fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

جائحة كورونا … شهادة إثبات على فشل دولة الملالي

310

جائحة كورونا”… شهادة إثبات على فشل دولة الملالي

 

فقلقٌ ينتاب العالم جراء تفشي فيروس كورونا، حيث تتسع رقعة الفيروس الذي يبرز معه معنى كون العالم قرية صغيرة؛ فقد انتقل الفيروس إلى عددٍ مِن دول الشرق الأوسط، من دول خليجية وعربية، وإسرائيل، وكذلك إيران.

بينما يبدو أن عددًا مِن البلدان تحاول فتح أبوابها، فقد تصدرت إيران عناوين الصحف باعتبارها أحد البلاد التي تعيد فتح أبوابها تدريجيًّا؛ فهي مِن جهةٍ تعاني وضعًا اقتصاديًّا صعبًا يشتمل على انهيار غير مسبوق لأسعار النفط، وعقوبات أمريكية جديدة.

ولكن استمرار النظام الإيراني في التعامل مع الأزمة باستخفافٍ قد يثير تساؤلات عما إذا كان سيخطئ في إدارة إعادة فتح البلاد أيضًا، وما إذا كانت البلاد ستصل إلى مرحلةٍ يصبح فيها التهميش الذي يختبره الشعب الإيراني كافيًا ليشكِّل نقطة أساسية للإطاحة بالنظام؟!

شكّلت إخفاقات إيران في التعامل مع أزمة فيروس كورونا نوعًا من أزمة وجودية للنظام، لقد عجز عن الاعتراف بتفشي الفيروس في وقتٍ مبكرٍ وعن احتوائه، كما عجز عن إدارة الاستجابة الصحية العامة التي بتطلبها وباء كوفيد 19 (فيروس كورونا)؛ الأمر الذي أثبت عدم مبالاة النظام برفاهية شعبه؛ ما أدَّى بدوره إلى ازدياد شعور الشعب بالتهميش.

تعامل الملالي مع أزمة كوفيد 19:

التعاطي الإيراني مع انتشار الفيروس يُلقي بظلاله على جوانب عدّة، تتخطى مشكلة الفيروس ذاته، إذ يُلقي الضوء على كيفية إدارة النظم السياسية غير الديمقراطية الأزمات، حتى الطبيعية منها، وربطها بالإطار النفسي للحكّام، وتداعياتها على مستقبل النظام ذاته.

ومنذ بداية العام يبدو أنّ حسن الحظ لم يكن حليفًا للنظام الإيراني، وستضاف الكيفية التي أدار بها النظام أزمة فيروس كورونا إلى سجل فشله في التعاطي مع أزمات أخرى سابقة، منها: إصابته عن طريق الخطأ طائرة ركاب أوكرانية، عقب التوتر مع الولايات المتحدة، وإطلاق صواريخ على قاعدتين عراقيتين بهما قوات أميركية ردًّا على مقتل اللواء قاسم سليماني.

وأدار النظام أزمة الطائرة بشكلٍ خاطئ؛ ما دفع بعض التظاهرات إلى الشارع تضامنًا مع ضحايا الطائرة، وتنديدًا بإنكار المسئولين في البداية المسئولية عن الحادثة، ثمّ الاعتراف بها، فكانت مِن أبرز الأزمات التي فشل النظام في إدارتها، وسبقتها أزمة السيول والفيضانات.

أمّا أزمة فيروس كورونا؛ فعلى الرغم من إعلان النظام رسميًّا أن نسبة الوفيات بلغت 22، والمصابين 144 حتى تاريخ كتابة المقال، فإنّ هناك حالة من عدم الثقة بين المواطنين والنظام من ناحية، والنظام وغيره من الدول من ناحية أخرى، فالمؤشرات تشير إلى ارتفاع الأعداد بمراحل أكثر مما أعلنتها الحكومة(1).

حقائق تكشفها منظمة مراسلون بلا حدود:

اتهمت منظمة (مراسلون بلا حدود) النظام الإيراني بإخفاء المعلومات، والقبض على المراسلين والصحافيين الذين يتناولون أخبارًا عن الفيروس، فحتى الآن أصيب عددٌ مِن المسئولين رفيعي المستوى في الحكومة بالفيروس، ويوجد اشتباه في بعض آخر، فضلًا عن الحديث حول وجود بعض الإصابات بالسجون الإيرانية المزدحمة والسيئة الحال، التي على إثرها تتعالى مطالبات ذويهم بالإفراج عنهم؛ لا سيما الذين لا يشكِّلون خطرًا منهم.

أيضًا تثار المخاوف في ظل تناقص المستلزمات الضرورية لمواجهة المرض، لا سيما الخاصة بالعاملين على خط المواجهة الأول للفيروس من مسعفين وأطباء، فهناك حالات معلن عنها لوفيات وإصابات لعددٍ مِن الأطباء، بل وحتى التشخيص الخاطئ لبعض الوفيات، ومِن ثَمَّ جرى دفنها بغير الشروط المحددة لحالات الأوبئة، ما ينذر بالخطر لذويهم الأحياء.

ومن جهة أخرى، تقوم عناصر الأمن بالقبض على عددٍ مِن النشطاء لتداولهم معلومات حول الفيروس بتهمة نشر الإشاعات، بل ورفض عزل مدينة قم بؤرة انتشار الفيروس، ورفض إعلان حجر صحي، في الوقت الذي علّقت فيه السعودية تأشيرات العمرة(2).

الحرس الثوري يهدد الأطباء:

هدد الحرس الثوري الإيراني الأطباء بالسجن إذا كشف أحدهم عن المعلومات الحقيقية عن انتشار فيروس كورونا المستجد في إيران، وعن أعداد المصابين والوفيات.

وحسب موقع الحرة أنه أثناء اجتماع مجموعة من الأطباء مع نائب وزير الصحة، أراج حريرشي لمناقشة تفشي فيروس كورونا في المدن العراقية، اتصل بهم أحد أعضاء الحرس الثوري عن طريق مكتب الأمن بوزارة الصحة، وحذَّر الأطباء من تسريب أي معلومات من مناقشاتهم، وأكَّد ضابط الحرس الثوري للأطباء أنه إذا تسربت أي تفاصيل، فسيتحملون المسئولية، وسيتم معاقبتهم وسجنهم.

وعلى الرغم من هذه التهديدات، أكَّد الأطباء للموقع أن الوضع في إيران كارثي، وأن الأخبار والأرقام الرسمية الصادرة عن الحكومة لا تعبِّر عن الواقع!

وكانت السلطات الإيرانية أعلنت خلال الساعات الماضية إصابة نائب وزير الصحة حريرشي الذي عقد الاجتماع مع الأطباء، وقال أحد الأطباء رافضًا ذكر اسمه -خوفًا من العقاب-: “إن الإحصائيات التي نشرتها الحكومة لا علاقة لها بواقع الوضع، وعدد الإصابات أعلى بكثيرٍ مِن أرقام الحكومة، وإذا استمرت الأمور على هذا المنوال، وإذا لم تتعاون طهران مع منظمة الصحة العالمية؛ فيجب علينا أن نتوقع حدوث كارثة كبيرة في الأشهر المقبلة”.

وأضاف: “فقط في طهران، سيصاب عشرات الآلاف بالفيروس التاجي، وإذا لم نتمكن من التوصل إلى إطار للتعاون مع منظمة الصحة العالمية، فإن وضعنا سيصبح أسوأ عدة مرات مما في الصين”.

وأشار هذا الطبيب إلى أن محاولة الحكومة للحفاظ على حقيقة الموقف سرًّا هي “جريمة” بالمعنى القانوني للكلمة، وقال: “إن رفض الإفصاح عن المعلومات الحقيقية للإيرانيين والمجتمع الدولي يعتبر جريمة رسميًا؛ لأنه يعرِّض حياة الناس للخطر؛ ليس فقط في إيران، بل في دول أخرى أيضًا”.

وكانت الإمارات والعراق وعمان والكويت والبحرين ولبنان، أعلنت تسجيل حالات إصابة بالفيروس لأشخاصٍ قادمين من طهران، ما دفعها إلى تعليق الرحلات الجوية معها.

ووفقًا لهذا الطبيب، فقد حدث تفشي فيروس كورونا في إيران بعد تفشي المرض في الصين مباشرة، وقال الطبيب: “لكن المشكلة بدأت عندما لم ندرك أن هذا الفيروس هو نفس الفيروس التاجي في الصين”.

وأوضح أن الحكومة الإيرانية ليست لديها خطط لاحتواء الأزمة، وأن المسئولين ليس لديهم خيار آخر سوى السرية.

كما أكد أنه بعد انتهاء الاجتماع مع وزير الصحة، اتصل الحرس الثوري بكل طبيب كان في الاجتماع، وقال: “أخبرونا أننا سنكون مسئولين عن أي تسريب للمعلومات، لكنني لم أستطع الصمت بعد الآن”(3).

نهاية التكتم والفشل لدولة خامنئي:

المعطيات تلك تُبين أمرين:

الأمر الأول: أنّ الحكومة لم تتخذ الإجراءات الاحترازية مع بدء انتشار الفيروس في الصين.

والأمر الآخر: إهمال المسألة لحين الانتهاء من الانتخابات التشريعية، التي كان النظام حريصًا على إتمامها، والمباهاة بنسب مشاركة عالية، لاعتياده توظيف الانتخابات والمشاركة السياسية، باعتبارها استفتاءً على شرعيته أمام العالم.

وفي ظل الحديث مُسبقًا عن تضاؤل نسبة المشاركة، لا سيما مع فقدان الأمل في أي تغيير أو الإيمان بجدوى دور مجلس الشورى الإسلامي المُنتخب في ظل تقاعسه عن القيام بدوره التشريعي والرقابي لصالح بعض الهيئات المعينة، فضلًا عن منع ترشّح عددٍ كبيرٍ مِن المنتمين إلى التيار الإصلاحي؛ هذا السياق دفع النظام إلى الاهتمام بأولوية خروج المواطنين إلى صناديق الاقتراع على حساب الاستعداد للفيروس المتزايد الانتشار.

هنا تجلّى فشل إدارة الأزمة، وعدم كفاءة النظام التي ستعمّق عدم ثقة المواطنين به، بل ربما تسبب شرخًا في شرعية نظام عجز حتى عن الحفاظ على حياة المواطن، فطالما حاول النظام البحث عن شرعية لوجوده، ولم ينجح في ظل العقوبات الاقتصادية، وتوتر العلاقة مع الولايات المتحدة، بالاعتماد على شرعية إنجاز اقتصادي أو اجتماعي.

وإذا استمرّت الأمور على هذا المنوال، ولم تتعاون الجمهورية الإسلامية مع منظمة الصحة العالمية، فمِن المتوقع حدوث كارثة كبيرة في الأشهر المقبلة، فرفض الإفصاح عن معلومات حقيقية للإيرانيين وللمجتمع الدولي يعد جريمة رسميًّا؛ لأنه يعرّض حياة المواطنين للخطر ليس فقط في إيران، بل في دول أخرى.

وبالتالي أكبر التحديات التي تواجه مكافحة الفيروس هو تبادل المعلومات، والحصول على بيانات مفصّلة؛ لذا فكثير مِن الدول، بما في ذلك الإمارات، وسلطنة عمان، وكندا، والعراق، وتركيا، ولبنان، أغلقت الحدود الجوية والأرضية مع إيران، خصوصًا أن أولى حالات الإصابة بفيروس كورونا تكون من قِبَل المواطنين الإيرانيين أو من المسافرين الذين زاروا إيران.

إنّ إشكالية إيران تتمثل في قيام صنّاع القرار بها في تحويل تفشي فيروس كورونا إلى مشكلة أمنية، والتعامل مع حقائق ومعلومات الفيروس، باعتبارها أسرار الدولة، بل وربط هذا الأمر الذي يكافح العالم لمواجهته بمصادر التهديد القائمة في إدراك وتصوّرات النخبة الإيرانية والمرتبطة بمؤامرة غربية، هدفها كان التأثير في شرعية الانتخابات البرلمانية.

في حين أن فشل النظام في إدارة أزمة فيروس كورونا يرتبط بقدرة النظام ليس بتحسين أوضاع اقتصادية يمكن للإنسان تحمّلها، بل بالحفاظ على حياة المواطنين وبقائهم على قيد الحياة، ما قد يؤدي إلى إسقاط النظام القائم على القمع والقوة منذ 40 عامًا بسرعة تضاهي أضعاف سرعة انتشار الفيروس(4).

تخصيب اليورانيوم:

أعربت مصادر إسرائيلية غير رسمية عن قلقها من أنّ إيران ربما تستغل أزمة وباء كورونا لتسريع عملية تخصيب اليورانيوم، بعيدًا عن أعين المراقبة الدولية، وذكر معهد أبحاث إسرائيلي، في تحليل نشره أمس، أنّ هذا ممكن تمامًا؛ حيث يمتنع مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن زيارة المواقع النووية الإيرانية، وقد فرَّ العديد منهم من إيران تمامًا؛ بسبب ارتفاع مخاطر التلوث، وتزايد أعداد الوفيات والإصابة بكورونا بين الإيرانيين(5).

خطر يواجه دول الجوار:

وأدَّى تكتم السلطات على مدى انتشار الفيروس بين المواطنين إلى تحوله إلى تهديد يطول دول الجوار، وأثار مخاوف دولية نتيجة عدم الثقة في الإجراءات التي تتخذها إيران في هذه الأزمة.

وأعلنت السلطات العراقية في مدينة النجف جنوبي بغداد عن أول إصابة بفيروس كورونا المستجد لمواطن إيراني دخل إلى البلاد، قبل قرار منع دخول الإيرانيين قبل ثلاثة أيام.

وانتقل فيروس كورونا المستجد إلى الكويت والبحرين، الاثنين، مع الإعلان عن أربع إصابات مؤكدة لأشخاصٍ كانوا عائدين من إيران، مِن بينهم سائق بحريني لتوصيل طلاب؛ مما دفع السلطات إلى إغلاق 3 مدارس.

وقالت وزارة الصحة الكويتية: “إن الفحوصات الأولية التي أجريت لقادمين من مدينة مشد الإيرانية، أسفرت عن وجود ثلاث حالات تحمل نتائج مؤكدة”.

والحالة الأولى: هي لمواطن كويتي يبلغ من العمر 53 عامًا، والثانية: لسعودي (61 عامًا)، والثالثة: لغير محدد الجنسية (21 عامًا).

وقالت وزارة الصحة السعودية في بيان: “إن مواطنها سيبقى في الكويت لحين شفائه”.

وأعلنت وزارة الصحة البحرينية بدورها تسجيل أول إصابة مؤكدة بالفيروس لمواطن بحريني قادم من إيران، حيث تم الاشتباه بإصابته، وظهور أعراض الفيروس عليه، وتم نقله فورًا للعلاج والعزل في مركز صحي.

كما أعلنت سلطنة عمان تسجيل أول إصابتين بفيروس كورونا، مشيرة إلى تعليق الرحلات الجوية إلى إيران، حيث يوجد أكبر عددٍ لحالات الإصابة بالفيروس خارج الصين.

وسجلت الإمارات 13 إصابة بالفيروس، تم شفاء ثلاث حالات منها، بينما تعود آخِر حالتين لزائر ايراني يبلغ من العمر 70 عامًا وحالته الصحية غير مستقرة، وزوجته البالغة من العمر 64 عامًا(6).

1_الأندبندت

2_ الحرة

3_اليوم السابع

4_الأندبندت

5_ حفريات

6_سكاي نيوز

التعليقات مغلقة.