fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

ضغوط أمريكية إسرائيلية.. لماذا ترفض مصر مقترحات إدارة قطاع غزة؟

77

ضغوط أمريكية إسرائيلية.. لماذا ترفض مصر مقترحات إدارة قطاع غزة؟

لا تزال الحرب الدائرة في غزة بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني لم تهدأ بعد، ولم يسمع سوى دوي إطلاق النار،  في محاولة من الكيان الصهيوني لتحقيق أي انتصار يذكر، وفي لقاء تليفزيوني بتاريخ 17 إبريل 2024 كان اللواء المصري المتقاعد والخبير العسكري سمير فرج، يتحدث عن مسألة إدارة مصر لقطاع غزة لفترة مؤقتة.

وأشار اللواء المصري المتقاعد والخبير العسكري سمير فرج، إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي رفض مقترحًا قدمه رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية “CIA” ويليام بيرنز خلال حدى زياراته للقاهرة حول إدارة الجانب المصري للقطاع 6 أشهر تمهيدًا لإجراء انتخابات وتشكيل حكومة تكنوقراط لتولي المسؤولية.

ويأتي التباحث حول عملية إدارة القطاع ضمن سياق مناقشة مسألة “غزة بعد الحرب”، وهو السياق الذي أحدث جدلًا كبيرًا على المستويات كافة وداخل مختلف الأوساط، الإسرائيلية والأمريكية والعربية، ليبقى السؤال: لماذا رفضت القاهرة إدارة غزة ولو لفترة مؤقتة؟ وما مقارباتها إزاء تلك المسألة؟

إغراء أوروبي:

قال مسؤولون في الاتحاد الأوروبي: إنه إذا سمحت مصر بدخول بعض الفلسطينيين، فإنه سيكون هناك زيادة في المساعدات الإنسانية التي يقدمها الاتحاد للفلسطينيين ثلاث مرات، وستذهب إلى مصر، مشيرين إلى أنه قد يتم تقديم مساعدات إضافية، حسب ما نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال”.

كذلك سعت مجموعة من أعضاء مجلس النواب الأميركي من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي إلى “حث مصر على فعل المزيد لحماية المدنيين الفلسطينيين في غزة، وإقامة مناطق آمنة على الحدود”، وفق ما نقل موقع “أكسيوس”.

أتت تلك الضغوط لاستضافة النازحين، في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد المصري من ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانخفاض قيمة العملة المحلية(1).

مصر لن تساعد إسرائيل ضد حماس:

ووفقًا لمسئولين مصريين كبار تحدثوا إلى صحيفة وول ستريت جورنال شريطة عدم الكشف عن هويتهم، قال السيسي: إن مصر لن تساعد إسرائيل ضد حماس؛ لأنها تحتاج إلى الجماعة لضمان أمن الحدود بين مصر وقطاع غزة.

وتأتي هذه التعليقات في الوقت الذي تثار فيه تساؤلات حول من سيتولى السيطرة على قطاع غزة بعد انتهاء الهجوم الإسرائيلي على القطاع، حيث قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لشبكة ABC الإخبارية إنه يعتقد أن “إسرائيل ستتحمل لفترة غير محددة المسؤولية الأمنية الشاملة؛ لأن لقد رأينا ما يحدث عندما لا نتحمل تلك المسؤولية الأمنية”(2).

إسرائيل تضغط على مصر:

مقال من صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بعنوان: “إسرائيل تضغط بهدوء على مصر للسماح باستقبال أعداد كبيرة من سكان غزة”، لباتريك كينجزيلي، مدير مكتب الصحيفة في القدس الشرقية المحتلة.

يستهل كينجزيلي مقاله بالحديث عن أن إسرائيل “حاولت بهدوء” حشد دعم دولي في الأسابيع الأخيرة لنقل عدة مئات الآلاف من المدنيين من غزة إلى مصر طوال مدة حربها في القطاع، بحسب ستة دبلوماسيين رفيعي المستوى.

ويضيف الكاتب أن القادة والدبلوماسيين الإسرائيليين اقترحوا الفكرة بشكل خاص على العديد من الحكومات الأجنبية، واضعين إياها كمبادرة إنسانية ستسمح للمدنيين بالهروب مؤقتًا من المخاطر التي تحدث في قطاع غزة إلى مخيمات اللاجئين في صحراء سيناء، عبر الحدود في مصر المجاورة(3).

ثوابت مصرية:

كشفت دراسة حديثة أعدتها الهيئة العامة للاستعلامات، أن مصر وعقب السابع من أكتوبر 2023، أكدت على جملة من الثوابت الخاصة بها تجاه مسألة التصعيد الإسرائيلي في قطاع غزة، على رأسها: رفض أي عمليات عسكرية إسرائيلية في قطاع غزة، ورفض عمليات التدمير والقتل الممنهج الإسرائيلية، ورفض مساعي تصفية القضية الفلسطينية على حساب مصر أو أي دولة أخرى، وقد جاء هذا التأكيد بشكل متكرر على لسان عدد كبير من المسئولين المصريين، على رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ الذي أعلن بشكل واضح أن تهجير الشعب الفلسطيني لسيناء يمثل خطًّا أحمر بالنسبة لمصر، وقد أكدت مصر منذ اللحظة الأولى على أن هذا التصعيد يضر بالأمن الإقليمي للمنطقة ككل، وليس فقط بالداخل الفلسطيني، والآن نشهد فعليًّا ما حذرت منه مصر في بداية الحرب.

وكذلك أشار الرئيس إلى ما يمكن وصفه بأنه محاولة “لتصفية” القضية الفلسطينية، عبر دفع سكان قطاع غزة إلى مغادرة أراضيهم، حيث أكد على أن مصر استضافت بكل ترحاب خلال الأعوام الأخيرة مئات الآلاف من المواطنين من دول، مثل: سوريا والسودان، وغيرهما، لكن في ما يتعلق بسكان قطاع غزة، يختلف الأمر تمامًا، حيث توجد ضرورة حتمية لاستمرار صمود أهالي غزة على أرضهم، وعدم مغادرتها بأي حال من الأحوال؛ لأن هذا سيمثل تحقيقًا لأهداف بعض الأطراف الإسرائيلية، التي تريد إنهاء “حالة” قطاع غزة بشكل دائم، حيث يعتبر الحفاظ على الوضع القائم في غزة، من الأولويات المصرية في المراحل السابقة واللاحقة، من زاوية منع تصفية القضية الفلسطينية، وإغلاق الباب أمام أي تهديد مباشر للأمن القومي المصري(4).

مقترحات الخبراء والمحللون لحل الأزمة في غزة:

قوبل المقترح الأمريكي بإدارة الجانب المصري للقطاع 6 أشهر تمهيدًا لإجراء انتخابات وتشكيل حكومة تكنوقراط لتولي المسؤولية، بالرفض المصري انطلاقًا من خشية التورط في فخ غزة، وهو الفخ الذي قد يحول القاهرة من حليف للقضية الفلسطينية، حتى لو كان حليفًا خاملًا أو متخاذلًا بعض الشيء، إلى طرف أساسي في المعركة.

وذلك من خلال محورين أساسيين:

الأول: أن مشاركة مصر في إدارة القطاع قد يجعلها خصمًا مباشرًا للمقاومة الفلسطينية، لا سيما إذا حاولت ممارسة أعمالها ونشاطها الذي تستهدف به الداخل الإسرائيلي، وهنا قد يجد المصريون أنفسهم في مواجهة الفلسطينيين، نيابة عن الاحتلال، وهو ما تنأى مصر بنفسها عنه في الوقت الحالي.

الثاني: في حال استهداف المقاومة للداخل الإسرائيلي في ظل إدارة مصرية للقطاع، فإن القوات المصرية قد تجد نفسها فجأة في مرمى الاستهداف الإسرائيلي، بزعم مباركة مصرية لتلك العمليات، وهي الاتهامات ذاتها التي رددها الإعلام العبري بداية الحرب، حين أشار إلى تسهيل مصر إدخال الأسلحة للمقاومة عبر معبر رفح، رغم النفي الرسمي المصري.

وهنا قد تتحول القاهرة إلى خصم مباشر للاحتلال، ما يعني انخراط الدولة المصرية في الأزمة كطرف وليس كوسيط، ما قد يترتب عليه إشعال للمنطقة بأسرها وتغيرًا كاملًا وجذريًّا في قواعد اشتباك الصراع العربي الإسرائيلي، وهو ما لا تريده القاهرة لما له من تبعات(5).

الخلاصة:

ومن الواضح أن محاولات الولايات المتحدة بتخفيف عملية القتل التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني يعد فقط دعاية أمريكية للاستهلاك الإعلامي؛ ففي حقيقة الأمر من يستطيع أن يوقف ماكينة القتل في غزة أولا الولايات المتحدة الأمريكية وتليها القوى الغربية بريطانيا وألمانيا.

خاصة وأن جسر المساعدات الممتد من الولايات المتحدة والدول الغربية لجيش الاحتلال الإسرائيلي يعطي دلالة واضحة بأن أمريكا غير جادة حتى هذه اللحظة في إيقاف الحرب.

وبلغة واضحة فإن أمريكا تحاول التخلص من قطاع غزة على يد اسرائيل لتعوض ما خسرته في القارة العجوزة من استغلال للثروات والطاقة، خاصة وأن غزة تم الإعلان عن كميات كبيرة من الغاز والبترول في باطن أراضيها.

1_ العربية

2_ الشروق

3_ بي بي سي

4_ اليوم السابع

5_ نون بوست

التعليقات مغلقة.