fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

خفض البنك المركزي لسعر الفائدة على الودائع والقروض بالبنوك

193

أثار قرار البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض، بنسبة 1%، للمرة الثانية في أقل من شهرين، لتسجل 16.75% و17.75% على التوالي العديد من التوقعات حول الرابح والخاسر من هذا القرار  وتأثيراته على الاقتصاد القومي. حيث تشكل آلية تحديد سعر الفائدة أحد الأدوات التي يستخدمها البنك المركزي بصفته المسئول عن السياسات النقدية في البلاد حيث تنقسم سياسيات الحكومة الاقتصادية إلى نوعين رئيسيين:

  • 1- السياسيات المالية fiscal policies: والتي تقوم بها الحكومة وتتكون من الإنفاق الحكومي كوسيلة لمواجهة الركود والضرائب.
  • 2- السياسات النقدية Monetary policies: وهي سعر الفائدة والعرض النقدي وهو كمية الأموال المعروضة في السوق والمطبوعة من البنك المركزي وسياسة تحديد سعر صرف العملات الأجنبية وهي الأدوات التي يتحكم بها البنك المركزي.

وبشكل عام فإن سعر الفائدة يؤثر في ثلاث نواحي:

أولًا: تأثيرها على مستوى التضخم:

حيث إن رفع الفائدة يحفز المواطنين والمؤسسات على زيادة الادخار أملا في الحصول على المزيد من الفوائد وبالتالي تقل السيولة النقدية ويقل الإنفاق الاستهلاكي فيقل التضخم، وبلا شك فهذا وإن كان يؤدي إلى خفض التضخم فإنه في نفس الوقت قد يؤدي إلى كساد المنتجات وعدم الطلب عليها وبالعكس في حالة خفض نسب الفائدة.

ثانيًا: تأثيرها على مستوى الاستثمار:

فالفائدة يمكن النظر إليها أنها تكلفة الاقتراض من البنوك من وجهة نظر المستثمر وعند رفعها يزداد تكلفة الاستثمار مما يؤدي إلى قلة النشاط الاستثماري في البلاد كما أنه يؤثر أيضا على تكلفة الديون والاقتراض الحكومي .. فعندما ترتفع الفائدة ترتفع تكلفة سداد الاقتراض الداخلي (أذون وسندات الخزانة) والذي تلجأ له الحكومة بشراهة مفرطة هذه الأيام لتمويل عجز الميزانية.

وحاليا يرى البنك المركزي أنه عندما أقدم على رفع الفائدة لمواجهة التضخم العالي (الذي وصل إلى %35) الناتج من السياسيات التقشفية ورفع الدعم وحسب بيانات البنك فإن التضخم قد انخفض إلى قرابة الـ%15 وبالتالي فهو يرى أن رفع الفائدة نجح في خفض التضخم، وبالتالي الأفضل الآن هو خفض الفائدة لتحفيز الاستثمار وزيادة الناتج المحلى الإجمالي … إلا أن رفع سعر الفائدة تسبب أيضًا في تثبيط الاستثمار وزيادة هائلة في تكلفة الدين الداخلي.

ويرى البعض الداعم للخطة الاقتصادية للحكومة أن الرابحون من تلك القرارات هم:

  • المقترضون وخاصة المستثمرين؛ حيث سيشجعهم على الاقتراض والتوسع في استثمارتهم، مما قد يساهم في توفير فرص عمل للعاطلين.
  • البنوك خصوصًا في حالة إلغاء الشهادات ذات الفوائد المرتفعة.
  • مستثمرو البورصة.
  • تجارة الذهب والعقارات حيث ستشكل بديلًا آمنًا لصغار المستمثرين والمواطنين عن الادخار البنكي.
  • الحكومة؛ نظرًا لانخفاض تكلفة خدمة الدَّين والقروض التي تلجأ إليها لسد عجز الموازنة

في حين قد يسبب هذه القرارات خسارة بالنسبة لكل من:

  • أصحاب الودائع البنكية من المواطنين وأصحاب الادخار.
  • المستثمرون في أدوات الدَّين سواء من الأجانب أو المحليين، لكن على الرغم من ذلك قد تبقى أسعار العائد على الأذون والخزانة بعد الخفض الأخير أحد أكثر العوائد جاذبية بين الدول، ولكنها تواجه مخاطر اتجاه الاقتصادات المتقدمة إلى رفع الفائدة خلال الفترة المقبلة، تزامنا مع استكمال خفض أسعار الفائدة في مصر خلال المرحلة المقبلة.

لذا فإن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تنتهجه الحكومة يحتاج إلى إصلاح هيكلي، يتمثل في توفير المناخ الصحي للاستثمار عن طريق تشجيع الإنتاج السلعي وتسهيل أداء الشركات والمصانع بالإضافة إلى الإصلاح السياسي لجذب الاستثمار الخارجي ، بالإضافة إلى إصلاح نقدي يتمثل في تحريك الفائدة .. وبالتالي لن تنجح مثل هذه السياسيات على المدى الطويل مع استمرار المعوقات أمام التحسن الاقتصادي الحقيقي، وهذا ما حدث بالضبط مع برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي قامت به الحكومة المصرية في أواخر الثمانينات والتسعينات.

والجدير بالذكر أن مستويات التضخم من المتوقع أن تشهد ارتفاعًا ملحوظًا مع استعداد الحكومة لمزيد من إجراءات التقشف ورفع الدعم (رفع أسعار الوقود والكهرباء) في الفترة المقبلة (النصف الثاني من عام  2018م) للحصول على الشريحة الثالثة والأخيرة من قرض صندوق النقد .. وقد تكون تبعات إجراءات الشريحة الثالثة هي الأعنف من سابقتيها.

التعليقات مغلقة.