fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

عودة سوريا للجامعة العربية بين الدول العربية والمجتمع الدولي

35

عودة سوريا للجامعة العربية بين الدول العربية والمجتمع الدولي

لقد وضع قرارُ وزراء الخارجية العرب بالجامعة العربية، المجتمع الدولي في اختبار صعب، وتحدي كبير أمام الشعب السوري المُشرَّد، وذلك بعد ما قرر بالتوافق على عودة سوريا لمقعدها، واستئناف العمل بعد انقطاع دام لـ 12 عامًا؛ جراء العنف الذي اُرتكِب بحق الأبرياء، وهو ما يضع الشعب السوري، بل وملايين المشردين إما في مواجهة جديدة مع نظام الأسد، أو حلحلة الموقف والوصول إلى تسوية من خلال اللجنة المشكَّلة، كما أعلن البيان المشترك والمصالحة مع قوى المعارضة وخروج المعتقلين؛ الأمر الذي قد يُفضي بعد ذلك إلى انتخابات نزيهة بإشراف عربي ودولي.

ورغم انتقادات واشنطن، فقد قررت الجامعة العربية استعادة سوريا لمقعدها بالجامعة بعد تعليق عضويتها لأكثر من عشر سنوات، وتأتي الخطوة في سياق مسعى إقليمي لتطبيع العلاقات مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الذي بلا شك قد ارتكب جرائم عديدة بحق الشعب السوري الأعزل؛ ما نتج عنه التهجير القسري لملايين اللاجئين والمشردين، والقتلى، ومعاناة الأطفال والنساء، وكبار السنِّ.

وفي تلك السطور، يجب أن نعلم أن سوريا وخصوصًا منطقة الشرق السوري تشكل موقعًا دوليًّا مهمًّا بالمنطقة؛ ذلك أن الأمر لا يكمن فقط في احتوائه على كميات كبيرة من النفط لهذا البلد الذي يعاني جراء التدخلات الخارجية والدولية، ومنها التدخل الإيراني بشكل حثيث عسكريًّا؛ بل وعقديًّا، لكن تكمن أهميته أيضًا في أنه يُعد بوابة تواصل وربط إستراتيجي لكلٍّ مِن تركيا بالعالم العربي وإقليم كردستان العراق الغني بالنفط وإيران بالغرب، مما يشكِّل مستقبلًا واعدًا، كما يُعتبر عقدة التحكم بالطرق الرئيسية لمرور النفط باتجاه القارة الأوروبية.

مركز “رواق” للأبحاث والدراسات، سوف يُسلِّط الضوء في هذه السطور على أسباب ودلالات وتداعيات القرار، وهل سيكون سبيلًا لحلحلة الأزمة في سوريا وعودة اللاجئين إلى منازلهم وتعويض المتضررين منهم؛ بدلًا من تقسيم الثروات ما بين نظام الأسد والجماعات المسلحة والقوى الكبرى؟

وهل الدول الكبرى صاحبة النفوذ، مثل: أمريكا، وروسيا، وإيران، وتركيا، ستساند قرار الجامعة العربية بشكل حقيقي أم يكون حبرًا على ورق مراعاةً؛ لمصالحها واستمرارًا لجعل الأراضي السورية معامل تجارب لأسلحتها القديمة على حساب الشعب السوري المكلوم والمُشرد؟! هذا ما سيجاوب عنه موقع “رواق” بالتفصيل في هذا التقرير.

الموقف الدولي من الأزمة:

عللت الولايات المتحدة الأمريكية في رفضها على قرار عودة سوريا لشغل مقعدها بالجامعة العربية، بالقول: “إن نظام بشار الأسد لا يستحق هذه الخطوة المهمة، وشككت واشنطن في رغبة نظام الأسد في حل الأزمة الناجمة عن الحرب الأهلية في سوريا”.

ورغم تحفظ البيت الأبيض على القرار، قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية: إن واشنطن تعتقد، مع ذلك، بأن الشركاء العرب يعتزمون استخدام التواصل المباشر مع الأسد للضغط من أجل حل الأزمة السورية التي طال أمدها، وأن واشنطن تتفق مع حلفائها على “الأهداف النهائية” لهذا القرار، وبالتالي تواجه الجامعة العربية والمجتمع الدولي، مهمة كبيرة وصعبة لحلحلة الأوضاع في سوريا، وبالقطع أمام المطامع الدولية؛ نتيجة الأهمية الاقتصادية والجغرافية التي قد جعلت شرق سوريا عقدة صراعات حالية بين القوى العالمية، وعلى رأسها: الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، وتركيا، وإيران. “دوتش فيله”.

وأعلن مجلس جامعة الدول العربية في بيانه الختامي لاجتماع وزراء الخارجية العرب، استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعاته، وإنهاء تعليق عضويته، وأفاد القرار بأن استئناف مشاركة سوريا في “اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها” سيسري على الفور، بينما دعا أيضًا لإصدار قرار بشأن الأزمة الناتجة عن الحرب الأهلية السورية بما يشمل اللاجئين في الدول المجاورة وتهريب المخدرات في المنطقة.

ودفعت بعض الدول العربية، منها: الإمارات في اتجاه إعادة العلاقات لطبيعتها مع سوريا والأسد، عارضت دول أخرى، منها: “قطر” التطبيع الكامل دون وجود حل سياسي للصراع السوري.

وقال ماجد بن محمد الأنصاري، المتحدث باسم الخارجية القطرية في بيان له: إن موقف الدوحة من تطبيع العلاقات مع حكومة الرئيس السوري بشار الأسد “لم يتغير”، ولا يزال “يرتبط في المقام الأول بالتقدم في الحل السياسي” للأزمة السورية.

بينما، حرصت دول عربية أخرى على وضع شروط لعودة سوريا إلى الجامعة العربية، إذ قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي: إن عودة سوريا، التي لا تزال خاضعة لعقوبات غربية، إلى جامعة الدول العربية “مجرد بداية متواضعة جدًّا لعملية ستكون طويلة جدًّا وصعبة، وتنطوي على تحديات”. “دوتش فيله”.

وفي نفس السياق، قال أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط في مؤتمر صحفي عقب القرار “عودة سوريا لشغل المقعد هي بداية حركة، وليست نهاية مطاف بمعنى أن مسار التسوية للأزمة السورية ستأخذ مرحلة من الإجراءات”. مضيفًا: “هي ليس بقرار لإقامة علاقات طبيعية بين الدول العربية وسوريا، هذا قرار سيادي لكل دولة على حدة، نحن نتحدث فقط في هذا القرار عن شغل المقعد”.

وقال مسؤول أردني: إن سوريا سيتعين عليها إظهار جديتها في التوصل إلى حل سياسي؛ لأن هذا سيكون شرطًا مسبقًا للضغط؛ من أجل رفع العقوبات الغربية، وهي خطوة حاسمة قبل توفير التمويل اللازم لإعادة الإعمار.

بالتزامن مع ذلك، ذكر القرار الذي اتخذته الجامعة العربية: أن الأردن والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، والأمين العام للجامعة العربية سيشكِّلون لجنة اتصال وزارية مع دمشق لإيجاد حلٍّ للأزمة “وَفْق مبدأ الخطوة مقابل الخطوة”. “دوتش فيله”.

ما الذي يترتب على عودة سوريا للجامعة؟

ويرى مراقبون: أن عودة سوريا لمقعدها بالجامعة العربية، إما أن يكون بداية لتعزيز مناخ الاستقرار الإقليمي ورفع معاناة الشعب السوري والمصالحة الوطنية برعاية وزراء الخارجية العرب، أو استمرار الأزمة في حال رفض نظام الأسد التفاوض مع المعارضة.

وفي ذات التوقيت: يرى آخرون أن إعادة سوريا لعضوية الجامعة العربية يعتبر تحفيزًا لنظام الأسد لمواصلة التجاوزات ضد المدنيين، وأنه لن يحل الأزمة السورية؛ لا سيما -وفقًا لمحللين- أنه ربما قد أمن عقوبة الجامعة العربية على الأقل.

بالرغم من أن الشعب السوري نفسه هو الذي يتأثر من العقوبات الدولية أكثر من النظام نفسه، كما اعتبرت المعارضة والقوى السياسية هناك أن عودة سوريا للجامعة العربية بمثابة اعتراف بانتصار بشار الأسد، وقدم له على طبق من ذهب.

يشاطر الغرب، معارضو العودة هذه الرؤية كونها مدت الأسد بوسائل أخرى للنجاة ومواصلة الحكم، وأعاد تشكيكهم في مقدرة الجامعة العربية على إيجاد حل للأزمة السورية خصوصًا في مسارها الإنساني.

وتأتي عودة سوريا للجامعة العربية في أعقاب إطلاق الأردن مبادرة لرسم خارطة طريق لإنهاء الصراع السوري تتضمن معالجة قضايا اللاجئين والمعتقلين المفقودين، وتهريب المخدرات والفصائل الإيرانية المسلحة في سوريا.

ويرى خبراء: أن الدول العربية تمضي باتجاه إطلاق دور عربي قيادي للتوصل لحل سياسي وإحياء المحادثات السياسية المتعثرة بين النظام السوري والمعارضة وضرورة معالجة ملف اللاجئين المتواجدين في دول الجوار. “بي بي سي”.

وأصدرت الخارجية السورية بيانًا رسميًّا ضمنته ردها على قرار الجامعة، وجاء فيه: أن “سوريا تلقت القرار باهتمام، وأن المرحلة المقبلة تتطلب نهجًا عربيًّا فاعلًا وبناءً يستند إلى قاعدة الحوار والاحترام المتبادل، والمصالح المشتركة للأمة العربية”.

قطر ترفض العودة:

وفي المقابل: رفضت دولة قطر، استئناف العلاقات مع دمشق، دون التوصل إلى حل سياسي للصراع، ورغم رفض الدوحة لأي تطبيع أو تقارب ثنائي مع دمشق، حيث أكدت الخارجية القطرية أنها لن تقف حجر عثرة في وجه قرار الجامعة ولن تعيق هذا المسعى، بل إنها تتطلع إلى أن يكون الموقف العربي الجديد حافزًا لنظام الأسد لمعالجة جذور الأزمة التي أدَّت إلى مقاطعته في 2011. “بي بي سي”.

وأضافت الدوحة: أن أي تطبيع للعلاقات بين الدوحة ودمشق، يجب أن يرتبط في المقام الأول بالتقدم في الحل السياسي الذي يحقق تطلعات الشعب السوري، وعلى نظام الرئيس بشار الأسد أن يقوم بمعالجة جذور الأزمة التي أدت إلى مقاطعته، وأن يعمل على اتخاذ خطوات إيجابية تجاه معالجة قضايا الشعب السوري.

من جهتها: قالت الخارجية الأمريكية إنها تشاطر شركاءها العرب الأهداف النهائية لعودة سوريا الى الجامعة، لكنها تشكك في رغبة الرئيس السوري بشار الأسد في حل الأزمة في بلاده، ولا تعتقد أن دمشق تستحق العودة إلى الجامعة العربية في الوقت الراهن على حد تعبير المتحدث الأمريكي.

وبعد قرار الجامعة العربية، تنتهي القطيعة العربية الرسمية للنظام السوري التي أبعدت عدة دول عربية وجامعتها عن أي وساطة في الصراع الأهلي السوري منذ 2011، حيث ظلت عواصم عربية تقدم الدعم السياسي والعسكري للمعارضة السورية؛ إلا أن مجريات الحرب ودخول أطراف أجنبية لدعم الرئيس الأسد غير الموازين على الأرض.

الزلزال المدمر:

ونتيجة الزلزال المدمر في سوريا وتركيا، وزيادة معاناة الشعوب جراء الزلزل في فبراير 2023 ليسرع عملية عودة الدفء الى علاقات دمشق مع محيطها الإقليمي حيث تمت آنذاك اتصالات بين الرئيس الأسد وقادة من بعض الدول العربية. “بي بي سي”.

وفي مارس الماضي، أعلنت الرياض أنها بصدد إجراء مباحثات مع دمشق حول استئناف الخدمات القنصلية، وتوجت هذه الاتصالات بقيام وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، في 18 إبريل الماضي، بأول زيارة رسمية سعودية إلى دمشق منذ القطيعة، ولقائه الرئيس السوري.

ويطرح خبراء وسياسيون العديد من الأسئلة، حول تداعيات قرار الجامعة العربية ومدى قدرتها على إنهاء الصراع في سوريا، فقد تعالت أصوات غاضبة للمعارضة السورية من القرار العربي في مناطق خارجة عن سيطرة دمشق.

ولا شك أن النظام السوري يعتبر عودته إلى الجامعة العربية انتصارًا دبلوماسيًّا وطريقًا لإعادة تأهيله عربيًّا، وتسهيل إعادة إعمار البلاد باستثمارات عربية رغم العقوبات الدولية التي تفرضها عليه دول غربية، لكن هناك أطراف أخرى قد يكون لها رأي في طبيعة الحل، مثل: روسيا، وإيران؛ علاوة على الولايات المتحدة الأمريكية التي تنشر قوات في سوريا دعمًا للمقاتلين الأكراد، وتركيا التي تسيطر على مناطق حدودية.

بيان اجتماع القاهرة:

أشار سامح شكري وزير الخارجية المصري، إلى أهم ما تصدر بيان اجتماع القاهرة آنذاك، وهو حرصه على “إطلاق دور عربي قيادي لحل الأزمة السورية وضمنها أزمات اللجوء وتهريب المخدرات وخطر الإرهاب”. مضيفًا “إن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لتسوية الأزمة السورية”. “بي بي سي”.

واتخذ وزراء الخارجية العرب قرارهم هذا بالتوافق في اجتماع مغلق عقد في مقر الجامعة ودعوا دمشق إلى حضور القمة العربية المقبلة في الرياض، وشكلوا لجنة اتصال وزارية تضم الأردن والسعودية، والعراق، ولبنان ومصر، والأمين العام للجامعة، لمتابعة تنفيذ اتفاق عمان ومواصلة الحوار المباشر مع دمشق بهدف إيجاد حل شامل للأزمة. “بي بي سي”.

من جهتهم: عقَّب سياسيون على قرار الجامعة العربية بـ”استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعات الجامعة، وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها، اعتبارًا من 7 مايو الماضي 2023، مشددين على ضرورة اتخاذ خطوات عملية وفاعلة للتدرج حول حل الأزمة وَفْق مبدأ الخطوة مقابل الخطوة، بما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم: 2254 بمواصلة الجهود التي تتيح توصيل المساعدات الإنسانية لكل المحتاجين في سوريا.

ويرى خبراء، ضرورة متابعة مستمرة عبر اللجنة التي يتم تشكيلها من مصر والأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، والأمين العام، لمتابعة تنفيذ اتفاق عمان والاستمرار بالحوار المباشر مع دمشق للتوصل لحل شامل للأزمة يعالج جميع تبعاتها ويعيد اللاجئين إلى ديارهم، ووقف القمع والقتل الممنهج ضد الشعب الأعزل. “العربية”.

شروط عودة سوريا:

وقد أعلن السفير جمال رشدي، المتحدث باسم الأمين العام للجامعة: أن القرار جرى اتخاذه خلال اجتماع مغلق للوزراء في مقر الجامعة بالقاهرة، وأن الوزراء العرب اتفقوا على عودة مشروطة لسوريا، بعد غياب أو حظر استمر نحو 12 سنة، وذلك من خلال التوجه نحو حل حقيقي وجذري على الأرض لوقف معاناة السوريين.

وأشار إلى أن القرار قد اتخذ بلا تصويت، قائلًا: إن “القرارات اتخذت بالتوافق”.

يأتي ذلك، بعد ما عقد وزراء خارجية كل من الأردن والسعودية والعراق ومصر وسوريا، اجتماعًا تشاوريًا الأسبوع الماضي لبحث سبل عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار، وبسط السلطات السورية سيطرتها على كامل أراضيها، وحسم مسألة تهريب المخدرات. “العربية”.

كما جاء قرار عودة سوريا، بعد لقاء عُقد في منتصف إبريل الماضي لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في السعودية، شاركت فيه: مصر والعراق والأردن، لبحث عودة سوريا إلى الجامعة، واتفق فيه على أهمية وجود دور قيادي عربي في الجهود الرامية لإنهاء الأزمة السورية.

ويشار إلى أن الجامعة العربية كانت علقت عضوية دمشق في نوفمبر 2011، وفرضوا عقوبات سياسية واقتصادية عليها آنذاك، إثر تفجر العنف في البلاد، إذ كانت آخر مشاركة عربية للرئيس السوري، ضمن الجامعة العربية خلال القمة التي عُقدت في سرت الليبية عام 2010. “العربية”.

تقاسم الكعكة بين القوى الكبرى:

ووفق خبراء، فإن تدخلات القوى الكبرى والنفوذ الدولي في سوريا ليس سببها النفط فقط، إنما لمصالح أخرى إستراتيجية وجيوسياسية، كما يعد النفط مكملًا ثانويًّا على الرغم من توافره بكميات اقتصادية في سوريا؛ ذلك أن سوريا بالنسبة لروسيا منطقة نفوذ إستراتيجية وإحدى نقاط الارتكاز المتبقية لها بالشرق الأوسط وعلى المتوسط، والتي لا يمكن أن تفرط بها بسهولة مطلقًا. “الجزيرة”.

وبحسب محللين، فإن لتركيا هى الأخرى مصالح كدولة حدودية مع سوريا، وهي تخشى من تزايد النفوذ الأجنبي على حدودها؛ الأمر الذي يدفعها باتجاه اتخاذ قواعد بالعمق السوري لحفظ مصالحها، ما يعني أننا نتحدث عن حزمة من المصالح والنفوذ لعدة قوى كبرى في سوريا على حساب شعبه المُشرد.

ويقول مختصون: إن القوات الأمريكية تسيطر على مصادر القوة في المناطق التي تنوي فرض رؤيتها للحل فيها، من هذه المنطلق فهى تتمسك بالشرق السوري من أجل الحفاظ على مواقعها ونفوذها بالمنطقة كلاعب مؤثر، ومن أجل التحكم بمصادر الطاقة ومنع نظام الأسد من الاستفادة منها وتقويض النفوذ الإيراني الذي قد يشكل تهديدًا إقليميًّا للمصالح المشتركة لواشنطن، وتل أبيب. “الجزيرة”.

ماذا عن احتياطيات النفط السوري؟

تشكل احتياطيات النفط في سوريا ما قيمته 0.14 على مستوى العالم، وكانت تنتج يوميًّا ما يقدر بنحو ثلاثمائة ألف برميل قبل بدء الاحتجاجات المناهضة لنظام الأسد عام 2011؛ إلا أن هذا الرقم انخفض لنسب متدنية وصلت لنحو أربعين ألفًا بعد خسارة هذا النظام معظم الحقول النفطية شرق البلاد لصالح تنظيم داعش حتى عام 2017.

ويؤكد موقع “أويل برايس” الأمريكي في تقرير له صدر مؤخرًا: إن احتياطي النفط في سوريا يشكل نحو ملياري برميل، ويتركز في الجزء الأكبر منه في محافظة دير الزور شرقًا، ولكنه احتياطي ضئيل؛ مقارنة بدولة كالسعودية، والتي يبلغ الاحتياطي فيها 268 مليار برميل. “الجزيرة”.

ووفق مراقبون: فإن إنتاج النفط حاليًا يقدر بثلاثين ألف برميل يوميًّا تستخرج جميعها من حقول العمر والتنك؛ إضافة لحقول وآبار كثيرة بمناطق مختلفة من المحافظة، ولا توجد أرقام حقيقية معلنة عن إنتاج النفط في ظل حكم نظام الأسد منذ 1973 حيث يعتبر من أسرار الأمن القومي، بحسب موقع “الجزيرة”.

ويشير الموقع وفق رجل أعمال أمريكي يعمل في جلوبال ديفيلوبمنت كوربوريشن تستطيع الإدارة الذاتية التابعة لـ”قوات سوريا الديمقراطية” إنتاج أربعمائة ألف بئر إذا ما تم استثماره بشكل صحيح، وهو ما يدل على أن أرقام وزارة النفط السورية غير صحيحة حول الإنتاج السابق قبل بداية الأحداث بل أكثر مما يُعلن.

أين يتجه تصدير النفط السوري؟

اتفق باحثون ومراقبون سوريون على أن النفط لم يكن يدخل ضمن ميزانية الدولة في عهد الأسد الأب والابن، وإن دخل فيكون بأرقام غير حقيقية، مؤكدين أن النفط ‏ينتج كميات كبيرة بالمنطقة الشرقية، ولكن نظام الأسد ومنذ منتصف الثمانينيات كان ‏‏يدخل جزءًا منه إلى الموازنة العام للدولة، والباقي يباع لصالحه.

وأشار الباحثون إلى أن الإنتاج الحقيقي كان منذ منتصف الثمانينيات وحتى 2008 وقت الأزمة المالية العالمية، يتراوح ما بين 1.4 و1.6 ‏مليون برميل يوميًّا يدخل رأس النظام ثلاثمائة ألف برميل بالمتوسط إلى الخزانة العامة والباقي يُسرق. “الجزيرة”.

ماذا عن الوضع الراهن للأزمة السورية؟

في مارس الماضي، دعت الأمم المتحدة ممثلة في المبعوث الخاص إلى سوريا جير بيدرسن، الأطراف المتناحرة والمجتمع الدولي إلى إنعاش جهود التوصل لحل سياسي للصراع الذي عصف بالبلاد على مدى أكثر من عقد.

ودعا المبعوث إلى ما أطلق عليه نهج خطوة مقابل خطوة يسمح لجميع الأطراف بتقديم ما هم مستعدون له من تنازلات للتوصل إلى تسوية محتملة. مردفًا: “يتعين أن تكون هناك عملية سياسية حقيقية بقيادة سوريا نفسها، تيسرها الأمم المتحدة، كما يتعين توافر جهد دولي منسق لدعم هذا… الوضع الراهن صعب للغاية، ولا يمكن قبوله!”.

وبسبب تعنت نظام الأسد تجاه شعبه الذي يعاني ما بين مشرد ولاجئ، فقد فشلت كل الجولات المتتالية من المحادثات المدعومة دوليًّا، ومن الأمم المتحدة على مدار السنوات الماضية في إحراز تقدم في التوصل لحل سياسي للحرب الأهلية الدائرة منذ 12 عامًا، التي قسَّمت سوريا لمناطق، بينها خطوط مواجهة لم تشهد تغيرًا يذكر منذ فترة طويلة.

كما أن الصراع في سوريا تسبب في مقتل مئات الآلاف وتشريد ملايين المواطنين وساهم في تدخل قوى إقليمية ودولية. وأضاف المبعوث الأممي: إنه على الأطراف المتحاربة والقوى الدولية، أن تتعامل مع جهود السلام بالطريقة نفسها التي قدمت بها تنازلات عند الاستجابة لكارثة الزلزال؛ حفاظًا على الأرواح ووقف نزيف الدم، لا سيما في ظل استمرار معاناة الأطفال والنساء.

الخلاصة:

– يجب أن يكون قرار جامعة الدول العربية مدعومًا من قِبَل المجتمع الدولي وألا تكون تصريحات الدول الكبرى عكس ما تفعله على حساب الشعب السوري الذي يعاني ويلات الحرب حتى تكون هناك تسوية حقيقية.

– يجب أن يعلم نظام بشار الأسد أن العودة للجامعة العربية ليس هو آخر المطاف، ويظل القمع والقتل والترويع بحق الأبرياء كما هو، وضرورة أن يكون هناك مناقشات واتصالات مستمرة بين اللجنة المشكلة من الجامعة التي من بينهم مصر، وما بين نظام الأسد لحلحلة الأزمة.

– يجب أن يقدم نظام الأسد برنامجًا حقيقيًّا للإصلاح حفاظًا على الأراضي المُقسمة والشعب السوري ولمّ الشمل، فلا سبيل لمواجهة الجماعات المتطرفة والمسلحة وخروج القوى الدولية التي تقتسم ثروات البلاد، إلا بتوحُّد واصطفاف الشعب السوري، ومصالحة حقيقية بين النظام والقوى السياسية والمعارضة.

– كما يجب أن تخرج المفاوضات، وأن يتمخّض عنها ومن بين بنود الحل: إجراء انتخابات حرَّة ونزيهة تحت إشراف عربي ودولي ليقرر الشعب مصيره بنفسه وحتى إن عاد نظام الأسد مرة أخرى.

– في حال فشل مفاوضات اللجنة المشكلة في الوصول إلى حلول مع النظام السوري، يجب أن يخرج بيان وتقرير للجامعة لمعاقبة نظام الأسد وتوقيع أقصى العقوبات السياسية والاقتصادية عليه من جديد كما حدث خلال الـ 12 عامًا الماضية.

– يجب حثُّ النظام السوري على التوزيع العادل للثروات، فلا خير في نظامٍ يعيش في معزل عن المواطن، ولا يكترث بأحوال الفقراء والضعفاء والمشردون، مما يستوجب التنازل من قِبَل كافة الأطراف ومنهم النظام، لكي ينعم المواطن بثرواته المسروقة والمهدرة بدلًا من استفادة القوى الدولية والجماعات المسلحة.

– إن فشل جهود التسوية في سوريا يعني مزيدًا من التهجير والقتل وسبيّ النساء والهجرة غير الشرعية، وترك سوريا ساحة لمواجهة القوى الدولية على أراضيها واستنزاف ثرواتها، كذلك تصدير وتهريب الأسلحة والمخدرات من قِبَل أصحاب المصالح والمنتفعين، مما يمثِّل تهديدًا للأمن الإقليمي والدولي.

– أيضًا: علينا أن نعلم أن واشنطن وروسيا وإيران وتركيا… وبعض الجماعات المتطرفة تقتسم بعض الأراضي، وكذلك النفط الذي يُباع في الخارج وبعدها يعود على شكل استيراد بأثمان باهظة يدفع ثمنه الشعب السوري (منطقة الشرق السوري الأكثر إنتاجًا للنفط نموذجًا تحت السيطرة الأمريكية).

المصادر:

– دوتش فيله

– بي بي سي

– العربية

– الجزيرة

– الشرق الأوسط

– الكاتب

https://www.dw.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D9%82%D8%B1%D8%B1-%D8%B9%D9%88%D8%AF%D8%A9-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D9%84%D8%B4%D8%BA%D9%84-%D9%85%D9%82%D8%B9%D8%AF%D9%87%D8%A7-%D9%88%D9%88%D8%A7%D8%B4%D9%86%D8%B7%D9%86-%D8%AA%D9%86%D8%AA%D9%82%D8%AF/a-65543891
https://www.bbc.com/arabic/interactivity-65539814
https://www.alarabiya.net/arab-and-world/syria/2023/05/07/%D8%B9%D9%88%D8%AF%D8%A9-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%AD%D8%B3%D9%85-%D8%A8%D9%84%D8%A7-%D8%AA%D8%B5%D9%88%D9%8A%D8%AA
https://1-a1072.azureedge.net/ebusiness/2019/11/23/%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84-%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%81%D9%8A
https://aawsat.com/home/article/4200831/%D9%85%D8%A8%D8%B9%D9%88%D8%AB-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B6%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A-%C2%AB%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D9%82%D8%A8%D9%88%D9%84%C2%BB

التعليقات مغلقة.