطوير المشاريع القائمة، كما يشكل المؤتمر منتدى لنقل التجارب الأوروبية الناجحة إلى مصر؛ ما يساهم في تنويع الاقتصاد المصري وزيادة مرونته وتعزيز النمو المستدام.

كما يولي المؤتمر اهتمامًا كبيرًا بالبعد الاجتماعي للتعاون الاقتصادي مع أوروبا، وخاصة فيما يتعلق بتوفير فرص عمل ملائمة للمصريين بالخارج؛ فقد تم خلال فعاليات المؤتمر مناقشة مشروعات تتعلق بتصدير العمالة المدربة، نظرًا للطلب المتزايد عليها في السوق الأوروبية، فالعديد من الدول الأوروبية تفتقر إلى العمالة المطلوبة، ولذلك أخذ بعين الاعتبار فرص العمل الملائمة للمصريين بالسوق الأوروبية.

استفادة مصر المتوقعة من مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي:

لمؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي استفادات عدة متوقعة، كونه يُعد منصة حوار لنقل التجربة الأوروبية الناجحة للاستثمار إلى مصر؛ فالاتحاد الأوروبي يتمتع بخبرة واسعة في الاستثمارات المتنوعة في كافة القطاعات، ويمكن للدولة المصرية الاستفادة منها لتنويع الاستثمارات وعدم الاعتماد على قطاع واحد، مما يزيد من مرونة الاقتصاد ويعزز النمو المستدام.

هذا بالإضافة إلى أنه يمكن للدولة المصرية الاستفادة من الاستثمار في تمويل البنية التحتية التي يقدمها الاتحاد الأوروبي، وذلك بهدف جذب المستثمرين. كما أن الاستثمار في التعليم والتطوير أيضًا يُعد إحدى الركائز التي قامت عليها النهضة الأوروبية، ولذلك يمكن لمصر تعزيز قدراتها البشرية من خلال الاستثمار في التعليم والتدريب، بما يزيد من جاذبية المستثمرين الباحثين عن قوة عاملة مدربة.

وبالنظر إلى القطاع التكنولوجي، فتولي الدولة المصرية اهتمامًا كبيرًا بهذا القطاع، ويتعاون الجانبان المصري والأوروبي في مجال العلوم والتكنولوجيا بموجب اتفاقية العلوم والتكنولوجيا الموقعة بينهما في عام 2005م، والتي كان لها الأثر الإيجابي في تطوير هذا القطاع في الدولة المصرية. (بوابة الأهرام).

وفي ظل برنامج التمويل البحثي والابتكاري السابق (هورايزون 2020)، شاركت مصر مع الاتحاد الأوروبي في 51 مشروعًا تغطي مجموعة متنوعة من القطاعات، بما في ذلك المياه والطاقة والغذاء والزراعة والصحة والهجرة والثقافة؛ كما شمل التعاون المصري والأوروبي برنامج الإصلاحات القانونية والإدارية، إذ ترتبط الدولة المصرية والاتحاد الأوروبي بعلاقات تعاون استراتيجية وشاملة تستند إلى قيم العدالة والاحترام المتبادل والثقة.

كيف يعزز مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي الثقة في الاقتصاد الوطني؟

بالنظر إلى مخرجات المؤتمر الاستثماري المصري الأوروبي، والتي يمكن تلخيصها فيما يلي؛ التزم الجانبان بتعزيز التعاون في مختلف القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية؛ إذ أشار الرئيس “السيسي” إلى أنه من المنتظر جذب نحو 5 مليارات يورو استثمارات أوروبية، بجانب ضمانات استثمار تصل قيمتها إلى 1.8 مليار يورو للقطاع الخاص. (مركز رع للدراسات الإستراتيجية).

فإن هذه الخطوة تساهم في زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الدولة المصرية، كما تمكن المستثمرين الأوروبيين من الاستفادة من الفرص الاستثمارية الواعدة في مصر، كما تعزز تلك الخطوة من مكانة الاتحاد الأوروبي كشريك إستراتيجي للدولة المصرية.

هذا إلى جانب ما شهده المؤتمر من التوقيع على عدد من الاتفاقيات الاستثمارية في مجالات متنوعة؛ أبرزها: الطاقة المتجددة والتصنيع، وتطوير مشروعات الهيدروجين الأخضر في مصر، حيث شهد المؤتمر اهتمامًا واسعًا بمشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته والأمونيا الخضراء في منطقة رأس شقير، كما يأتي المؤتمر ليعزز من التعاون الاقتصادي والشراكة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبي، في ظل اهتمام الجانبين المصري والأوروبي في تعزيز العلاقات الثنائية بينهما.

ومن الجدير بالملاحظة: الحضور الواسع لممثلي القطاع الخاص في كل من مصر والاتحاد الأوروبي، وتوقيع عدد من الشراكات الجديدة بين الشركات المصرية والأوروبية. وتأتي هذه الخطوة لتعزيز الشراكات ما بين القطاعين الخاص المصري والأوروبي، والترويج للفرص الاستثمارية في مصر.

وبناءً على مخرجات المؤتمر، وما حققته الدولة المصرية من إنجازات اقتصادية عدة، وإصلاحات داخلية وشراكات متنوعة مع الإمارات العربية المتحدة وروسيا والصين والاتحاد الأوروبي؛ يمكن القول إن الاقتصاد المصري نجح في تجاوز الأزمات الاقتصادية الصعبة، وتجاوز بنجاح المراحل الأصعب في تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي. وانعكس هذا النجاح في الاتفاقيات والشراكات المتنوعة التي أبرمت مع الدولة المصرية خلال السنوات، والتي عززت الثقة في الاقتصاد الوطني، في ظل اهتمام العديد من الدول بتنويع وتوسيع شراكاتها مع الدولة المصرية.

الخلاصة:

في ظل التطورات الدولية الأخيرة؛ من فيروس كورونا، وعقوبات اقتصادية ما بين روسيا والقوى الغربية، إلى جانب حرب تجارية وتنافس محتدم ما بين الولايات المتحدة والصين، والتي طالت تداعياتها العديد من الاقتصادات حول العالم؛ أثبت الاقتصاد المصري قدرته على المرونة في ظل التحديات المختلفة نتيجة للإجراءات الحكومية خلال السنوات الأخيرة. فما شهدته الدولة المصرية من مشروعات تنموية طالت العديد من القطاعات المختلفة، إلى جانب البنية التحتية الحديثة؛ شكلت عامل جذب للعديد من المؤسسات والمستثمرين الأجانب للتوسع في السوق المصرية.

– في ظل ما تشهده منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا من صراعات عدة وعمليات هجرة ونزوح إلى الدولة المصرية، وتخوف أوروبي من تأزم الأوضاع في ظل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة؛ لم يقتصر الدعم الأوروبي للدولة المصرية على الجانب الاقتصادي والاستثماري فقط، بل برز أيضًا الدعم السياسي لمواقف الدولة المصرية تجاه الصراعات المسلحة في المنطقة، في ظل التدفق المستمر للاجئين والنازحين إلى الدولة المصرية، خصوصًا من السودان وإفريقيا.

– يأتي مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي في وقت ترتقي فيه العلاقات المصرية الأوروبية إلى مستويات جديدة، وتشهد العلاقات الدولية تنافسًا ما بين العديد من القوى الصاعدة والمهيمنة، لتأسيس التحالفات والاستقطابات؛ ولذلك يأتي المؤتمر الاستثماري المصري الأوروبي المشترك ليفتح آفاق جديدة للتعاون المشترك بين الجانبين المصري والأوروبي، عبر عدة مجالات حيوية وواعدة لكلا الطرفين.

وعلى الرغم من أن المؤتمر يحمل طابعًا اقتصاديًّا؛ فإنه يُعبر عن رسائل سياسية واقتصادية واجتماعية بالغة الأهمية؛ مفادها: تصميم الدولة المصرية على مواجهة التحديات العالمية والإقليمية الراهنة بثبات؛ كما ويعكس المؤتمر نمو وتطور العلاقات ما بين مصر والاتحاد الأوروبي خلال السنوات الأخيرة.

المصادر:

مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية

سكاي نيوز عربية

الجزيرة

مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية

المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية

العربية

بوابة الأهرام

مركز رع للدراسات الإستراتيجية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.