مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

قراءة في السياسات الأوروبية الجديدة بشأن “الهجرة واللجوء” بعد صعود اليمين المتطرف

0 37

قراءة في السياسات الأوروبية الجديدة بشأن “الهجرة واللجوء” بعد صعود اليمين المتطرف

لقد ساهم صعود أحزاب اليمين المتطرف في انتخابات البرلمان الأوروبي خلال 2024، وقبلها في العديد من الانتخابات التشريعية في الدول الأوروبية، في رسم سياسة تشريعية جديدة من أجل محاربة الهجرة والمهاجرين، وبالأخص المسلمين، وكراهية الأجانب والتمييز العنصري والعرقي والديني وتمجيد القوميات الغربية؛ بالرغم من أن القارة العجوز تُعد شريكة في تغذية الصراعات في الشرق الأوسط وحول العالم، تلك التي تزيد من عمليات الهجرة والنزوح، ونتيجة لتبعياتها ودعمها للسياسة الأمريكية التي تأخذ بمبدأ “فرّق تسد”. ولنا نماذج حيّة في غزة ولبنان وسوريا واليمن والعراق.

تنص التشريعات الجديدة للاتحاد الأوروبي ودوله بمعالجة ملف اللجوء والهجرة من خارج الحدود، بإنشاء معسكرات خاصة لفحص الشروط ومطابقة المعايير، وممارسة حق القبول أو الرفض، وبتوزيع المسؤولية في هذا الملف بين الدول الأعضاء جميعًا وفق قوانين والتزامات جديدة، من المفترض أن تكون إجراءاتها العملية قد أصبحت واضحة عام 2026 حين البدء بتنفيذ هذه التشريعات كما هو مخطط.

حيث من المفترض أن تدخل التشريعات والإجراءات الجديدة الخاصة بالهجرة واللجوء حيز التنفيذ في عام 2026.

في هذا التقرير التحليلي لمركز “رواق” للأبحاث والدراسات، نسلط الضوء على بعض النقاط المهمة، وهي: أسباب التشريعات الأوروبية الجديدة التي تتعلق باللجوء والهجرة، تداعياتها على ملف الهجرة خصوصًا بعد صعود اليمين المتطرف، انعكاسات هذه التشريعات على دول الاتحاد الأوروبي والدول المرتبطة بهذا الملف في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، هل حقًا هذه التشريعات تعالج مشكلات اللجوء أم أنها إمعانٌ في المصالح الأوروبية على حساب الجانب الإنساني، تداعيات التشريعات الجديدة وتناقضها مع ميثاق الهجرة وحقوق الإنسان، موقف اليمين المتطرف والعداء بالأخص ضد المهاجرين المسلمين؟

إن التشريعات الأوروبية الجديدة قد يُنظر إليها على أنها التأثير الأبرز لصوت اليمين المتطرف الذي حافظ على مكانه أو تقدم خلال السنوات الأخيرة، سواء على مستوى البرلمان الأوروبي أو على المستوى الوطني ضمن الدول الأوروبية. هذا التأثير إلى جانب ضغوطات أخرى داخلية وخارجية كان قد ألجأ دول الاتحاد الأوروبي إلى إبرام اتفاقات ثنائية أو تفاهمات خاصة مع دول أو أطراف خارج الاتحاد الأوروبي للمساهمة بالحد من تدفق اللاجئين والمهاجرين مقابل امتيازات مالية أو تنموية.

السياسات الأوروبية في قضايا الهجرة وفق التشريعات الجديدة:

تعتبر التشريعات التي أقرها الاتحاد الأوروبي المتعلقة بملف اللجوء والهجرة، هي أول التشريعات التي تم إقرارها منتصف عام 2024 منذ عقد من الزمن. وعمليًا فقد استغرق نقاش هذه التعديلات سنوات، مع صعود اليمين المتطرف ولجوء بعض القوى السياسية الأخرى لتبني هذا الخطاب لأسباب مختلفة. (مركز أبعاد).

تسمح التشريعات الجديدة للاتحاد الأوروبي ودوله بمعالجة ملف اللجوء والهجرة من خارج الحدود، بإنشاء معسكرات خاصة لفحص الشروط ومطابقة المعايير، وممارسة حق القبول أو الرفض، وبتوزيع المسؤولية في هذا الملف بين الدول الأعضاء جميعًا وفق قوانين والتزامات جديدة، من المفترض أن تكون إجراءاتها العملية قد أصبحت واضحة عام 2026 حين البدء بتنفيذ هذه التشريعات كما هو مخطط.

وبالتالي فإن التشريعات الجديدة قد يُنظر إليها على أنها التأثير الأبرز لصوت اليمين المتطرف الذي حافظ على مكانه أو تقدم خلال السنوات الأخيرة، سواء على مستوى البرلمان الأوروبي أم على المستوى الوطني ضمن الدول الأوروبية.

لا ننكر أنه بحكم مجموعة من العوامل التاريخية والجغرافية والاقتصادية والثقافية تضاعفت جاذبية الدول الغربية أمام اللاجئين من الدول النامية، منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث غدا فعل الهجرة منسجمًا بشكل أكبر مع تداخُل مجموعة من الدوافع، تلخصت غالبًا في انعدام الفرص الاقتصادية وبُؤس الحوكمة السياسية وغياب تكافُؤ الفرص، في مقابل ما وفرته الدول الغربية من الفرص الاقتصادية والاجتماعية.

حيث أصبح المهاجرون مصدرًا للدخل بالنسبة لدولهم الأم التي هاجروا منها، وفي مقابل ما وفَّروه من الأيدي العاملة للدول الغربية، وفي مقدمتها دول القارة الأوروبية، لكن كان ذلك بالتزامن مع ازدياد القلق الأوروبي الذي ينبع جزئيًّا من السرديات السياسية لملف المهاجرين، فأصبحت هذه السرديات، خصوصًا بعد صعود كبير لليمين المتطرف، تجد موقعها ضمن التيارات السياسية والحزبية الأوروبية. (مركز أبعاد).

إن القانون الأوروبي أو التشريعات الجديدة، ستلقي بظلالها على المواطنين اللاجئين أو المطالبين بحق اللجوء من دولهم المتصارعة، خاصة أولئك القادمين من مناطق ملتهبة أو انتشر فيها الصراع، وسط تنامي شعارات رفض الآخر وتمجيد القومية الضيقة. وتناست دول أوروبا والمتطرفون أن إيجابيات الهجرة أنها ساهمت -وما تزال تساهم- في نجاح الدول الغربية، وتحقيقها إنجازات كبيرة خلال العقود الماضية، خاصة القادمون من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

أسباب التشريعات الأوروبية والمخاوف التي تتعلق باللجوء والهجرة:

لا شك أن تداعيات الهجرة وكثرة طالبي اللجوء في أوروبا تخلق العديد من الأزمات المتعاقبة والمؤثرة على المجتمعات الأوروبية، لكن تظل تخوفات الاتحاد الأوروبي والقلق الذي يعبر عنه أمرًا مُبالغًا فيه. وعلى ما يبدو فإن سبب ذلك أن الإشكال الأمني يخيم على طريقة تعاطي الدول واستجابتها للمهاجرين غير النظاميين وطالبي اللجوء، ويشمل هذا مسؤولية الاتحاد الأوروبي، ودوره الأساسي في الحفاظ على أمن الشعوب الأوروبية وسلامتها واستقرارها.

كما أن هناك مشكلة أخرى تواجه الاتحاد الأوروبي وتُثار من الجانب الإنساني، فقد سجل في عام 2023 فقدان ووفاة 3150 مهاجرًا عبر البحر، منهم 161 طفلاً و104 نساء، كما يتعرض المهاجرون نحو أوروبا لخطر العنف والاستغلال من قِبل عصابات الاتجار بالبشر.

تفرض أوروبا، وخاصة دولها الجنوبية، العديد من القيود على المهاجرين وطالبي اللجوء، كما تسيء معاملة اللاجئين من خلال وضْعهم في مراكز مكتظة ومهملة أثناء معالجة ملفاتهم. وتواجه هذه الملفات إجراءات معقَّدة وبطيئة وفق نظام بيروقراطي روتيني شديد الرتابة، كما أن الأفراد المعترَف بهم رسميًّا بصفة لاجئين يشتكون من صعوبة الحصول على المساعدة المطلوبة، والتي تُسهّل عليهم سهولة الانصهار والذوبان داخل النسيج الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الأوروبي.

تداعيات التشريعات الجديدة على ملف الهجرة بعد حرب أوكرانيا:

لاجئون أوكرانيون

يعتقد الاتحاد الأوروبي أن إبرام الاتفاقات والشراكات مع الدول المصدرة للمهاجرين غير النظاميين هو الحل الأسلم والأفضل لمواجهة الأعداد الكبيرة من المهاجرين القادمين من دول هشَّة، أو من الدول التي تنعدم فيها فرص العمل وظروف العيش الكريم، وترى دول الاتحاد الأوروبي أن نموذج الاتفاق مع تركيا عام 2016 يُعد نموذجًا جيدًا، حيث حدَّ من تدفُّق اللاجئين السوريين بشكل كبير.

بالرغم من ازدواجية المعايير مع المهاجر الأوروبي مثل لاجئي أوكرانيا نتيجة الحرب الروسية، واللاجئ العربي أو الإفريقي؛ إلا أن ثَمَّة سلبيات وخلل واجه بعض اللاجئين الأوكرانيين، وقد نشرتها منظمات حقوقية دولية نتيجة الاستغلال من البعض، حيث أن الحرب الروسية الأوكرانية أربكت حسابات الاتحاد الأوروبي، سواء الحسابات الاقتصادية أم الأمنية؛ لذلك لجأت الحكومات المنتخبة في أوروبا إلى اتخاذ موضوع الهجرة ورقة انتخابية تستخدمها لكسب المزيد من المقاعد ولتخويف المواطن الأوروبي ورفع منسوب الكراهية ضد الأجانب، وهو ما ساهم في صعود اليمين المتطرف بشكل كبير في الانتخابات الماضية.

انعكاسات التشريعات على أوروبا ودول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا:

لقد شكَّل صعود اليمين المتطرف في الانتخابات التشريعية للبرلمان الأوروبي والانتخابات الرئاسية والتشريعية في العديد من الدول الأوروبية تكريسًا لعودة السياسات الشعبوية المُحافظة والمعادية للهجرة، مما وجَّه ضربة قوية للديمقراطيات الغربية، وخاصة في فرنسا وألمانيا.

وبشكل عام، فقد عزز اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية لعام 2024 مواقعه في البرلمان الأوروبي، بالترتيب في فرنسا وإيطاليا والنمسا، ثم في ألمانيا وهولندا، كذلك بقي حضور اليمين أو حتى تقدمه في البرلمان الأوروبي في كل من إسبانيا واليونان وسلوفاكيا والمجر وغيرها من الدول الأوروبية.

إن خسارة ماكرون ضد التجمع الوطني اليميني المتطرف، دفعه لإعلان حل الجمعية الوطنية والدعوة لعقد انتخابات برلمانية مبكرة، كما أن حزب المستشار الألماني تراجع بشكل ملحوظ بتحقيق أسوأ نتيجة في تاريخه، أمام المحافظين وحزب البديل من أجل ألمانيا المتشدد.

كما أن وصول اليمين المتطرف إلى مكاسب ومقاعد إضافية في انتخابات البرلمان الأوروبي -رغم عدم حصوله على أغلبية مريحة في ظل وجود الأحزاب الليبرالية المعتدلة في المؤسسة التشريعية الأوروبية- قد يسهم في تعطيل مسار التشريعات المتعلقة بالسياسات العمومية للهجرة وسياسات اللجوء وإدماج المهاجرين في النسيج السياسي والاقتصادي والاجتماعي الأوروبي. (مركز أبعاد).

موقف اليمين المتطرف والعداء ضد المهاجرين المسلمين:

مهاجرون مسلمون

لا شك أن تأثير اليمين المتطرف على سياسة الهجرة كان واضحًا بشكل كبير حتى قبل تقدمه في انتخابات البرلمان الأوروبي عام 2024، فعلى مدار عام 2023 تبنّى حزب الشعب الأوروبي مواقف سياسية يمينية متطرفة بشأن معالجة الهجرة غير الشرعية، وزعم تجمُّع أحزاب الهوية والديمقراطية أن مطالبه أدرجت في النص النهائي لاستنتاجات مجلس الاتحاد الأوروبي، ولعل العداء تجاه الهجرة والمهاجرين نحو الاتحاد الأوروبي هو القضية السياسية الوحيدة التي تتفق عليها الفصائل اليمينية المتطرفة المختلفة.

وقد ذهبت بعض الأحزاب اليمينية؛ مثل: حزب الجبهة الوطنية، وحزب الحرية، وحزب البديل لألمانيا إلى حد التحذير من “الاستبدال العرقي”، وتُبدي بعض هذه الأحزاب قلقها بشكل خاص بشأن المهاجرين المسلمين، حيث تبنّى حزب الحرية على سبيل المثال معاداة الإسلام من الناحية الأيديولوجية.

كما أن المخاوف بشأن التكاليف الاقتصادية لطالبي اللجوء وتأثيرات الهجرة على القانون والنظام وسوق العمل هي سمات مشتركة أيضًا بين الأحزاب اليمينية التي تدعو في مجملها إلى إعادة تأميم سياسات الهجرة واللجوء، وتلجأ إلى تدابير صارمة، بما في ذلك إدارة الحدود بشكل أكثر صرامة من السابق، والحصار البحري، ونقل إجراءات اللجوء إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي، وإعادة طالبي اللجوء غير النظاميين وترحيلهم إلى بُلدانهم الأصلية.

حيث استغلت الأحزاب اليمينية المتطرفة موضوع الهجرة لاستغلال المظالم الحقيقية للناس، ومنها الرعاية الصحية والإسكان وارتفاع تكاليف المعيشة، وأَخذ النقاش حول الهجرة حساسية كبرى بين الدول الأعضاء، وخاصة بعد وصول أعداد كبيرة من المهاجرين في الفترة بين عامي 2015 و2016، ومنذ ذلك الحين حاولت الأحزاب الوسطية تبني سرديات اليمين المتطرف بشأن الهجرة على المستوى الوطني وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي، على أمل الاحتفاظ بالناخبين المنشقين عن الأحزاب المتطرفة. (مركز أبعاد).

تداعيات التشريعات الجديدة وتناقضها مع ميثاق الهجرة وحقوق الإنسان:

لقد زاد الفشل المنشود بين القادة الأوروبيين في وضع نظام لجوء أوروبي مشترك بقواعد ولوائح واضحة، وعدم رفع الضغوط عن بُلدان الدخول، وزيادة عسكرة مراقبة الحدود، وتفويض مشكلة الهجرة إلى دول ثالثة يعكس الجهود المستمرة التي يبذلها الاتحاد الأوروبي للتهرب من التزاماته بموجب القانون الدولي تجاه طالبي اللجوء.

وبالتالي فإن سياسة اللجوء المنصوص عليها في ميثاق الهجرة الأوروبي الجديد تتناقض مع مبادئ حقوق الإنسان الأساسية، حيث أشارت المنظمات الحقوقية الدولية إلى أن الاتفاقية يمكن أن تؤدي إلى احتجاز طالبي اللجوء، بما في ذلك الأُسَر التي لديها أطفال، في مرافق شبيهة بالسجون؛ مما يؤدي إلى المزيد من العنف من قِبل سلطات الحدود، ويسمح بالترحيل إلى دول ثالثة غير آمنة.

كما لا يمكن أبدًا إغفال الجانب الجيوسياسي لسياسات الهجرة واللجوء الأوروبية، حيث هذه المرة الأولى التي تؤطر فيها من الناحية التشريعية والقانونية حدود الاتحاد الأوروبي الخارجية، الحدود مع دول الجوار جنوب وشرق المتوسط والبلقان. وحسب الميثاق تمثل هذه المناطق جزءًا من سياسات الاتحاد المتعلقة بالهجرة واللجوء.

وهو ما يعني أن هذه الدول المستقبلة للاجئين لديها فرصة لتحسين مواقعها التفاوضية مع دول الاتحاد الأوروبي، لكن من جهة أخرى يعطي الميثاق الجديد سلطات أوسع للاتحاد الأوروبي في اتجاه التحكم وضبط العلاقات غير المتكافئة مع المحيط المجاور، من خلال رجحان الدور الأوروبي وتفوُّقه في إدارة حدوده الخارجية، وتعزيز البُعد الأمني الذي يُعتبر الهاجس الأكبر لأوروبا منذ سنوات. كما أن نجاح السياسات الأوروبية للهجرة يقتضي التعاون المكثف والتحالف القوي مع دول الجوار، خاصة فيما يتعلق برفض الوافدين وترحيلهم. (مركز أبعاد).

أبرز مستجدات تشريعات الهجرة الجديدة.. ومتى تُطبق؟

لقد تبنّى مجلس الاتحاد الأوروبي في أيار / مايو 2024 بصورة نهائية ما أسماه إصلاحًا شاملًا لقوانين الهجرة واللجوء، وذلك قبل شهر واحد من انتخابات البرلمان الأوروبي، وهو أكبر تعديل يطال سياسة الهجرة في الاتحاد الأوروبي منذ أكثر من عقد من الزمن. وبدأت المفاوضات حول هذه الإصلاحات إثر التدفق الكبير للمهاجرين غير النظاميين إلى أوروبا، خاصة من سوريا وأفغانستان بعد عام 2015.

تشدد هذه الحزمة الإصلاحية إجراءات الدخول للفضاء الأوروبي، وتُجبر كل الدول الأعضاء على تقاسم مسؤولية مراقبة كل الوافدين إليها، وتتألف خطة الإصلاح التي تم تبنيها بعد مفاوضات استغرقت نحو عقد من الزمن 10 تشريعات دعمتها أغلبية كبيرة من دول الاتحاد الأوروبي.

وعلى إثر ذلك التحرك، فقد أقرت التشريعات الأوروبية الجديدة الخاصة بالهجرة واللجوء بأغلبية 55% من الدول الأعضاء التي تمثل 65% على الأقل من سكان الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك صوتت المجر وبولندا ضد الخطة بأكملها، في حين عارضت دول مثل النمسا وسلوفينيا بعض البنود من التشريعات المذكورة.

من المفترض أن تدخل الإجراءات حيز التنفيذ في عام 2026، حيث خلال عامين تقوم المفوضية الأوروبية بتحديد آليات تطبيق الإجراءات، وتُقيم الدول الأعضاء منشآت حدودية تحتضن فئات معينة من طالبي اللجوء مع إخضاعهم للفحوصات، وترحيل فاقدي أهلية الحصول على صفة اللجوء إلى بُلدانهم الأم.

ووَفق الإصلاحات الجديدة تستطيع الدول التي تتلقى طلبات لجوء كثيرة أن تطلب إرسال طالبي اللجوء إلى دول أوروبية أخرى في إطار نظام الكوتا المتفَق حوله.

حيث يتم فحص طلبات اللجوء عند الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، عندما يصل إليها اللاجئون برًّا أو بحرًا أو جوًّا، فيتم تسجيل جميع الطلبات في قاعدة تسمى بـ “Eurodac”، وهي قاعدة بيانات بيومترية موسعة خاصة بالاتحاد الأوروبي. وتتم عملية التسجيل خلال فترة 7 أيام فقط، ويتم فيها رفض الذين لا تنطبق عليهم شروط الأهلية للحصول على صفة لاجئ، فتتم إعادتهم دون الحاجة لإجراءات الفحص الإضافية التي سيخضع لها الباقون. ويتم اتخاذ القرار في معسكرات يجب أن تُقام في اليونان وإيطاليا ومالطا وإسبانيا وكرواتيا وقبرص، وتتسع المعسكرات لما يقارب 30000 مقعد.

موقف الدول الرافضة لاستضافة لاجئين يفاقم النزاعات السياسية:

ثَمَّة خلاف على هذا القانون الجديد، خصوصًا من الدول التي ترفض استضافة لاجئين، حيث يمكن للدول الأولى التي تستقبل المهاجرين أو طالبي اللجوء الذين تم قبولهم أو الذين لديهم فرص جيدة للحصول على اللجوء نقل جزء منهم إلى دول أعضاء أخرى في الاتحاد الأوروبي، حيث ينص القانون الجديد على أهمية التضامن الإلزامي بين الدول الأعضاء.

وعلى سبيل المثال ووفق الاتفاق بين الدول الأعضاء، يجب على الدول مثل المجر التي لا ترغب في استقبال اللاجئين أن تدفع تعويضًا على الأقل، أو تقوم بإرسال مُعدات وموظفين إلى الدول التي تستقبل المهاجرين، وقد تمت الإشارة إلى مبلغ 20000 يورو تعويضًا لكل مهاجر غير مُستقبَل، لكن هذا النظام التعويضي لم يتم تحديده قانونيًا، بل يجب التفاوض عليه بين الدول الأعضاء حسب طبيعة كل حالة لجوء.

وبناءً على ذلك، فعندما تشعر دولة العبور بصعوبة تحمُّل اللاجئين يمكنها تخفيف العديد من القواعد وطلب المزيد من المساعدة والتضامن، ويتم اتخاذ قرار بحدوث حالة الأزمة بالتوافق بين جميع دول الاتحاد وعددها 27؛ ولهذا يشغل الجانب الصراعي حيزًا كبيرًا في الدول الأوروبية ويُسهم في تفاقُم النزاعات السياسية.

وبالتزامن مع السياسات التشريعية الجديدة، يحاول الاتحاد الأوروبي تكثيف استخدامه لصفقاته مع دول العبور والمنشأ، والتي تهدف إلى الحد من عدد طالبي اللجوء، حيث أبرم مؤخرًا اتفاقات مع تونس وموريتانيا ومصر، مع توقع أن يتم ترحيل الأشخاص بشكل أسرع في المستقبل إلى الدول التي تم تصنيفها على أنها دول آمِنة، سواء كانت دول المنشأ أم دول العبور.

وقد وافقت تونس على استقبال مواطنيها في مقابل مساعدات اقتصادية من الاتحاد الأوروبي، بينما لم ترغب في إعادة المهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى الذين وصلوا إلى الاتحاد الأوروبي عبر تونس. وكان الاتحاد الأوروبي قد وقّع عام 2016 مع تركيا اتفاقًا يقلل وصول السوريين عبر تركيا إلى اليونان، لكن المشكلة أن تركيا لم تعد ترغب في استقبالهم فوق أراضيها. (مركز أبعاد).

المهاجرون إلى أوروبا يواجهون سياسات اليمين المتطرف الجديدة:

نقول: لقد فوّتت أوروبا على نفسها فرصة تأسيس ميثاق للهجرة واللجوء، ينتصر لحقوق الإنسان وللقانون الدولي وللقانون الدولي الإنساني، بعد ما حصل اليمين المتطرف على عدد مقاعد كبير في البرلمان والاتحاد الأوروبيين.

وقد حدثت العديد من المفاوضات خلال السنوات الماضية بين مجموع الدول المشكلة للاتحاد الأوروبي، وخلال العام 2024 صادق البرلمان الأوروبي، وبعده مجلس الاتحاد الأوروبي في نفس التوقيت، على ما يطلق عليه بميثاق الهجرة واللجوء الأوروبي، حيث كان الهدف الأساسي الذي رُسم له هو التقريب بين مواقف هذه الدول، خصوصًا بعد ما عُرِف بأزمة اللاجئين التي تعود لسنة 2015. (الجزيرة).

ومنها ما هو شرعي، وأيضًا ما هو مخالف لقانون الهجرة واللجوء الدولي، كذلك أن منها ما يتبنَّى المقاربة الأمنية، التي غالبًا ما تكون ضحيتها الأقليات بمختلف ألوانها، خصوصًا في صفوف المسلمين بعدما ألِف اليمين واليمين المتطرف توظيف موضوع الهجرة، لتأجيج الانقسام المجتمعي، وتصعيب الاندماج في سياق عالمي محفز على الرفع من منسوب الإسلاموفوبيا، ولا يكشف بالشكل الكافي عن المفارقات التاريخية والعلمية لفرضية معاداة السامية.

هذا الميثاق الذي يقع في ألفي صفحة ويضم عشرة نُظم قانونية مُوجهة للتشريعات الوطنية لدول الاتحاد، طغت عليه في المجمل الرؤية الأمنية على حساب ما هو حقوقي وإنساني.

إن الأمر الذي أثار حفيظة المنظمات الحقوقية والمنظمات المدنية غير الحكومية المنتصرة لحقوق المهاجرين، وحقوق الأقليات الدينية والثقافية، ودفع أحزاب اليسار والأحزاب المتبنية لما يسمى في الفكر السياسي الحديث بالديمقراطية الاجتماعية، بجانب أحزاب يمين الوسط، هو الدعوة لسحب الميثاق من مجلس الاتحاد الأوروبي والبرلمان اللذين يتقاسمان الاختصاص التشريعي بمؤسسات الاتحاد الأوروبي، حسب اتفاقية لشبونة التي دخلت حيز التنفيذ عام 2009. (الجزيرة).

“أوروداك”.. ما مضمون ميثاق الهجرة واللجوء؟

إن ميثاق هذه السنة هو إلزام مجموع دول الاتحاد الأوروبي بالتضامن والتوزيع العادل لأعداد المهاجرين، خصوصًا وقت الأزمات، وذلك بناءً على قاعدة بيانات توفرها منصة إلكترونية أُطلق عليها اسم: “أوروداك”، تتولى عملية مقارنة البصمات، إلى جانب إحصاء وتسجيل المهاجرين غير النظاميين وطالبي اللجوء، دون إغفال التأكد من جدية الطلب، ودرجة المخاطر المحدقة بالبلد الأصلي، والنظر فيما إذا كان بالفعل بلدًا آمنًا أو غير آمن، يستدعي طلب الحماية الدولية.

منذ سنة 2020، ودول الاتحاد الأوروبي تعمل للوصول إلى معالجة شاملة تستدمج الأبعاد الحقوقية والإنسانية والسياسية لظاهرة الهجرة وطلب اللجوء، لكن تعدد التصورات وتضارب المصالح، خصوصًا بين دول الاتحاد، خصوصًا في الجنوب مثل: إسبانيا، وإيطاليا، واليونان، ودول الشمال مثل فرنسا، وألمانيا، والدانمارك، حالت دون ذلك.

ويأتي ميثاق عام 2024 مع صعود اليمين المتطرف ليحث على إلزام جميع دول الاتحاد الأوروبي بالتضامن والتوزيع العادل لأعداد المهاجرين، خصوصًا وقت الأزمات، وذلك بناءً على قاعدة بيانات توفرها منصة إلكترونية أُطلق عليها اسم “أوروداك”، تتولى عملية مقارنة البصمات، إلى جانب إحصاء وتسجيل المهاجرين غير النظاميين وطالبي اللجوء، دون إغفال التأكد من جدية الطلب، ودرجة المخاطر المحدقة بالبلد الأصلي، والنظر فيما إذا كان بالفعل بلدًا آمنًا أو غير آمن، يستدعي طلب الحماية الدولية.

إن هذه الإجراءات التي يتم القيام بها عند حدود الاتحاد الأوروبي؛ أي: عند حدود البلد الأول الذي يسعى المهاجر أو طالب اللجوء للتوجه إليه قبل تحديد وجهته النهائية من طرف سلطات الحدود، وبتنسيق مع باقي بلدان الاتحاد من خلال عملية التبادل الآلي للمعطيات والبيانات البيومترية.

ويلزم الميثاق الأوروبي للهجرة واللجوء، دول الاتحاد الأوروبي بالتضامن في توزيع عدد المهاجرين وطالبي الحماية الدولية، وذلك وفق معايير دقيقة لتحديد الدولة المستقبلة في الحالة التي يكون للمهاجر أحد أفراد عائلته بأحد بلدان الاتحاد الأوروبي؛ أو إذا تم وضع طلب الهجرة واللجوء في بلد غير البلد الأول الذي ولجه للمرة الأولى. (الجزيرة).

في الحقيقة نقول: إن هذه المفاهيم والعبارات من بعض الدول الأوروبية تؤكد أن القارة ما زالت رهينة التصورات السياسية والأمنية لسؤال الهجرة، بعيدًا عن الرؤية الموضوعية التي تبحث في الأسباب الحقيقية والعميقة للموضوع.

وهي رؤية، لا شك تخدمها، بحكم أنها تستفيد من اليد العاملة النشيطة، ومختلف الكوادر الطالبة للهجرة؛ لإنعاش الاقتصاد والمحافظة على معدلات النمو من جهة، كما تعمل على تجريم ظاهرة الهجرة غير النظامية، وشيطنتها؛ بغية الضغط على الدول المصدرة للهجرة لاستغلال مقدراتها ومواردها البشرية والطبيعية من جهة ثانية.

أهداف الاتفاق مع دول خارج الاتحاد الأوروبي لاستقبال اللاجئين:

من الواضح أن دول الاتحاد الأوروبي تحاول استغلال أو الاستفادة من العمالة المهاجرة والمدربة، بينما تحاول التخلص من الآخرين؛ لأنها تعول على عقد اتفاقيات مع دول ثالثة خارج الاتحاد الأوروبي، من أجل استقبال المهاجرين وطالبي الحماية الدولية في مراكز إيواء مخصصة لمعالجة طلباتهم فوق تراب غير تراب دول الاتحاد.

وهو ما من شأنه أن يرفع الحرج عنها، ويُبعدها عن انتقادات المنظمات الحقوقية المدافعة عن المهاجرين، حيث هو خيار تدافع عنه مجموعة من دول الاتحاد، وعلى رأسها إيطاليا التي عقدت اتفاقية في هذا الشأن مع ألبانيا، وتريد دول أخرى السير على منوالها، رغم فشل هذا النموذج في تجربة سابقة بين المملكة المتحدة، ورواندا.

كما أصبح التيار الذي يقوده اليمين، واليمين المتطرف الذي يشنّ حملة مسعورة على المسلمين، خصوصًا بعد تفوّقه عن التيارات اليسارية، وعقد تحالفات مع جزء من تيارات يمين الوسط في الانتخابات الأخيرة التي عرفها البرلمان الأوروبي بين 4 و9 من شهر يونيو / حزيران خلال عام 2024، وهو ما مكّنه من اختراق مراكز القرار الأولى بمجموعة من أجهزة الاتحاد الأوروبي.

لذلك يمكن أن نؤكد على أن أوروبا قد فوَّتت على نفسها بهذا القانون فرصة تأسيس ميثاق للهجرة واللجوء، ينتصر لحقوق الإنسان وللقانون الدولي وللقانون الدولي الإنساني. (الجزيرة).

تحديات تهدد تماسك الاتحاد الأوروبي وتنعش صعود اليمين:

بعد خمسة أشهر فقط من اعتماد اتفاق بشأن الهجرة، وفي سياق صعود اليمين المتطرف في أوروبا، اقترحت المفوضية الأوروبية، قانونًا جديدًا لتسهيل طرد المهاجرين غير الشرعيين، في وقت يكافح زعماء الاتحاد الأوروبي للحفاظ على نهج منسق بشأن سياسة الهجرة، بعد أن أعلنت الدول الأعضاء، بما في ذلك ألمانيا وبولندا، عن ضوابط حدودية صارمة جديدة. (الشرق بلومبرج).

ويرى دبلوماسيون أوروبيون: أن الهجرة باتت تهيمن على جدول أعمال قمة الاتحاد الأوروبي لفترة طويلة، مع دعوة بولندا إلى اتخاذ موقف أوروبي ضد روسيا وبيلاروس اللتين تستخدمان المهاجرين كسلاح ضد الاتحاد الأوروبي وآخرين، وحثها على تشديد القوانين المتعلقة بإعادة الوافدين غير الشرعيين.

وكما يرى رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، أن طرد المهاجرين غير الشرعيين “هو الحلقة المفقودة” في سياسة الهجرة الأوروبية، وعلى أوروبا أن تفكر خارج الصندوق.

وكان الاتحاد الأوروبي قد توصل إلى اتفاق بشأن الهجرة في الربيع الماضي، بعد 4 سنوات من المفاوضات الشاقة، وتمت الموافقة على “ميثاق الهجرة واللجوء” من قبل برلمان ستراسبورج ومجلس الاتحاد الأوروبي، على الرغم من معارضة المجر وبولندا.

وفي المقابل: ترى وسائل إعلام فرنسية، أن الفشل في التوصل إلى سياسة مشتركة، يعني أن البلدان ستفرض عمليات تفتيش حدودية أكثر صرامة مع جيرانها داخل منطقة شينغن الخالية من التأشيرات، مما يهدد حرية الحركة في الكتلة وكفاءة السوق الموحدة.

ويشدد أعضاء التكتل على أن القانون الحالي لا يستجيب لتطلعاتهم لمعالجة تدفقات الهجرة غير الشرعية، ما يدفعها إلى اتخاذ خطوات أحادية لتشديد الخناق على الحدود الوطنية، وهو ما يؤثر على حرية الحركة في الكتلة.

كما يزعم المدافعون عن سياسة الهجرة الأكثر صرامة، أن البلدان تحتاج إلى إرشادات جديدة من بروكسل بشأن كيفية ترحيل المهاجرين بشكل قانوني إلى بلدانهم الأصلية، فضلاً عن أدوات جديدة للضغط على البلدان لإعادة مواطنيها، بما في ذلك ربط العودة بالوصول إلى تأشيرات الاتحاد الأوروبي أو الوصول التجاري التفضيلي إلى السوق الشاسعة للاتحاد.

التشريع الحالي وطرد المهاجرين بالمخالفة لحقوق الإنسان:

في الوقت الحالي، تخضع عمليات طرد المهاجرين لقانون يعود لعام 2008، الذي تم التفاوض عليه “بشراسة” في ذلك الوقت، ووصفه المدافعون عن حقوق الإنسان بأنه “قانون مخز”. (الشرق بلومبرج).

ويدفع نص القانون القديم داخل الاتحاد الأوروبي إلى طرد المهاجرين غير الشرعيين من البلدان الأوروبية إلى بلدان ثالثة (خارج التكتل) خلال فترة معالجة طلباتهم في الحصول على اللجوء، كما يمنح قرار الترحيل إلى الحدود، الشخص المعني “فترة زمنية مناسبة” للسماح له بالمغادرة “طوعًا”، وهي مدة تتراوح من 7 إلى 30 يومًا، إلا في حالات خطر الهروب أو الخطر على النظام العام.

وللأسف ينظم هذا التشريع “التدابير القسرية”، مثل: الإيداع في مركز احتجاز قبل الطرد، إذ تسمح التشريعات داخل الاتحاد الأوروبي باحتجاز المهاجرين غير الشرعيين لمدة أقصاها 18 شهرًا، ولا يمكن أن يتم ذلك إلا “كملجأ أخير”. بعد الطرد، يسمح القانون بالحظر لمدة 5 سنوات من أراضي السبعة والعشرين.

وبالإضافة إلى قواعد عام 2008، من المقرر أن تدخل القواعد الأوروبية الجديدة بشأن الهجرة حيز التنفيذ بعد عام ونصف من الآن، بعد اعتماد ميثاق اللجوء والهجرة في شهر مايو الماضي. وكان هذا النص قد شدد بالفعل الضوابط، وأنشأ آلية تضامن بين الدول الأعضاء الـ 27 في رعاية طالبي اللجوء. (الشرق بلومبرج).

وقفة مع التشريعات الجديدة لملف اللجوء:

في مايو الماضي، اعتمد الاتحاد الأوروبي اتفاق الهجرة واللجوء، الذي من المفترض أن يدخل حيز التنفيذ في منتصف عام 2026، فيما تطالب دول مثل ألمانيا وفرنسا بتسريع تنفيذه، لمعالجة مشكلات طالبي اللجوء.

ولا ننسى أن تيار اليمين المتطرف يمارس ضغوطًا كبيرة لتعديل أجندات القمة الأوروبية وفرض الهجرة كموضوع “ذي أولوية قصوى داخل التكتل”، حيث قالت زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبان، القوة الثالثة في البرلمان الأوروبي، بعد وصولها إلى بروكسل “لقد سمعوا ما كنا نقوله منذ سنوات”.

وبالتالي من المرجح أن تشهد فرنسا وبعد دول الشمال تشديدًا للإجراءات في ملفي الهجرة والأمن، لا سيما أن عدة حكومات أوروبية دعت إلى تبسيط القواعد المتعلقة بطرد المهاجرين غير الشرعيين، حيث تحدد الخطة الجديدة، قواعد للدول الأعضاء السبع والعشرين للتعامل مع الأشخاص الذين يحاولون الدخول دون تصريح، من كيفية فحصهم لتحديد ما إذا كانوا مؤهلين للحماية إلى ترحيلهم إذا لم يُسمح لهم بالبقاء. (الشرق بلومبرج).

وفي حين انخفضت عمليات الدخول غير النظامية بنسبة 42% خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، مع تسجيل وكالة “فرونتكس”، 166 ألف حالة عبور.

وتدفع المعارضة أو اليمين المتطرف، إلى ضرورة تحديد “دول ثالثة آمنة” على مستوى الاتحاد الأوروبي لتجنب الخلافات بين الدول الأعضاء وتسريع معدل الترحيل، الذي لا يزال يتراوح بين 20% و30% دون تغيير كبير.

في حين، ترى ألمانيا وهي إحدى دول الشمال الأوروبي أن مقترح إنشاء “مراكز العودة” ليس سوى قطرة في بحر، ولا يمثل حلًا لـ “الدول الكبرى” مثل برلين، وتعارض إسبانيا ذلك، بينما تدعو فرنسا، بحذر، إلى تشجيع الترحيل عندما تسمح الظروف بذلك، بدلًا من تنظيم رحلات إلى مراكز في بلدان ثالثة. (الشرق بلومبرج).

ختامًا نقول: إن دول الاتحاد الأوروبي شريك أساسي، بل وإستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية في نشر الفتن ودعم عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وما يحدث في غزة شاهد عيان على ذلك.

كما تقع دول الاتحاد بين مطرقة ضغوط اليمين المتطرف وسِندان مخالفة قانون وميثاق اللجوء الدولي، ولا ننسى استفادة دول الاتحاد الأوروبي من العمالة المهاجرة والمدربة في شتى المجالات ومحاولة التخلص من الآخرين، خصوصًا وأن نسبة الشباب لديها متدنية للغاية؛ لأن الهجرة إلى أوروبا لا تعد سلبية بالكلية على دول القارة، إنما تعتبر ثروة هائلة في تشغيل المصانع والشركات وتوفير الأيدي العاملة هناك.

لا سيما وقد أعلنت المنظمات الحقوقية الدولية، أن سياسة اللجوء المنصوص عليها في ميثاق الهجرة الأوروبي الجديد تتناقض مع مبادئ حقوق الإنسان الأساسية، حيث أشارت المنظمات الحقوقية الدولية إلى أن الاتفاقية يمكن أن تؤدي إلى احتجاز طالبي اللجوء، بما في ذلك الأُسَر التي لديها أطفال، في مرافق شبيهة بالسجون؛ مما يؤدي إلى المزيد من العنف من قِبل سلطات الحدود، وتعرض حياة هؤلاء للخطر.

الخلاصة:

– لقد ساهم ملف الهجرة واللجوء في صعود اليمين المتطرف في أوروبا عمومًا وبعض الدول خصوصًا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والتي جرت منذ أشهر قليلة، حيث نجح اليمين المتطرف في دغدغة مشاعر المواطن الأوروبي وأن المهاجرين يعدون عبئًا عليهم.

– بالنظر إلى نص القانون القديم داخل الاتحاد الأوروبي فإنه يسمح بطرد المهاجرين غير الشرعيين من البلدان الأوروبية إلى بلدان ثالثة (خارج التكتل) خلال فترة معالجة طلباتهم في الحصول على اللجوء، كما يمنح قرار الترحيل إلى الحدود، الشخص المعني “فترة زمنية مناسبة” للسماح له بالمغادرة “طوعًا”، وهي مدة تتراوح من 7 إلى 30 يومًا، إلا في حالات خطر الهروب أو الخطر على النظام العام.

– تطالب دول الشمال الأوروبي؛ مثل: فرنسا وألمانيا، بعد ما اعتمد الاتحاد الأوروبي اتفاق الهجرة واللجوء الجديد، الذي من المفترض أن يدخل حيز التنفيذ في منتصف عام 2026، بتسريع تنفيذ المشروع لمعالجة مشكلات طالبي اللجوء، وذلك بالتزامن مع ضغوط كبيرة من اليمين المتطرف لتعديل أجندات القمة الأوروبية وفرض الهجرة كموضوع ذي أولوية قصوى داخل التكتل.

– إن ميثاق قانون الهجرة واللجوء ربما منها ما هو شرعي، ولكن أيضًا لا ننسى ما هو مخالف لقانون اللجوء الدولي، التي غالبًا ما تكون ضحيتها الأقليات بمختلف ألوانها، خصوصًا في صفوف المسلمين بعدما ألِف اليمين واليمين المتطرف توظيف موضوع الهجرة، لتأجيج الانقسام المجتمعي، وتصعيب الاندماج في سياق عالمي محفز على الرفع من منسوب الإسلاموفوبيا.

– إن مفاهيم وعبارات الاتحاد الأوروبي تؤكد أنه ما زال رهين التصورات السياسية والأمنية لسؤال الهجرة، بعيدًا عن الرؤية الموضوعية والأسباب الحقيقية، وهي رؤية، لا شك تخدمه، بحكم أنه يستفيد من اليد العاملة النشيطة للمهاجرين، ومختلف الكوادر الطالبة للهجرة؛ تلك التي تسهم في إنعاش الاقتصاد الأوروبي والمحافظة على معدلات النمو.

– سياسة اللجوء المنصوص عليها في ميثاق الهجرة الأوروبي الجديد تتناقض تمامًا مع مبادئ حقوق الإنسان التي تتحدث عنها دول الاتحاد، حيث أشارت المنظمات الحقوقية الدولية إلى أن الاتفاقية يمكن أن تؤدي إلى “احتجاز” طالبي اللجوء، بما في ذلك الأُسَر التي لديها أطفال، في مرافق شبيهة بالسجون؛ مما يؤدي إلى المزيد من العنف من قِبل سلطات الحدود، ويسمح بالترحيل إلى دول ثالثة غير آمنة.

– لقد ذهبت بعض الأحزاب اليمينية والمتطرفة مثل حزب الجبهة الوطنية، وحزب الحرية، وحزب البديل لألمانيا إلى حد التحذير من “الاستبدال العرقي”، وتُبدي بعض هذه الأحزاب قلقها بشكل خاص بشأن المهاجرين المسلمين دون مبرر واضح سوى التمييز العنصري، حيث تبنّى حزب الحرية على سبيل المثال معاداة الإسلام ومحاولة إلصاق كل ما هو قبيح بالمسلمين.

– إن دول الاتحاد الأوروبي تقع بين مطرقة ضغوط اليمين المتطرف وسِندان مخالفة قانون وميثاق اللجوء الدولي، ولا ننسى استفادة دول الاتحاد الأوروبي من العمالة المهاجرة والمدربة في شتى المجالات ومحاولة التخلص من الآخرين، خصوصًا وأن نسبة الشباب لديها متدنية للغاية؛ لأن الهجرة إلى أوروبا لا تعد سلبية بالكلية على دول القارة، إنما تعتبر ثروة هائلة في تشغيل المصانع والشركات وتوفير الأيدي العاملة هناك.

المصادر:

– مركز أبعاد للدراسات

– الجزيرة

– الشرق بلومبرج

كلمات مفتاحية: التشريعات الأوروبية – قانون اللجوء والهجرة – عداء اليمين المتطرف للمسلمين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.