fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

علاقة إيران والحوثيين بعودة القرصنة الصومالية بعد ما اختفت لسنوات

0 19

علاقة إيران والحوثيين بعودة القرصنة الصومالية بعد ما اختفت لسنوات

بالرغم من الآثار السلبية والخسائر الاقتصادية والتجارية لاستهداف ميليشيا الحوثي الإيرانية لسفن التجارة والشحن داخل منطقة البحر الأحمر، ومضيق باب المندب منذ نهاية العام الماضي 2023 وحتى الآن؛ إلَّا أن جرائم الحوثيين وإيران الأشد خطرًا في منطقة البحر الأحمر ومضيق باب المندب، بل ومنطقة القرن الإفريقي والمحيط الهندي، تكمن في علاقة إيران والحوثيين بعودة إرهاب القرصنة الصومالية بعد ما كان اختفى لسنوات.

فوفقًا لتقارير ودراسات بحثية وتصريحات مصادر داخل الصومال، فإن إيران مسئولة بشكل كامل ومقصود عن عودة القرصنة الصومالية، وعن تهريب الأسلحة للجماعات المسلحة في الصومال أو اليمن التي تملك علاقات معها، وأن إيران تستخدم شبكات القرصنة لتهريب البضائع غير المشروعة وتستهدف صناعة الشحن التي تمر عبر مضيق باب المندب وصولًا لقناة السويس، وأن طهران وميليشياتها “وعلى رأسها: الحوثيون”، يستثمرون في شبكات القراصنة بضخ الأموال إليها، للحصول على معلومات عن السفن والملاحة، والوصول إلى المعدات، وتهريب الأسلحة التي تشتريها الجماعة من السوق السوداء أو القادمة من إيران، وأنها تمد مجموعات القراصنة بالسلاح لضرب السفن وتوقيفها أو لأمداد إيران بكل ما تحتاج من معلومات؛ ولذلك في هذا التقرير سوف نحاول إلقاء الضوء على دور إيران والحوثيين في عودة القرصنة الصومالية ونشر الإرهاب والفوضى في منطقة البحر الأحمر وباب المندب والقرن الإفريقي.

إيران وقراصنة الصومال:

 يؤكد مركز (أبعاد للدراسات والبحوث) وجود تنسيق بين القراصنة الصوماليين وإيران وميليشياتها الحوثيين، والتي تمثل خطرًا كبيرًا على الأمن البحري وأنظمة الحكم في اليمن والبحر الأحمر، وشرق إفريقيا، وتشير الدراسة التي جاءت تحت عنوان: “تنافس يهدد السياسة والأمن الدولي” إلى علاقة الحوثيين وإيران بالقراصنة الأفارقة.

وتشدد الدراسة على أن إجبار مئات سفن الشحن على الالتفاف لمسافة 4000 ميل حول قارة إفريقيا في محاولة لتجنب هجمات الحوثيين في اليمن على السفن التي تمر عبر مضيق باب المندب، ما هو إلَّا إلهاء على عودة القراصنة الصوماليين بعد أن كانوا نائمين لأكثر من عقد من الزمن، ونبهت الدراسة إلى أن هذا التنسيق بين القراصنة الصوماليين والحوثيين والإيرانيين لا زال في مراحله الأولى، واعتبرته خطرًا كبيرًا ليس فقط على صناعة الشحن التي تمر عبر مضيق باب المندب وصولًا لقناة السويس، بل يتجاوزها إلى مساحة 5000 كلم حيث تتخيل إيران فيها عمقها الإستراتيجي، وأكدت أن هناك إمكانية كبيرة لشن الحوثيين هجمات تشمل السفن التجارية في نقاط بعيدة في المحيط الهندي بمساعدة قراصنة إيرانيين وصوماليين، وخلصت الدراسة إلى أن ما يحدث في جنوب البحر الأحمر هو مقدمة تحوُّل محتمل في المشهد الأمني للمنطقة ذات البيئة الهشة للأمن البحري، سيكون الحوثيون وإيران وعلاقتهم بعودة القراصنة عنوانه الأبرز، ورأت الدراسة: أن إهمال محاسبة الحوثيين “ومن قبلها إيران”؛ سيؤدي إلى تهديد هائل للملاحة الدولية في هذه المنطقة.

وعرضت الدراسة لعلاقة الحوثيين والقراصنة الصوماليين في تهريب الأسلحة -التي يعتقد أن مصدرها إيران- إلى الحوثيين في اليمن خلال الحرب حسب ما تشير تقارير فريق خبراء مجلس الأمن الدولي الخاصين باليمن 2017 و2018، وقدمت علامات عن تعزيز الروابط والتنسيق بين هجمات القرصنة والصراع اليمني، بتهريب الأسلحة إلى الجماعة والتدرب على يدها، وأنه بعد 2022 استمر الحوثيون بالاستثمار في شبكات القراصنة بضخ الأموال إليها، للحصول على معلومات عن السفن والملاحة، والوصول إلى المعدات، وتهريب الأسلحة التي تشتريها الجماعة من السوق السوداء أو القادمة من إيران إلى الجماعات المسلحة في الصومال أو اليمن.

وأضافت أن التعاون بين طهران وشبكات القرصنة والتهريب في خليج عدن جزء من إستراتيجيتها للنفوذ في شرق إفريقيا واليمن عبر إثارة المشكلات من خلال التأثير في الأطراف الفاعلة والمؤثرة على الأمن في شرق إفريقيا لتحقيق تفوق على منافسيها، وأبرز هذه المشكلات التهديد البحري عبر القرصنة وعمليات السطو على السفن وتهريب الأسلحة والبشر، وشن هجمات بطائرات مسيّرة من مناطق وجودهم أو من على متن سفن تجارية تم السطو عليها داخل وخارج البحر الأحمر باستخدام السفن المتفجرة التي يتم التحكم بها عن بُعد والألغام اللاصقة بحيث تُخطط إيران وتُنفذ والحوثيون هم من يعلنون مسئوليتهم رسميًّا عن الحوادث، وبالتالي فإن هذه المخططات الإيرانية تستهدف التوتر الدائم في البحر الأحمر وبالتالي إعاقة الملاحة في قناة السويس.

عودة القرصنة:

منذ بدء هجمات ميليشيا الحوثيين في البحر الأحمر وخليج عدن، سُجلت كثير من محاولات القرصنة في بحر العرب والمحيط الهندي وجنوب البحر الأحمر، وقرصنت ميليشيا الحوثي والميليشيات الصومالية عدة سفن وناقلات منها “جالاكسي ليدر”، وعدة سفن بلغارية وسريلانكية، منها سفينة الشحن “إم في روين” المملوكة لبلغاريا والتي ترفع علم مالطا، ويؤكد موقع “أويل برايس” أنه بسبب هجمات ميليشيا الحوثيين المدعومة إيرانيًا في البحر الأحمر واضطرار السفن لسلوك الطرق الطويلة أدى إلى زيادة عمليات القرصنة واستهداف السفن، ودعا أرسينيو دومينغيز، الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية، شركات الشحن إلى أن تكون في حالة تأهب قصوى تحسبًا للقرصنة بعد الاستيلاء على بعض السفن في خليج غينيا وقبالة الساحل الصومالي، وحث دومينغيز الشركات على العودة إلى المستويات الأمنية الصارمة التي كانت سائدة خلال أزمة القرصنة السابقة، قائلًا: “إنهم بحاجة إلى أن يكونوا أكثر انسجامًا مع ما كانوا عليه في الفترة من 2008 إلى 2012 قبالة سواحل الصومال، وبحسب معهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI)، وهو مركز أبحاث مستقل فإنه على مدى الأشهر الثلاثة الماضية كان هناك المزيد من أعمال القرصنة في منطقة القرن الإفريقي أكثر من أي وقت مضى في السنوات الست الماضية، مدفوعًا بطلبات الفدية العالية للبحارة أو السفن وسرقة ركاب السفن من قبل القراصنة.

وتُظهر أحدث البيانات الصادرة عن مكتب بيرو البحري الدولي التابع لغرفة التجارة الدولية the International Maritime Bureau (IMB) في 12 إبريل 2024، وقوع نحو 33 حادثة قرصنة وسرقة على طول ساحل الصومال خلال الربع الأول من العام 2024.

وأكد التقرير أن 24 حادثة من إجمالي 33 تمكن خلالها القراصنة المسلحون من الصعود بنجاح على متن السفينة، وسجلت الصومال 5 اعتداءات على السفن التجارية قبالة سواحلها خلال الربع الأول من العام 2024، بينما سجلت عمليات التجارة البحرية البريطانية 6 حوادث قبالة سواحل الصومال منذ منتصف ديسمبر2023، ووفقًا لمركز أبعاد للدراسات فإن عدوان إيران عبر ميليشيا الحوثي في العمق الإفريقي وخاصة في منطقة البحر الأحمر ومنطقة شرق إفريقيا، يمثل عائقًا كبيرًا لتحقيق السلام والاستقرار حيث تقوم باختراق النظم الأمنية والإقليمية الخاصة بالقرن الإفريقي بمفهومه الجيوسياسي عبر العسكرة، وتصاعُد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر وخليج عدن، والقرصنة البحرية الصومالية.

وأكد المركز أن إيران عبر الحوثيين استهدفت نحو 102 من السفن التجارية والعسكرية وقامت بـ344 غارة جوية وبحرية، وأطلقت نحو 403 صواريخ وطائرات مسيرة في 52 هجوم بنهاية إبريل 2024. ولم تقتصر هجمات الحوثيين على السفن ذات الروابط المباشرة بإسرائيل كما تدعي وتزعم، وإنما شملت سفن الحاويات وناقلات النفط وناقلات الغاز الطبيعي المسال وأخرى ذات صلات بـ 55 دولة، فضلًا عن تزايُد أعمال القرصنة والاتجار غير المشروع على خلفية الهجمات البحرية للحوثيين في البحر الأحمر، وأن قراصنة الصومال اختطفوا 18 سفينة منذ نوفمبر 2023.

تدريب وتمويل الميليشيات:

بعد اشتعال هجمات الحوثيين على سفن الشحن والناقلات البحرية وتصاعد هجمات القراصنة قبالة الصومال، كشفت المخابرات الأمريكية عن مساع لتسليح جماعة الحوثي في اليمن المدعومة من إيران حركة الشباب الصومالية، بحسب ما أكد ثلاثة مسؤولين أمريكيين لشبكة CNN التي لا يفصل بينها وبين اليمن سوى خليج عدن ذي الأهمية الإستراتيجية.

وأكدوا أن عمليات التهريب الحالية من إيران أو ميليشيا الحوثي إلى الصومال أكبر من عمليات التهريب الروتينية للأسلحة الصغيرة والمواد التجارية المُسجلة سابقًا بين مجموعات مختلفة في اليمن والصومال.

ووفق هذه التأكيدات فإن حركة الشباب الصومالية باتت تملك صواريخ وقذائف هاون، وعبوات ناسفة إيرانية أكبر كمًّا وكيفًا مما كانت تنتجه ميليشيا حركة الشباب محليًّا، ووفق خبراء أمنيين ومنظمات بحثية؛ فإن تهريب السلاح الإيراني يواصل تفشيه في القرن الإفريقي، ويعد الصومال وجهته الأولى، كما أكدت مصادر أمنية صومالية لوكالات أنباء وجود أسلحة إيرانية مهربة بكميات كبيرة داخل الصومال، وأن العنف في الصومال يتصاعد بوتيرة متسارعة مستفيدًا من الأسلحة الإيرانية التي تمنح الإرهابيين الأدوات اللوجستية اللازمة لاستهداف المواقع المدنية والعسكرية، والفتك بأمن البلاد.

وكشفت دراسة “المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية” أن أسلحة إيرانية للحوثيين يتم تهريبها بشكل ممنهج عبر خليج عدن إلى الصومال، واستند الدراسة إلى بيانات عن أكثر من 400 قطعة سلاح جرى توثيقها في 13 موقعًا بأنحاء الصومال، على مدى ثمانية أشهر، ومخزونات من 13 قاربًا اعترضتها سفن عسكرية.

وتقول الدراسة: إن “الأسلحة التي يعود مصدرها لتجارة السلاح بين إيران واليمن يتم تهريبها إلى الصومال”، مشيرة إلى “أدلة كثيرة على إمدادات من إيران”، وذكرت أن رجال أعمال من جنسيات متعددة من القرن الإفريقي يعملون على تهريب الأسلحة الإيرانية، ووثقت الدراسة عمليات تهريب السلاح الإيراني عبر الحوثيين إلى تنظيمات؛ مثل: حركة الشباب وداعش والجهات تحتاج السلاح لتنفيذ أجنداتها وتُثير النعرات القبلية والسياسية، وتؤكد الدراسة: أن المصادر رفضت تقديم صور ووثائق تتعلق بالأسلحة المضبوطة خوفًا من تعرضها للملاحقة.

الخلاصة:

يعكف نظام الملالي الرافضي منذ قيام الثورة الشيعية الخمينية عام 1979 على تصدير الثورة ونشر التشيع، وبث الفوضى والعنف في الشرق الأوسط والخليج العربي، ويحاول منذ سنوات أن يجعل له موطئ قدم ونفوذ في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن، والقرن الإفريقي، والمحيط الهندي؛ ولذلك تشبثت إيران عبر الحوثيين في اليمن بأحداث طوفان الأقصى، وزعمت كذبًا أنها تستهدف السفن والحاويات وناقلات النفط دعمًا للفلسطينيين حتى ينتهي العدوان الصهيوني.

والحقيقة أن إيران تمارس اليوم في البحر الأحمر ما تبرع فيه منذ نجاح ثورتها الملالية الشيعية بنشر الفوضى والعنف والإرهاب عبر ميليشياتها، ليكون لها نفوذ هناك وورقة تضغط بها حين يُطلب منها وقف الإرهاب في البحر الأحمر، وبجانب استخدام إيران وميليشيا الحوثي القراصنة الصوماليين في استهداف السفن فهي تستغلها أيضًا في نشر أسلحتها وبيعها داخل منطقة القرن الإفريقي ذي الأهمية الإستراتيجية عبر اختراق النُّظُم الأمنية والإقليمية بنشر السلاح في الصومال والسودان وإريتريا وإثيوبيا وجيبوتي وغيرهم، وإيران بذلك تحقق أهدافًا عديدة لنفسها ولقوى إقليمية ودولية؛ منها: استمرار الفزاعة الإيرانية في أسيا وإرباك أمن دول الخليج للفت انتباههم لأهمية الحماية الأمريكية.

كما أن الفوضى والعنف في البحر الأحمر يصبان في صالح روسيا والصين للفت أنظار الغرب من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط، وبالتالي إبعاد أنظار واشنطن -ولو قليلًا- عن موسكو وبكين، وكذلك زيادة الضغوط الاقتصادية على مصر الخاسر الأكبر مما يحدث في البحر الأحمر وخليج عدن بتعطيل فوائد وأرباح الملاحة في قناة السويس وهو ما يصب في مصلحة الاحتلال الإسرائيلي؛ كما أن الهجمات الحوثية أعطت مبررًا للقوى البحرية الأمريكية والبريطانية للانتشار في البحر الأحمر وهو ما يضر بالمقاومة الفلسطينية نفسها ويجعل الدعم الغربي للكيان الصهيوني أسهل وأسرع؛ ولذلك فإن إرهاب الحوثيين المدعومين إيرانيًّا في البحر الأحمر وخليج عدن ساهم بشكل فعلي في عودة القرصنة الصومالية ونشر السلاح بشكل أكبر في منطقة القرن الإفريقي.

المصادر:

العربية- مركز يمني يحذر من علاقة الحوثيين والإيرانيين بالقرصنة الصومالية- 23 يونيو 2024.

العين الإخبارية- إيران تفتك بأمن إفريقيا.. أسلحة “ترانزيت” من اليمن للصومال- 11 نوفمبر 2021.

DW- ماذا يربط الحوثيين بحركة الشباب الصومالية؟- 18 يونيو 2024.

العربية- فتحت شهيتهم.. كيف أحيت هجمات الحوثي عمليات القرصنة؟- 29 يناير 2024.

العربية- تهديد جديد للملاحة العالمية مع عودة شرسة للقراصنة الصوماليين- 7 فبراير 2024.

العربية- هجمات الحوثيين تُنعش نشاط القراصنة في البحار- 2 مارس 2024.

مركز أبعاد للدراسات والبحوث- تنافس يهدد السياسة والأمن الدولي.. علاقة الحوثيين وإيران بالقراصنة الأفارقة- 14 يونيو 2024.

سكاي نيوز- هجمات الحوثيين تعيد القراصنة الصوماليين إلى البحر الأحمر- 19 مارس 2024.

المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية- التداعيات الأمنية لعودة ظاهرة القرصنة في خليج عدن وباب المندب- 21 يونيو 2024.

مركز أبعاد للدراسات والبحوث- التغلغل الإيراني في القرن الإفريقي والبحر الأحمر ومآلاته على الأمن الإقليمي- 4 يونيو 2024.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.