fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

نشر بوتين أسلحة نووية في بيلاروسيا تصعيد يعيد أجواء أزمة الصواريخ الكوبية

197

نشر بوتين أسلحة نووية في بيلاروسيا تصعيد يعيد أجواء أزمة الصواريخ الكوبية

 أثار قرار الدب الروسي بنشر أسلحة نووية تكتيكية على أراضي بيلاروس التي تقع على الحدود الشمالية لأوكرانيا، حالة من الجدل والتأهب والقلق البالغ دوليًّا وإقليميًّا؛ لا سيما لدى الغرب، حيث يذكرنا تمامًا بأزمة الصواريخ الكوبية 1962 في عهد الرئيس الأمريكي آنذاك جون كيندي، والزعيم السوفييتي نيكاتا خروتشوف، عندما أرادت واشنطن غزو كوبا وتصدَّى لها.

وفي تطور جديد للحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، أعلن الرئيس فلاديمير بوتين بشكل مفاجئ: أن موسكو ستنشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا المجاورة، حيث بالفعل تم إرسال نحو عشر مقاتلات إلى مينسك تستطيع حمل أسلحة نووية تكتيكية؛ الأمر الذي قد ينذر بصدام وخطر مواجهة ذرية مرتقبة ستنفجر إذا لم تُخمدها الإدارة الأمريكية بنفسها، مثلما حدث في عهد الرئيس كنيدي.

ومما لا يعلمه الكثيرون: أن تقريرًا صدر عن جهاز المخابرات الأمريكية على خلفية أزمة الصواريخ الكوبية آنذاك، أوضح فيه للرئيس كيندي، أن إطلاق روسيا لأول دفعة صواريخ نووية تجاه أمريكا يمكنها القضاء على ثُلث الشعب الأمريكي، وفي حال إطلاق الدفعة الثانية ستقضي على الثُلث الآخر، بالطبع سيكون هنا رد من واشنطن، لكن خسائر الولايات المتحدة ستكون فادحة للغاية وفق تقارير المخابرات.

ولكي يكون قارئ “رواق” للأبحاث على دراية أوسع بالقصة، فعندما أرادت الولايات المتحدة الأمريكية غزو كوبا التي تربطها علاقات صداقة قوية مع الاتحاد السوفييتي وقتها، رفض خروتشوف قرار كيندي وحذر بنشوب بحرب نووية قد لا يُحمد عقباها إذا مضت واشنطن في توجهها نحو غزو كوبا، وبالفعل أرسل خرتشوف عشرات الأسلحة التي تحمل رؤوس نووية ونشرها في كوبا لحمايتها من البطش الأمريكي.

بعد ذلك، هرول الرئيس كيندي بعد أيام قليلة من الشدِّ بين القوتين إلى الزعيم السوفييني سرًّا قبل أن يتم إعلان ذلك في العلن، واتفقا الزعيمان على احتواء الأزمة وعدم غزو كوبا، وسحب واشنطن أسلحتها من دول: ألمانيا وتركيا وإيطاليا، ولكن بعد ذلك قد أبقت واشنطن بعض أسلحتها النووية في ألمانيا وإيطاليا، وقامت بسحبها من تركيا، في مقابل أن تقوم روسيا بسحب أسلحتها النووية من أراضي كوبا.

وقبل أن نبدأ في التفاصيل عزيزي متابع “رواق” للأبحاث يجب أن نطرح بعض الأسئلة المهمة، وهي:

هل تقوم حرب نووية بمباركة أمريكية؟ ومَن الخاسر؟

ما حجم الدمار الذي يشهده العالم جراء أو حال نشوب حرب نووية؟

هذا ما سنتعرض له بالتفصيل في التقرير التالي.

لقد دخلت الحرب الروسية الأوكرانية عامها الثاني بعدة أشهر، وكما يبدو لي أن فرص الحل السلمي باتت أصعب من أي وقتٍ مضى، هكذا تشير التقارير والمعطيات على الأرض لأكبر حرب تقليدية خلال العقود الماضية، حيث مثلت الحرب في أوكرانيا علامة فارقة ونقطة تحول في المشهد الدولي، وضربت الاقتصاد العالمي في مقتل؛ مما نتج عنها أزمات ونقص في الغذاء والطاقة، وزيادة معدلات الفقر أغلبها في دول إفريقية.

إن الحرب في أوكرانيا ليس لها أي تفسير، سوى أنها “حرب بالوكالة”، وراءها أيديولوجيات ومصالح كبرى، و”كلمة السرّ” فيها الإدارة الأمريكية، وهو ما أكَّد عليه العديد من الخبراء والمحللين الإستراتيجيين، لا سيما تحت مظلة الهيمنة الأمريكية على القارة الأوروبية، فقد تأججت نيران الحرب في أوكرانيا، ويعيش العالم الآن على صفيح ساخن يزداد سخونة يومًا تلو الآخر، مما قد ينذر بحرب نووية.

بايدن يحذر من خطر نووي:

حذر الرئيس الأمريكي جو بايدن من أن العالم قد يواجه خطرًا نوويًا للمرة الأولى منذ 1962، معتبرًا أن بوتين لم يكن “يمزح” عند إطلاق هذه التهديدات حين تبيَّن أن جيشه “ضعيف جدًّا” من وجهة بايدين في أوكرانيا؛ لذا قال الرئيس الأمريكي متخوفًا “لم نواجه احتمال نهاية العالم منذ عهد جون كينيدي وأزمة الصواريخ الكوبية” في 1962. (فرانس 24).

يوافقه في الرأي، جورج بيركوفيتش من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي الذي قال: “أعتقد أن هذا الوضع وأكثر من أي وضع آخر منذ 1962، يمكن أن يفضي إلى استخدام أسلحة نووية”.

وأضاف: “أعمل في هذا المجال منذ أربعين عامًا، وهذا هو الوضع الأكثر حساسية الذي رأيته؛ لأنه لدينا قوة نووية هي روسيا، وصف زعيمها الوضع بأنه وجودي”.

ولكن في وقتنا الحالي، يضم العالم اليوم قوى نووية عدة أشبه ببراميل بارود، من كوريا الشمالية التي يتوقع الخبراء أنها تستعد لتجربة نووية جديدة إلى الهند وباكستان اللتين ما زالتا في حالة نزاع كامن وإيران التي أعادت إطلاق برنامجها النووي.

خطر النزاع بين قوتين نوويتين عظميين:

لكن يرى مراقبون: أن أوكرانيا تمثِّل خطرًا فريدًا؛ لأن النزاع يدور بشكل غير مباشر بين القوتين النوويتين العظميين، وبالتالي إذا اضطرت روسيا لاستخدام السلاح النووي، فسيكون هذا السلاح على الأرجح سلاحًا نوويًّا تكتيكيًّا كبداية فقط أضعف من الأسلحة التي توصف بأنها “إستراتيجية”. (فرانس 24).

وقد ضم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يشكك في الشرعية التاريخية لأوكرانيا مستقلة، رسميًّا أربع مناطق من هذا البلد، وأكد أن هجومًا على الأراضي الروسية “التي تم ضمها” أو تدخلًا غربيًّا مباشرًا في النزاع قد يدفع روسيا إلى استخدام السلاح النووي.

ما الفرق بين نشر صواريخ في بيلاروس والصواريخ الكوبية؟

في الحقيقة حاولت إدارة جون كيندي آنذاك تجنب حرب نووية بعد اكتشاف صواريخ نووية سوفياتية موجهة نحو الولايات المتحدة في أكتوبر عام 1962 على الأراضي الكوبية، وهو ربما الأمر نفسه بالنسبة لقرار الرئيس بوتين بنشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروس، ولكن مع الفارق أن حلفاء واشنطن الأوروبيون في ذلك الوقت سبب تركيز الولايات المتحدة على جزيرة كوبا التي تبعد أقل من 150 كيلومترًا عن ساحل فلوريدا، وتاريخها غني بالتدخلات الأمريكية.

وبحسب مارك سيلفرستون مؤرخ الحرب الباردة بجامعة فيرجينيا فإن أوكرانيا، تعتبر أهم بكثير لحلفاء الولايات المتحدة مما كانت عليه كوبا، مشيرًا إلى أن بوتين يريد على ما يبدو تغيير الحدود في أوروبا، وهذا أمر مرعب بالنسبة للأوروبيين.

وفي 1962، كانت أهداف الزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشوف، على الرغم من أهميتها، محدودة أكثر من أهداف فلاديمير بوتين اليوم، فقد كانت موسكو تسعى إلى منافسة الولايات المتحدة في مجال التسلح، والحصول على ورقة مساومة مع الغرب على برلين.

وقتها رفض كينيدي دعوات بعض مستشاريه إلى شن ضربات جوية ضد كوبا واختار بدلًا من ذلك فرض حصار بحري على الجزيرة، وصفه بأنه “حجر”، وهي عبارة تعتبر أقل تهديدًا، وفككت موسكو مواقع الصواريخ عندما وعد الرئيس الأمريكي بسحب صواريخ من: تركيا وإيطاليا.

الاتفاق بين خروتشوف وكينيدي:

وفي أكتوبر عام 1962 بينما كان خروتشوف وكينيدي يتواصلان عبر مراسيل، أُسقطت طائرة تجسس أمريكية من طراز “يو-2” فوق كوبا، وقتل طيارها، لكن كينيدي تجاهل الدعوات إلى الردِّ لعدم الصدام فيما يبدو مع موسكو، مفترضًا -وهذا ما كشف التاريخ أنه صحيح – أن الأمر بإطلاق النار لم يصدر من السوفيات، بل من قبل كوبا، وفي اليوم التالي مباشرة، أعلن خروتشوف عن اتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية ووقف التصعيد  (فرانس 24).

كيف بدأت أزمة الصواريخ الكوبية؟

بعد تنصيب جون كينيدي رئيسًا للولايات المتحدة في يناير 1961، أعطى الضوء الأخضر لتنفيذ غزو خليج الخنازير ميدانيًّا (الذي كان أطلقه أيزنهاور في 1960) للإطاحة بحكم كاسترو، ولكن هذا الهجوم قوبل برد عنيف من كوبا أنهى العملية لصالحها يوم 19 إبريل 1961، ووجه صفعة للأمريكيين. (الجزيرة).

ومع تزايد التخوفات الكوبية من عمليات عسكرية أمريكية أخرى، وافق خروتشوف في أبريل 1961 على تزويد كوبا بصواريخ (أرض – أرض) و(أرض – جو)، ونظرًا لنشر الولايات المتحدة صواريخ “جوبيتر” في كلٍّ من إيطاليا وتركيا في 1961، قرر كذلك في مايو 1962 وضع صواريخ نووية في جزيرة كوبا.

اتسمت عملية نقل الصواريخ بالسرية المطلقة؛ لذلك استخدم السوفيات سفنًا تجارية لنقلها إلى كوبا، وبلغ عددها أكثر من 60 سفينة شحن، ترافقها 3 غواصات، وذلك ضمن عملية سميت “عملية أنادير”، نسبة إلى نهر أنادير الواقع أقصى شرق سيبيريا، وبذلك أصبحت كوبا قاعدة عسكرية سوفياتية متقدمة في إطار مواجهة الغريم الأمريكي. (الجزيرة).

وفي يوليو عام 1962، نجحت السرية المطلقة للاتحاد السوفياتي في إيصال وتسليم 24 منصة إطلاق صواريخ، وأكثر من 40 صاروخًا باليستيًّا و45 رأسًا نوويًّا؛ إضافة إلى ما يقارب ألف عسكري وخبير لتدريب الجيش الكوبي على استعمال هذه الأسلحة.

نشر أسلحة نووية سوفياتية سرًّا على الأراضي الكوبية:

اشتعلت أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962 بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي، إثر اكتشاف الأمريكيين نشر صواريخ نووية سوفياتية بشكل سري على الأراضي الكوبية، التي تفصلها مسافة 90 ميلًا بحريًّا فقط عن سواحل فلوريدا الأمريكية.

وراقب العالم منذ إعلان هذا الاكتشاف أول مواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، إثر اندلاع ما عرفت بأزمة الصواريخ الكوبية التي جعلت العالم يقف 13 يومًا على حافة حرب نووية كانت ستعصف بالبشرية، وتدفع بالحياة على الأرض نحو المجهول.

أبرز نتائج أزمة الصواريخ الكوبية:

وبالرغم من استياء كاسترو الزعيم الكوبي آنذاك من طريقة إنهاء الأزمة بين قوتين عظميين: واشنطن والاتحاد السوفييتي؛ إلا أنه قد حافظ على علاقاته الجيدة مع زعيم الاتحاد السوفياتي، الذي ظل يعتبر كوبا منطقة نفوذًا له، وواصل تزويدها بالمعونات العسكرية في وجه الإدارة الأمريكية.

ومن الجانب الأمريكي، فقد ضمنت كوبا تعهد الولايات المتحدة بعدم غزوها بعد تصدي روسيا لها، رغم استمرار إدارة كيندي في التضييق عليها وتمويل المعارضة.

وبالتالي فقد أنقذ خروتشوف النظام الشيوعي في كوبا الذي أصبح يمثِّل امتدادًا للاتحاد السوفياتي، ونجح في إزالة الترسانة الصاروخية من بريطانيا وإيطاليا وتركيا، والتي كانت تمثِّل تهديدًا جديًّا لبلاده، وبعد هذه الأزمة تم إنشاء خط ساخن يوفر اتصالًا مباشرًا بين البيت الأبيض والكرملين، كما تم توقيع معاهدة الحظر الجزئي للتجارب النووية في الخامس من أغسطس عام 1963.

بوتين يأمر بنشر أسلحة نووية في بيلاروسيا:

وفي تطور جديد للحرب الروسية الأوكرانية الحالية التي لم تتوقف بعد، أعلن الرئيس فلاديمير بوتين بشكل مفاجئ: أن موسكو ستنشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا المجاورة، مؤكدًا أنه تم إرسال بالفعل عشر مقاتلات إلى مينسك تستطيع حمل أسلحة نووية تكتيكية. (سكاي نيوز).

وجاء إعلان الرئيس الروسي عن هذه الخطوة، وسط استمرار المعارك في شرق أوكرانيا، بينما تقول تقارير غربية: إن الروس يواجهون تعثرًا ولم يستطيعوا تحقيق الأهداف العسكرية على النحو الذي أرادوه.

وعن دوافع موسكو، قال مراقبون عسكريون: إن روسيا أدركت أن الحسم العسكري قريب المدى لن يتم في ظل ثبات وتيرة المعارك دون تحقيق أي تقدم ملحوظ لكلا الطرفين.

وأضاف المراقبون: أنه منذ بداية الحرب تعد بيلاروسيا نقطة انطلاق وتدريب وتجهيز للقوات الروسية التي تقاتل في أوكرانيا، مؤكدًا: أن قرار بوتين الأخير يمثل الخطوة الأخيرة نحو دخول مينسك الصراع بشكل مباشر لمحاولة حسم المعارك العصية على موسكو وتشتيت الانتباه بفتح جبهة جديدة. (سكاي نيوز).

وأشاروا إلى أن نشر موسكو للأسلحة النووية التكتيكية يأتي أيضًا ضمن خططتها الرامية لتأمين القرم أيضًا، ربما نظرًا لتخوفها من الهجوم المضاد الأوكراني في ظل الدعم الغربي الكثيف وغير المسبوق.

روسيا أكبر قوة نووية:

تتميز الأسلحة النووية التكتيكية في معظم الأحيان بحجمها أو مداها أو استخدامها لأهداف عسكرية محدودة دون سحق المنطقة بأسرها، والتسبب في تداعيات إشعاعية واسعة النطاق، نسلط الضوء عليها فيما يلي:

– تعد روسيا القوة النووية الأولى في العالم، مع مخزون بنحو 4500 رأس نووية وفق تقديرات معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام (SIPRI)..

– يأتي السلاح التكتيكي قصير المدى مزودًا برؤوس نووية صغيرة تدعم نظام توجيه ورأسًا حربيًّا قويًّا.

– يبلغ مدى الأسلحة النووية التكتيكية، أقل من 500 كيلومتر برًّا، وتصل لـ600 كيلومتر جوًّا وبحرًا.

– تنقسم الأسلحة النووية التكتيكية من حيث القوة إلى نوعين: الأولى تفوق قوتها القنبلة التي سقطت على هيروشيما، وهناك أسلحة أخرى لا تزيد قوتها التدميرية على دُفعة نيران مدفعية.

– يمكن تحميل الرؤوس الحربية النووية التكتيكية على أنواع مختلفة من الصواريخ التي تحمل عادة رؤوسًا تقليدية، مثل: الصواريخ المجنحة وقذائف المدفعية.

– وفقًا للاستخبارات الأميركية، تمتلك روسيا حوالي 2000 سلاح نووي تكتيكي.

ما الهدف من نشر الأسلحة النووية في بيلاروسيا؟

وفي المقابل: يرى خبراء، أن محاولة تصوير الأمر بأنه بداية حرب نووية غير صحيح، مؤكدين أن الخطوة تأتي ضمن حماية الحلفاء من وجهة نظر بوتين، وبالأخص الحليفتان لروسيا، وهما: الشيشان وبيلاروس بعد إعلان لندن منذ أيام تزويد كييف بذخائر اليورانيوم.

وأوضح باحثون: أن موسكو رفضت مرارًا التقارير الغربية عن عزمها استخدام السلاح النووي في أوكرانيا، ولكن ما يحدث الآن هو بداية غربية لدفع موسكو نحو هذا إذا لزم الأمر.

وكان رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو قد عَلَّق على عزم الدول الغربية تزويد أوكرانيا باليورانيوم المنضب، قائلًا: “إذا زودت بريطانيا كييف باليورانيوم، ستزودنا موسكو بيورانيوم حقيقي، في إشارة منه إلى قيام بريطانيا بهذه الخطوة واصفًا إياهم بالمجانين، بينما وصفت موسكو تلك الخطوة بأنها ستنقل الصراع إلى مرحلة جديدة وخطيرة للغاية. (سكاي نيوز).

رسالة قوية من بوتين لأوروبا:

ويرى مراقبون: أن قرار بوتين يهدف إلى ردع الغرب للكف عن تزويد أوكرانيا بالأسلحة، مما تعد رسالة قوية للقارة الأوروبية لحماية الأمن القومي الروسي بكافة الوسائل الممكنة، وهو ما تسبب في غضب واستياء الاتحاد الأوروبي.

من جهته: أعرب الاتحاد الأوروبي عن غضبه وإدانته للاتفاق المبرم بين موسكو ومينسك لنشر أسلحة نووية روسية في بيلاروسيا، واصفًا إياه بأنه “خطوة من شأنها أن تؤدي إلى مزيدٍ مِن التصعيد الخطير للغاية في القارة”.

وقال الاتحاد الأوروبي في بيان له عقب القرار الروسي: إن النظام البيلاروسي شريك في الحرب العدوانية غير القانونية وغير المبررة التي تشنها روسيا ضد أوكرانيا، ودعا بيلاروسيا إلى التراجع عن القرارات التي يمكن أن تسهم فقط في تصعيد التوترات في المنطقة وتقويض سيادتها.

روسيا أكبر قوة نووية:

تشير تقارير دولية، ومنها أمريكية: أن روسيا تمتلك أكبر مخزون من السلاح النووي، حيث التي ورثته من أسلحة الاتحاد السوفياتي، مما يعد أكبر مخزون في العالم من الرؤوس الحربية النووية.

ويقول اتحاد العلماء الأمريكيين: إن بوتين يسيطر على قرابة 6000 من هذه الرؤوس الحربية اعتبارًا من عام 2022، وتم إخراج نحو 1500 من هذه الرؤوس الحربية من الخدمة، ولكن يعتقد أنها لا تزال سليمة، كما أن هناك 2889 في الاحتياط، ويتم نشر 1588 كرؤوس حربية إستراتيجية.

وقالت مؤسسة بولتين أوف أتومك ساينتس: إنه يجري نشر نحو 812 من هذه الرؤوس على صواريخ باليستية أرضية، ونحو 576 على صواريخ باليستية تطلق من غواصات، ونحو 200 في قواعد قاذفات ثقيلة.

مخزون الولايات المتحدة الأمريكية من الرؤوس النووية:

في بيان قد صدر عن وزارة الخارجية الأمريكية في عام 2021، كشف أن حجم مخزون واشنطن من الرؤوس النووية الحربية للمرة الأولى مرة منذ أربع سنوات، بعد التعتيم الذي فرضه الرئيس السابق دونالد ترامب على هذه البيانات.

وأوضح بيان وزارة الخارجية أنه في 30 سبتمبر 2020، كان الجيش الأمريكي يمتلك 3750 رأسًا نوويًا مُفعَّلًا أو غير مفعل، أي: أقل بـ55 رأسًا عن العام السابق و72 عن اليوم نفسه من 2017، وهذا العدد هو الأدنى منذ بلغ المخزون النووي الأمريكي ذروته في أوجِّ الحرب الباردة مع روسيا في 1967، عندما كان 31255 رأسًا حربيًّا.

وذكرت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان لها: إن ” زيادة الشفافية بشأن المخزونات النووية للدول مهم لجهود منع الانتشار للأسلحة النووية والفتاكة ونزع السلاح المميت”.

الخلاصة:

– أن استمرار الدعم الغربي والأمريكي إلى أوكرانيا؛ دون التوصل إلى حل للأزمة قد ينذر بحرب نووية وشيكة، لا سيما في ظل استفزاز الدب الروسي.

– إذا لم تُبادر الإدارة الأمريكية بوقف انتشار الأسلحة النووية مثلما حدث بين الرئيسان كيندي وخروتشوف في عام 1962 عبر حل جذري للأزمة الأوكرانية، ستنفجر الأمور في أي وقت وفي أي لحظة، وتخرج عن السيطرة.

– إن ارتفاع وتيرة الصراع بين قوتين نوويتين عظميين ينذر بكارثة كبرى قد تقضي على الأخضر واليابس، ليس فقط في الخسائر البشرية؛ إنما على الأراضي الزراعية أيضًا؛ الأمر الذي قد ينذر بمجاعات فجّة؛ جراء بوار الأراضي نتيجة استخدام السلاح النووي المُدمر.

– بالرغم من سياسة أمريكا والتدخل في شئون الدول؛ إلا أن الرئيس كينيدي قد أدار أزمة الصواريخ الكوبية عام 62 مع الزعيم السوفييتي خروتشوف بمهنية وحذر شديدين؛ إذ نجح في إخماد الأزمة وهو ما يحتاجه العالم المُنهك من إدارة الرئيس بايدين أو ما يأتي بعده خلال الأشهر المقبلة، أو حال عدم فوزه في الانتخابات الرئاسية.

– إذا شعرت روسيا بتهديد حقيقي من دول “الناتو” واستمرار تمدده شرقًا مع الحدود الروسية، فيعتقد أن الضغط على “الذر النووي” من بوتين، سيكون واقعيًّا لا محالة، وليس من باب التهديد فقط كما يتوقع الرئيس بايدين.

– كما أن الرئيس بوتين لن يتراجع عن حصول موسكو على ضمانات من “الناتو” كما هو متفق عليه مع الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرًا والتي نقضت الاتفاق، ولكن إخماد الحرب وعدم استمرارها مرهون بمدى نية الإدارة الأمريكية في وقف التمدد لقوات الحلف شرقًا وإعطاء روسيا ما طلبته من ضمانات.

– إن استمرار الحرب يعني مزيدًا من رفع سقف الشروط بين روسيا والغرب وليس أوكرانيا؛ لأن القرار بيد الغرب لا كييف، مما يستوجب أن تنصت أوروبا وواشنطن للمبادرات والوساطات لإنقاذ الموقف قبل فوات الأوان، ومنها المبادرة الأفريقية التي قد تسهم في وقف جزئي لإطلاق النار؛ حال حسُنت النوايا بين أطراف الصراع.

المصادر:

– الكاتب

– فرانس 24

الجزيرة

– سكاي نيوز

المرسال

التعليقات مغلقة.