fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

تعرف على مهددات الحياة لدى المواطن السوري بعد مرور 10 سنوات من الصراع!

86

تعرف على مهددات الحياة لدى المواطن السوري بعد مرور 10 سنوات من الصراع!

 

فيقوم الشعب السوري بثورة على نظام الأسد منذ ما يقرب من 10 سنوات؛ هذه الأعوام العشر راح ضحيتها الكثير من النساء والأطفال، والشيوخ والرجال؛ كل هؤلاء كانوا فاتورة بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في منصبه!

ليس هذا وحسب، بل نجد المجتمع الدولي يقسِّم البلاد على حسب المصالح والمكاسب التي يجنيها من ورائه، وبالتالي: نجد أن المظلوم الوحيد والمهدور حقه هو المواطن السوري، والذي يعاني الآلام ويكابد الخسائر، ويجني الويلات والحسرات، هذا الشعب هناك العديد من المخاوف التي تهدد حياته إن كان ينوي البقاء على أرضه ليعيش هناك وسط المدافع والطيران والأسلحة الثقيلة.

فإن ما آلت إليه الأمور في الوطن السوري هو أمر مخزٍ ووصمة عار في جبين العالم بالكامل؛ بسبب الغياب التام للإرادة الدولية، وظهور هدف واحد، وهو: دمار سوريا، وإبادة شعبها وتحويلها إلى بؤرة صراع، والعمل فيها على سياسة الأرض المحروقة، وفي ظل هذه التحديات يخيم على السوريين حالة من الخوف والرعب تجاه المعيشة أو الحياة على الأراضي السورية، وإذا نظرنا إلى الوضع هناك مع وجود المجرمين والمتطرفين والقتلة وأصحاب الكوارث البشرية، تبيَّن لنا حجم المهددات الوجودية للإنسان البسيط وسط كل هذه الصراعات.

ومِن أبرز التحديات الوجودية للشعب السوري التي نجملها في نقاط عريضة، هي:

1- تغيير الهوية:

إن الثورة السورية منذ أن بدأت وهي لها أهدافه، وليس الهدف الوحيد هو المأكل والمشرب، ولكن الناظر هناك يجد أن الثورة السورية كان من أهم أهدافها: استعادة ملكية البلد والحفاظ على هويته، “كما لم يكن غريبًا أن يقوم صراع الهويات في سورية خلال هذه السنوات، بعد أن أولغ نظام الابن الوارث في استخدام النعرات الاثنية والطائفية من أجل ما أطلق عليه رئيس النظام قبل سنتين: “المجتمع المتجانس”، بل أن يسمح للمرة الأولى في تاريخ حكم العائلة الأسدية خلال خمسين عامًا بعقد مؤتمر حول “الهوية الوطنية السورية”، كان هدف هذا المؤتمر المعلن، كما جاء في كلمة حملت عنوان: “لماذا مؤتمر الهوية الوطنية”، أنه “إذا كان الحديث عن الهوية بوصفها أداة من أدوات الحرب مفهومًا، فقد يكون الأولى هو الحديث أو التبصر أو التدبر والمداولة في الهوية … الهويات الممكنة بوصفها مخرجًا من مخرجات الحرب، وحتى لا يشكِّل الآخرون هويتنا الوطنية، أو يهيئوا الظروف لترجيح هوية أو أنماطًا بعينها، فإن تدبير السياسة يتطلب العمل على تقصي الأفكار والبدائل الممكنة لهوية وطنية انطلاقًا من خبرة وتجارب الأزمة السورية”(1).

أذرع الأخطبوط الإيراني الشيعي في سوريا:

قال عدد من الناشطين والسكان المحليين والمحللين: إن إيران تحاول تقديم نفسها كقوة ناعمة من أجل بناء قاعدة دعم لها طويلة الأمد بين السنة بهدف الاحتفاظ بتأثيرها والسيطرة على الجماعات الوكيلة لها كما فعلت في العراق ولبنان.

وساعد النظام السوري الميليشيات الإيرانية من خلال قراره سيئ الذكر “أمر 10”، والذي يسمح بموجبه ببيع ممتلكات اللاجئين السوريين في الخارج.

وقد اشترت الميليشيات الإيرانية بيوت السوريين وصادرتها في حالات أخرى، بل وقام أفرادها بجلب عائلاتهم من لبنان والعراق للإقامة الدائمة في سوريا.

ويقول الخبراء: إن الاختراق الثقافي والديمغرافي يهدف لزيادة أعداد الشيعة في سوريا ومساعدة إيران في تأكيد قوتها نيابة عنهم، ولو كان عدد كبير من الشيعة في سوريا، فستزعم إيران أنها تمثِّل مصالحهم في أي اتفاق نهائي للتسوية، وتطالب نيابة عنهم بمنحهم مناصب سياسية ومواقع في الجيش والمؤسسات الأخرى للدولة.

وتضيف الكاتبة الصحافية أنشال فوهرا في تقرير نشرته مجلة “فورين بوليسي”: إن إيران تريد ممارسة التأثير عن الداعمين لها داخل النظام الحاكم، وليس الرئيس المدين بالفضل لها، والذي قد يتراجع دعمه لها في حال عقد صفقات مع روسيا والإمارات اللتين تحاولان إعادته إلى الجامعة العربية(2).

تتريك الشمال السوري:

تزداد محاولات تتريك المدن السورية الواقعة في الشمال السوري وسط مخاوف من مخطط تركي، لم تعد خافية غايته، ضمّ تلك المناطق إلى تركيا مستقبلًا، وبدا أول ملامحه بإطلاق أسماء ضباط أتراك، لقوا مصرعهم في معارك السيطرة على شمال شرقي حلب في عملية يطلق عليها اسم: “درع الفرات”، على المدارس السورية مع فرض اللغة التركية مادة أساسية في مناهج التدريس، عقب دخول هذه القوات إلى سوريا منتصف العام 2016.

تسعى أنقرة إلى التوغل بالشمال السوري عبر مشاريع متعددة ومتنوعة اقتصادية وثقافية واجتماعية، ويترافق مع مساعيها تلك الرامية لتحقيق اهداف توسعية، تغيير واضح لمعالم النسيج الأهلي لهذه المناطق، وتشير المصادر إلى تزايد التغلغل التركي بمدنٍ تضم أكرادًا وعربًا، وغيرهم من الطوائف الإقليمية والدينية، وتحويلهم إلى أتراك، في خطوات سابقة فرضت على أهالي تلك المدن التعامل بالليرة التركية بدلًا من الليرة السورية، كما جرى رفع العلم التركي مع تغيير المناهج الدراسية(3).

2- الخوف وانعدام الأمن:

الخوف هو الذي أخرج ملايين السوريين من بلادهم، فحولهم إلى لاجئين ونازحين … وكان الخوف أولًا من الأجهزة الأمنية، ثم من قصف الدبابات والمدفعية، ثم من قصف الطائرات والسارين والبراميل، ثم من فتك الأسلحة الروسية الألف التي تم تجريبها في أديم الشعب السوري ثم اتسعت رقعة تهديد الخوف لتشمل الخوف من الميليشيات الطائفية والعنصرية، ثم اتسعت لتشمل في بعض المناطق الخوف من حماقات بعض الحمقى، وعنصرية بعض العنصريين.

لا نشك أن حجم الخوف واتساع دوائر مسببيه تختلف، ولكن الخوف الوجودي على ”النفس والعرض والمال” خوف حقيقي يتلبس كل السوريين، وكل الذين يعيشون على الأرض السورية. بل ويمتد إلى غيرهم من السوريين الذين يعيشون بعيدا عن الأرض السورية(4).

فحين تتسبب حوادثُ صغيرة بخوف الناس، ينعكس داخلهم خوفٌ أكبر من تصرفات جوهرية كالمطالبة بحقوقهم، أو نقد النظام بشكل علني، وضعُ الناس موضع شكّ طوال الوقت هو طريق لزراعة الخوف في الأفراد، والسيطرة عليهم بشكل أوسع وأكثر تأثيرًا(5).

3- انعدام الأمن الغذائي:

أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة: أنّ 12,4 مليون شخص في سوريا التي مزقتها الحرب يعانون انعدام الأمن الغذائي، وأشار البرنامج إلى أن “60% من السوريين يعانون الآن انعدام الأمن الغذائي”، بناءً على نتائج تقييم وطني في أواخر عام 2020، ويمثِّل ذلك زيادة حادة من 9,3 مليون شخص كانوا يعانون انعدام الأمن الغذائي في مايو من العام الماضي.

وقالت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي جيسيكا لوسون لـ”فرانس برس”: إن “المزيد من السوريين ينزلقون إلى براثن الجوع والفقر وانعدام الأمن الغذائي أكثر من أي وقت مضى.

وأضافت: “من المثير للقلق أن الوجبة الأساسية أصبحت الآن بعيدة عن متناول غالبية العائلات”.

وتابعت: “الوضع الاقتصادي في سوريا يتسبب بضغوط هائلة على العائلات التي لم يبقَ لها شيء بعد سنوات من الصراع، ويعتمد الكثير منها بشكل كامل على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة”(6).

4- انتشار الأوبئة والأمراض:

يواجه اللاجئون السوريون المقيمون بمخيمات في مناطق قريبة من الحدود هربًا من المذابح المستمرة في سوريا ظروفًا معيشية سيئة للغاية مع خطر كبير لانتشار الامراض المعدية بينهم.

وقد اضطر الملايين من الشعب السوري لمغادرة بيوتهم وديارهم نتيجة للأحداث الجارية منذ أكثر من عامين لجئوا إلى مخيمات سواء كانت داخل سوريا او في البلدان المجاورة لها، ويعيش السوريون المقيمون في المخيمات داخل سوريا في ظل ظروف صعبة للغاية مع نقص ما يلزمهم من احتياجاتهم المعيشية الأساسية من مأوى وطعام وماء، وأدوية، فضلًا عن الأمراض المعدية والوبائية التي بدأت تتفشى في معظم المخيمات هناك.

ويضطر المقيمون في هذه المخيمات التي تنعدم فيها البنية التحتية إلى التخلص من النفايات عن طريق دفنها في حفر في منتصف المخيم حيث يواصل الاطفال لعبهم في المياه المتراكمة حول هذه الحفر غير مدركين مدى الخطر الذي يواجهونه، والأمر الذي لا مفر منه هو أنه مع ارتفاع درجات الحرارة، سيزداد عدد الميكروبات هناك لتولِّد أوبئة وأمراضًا معدية عدة، هناك 5 مخيمات للاجئين السوريين في المنطقة القريبة من الحدود مع تركيا يقيم فيها ما يقرب من 50 ألف لاجئ محرومين من المياه النظيفة والمراحيض والحمامات الصحية في مواجهة أمراض خطرة ومميتة(7).

5- البطالة وغياب الخدمات:

بخلاف مئات الآلاف من الوفيات، يعاني أكثر من 2.1 مليون مدني من إصابات وإعاقات دائمة؛ بسبب هذا الصراع، وَفْقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، وبلغ تعداد ساكنة سوريا قبل الصراع حوالي 22 مليون نسمة، فرَّ أكثر من نصفهم من بيوتهم بعد الحرب، ويبلغ عدد المهجَّرين داخل البلاد حوالي 6.7 مليون شخص، يعيش كثير منهم في مخيمات، في حين سُجل 5.6 مليون آخرين كلاجئين في الخارج، ويستضيف لبنان والأردن وتركيا حوالي 93 في المائة من اللاجئين السوريين، ويعانون لاحتواء هذا العدد الكبير من اللاجئين، الذي يوصف بأنه أكبر موجة نزوح في التاريخ الحديث، وولد مليون طفل سوري في بلاد اللجوء.

وتهديد العطالة يقصد به مصائب الأسر من ذوي القتلى والضحايا، فلقد مات المعيل وترك وراءه مصائب حطام المعارك من أولي الضرر، ما بين مقعد وفاقد للساقين أو اليدين أو العينين، أو المقاتل أيًّا كان يجد نفسه بعد عقد أو نصف عقد وكأنه عبء قد ضاق بحمله الناس.

وانظر إلى المشكلة من جانبها الاجتماعي والاقتصادي شاب منذ عشرة أعوام ولا يحسن غير استعمال السلاح!

ثم البطالة الظاهرة والمقنعة من صاحب الأرض المزروعة الذي احترق زرعه، إلى العامل في المصنع الذي أغلق مصنعه، وصاحب المهنة عاف الناس صنعته، وتستمر حالة الخراب في كثيرٍ مِن الأحياء والبنى التحتية الأساسية بعد عقدٍ من القتال.

وتُظهر صور الأقمار الصناعية التي التقطتها الأمم المتحدة تدمير أو تخريب أكثر من 35 ألف بناية في مدينة حلب وحدها، قبل أن تستعيد قوات النظام السوري السيطرة عليها في نهاية عام 2016(8).

الملخص:

إن السوريين يعانون معاناة شديدة بسبب الحرب الموجودة وغير المتكافئة؛ بالإضافة إلى أنه يُرَاد لها هذا الوضع القائم، وبالتالي: لا بد على المجتمع الدولي أن يكون لديه إرادة حقيقية لإنهاء هذه المهازل التي تحدث للشعب السوري؛ خاصة وأن الشعب لا يتمتع بأقل القليل وهو العيش مثل باقي الشعوب التي تعيش في بلدانها.

1_ مركز حرمون للدراسات المعاصرة

2_ القدس العربية

3_ الإندبندت

4_ مركز أمية للبحوث والدراسات

5_ السفير العربي

6_ روسيا اليوم

7_ هيئة الإغاثة

8_ بي بي سي

التعليقات مغلقة.