fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

بعد طوفان الأقصى.. الجسر الأردني المصري خطر جديد لتل أبيب

227

بعد طوفان الأقصى.. الجسر الأردني المصري خطر جديد لتل أبيب

رعب جديد وترقب حثيث داخل الشارع الإسرائيلي بسبب خط النقل البحري الجديد بين الأردن ومصر، على غرار طوفان الأقصى، ليُضيف للكيان المحتل مزيدًا من الفزع والهلع؛ لأنها في الحقيقة دولة احتلال هشَّة وشرذمة قليلة من اليهود مكَّنتها دولة مَن لا يملك لمَن لا يستحق في أرض فلسطين، تتأثر بأقلّ القليل، على عكس ما يُروج له عن الدولة القوية والجيش الذي لا يُقهر، وما حدث في السابع من أكتوبر الماضي لخير دليل على هشاشة دولة الاحتلال، حيث تناول الإعلام العبري باهتمام وقلق بالغ قرار إنشاء “الجسر العربي للملاحة” الذي يربط بين مصر والأردن، حيث إفريقيا من جهة، وقارة أوروبا من جهةٍ أخرى؛ الأمر الذي تعتبره تل أبيب قد يمثِّل حصارًا اقتصاديًّا عليها.

سنتعرف في هذا المقال بمركز “رواق” للدراسات على بعض النقاط المهمة: هل مشروع الربط العربي يمثِّل حصارًا اقتصاديًّا على الكيان الإسرائيلي؟

ما العوائد والمميزات على الدولة المصرية خاصة ومنطقة الخليج العربي عامة؟

هل يحول مصر إلى مركز تجاري دولي؟

ما مصير الملاحة في منطقة البحر الأحمر وباب المندب؟

هل المشروع يؤثر على قناة السويس؟

كيف تتأثر تجارة تل أبيب؟

هذا ما سنتعرف عليه في هذا التقرير.

بداية.. إن تميُّز مصر بموقعها الإستراتيجي والدولي، حيث نقطة الربط بين أوروبا وآسيا، يجعلها تفكر دومًا في أفضل البدائل لزيادة مرور السفن، مما يجعل خط النقل البحري إضافة جديدة، ليس بديلًا عن قناة السويس، وإنما عِوضًا عن الشركات التي تخشى تهديات البحر الأحمر، ولمَ لا وهناك شركات تمر حتى كتابة هذه السطور بنفس المستوى، ومنها شركات النفط والغاز العالمية، كما أن رُخص التكلفة واختصار الوقت سوف يجعلان بعض الشركات تزيد من عمليات التأمين، وألا تحوِّل مسارها عن الممر الملاحي لقناة السويس.

بالطبع، سوف يكون هذا المشروع الكبير ضربة قوية لمشروع القطار الإسرائيلي السريع الذي يهدف لربط البحرين: الأحمر والمتوسط عبر ميناء إيلات، ووفق خبراء سوف تبدأ المرحلة الأولى من تشغيل خط التجارة العربي اللوجيستي المتكامل حيِّز التنفيذ، حيث المتعدد الوسائط لنقل كافة بضائع تجارة الخليج والعراق والأردن مرورًا بمصر بريًّا، وحتى الموانئ الأوروبية والأمريكية.

يتضمن هذا المشروع استخدام خط سكة حديد يمتد من الأردن وعمان إلى منطقة العقبة مرورًا بمينائي: طابا ونويبع جنوبًا، ثم الاتجاه برًّا في الاتجاه الشمالي الغربي حتى محافظة بورسعيد.

قلق بالغ تجاه العدو الإسرائيلي:

وفق خبراء واقتصاديين، فإن خط التجارة العربي يساهم في ربط منطقة الخليج بالبحر المتوسط وخليج العقبة عن طريق مصر، فهو جزء من مسار مبادرة الحزام والطريق، التي تهدف إلى إحياء طرق التجارة القديمة البرية والبحرية بقصد تحسين الترابط والتعاون على نطاق واسع يمتد عبر القارات؛ الأمر الذي سوف يسهم في تحول مصر إلى مركز دولي وإقليمي لمرور البضائع بين إفريقيا وأوروبا، وما تسبب في قلق تجاه العدو الإسرائيلي.

يقول موقع  “بورت تو” الإسرائيلي المتخصص في شؤون النقل: إن الخط البحري البري العربي الجديد بين ميناء العقبة بالأردن وميناء نويبع في مصر ثم برًّا إلى ميناء الإسكندرية سيكون حلقة وصل بين البحر الأحمر إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط.

وذكرت صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية بالقول: إن مشروع الحكومة الإسرائيلية الطموح الذي تم تضمينه في الاتفاقات الائتلافية الحكومية سيكلف حوالي 25 مليار شيكل، تضمن ميزانية بناء الخط، الذي يفترض أن يتصل بالقطار الذي سيمر عبر بلدان أخرى، ستأتي من “الاتفاقيات الدولية”.

وقال محرر الصحيفة العبرية لشؤون النقل والمواصلات روي روبنشتاين: إن إنشاء خط من بيت شان إلى إيلات للقطارات بسرعة 250 كم / ساعة سيكون خطوة إيجابية للغاية للاقتصاد الإسرائيلي ومنافسًا قويًّا لمشروعات الدول المجاورة، ما يعني أن إسرائيل تبحث عن منفذ وممر تجاري لها بعد أن لفظتها كافة الشعوب العربية. (آرتي عربي).

وبحسب خبراء، فإن تنفيذ هذا المسار العربي الجديد تقوم به شركة عبارات كبرى مملوكة لمصر والأردن والعراق، ويطلق عليها اسم: “شركة الجسر العربي للملاحة”، حيث أعلنت الشركة أمس اعتزامها البدء في أعمال تنفيذ الخط العربي اعتبارًا من الأسبوع المقبل كخط بديل بعد إعلان عدد من شركات الشحن العالمية الكبرى تحويل مسار طريقها في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

إعادة فكرة مدّ خط سكك حديدية جديد بين العريش والدلتا:

يتميز هذا المشروع الاقتصادي بزيادة الربط بين شمال سيناء وبعض محافظات الوجه البحري أو الدلتا بجانب المدن الساحلية، مثل بورسعيد ودمياط، حيث تعمل مصر على إعادة فكرة مدّ خط سكك حديدية جديد يربط بين العريش وطابا وشرق بورسعيد، وسوف يساعد في تسهيل عمليات نقل البضائع، بعد ما أطلقت شركة “الجسر العربي” الشهر الماضي أول شحنة بحرية عبر الخط العربي الجديد الذي يجمع بين النقل البري والبحري.

ويرى خبراء: أن قيام الشركة بإخراج شحنة حاويتين من ميناء العقبة إلى ميناء نوبيع في مصر ومِن ثَمَّ نقلهما برًّا إلى ميناء الإسكندرية على شواطئ البحر الأبيض المتوسط ثم توجههما إلى دولة إيطاليا، يعد خطوة أولى على الطريق العربي المشترك، وقرارًا إستراتيجيًّا يخدم التجارة العربية والمصرية معًا.

وأفاد الرئيس التنفيذي لشركة الجسر العربي، عدنان العبد الله: أنه تم نقل أول حاويتين محملتين على شاحنات من ميناء العقبة “محطة الركاب” على متن سفينة تابعة لأسطول “الجسر العربي”. وبحسب قوله، فإن إطلاق هذه الخدمة يعد نجاحًا مهمًّا لفكرة الخط الملاحي الدولي الذي يربط ميناء العقبة بالموانئ الأخرى في البحر الأبيض المتوسط.  (آرتي عربي).

أضاف “العبد الله”: أن هذا الخط يُعد طريقًا أو مشروعًا ضروريًّا لنقل الصادرات الأردنية المتجهة إلى الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية، وخاصة صادرات المناطق الصناعية والمنتجات الزراعية. مردفًا: “أنه بعد إطلاق هذا الخط تبين أنه أقلّ تكلفة وضمن أقصر الرحلات البحرية في إفريقيا، كما يتضمن إجراءات سريعة ويوفِّر المزيد من الأمان في مجال النقل البحري”.

وبحسب الرئيس التنفيذي لشركة الجسر العربي، فمن المتوقع زيادة القدرة التنافسية لميناء العقبة وميناء نوبيع، مع إلغاء حاجة بعض المصدرين الأردنيين بشكل كامل لاستخدام الموانئ البحرية الإسرائيلية لأغراض التصدير. (آرتي عربي).

مجلس الوزراء المصري:

ذكرت وزارة النقل المصرية في بيان لها عن: تنسيق مع وزارتي النقل: الأردنية والعراقية لتشغيل المرحلة الأولى من خط التجارة العربي اللوجيستي المتكامل المتعدد الوسائط لنقل كافة بضائع تجارة الخليج والعراق والأردن مرورًا بمصر بريًّا، وحتى الموانئ الأوروبية والأمريكية. (موقع مجلس الوزراء).

وقالت وزارة النقل بشأن الإجراءات الجاري تنفيذها لتفعيل خط التجارة العربي اللوجيستي المتكامل المتعدد الوسائط، حيث أوضح بيان الوزارة أنه في ضوء توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية لتحويل مصر لمركز للتجارة العالمية واللوجستيات، وقيام وزارة النقل بتنفيذ خطة متكاملة لتنمية وتطوير محاور النقل الدولية متعددة الوسائط (بري – سككي – نهري – بحري) وفي إطار الممر اللوجيستي طابا – العريش الجاري تنفيذه حاليًا ضمن عدد 7 ممرات لوجيستية تنموية دولية متكاملة الذي تتكون من ممر سككي يربط بين موانئ نويبع وطابا المخطط تنفيذه على خليج العقبة بموانئ العريش وشرق بورسعيد على البحر المتوسط ثم ارتباطًا بكافة الموانئ على البحر المتوسط (دمياط – ابوقير – الإسكندرية الكبير – جرجوب)، ومنها إلى الموانئ الأوروبية والأمريكية .

وأعلنت وزارة النقل المصرية عن التنسيق الكامل مع وزارتي النقل الأردنية والعراقية من خلال الشراكة الإستراتيجية بشركة الجسر العربي للملاحة بوضع مخطط تنفيذي لنقل البضائع بحريًّا بالشاحنات والركاب عبر الخط العربي للتجارة، وذلك بالربط بين موانئ العقبة ونويبع على خليج العقبة، ومنها بريًّا حاليًا عبر سيناء من خلال طريق نويبع / طابا / النفق، ومنها إلى موانئ شرق بورسعيد ودمياط والإسكندرية الكبير؛ وذلك لاستغلالها للخدمات البحرية المباشرة بين الموانئ المصرية والأوروبية والأمريكية.

وأشارت الوزارة إلى أن في إطار إنشاء هذا المحور المتكامل تقوم الوزارة حاليًا بتنفيذ المرحلة الثانية من خط التجارة العربي المتكامل بإنشاء خط سكة حديد طابا / العريش / بئر العبد / الفردان بطول 500 كيلو متر لزيادة حجم البضائع المستهدف نقلها من الخليج والعراق والأردن إلى أوروبا وأمريكا. (موقع مجلس الوزراء).

مصر وزيادة حركة الترانزيت الدولي:

يرى اقتصاديون: أن قيام مصر بتعديل كافة التشريعات الجمركية اللازمة لتسهيل وزيادة حركة الترانزيت الدولي المباشر خلال الدولة المصرية من خلال البنية الأساسية من موانئ وشبكات الطرق والسكك الحديدية، والانضمام إلى اتفاقيات التيروفينا 1968 والتي تسهل بدخول الشاحنات الأجنبية للعبور داخل الأراضي المصرية، تعد خطوة مهمة على الطريق الصحيح تهدف نحو تحسين الاقتصاد المحلي وزيادة الدخل الأجنبي، وجذب الاستثمار الخارجي من خلال تسهيلات الإجراءات وتيسيرها محليًّا وإقليميًّا.

وأعلنت شركة الجسر العربي للملاحة المملوكة لمصر والأردن والعراق عن اعتزامها البدء في أعمال استكمال وتنفيذ الخط العربي اعتبارًا من الشهر المقبل كخط بديل بعد إعلان عدد من شركات الشحن العالمية الكبرى تحويل مسار طريقها في البحر الأحمر ومضيق باب المندب. (الأسبوع).

وفسَّر اقتصاديون، جدوى القرار العربي المشترك المهم وأن ما يحدث سوف يسهم في زيادة القدرة التنافسية لميناء العقبة وميناء نوبيع والاستفادة الكبيرة والمشتركة بين مصر والأردن، مع إلغاء حاجة بعض المصدرين الأردنيين بشكل كامل لاستخدام الموانئ البحرية الإسرائيلية لأغراض التصدير، ما يعد ضربة قوية للاقتصاد الصهيوني الذي يستخدمه الاحتلال في قتل الشعب الفلسطيني.

مميزات الجسر العربي الجديد:

أرى أن خط التجارة العربي ستكون له أهمية قصوى ليس للأردن ومصر فحسب؛ بل أيضًا على اقتصاد المنطقة العربية ككل وإضافة كبيرة لمنطقة الشرق الأوسط، حيث ربط منطقة الخليج بالبحر المتوسط وخليج العقبة عن طريق مصر من جهة، ومن خلال ميناء الإسكندرية مع أوروبا من جهةٍ أخرى.

كما أتوقع ومن خلال الشراكة العربية الصينية والتقارب العربي الأسيوى، خصوصًا بعد التقلبات الحاصلة الآن والتغيرات الدولية والإقليمية، فإن الجسر العربي الذي سيكون جزءًا من مبادرة “الحزام والطريق” الصينية، سيعطي بكين مزيدًا من التعاون الاقتصادي والسياسي وزيادة النفوذ مع دول الشرق الأوسط، مثل زيادة وتوسع نفوذها في منطقة القرن الإفريقي عمومًا؛ الأمر الذي يسهم في إحياء طريق التجارة القديم بريًّا وبحريًّا، ويعني مزيدًا من الترابط العابر للقارات، وحلحلة النفوذ الغربي للوراء ولو قليلًا.

مميزات وفوائد مصرية:

إن توجه مصر وقيامها على إعادة فكرة مد خط سكك حديدية من جديد للربط بين العريش وطابا وشرق بورسعيد، سوف يساعد في تسهيل عمليات نقل البضائع وتقليل الوقت والجهد في الممر الجديد، وأيضًا بين شبه جزيرة سينا ومحافظات مصر والدلتا، وفي المقابل ستكون ضربة قوية لمشروع القطار الإسرائيلي السريع لربط البحرين: الأحمر والمتوسط.

وذكرت شركة الجسر العربي أنها أطلقت أول شحنة بحرية عبر الخط العربي الجديد الذي يجمع بين النقل البري والبحري، وأخرجت الشركة حاويتين محملتين على شاحنات من ميناء العقبة على متن سفينة تابعة لأسطول الجسر العربي إلى ميناء نوبيع في مصر، ومن ثم تم نقلهما برًّا إلى ميناء الإسكندرية على شواطئ البحر الأبيض المتوسط في طريقهما إلى إيطاليا. (الأسبوع).

الربط بين العقبة ومينائي طابا ونويبع:

وبحسب خبراء في النقل البحري والبري، فإن المشروع المصري الأردني العراقي، يتضمن استخدام خط سكة حديد يمتد من الأردن وعمان إلى منطقة العقبة مرورًا بمينائي طابا ونويبع جنوبًا ثم الاتجاه برًّا في الاتجاه الشمالي الغربي حتى محافظة بورسعيد.

ويعتبر إطلاق هذه الخدمة نجاحًا مهمًّا لفكرة الخط الملاحي الدولي الذي يربط ميناء العقبة بالموانئ الأخرى في البحر الأبيض المتوسط، فهو ضروري لنقل الصادرات الأردنية المتجهة إلى الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية، وخاصة صادرات المناطق الصناعية والمنتجات الزراعية، فهو أقل تكلفة وأقصر، ويتضمن إجراءات سريعة، ويوفر المزيد من الأمان في مجال النقل البحري .(نيوز24).

زيادة الصادرات المصرية صوب أوروبا:

كشف تقرير لمنظمة الأقطار العربية المصدِّرة للبترول “أوابك” عن تسجيل صادرات الغاز المسال المصرية خلال الربع الأول 2023 نحو 1.90 مليون طن. وأرجع التقرير حفاظ صادرات مصر من الغاز المسال في الربع الأول 2023 على معدلاتها السابقة، إلى مستويات الإنتاج التي ارتفعت بعد تطوير حقول الغاز في منطقة شرق المتوسط، وما تستقبله القاهرة من كميات من حقول أخرى في المنطقة بموجب اتفاقيات مع الشركات الأجنبية.

وأكدت تقرير أوابك، الصادر في 17 مايو الماضي، بعنوان: “تطورات الغاز الطبيعي المسال والهيدروجين خلال الربع الأول من 2023 “، أن صادرات مصر تؤدي دورًا مهمًّا في إطار إستراتيجية القاهرة الهادفة لتكون محورًا إقليميًّا لتجارة وتصدير الغاز الطبيعي المسال، كما تعد مصر الدولة الوحيدة التي تمتلك محطات إسالة في دول شرق المتوسط، بقدرات تفوق 12 مليون طن سنويًّا. (نيوز24).

هل يؤثر على قناة السويس؟

نتيجة هجمات ميليشا الحوثي على بعض السفن والتي زعمت أنها تستهدف السفن المارة فقط صوب الاحتلال الصهيوني، فإن هناك بعض التوترات تلوح بالأفق بالبحر الأحمر ومضيق باب المندب، ويأتي ذلك بالتزامن مع بحث الكثير من الشركات التجارية العالمية على ‏بدائل مؤقتة لنقل البضائع، مما جعل الأردن ومصر يتفقان سريعًا على تشغيل الخط العربي للنقل البري والبحري.‏

ومن المقرر أن يربط الخط الجديد ميناء العقبة الأردني والموانئ المصرية على البحر المتوسط، ويأتي كبديل عن البحر الأحمر ومضيق المندب، ولكن بشكل مؤقت، لخدمة الكثير من البلدان وشركات الشحن، التي أوقفت عملها مؤخرًا هناك.

وبحسب خبراء، فإن شركة “الجسر العربي” الأردنية، بالتنسيق مع مصر تسارع إلى إكمال المتطلبات الدولية والفنية اللازمة لتشغيل الخط البديل بين الموانئ الأردنية والمصرية المُطلة على البحر المتوسط، وذلك نظرًا لأهمية الخط العربي البري البحري البديل للمملكة الأردنية من حيث توفير مسار بديل لنقل الصادرات الأردنية المتجهة إلى أمريكا وأوروبا، لا سيما صادرات المناطق الصناعية المؤهلة والمنتجات الزراعية، وربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط بالطرق البرية، ما ينوّع طرق المبادلات التجارية ويقلل تكلفة النقل. (نيوز24).

وبشأن التساؤلات عن أهمية هذا الخط الجديد، والعوائد الاقتصادية المتوقعة على البلدين، وإمكانية أن يساهم في حل أزمة البحر الأحمر، وتأثيره على قناة السويس، يذهب خبراء إلى أن التوتر في منطقة البحر الأحمر وباب المندب له تأثير، ولكنه ليس كبير على الأقل هذه الفترة، كما أن تأثيره مؤقتًا، وفي المقابل مصر تعتبر شريكًا إستراتيجيًّا في خط الملاحة العربي مع الأردن، وبالتالي ستعوض العجز في السفن المارّة من القناة أو تلك التي حوَّلت بوصلتها مؤقتًا نحو الممر العربي الجديد.

كذلك، فمن المتوقع جليًّا أن مصر ستحقق أرباحًا اقتصادية وسياسية كبيرة ربما تساوي أو تفوق عدد السفن التي قد حوَّلت بوصلتها نحو طريق رأس الرجاء الصالح؛ لأن قناة السويس ممر ملاحي دولي مهم لا يمكن الاستغناء عنه، يتميز بتكلفة ووقت أقل في وصول البضائع والسفن العابرة إلى مبتغاها أو دولها، وبالتالي زيادة أسهم مصر وثُقلها إستراتيجيًّا واقتصاديًّا خلال المرحلة المقبلة.

كما في تقديري: أن “كلمة السر” في التوترات بالمنطقة، ومنها: منطقة البحر الأحمر هى إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، فالدعم الغربي والأمريكي اللامحدود للكيان المحتل تسبب في عدم استقرار المنطقة، ومنها الملاحة الدولية، وما يحدث في بحر الصين الجنوبي نموذجًا على غرار أزمة “تايون” على سبيل المثال نتيجة السياسات الأمريكية الخاطئة، وبالتالي هناك خشية من تمدد الحرب لدول وأطراف أقليمية ردًّا على المجازر التي يقوم بها الاحتلال الصهيوني ضد المدنيين في غزة وفلسطين المُحتلة.

ما مصير الشحن البحري في البحر الأحمر؟

يحذر خبراء في مجال النقل البحري، من تعطل حركة سفن الحاويات في البحر الأحمر، كما أنها تراجعت نتيجة التوترات الحالية بنسبة 70% تقريبًا منذ منتصف نوفمبر بسبب هجمات المتمرّدين الحوثيين على بواخر الشحن في هذه المنطقة.

وقالت شركة “ويندوورد” التي تقدِّم خدمات استشارية في مجال النقل البحري: إن “بياناتنا تُظهر أنه منذ الهجوم على غالاكسي ليدر – السفينة التي استولى عليها المتمرّدون الحوثيون في اليمن في 19 نوفمبر وما زالوا يحتجزون أفراد طاقمها البالغ عددهم 25 شخصًا رهائن – تضاعف ثلاث مرات عدد سفن الدحرجة (المتخصصة بنقل السيارات) التي تستخدم طريق رأس الرجاء الصالح” الواقع في أقصى جنوب قارة إفريقيا. (سكاي نيوز).

تفاقم أزمة البحر الأحمر وارتفاع تكاليف الشحن:

يرى اقتصاديون أنه بالرغم من ارتفاع تكاليف الشحن لأكثر من 170% وفق خبراء، بسبب بُعد طريق الرجاء الصالح المار بجنوب إفريقيا، وتراجع السفن المحملة بالحبوب والأسمنت والفحم في البحر الأحمر بنسبة تصل 15% منذ بدأ الحوثيون هجماتهم؛ إلا أن قناة السويس لا تزال تحتفظ بمرور ناقلات النفط بنفس الدرجة.

يضيف اقتصاديون: ناقلات النفط وبعض البضائع الأخرى لا تزال تستخدم قناة السويس بنفس الوتيرة أو الدرجة التي كانت عليها قبل بدء الهجمات؛ نظرًا لأنه الأقرب والأقل تكلُفة، وذلك وفق تقارير دولية خاصة بالملاحة. (سكاي نيوز).

ولكن من الواضح أن استمرار الوضع الراهن في البحر الأحمر وقبلها عدم استقرار المنطقة نتيجة سياسات الإدارة الأمريكية والكيان المحتل سوف يؤدي ذلك إلى مشكلة في سلاسل التوريد والإمدادات في السنوات المقبلة على غرار أزمة نقل الحبوب الأوكرانية وتعطل اتفاقية البحر الأسود، ومِن ثَمَّ زيادة معاناة الدول الفقيرة.

وقد أسقطت القوات الأمريكية والبريطانية نهاية الشهر ديسمبر الماضي أكثر من 20 طائرة مسيرة وصاروخًا فوق البحر الأحمر، أطلقها الحوثيون، فيما وصفته لندن بأنه “أكبر هجوم” ينفذه المتمردون المدعومون من إيران منذ بدء حرب غزة.

وبحسب تقارير دولية، فقد شن الحوثيون أكثر من 25 عملية استهداف لسفن تجارية يشتبهون بأنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إلى موانئ إسرائيلية، قرب مضيق باب المندب الإستراتيجي عند الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، ما يستوجب دفع عملية السلام في المنطقة وعدم إتاحة الفرصة لإيران وأذرعها في تهديد الملاحة في البحر الأحمر بزعم الدفاع عن فلسطين، لا سيما أن حزب الله لا يزال يتلقى ضربات مُوّجعة من جيش الاحتلال في الشريط الحدودي مع لبنان ويعجز عن أي ردّ عسكري، إذ يكتفي فقط بالتهديد والوعيد. (سكاي نيوز).

تكدس الشاحنات في الموانئ الإسرائيلية.. هل تتأثر تجارة تل أبيب؟

إن تزايد عدد السفن في الموانئ الإسرائيلية التي تنتظر دورها لتعبئة البضائع بالتزامن مع شنِّ هجوم بري عنيف على قطاع غزة خير دليل على تأثر الاحتلال الصهيوني، وقد فرض ميناء أشدود على سبيل المثال قيودًا على نقل بعض المواد، ما أدَّى إلى تباطؤ عمليات العبور.

وأظهرت بيانات من شركة “مارين ترافيك” لتتبع السفن والتحليلات البحرية، أن عددًا من السفن والبضائع السائبة الجافة متجهة إلى مينائي: حيفا وأشدود تنتظر في المياه القريبة؛ بالإضافة إلى 3 سفن أخرى، بما في ذلك ناقلة نفط وسفينة حاويات متجهة إلى الميناء.

وعزا خبراء وفق وزارة الاقتصاد الإسرائيلية: أن هناك نقصًا حادًّا في القوى العاملة الإسرائيلية؛ الأمر الذي سوف يزيد من صعوبة نقل وتجديد المخزونات بسبب ارتفاع الاستهلاك، كما أن إنشاء خط الربط بين مصر والأردن يعد مفاجئًا لتل أبيب وإضافة إلى تضرر تل أبيب اقتصاديًّا، مما سيجعل العديد من الشركات تفكر “ألف مرة” قبل التوجه إلى الموانئ الإسرائيلية خوفًا من استهدافها، ومنها السفن الأردنية.

كما أن زيادة أسعار التأمين على الحرب البحرية التي ارتفعت أكثر من 10 أضعاف بسبب استمرار الحرب على غزة، سوف يساعد في تغيير وِجهة السفن والحاوايات صوب الخط البحري الجديد بين مصر والأردن، ومن ثم إلى أوروبا، كما أن استمرار الكيان المحتل في عدوانه على غزة دون وعي أو تريُّث بقيادة الصهيوني الدموي نتياهو، سوف يزيد من المخاطر على عمليات الشحن وعبور السفن في المنطقة، وعلى الاقتصاد الصهيوني بصفة خاصة.

الخلاصة:

– نستخلص من هذا التقرير: أن الجسر العربي للملاحة يمثل قلقًا بالغًا أمام الكيان المحتل؛ لأنه دولة هشَّة للغاية ومغتصبة للأرض، وأي توتر يؤثر عليها بشكل قوي، وطوفان الأقصى “أنموذجًا” لولا الدعم الأمريكي.

– كما أن الجسر العربي سيكون له جدوى كبيرة على مصر والأردن والعراق، وأيضًا لمنطقة الخليج العربي عامةً، كما سيكون لها منافع اقتصادية وتنموية بالنسبة لمصر بصفة خاصة، حيث ربط أكبر لشبه جزيرة سيناء مع محافظات الدلتا.

– يسهم الممرُّ العربي المشترك في زيادة الصادرات العربية، وأيضًا المصرية صوب أوروبا، خصوصًا أن مصر الآن تُعد ضمن الدول التي تقوم بتصدير الغاز للقارة الأوروبية بعد وقف الإمداد الروسي، ووفق منظمة “أوابك” فإن صادرات مصر تؤدي دورًا محوريًّا في إطار إستراتيجية القاهرة الهادفة لتكون محورًا إقليميًّا لتجارة وتصدير الغاز الطبيعي المسال.

– لا سيما أنها صدرت أكثر من مليون ونصف طن من الغاز المسال خلال 2023، كما أن مصر تعدُّ الدولة الوحيدة التي تمتلك محطات إسالة في دول شرق المتوسط، بقدرات تفوق 12 مليون طن سنويًّا، مما يؤهلها لزيادة صادراتها النفطية للقارة العجوز بعد استكمال الخط العربي الجديد.

– لا شك أن ما يفعله الحوثي بزعم الردِّ على جرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين هو أمر محمود، ولكنه قليل الجدوى في العدوان الصهيوني على غزة، وأرى أن تأثيره على الاحتلال ضعيف؛ بسبب البُعد المكاني، مقارنة بتأثيره على مصر حيث مرور السفن بقناة السويس والتجارة الدولية، كما أنه قد لا يتجاوز حدَّ الاستفزاز بمنطقة اقتصادية مهمة للملاحة الدولية.

– بالأخير… إن إنشاء خط الربط بين مصر والأردن الذي يُعد ضربة مفاجئة لتل أبيب، بجانب النقص الحاد في القوى العاملة الإسرائيلية، وأثره السلبي على عمليات النقل والشحن والتخزين، إذ يُعتبر تحديًا إضافيًّا للاحتلال، ويمثل ضررًا كبيرًا لتل أبيب من الناحية الاقتصادية؛ لأن العديد من شركات النقل ومنها الأردنية، سوف تُفكر “ألف مرة” قبل التوجه إلى الموانئ الإسرائيلية خوفًا من استهدفها.

المصادر:

الأسبوع

آرتي عربي

– نيوز 24

سكاي نيوز

– الكاتب

التعليقات مغلقة.