fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

مشروع سد نهر روفيجي بتنزانيا

542

 

مشروع سد نهر روفيجي بتنزانيا

في إطار سعي الدولة المصرية الاستمرار في التواجد بإفريقيا -وخاصة دول حوض النيل-، ومشاركتها في مشروعات التنمية -وخاصة ذات الصلة بمشروعات السدود والأنهار-، فهناك العديد من السدود أُنشئت فى حوض النيل، بالاتفاق والتشاور دون خلافاتٍ طالما أنها لم تؤثِّر بشكلٍ ملموسٍ على دول المصب.

فعلى سبيل المثال: ساهمت مصر في بناء سد أوين في أوغندا عام 1951، بنحو مليون جنيه إسترليني، حيث كان وقتها الجنيه الإسترليني يساوى جنيه ذهب، أى ما يعادل ثمن المساهمة في السد بمبلغ 6 مليارات جنيه، وسد جبل الأولية الذي أهدته مصر إلى السودان بعد بناء السد العالي.

وعلى مدار التاريخ كان مطلبها الوحيد هو عدم التأثير على حصة دول المصب جراء إنشاء مشروعات فى أعالي النهر دون توافق، حتى لا يحدث تأثير سلبي على تدفقات المياه.

ومن هذا المنطلق: شهد جون ماجوفولي رئيس تنزانيا، والدكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري، ووزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، مراسم توقيع عقد إنشاء مشروع سد لتوليد الطاقة الكهرومائية في حوض نهر روفيجي الواقع في “محمية سيلوس”، والفائز بتنفيذه التحالف المصري لشركتي: المقاولون العرب، والسويدي إلكتريك، بقيمة 2.9 مليار دولار.

وفي هذه الورقة نحاول الاجابة على تساؤلات:

  • – أين يقع هذا السد، ومدى أهميته لدولة تنزانيا؟
  • – ما أهم تفاصيل المشروع؟
  • – لماذا الاعتراض على سد النهضة والموافقة على بناء روفيجي؟
  • وما أهم الاعتراضات التي واجهت المشروع؟ وما الآثار المتوقعة إن صدقت هذه الاعتراضات؟
  • – وأخيرًا: ما استراتيجية الخارجية المصرية نحو إفريقيا؟

 تنزانيا والسد:

    جمهورية تنزانيا الاتحادية هي دولة في شرق وسط إفريقيا تحدها كينيا وأوغندا من الشمال، ورواندا وبورندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية إلى الغرب، وزامبيا وملاوي وموزمبيق إلى الجنوب، والحدود الشرقية تقع على المحيط الهندي.   

    وتنزانيا هي إحدى دول حوض النيل الـ 11، وتطل على بحيرة فيكتوريا التي تمد نهر النيل بحوالى 15% من إيراده السنوي، وتحاول إقامة مشروعات لتوليد الطاقة.

    ونهر روفينجى: هو نهر داخلي فى تنزانيا طوله 600 كيلو متر، ويصب فى المحيط الهندي المقابل لجزيرة مافيا، ووادي ستيجلر جورج جنوب غرب دار السلام، العاصمة التجارية وأكبر مدينة في تنزانيا، وإيراده يتراوح من 10 إلى 58 مليار متر مكعب سنويًّا، بمتوسط 20 مليار متر مكعب سنويًّا، ويبلغ عمقه 100 متر، وعرضه 100 متر، ولا يوجد تأثير سلبي لدول الجوار من إقامة منشآت مائية عليه.

لمحة عن المشروع:

المشروع يهدف إلى السيطرة على فيضان نهر روفيجي، وتوليد الطاقة، والحفاظ على البيئة، وهو عبارة عن إنشاء سد على نهر روفيجي بطول 1025 مترًا عند القمة، بارتفاع 131 مترًا، بسعة تخزينية حوالي 33.2 مليار متر مكعب، ومحطة لتوليد الطاقة الكهرومائية بقدرة 2115 ميجا وات.

وتقع المحطة على جانب نهر روفيجي في محمية سيلوس جام بمنطقة مورغورو جنوب غرب مدينة دار السلام (العاصمة التجارية وأكبر مدن دولة تنزانيا).

وتبلغ مساحة محمية سيلوس 50 ألف كيلو متر مربع، وهي إحدى أكبر المحميات في أفريقيا، وفقًا لمنظمة اليونسكو، وتشتهر بالأفيال ووحيد القرن الأسود، والزراف، وأنواع أخرى كثيرة.

وكان الصندوق العالمي للحياة البرية قال في تقرير: “إن السد المقترح يعرض للخطر مناطق محمية ذات أهمية عالمية، وكذلك مصادر الرزق لأكثر من 200 ألف شخص يعتمدون على البيئة”.

ونفت تنزانيا هذه المخاوف البيئية، وقالت: “إن السد يقام على 2% فقط من مساحة محمية سيلوس”. وقالت: “إن السد سيحافظ في الواقع على المياه، وسيدعم البيئة البرية في موقع التراث العالمي”.

المحطة الأكبر في تنزانيا:

وستكون المحطة هي الأكبر في تنزانيا بطاقة كهربائية 6307 آلاف ميجا وات / ساعة سنويًّا.

وسيتم نقل الطاقة المتولدة عبر خطوط نقل الكهرباء جهد 400 كيلو فولت إلى محطة ربط كهرباء فرعية، حيث سيتم دمج الطاقة الكهربائية المتولدة مع شبكة الكهرباء العمومية.

وإذا كانت مصر وافقت على بناء السد التنزاني، فلماذا تعارض سد النهضة؟
أول الأسباب التي تجعل مصر لا تمانع في تشييد سد تنزانيا هو: بعده عن نهر النيل، الذي يعد المصدر الرئيسي للمياه لمصر؛ إذ إن سد “ستيجلر جورج” سيقام عبر نهر روفيجي في مضيق شتيجلر في محمية سيلوس، منطقة موروغورو، على بعد 220 كم على الطريق، جنوب غرب دار السلام، العاصمة التجارية وأكبر مدينة في تنزانيا.
ثاني الأسباب التي تدفع مصر إلى مساعدة الكثير من الدول التي ترغب في إنشاء السدود هي: أن تلك السدود غير عملاقة، والمقصود بذلك ما حدده القانون الدولي من ضرورة ألا يتعدى السد سعة تخزينية تقدر بـ14 مليار متر مكعب، وما دون ذلك يعد عملاقًا ويجب أن يتم التوافق بين الدول التي قد تتضرر من تلك السدود، وهذا هو الحادث في سد النهضة.
أما ثالث الأسباب التي تدفع مصر لإنشاء تلك السدود والحماس له، ما أكده الرئيس عبد الفتاح السيسي أكثر من مرة حول رغبة القاهرة في تنمية كافة الدول الإفريقية؛ شريطة ألا يتسبب ذلك في أي ضرر.

أهم الاعتراضات التي تواجه مشروع سد روفيجي:

 بناءً على تقديرات بعض الخبراء يتوقع بعضهم أن تكلفة المشروع لن تكون أقل من 5 مليارات دولار بالنظر لمواصفات السد، وبعضهم رأى أنها أكثر من 6.5 مليارات دولار كتكاليف إنشائية فقط دون الأخذ بالاعتبار الغرامات المتوقعة، في حين دخلت الشركة المصرية بـ 3.6 مليار دولار فقط لإنشاء السد.

   ويجدر الإشارة إلى أن الشركة المصرية فازت بعقد بناء السد بعد تقديمها عرضًا ماليًّا هو الأقل بالمقارنة مع الشركات العالمية الأخرى المنافسة بما فيها الشركات الصينية والهندية والتركية، وقد بلغ عدد هذه الشركات 70 شركة عالمية لم تتمكن من تقديم عرض يهبط للتكلفة التي عرضتها الشركة المصرية.

 ويرى الخبراء أن الهدف من تقديم أقل سعر كان تحقيق حضور سياسي واقتصادي لمصر في القارة السمراء. 

وضرب الخبراء مثلًا بالشركة البرازيلية التي بقيت في مفاوضات مع تنزانيا لمدة 3 سنوات لإنشاء 3 سدود على نهر روفيجي، ولكنها مفاوضات باءت في الأخير بالفشل؛ لعدم الوصول لاتفاقٍ يتناسب وتكلفة المشروع، وعدم وجود سيولة مادية لدى الحكومة التنزانية لبناء السد. 

مع العلم أن البرازيل لديها أهم شركة لبناء السدود في أمريكا الجنوبية، التي قامت ببناء أكثر من 70 سدًّا على مدار الـ 20 عامًا الماضية، وهي خبرة تفتقدها الشركة المصرية. 

أيضًا: المناقصة التي رست على 3.6 مليارات دولار -المبلغ الذي دخلت الشركة المصرية به المسابقة- تم تخفيض قيمته لـ 2.9 مليار فقط عند توقيع العقد.

إضافة إلى تعديل تنزانيا لمواصفات السد من مواصفات خراسانة “مدكوكة” لـمواصفة “سد مقوس مسلح”، ويقول الخبراء” إن المواصفات الأخيرة هي أغلى السدود الخراسانية، وأعقدها في التنفيذ.

وبالقياس على سد “مروي” الركامي بالسودان، والذي تم بناؤه قبل 15 عامًا، أي: في عام 2004، وكانت تكلفته نحو 2.945 مليار دولار.

ويبيّن الخبراء أنه بنفس هذه التكلفة، وافقت مصر على بناء السد الجديد في تنزانيا، ولكن بمواصفات السد الخراساني الأكثر تعقيدًا والأغلى ثمنًا، وبحجم طاقة إنتاجية للكهرباء تقارب الضعف، وبتاريخ إنشاء حديث لإنجاز المشروع؛ هذا كله يدفع الخبراء للتساؤل: كيف يمكن أن تكون تكلفة السدين هي نفسها مع الفوارق في مواصفات السد وزمن الإنشاء؟!

كما سيحتاج المشروع لاستقدام نحو 5 آلاف عامل مصري لتنزانيا، وما يكلفه ذلك من متطلبات معيشية، وسفر، وعلاج، وتأمين لا بد أن تغطيها مصر.

تحدٍّ آخر:

وأشار الخبراء إلى تحدٍّ أكبر أمام الشركة المصرية، وهو مدة تسليم المشروع في 36 شهرًا، فإن لم تتمكن الشركة من إنجاز هذا المشروع خلال هذه المدة فعلى مصر دفع غرامات التأخير. 

وبالنظر في مدة بناء سد مروي الأقل تكلفة والأخف شروطًا، والذي تم بناؤه في 8 سنوات، فإن سد تنزانيا لا بد أن يستغرق أكثر من 36 شهرًا التي تم الاتفاق عليها؛ فكيف ستتمكن مصر من بناء سد “ستيجلر جورج” الضخم في مثل هذه المدة القصيرة؟

 وهناك توجس آخر من تكرار خطأ الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك من قبل، حيث تورط الأخير في بناء سدٍّ لأوغندا، على شرط أن تقوم الأخيرة بزيادة مدخلات بحيرة فيكتوريا، لزيادة ميزانية النيل الأبيض فتستفيد مصر من ذلك، وخرجت مصر بدون أي فائدة ترجى، وبقيت أوغندا المستفيد الوحيد من السد.

كذلك رفضت تنزانيا أن تصب مياه نهرها داخل بحيرة فيكتوريا؛ خشية أن يغرق عددًا من القرى التنزانية على شاطئ البحيرة.

 ويجدر التنبيه إلى أن الشركة الاستشارية المراقبة على تنفيذ مشروع السد التنزاني الجديد هي شركة الكهرباء الإثيوبية، أي: أن هناك عنصرًا منافسًا يدخل في بناء المشروع.

في النهاية يرى الجانب المعارض للمشروع أن تكلفة السد ستزيد أكثر مما كان متوقعا لأكثر من 150% دون جدوى اقتصادية.

إلا أننا نرى إقدام الدولة المصرية على المشاركة والتواجد فيما يخص الشأن المائي بدول حوض النيل، له من الأهمية العظمى للإستراتيجية المصرية في تأمين حصتها المائية، والحرص على قربها وتواجدها من منابع نهر النيل.

المراجع:

وقعت مصر وتنزانيا عقد إنشائه.. تعرف على سد نهر “روفيجي”

«ستيجلر جورج».. سد «تنزانيا» الشاهق تُنجزه المقاولون العرب في 2021 (التفاصيل)

تنزانيا

تحالف المقاولون العرب والسويدي إليكتريك يتسلم دفعة مقدم مشروع سد روفيجي التنزاني

​لماذا وافقت مصر على بناء سد تنزانيا وعارضت سد النهضة؟

محسن صلاح لـ الأهرام العربي: 2 مليار دولار حجم استثمارات «المقاولون العرب» في أفريقيا

صور.. الرئيس التنزانى يشهد وضع حجر أساس إنشاء مشروع سد نهر روفيجى

المقاولون العرب في سطور

 

 

 

التعليقات مغلقة.