fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

الحرب المصطنعة … “العلاقة الإسرائيلية – الإيرانية” حقائق وشواهد!

الحرب المصطنعة ... "العلاقة الإسرائيلية - الإيرانية" حقائق وشواهد!

208

الحرب المصطنعة … “العلاقة الإسرائيلية – الإيرانية” حقائق وشواهد!

لا يكاد ينقضي يوم إلا ويسمع المتابع تراشق وابل من التصريحات لكلا الجنبين: “الإسرائيلي والإيراني” في حرب كلامية تعتبر هي الأقوى في تاريخ السياسة المصطنعة، لا يعرف القارئ العادي مدى هذه التصريحات الكبيرة والتهديدات ووقعها في الواقع، فكل ما يثار مجرد حرب كلامية ربما تكون مصطنعة، والدليل: أن سنوات من التصريحات لم يعقبها فعل حقيقي على أرض الواقع، ليثبت للعالم أنه ربما تكون الحرب الكلامية مصطنعة.

إيران التي تعتبر وتعد نفسها العدو الأول والأخير للكيان الصهيوني هي ذاتها التي تنسق الأوضاع الامنية في المناطق المتاخمة للجانب الصهيوني؛ حتى لا يتضرر، والجانب الإسرائيلي الذي يطلق كل يوم فزاعة الجانب الإيراني عليه هو ذاته الذي يدير تحركات الجانب الإيراني في الأراضي السورية والعراقية، في إشارة واضحة أن المثل المصري لم يخطئ “مِن بره الله الله، ومِن جوه يعلم الله”.

العلاقة الإيرانية – الإسرائيلية:

صاغ رئيس الوزراء الإسرائيلي ديفيد بن جوريون في ذلك الوقت مبدأ إستراتيجيًّا في تحالفات إسرائيل، وهو: أن تتحالف مع الدول والمكونات غير العربية في المنطقة؛ خاصة إيران وتركيا، لتتقوى بها ضد العرب، وهو المبدأ الذي لاقى قبولًا لدى إيران وتركيا لتكون إسرائيل أداة ردع للبلاد العربية التي تكافح ضد تمدد النفوذ الإيراني والتركي.

ولا تصطدم إيران بإسرائيل إلا في حدود إذا ما تعدَّت إحداهما على نفوذ الأخرى، ولكنهما دائمتا التحالف حين يتعلق الأمر بتدمير دولة عربية.

وقد تمتعت الدولتان بعلاقات جيدة لمدة 30 عامًا، وكان لكلٍّ منهما صلات قوية مع الولايات المتحدة في تضاد مع النفوذ السوفياتي في المنطقة.

وأصبحت إيران أكبر مستورد للأسلحة الإسرائيلية، بينما صدَّرت النفط إلى إسرائيل، وكانت لإسرائيل بعثة دبلوماسية في طهران لثلاثة عقود، بين عامي: 1948 و1978، مع علاقات ودية، منذ الثورة الإيرانية عام 1979، سارت العلاقات بينهما نحو العداء الشديد على الرغم من عدم تقاسم الحدود، لكن حرِص النظام الإيراني على توظيف كراهيته وعدائه لإسرائيل والولايات المتحدة كورقة لحشد التأييد له ومهاجمة الغرب، واتخاذ القضية الفلسطينية حصرًا به، معلنًا يوم القدس عطلة جديدة بالبلاد.

 مركزية القضية الفلسطينية لدى العرب والمسلمين مسلَّمة؛ لذا حاول النظام توظيفها جيدًا، وعلى الرغم من العداء لإسرائيل باسم هذه القضية لم تطرح إيران تصورًا لحلها مقتصرًا دورها على الخطاب العدائي وإمداد المال والسلاح للجهاد الإسلامي، وحركة حماس كأوراق ضغط، ومن خلالها التأثير في إسرائيل ومناكفتها.

على الرغم من مسار العداء بينهما، حافظت الدولتان على اتصالات سرية حين يتعلَّق الأمر بمصلحتهما، فخلال الثمانينيات أثناء الحرب العراقية الإيرانية، استوردت طهران أسلحة وإمدادات عسكرية من إسرائيل في عمليات سرية شاركت فيها إدارة ريغان، عرفت بقضية “إيران كونترا” في عام 1986.

ولم يختلف التحالف في عهد شاه إيران عن عهد الخميني؛ إلا في أنه بعد ثورة الخميني عام 1979 أصبح تحالفًا مستترًا، يجري عبر وسطاء، لتحافظ إيران على صورتها المزعومة بأنها نصيرة للقضية الفلسطينية وقائدة لما تصفه بالصحوة والمقاومة الإسلامية.

وكانت أبرز صفحات هذا التحالف في عهد شاه إيران في مجالي النفط والاستخبارات، وفي عهد ثورة الخميني في حرب الخليج الأولى لتدمير الجيش العراقي والمفاعل النووي العراقي، وفي مجالات النفط والملاحة البحرية والاستخبارات والتسليح.

ففي حرب الخليج الأولى بين إيران والعراق 1981-1988 رفع الخميني شعار: “طريق القدس يمر من بغداد” لتبرير حربه على العراق.

وخلال تلك الفترة صدرت إسرائيل إلى إيران أسلحة ليتغلب بها على العراق فيما عُرِف في الغرب باسم: فضيحة “إيران كونترا” و”إيران جيت”.

كما امتد التعاون بينهما إلى عدوهما المشترك “العراق” إلى تعاون استخباراتي لإنجاح الضربة الإسرائيلية للمفاعل النووي العراقي الذي كان قيد الإنشاء.

وفي الفترة من 1989-2002 تحدثت صحف إسرائيلية وغربية عن إجراء مباحثات بين إيران وإسرائيل لإنشاء أنبوب “إيلات – أشكلون (عسقلان)” لنقل النفط الإيراني عبره بدلًا من قناة السويس؛ خاصة وأن مصر كالعراق تعد عدوهما المشترك(1)(2).

إيران وإسرائيل حليفان … وصراعهما ظاهري:

قال الباحث الفرنسي المتخصص في الشأن الإيراني بمعهد العلاقات الدولية والإستراتيجية الفرنسي: “إن تصاعد نغمة التصعيد بين البلدين لن يؤدي إلى صراع حقيقي”، مشيرًا إلى أن كلا البلدين ليس بينهما أي تاريخ دبلوماسي عاصف.

وأشار في مقابلة لموقع “أتلنتيكو” الإخباري الفرنسي إلى أنه “يجب أن نذكّر أولًا بتاريخ العلاقات الدبلوماسية الإيرانية الإسرائيلية، التي تعد في أحسن صورها في ظل نظام الشاه إيران محمد رضا بهلوي، حتى في ظل سلطة الملالي منذ 1979”.

وأوضح كوفيل أن نعت سلطات الملالي إسرائيل بـ”الكيان الصهيوني”، ما هو إلا معارضة ظاهرية حتى يومنا هذا، مؤكدًا أن هذا القول ليس بجديد “فالجميع داخل إسرائيل وإيران يعرف أن كلا الطرفين لا يعتبر الآخر عدوًّا”.

ورصد الباحث الفرنسي عدة وقائع في تاريخ العلاقات الإسرائيلية – الإيرانية، مشيرًا إلى أن إسرائيل باعت أسلحة لإيران خلال الحرب الإيرانية العراقية، وتابع: “هذه التصريحات بين البلدين، نوع من استعراض ميزان القوى”.

وأشار كوفيل إلى أن وجود الإيرانيين في العراق لم يعد مقبولًا، موضِّحًا أن هناك أصواتًا عراقية ترفض الوجود الإيراني في العراق وسوريا أيضًا؛ لذا فإن وجودهم في المنطقة لن يكون لأجل غير مسمى.

وفي سوريا تسعى إيران للحفاظ على حليفها بشار الأسد، مشيرًا إلى أنه لو أرادت إسرائيل الإطاحة به لفعلت منذ سنوات.

وقال كوفيل: “إن المليشيات الإيرانية الموجودة في سوريا، تهدف لتكون جزءًا من التكوين السياسي لمستقبل سوريا كما فعلت في العراق، ولكن لا تريد حقًّا أي مواجهة مباشرة مع إسرائيل، والدليل على ذلك: أن إيران لم تنشئ أبدًا أي خطة عسكرية لقتال إسرائيل”.

وواصل أن: ” كل الخطط الحربية والعسكرية التي تجريها إيران موجهة إلى جيرانها من دول الخليج والدول السنية في المنطقة وليست إسرائيل”.

وأشار الباحث الفرنسي إلى أن العلاقة الجيدة بين طهران وإسرائيل، لم تساعد نظام الملالي في الحفاظ على نفسه من التآكل بفعل التوترات الداخلية، فضلًا عن فقدانه للعديد من الحلفاء تدريجيًّا(3).

أطماع مشتركة:

تتمحور أهداف (إيران) و(إسرائيل) حول عدائية العالم الإسلامي والمنطقة العربية والسيطرة على ثرواتها، وفي سبيل هذا الهدف حاولا استغلال نفوذهما وقوتهما للسيطرة على الأمة وإثارة المشاكل والنعرات الطائفية، وتجنيد ونشر خلايا عملاء تعمل لصالح الأجهزة الأمنية التابعة لكلتا البلدين، ولكن (إسرائيل) كانت في بعض الأحيان تسخر (إيران) لخدمة أهدافها، وتركِّز على تقسيم العالم العربي كلًّا على حدة، وعلى سبيل المثال: فإن (إسرائيل) وبحسب ما يذكره علماء السياسة ركزت على تقويض قوة مصر كونها أكبر دولة عربية، ويمكن أن تمثِّل خطرًا علىها بصفتها تمتلك حدودًا وجيشًا قويًّا، وسعت إلى تدمير مصر داخليًّا من خلال الفوضى الأمنية والفتنة الطائفية؛ بالإضافة إلى سعيها لفصل وعزل مصر عن العالم الإسلامي والعربي من خلال اتفاقات كامب ديفيد التي جعلت من مصر دولة منبوذة عند بعض العرب؛ بسبب تواطئها مع (إسرائيل) في عددٍ مِن القضايا، وهذا يأتي جزءٌ من كلٍّ يشمل عمل منظومة مخابراتية (إسرائيلية) أصبح لها خيوط في دولٍ إسلاميةٍ كثيرةٍ تقوم بإثارة الفتن واختلاق النزاعات؛ حتى لا تمنح العرب والمسلمين الفرصة للتنبه للخطر الحقيقي، وكل ذلك بهدف تحقيق ثلاث أهداف صهيونية، وهي :

– تجميع اليهود وإقامة دولة ووطن لهم في فلسطين، وقد نجحوا في ذلك بتعاون مع القوى الاستعمارية الصليبية الحاقدة.

– توسيع (إسرائيل) لتصبح (إسرائيل الكبرى) لتشمل الأراضي الواقعة بين النيل والفرات، وتشمل المدينة المنورة وخيبر.

– المملكة اليهودية العالمية حيث يخضع العالم لسيطرة اليهود، وتكون أورشليم عاصمة المملكة العالمية التي يحكمها ملك يهودي، وهذا مذكور في برتوكولات حكماء بني صهيون.

 

وقامت (إسرائيل) منذ نشأتها على العنف والمنظومة الأمنية، وتنظيم الشعب في إطار مليشيات مسلحة، وفي هذا الصدد يقول بن جوريون أحد مؤسسي (إسرائيل): (إن إسرائيل لا يمكن أن تبقى إلا بقوة السلاح).

وكنفي لإمكانية حصول السلام، فإن موقع الشرطة الإسرائيلية نشر دعوة تحريضية ضد العرب ودعا بشكل صريح لقتل العرب قبل أيام؛ بالإضافة إلى تصريحات الحاخام عوفادية يوسف التي تعتبر العرب ثعابين يجب قتلها، وعندما زار مناحم بيجن القاهرة بعد توقيع اتفاقية كام ديفيد، وقف أمام أهرامات الجيزة وقال: (هؤلاء أجدادنا بناة الأهرام)، وكذلك سرقت.

ثم قامت (إسرائيل) بسرقة آثار مصرية وآثار عراقية، وأقامت لها معرضًا في النمسا، بعد أن تم الإعداد له على مدى عامين، وشارك في دعم المعرض (58) هيئة نمساوية، وافتتح (بنيامين نتنياهو) المعرض وسط دعاية إعلامية مكثفة، وكان عنوان معرض الآثار المسروقة هو: “آثار أرض التوراة”.

في هذا الموجز أوضحنا ما تصبو  إليه (إسرائيل)، ولكن التشابه الكبير في أهداف الطرف الثاني، وهو: (إيران) يوضِّح بما لا يدع للشك مصداقية كل ما نشر في الإعلام حول إمكانية وجود تحالف بين الطرفين لخدمة أهدافهما، وبعيدًا عن الأقوال التي تشير إلى أن مؤسس المذهب الشيعي كان عبدالله بن سبأ يهوديًّا ثم أسلم، ولكن في عالمنا اليوم هناك ما يكفي من الدلالات التي تؤكِّد أن المصالح متوافقة بين الكيانين، بدأ بكراهية العرب والاستيطان في أرضيهم؛ سواء كان ذلك من خلال احتلال فلسطين والجولان وأجزاء من جنوب لبنان بالنسبة لــ(إسرائيل) أو احتلال الأحواز العربية وجزر الإمارات من قبل إيران.

أما عن الأهداف: فإيران تريد دولة فارسية تمتد على مسار الخليج العربي، ويؤكد ما نقوله تقرير روسي نشر في وسائل الإعلام أثناء الحرب التي شنتها السعودية على الحوثيين بأن أهداف النظام القائم في طهران هو إقامة “إمبراطورية ذات نزعة مذهبية تمتد من إيران عبر العراق ونحو سورية ولبنان”، وحسب تقديراته فإن إيران “تهيمن الآن عمليًّا من خلال حلفائها على جنوب العراق”.

وتحاول إيران فرض نفوذها على العالم الإسلامي وقيادته من خلال التغلغل في أعماقها وَفْقًا لعدة محاور، أولها: استغلال حركات المقاومة المسلحة المناهضة لـ(إسرائيل)، وأمريكا وتقديم الدعم لها وتدريب عناصرها لكسب ولائاتهم، وكذلك من خلال إرسال رجال مخابراتها لتأسيس شبكات وخلايا نائمة يمكن إيقاظها وقت الحاجة إليها، وتأسيس مؤسسات تجارية من خلال الجاليات الإيرانية الموجودة في الخليج.

هناك عدة عوامل مهمة تسببت في رفض العالم الإسلامي لإيران، وعدم السماح لها بأن تتولى قيادة هذا العالم، وهي الأول: أن إيران فارسية وليس عربية، والثاني أن غالبية سكانها من الشيعة ولا يوجد بها سنة سوى في إقليم عربي يسمَّى “الأحواز”، وتحتله إيران منذ عام 1925م، وكذلك احتلالها لأرضي عربية سلف الحديث عنها.

وإثباتًا لما ورد فإنه بتاريخ: 28-03/2011 نقلت صحيفة (ويك أيند) الدنماركية تصريحات عن مسؤولين في الخارجية الإيرانية قالوا فيها: “بأن العرب بدو وهمج الصحراء وحضارتهم طارئة قامت بعد اكتشاف النفط، أما الحضارة الفارسية فهي ممتدة منذ آلاف السنين”.

وتابعت الصحيفة نقلًا عنهم: “إيران تحترم إسرائيل وتتعاطف معها بعكس العرب، وما التصريحات التي تطلق معادية لإسرائيل سوى لكسب تأييد العالم الإسلامي”.

ونقل عن نائب وزير الخارجية الإيراني: “أن الهدف من التصريحات المعادية لإسرائيل هو كسب تأييد الشعوب الإسلامية لتحقيق هدف الثورة الخمينية التي انطلقت عام1979 بالسيطرة على العالم الإسلامي”.

إذًا الهدف الأساسي لإيران في المنطقة العربية هو السيطرة المذهبية على العالم الإسلامي وتولي قيادته، وكذلك السيطرة على الأماكن الدينية والمقدسة، والموارد النفطية والاقتصادية في المنطقة العربية لإعادة أمجاد الأمة الفارسية”(4).

ثالوث الشر:

طبيعة العلاقات بين الطرفين لم تكن خفية على المجتمع الإسرائيلي أو الباحثين في هذا المجال، ففي كتاب حلف المصالح المشتركة، (التعاملات السرية بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية) لتريتا بارزي، يقول البروفيسور ديفيد مناشري من جامعة تل أبيب، والخبير الأول في الشؤون الإيرانية في (إسرائيل): “طوال فترة الثمانينات، لم يقل أحد في (إسرائيل) شيئًا عن وجود خطر إيراني، لم يتفوه أحدٌ حتى بهذه الكلمة”، ففي ذروة الحماسة الأيديولوجية في إيران، كانت تخشى (إسرائيل) انتصارًا عراقيًّا، واستبعادها وجود خطر أيديولوجي إيراني، والجهود التي بذلتها (إسرائيل) لاستعادة إيران في إطار المبدأ المحيطي، مهَّد الطريق أمام قيام (إسرائيل) بتسليح إيران، والسعي إلى خفض التوترات بين واشنطن وطهران، والحرب أثبتت صحة اعتماد (إسرائيل) على المبدأ المحيطي، واستمر عددٌ كبيرٌ من قيادات (إسرائيل) بالاعتقاد بأن إيران حليف طبيعي (لإسرائيل)، كان وقف صدام الهدف الأكبر أهمية، و”إذا كان يعني ذلك تلبية طلبات الأسلحة الذي يريد شرائها الإيرانيون كسببٍ لمنع حدوث انتصار عراقي ليكن ذلك” ديفيد كيمشي المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية.

ويواصل الكتاب بعد مرور ثلاثة أيام على دخول القوات العراقية الأرضي الإيرانية، قطع موشى ديان زيارة خاصة إلى فيينا، وعقد مؤتمر صحفي طالب فيه الولايات المتحدة بمساعدة إيران”، بعد ذلك بيومين صرح نائب وزير الدفاع الإسرائيلي مورداخاي زيبوري لصحيفة معاريف بأن إسرائيل ستقدم مساعدات عسكرية لإيران.

وفي تلك الأيام نقلت صحيفة صنداي تلغراف البريطانية قالت بأن الجيش الإسرائيلي استعان بصور فتوغرافية وخرائط إيرانية لتنفيذ الهجوم على المفاعل النووي العراقي”، وبعد شهر من قصف المفاعل النووي العراقي تحطمت طائرة أرجنتينية كانت تنقل أسلحة إسرائيلية متوجهة إلى إيران بالقرب من الحدود السوفيتية التركية.

وبحسب مركز بافي للدراسات الإستراتيجية في جامعة تل أبيب؛ فإن (إسرائيل) باعت إيران أسلحة بقيمة 500 مليون دولار في الفترة مابين عام 1980-1983، وتم سداد المبلغ من خلال تسليم شحنات من النفط الإيراني إلى (إسرائيل).

وفي مايو 1982 اعترف “وزير الدفاع الإسرائيلي” أرئيل شارون خلال حديث صحفي لمحطة (ان بي سي) بأن (إسرائيل) زودت إيران بالأسلحة؛ لأنها اعتبرت أن صدام خطر على عملية السلام في الشرق الأوسط” في حينها، قال العراقيون: إن إيران تخوض حربًا إسرائيلية.

الصفقة الكبرى:

مع بداية هذه الألفية واحتلال العراق من قبل الولايات المتحدة وقوات دولية أصبحت إيران تبحث عن فرصة للتوغل أكثر في تحقيق أطماعها من خلال استغلال حالة الضعف والتفرقة التي يمر بها العالم الإسلامي والأمة العربية، وطرحت صفقة على الولايات المتحدة تمهد لمرحلة جديدة في العلاقات بين الطرفين.

حيث تم إرسال العرض الإيراني أو الوثيقة السريّة إلى واشنطن، وجاء في عرض الاقتراح الإيراني السري مجموعة مثيرة من التنازلات السياسية التي ستقوم بها إيران في حال تمّت الموافقة على “الصفقة الكبرى”، وهو يتناول عددًا من المواضيع، منها: برنامجها النووي سياستها تجاه (إسرائيل)، ومحاربة القاعدة، كما عرضت الوثيقة إنشاء ثلاث مجموعات عمل مشتركة أمريكية – إيرانية بالتوازي للتفاوض على “خارطة طريق” بخصوص ثلاث مواضيع: “أسلحة الدمار الشامل”، “الإرهاب والأمن الإقليمي”، “التعاون الاقتصادي”.

وَفْقًا للكاتب “تريتا بارسي” فإن هذه الورقة هي مجرد ملخص لعرض تفاوضي إيراني أكثر تفصيلًا كان قد علم به في العام 2003 عبر وسيط سويسري (تيم غولدمان) نقله إلى وزارة الخارجية الأمريكية بعد تلقّيه من السفارة السويسرية أواخر نيسان / أوائل أيار من العام 2003.

هذا وتضمنت الوثيقة السريّة الإيرانية لعام 2003 والتي مرّت بمراحل عديدة منذ 11 أيلول 2001.

المفاجأة الكبرى في هذا العرض كانت تتمثل باستعداد إيران تقديم اعترافها (بإسرائيل) كدولة شرعية، لقد سبّب ذلك إحراجًا كبيرًا لجماعة المحافظين الجدد والصقور الذين كانوا يناورون على مسألة “تدمير إيران لإسرائيل”، و”محوها عن الخريطة”.

وينقل “بارسي” في كتابه: أن الإدارة الأمريكية المتمثلة بنائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني ووزير الدفاع آنذاك دونالد رامسفيلد، كانا وراء تعطيل هذا الاقتراح ورفضه على اعتبار “أن الإدارة الأمريكية ترفض التحدّث إلى محور الشر”، بل إن هذه الإدارة قامت بتوبيخ الوسيط السويسري الذي قام بنقل الرسالة.

ويشير الكتاب أيضًا: إلى أن إيران حاولت مرات عديدة التقرب من الولايات المتحدة، لكن (إسرائيل) كانت تعطل هذه المساعي دومًا خوفًا مِن أن تكون هذه العلاقة على حسابها في المنطقة.

ومِن المفارقات الذي يذكرها الكاتب أيضًا: أن اللوبي الإسرائيلي في أمريكا كان من أوائل الذي نصحوا الإدارة الأمريكية في بداية الثمانينيات بأن لا تأخذ التصريحات والشعارات الإيرانية المرفوعة بعين الاعتبار؛ لأنها ظاهرة صوتية لا تأثير لها في السياسة الإيرانية، وكان العرض الإيراني مكونًا من النقاط التالية:

1- عرض إيران استخدام نفوذها في العراق لـ(تحقيق الأمن والاستقرار، إنشاء مؤسسات ديمقراطية، وحكومة غير دينية).

2- عرض إيران (شفافية كاملة) لتوفير الاطمئنان والتأكيد بأنها لا تطور أسلحة دمار شامل، والالتزام بما تطلبه الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل كامل ودون قيود.

3- عرض إيران إيقاف دعمها للمجموعات الفلسطينية المعارضة والضغط عليها لإيقاف عملياتها العنيفة ضد المدنيين الإسرائيليين داخل حدود (إسرائيل) العام 1967.

4- التزام إيران بتحويل حزب الله اللبناني إلى حزب سياسي منخرط بشكل كامل في الإطار اللبناني.

5- قبول إيران بإعلان المبادرة العربية التي طرحت في قمّة بيروت عام 2002، أو ما يسمى “طرح الدولتين”، والتي تنص على إقامة دولتين، والقبول بعلاقات طبيعية، وسلام مع (إسرائيل) مقابل انسحاب (إسرائيل) إلى ما بعد حدود 1967.

أما بخصوص التهديدات التي يطلقها الإيرانيون حول سحق (إسرائيل)، فإن بعض المحللين ربطها بلعبة تجارية تريد من ورائها إيران رفع أسعار النفط كونها من كبرى المصدرين للنفط والغاز في العالم، وكذلك فإن أي حرب مقبلة مع إيران محسومة سلفًا لصالح (إسرائيل)؛ ولذلك فإن القادة الإيرانيين يعلمون ذلك جيدًا كون (إسرائيل) تمتلك من 200 إلى 250 رأس نووي وصواريخ بالستية قادرة على الوصول إلى عمق إيران، وفي حال تعرضت لضربة، فإنها تمتلك غواصات ألمانية تستطيع إطلاق رؤوس نووية لن تتوانى في استخدامها في حال تعرضت للضرب من قبل إيران لذلك هي حسمت طبيعة العلاقة مع (إيران) من خلال معادلة القوة إن لم يكن بمعادلة المصالح في منطقة الشرق الأوسط(5).

الخلاصة:

لا شك أن هناك علاقة وطيدة بين الجانب الإسرائيلي والإيراني برعاية أمريكية، وأن التنسيق على أشده في المنطقة لتحقيق المكاسب الإيرانية الإسرائيلية، والضحك على عقول الشعوب بالحجة المزعومة من كلاهما: “محاربة إسرائيل”، والثانية “محاربة الإرهاب الإيراني”، وكلها مسميات تجري على لسان الطرفين، والحقيقي أنهما وجهان لعملة واحدة، وأن المتضرر الوحيد هي الدول العربية والإسلامية، وتاريخ الروافض يثبت لنا صحة الكلام المذكور، وأن تحالفاتهم دائمًا تكون مع اليهود الصهاينة لهدم الدولة الإسلامية، والتاريخ لا يكذب ولا يتغير.

1_الأندبندت

2_العين

3_ العين

4_ البيان

5_ إيلاف

التعليقات مغلقة.