fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

الرياض تستضيف قمة العشرين وسط تحديات شائكة لجائحة كورونا

179

الرياض تستضيف قمة العشرين وسط تحديات شائكة لجائحة كورونا

 

فإن العالم في حاجة لأسس اقتصادية قوية لتحقيق الانتعاش على المدى المتوسط والمدى الطويل، وصندوق النقد الدولي يتوقع 28 تريليون دولار خسائر اقتصادية بنهاية عام 2025.

وتُعد تأثيرات جائحة كورونا الاقتصادية هي الأعنف والأشد قسوة منذ أحداث الكساد الكبير 1929، حتى إن التأثير المدمر للحرب العالمية الثانية كان أقل ضراوة من تداعيات (كوفيد – 19)؛ فبالرغم من مرور عام على بدء تأثيرات أزمة كورونا؛ إلا أن الضبابية وقتامة المشهد ما زالا يخيمان على العالَم؛ بسبب التبعات الاقتصادية والحمائية للإغلاق التي اتبتعتها أغلب الدول، ونجم عنها توقف سلاسل الإمداد والتوريد بين الدول عدة أشهر.

وكأن العالم أُجبر على الانعزال لتقليص أعداد الإصابات بفيروس كورونا المستجد، ورغم الصعاب نشطت مؤشرات التجارة الإليكترونية عبر الحدود، كما نشط العمل أيضًا من المنازل بعد أن خلت الشوارع حتى مِن المارة، وتحسن الوضع البيئي قليلًا بتراجع الانبعاث الحراري.

وفي هذه الأثناء تحركت المنظمات والجهات والمؤسسات الدولية على مستوى العالم لتقديم نوعًا من المشورة والمساعدة للحدِّ من الخسائر الفادحة التي مُنّي بها العالَم، وكان في طليعة ذلك مجموعة (قمة العشرين) باعتبارها تمثِّل قرابة 80% من الناتج الاقتصادي العالمي، ونحو ثلثي سكان العالم، وتمثل 20 دولة، وفي هذا الصدد سنلقي نبذه عن مجموعة العشرين؟ متى تكونت؟ والوزن النسبي لها وتأثيرها على مستوى العالم، ودورها المؤثِّر والفاعل منذ ظهور الجائحة؟

ما مجموعة العشرين؟

  • يقصد بمجموعة العشرين المنتدى الرئيسي للتعاون الاقتصادي الدولي، وتضم قادة من جميع القارات، تمثِّل 80% من الناتج الاقتصادي العالمي، وثلثي سكان العالم، وثلاثة أرباع حجم التجارة العالمية، ويمثِّلها 20 دولة تجتمع لمناقشة القضايا المالية والاجتماعية والاقتصادية، تتناوب الدول الأعضاء على رئاسة المجموعة كل عام، وتؤدي دولة الرئاسة دور قيادي في إعداد برنامج الرئاسة قمَة القادة.
  • تأسست مجموعة العشرين في 25 سبتمبر 1999 على هامش قمة مجموعة الثمانية في واشنطن، وجاء إنشاؤها كرد فعل على الأزمات المالية، التي حدثت في نهاية التسعينيات؛ خاصة الأزمة المالية في جنوب شرق آسيا وأزمة المكسيك.

20 دولة من 4 تجمعات:

  • وتضم كل من الولايات المتحدة الأمريكية، والصين، وروسيا، واليابان، وبريطانيا، وألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا -الاتحاد الأوروبي-، وجنوب أفريقيا، وتركيا، وكندا، والمكسيك، والبرازيل، والأرجنتين، والسعودية، وكوريا الجنوبية، والهند، وإندونيسيا، وأستراليا.
  • وتنقسم دول مجموعة العشرين حسب التجمعات التالية: ثلاث دول من اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية “النافتا”، ودولتين من السوق المشتركة، وأربع دول من الاتحاد الأوروبي (وتمثِّل في الوقت نفسه دولها الخاصة بها)، وثلاث دول أعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي.

كورونا يتوغل… والسعودية تدعو لقمة طارئة:

 

مع توغل كورونا حول العالم دعت المملكة العربية السعودية الخميس 26 من مارس 2020 لعقد قمة افتراضية طارئة، لبحث تداعيات وسبل تنسيق الجهود الرامية لمواجهة انتشار فيروس “كوفيد -19”.

و أوصت القمة بضخ حزمة تحفيزية للاقتصاد العالمي بقيمة 7 تريليونات دولار، كنوعٍ من الإجراءات التحفيزية للدول الفقيرة أو المتأثرة بجائحة كورونا.

أجندة القمة… وملفات ساخنة في انتظار القادة:

وتتصدر أجندة قمة العشرين الافتراضية التي ستستضيفها العاصمة السعودية الرياض السبت والأحد المقبلين 21/22 من نوفمبر الجاري، عبر خاصية الفيديو كونفرانس بحضور قادة الدول ومحافظي البنوك المركزية، وممثلي صندوق النقد والبنك الدولي، والمصرف المركزي الأوربي، ملفات تتسم بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المهمة.

987.9 مليار ريال حجم تجارة السعودية مع دول العشرين:

تشكِّل حجم التجارة الخارجية بين السعودية ودول مجموعة العشرين خلال العام الماضي، نحو 63.5 % من إجمالي التجارة الخارجية للسعودية البالغة 1.55 تريليون ريال، وبحسب بيانات رسمية، بلغ حجم التجارة بين السعودية ودول مجموعة العشرين نحو 987.9 مليار ريال بما يعادل نحو 263.46 مليار دولار.

ملفات ساخنة على مائدة قمة العشرين بالرياض:

واطلع موقع (رواق للدراسات والأبحاث الإستراتجيية) على تقرير بثه موقع قمة العشرين(1)، واتسم باستعراض لأهم الملفات والقضايا الاقتصادية والاجتماعية، وقضايا المناخ، والديون، وتشكيل وتبني إستراتيجيات الابتكار والتقدم التكنولوجي، والتحول نحو الاقتصاد الرقمي والمميكن، إضافة إلى مناقشة بعض القضايا الأخرى كالتجارة البينية والإلكترونية، والاستثمار بين الدول، والطاقة والبطالة والتوظيف وغيرها.

كما تطرق إلى رقمنة الاقتصاد وهيكلته والتحول من الاقتصاد الورقي إلى المميكن كما تناقش جلسات القمة ملفات التجارة البينية، والاستثمار في الطاقة والمحروقات، والاقتصاد الأخضر؛ إضافة إلى القضايا الأكثر إلحاحًا الأكثر، وهي التغير المناخي، ونقص المياه، وتأثير النزاعات الدولية والإقليمية على الأمن والسلم العالمي. 

ومِن المتوقع أن تهيمن تداعيات أزمة جائحة كورونا الذي خلَّف أكثر من 56 مليون إصابة و1.4 مليون حالة وفاة على مستوى العالم، على أغلب اجتماعات القادة وزعماء الدول العشرين، في ظل آمال بظهور لقاحات جديدة من بينها: فايزر، أكسفورد، مودرينا؛ إضافة إلى اللقاحات الروسية والصينية.

11 تريليون دولار منذ إعلان الجائحة:

مجموعة العشرين ساهمت بـ 21 مليار دولار لمكافحة الوباء، وضخت نحو 11 تريليون دولار لحمايتة الاقتصاد مِن تبعات الجائحة(2)، لكن المجموعة تعاني من أزمة الديون، وأوصى وزارء مالية مجموعة العشرين منتصف نوفمبر الحالي بإطار عمل مشترك لمعالجة مسألة الديون بعيدًا عن خيار التعليق، لكن مطلعون وصفوا الإجراء بغير ملائم على الإطلاق.

وقالت كاثرين تو من منظمة “أكشن إيد”: “نواجِه أكبر أزمة إنسانية في العالم، ومع ذلك فإن مجموعة العشرين تدفن رأسها في الرمال، وقد فشلت في الاستجابة للوضع الطارئ”.

ماذا سيقولون قادة العالم؟

وبحسب وكالات الأنباء العالمية فإن قادة الدول الكبرى بمجموعة العشرين قد يلقون خطابات في اليوم الأول من القمة الافتراضية المنعقدة عبر خاصية الفيديو كونفرانس، من بينهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى الرئيس الصيني شي جينبينج والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وبحسب وزير الخارجية الصيني وانغ يي زاد يي في حواره مع الشرق الأوسط نشر الخميس 19/ نوفمبر/2020، فإن العالم يعلِّق آمالًا كبيرة على “مجموعة العشرين”، بقيادة المملكة العربية السعودية في مواجهة جائحة “كورونا”، مشيرًا إلى أن الفيروس لا يعرف الحدود، ولا يميز بين الأعراق؛ فلا نستطيع هزيمته إلا بالجهود المتضافرة(3).

ولفت إلى أن العالم يتابع باهتمام قمة الرياض آملًا في أن تبعث رسالة إيجابية، وتتوصل إلى رؤية عملية للتعاون الدولي في مواجهة الجائحة، وقال: نتطلع للتوصل لحلول إصلاحية في عصر ما بعد الجائحة، استجابة للهموم الكبرى والملحة للمجتمع الدولي والالتزام بتنفيذ تعددية الأطراف واستكمال الحوكمة العالمية.

وجدد رفض بلاده ما وصفه بالتنمّر الأميركي وممارسة اللعبة الصفرية بعقلية الحرب الباردة، وأيضًا تسييس جائحة “كورونا”.

إفريقيا والمظالم التاريخية:

أما على المستوى القاري فسيحضر رئيس جنوب إفرقيا كونها الدولة الوحيدة في القارة ضمن أقوى 20 اقتصاد على مستوى العالم، فقال حسب حوار نشرته جريدة الشرق الأوسط 17/11/ الجاري سنطالب العالم المتقدم بمعالجة المظالم التاريخية، كما علينا أن نمضي قُدمًا في التقنيات والصناعات الجديدة، كي لا يتخلف أحد عن الركب.

وذكر أن تحقيق التنمية المستدامة على رأس اهتمامات القارة السمراء في قمة العشرين، حيث يتطلع العالم إلى خروج توصيات أكثر جرأة لقيادة وتنسيق الجهود الدولية لمواجهة التأثير البشري والاقتصادي لوباء “كوفيد – 19” من أجل التعافي بشكل أفضل.

تحديات وترقب:

تأتي قمة العشرين وسط ترقب وحذر بسبب التحديات الصعبة التي تواجِه الاقتصاد العالمي، فالعوامل التي تؤثِّر على الحالة الاقتصادية تتغير وبشكل مستمر.

إضافة إلى ما سبق تتأرجح مسارات الاقتصاد العالمي وسط الجائحة، فالهبوط والتعافي بينهما آمالًا عريضة، فالعالم يعيش حالة انتظار لتطوير لقاحات مضادة لفيروس كورونا المستجد حيث تتسابق المراكز البحثية فيما بينها للظفر بلقاح فعال وآمن؛ إلا أن آفاق السيطرة على المرض ما تزال بعيدة.

من جانبهاك جددت قمة العشرين دعوتها بتعليق دفع خدمات الديون الخارجية على الدول الفقيرة، ما يعيد الى الواجهة مسألة الديون التي تهدد مستقبل الاقتصاد العالمي والذي وصل نهاية العام 2019 ما يقارب 253 ترليون دولار، مشكِّلًا ما نسبته 322 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

وقد تجاوزت زيادة الديون خلال النصف الأول من العام الجاري 2020 خمسة تريليونات دولار، مرشحة للزيادة أكثر في ضوء التوقعات المتشائمة التي أصدرها صندوق النقد الدولي، والتي أكدت أن الاقتصاد العالمي مقبل على أسوأ انكماش اقتصادي.

الدول الأقل استدانة:

ووَفْقًا لتقارير ودراسات تحليلية، فإن المملكة تحتل المرتبة الثانية بين دول مجموعة العشرين من حيث الأقل في نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي، بنهاية 2019، إذ تبلغ النسبة لديها 22.8 %، بعد روسيا بـ12.3 %.

وتتصدر اليابان وإيطاليا والولايات المتحدة دول العشرين من حيث أعلى نسب الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي بـ237 %، و135 %، و106.9 % على التوالي.

دوليًّا تخشى دوائر صنع القرار العالمي من ازدياد حالة الانقسام في المجتمع الأمريكي على المستويين الاجتماعي والسياسي على إثر نتائج الانتخابات الرئاسية وهي حالة غير مسبوقة.

ما جعل صحفي مرموق ومخضرم وله عمود ثابت في -نيويورك تايمز- مثل: “توماس فريدمان” ويحظى بخبرة عقود، يصرح لشبكة CNN الأمريكية من أنه يخشى انزلاق الولايات المتحدة نحو حرب أهلية للمرة الثانية، بعد غموض موقف دونالد ترامب(4).

البنك الدولي: العالَم يواجِه أسوأ أزمة ركود منذ 1929:

إضافة إلى ذلك: ما يزال خبراء صندوق النقد الدولي يؤكدون أن الاقتصاد العالمي يواجه أسوأ حالة ركود منذ الكساد الكبير 1929، وهناك قنبلة موقوتة تتربص بالاقتصاد العالمي، تتمثل بالمستويات العالية جدًّا للدين العام (السيادي) العالمي، والذي يزيد على 100 % من الناتج الإجمالي العالمي السنوي.

وتقول البروفيسور كريستالينا جورجييفا، المدير العام لصندوق النقد الدولي في اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لدول مجلس التعاون الخليجي 21/10/2020: ازداد الدِّين العام خلال 2020 بشكل كبير بسبب أزمة فيروس كورونا المستجد، وإن بدأ الاقتصاد يصعد من أغوار الأزمة، ولكنها رحلة طويلة في طريق غير ممهد ومعرض للنكسات(5).

وتوقع صندوق النقد الدولي أن يكون النمو العالمي لهذا العام سالب 4,4%، بزيادة في التوقعات قدرها 0,8% مقارنةً بتنبؤات يونيو الماضي، ولكنه يظل ضعيفًا جدًّا بالطبع -بل إننا نتوقع بالفعل خسارة 28 تريليون دولار على مستوى العالم حتى نهاية عام 2025-، وهو ما يوسع حالة اللامساواة الاقتصادية، بعد إطلاق العنان للشركات المتعددة الجنسية للسيطرة على الاقتصاد العالمي، وتخفيض شروط العمل المختلفة لصالح تشجيع الاستثمار، وأدت إلى توسع ملموس في أعداد الفقراء في مختلف أنحاء العالم.

المركزي الأوربي والتداعيات الخطيرة:

حيث اتخذت حكومة منطقة اليورو إجراءات على صعيد الميزانية تمثِّل أكثر من 4 % من إجمالي الناتج المحلي في 2020 فقط.

ومن المقرر: أن يجتمع المصرف المركزي الأوروبي مطلع ديسمبر 2020 لاعتماد إجراءات جديدة دعمًا لاقتصاد منطقة اليورو.

قالت كريستين لاغارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي -الخميس 19/11/ 2020-: “إن البنك لا يمكن أن يفلس، ولا أن تفند منه الأموال حتى وإن تكبد خسائر في سنداتٍ بعدد مِن تريلونات اليوروهات -كان اشتراها بموجب برامج تحفيزية سابقة بشأن كورونا-“(6).

قائمة المصادر والمراجع:

 

التعليقات مغلقة.