fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

قراءة حول هجوم كروكوس الدامي في روسيا وتداعياته داخل روسيا وخارجها

70

قراءة حول هجوم كروكوس الدامي في روسيا وتداعياته داخل روسيا وخارجها

تعرضت روسيا في مارس الماضي لأحد أكثر الهجمات الإرهابية دموية في تاريخها، وقع في موسكو، وأسفر عن مقتل وإصابة المئات، وسريعًا ما أعلن تنظيم داعش الإرهابي في خراسان، مسؤوليته عن الهجوم الدامي الذي نفذه ما لا يقل عن 5 أشخاص، باستخدام زجاجات حارقة وبنادق كلاشينكوف، وعقب الهجوم نجحت الأجهزة الأمنية الروسية سريعًا في اعتقال عدد من المتورطين في الهجوم.

وبالرغم من إعلان تنظيم داعش خراسان الإرهابي مسؤوليته عن الهجوم؛ إلا أن السلطات الروسية قد كشفت عن أن المشتبه بهم كانت لهم اتصالات بالنظام الأوكراني الذي يخوض حربًا مع روسيا منذ ما يزيد عن نحو عامين، دون توجيه تهم مباشرة للنظام الأوكراني، متوعدًا بوتين بمعاقبة كل المسؤولين عن الهجوم الإرهابي الوحشي، ولم تتأخر أوكرانيا في إعلان نفيها أي صلة لها بالحادث، وأدانت العديد من الدول الهجوم الإرهابي من بينها الولايات المتحدة.

فمَا تفاصيل هجوم كروكوس الدامي في موسكو؟ وما هو تنظيم داعش خراسان وأبعاد صراعه مع روسيا؟ ولماذا اتهمت روسيا أوكرانيا بالوقوف وراء الهجوم الإرهابي؟ وكيف تعاملت موسكو مع التحذيرات الأمريكية من وقوع هجوم إرهابي داخل روسيا؟

يسلط مركز “رواق” للأبحاث والرؤى والدراسات في هذه التقرير عبر دراساته وتحليلاته المختلفة الضوء على هجوم كروكوس الإرهابي في موسكو والتحذيرات الأمريكية المسبقة والاتهامات الروسية لأوكرانيا، وتداعيات الهجوم داخل روسيا وخارجها، في هذه السطور الآتية.

تفاصل هجوم كروكوس الإرهابي في روسيا:

نفذ مسلحون في 22 من مارس 2024م هجومًا إرهابيًّا واسعًا عبر إطلاق نار جماعي وتفجيرات متعددة في قاعة كروكوس سيتي الموسيقية في كراسنوغورسك، وهي مدينة روسية تقع على الطرف الغربي لموسكو، حيث أطلق ما لا يقل عن خمسة مسلحين ملثمين ومموهين النار على حشد من الناس ما أسفر عن مقتل 144 شخصًا وإصابة قرابة 360 آخرين، مما يجعله الهجوم الإرهابي الأكثر دموية في روسيا منذ أزمة رهائن مدرسة بسلان في عام 2004م، وتفجيرات الشقق السكنية في عام 1999م. (الجزيرة).

وأعلن تنظيم داعش الإرهابي في خراسان مسؤوليته عن الهجوم قائلًا عبر تيليجرام: إن مقاتليه “هاجموا تجمعًا كبيرًا.. في ضواحي موسكو” مضيفًا: أن “المقاتلين انسحبوا إلى قواعدهم بسلام”.

ويأتي هجوم كروكوس في سياقات مختلفة، حيث جرت العملية الإرهابية في موسكو بعد مرور 5 أيام من إعادة انتخاب “فلاديمير بوتين” لفترة رئاسية جديدة، وقد جرت الانتخابات الروسية بسلاسة رغم المناوشات البسطة التي حرض عليها عدد قليل من المعارضين لبوتين.

إضافة إلى فشل محاولات الغرب لإثارة القلائل وزعزعة الاستقرار في الداخل الروسي عبر العقوبات الاقتصادية التي لم تجدِ نفعًا مع روسيا، ومثَّلت نتيجة الانتخابات الرئاسية الروسية نصرًا ساحقًا لبوتين، إذ عززت الإجراءات الاقتصادية والحرب الروسية في أوكرانيا من شعبيته في الداخل الروسي، ما سيمكن بوتين من تعزيز علاقات روسيا الخارجية أكثر مع الصين والهند وإفريقيا، وغيرها.

كما تزامن هجوم كروكوس مع إصرار روسيا على حسم الصراع الأوكراني، ولعب موسكو دورًا أكبر في القضية الفلسطينية في مجلس الأمن الدولي، واستخدام الفيتو ضد مشاريع القرارات الأمريكية الداعمة للكيان المحتل. (روسيا اليوم).

ويخشى الغرب من دور روسيا المحوري في استعادة التوازن الدولي والحد من الهيمنة الغربية وعرقلة أهداف الغرب في العديد من القضايا والملفات حول العالم؛ لذلك يرى العديد من المراقبين ومن بينهم الساسة الروس أن هجوم كروكوس الإرهابي، وإن كان قد نفذ بيد تنظيم داعش خراسان، إلا أن الغرب يقف وراءه بشكل أو بآخر خاصة مع محاولة المنفذين الهروب عبر الحدود الروسية إلى الأراضي الأوكرانية قبل نجاح أجهزة الأمن الروسية في اعتقالهم.

داعش خراسان واستهداف المصالح الروسية:

تنظيم داعش خراسان هو فرع من تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام (داعش) الذي تعرض لهزيمة مع فقدان جميع مناطق سيطرته في سوريَا والعراق أواخر العام 2019م؛ إلا أن داعش خراسان لا يزال ينشط في العديد من المناطق في جَنُوب آسيا وآسيا الوسطى والشرق الأوسط.

ونفذ العديد من الهجمات الإرهابية في باكستان وأفغانستان وطاجيكستان والهند وإيران، ويعتبر داعش خراسان وطالبان في أفغانستان أعداءً، وقدر عدد مقاتلي التنظيم أواخر العام 2021م، بنحو 2200 عنصر. (الشرق الأوسط).

وفي 5 من سبتمبر 2022م، شن تنظيم داعش خراسان هجومًا إرهابيًّا نفذ عبر انتحاري استهدف حشد من الناس أمام السِّفَارة الروسية في العاصمة الأفغانية كابل، اجتمعوا لتقديم طلب للحصول على تأشيرة للسفر إلى روسيا، وقد أسفر الهجوم الإرهابي عن سقوط عدد من القتلى.

وقد ركز التنظيم اهتمامه على روسيا على مدى العامين الماضيين، وتضمنت دعايته مرارًا انتقادًا للرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” ويرى التنظيم أن روسيا متواطئة في أنشطة تضطهد المسلمين باستمرار، ومن المحتمل أن يكون عداء التنظيم لروسيا وبوتين تحديدًا، سببه كون التنظيم يتكون إلى حد كبير من عناصر من آسيا الوسطى والقوقاز الذين قاتلوا القوات الروسية في حرب الشيشان الأولى والثانية، ولديهم مظالمهم الخاصة حيال موسكو.

ويرى بعض المراقبين الروس: أن النظام الأوكراني ربما استغل صراع روسيا وداعش خراسان، واستخدم التنظيم كقفازات لتنفيذ هجوم كروكوس الإرهابي، فبحسب الساسة الروس، المخطط والداعم وصاحب المصلحة الحقيقي، هو نظام كييف.

تداعيات الهجوم الإرهابي في الداخل الروسي:

لا شك في أن تداعيات هذا الهجوم الإرهابي، ستكون أساسًا على الجانب الروسي وما يتعلق بتنظيم الأجهزة الأمنية والاستخباراتية؛ إذ إن وقوع هجوم إرهابي بهذا الحجم داخل دولة عظمى كالاتحاد الروسي، يعكس فشل الأجهزة الأمنية وقدراتها الاستخباراتية.

لذلك فمن المحتمل أن يدشن الرئيس بوتين ولايته الجديدة بتغييرات جذرية على مستوى القيادات الأمنية والاستخباراتية، وكذلك على مستوى النهج الأمني الذي استحوذت الحرب الأوكرانية على جزء واسع من عمله.

كما من المتوقع أن يعود زخم الحرب الروسية على الإرهاب داخل روسيا وخارجها، وتعزيز موسكو نشر القوات الخاصة الروسية في القوقاز وآسيا الوسطي، وعلى حدود الروسية مع دول وَسْط آسيا، وربما تنفذ السلطات الروسية عمليات أمنية خاصة خارج حدود البلاد حيث توجد معاقل تنظيم داعش خراسان في وَسْط وجنوب آسيا، ولا سيما في أفغانستان وباكستان.

وهذا التوجه يمكن أن يقوي التحالف الروسي الإيراني في مجال مكافحة التنظيم؛ إذ تعاني إيران من تهديدات دائمة هي الأخرى من تنظيم داعش خراسان الإرهابي.

كما أن موسكو قد تتجه إلى الاعتراف بسلطة طالبان في أفغانستان المعادية لتنظيم داعش خراسان، ويرى مراقبون: أن التقارب الروسي مع حركة طالبان يمكن أن يسهم في تعزيز الاستقرار والأمن في دول آسيا الوسطى التي تعتبر الحديقة الخلفية لروسيا، وهذا التقارب قد يقلل من تهديدات تنظيم داعش خراسان لروسيا. (سكاي نيوز عربية).

ردود الفعل الدولية والتحذيرات الأمريكية:

على نطاق واسع أدانت العديد من الدول ومنظمة الأمم المتحدة الهجوم الإرهابي الدموي في موسكو، وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي “جون كيربي”: إن صور الهجوم مروعة ومن الصعب مشاهدتها، ووصف البيت الأبيض الوضع بأنه فظيع.

وقبل أيام من هجوم موسكو هذا، حذرت السِّفَارة الأمريكية الروس وزودت السلطات ببعض المعلومات الاستخباراتية التي تقول: إن مسلحين أفغان سيقتحمون روسيا لتنفيذ عملية إرهابية في معبد يهودي في العاصمة الروسية. (سي إن إن عربية).

وحتى المملكة المتحدة، لاحقت أمريكا وحذرت رعاياها في روسيا من الذَّهاب إلى التجمعات التجارية في العاصمة موسكو وضواحيها؛ إلا أن السلطات الروسية لم تأخذ التحذيرات على محمل الجَدّ ووصف البعض التحذيرات الأمريكية والبريطانية بمحاولة لإثارة البلبلة في الداخل الروسي، وبعد أيام من التحذيرات الأمريكية والبريطانية، يقتحم مسلحون فعلًا العاصمة الروسية، ولكن الهجوم استهدف مسرحًا وليس معبدًا.

وأيضًا قبل أيام من الحادث ذاته، كانت قد صرحت باريس بأنها تدرس إمكانية إرسال قوات فرنسية إلى أوكرانيا، والناتو وأوروبا يؤكدون بأنهم لن يسمحوا لأوكرانيا بالسقوط، فترد روسيا في صباح يوم التفجير أي قبل ساعات من وقوعه، بأنها في حالة حرب، وهذا الإعلان الروسي مهم للغاية، وقد يتساءل البعض ما معناه.

فعلى الرغم من كون روسيا تخوض حربًا فعليًّا ضد أوكرانيا منذ مطلع العام 2022م؛ إلا أنها لم تصنف نفسها أنها في حال حرب، ولم تُفعل قوانين الحرب في روسيا، بل اكتفت موسكو بالقول أنها تنفذ عملية عسكرية خاصة ومحددة في أوكرانيا.

وإعلان روسيا قولها بأنها في حالة حرب، فهذا يعنى أن كل شيء بات مباحًا للروس ومن حقهم خوض هذه الحرب بالطريقة التي يضمنون بها النصر المبين وفقًا للقوانين الروسية، التي تنص على استخدام كل ما يلزم لضمان سلامة وأمن ووحدة أراضي البلاد. (الحرة).

مخاوف غربية من استغلال بوتين هجوم كروكوس:

في عام 2002م، وفي قلب موسكو وفي مسرح أيضًا شنت جماعات إرهابية هجومًا أسفر عن مقتل 90 شخصًا، آنذاك روسيا تذرعت بذلك الهجوم للإجهاز على ما تبقى من الجماعات المسلحة المعادية لها في القوقاز، وأعلنت تصفية جميع أعدائها، وفي ذلك الوقت أيضًا كان بوتين رئيس روسيا، وكانت روسيا في حالة حرب في الشيشان.

واليوم وبعد هجوم كروكوس الإرهابي، سارع البيت الأبيض ليعلن براءة حلفائه في كييف وباقي أوروبا؛ لكونهم يعلمون حجم رد الفعل الروسي وسبقته كييف نفسها، بل إن الأوكران قالوا: إن الاستخبارات الروسية هي من نفذت العملية ليجدوا مبررًا للإجهاز على ما تبقى من أوكرانيا. (الهيئة الوطنية للإعلام).

أما أوروبا التي لتوها كانت قد أعلنت عزمها للدخول أكثر على خط الحرب الأوكرانية، حبست أنفاسها هي الأخرى فلم يُرح الأوروبيين إعلانُ داعش خراسان مسؤوليته عن الحادث، فالدب الروسي غاضب الآن والجميع في انتظار رد الفعل الروسي؛ خاصة مع آراء السياسيين والمراقبين الروس عقب اعتقال عدد من المشتبه بهم والمنفذين للهجوم أثناء محاولتهم الهروب إلى الأراضي الأوكرانية، عن كون الغرب وتحديدًا النظام الأوكراني يقف خلف الهجوم.

وفي المقابل قائد القوات البرية الأوكرانية “ألكسندر بافليوك” قال: إن الروس حشدو 100 ألف جندي إضافي لغزو أوكرانيا بريًّا وبشكل واسع، أي: اجتياح لكامل الأراضي الأوكرانية وحدد موعدًا قريبًا له، وقال بأنه سيكون في الصيف، لكن رد مراقبون روس بالقول: إن بلادهم لا تحشد فقط 100 ألف، بل أكثر من ذلك، وربما قد يرتفع العدد الآن. (القاهرة الإخبارية).

وفي روسيا الفاعل الحقيقي الذي يقف خلف داعش خراسان هو بالطبع أوكرانيا ومن معها، وهذا وقت الحساب بحسب الروس، ففي صباح 25 من مارس 2024م، أي: بعد يومين من هجوم كروكوس شنت القوات الروسية هجومًا صاروخيًّا واسعًا غير مسبوق على أوكرانيا، بالتزامن مع إعلان بولندا عن حالة انتهاك جوي مع رفع مستوي الإنذار.

فيمَا كانت الصواريخ والطائرات الروسية، تدك العاصمة كييف ومناطق أوكرانية أخرى كما لم تفعل من قبل عبر صواريخ كروز أطلقت من قاذفات إستراتيجية من طراز (تو – 95)؛ إضافة إلى صواريخ انهمرت على المدن الأوكرانية قادمة من منطقة ساراتوف في جَنُوب غرب روسيا.

فيمَا كان نصيب منطقة لفيف هجمات من الصواريخ الروسية والمسيرات المتفجرة المتنوعة؛ هذا الهجوم الروسي واسع النطاق كان كفيلًا بتحويل العديد من المنشآت الأوكرانية العسكرية والأمنية إلى أثر بعد عين. (الجزيرة).

هجوم تمهيدي لمعركة أكبر:

لكن هذا ليس كل ما في الأمر، فالأوكران والغرب يعلمون جيدًا حتى إن تقاريرهم بدأت تتحدث عن مخطط انتقام بوتين واسع النطاق، بعد تكرر الهجمات الأوكرانية على المقاطعات والمدن والبلدات الروسية القريبة من الحدود الأوكرانية، وتحديدًا في بيلغورود، لكن ومن وجهة النظر الروسية: فإن هجوم كروكوس الدامي الذي كان النظام الأوكراني يقف وراءه كان القشة التي قد قصمت ظهر البعير، خاصة مع إصرار بوتين على الربط بين الهجوم الدامي وجبهة الحرب المفتوحة مع أوكرانيا، فالقيصر المتوج مجددًا مؤخرًا لا يرى أن تنظيم داعش خراسان هو الوحيد المسؤول عن الهجوم.

بل أخبر العالم على الفور أن ما يهم موسكو هو أن 4 من منفذي الهجوم كانوا ينوون الفِرَار باتجاه الحدود الأوكرانية، وبأن قائد المهاجمين ليس إلا عسكريًّا أوكرانيًّا ما يؤكد أن الانتقام سيتوسع أكثر وأكثر، وبأن ما قبل هجوم قاعدة الحفلات بموسكو ليس كما بعدها. (صدى البلد).

وبالعودة إلى التقارير الأوكرانية والغربية عن تجهيز روسيا لنحو 100 ألف جندي ستستخدمهم في حملة هجومية جديدة في أوكرانيا، مع الاحتفاظ بنحو نصف مليون جندي روسي على طول الجبهات، بحيث يكون دورهم مساندًا في الخلفية قبل أن يأتي دورهم في المرحلة الثانية لاجتياح نِقَاط ومراكز محددة في إطار هجوم روسيا الكبير القادم على أوكرانيا.

وكان ما أعلنه وزير الدفاع الروسي الأسبق “سيرغي شويغو” بأن بلاده ستعزز قواتها بإضافة جيشين جديدين و30 تشكيلًا جديدًا على جبهة أوكرانيا، يمثل دورًا كبيرًا بما يعتقده الغرب، بأن بوتين يريد اليوم تفعيل انتقامه حتي يتمكن عبر هجوم جيشه من تثبيت نقاط كحدود مبدئية للأراضي الروسي الجديدة التي سيسيطر عليها الجيش الروسي ما بعد انتقام كروكوس.

هجوم روسي واسع على خاركييف:

والتي تقول أوساط الغرب أنه انتقام معد مسبقًا؛ إلا أن هجوم كروكوس ربما جاء ليضفي عليه شرعية ويعطيه زخمًا أكبر من قبل بوتين، فالمراقبون لحقيقة الأوضاع على الجبهة الروسية الأوكرانية يستطيعون أن يلحظوا تزايد المؤشرات على ارتفاع حدة التوتر أكثر، وهو ما دفع روسيا إلى الإعلان أخيرًا أنها في حالة حرب بسبب التدخل الغربي الكبير إلى جانب أوكرانيا.

وبذلك انتقلت روسيا من توصيف العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا التي أعلنته قبل عامين، إلى توصيف حالة الحرب التي تعني أن بوتين لن يتوقف عند دونباس وشبه جزيرة القرم، والآن جاء حادث كروكوس والذي لم يعد مهمًّا إن كانت أوكرانيا والغرب خلفه بعد أن ارتدوا قفازات داعش أم لا؛ حيث ترى العديد من مراكز الأبحاث والدراسات الغربية: أن هناك قناعة حتى في الداخل الروسي بأن بوتين يسعى إلى استثمار هذا الهجوم لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية في مواجهته المفتوحة مع أوكرانيا، التي سواء فعلتها أم لا لن يترك الأمر يمر دون شن بعض من ثماره في عِلاقة بمسار الحرب.

وربما الهجوم الروسي المتواصل على خاركييف والذي بدأ في مايو الحالي هو تلك الثمار، حيث خلال 6 أيام فقط تمكنت القوات الروسية من السيطرة على أكثر من 278 كيلومترًا من الأراضي في مقاطعة خاركييف وحدها، في هجوم سريع ومفاجئ أربك حسابات الغربيين ودفع بالضغط للإسراع لتسليم شحنات الأسلحة الأمريكية إلى كييف. (العربية).

قبل أن يتوسع الهجوم ويشمل سومي أيضًا -المقاطعة الأوكرانية المحاذية للعاصمة الأوكرانية كييف والمجاورة لمنطقة خاركييف التي تتعرض للهجوم-؛ ما سيُعد ضربة مُوجعة لأوكرانيا وحلفائها الغربيين، ونصرًا لبوتين يُعجل أكثر بإخضاع كامل أوكرانيا.

الخلاصة:

– خلال مارس الماضي تعرضت روسيا لأحد أكبر الهجمات الإرهابية دموية، حيث أطلق ملثمون النار على حشد في مسرح بضواحي موسكو، وسريعًا ما أعلن تنظيم داعش خرسان الإرهابي مسؤوليته عن الهجوم الدامي؛ إلا أن نجاح الأجهزة الأمنية الروسية في اعتقال عددٍ من المنفذين والمشتبه بهم أثناء محاولتهم الفِرَار إلى الأراضي الأوكرانية، والذين بحسب السلطات الروسية بعضهم كان عسكريين في الجيش الأوكراني، قد فتح الباب لتحقيقات وتكهنات وتحليلات أوسع، لا سيما في الداخل الروسي، عن كون تنظيم داعش خراسان الإرهابي مجرد قفازات ارتدتها أيدي الاستخبارات الأوكرانية، للقيام بهجوم كروكوس الدامي.

– بالرغم من إعلان تنظيم داعش خراسان الإرهابي مسؤوليته عن هجوم كروكوس الدامي في موسكو، وعدائه المعلن للحكومة الروسية والرئيس بوتين؛ إلا أن هناك العديد من العوامل، التي جعلت السلطات الروسية تتهم أوكرانيا بالوقوف وراء الحادث، أبرزها: الحرب الروسية الأوكرانية، والدعم الغربي الهائل والهجمات الأوكرانية المتتالية على مقاطعة بيلغورود الروسية الحدودية، ورغبه السلطات الأوكرانية والقوى الغربية في زعزعة استقرار الداخل الروسي، بحسب الساسة الروس، إذ يأتي الهجوم بعد أيام من فوز الرئيس بوتين بولاية رئاسية جديدة، وفشل العقوبات الغربية في الإضرار بالاقتصاد الروسي، وتماسك الجبهة الداخلية.

– بالرغم من شن روسيا هجومًا صاروخيًّا واسع النطاق، استهدف العديد من المقاطعات والمدن والأهداف العسكرية والأمنية في أوكرانيا، بعد يومين من هجوم كروكوس؛ إلا أن أوكرانيا وحلفائها الغربيين يعلمون تمامًا أن هذا ليس انتقام بوتين، في ظل الحشد العسكري الروسي الضخم في المقاطعات الأوكرانية التي ضمتها روسيا، وعلى باقي الحدود الأوكرانية، فبات واضحًا أن هجوم روسيا الذي ينفذ الآن على مقاطعة خاركييف، والذي تمكن الروس من خلالة من السيطرة على أكثر من 278 كيلومترًا، ولا يزال التقدم الروسي مستمرًا، هو انتقام بوتين الفعلي.

المصادر:

الجزيرة

روسيا اليوم

الشرق الأوسط

سكاي نيوز عربية

سي إن إن عربية

الحرة

الهيئة الوطنية للإعلام

القاهرة الإخبارية

صدى البلد

العربية

التعليقات مغلقة.