fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

صفعة ترامبية جديدة

847

صفعة ترامبية جديدة

تنزيل البحث PDF

فستظل “القدس” عاصمة دولة إسرائيل، وينبغي أن تظل مدينة غير مقسمة..!

تلك كلمات لم تكمل سطرًا مِن بنود صفقة القرن، وهي كفيلة أن تعبِّر عن مضمونها. فما مضمون هذه الصفقة؟ وما تداعياتها؟ وكيف استقبلها العالم؟

من خلال هذه الورقة، نحاول الإجابة على هذه الأسئلة مع الوقوف قليلًا وقراءة تاريخية سريعة عن أهم مراحل القرارات الدولية والاتفاقات ذات الصلة، والتي حاولت أن تجد حلًّا للصراع الوجودي بين الكيان الصهيوني والأرض العربية المحتلة (فلسطين)، ونرجع قليلًا ونضع أمام قارئنا أول طرح لفكرة التقسيم منذ 1947م، ومع اختلاف الزمنين لم يصبح اليوم كالبارحة!

الصفقة:

تقع خطة ترامب (صفقة القرن) في 181 صفحة، ونشرها البيت الأبيض على موقعه بعنوان: “السلام على طريق الازدهار”.

فبعد مشاورات استمرت نحو 3 أعوام، طرح الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” خطته للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل مساء الثلاثاء: 28 / 1 / 2020م.

وجدير بالذكر أن:

“صفقة القرن” أُعدت بعيدًا عن دوائر صنع القرار السياسي الأمريكية المعتادة؛ فمعدو الصفقة ثلاثة أشخاص، أهمهم: زوج ابنته ومستشاره جاريد كوشينر، مع الثنائي: ديفيد فريدمان سفير الولايات المتحدة في إسرائيل، وجيسون جرينبيلات المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط؛ مما أسهم في إضفاء طابع السرية على الصياغة النهائية حتى الإعلان الأمريكي.

وأهم ما جاء بها:

  • 1- الولايات المتحدة ستدعم إقامة دولة فلسطينية، لكن بشروط: الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، ورفض الإرهاب (في إشارة لأعمال المقاومة) بجميع أشكاله، والموافقة على «الترتيبات التي تُلبي الاحتياجات الأمنية الحيوية لإسرائيل والمنطقة»، وبناء مؤسسات فعَّالة، واختيار حلول عملية.
  • 2- أي حكومة فلسطينية ستتفاوض مع إسرائيل يجب ألا تضم أعضاءً مِن حركتي: حماس أو الجهاد الإسلامي، أو غيرهما، ما لم تكن تلك الحكومة الفلسطينية (بما في ذلك أعضاؤها من حماس) تلتزم بشكلٍ لا لبس فيه، وصراحة باللا عنف، وتعترف بدولة إسرائيل، وترضى عنها إسرائيل تمامًا.
  • 3- المستوطنات الإسرائيلية داخل أراضي السلطة الفلسطينية، ستبقى في مكانها وستدمج في الأراضي الإسرائيلية المتجاورة، والمستوطنات الصغيرة الموجودة في عمق الأراضي المحتلة سوف تظل جزءًا من دولة إسرائيل، وستظل مرتبطة بها من خلال نظام نقل فعال، تحت حماية إسرائيل.
  • 4- ستحتفظ دولة إسرائيل بالسيادة على المياه الإقليمية التي تعتبر حيوية لأمن إسرائيل، والتي توفِّر الاستقرار في المنطقة.
  • 5- سيتم ربط أوصال الدولة الفلسطينية المقترحة مع بعضها البعض، ومع المملكة الأردنية الهاشمية بمجموعة من الطرق والأنفاق والجسور.
  • 6- سيتم إنشاء صندوق دولي لتطوير المناطق المخصصة لدولة فلسطين، وتحسين البنية التحتية والتدابير الأمنية المنصوص عليها في اتفاق السلام الإسرائيلي الفلسطيني، بما في ذلك مرافق الموانئ والطرق، والأنفاق، والأسوار، والجسور، والسكك الحديدية، والمعابر الحدودية، وما شابه ذلك.
  • 7- القدس غير المقسمة ستكون عاصمة لدولة إسرائيل، ويمكن لدولة فلسطين إنشاء عاصمة في القدس الشرقية في كفر عقب أو شعفاط أو أبو ديس، ويمكن تسميتها: “القدس”، أو أي اسم آخر على النحو الذي تريده دولة فلسطين، مع ضمان حرية العبادة للأديان الثلاثة في القدس.
  • 8- ستشرف إسرائيل بشكل كامل على المعابر الدولية لحدود الدولة الفلسطينية المستقبلية، والتنسيق على معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة سيكون بين الدولة المصرية ودولة إسرائيل.
  • 9- سيكون الحق في إنشاء جزيرة صناعية تكون ميناءً لقطاع غزة ومطارًا يستقبل الطائرات الصغيرة فقط، بعد توقيع الاتفاقية بخمس سنوات بشرط موافقة إسرائيل والأخذ باشتراطاتها الأمنية.  
  • 10- بالنسبة للاجئين الفلسطينيين: سيتم إعادة 50 ألف لاجئ بحدٍّ أقصى، وعلى فترة تمتد لـ 10 سنوات، بمعدل 5 آلاف لاجئ كل عام.
  • 11- سيتم توزيع 50 مليار دولار من القروض والمنح والاستثمارات على الدولة الفلسطينية المستقبلية، وعددٍ مِن الدول في المنطقة على النحو التالي:

– 27. 8 مليار دولار للضفة وغزة.

– 9. 1 مليار دولار لمصر.

– 7. 3 مليار دولار للأردن.

– 6. 3 مليار دولار للبنان.

12- تنص خطة ترامب على ضرورة تعويض «اللاجئين اليهود” عن ممتلكاتهم في بلدانهم العربية والإسلامية التي طُردوا منها، وتعويض دولة إسرائيل ماليًا بسبب استقبالها هؤلاء اللاجئين اليهود الذين تساوي أعدادهم اللاجئين الفلسطينيين.

13- تقول الولايات المتحدة: إن خطتها تضمن للفلسطينيين إذا وافقوا عليها: نمو اقتصادي تاريخي، وتضاعف الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني خلال 10 سنوات، وخلق أكثر من مليون فرصة عمل جديدة، وتقليل معدل البطالة إلى أقل من 10%، وخفض معدل الفقر بنسبة 50%.

وتعهدت إسرائيل بالحدِّ من النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية لمدة أربع سنوات، وهي الفترة الممنوحة للجانب الفلسطيني كي يقر الدخول في مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي لتطبيق الخطة.

لكن وحتى قبل أن تطأ قدم نتنياهو أرض إسرائيل عائدًا من واشنطن، أعلن أنه سيقدم اقتراحًا إلى الكنيست الإسرائيلي لضم منطقة وادي الأردن الإستراتيجية ومستوطنات الضفة الغربية إلى دولة إسرائيل من جانبٍ واحدٍ.

وستكون للدولة الفلسطينية التي ستُقام بموجب الخطة عاصمة تحمل اسم: “القدس” في أي مكان آخر، لكن لا علاقة له بمدينة القدس التي ستبقى موحدة وتحت السيادة الإسرائيلية، وعاصمة لها! وستضم العاصمة الفلسطينية بعض الضواحي النائية من القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل عام 1967م.

أما فيما يتعلق بالحرم الشريف في القدس؛ فسيبقى الوضع كما هو، وستواصل إسرائيل حماية الأماكن المقدسة في القدس، وضمان حرية العبادة للمسلمين والمسيحيين واليهود والديانات الأخرى.

ويحتفظ الأردن بموجب الخطة بمسئولياته على المسجد الأقصى في القدس.

ولن يسمح للدولة الفلسطينية بإنشاء أو تشغيل ميناء في غزة في المرحلة الأولى، وبدلًا من ذلك ستوفِّر إسرائيل عبر مينائي: “حيفا وأشدود” المنشآت الضرورية لاستيراد وتصدير السلع والمواد لصالح الدولة الفلسطينية خلال السنوات الخمس الأولى، وبعدها يمكن للدولة الفلسطينية إقامة مرفأ في غزة بعد الوفاء بالمتطلبات الأمنية لدولة إسرائيل، وسيتم ربط قطاع غزة بالضفة الغربية عبر نفق.

وتتحدث الصفقة لأول مرة عن موضوع: “اللاجئين اليهود”، ويُقصد به: اليهود الذين كانوا يعيشون في الدول العربية قبل إقامة دولة إسرائيل عام 1948م، وهجرة عدد كبير منهم إلى إسرائيل أو غيرها من الدول.

وتقول الوثيقة: إن الصراع العربي الإسرائيلي خلق عددًا متساويًا تقريبًا من اللاجئين الفلسطينيين واليهود، وتؤكد أن اليهود الذين فروا من الدول العربية عانوا مثل أقرانهم الفلسطينيين.

وتؤكد الوثيقة على رفض أي عودة للاجئين الفلسطينيين إلى إسرائيل وإسقاط أي مطالب مستقبلية بالتعويض، وكل لاجئ فلسطيني لا يتمتع بحقوق المواطنة في أي بلد أمامه ثلاث خيارات: العودة إلى الدولة الفلسطينية الجديدة، وتبعًا لقدرات الدولة أو منحه حق الاستقرار في البلد الذي يقيم فيه، وبناءً على موافقة البلد أو إدراجه ضمن برنامج توزيع اللاجئين الفلسطينيين على الدول الراغبة الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي بحيث تقبل كل دولة استيعاب خمسة آلاف لاجئ سنويًّا، وعلى مدار عشرة أعوام.

لماذا سُميت بصفقة القرن؟ ولماذا الآن؟

منذ 2017م عندمًا أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مصطلح: “صفقة القرن” -أو قضية القرن-، كان المقصود التوصل إلى تسوية للصراع العربي مع كيان الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين؛ باعتبار احتلال فلسطين (قضية القرن)، وأن الصفقة إذا ما تمت تستحق أن تُعدَّ (صفقة القرن)، وقد مرَّ قرن (100 عام) وعام، على الاتفاقية السرية التي وقعتها القوتان الاستعماريتان الرئيسيتان للمنطقة العربية حينها: بريطانيا وفرنسا، والتي تم بموجبها تقاسُم تركة الدولة العثمانية بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى، وعرفت لاحقًا باسم اتفاقية (سايكس – بيكو) في العام 1916، والتي كان احتلال فلسطين هدفها المركزي بعد إنهاء الخلافة العثمانية وتقسيم المنطقة العربية إلى كنتونات سياسية.

وكذلك مرت مائة عام بالضبط على الرسالة التي بعثها وزير الخارجية البريطانية آرثر بلفور عام 1917م، إلى اللورد روتشيلد، أحد زعماء الحركة الصهيونية، التي عُرفت فيما بعد باسم: “وعد بلفور”، والتي تعد أول خطوة يتخذها الغرب لإقامة كيان لليهود على أرض فلسطين، وقد قطعت فيها الحكومة البريطانية تعهدًا بإقامة دولة لليهود في فلسطين.

قضية القرن وصفقة القرن سبق تداولها من قبل خلال المفاوضات في عهد رئيس وزراء كيان الاحتلال الإسرائيلي: إيهود أولمرت، ورئيس السلطة الفلسطينية: محمود عباس، لكنها لم تلقَ الصدى الذي تلقاه في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومردُّ ذلك إلى شخصية الرئيس الأمريكي، وخلفيته التجارية، وخطابه الشعبوي، والظروف التي تمر بها المنطقة العربية الآن.

لماذا إحياء الخطة الآن؟

العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في أوجها؛ إذ إن ترامب ونتنياهو من أقرب الحلفاء.

كما يواجِه الرجلان مشاكل داخلية؛ فترامب يواجه محاكمة في مجلس الشيوخ في إطار مساءلة يمكن أن تؤدي إلى عزله، بينما وُجهت إلى نتنياهو تهم فساد في نوفمبر الماضي. وينفي الاثنان ارتكاب أي مخالفات.

يضاف إلى ذلك: الانتخابات المقبلة؛ فكل مِن ترامب ونتنياهو لديهما جولة من الانتخابات، فنتنياهو في مارس المقبل، وترامب في نوفمبر المقبل، وفشل نتنياهو مرتين في الحصول على أغلبية في الكنيست بعد جولتي انتخابات العام الماضي.

كما لفت مراقبون إلى أن ترامب أرجأ مرارًا طرح خطته لتجنب إثارة مشاكل انتخابية لنتنياهو؛ لأن أي تنازلات بشأن المستوطنات أو الدولة الفلسطينية ستسبب له مشكلات بين قاعدته الانتخابية اليمينية.

توالت ردود الأفعال العربية والفلسطينية حول إعلان الصفقة:

– دعت القاهرة الفلسطينيين والإسرائيليين إلى دراسة الرؤية الأمريكية للسلام، وفتح قنوات الحوار لاستئناف المفاوضات برعاية أمريكية.

وقال بيان صحفي للخارجية المصرية: تقدّر جمهورية مصر العربية الجهود المتواصِلة التي تبذلها الإدارة الأمريكية من أجل التوصُل إلى سلام شامل وعادل للقضية الفلسطينية، بما يُسهم في دعم الاستقرار والأمن بالشرق الأوسط، وينهي الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.

هذا، وترى مصر: أهمية النظر لمبادرة الإدارة الأمريكية من منطلق أهمية التوصل لتسوية القضية الفلسطينية بما يعيد للشعب الفلسطيني كامل حقوقه المشروعة من خلال إقامة دولته المستقلة ذات السيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفقًا للشرعية الدولية ومقرراتها.

ومِن ثَمَّ؛ تدعو مصر الطرفيّن المعنييّن بالدراسة المتأنية للرؤية الأمريكية؛ لتحقيق السلام، والوقوف على كافة أبعادها، وفتح قنوات الحوار لاستئناف المفاوضات برعاية أمريكية، لطرح رؤية الطرفيّن الفلسطيني والإسرائيلي إزاءها، من أجل التوصل إلى اتفاق يلبي تطلعات وآمال الشعبيّن في تحقيق السلام الشامل والعادل فيما بينهما، ويؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

– وحذّرت الأردن من التبعات الخطيرة لأي إجراءات أحادية للاحتلال تستهدف فرض حقائق جديدة على الأرض، مثل: ضم الأراضي، وتوسعة المستوطنات، وانتهاك المقدسات، مؤكدةً أنّ مبادئها ومواقفها الثابتة إزاء القضية الفلسطينية والمصالح الوطنية الأردنية العليا، هي التي تحكم تعاملها مع كل المبادرات والطروحات المستهدفة حلها.

وقال تصريحٌ لوزير خارجية الأردن: إنّ حل الدولتين الذي يلبي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، خاصة حقه في الحرية والدولة على خطوط 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية لتعيش بأمن وسلام إلى جانب “إسرائيل”، وفق زعمه.

وأضاف: “القضية الفلسطينية كانت وستبقى القضية العربية المركزية الأولى، وأن الأردن سينسق مع الأشقاء في فلسطين والدول العربية الأخرى للتعامل مع المرحلة المقبلة في إطار الإجماع العربي”.

– وأكد سفير الإمارات لدى واشنطن، يوسف العتيبة: “أن الإمارات تقدر الجهود الأميركية المستمرة للتوصل إلى اتفاق سلام حقيقي بين الفلسطينيين وإسرائيل، وأن خطة السلام التي أعلنت اليوم توفر نقطة بداية مهمة للعودة إلى المفاوضات في إطار دولي تقوده أميركا”، معتبرًا: “أن الخطة تشكِّل مبادرة جادة لمعالجة الكثير من القضايا العالقة”.

– وشدد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود للرئيس عباس، على أن موقف المملكة لن يتغير من القضية الفلسطينية حفاظًا على حقوق الشعب الفلسطيني.

وقال: “قضيتكم هي قضيتنا وقضية العرب والمسلمين، ونحن معكم”، ودعا إلى وجوب تحقيق السلام الشامل والعادل على اعتبار أن السلام خيار إستراتيجي، بما يؤدي إلى حلٍّ نهائي يحقق الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني”.

– وقال الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي: “إن خارطة صفقة ترامب تكريس لنظام الأبرتهايد العنصري، وتعزل الفلسطينيين في جيتوهات.

– وعقَّب قيادات في حركة حماس على إعلان صفقة ترامب رسميًّا، خلال مؤتمر صحفي بالعاصمة الأمريكية واشنطن.

وقال الناطق باسم الحركة فوزي برهوم: “هذا هو الإعلان عن برنامج وخطة ثنائي محور الشر الأمريكي الإسرائيلي في المنطقة؛ وجهته تصفية القضية الفلسطينية، وتثبيت أركان الدولة اليهودية العنصرية المتطرفة، وتسويق الوهم للشعب الفلسطيني”.

وأضاف برهوم: “الإعلان سيكون مدعاة لتفجير الصراع مع الاحتلال، ولن يكون مصدرًا للأمن والسلام في المنطقة“.

وتابع: “مِن العار حضور وزراء خارجية لبعض الدول العربية والأوروبية لإعلان تصفية القضية الفلسطينية، ومنح غطاء للعدوان الأمريكي الإسرائيلي المزدوج على فلسطين“.

ولفت إلى أن: “هذا يتطلب الإسراع في وضع خطة المواجهة الوطنية الجامعة لهذه الصفقة، والتي ترتكز على تصعيد الفعل الكفاحي والمقاوم، وبكافة الأشكال والأساليب، وتحشيد كل الطاقات لأبناء الأمة وأنصار الشعب الفلسطيني ومحبيه؛ لتشكيل أوسع حالة إسناد لشعبنا ولقضيته العادلة في مواجهة الصفقة، واسترداد حقوقنا المسلوبة“.

ومن جهته، قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق: “صفقة ترامب هي خطة نتنياهو في فلسطين، عبر استعراض انتخابي، وهروب مشترك من محاكمة لعزل ترامب، ومحاكمة نتنياهو”.

وأضاف أبو مرزوق: “نرفض الصفقة وسنقاومها وسنفشلها، ولن يكتب لها النجاح، ووعوده للفلسطينيين فارغة لا معنى لها، المطلوب وحدة وطنية جامعة، إستراتيجية وطنية واحدة، العمل نحو موقف عربي وإسلامي مؤيد”.

فيما قال القيادي في حماس سامي أبو زهري: “إن صفقة القرن لا تساوي الحبر الذي كُتبت به، وستسقط أمام وحدة الموقف الفلسطيني”.

وأضاف أبو زهري: “سياسة العصا والجزرة التي يمارسها ترامب لن تنطلي على الفلسطينيين، وستبقى القدس والأقصى لنا، وسيذهب ترامب لمزابل التاريخ”.

– وقال داود شهاب، القيادي في حركة الجهاد الإسلامي: “إن خطاب رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، اللذين أعلنا خلالهما اليوم عن تفاصيل مؤامرة القرن، مملوءان بالأحقاد، واستدعاء الأساطير لرمي المنطقة في أتون العنف.

ووصف شهاب في تصريح صحفي مَن حضروا الخطاب في البيت الأبيض بأنهم مجرمون، ودميون صهاينة وأنجليكان؛ أياديهم ملطخة بدم الأبرياء، جاءوا لاستعراض القوة الاستعمارية لينكشف زيف حديثهم عن السلام والعدل”.  

وأكد أن: “السفراء العرب الذين حضروا الاجتماع يمثِّلون منتهى التآمر ومنتهى خيانة الشعب الفلسطيني والأمة… مشيرًا إلى أن الموقف الفلسطيني الرافض لهذا الشر سيُترجم بالحرص على تعزيز الوحدة والمشاركة مع الكلّ الوطني في مواجهة الصفقة وتفعيل المقاومة بكل أشكالها”.

⁃ وعبَّرت نقابة الصحفيين الفلسطينيين عن رفضها المطلق لما يسمَّى: (صفقة ترامب) التي أعلنها عتاة الاستعمار والاحتلال في العالم: دونالد ترامب، وبنيامين نتنياهو، خلال مسرحية سمجة في البيت الأبيض مساء اليوم، تضمنت أحلامًا استعمارية توسعية ذات أبعاد عنصرية تشكل كسرًا للقوانين والثوابت الدولية، وتعديًا بمرتبة جريمة بحق الشعب الفلسطيني، وحقوقه التاريخية والوطنية.

وعبرت النقابة عن تأييدها لموقف الإجماع الوطني الفلسطيني المدين والرافض قطعيًّا لهذه (الصفقة)، وتجند نفسها ومنتسبيها لتبيان مخاطر ورفض هذه الخطط الاستعمارية التصفوية، وتظهير الموقف والحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف في العودة، وتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس.

وثمنت موقف الاتحاد العام للصحفيين العرب الرافض للصفقة الجريمة، فإنها تدعو كافة النقابات والجمعيات والاتحادات الصحفية العربية والدولية، ووسائل الإعلام إلى التركيز والتأكيد على الحق العربي والفلسطيني في السيادة على الأراضي الفلسطينية، ورفض احتلال أي جزءٍ منها، وفي القلب القدس العاصمة، وإلى تعرية هذه الشراكة المتجددة لأمريكا والدول الاستعمارية الأخرى في تأييد وتأبيد الاحتلال وسياساته العنصرية والتوسعية.

كما تدعوها إلى إدانة المشاركين العرب في المسرحية السمجة، وكشف وتعرية كل موقف شريك ومنافق لهذه الصفقة الجريمة، وإلى مقاطعة كل دعوة ونشاط أمريكي، ومقاطعة الاحتلال الإسرائيلي ورموزه وأنشطته.

– ووصفت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الخطة التي كشف عنها الرئيس ترامب في مؤتمره الصحفي بأنها: “حفلة مناقصة وقحة وذميمة، ومكشوفة ومفضوحة على حساب الشعب الفلسطيني وقضيته وحقوقه الوطنية، رغم محاولة ترامب اللجوء إلى عبارات التمويه للتغطية على حقيقة ما تتضمنه صفقته من خطوات لا تستجيب للحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني!”.

وأضافت الجبهة: “إن حديث ترامب عن الدولة الفلسطينية لم يستطيع أن يموه عن الحقيقة في أنها دولة ذات حدود، مؤقتة بحكم إداري ذاتي تحت الهيمنة الإسرائيلية الكاملة، عارية من كل علاقات السيادة والاستقلال، يتطلب الوصول إليها بالشروط الإسرائيلية والأميركية، مفاوضات حددها أربع سنوات، مع حرية الاحتلال في ضم المستوطنات وغور الأردن، وبناء الوقائع الميدانية التي ستجعل من المفاوضات الجديدة مع هدر للوقت على حساب الشعب الفلسطيني”.

وقالت الجبهة: “لقد كان ترامب واضحًا حين تجاهل أي ذكر لفلسطين، ووصف أرضنا ووطننا كله بأنه إسرائيل، بما في ذلك بيت لحم حيث التقى الرئيس محمود عباس.

كما كان ترامب فخورًا بما ألحق بالشعب الفلسطيني وقضيته مِن أذى وأضرار حين تباهى بالاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده إليها، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان؛ ما يعني أن كل عبارات المجاملة للفلسطينيين كما وردت في خطابه ما كانت إلا قنابل دخانية وذرًّا للرماد في العيون، أرادت أن تقدم إسرائيل دولة الاحتلال والإجرام والقتل ضحية لما وصفه ترامب بالإرهاب الفلسطيني!”.

وأضافت الجبهة: “إن ما حاول ترامب أن يموه عليه في خطابه المفضوح كشف عنه بكل عنجهية رئيس حكومة الاحتلال حين وصف يوم 28/1/2020م بأنه يوم الولادة الثانية لإسرائيل بعد ولادتها الأولى في 14/5/1948م، وحين كشف عن مضمون الصفقة بنقاطٍ محددةٍ، مع النقاط التي كان نتنياهو قد أعلن عنها فور فوزه في رئاسة الليكود، وهي:

  • 1- القدس عاصمة موحدة لإسرائيل.
  • 2- الحدود الشرقية لفلسطين بيد الاحتلال.
  • 3- لا عودة للاجئين.
  • 4- السيطرة الكاملة لإسرائيل على المنطقة الممتدة بين النهر والبحر (أي كامل الوطن الفلسطيني).
  • 5- ضم غور الأردن، ومناطق واسعة من الضفة والمستوطنات لدولة الاحتلال.
  • 6- إسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي.

وقالت الجبهة مؤكِّدة: “إن ما طرح اليوم في البيت الأبيض يشكِّل دعوة صريحة لإسقاط البرنامج الوطني الفلسطيني لصالح إسرائيل الكبرى وتسيدها على منطقة الشرق الأوسط، وعلى حساب الحقوق المشروعة لشعب فلسطين، الأمر الذي يتطلب ردًّا فلسطينيًّا عمليًّا على مستوى التحدي الذي شكله إعلان ترامب، بما في ذلك وضع الأسس لصفحة جديدة من العلاقة مع الولايات المتحدة فيها وقف التنسيق الأمني مع وكالة المخابرات، وصفحة جديدة مع دولة الاحتلال بسحب الاعتراف فورًا بإسرائيل، ووقف التنسيق الأمني معها، ومقاطعة اقتصادها وتوسيع الاشتباك مع دولة الاحتلال في الميدان، عبر المقاومة الشعبية، وفي المحافل الدولية، بعد ما كرر التحالف الأميركي الإسرائيلي للمرة الألف رفضه الحقوق المشروعة لشعبنا الفلسطيني، وإصراره على ابتلاع الأراضي الفلسطينية ودحر المشروع الوطني الفلسطيني تحت أقدام دولة الاحتلال الكبرى!”.

– وقال الأمين العام للجامعة، أحمد أبو الغيط في بيان: “إن محاولة فرض حلول (للقضية الفلسطينية) بهذه الطريقة لن يُكتب لها النجاح”.

ردود دولية:

أكَّد الاتحاد الأوروبي مجددًا التزامه “الثابت” بـ”حل الدولتين عن طريق التفاوض القابل للتطبيق”، وقال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في بيان: “إن الاتحاد سيدرس ويجري تقييمًا للمقترحات المقدمة”، داعيًا إلى: “إعادة إحياء الجهود اللازمة بشكل عاجل” بهدف تحقيق هذا الحل التفاوضي.

وشدد البيان على: “ضرورة مراعاة التطلعات المشروعة لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين، مع احترام قرارات الأمم المتحدة كافة والاتفاقيات الدولية ذات الصلة”.

اقتراح جدي:

– أما وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، فاعتبر أن الخطة هي “اقتراح جدي”، وأكد في بيان: “أن اتفاقًا للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين يؤدي إلى تعايش سلمي، يمكن أن يفتح آفاق المنطقة برمّتها، وأن يمنح الجانبين فرصة لمستقبل أفضل”، ورأى أن الخطة التي أعلنها الرئيس الأميركي تطلّبت “الكثير من الوقت والجهد”.

وأضاف: “نشجعهم على دراسة الخطة بطريقة صادقة ومنصفة، وبحث ما إذا يمكن أن تشكل خطوة أولى للعودة إلى مسار التفاوض”.

– في حين دعت روسيا الإسرائيليين والفلسطينيين إلى الشروع في “مفاوضات مباشرة” لإيجاد “تسوية مقبولة للطرفين”، وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أنه: “يجب الشروع بمفاوضات مباشرة للتوصل إلى تسوية مقبولة للطرفين. لا نعرف ما إذا كان المقترح الأميركي مقبولًا للطرفين أو لا؟ علينا أن ننتظر ردود فعل الأطراف المعنية”.

– بدوره، قال متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة في بيان: “إن الأمين العام أنطونيو غوتيريش يتعهد بمساعدة إسرائيل والفلسطينيين على التوصل إلى سلام قائم على قرارات المنظمة الدولية والقانون الدولي، والاتفاقات الثنائية، ورؤية الدولتين بناءً على حدود ما قبل 1967م”.

– وعن الخيارات المُتبقية أمام الفلسطينيين، اعتبرت ميشيل دن الخبيرة في مركز “كارنيغي للسلام الدولي” أنه ومع “عدم وجود شيء يدل على أنّ هذه الخطة يمكن أن تؤدي إلى مفاوضات، فإن الفلسطينيين بقدر ما هم ضعفاء، يمكنهم دائمًا أن يقولوا كلا”، محذرة في الوقت نفسه من أن خطة السلام الأميركية “تهدد بتسريع انتقال الفلسطينيين من النضال في سبيل دولة مستقلة إلى نزاعٍ من أجل الحقوق على غرار ما كان يحدث في جنوب أفريقيا خلال نظام الفصل العنصري”.

– من جهته: ذكر الدبلوماسي الأميركي السابق ريتشارد هاس من أنه “للوهلة الأولى، سيكون مغريًا للفلسطينيين رفض هذه الخطة، لكن عليهم مقاومة هذا الإغراء، وقبول مبدأ المفاوضات المباشرة دفاعًا عن قضيتهم”، معتبرًا أن: “الرفض الكامل يمكن أن يقوّض آخر الآمال المُعلّقة على حل الدولتين، مهما كانت متواضعة”، معتبرًا أن الخطة “تتضمّن على المستوى التكتيكي بعض الأفكار الجيدة”.

وحسب الخطة التي هنّدسها جاريد كوشنر مستشار ترمب وصهره، فإن نتنياهو أكّد استعداده للاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقبلية، وتجميد أي توسّع استيطاني مدة أربع سنوات، فيما وعد الرئيس الأميركي بأن تكون عاصمتها في “أجزاء من القدس الشرقية”، وأن تكون أراضيها مُتصلة بفضل شبكة نقل “حديثة وفعّالة”، بما في ذلك قطار فائق السرعة يربط بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

إلا أن مساحة الدولة الفلسطينية الموعودة هي أصغر بكثيرٍ من مساحة الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967م، التي يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم عليها، في حين يتمسّك الفلسطينيون بالقدس الشرقية بأسرها عاصمة لهم، كذلك فإنّ الدولة الفلسطينية الموعودة يجب أن تكون، بموجب الرؤية الأميركية، منزوعة السلاح، وهي لن ترى النور إلا بعد أن يعترف الفلسطينيون بيهودية الدولة الإسرائيلية، والدولة المنزوعة السلاح تعني تخلّي حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة عن أسلحتها، وهو شرطٌ يصعب تحقيقه في ظل سيطرة الحركة على القطاع.

وأخيرًا:

إعلان الصفقة لا يعني تطبيقها وفرضها بالقوة، فلا قوة تستطيع إجبار الفلسطينيين علي التنازل عن حقوقهم وحلمهم الوطني وعاصمتهم، وتاريخ أجدادهم، ولا أي طرف فلسطيني يستطيع أن يتعاون مع الأمريكان على قبول الصفقة مهما كان وزنه السياسي، وبالتالي سيكون إعلانها ليس أكثر من بروبوغندا انتخابية لكلٍّ مِن: “نتنياهو، وترامب” في ذات الوقت؛ لأن ترامب يعتقد أنه قدَّم حلًّا مثاليًّا للصراع الطويل الذي لم تستطع أي إدارة أمريكية سابقة حله، واستطاع أن يضمن أصوات اليهود ومناصريهم بالولايات المتحدة الأمريكية في الانتخابات القادمة، وبالتالي فوزه بولاية ثانية أصبح مسألة وقت، مع العلم أنه لن يكون بمقدور الإدارة الأمريكية إنجازها في عام أو عامين أو ثلاثة أعوام، بل قد تستمر المحاولات في إمكانية تطبيقها عشر سنوات وأكثر، ويمكن أن الصفقة سيترك مصيرها لحين تسمح الظروف السياسية، وبعيد جدًّا أن تكون الصفقة قابلة للتطبيق حتى لو تغير المشهد وذهبت هذه القيادات وجاء آخرون.

نعم، سيذهب ترامب بعد حين حتى لو فاز بولاية حكم أخرى، ويأتي غيره، وسيذهب نتنياهو ويأتي غيره، وسيذهب أبو مازن ويأتي غيره، وهنا لا نعرف:

هل تصلح هذه الخطة لذلك الوقت ويقبلها مَن يأتي بعد ذلك… ؟! لكن المؤكد أن إسرائيل ماضية في تطبيق أبعد من بنود الصفقة، وتصفية الصراع بهدوءٍ لصالح كيانٍ صهيونيٍ كبيرٍ.

 

المصادر:

كل ما تريد معرفته عن خطة ترامب

الواقع والأوهام في خطة السلام الأميركية

خطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط هل تسعى لرشوة الفلسطينيين

أهم بنود صفقة القرن التي أعلن عنها ترامب

أبرز ردود الفعل العربية والفلسطينية على “خطة ترامب”

صفقة القرن صيغة ترامب للسلام

تباينات عربية ودولية في تقييم خطة السلام الأميركية

ويكيبيديا: قرار تقسيم فلسطين

هآرتس: هذا الجزء الوحيد الذي سيتم تنفيذه من صفقة القرن

ويكبيديا: البلدة القديمة (القدس)

ما أهمية منطقة غور الأردن التي تعهد نتنياهو بضمها لإسرائيل؟

صفقة القرن في سطور

كيف سيتعامل الفلسطينيون مع صفقة القرن التي أعلنها ترامب؟

توقيت نشر صفقة القرن

 

 

 

التعليقات مغلقة.