fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

أبطال من ورق… حزب الله الحاضر الغائب في الحرب الفلسطينية!

110

أبطال من ورق… حزب الله الحاضر الغائب في الحرب الفلسطينية!

لا يكاد وقت يمر إلا ونجد حزب الله حريصًا على خلق حالة إعلامية خاصة له، ومحاولة تصدير نفسه على أنه حامي الحمى والديار، ويلقي الخطابات المنمقة، والشعارات الرنانة، والهتافات الجمالية البراقة التي تشعل الحماس وتثير العواطف، ومن الواضح أن حزب الله درس جيدًا الإعلام الترويجي والدعائي، ويظهر ذلك من خلال الخطابات المتكررة لقائد حزب الله حسن نصر الله، ولكن تبقى الحقيقة على أرض الواقع لا يمكن تغييرها أو تزييفها وظاهرة للباحثين عن الحقيقة وعن الأبطال الحقيقيين أصحاب المعارك والقضايا العادلة، كما هناك إثبات فعلي على بطولة حزب الله الورقية والكلامية؛ أنها لا تسمن ولا تغني من جوع، وبالمثل الشعبي الشائع في البلدان العربية: “المتغطي بهم عريان!”.

كانت هذه المقدمة لها أسبابها الخاصة والواضحة، وهي: أن منذ بداية الحرب الصهيونية على إخواننا في قطاع غزة لا يكاد ينفك يوم إلا ونجد فيه تحذيرًا من حزب الله لإسرائيل، وبعد هذا التحذير لا هم يدخلون المعركة ولا هم ينقطعون عن التصريحات الإعلامية، وفي كل صباح نسمع التحذيرات إلى أن تطور الأمر ووجدنا حزب الله يقصف برج الرادار الإسرائيلي الموجود على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، ولا نكاد نسمع إلا أن هناك عددًا من القتلى التابعين لتنظيم حزب الله كل يوم يقعون في المعركة التي لا نعرف مكانها وتوقيتها، فالسؤال هنا: أي تدخل لحزب الله؟! وأي استهداف لحزب الله؟! وأي دور لحزب الله؟! أم أن الضيف (حزب الله) على المعركة حاضر لكي يعلن عن قتلاه فقط ليستخدم ذلك في التزييف الإعلامي ورسم صورة خاصة لدى المتابع، أو لكي يلعب اليهود به كورقة أمام الغرب بأن جميع الجبهات مفتوحة علينا، وأنهم يحاربون جماعات مسلحة من كل الجوانب؛ هذه كلها تساؤلات مشروعة فهل يفيدنا حزب الله بإجابات شافية توضيحية؟!

الحقيقة الواضحة من وجهة نظري والتي لا يمكن تجاهلها ولا تغافلها: أن حزب الله كما اعتدنا عليه لا يقدم للأمة جديدًا، وأنه بطل من ورق! لا يكاد يختلف عن أبطال الكرتون الأطفالي، وليس هذا التقرير للحض على تدخله في المعركة، ولكن لتفنيد الحقائق والمواقف المزعومة من حزب الله، وأن ما يقوم به مجرد شو إعلامي لا يكاد يتخطى التغريدات والخطابات، ومحسوب على جبهات القتال فقط لا غير، وهذه هي الحقيقة، ولا ندعي ذلك، ولكن من خلال الأخبار المتتالية والواردة عن حرب حزب الله والكيان الصهيوني.

والمتابع له الحق في السؤال عن ما هو المقصود من إعلان الكيان المحتل عن خسائره مع حزب الله؟! وعدم إعلانه لخسائره من حماس؟! والمدقق يرى أن افتراضية الكيان أنه لا يعلن عن فضائحه وخسائره، فسوف نجد أن الفضائح كلها واحدة، ولكن نجد حقيقة تفرض نفسها أنها أجندة مدروسة، لها أبعادها ودلالاتها التي لا يمكن التغافل عنها.

كذلك رأينا العديد من الكتائب التابعة للمد الشيعي والإيراني في منطقة الشرق الأوسط تعلن النفير والاستعداد للدخول إلى الحرب الفلسطينية – الصهيونية، وعلى رأسهم: حزب الله، والحشد الشعبي بالعراق، والحوثيين باليمن؛ كل هذه الأذرع الإيرانية لم تستطع أن تغير من المعادلة القتالية على أرض الواقع أي تغيير يذكر، وبالتالي أين هم من التواجد الحقيقي على أرض الواقع، والموقف الوحيد الذي من الممكن أن يذكر هو خطف سفينة جلاكسي ليدر، والتهديدات الحوثية في البحر الأحمر وبحر العرب، وهذا ما يمكن ذكره، ولكن غير ذلك فنجد أننا أمام فقاعة إعلامية.

وفي خطاب ناري من مكان لم يكشف عنه، أشاد الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله بالحرب الموجودة على أرض فلسطين في غزة، واصفًا إياها باعتبارها: “نقطة تحول” في الصراع العربي الصهيوني، وقال أيضًا: إن “حزب الله سيكون مستعدًا لجميع السيناريوهات”، وأن أي تصعيد من قِبَل الجيش الإسرائيلي على الحدود سيكون”حماقة تاريخية” من شأنها أن تؤدي إلى رد فعل كبير(1).

المستمع لهذه الكلمات الرنانة والخطة المنمقة لحسن نصر الله يقول: أن الحزب سيدمر إسرائيل، ويسحق قواتها ويحرر الجولان ومزارع شبعا، ولكن على الرغم من كل هذه التصريحات القاسية، لم يكن نصر الله ينوي قرع طبول الحرب، وقال: إن “الهدف الأساسي لحزب الله هو تحقيق وقف إطلاق النار في غزة”، وإنه يتعين على الولايات المتحدة التي حملها المسؤولية المباشرة عن إراقة الدماء في القطاع الفلسطيني، تنفيذ وقف الأعمال العدائية.

التدخل البري في غزة سيقابل بدخول حزب الله في الحرب:

أفادت “القناة 13” الإسرائيلية، بأن مصر أبلغت إسرائيل بأن حزب الله اللبناني سيقتحم مستوطنات الشمال في حال قيام تل أبيب بعمل عسكري بري في قطاع غزة(2).

دلالة هذا التصريح والبيان:

أشار العميد خالد عكاشة: أن كتائب القسام من فرع لبنان تبنت العديد من العمليات التي ظهرت، وظهر ما يسمى قوات الفجر، وأعلنت أنها تابعة للجماعة الإسلامية في لبنان، وبقي حزب الله تدخله خجولًا ومحدودًا وليس مفتوحًا بشكل كبير، ولم يمثل ضغطًا كبيرًا على الجيش الإسرائيلي لكي يقوم بعملية تشتيت للجهد بشكل رئيسي، وكل تلك المعطيات تجعله يميل إلى حد كبير أن هناك سيناريو خاص لحسابات خاصة ودقيقة لها ارتباط بإيران، وحسابات طهران مع المجتمع الدولي والجانب الأمريكي(3).

وبالتالي نجد أنفسنا أمام آلة إعلامية ليس ورائها سوى الصياح والضجيج؛ خاصة أن كتائب القسام تبنت الكثير من العمليات الهجومية على الحدود اللبنانية، مثل: إطلاق العديد من الصواريخ، وقنص عدد من الجنود وتفجير بعض القواعد الإسرائيلية، وهو ما يوضح حقيقة الأمر؛ أن حزب الله لم يدخل المعركة وما يقوم به هو حفظ ماء الوجه، ولتحقيق مكاسب خاصة به غير معلن عنها، وبالتالي لا يغرنكم ما يقوم به السيد الأمين العام لحزب الله من تصريحات رنانه.

في السياق ذاته، يعتبر خالد حمادة، مدير المنتدى الإقليمي للاستشارات والدراسات الاستراتيجية، أنه على الرغم من وجود توتر على الجبهة الشمالية منذ اندلاع المواجهة؛ إلا أن الجبهة لم تشارك بما يتناسب مع حجم العنف الذي تمارسه إسرائيل في القطاع أو بما يمكن أن يشتت الجيش الإسرائيلي.

ويقول حمادة في حديثه: “ما يجري حاليًا على الجبهة الشمالية لا يشبه ما يحدث في غزة من معركة مفتوحة. أعتقد أن نتنياهو يتناغم مع ما يُسمى بقواعد اشتباك جديدة على الحدود مع لبنان”، أي: أن نتنياهو يحاول أن يصور ما يجري على أنه تهديد لأمن إسرائيل، إنما في الواقع “يتبادل إطلاق النار على الحدود مع خسائر محدودة من الجانبين”، وفق مدير المنتدى الإقليمي للاستشارات والدراسات الإستراتيجية(4).

الحاضر الغائب:

إن المتابع لموقف حزب الله يجد أنه الحاضر الغائب، وهو الذي حكم على نفسه بذلك، وليس المحللين أو المتابعين؛ لأن التصريحات النارية التي يطلقها الحزب في كل يوم لا تتماشى أبدًا مع الذي يجري على أرض الواقع؛ خاصة وأن الخطوط الحمراء التي أعلن عنها السيد الامين العام لحزب الله قد انتهكتها إسرائيل بالكامل، حين أعلن نصر الله أن سيدخل الحرب رسميًّا إذا:

1- تم استهداف الداخل اللبناني والمدنيين اللبنانيين.

2- إذا واصل الكيان الصهيوني عملياته في قطاع غزة وتدخل بريًّا.

وها هي إسرائيل تدخلت في غزة بريًّا وقصفت المستشفيات والمدنيين، وما زال الصاروخ الذي يضرب أبراج المراقبة الإسرائيلية كل يوم ينطلق من لبنان على إسرائيل ولا البرج ينكسر ولا الصاروخ ينفجر، كذلك نسمع التهديدات من الجانبين، ولعل المتابع يستخلص من هذه المشاهد التمثيلية خلاصة فكره، وهي:

أولًا: أن ما يحدث هو مسلسل تمثيلي من الطراز الأول لإعطاء الكيان الصهيوني الحق في الدعاية لنفسه في الغرب على أن المظلوم الأول والأخير، وأن المسلمين والعرب والكيانات الإرهابية يحاصرونه من كل جانب وما يقوم به من قصف وتدمير هو حق وجودي له، فهناك غزة من جهة ومن الأخرى حزب الله، ومن جهة أخرى سوريا، وبالتالي هو صاحب حق أصيل في الدفاع عن نفسه.

ثانيًا: أن ما يحدث هو محاولة لتبرير الموقف، وهو: أن حزب الله والكيانات الشيعية لا تريد التدخل في الحرب ولا تعنيها من الأساس، ولكن تحفظ ماء الوجه بهذه الرشقات الصاروخية، وحتى لا يعاتبها المتعاطفون وتستمر في إستمالة قلوبهم.

ثالثًا: أن ما يحدث هو ورقة ضغط على الولايات المتحدة الأمريكية لتمرير بعض الموافقات ورفع بعض العقوبات على الكيانات الشيعية، مقابل عدم الدخول في المعركة، وتحاول إثبات نفسها من حين لآخر.

رابعًا: إن ما يحدث هو محاول لمساعدة الكيان الصهيوني وقياداته لتهدئة الرأي العام بالداخل المحتل، وأن جميع الجبهات مشتعلة، وأن الحرب لا يمكن الاختلاف فيها، ولا بد علينا من التوحد لإطفاء نار الوحدة العربية التي تكالبت علينان.

خامسًا: أن ما يحدث محاولة لامتصاص غضب الشعوب للالتفاف حول المقاومة المزعومة والمتمثلة في حزب الله؛ لأنه الوحيد الذي يستطيع أن يتواصل مع الشعوب المتعاطفة في الخارج؛ لأنه غير محاصر كما هو الحال في حماس داخل قطاع غزة، وبالتالي يقوم بكبح غضب المتعاطفون ووعدهم بفتح جبهة قتالية، وهو في حقيقة الأمر لا يريد فتحها ولن يسمح بفتحها، ولكن بالاتفاق مع الكيان الصهيوني يعمل على امتصاص الغضب وعدم فتح جبهات جديدة؛ كل هذه السيناريوهات هي مجرد أفكار داخلية، يثيرها الموقف الحقيقي لحزب الله، وربما تكون حقيقية، وربما تكون غير ذلك، ولكن لا تحاسب من يتبنى هذه الأفكار، ولكن حاسب من عشمه بغير ذلك، ولم يجد فيه ذلك!

في النهاية يبقى الواقع الأليم والمر، وهو: أن إخواننا في غزة يمرون بضائقة تعصف بجميعهم، ولا يشعر بمعاناتهم إلا من يعرف معنى الإيمان والتوحيد والإسلام والضمير، وبالتالي لابد أن تكون المواقف على قدر من الأحداث، وفي موقف فلسطين: إن لم نستطع تقديم يد العون لهم، فيجب علينا ولا بد أن نتوجه إلى الله ونقر بالتقصير، ونطلب منه أن يرفع الظلم وأن يحرر إخواننا في هذا القطر العظيم، وهذه القضية لا بد أن تكون معلنة، فعلى الرغم من أن الباحث والصحفي لا بد أن يكون منصفًا، ولا يميل بقلمه إلى أي طرف؛ إلا أن الواجب يحتم بأن يكون العدل والإنصاف هو نصرة المستضعفين في غزة، وهذا شرف القضية.

المصادر:

1_ النشرة

2_ مصراوي

3_ العربي

4_ الحرة

5_ الإندبندت

التعليقات مغلقة.