fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

الدعم الأمريكي العسكري للاحتلال الصهيوني منذ عام 1948م… حقائق وأسباب

301

الدعم الأمريكي العسكري للاحتلال الصهيوني منذ عام 1948م… حقائق وأسباب

أضاف العدوان السافر على غزة فصلًا جديدًا من جرائم الاحتلال الصهيوني التي لا تقف ضمن آلة الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني؛ فلم يمر يومًا على الفلسطينيين دون قتل أو أسر، أو تعذيب، أو هدم واستيطان من عصابات اليهود منذ عام 1948 وحتى اليوم.

والحقيقة أن انتهاكات إسرائيل وجرائمها التي لا تكاد تُحصَى، أحد أهم أسبابها: الدعم اللا محدود من الغرب، وفي مقدمته: الولايات المتحدة الأمريكية التي لطالما أيَّدت قتل الفلسطينيين وقصفهم بالصواريخ، وقدمت لإسرائيل المال والسلاح والفيتو الدائم في مجلس الأمن ضد أي قرار يدين إسرائيل، ويدعم حقوق الشعب الفلسطيني على أراضيه المحتلة، وهو ما ظهر جليًّا عقب نجاح المقاومة الفلسطينية في اقتحام أراضيها المحتلة في غلاف غزة، وقتل عدد كبير من جنود الاحتلال، وتدمير دبابات وآليات ومعدات ومنشآت عسكرية إسرائيلية، واعتقال أسرى عسكريين، وغيرهم من المدنيين.

وما لبثت واشنطن أن أعلنت الدعم المطلق للاحتلال في قتل الفلسطينيين، وحركت اثنتين من حاملات طائراتها إلى مياه الشرق الأوسط، وأرسلت آلاف الذخيرة والقذائف، وغيرها من الأليات العسكرية لحكومة الاحتلال، وأرادت واشنطن من قرارها أن تبعث برسائل ردع لدول الشرق الأوسط من العرب وغيرهم بألا يتدخل أحدٌ ليدعم الفلسطينيين أو يحجب عنهم آلة القتل والتدمير، وكأنهم ليسوا بشرًا لهم حقوق وحرمة، بل استباحت قتلهم على أراضيهم المغتصبة، ما يجعل واشنطن شريكًا وممولًا لقتل الفلسطينيين، وكل من تعرَّضوا لمجازر اليهود في الشرق الأوسط والدول العربية.

دعم آلة القتل الإسرائيلية؟

 وجهت الخارجية الأمريكية رسائل لبعثاتها الدبلوماسية بالشرق الأوسط، للامتناع عن تقديم تصريحات تدعو لـ”خفض العنف أو وقف التصعيد” في غزة، وأجرى وزير الخارجية أنتوني بلينكن جولة موسعة بالمنطقة منذ يوم 11 أكتوبر، شملت إسرائيل والأردن وقطر، والسعودية والإمارات، ومصر، وقال منسق مجلس الأمن القومي للاتصالات الإستراتيجية: إن الولايات المتحدة أرسلت رسائل واضحة بأنها مستعدة لاتخاذ إجراء إذا فكر أي طرف معادٍ لحكومة الاحتلال في محاولة تصعيد أو توسيع نطاق هذه الحرب، وأكد لويد أوستن وزير الدفاع الأمريكي: أن البنتاجون لا يضع شروطًا على المساعدات العسكرية المقدمة إلى إسرائيل، كما حولت واشنطن مسار حاملة الطائرات “جيرالد آر فورد” للإبحار باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، وطلبت من شركات الدفاع الأمريكية بتسريع طلبات الأسلحة التي تقدمت بها سلطة الاحتلال، ومنها: الحصول على ذخائر لنظام الدفاع الجوي الإسرائيلي “القبة الحديدية” بشكل سريع، والمزيد من الطائرات المقاتلة: “إف 35″، و”إف 15″، و”إف 16″، و”إي 10”.

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة تكساس رالف كارتر: إن الولايات المتحدة تقدم لإسرائيل كل ما تحتاجه، وأوضح الخبير العسكري محمود محيي الدين: أن هناك تأييدًا مطلقًا لإسرائيل باعتبار أن الولايات المتحدة ترى في الاحتلال، الشريك الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، وربطت مصالحها في المنطقة بأمنها”، وأن الجانب الإسرائيلي يحاول الاستفادة من هذا الدعم لتصفية القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن وزير الخارجية الأمريكي ظل 5 أيام في جولة موسعة بالمنطقة لحشد الدعم تجاه إسرائيل، وتصرف كأنه وزير الخارجية الإسرائيلي، ويرى الباحث الأميركي المتخصص في شؤون الأمن القومي سكوت مورغان، أن دعم إسرائيل اللا محدود واحدة من القضايا القليلة التي حظيت بدعم الحزبين على المستوى الأمريكي.

دعم عسكري كبير منذ عام 1948م:

جاءت أبرز محطات الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل على مدار عقود في مواجهة فلسطين والدول العربية كالآتي:

– بدأت المساعدات العسكرية ‏الأمريكية لإسرائيل عام 1949، وشهد عام 1952 توقيع اتفاق للتعاون العسكري والدعم اللوجستي فيما بينهم وتبعه اتفاق سياسي ‏وأمني‎.‎

– منذ عام 1958 بدأت إسرائيل بتلقي مساعدات أمنية وعسكرية من الولايات المتحدة أصبحت ‏دائمة بعد حرب 1967، بعد إنهاء فرنسا علاقاتها الأمنية مع إسرائيل، ووصلت ذروة ‏المساعدات الأمريكية للاحتلال الصهيوني بعد اتفاق السلام عام 1979‏‎.‎

–  عام 1985 اتفق رئيس الوزراء الإسرائيلي شيمون بيريز مع جورج شولتز وزير الخارجية ‏الأمريكي الأسبق في إدارة الرئيس رونالد ريجان على منحة سنوية قيمتها 3 مليارات دولار، ‏معظمها للأمن وشراء السلاح.

– عام 2020 قدمت واشنطن مساعدات مالية لإسرائيل قدرها 3.8 مليار دولار لأغراض عسكرية، ‏كجزء من التزام سنوي طويل الأمد وضعه الرئيس السابق باراك أوباما‎.‎

– تشكل المساعدات الأمريكية لإسرائيل 55% من جميع المساعدات الأمريكية للعالم، وبلغت ‏منذ عام 1948 إلى 300 مليار ‏دولار تقريبًا.

– أقرت الولايات المتحدة حزمة مساعدات لإسرائيل لأعوام من 2019 إلى 2028 بقيمة ‏‏38 مليار دولار، وتشمل تمويل مشاريع عسكرية مشتركة للحماية من الصواريخ‎.‎

– تمثِّل المساعدات العسكرية الأمريكية للاحتلال 18% من الميزانية العسكرية لإسرائيل.

– دفعت الولايات المتحدة خمسة مليارات من الدولارات لصالح ‏توطين المهاجرين في إسرائيل، التي لديها سياسية ثابتة بقبول اليهود من جميع أرجاء العالم ‏ومنحهم الجنسية‎.‎

– يصل عدد اتفاقيات التعاون العسكري الأمريكي الإسرائيلي إلى 25 ‏اتفاقية، من أجل زيادة قدرة الاحتلال العسكرية وإمدادها بالتكنولوجيا وأنظمها التسليح.

 – تضمن المساعدات العسكرية الأمريكية حيازة إسرائيل للسلاح الأمريكي في أسرع وقت لضمان التفوق النوعي لإسرائيل على دول المنطقة‎، وتوفر لإسرائيل أجهزة التحكم ‏والاتصالات والاستخبارات والتعقب وجمع المعلومات.

– بموجب قوانين الكونغرس، أميركا لديها احتياطي دفاعي لإسرائيل يمكن استخدامه في أوقات الطوارئ، وهو ما يحدث الآن في حربها مع غزة.

ويقول الخبير العسكري جمال الرفاعي: إن واشنطن تدعم إسرائيل عسكريًّا وسياسيًّا وماليًّا بشكل كبير منذ عام 1948، مشيرًا إلى أمريكا أرسلت أسطولها وحركت حاملات الطائرات لمساندة إسرائيل في حروبها 5 مرات حتى الآن لتوفير عامل الردع وتوفير ما تحتاج من أسلحة ومعدات، وكانت المرة الأولى عام 1948 أثناء حرب العرب مع إسرائيل، والمرة الثانية كانت عام 1967 وشاركت بشكل مباشر في تقديم خدمات التجسس والاشتباك، وكذلك عام 1973 في حرب أكتوبر ضد مصر وحرب لبنان عام 1982، والمرة الخامسة في حرب الاحتلال الجارية على قطاع غزة، وأوضح الرفاعي أن واشنطن في كل هذه التواريخ كانت تعتبر حروب إسرائيل وجودية، لافتًا إلى تخصيص إسرائيل 50 مليار دولار لشراء معدات عسكرية من أمريكا سنويًّا، لتعزيز ترسانتها الجوية، وأن إسرائيل دائمًا ما تكون أول دولة تحصل على التكنولوجيا الحديثة، وهي أول دولة تحصل على طائرات “إف 35” الشبحية.

كيف استخدمت إسرائيل أموال واشنطن؟

– المساعدات مكَّنت إسرائيل من استيعاب الآلاف من المهاجرين اليهود في الماضي، وحدت من تفاقم بعض المشكلات الاقتصادية فيها.

– ساعد الدعم الأمريكي إلى إسرائيل على مدار سنوات في تمويل شراء أحدث المعدات العسكرية وأكثرها تطورًا من الولايات المتحدة كالآتي:

– ساهمت المساعدات العسكرية الأمريكية في تطوير منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية المضادة للصواريخ، وتعزيز أنظمة الرادار، وقدرتها على اكتشاف الصواريخ المعادية.

– اشترت إسرائيل 50 طائرة مقاتلة من طراز إف-35، والتي يمكن استخدامها في هجمات صاروخية، وما زالت إسرائيل تنتظر تسليم 27 طائرة منها، وتبلغ قيمة الواحدة منها نحو مائة مليون دولار.

– اشترت إسرائيل العام الماضي ثماني طائرات بوينغ من طراز كي سي-46 ايه “بيغاسوس”، في صفقة تبلغ قيمتها 2.4 مليار دولار، وهي طائرات قادرة على تزويد طائرات أخرى (مثل: إف-35) بالوقود، وهي في الجو.

– أنفقت إسرائيل الملايين لتطوير التكنولوجيا الحربية، ومن أمثلتها: نظام للكشف عن الأنفاق تحت الأرض.

الفيتو الأمريكي:

استخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو بصفتها أحد الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن -أمريكا والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا-، ضد مشروعات قرارات قدمت لمجلس الأمن أكثر من 80 مرة منذ تأسيس الأمم المتحدة عام 1945، وتحديدًا منذ عام 1972، وحتى الآن، لحماية إسرائيل من أي قرار دولي يدين انتهاكاتها في حقِّ الشعب الفلسطيني، أو للتصدي لأي قرار يخدم القضية الفلسطينية أو طموحات الفلسطينيين، وتعلقت تلك الاعتراضات بانتهاكات إسرائيل في فلسطين والأماكن المقدسة، وعلى رأسها: المسجد الأقصى وحقوق اللاجئين، وتعدي إسرائيل على الأراضي العربية في لبنان وسوريا والأردن ومصر.

لماذا تساعد واشنطن إسرائيل؟

يُرجع البعض تفسير الدعم الأمريكي لإسرائيل على كافة الأصعدة كفتى مدلل، إلى التعهدات الأمريكية التاريخية لليهود منذ عام 1948، وأن واشنطن ترى حكومة الاحتلال حليفًا مهمًّا في الشرق الأوسط، بأهداف مشتركة والتزامات مشتركة، وبالرغم من الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي الدائم من واشنطن للاحتلال الصهيوني؛ إلا أن حكومات إسرائيل المتتالية لم تسر على ذلك الدرب، بل كانت تبحث دائمًا عن مصالحها وأهدافها فقط دون مراعاة شعارات واشنطن عن الأهداف المشتركة، وهو ما يثبت أن حقيقة أسباب هذا الدعم لا تعود لهذه الروابط المزعومة، بل لقوة اليهود المالية والسياسية داخل أروقة الحكم في أمريكا ودورها في الانتخابات الأمريكية؛ بالإضافة لجماعات المصالح والضغط اليهودية في واشنطن التي تسعى فقط لتحقيق مصالح الاحتلال الإسرائيلي، وتأمين التفوق العسكري النوعي لإسرائيل في مواجهة الأخطار الإقليمية المحتملة، وتظهر أسباب دعم إسرائيل كالآتي:

قال نبيل شبيب الكاتب والباحث الإسلامي: إن المتتبع للعلاقة بين تل أبيب وواشنطن، يلحظ أن نفوذ اليهود المنظم في الولايات المتحدة، وكذلك أهمية دور إسرائيل في إطار المصالح الأمريكية الشرق أوسطية سيبقيان على تلك المساعدات في المدى المنظور، وأن مَن يتحمل فاتورة تلك المساعدات للكيان الصهيوني، دافع الضريبة الأميركي، مشيرًا إلى أن واشنطن مولت عبر عقود التوسع والحملات العسكرية الإسرائيلية المختلفة، ومن بينها تمويل الجيش الإسرائيلي في ارتكاب مجازر منظمة في القرى والمخيمات والمدن الفلسطينية خلال السنوات الماضية من انتفاضة الأقصى وصولًا إلى العدوان على الشعب اللبناني عام 2006، وارتكاب أفظع المجازر التي ذهب ضحيتها مئات الأطفال في قانا ومروحين والغازية، وغيرها من القرى والبلدات اللبنانية والفلسطينية والمصرية.

ويؤكد رون بول الكاتب الأمريكي: إنه على مدى السنوات العشر المقبلة سيُـرغم دافعو الضرائب الأمريكيون على إعطاء إسرائيل 38 مليار دولار كمساعدات عسكرية، مشددًا على أن ما نسميه مساعدات خارجية هو في الواقع منافع تذهب لشركات صنع الأسلحة الأمريكية والمجمع العسكري الصناعي الأمريكي، وهذه الأموال ربما لن تغادر واشنطن، بل تحول ببساطة داخل بلدنا من بنك الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأمريكي) إلى شركات صنع الأسلحة في أمريكا.

مضيفًا: إن أحد أسباب الدعم الأمريكي للاحتلال: أن الحكومة الأمريكية تعتقد أنها تستطيع إرغام إسرائيل على أن تفعل ما تريده واشنطن في الشرق الأوسط، ولكن التاريخ يظهر أن هذا مجرد وهم أحمق، لافتًا إلى سبب آخر، وهو وجود لوبي يهودي إسرائيلي نافذ جدًّا في واشنطن يضغط على أعضاء الكونغرس لتنفيذ مصالح إسرائيل، وليس مصالح الولايات المتحدة، منوهًا إلى أن هذا اللوبي هو لجنة الشؤون العامة الأمريكية ــ الإسرائيلية (آيباك).

وأوضح الباحث عبد الفتاح عبد المنعم: أن اللوبي اليهودي ينتمي إليه عدد من الجماعات ذات التأثير الكبير داخل أمريكا، منها: منظمة إيباك والمؤتمر اليهودي الأمريكي، ومنتدى السياسة الإسرائيلي واللجنة الأمريكية اليهودية والأصدقاء الأمريكيون للكود، وأن 51 منظمة من أكبر المنظمات، وأهمها تجتمع في إطار “مؤتمر الرؤساء”، مبينًا أن اللوبي الإسرائيلي يعمل على صياغة إستراتيجية متكاملة لخدمة مصالح إسرائيل، والسعي إلى السيطرة على مركز القرار في البيت الأبيض والتحكم في الخطاب العمومي، ونبَّه عبد المنعم إلى أن منظمة إيباك لها تأثير على الرؤساء الأمريكيين، سواء في الحزب الجمهوري أو الحزب الديمقراطي، لقدرتها الكبيرة على تمويل الحملات الانتخابية ومكافأة المنتخبين والمرشحين وقدرتها على معاقبة أولئك الذين يرفضون طلباتها بطرق عديدة، عبر إيجاد مانحين وموارد تمويلية إضافية، وأساليب الردع والضغط الانتخابي، والتهديد الضمني للمسؤولين السياسيين المترددين.

 وأكد: أن اللوبي الإسرائيلي يسعى دائمًا إلى الضغط في اتجاه انتخاب رئيس موالٍ لإسرائيل، من خلال الاعتماد على القوة الناخبة لليهود الذين غالبًا ما يسجلون أعلى نسبة مشاركة انتخابية، كما أنهم متمركزون في الولايات المهمة، مثل: كاليفورنيا وفلوريدا، وإيلينوا ونيو جيرسي ونيويورك وبنسيلفانيا.

مضيفًا: أن هذا ما يرفع من وزنهم في انتخاب الرئيس، وأنه عندما يشتد التنافس الانتخابي بين المرشحين يمكن للتصويت اليهودي أن يحسم الأمر لمصلحة هذا المرشح أو ذاك، وعليه: وأن الكتلة الناخبة اليهودية لها اعتبار مهم ضمن حسابات الساسة الأمريكان، كما أن جميع المرشحين يسعون إلى التعريف بذاتهم أمام منظمة إيباك القوية ومنظمات أخرى في اللوبي إدراكًا منهم أن دعمها لهم يسهل حصولهم على المساعدات والعطايا المالية، ويشجع الناخبين على التصويت لهم.

تناقض أمريكي بين أوكرانيا وفلسطين:

أظهرت حرب أوكرانيا، ومن ورائها العدوان الوحشي الإسرائيلي على غزة الوجه الأمريكي القبيح، وحقيقة مبادئها المزيفة التي لم تعد تنطلي على أحدٍ، وأوضحت التناقض الأمريكي المخزي؛ فعندما كان القتيل أوكرانيًّا دعم الغرب بضغط أمريكي مفرط بالمال والسلاح، والعقوبات على روسيا لوضع حدٍّ لعدوانها على أراضي كييف، وعندما تكرر الأمر، ولكن هذه المرة في فلسطين المحتلة، أسرعت واشنطن وحركت حاملات الطائرات نحو الشرق الأوسط ليس لمنع العدوان على قطاع غزة، ولكن لمساعدة المحتل الغاصب على قتل الفلسطينيين في عنصرية مقيتة تبيِّن مدى حقد واشنطن والغرب على الإسلام والمسلمين، وكذب ادعاءاتهم عن المبادئ وحقوق الإنسان، وأن تلك العبارات الرنانة ما هي إلا  كلمات فارغة المضمون يتشدقون بها لتنفيذ ما يتوافق مع أغراضهم في شتى بقاع الأرض.

وعند تحليل موقف واشنطن من حرب أوكرانيا والقصف المتوحش على غزة، نجد أنها في كلا الموقفين كان معيارها الوحيد ضمان مصالحها، ففي كييف دعمت الولايات المتحدة أهدافها بتكبيد روسيا لمزيد من الخسائر بإطالة أمد الحرب وأوجعت موسكو بالعقوبات، وفي فلسطين ساندت واشنطن اليهود بكل قوة كالعادة طمعًا في أموال اليهود وأصواتهم في الانتخابات داخل أمريكا، وخوفًا من جماعات الضغط اليهودية.

ويقول الكاتب مطيع سعيد سعيد المخلافي: إن الحرب على مدينة غزة الفلسطينية توكد أن تلك الدول المتحدثة باسم السلام وحقوق الإنسان، وباسم تلك الهيئات والمنظمات الدولية الداعية للسلام، وفي مقدمتها: الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا التي سبق وأن جمعت لقائط الصهيونية من كل بقاع العالم الي أرض فلسطين وأباحت لهم استعمارها واغتصاب أرضها، وقتل شعبها ومصادرة منازل وممتلكات أهلها وتهجيرهم من ديارهم ومدنهم، وإقامة المستوطنات في قراهم ومدنهم تتعصب اليوم وتؤيد وتدعم المحتل والمغتصب والقاتل الصهيوني سياسيًّا وعسكريًّا واقتصاديًّا، وتلوم وتهدد وتستنكر وتحارب المقاومة الفلسطينية التي تدافع عن أرضها وعرضها وأبناء شعبها، ووفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، فإن عنصرية واشنطن ليست جديدة، ولكن الازدواجية التي ظهرت مؤخرًا فيما بين أزمتي: أوكرانيا وغزة، أوضحت رغبة واشنطن في حشد الدعم العالمي لعزل ومعاقبة روسيا على غزو أوكرانيا، والتأييد الكامل للعدوان الإسرائيلي في غزة

الخلاصة:

باتت الولايات المتحدة الأمريكية شريكًا أساسيًّا في كافَّة جرائم الاحتلال الصهيوني في الأراضي الفلسطينية والمنطقة العربية، ليس فقط لأنها تقدِّم الدعم العسكري والمالي للاحتلال وتقدم له الأسلحة والذخائر التي تقتل بها الفلسطينيين على مدار عقود، بل ولأن واشنطن عكفت ولا زالت على حماية الكيان الصهيوني سياسيًّا ودبلوماسيًّا، ومنع أي أدانة قد تلحق به في المحافل الدولية، كما تعيق أي تحرك دولي لحماية الفلسطينيين وتقديم سبل الدعم لهم؛ ولذلك فإن واشنطن تتحمل ورز الأبرياء الذين قتلتهم إسرائيل بدم بارد في الأراضي الفلسطينية والمدن العربية منذ عام 1948 وحتى ما يحدث اليوم من مجازر وانتهاكات في غزة.

ولعل الوضع الإنساني والمأساة التي تعيشها غزة اليوم أحد أهم أسبابها: الدعم الأمريكي المطلق لتلك الآلة الإرهابية الغاشمة، كما أن تحرك حاملات الطائرات الأمريكية نحو الشرق الأوسط لمساندة القصف الصهيوني على قطاع غزة؛ بالإضافة لتصريحات واشنطن المؤيدة للمجازر ضد المدنيين، كانت للأسف رسالة ردع لكثير من الأطراف الإسلامية والعربية بعدم التدخل حتى ولو سياسيًّا، وأن أحد أهم الأسباب الحقيقة للدعم الأمريكي للحكومات الصهيونية المتعاقبة هو سلطة اليهود وجماعات الضغط الصهيونية ودورهم في الانتخابات الأمريكي والاقتصاد الأمريكي.

المصادر:

بي بي سي -إسرائيل وغزة: كم تبلغ المساعدات الأمريكية لإسرائيل؟- 24 مايو 2021.

الجزيرة -المساعدات الأميركية لإسرائيل.. الدور والهدف- 15 إبريل 2007.

الجزيرة -المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل.. حقائق وأرقام – 12 إبريل 2021.

دوتش فيله -العلاقات الأمريكية الإسرائيلية.. شراكة تاريخية تشوبها توترات- 13 يوليو 2022.

المصري اليوم -الولايات المتحدة الأكثر تأييدًا لإسرائيل في العالم.. ما السبب؟- 10 أكتوبر 2023.

العين الإخبارية-لماذا تمول أمريكا «إسرائيل» الغنية؟- 29 سبتمبر 2016.

سكاي نيوز- سياسيًّا وعسكريًّا.. كيف دعمت أميركا إسرائيل منذ هجوم حماس؟- 16 أكتوبر 2023.

سكاي نيوز- منذ 1948 حتى الآن.. ما حجم الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل؟- 11 أكتوبر 2023.

اليوم السابع- تاريخ الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل- 20 أكتوبر 2023.

اليوم السابع- لماذا يتمتع اللوبي اليهودي بكل هذا النفوذ داخل أمريكا؟ – 7 ديسمبر 2017.

الألوكة- اليهود… وكيف يحكمون اقتصاديًّا – 27 نوفمبر 2010.

اليوم السابع- غزة تفضح معايير أمريكا المزدوجة- 25 أكتوبر 2023.

المنتصف- ازدواجية المعايير الغربية في القضية الفلسطينية- 28 أكتوبر 2023.

التعليقات مغلقة.