fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

بعد دعوات لاغتياله والتخطيط لانقلاب عسكري.. هل بات مستقبل نتنياهو السياسي على وشك الانتهاء؟

0 51

بعد دعوات لاغتياله والتخطيط لانقلاب عسكري.. هل بات مستقبل نتنياهو السياسي على وشك الانتهاء؟

 يعيش بنيامين نتنياهو قاتل الأبرياء في فلسطين ولبنان، حالة من القلق البالغ والهلع الهستيري، سواء على المستوى الشخصي أو العائلي، وذلك بعد ما تعرض منزله لإطلاق قنبلتين ضوئيتين في 18 نوفمبر من العام الجاري، قام بها ضباط عسكريون بينهم ضابط كبير برتبة عقيد في جيش الاحتياط، وتم توقيف منفذي العملية من قبل وزير القضاء بتهمة “الإعداد لانقلاب عسكري” والتخطيط لاغتيال رئيس حكومة الاحتلال.

ويجد نتنياهو نفسه في مأزق كبير، بعد دعوات لاغتياله واتهام زوجته للجيش بمحاولة الانقلاب عليه، بعدما ذكر في مقابلة متلفزة إن قوى اليسار داخل إسرائيل والجيش تخططان لاغتياله، وأنه يتعرض للتهديد من المتظاهرين أمام منزله، ولفت أنه أصبح قلقًا على حياته وأولاده وأسرته، وهو ما يضع مستقبل نتنياهو السياسي على المحك ما بين تورطه في العدوان على غزة، وحكم الجنائية الدولية باعتقاله على خلفية مجازر وجرائم ضد الإنسانية في فلسطين ولبنان.

في هذا التحليل بمركز “رواق” للأبحاث والدراسات الإستراتيجية نسلط الضوء على عددٍ من النقاط، وهي: قراءة في التخطيط لانقلاب عسكري على نتنياهو؟ ماذا عن الأغلبية التي تؤيد صفقة تبادل وإنهاء الحرب؟ أسباب يأس المتظاهرين من تصرفات نتنياهو؟ ماذا عن تمرد في الجيش والشاباك والتخطيط لانقلاب على نتنياهو؟ أسباب تعميق الشرخ بين الحكومة والرأي العام الداخلي؟ ما مصير مستقبل نتنياهو السياسي؟ ماذا بعد صدور مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت؟

نعم، لقد اتسعت الفجوات والخلافات، بل تصاعدت بشكل غير مسبوق ما بين رئيس حكومة الاحتلال والرأي العام الداخلي والمعارضين، وخصوصًا بعد إقالة غالانت الذي كان يدعم التفاوض مع حماس لعودة المتظاهرين وإنهاء الحرب في غزة؛ لأنه يرى أن فكرة القضاء على حماس بشكل كامل صعب التحقق.

التخطيط لانقلاب عسكري:

فقد كشفت زوجة بنيامين نتنياهو، خلال لقاء محدود لها مع أقارب المحتجزين الإسرائيليين، عن أن قادة الجيش يخططون لتنفيذ انقلاب عسكري ضد زوجها أو قتله، وكررت مرارًا وتكرارًا، أنها لا تثق بقيادات الجيش الإسرائيلي، وخصوصًا كبار الضباط.

وقد شارك نجل نتنياهو، الذي يدعى “يائير” عبر منصة “إكس”، اتهم فيها قيادات جيش الاحتلال الإسرائيلي بتنظيم انقلاب عسكري على والده، وذلك للتغطية على فشلهم في مواجهة هجوم الفصائل الفلسطينية في السابع من شهر أكتوبر الماضي. (الوطن).

وذكر ليفين: “أرفض ما قالته الشرطة والاستخبارات الداخلية (الشاباك) من أن الحديث يجري عن حادث خطير، إنه ليس فقط حادثًا خطيرًا، بل هو حلقة في سلسلة عمليات عنيفة وخطيرة، تُنفَّذ منذ سنتين بشكل متواصل، هدفها أن تعم الفوضى، ويجري اغتيال رئيس الحكومة، والإطاحة بالحكومة المنتخبة بواسطة انقلاب عسكري عنيف”.

التمرد داخل الجيش واتساع الخلافات بين المؤسسات:

حيث اعتقلت الشرطة الإسرائيلية في الثامن عشر من نوفمبر عام 2024، 3 أشخاص للاشتباه في تورطهم في إطلاق قنبلتين ضوئيتين على منزل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، في قيسارية بهدف اغتياله والتخطيط للانقلاب عليه.

وبحسب البيان، فقد جرى تحويل الثلاثة إلى تحقيق مشترك يجريه “الشاباك”، ووحدة “لاهاف 433” في الشرطة، بينما تم فرض حظر نشر تفاصيل من ملف التحقيق. وبحسب الشرطة، فإن المعتقلين في الستينيات من العمر، ومعروفون بوصفهم نشطاء في حركة الاحتجاج ضد نتنياهو، وسبق أن اعتُقل أحدهم، في الأسبوع الماضي، خلال الاحتجاج قبالة منزل نتنياهو، وإن أحد المعتقلين ضابط برتبة عميد في جيش الاحتياط.

وقال “الشاباك”: إن قنبلتين ضوئيتين أُطلقتا على مقر منزل نتنياهو الخاص في قيسارية، من دون التسبب بأي أضرار، وأشار إلى أن نتنياهو وعائلته لم يكونوا في المنزل في ذلك الوقت. وذكرت الشرطة أنها “فتحت تحقيقًا مشتركًا مع جهاز (الشاباك)، حيث يدور الحديث عن حادث خطير، ويشكل تصعيدًا خطيرًا، وبناءً عليه سيجري اتخاذ الإجراءات اللازمة”.

وهو ما يؤكد أن ثمَّة غضب داخل الجيش وحتى بين بعض كبار الضباط على نتنياهو الذي يراهن على استمرار الحرب في غزة ولبنان وما بين استمراره في منصبه خشية ملاحقته قضائيًّا على خلفية قضايا فساد وقانون السلطة القضائية.

حادث الهجوم على منزل نتنياهو وسمعة المتظاهرين:

لقد أثار الحادث ردود أفعال غاضبة، خصوصًا لدى قادة مظاهرات الاحتجاج الذين أكدوا أنه حادث عنف خطير يخدم نتنياهو نفسه، ويؤدي إلى تشويه سمعة المتظاهرين، وبالتالي فمن الواضح أن خصوم نتنياهو لا يريدون ألا يرتبط الحادث بهم، خصوصًا أنه قبل أسبوعين قام أحد نشطاء اليسار بإلقاء قنبلة دخانية على بيت نتنياهو في القدس، من دون أن يُحدث أضرارًا، وتبين أن من قام بهذا العمل هو يوفال بيرتس، نجل المدير العام لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، وقد ضُبطت بحوزته قنابل عدة من هذا الصنف، واعترف بأنه جلبها ليقذفها على بيت نتنياهو.

وهو ما جعل نتنياهو وعائلته يتجنبون التوجه إلى منزله في قيسارية، منذ أسابيع بعد ما تمكَّن حزب الله، أواخر الشهر الماضي، من استهدافه بتفجير طائرة مسيَّرة على المنزل مباشرة، وتفجير مسيرة أخرى بالقرب منه قبل أسبوع.

حيث سعى نتنياهو يومها إلى استغلال محاولة اغتياله، وأعلن أنه ينوي سَنَّ قانون يمنع الكشف عن أماكن وجود رئيس الحكومة، حفاظًا على أمنه، وبعدها توجه إلى هيئة القضاة الذين يحاكمونه بتهم فساد في المحكمة المركزية في القدس، طالبًا تأجيل المحاكمة، وكان أحد أسباب ذلك هو أن وصوله إلى المحكمة يجعله مكشوفًا للعدو الذي يدير عليه حربًا، لكن المحكمة رفضت طلبه.

دور رجال نتنياهو المتطرفين:

وعلى الخط فقد دخل فورًا رجال نتنياهو، واتهموا مناوئيه بالمشاركة في التحضير لعملية اغتيال. وقال رئيس الكنيست، أمير أوحانا، إن العنوان كان على الجدران وفي الطرقات والمنشورات التحريضية وفي المظاهرات. إن إطلاق القنبلتين على منزل رئيس الحكومة هو نتيجة مباشرة للسياسة التي تجاهلت خلال السنوات القليلة الماضية التصعيد بالأقوال والأفعال.

كما خرج الرئيس هرتسوغ، ببيان يدين إلقاء القنبلتين، ويعده تدهورًا خطيرًا، وانضم إليه في الإدانة جميع رؤساء المعارضة، يائير لبي، وبيني غانتس، وافيغدور ليبرمان، ويائير غولان، ودعوا الشرطة والمخابرات إلى الكشف عن الضالعين في هذا الحدث، لكن في المقابل فإن رجال نتنياهو رفضوا ذلك ويرون هذا الاستنكار، وعدُّوه مجرد “ضريبة كلامية”؛ لأن من الواضح أن هناك اتساع كبير داخل صفوف المعارضة والكارهين لبقاء نتنياهو في منصبه، لأن صواريخ حزب الله وحماس باتت تشكل إزعاجًا في الداخل الإسرائيلي وذلك بعد دخول المواطنين إلى الملاجئ لعدة مرات، فضلًا عن استمرار النزوح أو السفر خارج دولة الاحتلال.

يأس المتظاهرين من تصرفات نتنياهو وقضية الأسرى:

واللافت أن المتظاهرين ضد نتنياهو توقفوا عن التظاهر أمام بيت نتنياهو في قيسارية، وانتقلوا إلى بيته في القدس، ومع اليأس من قدرتهم على تجنيد ما يكفي من الجمهور إلى المظاهرات، توجهت عائلات الرهائن إلى الرئيس الأمريكي المنتخَب، دونالد ترمب، لمطالبته بالتدخل للضغط على نتنياهو، والانخراط في أحداث الحرب مباشرة، وعدم الانتظار حتى يحين موعد دخوله البيت الأبيض في 20 يناير المقبل.

حيث توجهت إلى ترمب، باسم عائلات الرهائن، والدة الجندي الأسير متان عناف تسينغوكر: “فخامة الرئيس ترمب، من فضلك انخرط بأحداث الحرب من اليوم، نتنياهو يرفض إنهاء الحرب في غزة فَتَدَخَّلْ لإقناعه”.

لذلك ترى عائلات الأسرى والشارع الإسرائيلي أن نتنياهو قد تخلى تمامًا عن المختطفين منذ زمن طويل، وهو يضحي بهم وبالجنود، بينما يعمل شركاؤه المتطرفون على إقامة المستوطنات في غزة. وبالتالي فهم يرون أنه لا وقت للانتظار حتى يدخل ترمب إلى البيت الأبيض خصوصا مع دخول الشتاء وهو ما يزيد من معاناة حياة الأسرى في البرد القارص.

كما أن الغالبية الساحقة من الجمهور تؤيد الصفقة، وتفضلها على استمرار الحرب، وهم يعزون هذا أولًا إلى القنوط والكسل وفقدان الأمل بالتغيير والتأثير في شخص نتنياهو، وكما بدا واضحًا أن رئيس الحكومة يستغل الحرب لكي يبقي المواطنين في بيوتهم؛ لأنهم يخافون من صفارات الإنذار؛ لذلك لا يخرجون من البيت، ويفضلون البقاء مع أولادهم.

أغلبية تؤيد صفقة تبادل مع حماس وإنهاء الحرب:

لقد أظهر استطلاع للرأي العام الإسرائيلي، نشرت نتائجه القناة 12، أن نحو 70% من الإسرائيليين، يرون أن التوصل إلى اتفاق تبادل أسرى بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، هو الأمر الأهم الآن، وأن نصفهم أكدوا أن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، لا يمكنه إدارة الحكومة، في الوقت نفسه الذي يشهد محاكمته بشأن الاتهامات الكثيرة المتهم فيها.

وبحسب الاستطلاع نفسه، فإن 69% من الإسرائيليين، يرون أنه يجب التوصل لاتفاق يجري بموجبه إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في القطاع، بينما رأى 20% أن استمرار الحرب في غزة هو الأهم.

وقد سُئل المشاركون في الاستطلاع عمّا إذا كان يمكن لنتنياهو، الاستمرار في تولّي مهامه رئيسًا للحكومة، في الوقت نفسه الذي تجري محاكمته بتهم جنائية، ليقول 50% القيام بذلك. (الشرق الأوسط).

هل يخطط الجيش والـ “شاباك” لانقلاب على نتنياهو؟

بالفعل ترى جهات أمنية وعسكرية أن تهريب المستندات قوض نجاحات التوصل إلى صفقة وإنهاء الحرب، لكن أنصار نتنياهو وحزبه الليكود يصعدون الصراع ضد الـ “شاباك” والجيش، ويعتبرون وزير الأمن يوآف غالانت محركًا للتحريض على نتنياهو وإبعاده من الحكومة.

لذلك في ذروة التحقيقات التي يجريها الـ”شاباك” والاستخبارات العسكرية فيما عرف داخل إسرائيل بـ”فضيحة الوثائق الأمنية” التي سربت من مكتب نتنياهو بهدف عرقلة تنفيذ صفقة الأسرى واستمرار السيطرة على “محور فيلادلفي”، يخوض الإسرائيليون معركة جديدة حول ما اعتبره أنصار نتنياهو “محاولة انقلاب عليه” من قبل الجيش والـ “شاباك” في أعقاب إثارة هذه الوثائق.

ومن خلال تلك المؤشرات فإن ثمّة مؤشرات واضحة تؤكد محاولة من الجيش والـ ‘شاباك’ لإحداث انقلاب ضد نتنياهو بعد جولة الاغتيالات بحق حسن نصر الله والسنوار والضيف، وما يسميه نتنياهو من نجاحات تجاه اليمن وإيران.

إن الجيش والشاباك يعدان هما القوة التي من المفترض أن تحافظ على السلطة في إسرائيل، تحاول خلق واقع جديد هنا، بسبب إخفاقات نتنياهو في السابع من أكتوبر وغيرها من القضايا الداخلية، وكذلك قضايا الفساد التي طالته وعائلته، ومن ثم تجري أجهزة الجيش والـ ‘شاباك’ التحقيق فيها، ويكون نتنياهو ومن حوله بين المتهمين.

 نقول: إن ما تشهده إسرائيل اليوم من حراك كبير وتفاعلات وخلافات في أعقاب كشف قضية الوثائق وما يثار حولها من اتهامات ضد نتنياهو ومطالبة التحقيق تعد بشكل كبير بداية الانقلاب على هذا الدموي وأن استمراره في المنصب بات عبئًا كبيرًا على الداخل الإسرائيلي في ظل توسع الحرب مع الجنوب اللبناني.

تعميق الشرخ بين الحكومة والرأي العام الداخلي:

لا سيما أن جهات أمنية وعسكرية تعتبر أن تهريب المستندات قوض نجاحات التوصل إلى صفقة وإنهاء الحرب، لكن أنصار نتنياهو وحزبه (الليكود) يصعِّدون الصراع ضد الـ “شاباك” والجيش، ويعتبرون وزير الأمن يوآف غالانت جانبًا محركًا للتحريض على نتنياهو وإبعاده من الحكومة.

كما استغل أعضاء كنيست ووزراء من حزب الليكود والائتلاف الحكومي مصادقة غالانت على تجنيد 7 آلاف حريدي للجيش وهي خطوة لتأجيج الخلافات الداخلية، ودعا بعضهم إلى إقالة غالانت فورًا من منصبه والحكومة.

لقد تعمقت تداعيات الخلافات الداخلية في إسرائيل بعد تقارير الجيش التي أوضح فيها أن عملياته في غزة ولبنان حققت أهدافها، ودعا إلى إنهاء الحرب والتوصل إلى تسوية في لبنان، وعرض خطة لليوم التالي في غزة وهو ما رفضه الدموي نتنياهو.

ونتيجة تسريب المستندات الأمنية الخطرة والحساسة التي ساهمت في تعميق الشرخ داخل المجتمع الإسرائيلي، وأيضًا بين المؤسستين السياسية والعسكرية، وجاءت تصريحات عضو مجلس الحرب بردوغو لتشعل النقاش الداخلي إلى حد مطالبة جهات معارضة لنتنياهو باعتقال بردوغو بتهمة التحريض على الأجهزة الأمنية خلال الحرب.

وما بين هذه الخلافات والصراعات والشرخ المتعمق داخل المؤسستين السياسية والعسكرية، قُدمت للحكومة الإسرائيلية ورقة توصيات تشمل إنجازات الجيش الإسرائيلي وتطالب المستوى السياسي بترجمتها إلى مكاسب دبلوماسية، الآن وقبل تجاوز النقطة الحاسمة، وهو ما يرفضه نتنياهو وائتلافه من أجل الاستمرار في المنصب مما يؤدي إلى مزيد من القتل والإبادة داخل غزة ولبنان.

وبالتالي يرى الشارع داخل دولة الاحتلال إن ما حققه الجيش من نجاحات عملياتية بغض النظر عن عدن تكافؤ الحرب بين الطرفين والاغتيالات التي قام بها بغطاء أمريكي غربي، يوفر لإسرائيل الفرصة للنظر من كثب في إستراتيجية إنهاء الحرب، والتفاوض مع المقاومة سواء غزة أو حتى في لبنان.

ولكن لا ترغب إسرائيل بقيادة نتنياهو وأعضاء حكومته من المتطرفين، في إنهاء الحرب خصوصًا قرار صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أو اتفاق بين القوى الكبرى يدعو إلى وقف الأعمال العدائية، بعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية وقبل تنصيب الرئيس الجديد، ورغم قرار الاعتقال الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية بحق المجرمان نتنياهو وغالانت.

جرائم دولة الاحتلال في الجنوب اللبناني:

يحاول الشارع الإسرائيلي توقف الحرب مع حزب الله لا سيما بعد ما اعتاد المواطنين الدخول إلى الأنفاق والخنادق خوفا من صواريخ حزب الله، ولكن نتنياهو والمتطرفون في حكومته يرون عكس ذلك، وهو استمرار الحرب بزعم استكمال العملية البرية في لبنان لتمكين المفاوضات من التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار معزز بصورة كبيرة.

مثلما تدعي ذلك تمامًا في قطاع غزة بحجة أن القوات الإسرائيلية عليها عدم الانسحاب من مراكز المدن وإعادة الانتشار إلى مناطق التجمع التي تسمح باستمرار الضغط العملياتي، كما أن عودة الأسرى مشروط من قبل حركة المقاومة حماس بوقف الأعمال العدائية والانسحاب من غزة في مقابل إطلاق الأسرى الذي عجز نتنياهو عن عودتهم بدون وقف الحرب.

وهناك مقترحات داخلية وخارج إسرائيل من أجل دعوة الحكومة إلى إنشاء إطار متفق عليه دوليًا لحل متعدد الجبهات ووقف إطلاق النار، فـ “هناك حاجة إلى ترتيبات أمنية معززة بصورة كبيرة على الحدود الشمالية لإسرائيل، ولتحقيق هذه الغاية يجب على الكيان التنسيق مع الولايات المتحدة والقوى الكبرى مما يؤثر في قرار مجلس الأمن بشكل حقيقي لوقف إطلاق النار على جميع الجبهات، وفي كلا الحالين يتعين على إسرائيل أن القبول بقرار لمجلس الأمن أو أي دعوة دولية تتضمن وقف إطلاق النار على جميع الجبهات، والاتفاق على إطلاق الأسرى.

وعلى ما يبدو أن إسرائيل سوف تخسر كثيرًا من تحقيق أي إنجاز دبلوماسي في ظل ارتفاع عملياتها العسكرية التي ترتكب من خلالها جرائم ضد الإنسانية في غزة أو لبنان، ولا ننسى أن عنصر الوقت عامل مهم؛ لأن عدم اتفاق قبل الأوان يعني تفويت الفرصة لحل دبلوماسي وخروج دولة الاحتلال من تورطها في غزة والجنوب اللبناني، مما سيؤدي إلى تآكل المكاسب العسكرية من وجهة نظر المعارضين لنتنياهو. (إندبندنت عربي).

ماذا بعد صدور مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت؟

إن إصدار المحكمة الجنائية الدولية، الخميس، مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، يقع على عاتق الدول الكبرى والدول الأعضاء في المحكمة تنفيذ المذكرتين واعتقال مجرمَي الحرب الإسرائيليين.

وحتى إن كانت مذكرتا الاعتقال تتعلقان بجرائم حرب في غزة، فإن يتعين على منظمة التحرير الفلسطينية والجامعة العربية أن تستمر في ملاحقة مجرمين آخرين على جرائم أخرى، بعضها بالفعل أحيل إلى المحكمة ومنها قضيتا الاستيطان والأسرى وما تم تدميره في غزة أو حتى مؤخرًا في الجنوب اللبناني وتهجير آلاف المواطنين من المواطنين ومحاول الوصول إلى نهر الليطاني في لبنان.

وقد ذكرت المحكمة صراحةً في بيان لها بأن نتنياهو وغالانت أشرفا على هجمات على السكان المدنيين الأبرياء دون أي جريرة، وأن جرائم الحرب المنسوبة إلى نتنياهو وغالانت تشمل استخدام التجويع سلاح حرب، كما تشمل جرائم ضد الإنسانية والمتمثلة في القتل والاضطهاد وغيرهما من الأفعال غير الإنسانية.

هل بات مستقبل نتنياهو السياسي على وشك الانتهاء؟

لقد تحدثت المحكمة الدولية بشكل واضح وصريح عن الجرائم التي يمارسها الاحتلال بإشراف نتنياهو وغالانت ومنها الإخفاء القسري والتعذيب والتنكيل بالأسرى والمدنيين.

وقد قدمت فلسطين في وقت سابق طلب إحالة إلى “الجنائية الدولية” لملف جرائم إسرائيلية تضمّن 3 قضايا وهي: الاستيطان، والأسرى، والعدوان على غزة بما فيه انتهاكات “مسيرة العودة وكسر الحصار” الحدودية التي استمرت من مارس/آذار 2018 إلى ديسمبر / كانون الأول 2019.

لذلك يتعين على الدول الأعضاء في الجنائية الدولية، أول شيء اعتقال نتنياهو وغالانت في حال وصلوا عواصمها، ومنع تحليقهم في سمائها وإذا حلقوا إجبار طائراتهم على الهبوط لاعتقالهم، مثلما فعلت مع الرئيس الروسي بوتين.. فهل تلتزم هذه الدول التي تتحدث كثيرًا عن حقوق الإنسان بالقانون الدولي وتنفيذه؟

لا شك أن صدور المذكرتين تعدان ربحا فلسطينيا خالصا ثمنه الدم الفلسطيني، لا سيما أن دولًا عديدة رفضت، بل قامت مع بدء العدوان على غزة بإحالة الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة، ومنها جنوب إفريقيا.

حيث تمارس دولة الاحتلال على الأرض، وقبل صدور مذكرتي الاعتقال، كل ما من شأنه إضعاف محاولة السلطة الفلسطينية، سواء بقرار الكنيست عدم الاعتراف بقيام دولة فلسطينية أو ضم مناطق مصنفة “ب” (تتبع السلطة إداريًّا) أو استمرار مصادرة أموال الضرائب.

وتجاهلت دولة الاحتلال “اتفاقية أوسلو” التي نصت على تقسيم أراضي الضفة الغربية إلى 3 مناطق:  “أ”، ويفترض أن تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، لكن ذلك لم يعد موجودًا بعد اجتياح الضفة قبل نحو عقدين، و”ب”، وتخضع إداريًّا للسلطة وأمنيًّا لإسرائيل، و”ج” وتشكل نحو 60% من الضفة وتخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة.

وهو ما يؤكد هدف الكيان المحتل في محاولة إنهاء الوجود الفعلي للسلطة الفلسطينية، وربما الإبقاء فقط على الهيكل الإداري والخدمي المرتبط بها، تمهيدًا للوصول إلى حالة الضم التي باتت تنتظر الإعلان الرسمي؛ لذا فليس مستبعدًا أن تستخدم إسرائيل مذكرتي الاعتقال؛ كذريعة لتعزيز العقاب الممارس أصلا بحق الفلسطينيين عمومًا والسلطة بشكل خاص.

اهتزاز الثقة بين أعضاء الحكومة ومؤسسات الاحتلال:

وعلى المستوى الدولي، فقد نتنياهو وحكومته الثقة لدى العديد من الدول وحتى بعض الدول الغربية؛ مثل إسبانيا، وهو ما يدعو إلى توقعات بأن تهتز مكانة إسرائيل الدولية وخاصة في أوروبا. (الجزيرة).

أما على المستوى الداخلي: فإن دول الاحتلال باتت تهتز ثقتها بشكل كبير بين أعضاء حكومة نتنياهو خصوصًا المتطرفين، وما بين مؤسسات الدولة، وهو ما نتج عنه مزيد من الاحتجاجات والتظاهرات في الشارع وحالة النزوح والسفر خارج إسرائيل بجانب الخسائر الفادحة في الشركات وتوقف نحو 48 ألف شركة حتى كتابة هذه السطور وكذلك خسائر قدرت حتى الآن بنحو 120 مليار دولار.

كما اهتزت الثقة بشكل غير مسبوق في مكونات الدولة الأساسية، وبين المواطن ومنها المستوى السياسي، وفيما بين المؤسسات الأمنية والعسكرية والجيش.

وبالتالي فلم يعد أمام القتلة في حكومة دولة الاحتلال سوى الذهاب إلى أمرين: الأول رفع مستوى الخطاب الدعائي بلعب دور الضحية، وأن إسرائيل مستهدفة وتكرار أسطوانة معاداة السامية، والثاني التطبيق العملي لخطة الضم والسيطرة على الضفة ومحاولة البقاء في غزة، وهما خياران كلاهما مر.

ختامًا.. مستقبل نتنياهو وزيادة أصوات المعارضة في الشارع:

من هذا المنطلق وما تم التطرق إليه في هذا التحليل، نؤكد على عدة أمور مهمة، وهي:

– أن مستقبل بنيامين نتنياهو بات على المحك -عاجلًا أو آجلًا- حيث ترى المعارضة بزعامة يائير لابيد أنه يجب ألا تكون الأطراف الأكثر تشددًا وتطرفًا في إسرائيل جزءًا من استمرار الحكومة الحالية حتى الانتخابات القادمة.

– يحمل الرأي العام الداخلي نتنياهو المسؤولية الكاملة عما حدث في عملية طوفان الأقصى، ورغم أن الإخفاق استخباراتي وعسكري، لكنَّ كثيرين يرون أن هذا لا يعفي نتنياهو من مسؤوليته الشاملة عن الأزمة، كونه المقرر الأعلى في شؤون خارجية وأمن إسرائيل.

– يرى الشارع الإسرائيلي أن اتهام نتنياهو بثلاث قضايا فساد، لا يمكنه الاهتمام بشؤون الدولة؛ لأن المصالح القومية ستُسخّر، لإنقاذه من الإدانة والسجن، بجانب غضب الشارع الإسرائيلي من قانون التعديلات القضائية، الذي يحدّ من صلاحيات المحكمة العليا في إسقاط قرارات الحكومة وتعييناتها على أساس أنها لا تلبي معايير المعقولية. وهو ما زاد من الأزمات المحلية وامتعاض الشارع بشكل أكثر غضبًا.

– كما أن تعهد الآلاف من جنود الاحتياط، من ضمنهم طيارون في سلاح الجو – المهم جدًّا لقدرات إسرائيل الهجومية والدفاعية – بعدم التطوع في الخدمة العسكرية، قد يؤثر في اللاحق على استعدادات إسرائيل العسكرية وفي حال استمرار سياسة ونهج الحكومة الحالية وهو ما يهدد مصير نتنياهو السياسي.

الخلاصة:

– لقد ارتفع غضب الشارع الإسرائيلي بسبب تعسف نتنياهو ورفضه لصفقة تبادل مع حماس وعودة الأسرى، خصوصًا بعد غضب الشارع من قانون التعديلات القضائية، الذي يحدّ من صلاحيات المحكمة العليا في إسقاط قرارات الحكومة وتعييناتها على أساس أنها لا تلبي معايير المعقولية.

– إن مستقبل بنيامين نتنياهو بات مهددًا وعلى المحك -عاجلا أو آجلًا- حيث ترى المعارضة بزعامة يائير لابيد أنه لا يجب استمرار الحكومة وبها الأشخاص الأكثر تشددًا وتطرفًا في إسرائيل، وبالتالي فإن بقاءها حتى الانتخابات القادمة يهدد أمن إسرائيل، ويعرضه للخطر.

– كما اهتزت الثقة بشكل كبير للغاية بين أعضاء حكومة نتنياهو، وهو ما نتج عنه مزيد من الاحتجاجات والتظاهرات في الشارع، وحالة النزوح والسفر خارج إسرائيل بجانب الخسائر الفادحة في الشركات، وكذلك توقف نحو 48 ألف شركة عن العمل وخسائر قدرت حتى الآن بنحو 120 مليار دولار.

– نتنياهو يجد نفسه في مأزق كبير، بعد دعوات لاغتياله واتهام زوجته للجيش بمحاولة الانقلاب عليه، وهو ما يضع مستقبل نتنياهو السياسي على المحك بسبب ما تورط به في العدوان على غزة، وحكم الجنائية الدولية باعتقاله على خلفية مجازر، وجرائم ضد الإنسانية في فلسطين ولبنان، وانقلاب الشارع الداخلي على سياساته الفجّة، وبالتالي فإن انفجار “قنبلة مدوّية” في وجه نتنياهو وأعضاء حكومته من المتطرفين وارد في أي وقت.

المصادر:

– الشرق الأوسط

– إندبندنت عربي

– الجزيرة

– الوطن

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.