fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

علاقة تركيا بالكيان الصهيوني

140

علاقة تركيا بالكيان الصهيوني

في إطار تحركات “تركيا – الكيان الصهيوني المحتل” الأخيرة، وزيارة رئيس الكيان الصهيوني المحتل لتركيا يتضمن تقريرنا ملخص التقارب “التركي – الكيان الصهيوني” مِن منظور تاريخي وواقع سياسي لا تكذبه الأحداث.

آخر حدث:  

رحَّب رئيسا “تركيا – والكيان الصهيوني المحتل” في أنقرة بـ “تحول” العلاقات بين البلدين بمناسبة زيارة إسحاق هرتسوغ إلى أنقرة، وهو أول رئيس الكيان الصهيوني المحتل يزور تركيا منذ عام 2007.

وقال أردوغان خلال مؤتمر صحافي مشترك: إن الزيارة “ستشكل نقطة تحول في علاقاتنا”، وتابع: “هدفنا المشترك هو استئناف الحوار على أساس احترام المسائل الحساسة بالنسبة لنا ومصالحنا المشتركة”.

وتأتي الزيارة فيما دخلت تركيا والكيان الصهيوني المحتل بقوة على خطِّ الوساطة بين كييف وموسكو في محاولة لوقف الحرب المستمرة منذ أسابيع قليلة، وقد أكَّد رئيس تركيا على “الأهمية” التي يوليها لـ”التعاون في مجال الأمن وأمن الطاقة” مع الكيان الصهيوني المحتل!

وترى المحللة السياسية غاليا ليندنشتراوس -من معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب-: أن تدخل أردوغان للإفراج عن الزوجين اليهوديين اللذين تم القبض عليهما في إسطنبول في نوفمبر الماضي بتهمة التجسس، مثَّل “نقطة تحول” في العلاقات.

وأضافت: إن هذه القضية “فتحت حوارًا بين الجانبين”.

وجدد الرئيس التركي الذي يطرح نفسه مؤيدًا قويًّا للقضية الفلسطينية التزام بلاده “بحل الدولتين ووضع القدس وتحسين مصير الفلسطينيين سياسيًّا واجتماعيًّا”.

والتقى إسحاق هرتسوغ الجالية اليهودية التركية في إسطنبول حيث شارك في صلاة مع ممثلي الجالية من أجل “تركيا والرئيس أردوغان”، في كنيس نيفي شالوم الكبير في منطقة غلطة التاريخية.

حماس والمصلحة النفعية:

وانتقدت حماس زيارة رئيس الكيان الصهيوني المحتل إلى تركيا، لكنها لم تأتِ على ذكر الدولة التركية أو أردوغان، ودعت في بيان إلى “عدم إتاحة الفرصة للكيان الصهيوني لاختراق المنطقة والعبث بمصالح شعوبها”.

ويرى محللون: أن تعزيز العلاقات التركية والكيان الصهيوني المحتل سينعكس سلبًا على العلاقة بين أنقرة وحماس.

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة مخيمر أبو سعدة: إن تركيا “ستفضل مصالحها الاقتصادية مع الكيان الصهيوني المحتل (على علاقتها مع حماس) في ظل تدهور سعر الليرة التركية، وتراجع اقتصادها”.

وأضاف أبو سعدة: “حماس قلقة”، متوقعًا: “أن تحصل ضغوط من الكيان الصهيوني المحتل أكبر على السلطات التركية، فتغادر قيادات حمساوية تركيا؛ ربما إلى إيران أو بيروت”.

كما يتوقع: أن يؤدي تحسن العلاقات التركية والكيان الصهيوني المحتل إلى فرض قيود على حماس وعناصرها المقيمين في تركيا، ومِن بينهم: الذين أطلق الكيان الصهيوني المحتل سراحهم في صفقة الإفراج عن الجندي جلعاد شاليط الذي كان محتجزًا لدى حماس في عام 2011م.

ومن جهته يستبعد أستاذ التاريخ والعلوم السياسية ناجي شراب: أن “تقرر تركيا إغلاق مكاتب حماس أو ترحيل قادتها؛ هذا مستبعد في المدى المنظور، ربما تلجأ تركيا مع الكيان الصهيوني المحتل إلى سياسة احتواء حماس بإبقاء تواجدها في تركيا دون نشاط سياسي أو إعلامي أو مالي ملموس”.

ويعبر عن اعتقاده بأن “تركيا ستلعب دورًا متوازنًا مع حماس”، لكنَّ مصدرًا قريبًا من حركة حماس وموجودًا في تركيا أقرَّ بأن مسئولين أتراكًا ناقشوا مع قيادة الحركة وضع عناصر ومسئولين حمساويين في تركيا.

وقال: “ناقش مسئولون أتراك مع قيادة الحركة مؤخرًا (مسألة) إيجاد آلية لاستمرار أو مغادرة آمنة لبعض القادة ذوي الصفة العسكرية بحماس – تركيا، لكن لا تغيير بالنسبة إلى الأنشطة السياسية والثقافية والاجتماعية والإعلامية أيضًا” التي تقوم بها الحركة في تركيا.

وتابع: “لدينا ثقة بأن تركيا – أردوغان لن تتخلى عن دورها الرائد لدعم القضايا الفلسطينية والقدس، ورفع الحصار الظالم عن غزة”.

وبالرغم من بيانات الاستنكار والاستهجان التي أصدرتها الحركة ضد تطبيع دولة الإمارات العربية المتحدة والمغرب في وقتٍ سابقٍ؛ إلا أن حماس تتمسك الآن بالثقة في أن أردوغان لن يتخلى عن مواقفه الداعمة للفلسطينيين.

وقال قيادي كبير في حماس فضَّل عدم الكشف عن هويته: “لا أتوقع أن تخضع تركيا لأي ابتزاز أو ضغط من الكيان الصهيوني المحتل لطرد أو التضييق على أي فلسطيني، بمَن في ذلك أبناء حماس”.

واستدرك: “لا مقرات لحماس في تركيا، لكنَّ الفلسطينيين موجودون في كل مكان”، مؤكدًا أن: “معركتنا مع الاحتلال داخل أرض فلسطين”.

ويشدد على أن “حماس لا تتدخل في العلاقات الداخلية لأي دولة؛ نريد الحفاظ على علاقة طيبة ومسافة واحدة من كل الدول العربية والإسلامية، وخصوصًا تركيا”.

ويرى شراب بدوره: أن اللغة التي اعتمدتها حركة حماس في تعليقها على زيارة هرتزوغ عكست موقفًا معتدلًا.

ويوضح شراب: “حماس أعطت إشارات إلى أنها حركة لن تضحي بعلاقاتها مع تركيا؛ لأنها حليف، وتمثِّل لها قاعدة سياسية ومالية”.

ويبيِّن أن حماس: “قد تستفيد من هذا التقارب باعتبار أن تركيا تشكِّل قناة فاعلة ذات ثقل للضغط على الكيان الصهيوني المحتل من أجل رفع الحصار ووقف العدوان، وتعزيز تفاهمات التهدئة”.

أما المحلل السياسي المختص في شئون الحركات الإسلامية حسام الدجني فيقلّل من تأثير التقارب التركي والكيان الصهيوني المحتل على حماس.

وقال: “من مصلحة تركيا والكيان الصهيوني المحتل أن تبقى العلاقة مع حماس على قاعدة ألا تتجاوز حدود العلاقات السياسية والاقتصادية، وأن يكون هناك دور تركي داعم للدور المصري لأجل الاستقرار على حدود غزة”.

 

علاقة تركيا بالكيان الصهيوني:

يقدَّر عدد اليهود المقيمين في تركيا اليوم بـ 26. 000 نسمة، وَفْق إحصاءات موثوقة، ويعيش القسم الأكبر منهم في إسطنبول، وهناك ما يقارب 2. 500 نسمة تعيش في إزمير، بينما يتوزَّع الآخرون على عددٍ مِن المدن التركية، أبرزها: أضنة، وأنقرة، وبورصي، وإسكندرون.

لم تمنع مشاعر “اللاسامية” التي بدأت بعد إعلان دولة الكيان الصهيوني المحتل من استمرار العلاقات الجيدة بين الجاليات اليهودية والسلطات التركية، والتي تعزَّزت من خلال اعتراف الحكومة التركية المبكّر بدولة الكيان الصهيوني المحتل. وتوسَّعت مجالات التعاون بين الدولة العبرية وتركيا إلى أبعد من السياسة والاقتصاد والتعاون العسكري لتشمل مجال العمل السرّي والاستخباراتي حيث يذكر بني موريس في كتابه: “حروب الكيان الصهيوني المحتل السرية”: أن الموساد كان يعمل من الأراضي التركية للتسلُّل إلى المناطق العراقية الكردية من أجل تغذية الشعور الكردي الاستقلالي، ودفع الأكراد إلى الثورة على النظام العراقي من أجل إضعافه، وذلك بهدف إشغال الجيش العراقي في عمليات عسكرية داخلية؛ لمنعه من المشاركة في إنشاء جبهة شرقية بالاشتراك مع سوريا والأردن.

تطبيع قديم حديث في كل المجالات:

على الرغم من معارضة تركيا لتقسيم فلسطين عام 1947؛ إلا أنها كانت أول دولة إسلامية تقيم علاقات رسمية مع الكيان الصهيوني المحتل في 28 مارس 1949، وسارعت بعقد اتفاقيات تجارية بعدها وبعد عضوية تركيا في حلف الناتو اقتربت سياستها من الأيديولوجية الأمريكية، واتجهت لتعميق علاقاتها مع الكيان الصهيوني المحتل.

وشهد العام 1994 أول زيارة لرئيسة الوزراء التركية تانسو تشلر إلى الكيان الصهيوني المحتل لأول مرة وبعدها، ظهرت الاتفاقيات العسكرية السرية إلى النور في 1996 بتوقيع الاتفاقية الأمنية العسكرية التي اعتبرت مخالفًه للقانون؛ لأنها وقعت دون موافقة لجنة الشئون الخارجية للبرلمان التركي.

وتضمنت الاتفاقية إقامة مناورات مشتركة برية – بحرية – جوية، وتبادل الخبرة في تدريب الطيارين المقاتلين، وتبادل الاستخبارات الأمنية والعسكرية بخصوص المشاكل الحساسة مثل الموقف الإيراني والعراقي والسوري؛ إضافة إلى تعاون وثيق في صيانة وإحلال وتجديد سلاح الجو ومنظومة الدفاع الجوي التركي بقيمة تتجاوز مليار دولار.

وحتى 2011 لا تزال عقود التسلح تمثِّل صلب التعاون العسكري بين أنقرة والكيان الصهيوني المحتل، بل تضاعف في 2006 إلى شراكة إستراتيجية منحت شركات الأسلحة الكيان الصهيوني المحتل عقودًا معلنة وسرية لتطوير الدبابات M60، وتحديث المقاتلات إف – 16، وإف – 5 وبيع طائرات بدون طيار.

ومن إجمالي الحركة التجارية بين البلدين كانت عقود الأسلحة تمثِّل بين 65٪ و72٪، وبينما وصل التعاون العسكري في العام الحالي بين تركيا والكيان الصهيوني المحتل إلى 2. 5 مليار دولار؛ فإن الاتفاقيات الموقَّعة والتي لم تلغَ حتى الآن ترفع الرقم إلى 4. 5 مليار دولار، وهو حجم الصفقات والتعاون بين البلدين في 2012.

ورغم اتجاه تركيا لتنويع مصادر مشترياتها من السلاح وإنشاء صناعة وطنية كبديل؛ إلا أنها لم تخفض من اتفاقاتها العسكرية مع الكيان الصهيوني المحتل، بل على العكس استمرت في منح الكيان الصهيوني المحتل المجال الجوي والبحري للمناورات والتدريب، وفتح قواعدها العسكرية قونيا وإنجريلك؛ لتستعملهما مقاتلات الكيان الصهيوني المحتل!

ولا نحتاج للتساؤل: ضد مَن ستغير مقاتلات الكيان الصهيوني المحتل، لكن التساؤل الذي يواجه أردوغان في بحثه عن حلفاء عرب يثقون في النوايا التركية: هل يمكن وقف ضخ الأموال التركية في ماكينة سلاح الكيان الصهيوني المحتل التي تقتل الفلسطينيين في غزة أم أن أنقرة ستكتفي بإرسال سفن مساعدة للقتلى والمصابين الذين قصفتهم طائرات الكيان الصهيوني المحتل التي ربما انطلقت من القواعد التركية؟!

في 23 فبراير 1996، أبرم الجنرالان: ديفيد إيفري (المدير العام لوزارة دفاع الكيان الصهيوني المحتل) وجيفيك بير (نائب رئيس هيئة أركان الجيش التركي) اتفاقية تعاون عسكري؛ بموجبها كل من البلدين لديه القدرة على استخدام المجال الجوي والقواعد الجوية، والموانئ، ومرافق التدريب الأخرى.

تنص الاتفاقية على تدريبات جوية مشتركة، وعلى إقامة حوار إستراتيجي نصف سنوي بين هيئتي الأركان في البلدين.

وقد تم استكمالها باتفاقية ثانية تم توقيعها في 26 أغسطس 1996 ومخصصة لقضايا التسلح.

وتتمتع هذه الشراكة الإستراتيجية الجديدة بالعديد من المزايا لكلٍّ من تركيا والكيان الصهيوني المحتل:

أولًا: تحسين الوضع الأمني والردع، حيث تسمح لهم بدفع خصومهم الثلاثة المحتملين إلى الوراء: سوريا والعراق وإيران، التي لكلٍّ منهما علاقات صعبة معها؛ لم يكن الكيان الصهيوني المحتل وتركيا مستعدين في الواقع للانخراط مباشرة في نزاع مسلح من أجل الدفاع عن بعضهما البعض.

ثانيًا: تتمتع الشراكة بين تركيا والكيان الصهيوني المحتل بميزة دبلوماسية ثانية هذه المرة حيث -وبفضل علاقاتها المتميزة مع تركيا- أراد الكيان الصهيوني المحتل تفضيل ودعم تقاربها مع حلف شمال الأطلنطي، وبنفس الشيء مع العديد من الدول الأوروبية التي تقيم معها علاقات معقدة.

من جانبها: تعتقد الحكومة التركية أنها تستطيع الاعتماد على دعم الجماعات المؤيدة للكيان الصهيوني المحتل في الولايات المتحدة، وأوروبا؛ للخروج من عزلتها النسبية، وتعزيز مواقفها بشأن ملفات رئيسية معينة (الطاقة والصناعة، والعلاقات مع اليونان وأرمينيا)، ولكن أيضًا لتسريع اندماجها المحتمل في الاتحاد الأوروبي.

الميزة الثالثة: أن تحسن العلاقة بين تركيا والكيان الصهيوني المحتل يشجِّع التعاون الاقتصادي، كما يتضح من اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين التي دخلت حيز التنفيذ في أبريل 1997، ومنذ ذلك الحين تضاعفت الشراكات في قطاعات الأغذية الزراعية والمالية والصناعية، والنسيج والبناء، وهكذا بنى الصناعيون الأتراك مطار تل أبيب الدولي الجديد.

إن هذا التعاون هو الأكثر وضوحًا في مجال السياحة، وسرعان ما أصبحت تركيا وجهة مميزة لسياح الكيان الصهيوني المحتل الذين يقدِّرون قربها، وأشعة الشمس، والتكلفة المنخفضة، وبيئتها “الآمنة”.

في 25 ديسمبر 2020 صرَّح أردوغان: تركيا تواصل تعاونها الاستخباراتي مع “الكيان الصهيوني المحتل”؛ المشكلة مع مَن هم على رأس الهرم في “الكيان الصهيوني المحتل” وفي سياسة “الكيان الصهيوني المحتل” مع الفلسطينيين، لكننا نريد تحسين العلاقة.  

في 29 مارس 2021م: أبلغت تركيا الكيان الصهيوني المحتل أنها مستعدة لإرسال سفير إلى تل أبيب بمجرد أن تلتزم حكومة الكيان الصهيوني المحتل بالرد بالمثل على الإجراء في وقتٍ واحدٍ، حسبما قال مسئول تركي كبير لصحيفة الكيان الصهيوني المحتل هايوم.

وأضاف المسئول: إن نقطة الخلاف الرئيسية بين الحليفين السابقين تظل وجود مسئولين كبار من حماس على الأراضي التركية.

وبعد سنوات من العلاقات المثيرة للجدل، غيَّرت تركيا مؤخرًا سياستها الخارجية تجاه المنطقة بشكل عام والكيان الصهيوني المحتل بشكل خاص، وقال الرئيس رجب طيب أردوغان في 25 ديسمبر 2020: إن أنقرة ترغب في إقامة علاقات أفضل مع الكيان الصهيوني المحتل.

جاءت تصريحات أردوغان بشأن هذه القضية بعد حوالي ثلاثة أسابيع من اقتراح الأدميرال جهاد يايجي صفقة حدودية بحرية مشتركة مع الكيان الصهيوني المحتل، واستمر هذا الاتجاه في وقت سابق من هذا الشهر، عندما حضر الدكتور هاكان يورداكول، عضو مجلس إدارة لجنة السياسات الاقتصادية التابعة للرئاسة التركية، مؤتمرًا للبرلمان اليهودي الأوروبي يركِّز على جدول أعمال متجدد بين الحلفاء السابقين.

العلاقات الاقتصادية:

تفيد معطيات وزارة التجارة والصناعة للكيان الصهيوني المحتل بأن تركيا تحتل المرتبة السادسة في قائمة صادرات الكيان الصهيوني المحتل لدول العالم.

الناطق بلسان الوزارة براك غرانوت يشير إلى: أن حجم التبادل التجاري بين تركيا والكيان الصهيوني المحتل شهد تطورًا هائلًا، ونبَّه إلى أنه ارتفع من 300 مليون دولار في 1997 إلى 3. 1 مليارات دولار عام 2010، وفيه بلغ حجم صادرات الكيان الصهيوني المحتل لأنقرة مليارًا وربع المليار دولار.

وأشار براك إلى: أن النصف الأول من العام الجاري شهد ارتفاعًا بنسبة 23% موضِّحًا: أن شركات الكيان الصهيوني المحتل تصدر لتركيا منتوجات كيمياوية، ومواد بلاستيكية، وأجهزة تقنية، وأدوية، وأجهزة زراعية وأسلحة، وعتادًا عسكريًّا.

وبلغ حجم استيراد الكيان الصهيوني المحتل من تركيا في 2010 نحو 1. 8 مليار دولار أي بزيادة 30% عن 2009 وشهد النصف الأول من العام الحالي زيادة بـ14%، وتستورد الكيان الصهيوني المحتل من تركيا معادن خفيفة، ومراكب وماكينات، ونسيجًا، وغير ذلك.

واعتبر غرانوت: أن تركيا شريكة تجارية طبيعية ومهمة للكيان الصهيوني المحتل، وأن التبادل التجاري المتطور بينهما الذي يساهم في رفاهية الشعبين يشكِّل مرساة لتثبيت العلاقات الثنائية في ساعة العاصفة وتحسين الروابط السياسية.

واستذكر غرانوت وجود اتفاقية تعاون اقتصادي بين الدولتين منذ 1997 أتاحت إنتاج منتوجات مشتركة مكرسة لأسواق الاتحاد الأوروبي، ومعفاة من الجمارك.

وقد تم التخطيط لخط أنابيب آخر تحت الماء لجلب المياه العذبة المجمعة مباشرة إلى الكيان الصهيوني المحتل عند مصب نهر مانافجات في الأناضول.

بعد الاتفاق المبدئي المبرم في 5 يناير 2004، تتعهد الحكومة التركية بتوصيل 50 مليون متر مكعب من المياه العذبة إلى الكيان الصهيوني المحتل كل عام لمدة عشرين عامًا، بمجرد الانتهاء من أعمال البناء، وبذلك تغطي 3٪ من احتياجات البلاد من المياه العذبة.

في 13 سبتمبر 2013، تقدَّمت تركاس، الفرع التركي لشل، باقتراح مد خط أنابيب غاز طبيعي من حقل لفياثان للغاز، يمتد وصولًا لجنوب تركيا، بتكلفة 2. 5 بليون دولار، ويمكنه نقل 16 بليون م³ من الغاز.

وصفت الشركة هذا المشروع بأنه مشروع جذاب على الرغم من المخاطر السياسية القائمة؛ بسبب توتر العلاقات بين الكيان الصهيوني المحتل وتركيا.

ويعتبر هذا أول تصريح عام لشركة تركية عن شركة لتصدير غاز الكيان الصهيوني المحتل لتركيا، ومختلف الشركات التركية، منها زورلو للطاقة، شريك محطة دوراد للطاقة في عسقلان.

عقد مؤتمر دولي للطاقة في بافوس، قبرص في سبتمبر 2013، وعرض فيه برايزا، مدير تركاس للنفط، لأول مرة في مؤتمر عام، خطة مفصَّلة لمشروع خط الأنابيب الذي تقترحه الشركة، وقد حضره الكثير من رجال أعمال الكيان الصهيوني المحتل.

وسيمتد خط الأنابيب بطول 470 كم من لفياثان إلى ميناء سكيسان أو مرسين جنوب تركيا، وسيستخدم معظم غاز لفياثان في السوق التركي الذي يحتاج لموارد جديدة، بينما سيباع بعضه إلى أوروبا، وخاصة اليونان. وسيحتاج أقصر مسار لخط الأنابيب إلى المرور في المنطقة الاقتصادية اليونانية الخالصة لتجنب المرور على الأراضي السورية.

وفي 22 مايو 2014 بدأت زورلو القابضة في العمل على مشروع خط أنابيب بحرية بقيمة 2. 5 بليون دولار، لمدة 20 عامًا، لنقل الغاز الطبيعي المكتشف في لفياثان في الكيان الصهيوني المحتل إلى تركيا.

ومن المتوقع أن تنقل هذه المنظومة البحرية 8 بليون متر مكعب من الغاز سنويًّا.

العلاقات العسكرية:

  • تحديث 170 دبابة تركية طراز دبابة إم 60 أيه 1 مقابل 500 مليون دولار.
  • صواريخ بوبيه – 1 وبوبيه – 2.
  • 400 صاروخ موجه طراز دليله (250 ميل).
  • صواريخ بوبيه – 2 أرض جو مقابل 150 مليون دولار.
  • مصفوفة صواريخ مضادة للصواريخ البليستية (بالاتفاق مع الكيان الصهيوني المحتل، وبموافقة الولايات المتحدة تحت التصنيع).
  • 400 صاروخ موجه دليله (250 ميل) (تحت المفاوضة).
  • منظومة طائرات قتالية إلكترونية متطورة، من إنتاج شركة ألتا للصناعات الجوية، بتوصية من شركة بوينغ الأمريكية، فبراير 2013.

اعتبارات متنوعة:

هناك العديد من العوامل المفسرة لدعم تركيا التوجه نحو إصلاح العلاقة مع الكيان الصهيوني المحتل، يمكن بيانها على النحو التالي:

1- التكيُّف مع التحولات الجيوسياسية في المنطقة:

لا تنفصل المساعي التركية لتعزيز التقارب مع الكيان الصهيوني المحتل عن التحولات السياسية المفصلية والفارقة التي يشهدها الإقليم؛ خاصةً بعد إقامة الكيان الصهيوني المحتل علاقات دبلوماسية رسمية مع عددٍ واسعٍ من دول المنطقة، في صدارتها: الإمارات، والبحرين، والسودان، والمغرب؛ ناهيك عن احتمال كسر جدار القطيعة، وبناء علاقات رسمية بين تل أبيب ودول عربية وإسلامية أخرى.

وتعي تركيا: أن الواقع الجديد الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط، يفرض عليها الانخراط مع هذه التحولات، والتعامل بواقعية سياسية مع هذه المستجدات، وهنا يمكن تفسير التحركات التركية نحو تحسين العلاقات مع تل أبيب.

2- استثمار تحولات موقف واشنطن تجاه “إيست ميد”:

صعَّدت الولايات المتحدة ضغوطها على مشروع “إيست ميد” لنقل غاز الكيان الصهيوني المحتل إلى أوروبا عبر أنبوب يمتد على طول ألفي كيلومتر يبدأ من سواحل الكيان الصهيوني المحتل مرورًا بقبرص ثم جزيرة كريت اليونانية، ومنه يتوزع إلى غرب القارة عبر إيطاليا.

وأعلنت إدارة الرئيس جو بايدن في 11 يناير الماضي أنها لن تدعم المشروع؛ لا سياسيًّا ولا ماليًّا، وتُعوِّل تركيا بدرجة كبيرة على التحفظ الأمريكي على مشروع “إيست ميد” الذي كانت تراهن عليه اليونان وقبرص في تهميش أنقرة في مشاريع الغاز، ومنع تحولها إلى مركز عالمي لنقل الطاقة.

وبحسب مراقبين: فإن التحفظات الأمريكية على المشروع تُمثِّل فرصة كبيرة لتركيا لاستعادة حضورها، وتعظيم نفوذها، وإعادة صياغة خارطة التحالفات في صراع شرق المتوسط لمصلحتها؛ وذلك من خلال تسريع وتيرة التقارب مع تل أبيب، وإمكانية التوصل إلى اتفاق يسمح بنقل الغاز من أراضيها إلى أوروبا عبر تركيا.

ويمثِّل هذا الملف أولوية كبيرة للسياسة التركية حيث يمكن من خلاله توقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بين أنقرة وتل أبيب؛ إضافة إلى أن نقل غاز الكيان الصهيوني المحتل إلى أوروبا عبر تركيا، وهو ما يمنح الأخيرة فرصة لتحسين موقعها في الصراع، وتأكيد أهمية موقعها الجيوسياسي، خاصةً في ظل محاولات تقودها اليونان وفرنسا وقبرص لتهميش الدور التركي في شرق المتوسط.

3- التأثير على موقف الكيان الصهيوني المحتل من دعم اليونان:

تُدرك تركيا أن هناك حاجة لتفكيك دعم الكيان الصهيوني المحتل لليونان في مواجهة التحركات التركية شرق المتوسط، أو على الأقل تحييده، خاصةً في ظل تأثير تل أبيب على موقف واشنطن تجاه دعم اليونان وقبرص مقابل معارضة المطالب التركية.

ويشار في هذا الصدد إلى أن الكيان الصهيوني المحتل أعلنت عشية زيارة نيكولاس باناجيوتوبولوس وزير الدفاع اليوناني إلى تل أبيب، في 20 يناير الفائت التزامها بالتعاون الأمني مع اليونان، وأن هذا التعاون يستند إلى مصالح وقِيَم مشتركة.

والأرجح: أن زيارة وزير الدفاع اليوناني إلى الكيان الصهيوني المحتل كشفت عن عمق المخاوف التركية من التقارب اليوناني مع الكيان الصهيوني المحتل؛ خاصة أن الرئيس التركي يحاول عبر تعزيز العلاقات مع الكيان الصهيوني المحتل سياسيًّا: إحداث الوقيعة بين التحالف الثلاثي “الكيان الصهيوني المحتل واليونان وقبرص” شرق المتوسط؛ وذلك بما يخدم المصالح التركية في النهاية.

4- مواجهة دعاوى وانتقادات خصوم الداخل:

يتجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تحسين العلاقات مع تل أبيب لتحشيد الداخل، وبناء موقف وطني جامع لمصلحة سياسات حزب العدالة والتنمية، من خلال إفشال دعاوى المعارضة التي طالما تتهم الحزب الحاكم بإفساد علاقات تركيا مع الخارج، وخاصةً تل أبيب التي تمثِّل ورقة ضاغطة كان يمكن توظيفها في استيعاب الضغوط الأمريكية المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات على تركيا.

5- تعميق التعاون الاقتصادي مع تل أبيب:

ترى تركيا -التي تعاني تدهورًا غير مسبوق في عملتها المحلية، وتباطؤًا حادًّا في اقتصادها-: أن الكيان الصهيوني المحتل دولة مهمة ومستقرة سياسياً مقابل أوضاع متدهورة في المنطقة؛ لذلك هي تمثِّل سوقًا اقتصاديًّا مهمًّا للمنتجات التركية.

وقد بلغ حجم التجارة الخارجية بين تركيا والكيان الصهيوني المحتل خلال عام 2020 ما يقرب من 6. 2 مليار دولار، وفي إجمالي واردات الكيان الصهيوني المحتل لعام 2020، احتلت تركيا المرتبة الرابعة بنسبة 6. 2% بعد الصين، والولايات المتحدة، وألمانيا.

وخلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2021، ارتفعت صادرات تركيا إلى الكيان الصهيوني المحتل إلى مليار و851 مليون دولار بزيادة قدرها 35% عن الفترة المناظرة من عام 2020، ليصبح الكيان الصهيوني المحتل الدولة الثامنة لصادرات تركيا خلال هذه الفترة.

وفي المقابل: فإن تركيا تعي أن جانبًا واسعًا من الاستثمارات الدولية يبقى محكومًا بعلاقات تركيا مع تل أبيب؛ خاصة أن الشركات الصناعية الكُبرى في العالم، بالذات في مجال التقنيات الحديثة، لا تستطيع أن تُغامر في بلدٍ ذات علاقات متوترة مع الكيان الصهيوني المحتل التي تُعتبر قطبًا في هذه المجالات الصناعية.

تحول مشروط:

ختامًا يمكن القول: إن الانفتاح التركي على الكيان الصهيوني المحتل، رغم أهميته للأولى، فإنه يظل مرهونًا لدى الكيان الصهيوني المحتل بوجود تحولات حقيقية في الموقف التركي تجاه القضايا الخلافية بين البلدين، وفي الصدارة منها: احتضان أنقرة حركة “حماس” على أراضيها، وقربها من إيران، وهو ما يثير قلق أوساط سياسية في الكيان الصهيوني المحتل، فسارع إلى التحذير من العودة المتسرعة إلى علاقة طبيعية مع أنقرة؛ حيث ترى قيادات نافذة في الكيان الصهيوني المحتل: أن الرئيس التركي شخص غير موثوق به.

وفي المقابل: فإن هناك قلقًا تركيًّا من استمرار تحالف الكيان الصهيوني المحتل مع اليونان، وقبرص، اللتين تعارضان التحرُّكات التركية للتنقيب عن مكامن الطاقة شرق المتوسط.

المصادر:

ترحيب تركي-إسرائيلي بـ”تحول” العلاقات بين البلدين

 

التعليقات مغلقة.