fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

تدريبات وحدة السلام 2024.. خطوة جديدة في إستراتيجية الصين لتعزيز وجودها في شرق إفريقيا

0 38

تدريبات وحدة السلام 2024.. خطوة جديدة في إستراتيجية الصين لتعزيز وجودها في شرق إفريقيا

في خطوة بارزة تعكس طموحات الصين الإستراتيجية في القارة الإفريقية، أطلقت بكين تدريبات عسكرية واسعة النطاق أطلقت عليها اسم: “وحدة السلام 2024″، والتي تمتد من نهاية يوليو حتى منتصف أغسطس 2024، بالتعاون مع تنزانيا وموزمبيق.

تأتي هذه التدريبات في سياق تطور إستراتيجي أعمق لمشاركة الصين العسكرية في إفريقيا، وهو ما يمكن اعتباره جزءًا من خطة أوسع تهدف إلى تعزيز النفوذ الصيني على الصعيدين الإقليمي والدولي.

بداية الانخراط العسكري الصيني في إفريقيا:

بدأت الصين مسارها في التوسع العسكري في إفريقيا منذ إنشاء قاعدتها العسكرية الأولى خارج حدودها في جيبوتي عام 2017. كانت هذه القاعدة بمثابة نقطة انطلاق لمشروع طموح يهدف إلى تعزيز قدرات البحرية الصينية (People’s Liberation Army Navy- PLAN) وتأمين مصالحها الاقتصادية والأمنية في المنطقة. تشتمل القاعدة على مرافق متنوعة، منها: ثكنات عسكرية، ومواقع للطائرات الهليكوبتر والطائرات بدون طيار، ورصيف بحري يستوعب السفن الحربية الكبيرة. منذ افتتاحها استخدمت الصين القاعدة لتنظيم تدريبات ومناورات عسكرية تشمل عمليات إجلاء طائرات هليكوبتر ومناورات بحرية مشتركة مع دول أفريقية أخرى.

التدريبات العسكرية الحالية: “وحدة السلام 2024”:

تجري الصين حاليًا تدريبات عسكرية مع تنزانيا وموزمبيق تحت مسمى “وحدة السلام 2024”. تشارك في هذه التدريبات وحدات برية وبحرية صينية، وتستهدف تعزيز التعاون الأمني بين الأطراف الثلاثة لمكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار الإقليمي. تتضمن التدريبات عمليات برية وبحرية لمكافحة الإرهاب، واستخدام مركبات قتالية مدرعة، ومدافع ذاتية الدفع، مما يعكس نهجًا مختلطًا في الشراكة العسكرية بين الصين والدول الإفريقية.

تتكون القوات الصينية المشاركة من وحدات برية تابعة للقيادة المركزية لجيش التحرير الشعبي، بما في ذلك فوج المعلومات والاتصالات ومستشفى عسكري، بالإضافة إلى وحدات بحرية تشمل سفن إنزال ومدمرة صواريخ. تشمل التدريبات أيضًا مناورات بحرية للدفاع عن الموانئ، وتكتيكات مكافحة الإرهاب، وعمليات مصادرة وإنزال ومكافحة قرصنة (1).

أهداف الصين الإستراتيجية من التدريبات:

تسعى الصين من خلال هذه التدريبات إلى تحقيق عدة أهداف إستراتيجية:

1- تعزيز التعاون الأمني والعسكري: من خلال إجراء تدريبات مشتركة، تعزز الصين علاقاتها الأمنية والعسكرية مع تنزانيا وموزمبيق، مما يسهم في دعم استقرار هاتين الدولتين.

2- تأمين مصالحها الاقتصادية: تواجه الصين تهديدات من الإرهاب التي يمكن أن تؤثر على استثماراتها في قطاع الطاقة في إفريقيا. الإرهاب في إفريقيا قد يؤثر على استثمارات النفط والمعادن التي تعتمد عليها الصين بشكل كبير، حيث تستورد حوالي 83% من احتياجاتها من النفط والمعادن من القارة.

3- توسيع النفوذ العسكري والأمني: تستفيد الصين من التدريبات لتعزيز وجودها العسكري في المنطقة، مما يمنحها نفوذًا أكبر في القارة ويعزز من قدرتها على التأثير في السياسات الأمنية والإقليمية (2).

مقارنة مع التفاعل الهندي والإقليمي:

تجدر الإشارة إلى أن تنزانيا وموزمبيق كانتا قد شاركتا أيضًا في مناورة بحرية ثلاثية مع الهند (TRILAT-2024) في مارس 2024. تُظهر هذه المناورات اهتمام الهند بتعزيز التعاون الأمني في المنطقة. يمكن تفسير التدريبات الصينية الحالية على أنها رد على هذه المناورات، حيث تسعى الصين إلى توسيع تأثيرها في المنطقة وزيادة شراكاتها العسكرية لتعزيز موقعها الإستراتيجي.

المستقبل والتوقعات:

في ظل تعزيز الصين لنفوذها العسكري في إفريقيا، يتوقع أن تشهد الفترة المقبلة زيادة في التعاون العسكري بين الصين ودول إفريقية أخرى، مثل: الصومال ودول منطقة الساحل الإفريقي. سيُركز هذا التعاون بشكل خاص على مكافحة الإرهاب وتأمين المصالح الاقتصادية الصينية. تعتبر الصين أن تعزيز شراكاتها الأمنية والعسكرية جزءًا من إستراتيجيتها الأوسع لبناء علاقات قوية مع الدول الإفريقية وتحقيق أهدافها الاقتصادية والأمنية في القارة. كما تسعى إلى تعزيز مكانتها الدولية كقوة عظمى ذات نفوذ متزايد، وهو ما ينعكس في تزايد عدد التدريبات والمناورات العسكرية التي تنظمها وتشارك فيها (3).

الوجود العسكري الصيني في القرن الإفريقي: رؤية تحليلية:

في السنوات الأخيرة، شهدت منطقة القرن الإفريقي اهتمامًا متزايدًا من القوى الكبرى، وبصفة خاصة الصين التي تسعى إلى تعزيز وجودها العسكري في المنطقة. رغم أن الصين لم يكن لها تاريخ استعماري في إفريقيا؛ إلا أن صعودها كقوة عالمية جعلها تتجه نحو القرن الإفريقي لتعزيز مصالحها الاقتصادية والأمنية. تستدعي هذه التحركات النظر في الأسباب والدوافع وراء التوسع العسكري الصيني وتحليل الآثار المترتبة على هذا التوسع. هذا المقال يسعى للإجابة عن سؤالين رئيسيين: ما الدور العسكري الذي تسعى إليه الصين في القرن الإفريقي؟ وما مدى أهمية القرن الإفريقي بالنسبة للصين؟

المحور الأول: مصالح الصين في القرن الإفريقي:

تعزيز القوة والمصالح الوطنية: تسعى الصين بشكل مستمر لحماية مصالحها الوطنية على الساحة الدولية من خلال تعزيز دعم الدول الإفريقية في المحافل العالمية.

على سبيل المثال: دعمت الدول الإفريقية الصين في مواجهة الضغوط الغربية حول قضايا مثل قانون الأمن القومي في هونج كونج وسياستها في شينجيانغ. هذا الدعم يعكس أهمية العلاقات بين الصين والدول الإفريقية في تعزيز مصالح بكين على المستوى الدولي حيث تسعى الصين إلى بناء تحالفات إستراتيجية تعزز من موقفها في المحافل الدولية.

المصالح الأمنية والعسكرية: تعزز الصين من وجودها العسكري في إفريقيا بشكل إستراتيجي لحماية مصالحها الأمنية وتعزيز استقرار المنطقة. فهي تشارك في عمليات حفظ السلام وتقديم الدعم لمكافحة القرصنة في الساحل الصومالي. بالإضافة إلى ذلك، قامت الصين بزيادة صادراتها من الأسلحة إلى الدول الإفريقية، مما يعكس التزامها بتوسيع نفوذها العسكري في المنطقة.

الحفاظ على المكاسب الاقتصادية: تعتبر إفريقيا مصدرًا مهمًا للموارد الطبيعية مثل النفط الذي تحتاجه الصين لدعم نموها الاقتصادي السريع. تستثمر الصين بشكل كبير في قطاع النفط في دول مثل أنجولا ونيجيريا، وتسعى إلى تأمين إمدادات الطاقة من المنطقة. مبادرة “الحزام والطريق” الصينية تدعم هذا التوجه من خلال تطوير بنية تحتية تربط الصين بآسيا وأوروبا عبر إفريقيا، مما يبرز أهمية المنطقة في إستراتيجية الصين الاقتصادية (4).

المحور الثاني: أنماط الوجود العسكري الصيني في القرن الإفريقي:

1- النمط الإستراتيجي للصين:

الإستراتيجية الصينية تسعى إلى تحقيق “التجديد العظيم للأمة الصينية” من خلال تعزيز وجودها العسكري ونفوذها على الساحة الدولية. تعمل الصين على توسيع قوتها العسكرية لتمكينها من مواجهة القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وتعزيز موقفها في النظام الدولي.

2- مشاركة الصين في التعاون الأمني الدولي لحفظ السلام:

تلعب الصين دورًا مهمًّا في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام، حيث قدمت مساهمات كبيرة في تمويل وتوفير قوات لحفظ السلام في إفريقيا. تسعى الصين من خلال هذه المشاركة إلى تعزيز دورها كقوة عالمية مسؤولة وتقديم الدعم للدول الإفريقية في مجالات السلام والأمن.

3- القاعدة العسكرية الصينية في جيبوتي:

إن إنشاء الصين لقاعدتها العسكرية في جيبوتي يعكس أهمية الموقع الإستراتيجي للمنطقة. توفر القاعدة للصين القدرة على تعزيز وجودها العسكري في القرن الإفريقي وحماية مصالحها الاقتصادية، يجعل الموقع الجغرافي لجيبوتي منه مركزًا حيويًّا للتجارة الدولية، ويعزز من أهمية وجود الصين هناك.

4- تعاون الصين لدعم العلوم والتكنولوجيا العسكرية:

تستثمر الصين في تطوير تكنولوجيا الدفاع والابتكار العسكري، بما في ذلك الأسلحة الكهرومغناطيسية والتكنولوجيا السيبرانية. وتساعد هذه الاستثمارات في تعزيز قدراتها العسكرية وتوفير الدعم للدول الإفريقية في مجالات الأمن والتكنولوجيا (5).

المحور الثالث: تحديات الوجود العسكري الصيني في القرن الإفريقي:

1. وباء كورونا COVID-19:

أثرت جائحة كورونا على العلاقات الدولية والوجود العسكري في إفريقيا، حيث قدمت الصين دعمًا كبيرًا للقارة من خلال توفير اللقاحات والمساعدات. يعكس هذا الدعم التزام الصين بتعزيز العلاقات مع الدول الإفريقية في أوقات الأزمات.

2- الصراعات المستوطنة والتوترات السياسية والأمنية:

يواجه الوجود العسكري الصيني تحديات من الصراعات والتوترات الأمنية المستمرة في المنطقة، وتمثل الصراعات الداخلية مثل النزاع في إثيوبيا تهديدًا لاستقرار المنطقة، مما يعقد جهود الصين للحفاظ على مصالحها وأمنها في القرن الإفريقي.

3- قرب القاعدة الصينية من القواعد السابقة في جيبوتي:

يواجه التواجد العسكري الصيني في جيبوتي تحديات من التواجد العسكري لدول أخرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا. تزيد هذه المنافسة من تعقيد الوضع الأمني في المنطقة، وتبرز التوترات بين القوى الكبرى في القرن الإفريقي(6).

أهمية القرن الإفريقي في سياسة الصين الجديدة:

القرن الإفريقي هو منطقة ذات أهمية جيوستراتيجية تتوسط طرق التجارة العالمية، وتعتبر نقطة عبور حيوية بين المحيط الهندي والبحر الأحمر عبر مضيق باب المندب وخليج عدن. نالت هذه المنطقة اهتمامًا كبيرًا من القوى العالمية نظرًا لموقعها الإستراتيجي ومواردها الطبيعية.

في السنوات الأخيرة، أعطت الصين هذه المنطقة اهتمامًا خاصًا في سياق تنفيذها لمبادرة “الحزام والطريق”، وهو ما يعكس إستراتيجيتها الطموحة للتوسع العالمي وتعزيز نفوذها الاقتصادي والسياسي.

1- القرن الإفريقي ومبادرة “الحزام والطريق”:

تعتبر مبادرة “الحزام والطريق” التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ في عام 2013 مشروعًا طموحًا يهدف إلى ربط الصين بالأسواق العالمية عبر شبكة من الممرات التجارية. تعتبر منطقة القرن الإفريقي جزءًا أساسيًّا من هذا المشروع بفضل موقعها الجغرافي الإستراتيجي الذي يتيح الوصول إلى البحر الأحمر والمحيط الهندي، مما يجعلها نقطة عبور رئيسة للبضائع الصينية المتجهة إلى أوروبا والشرق الأوسط.

2- الأهمية الإستراتيجية للقرن الإفريقي للصين:

منذ بداية تنفيذ مبادرة “الحزام والطريق”، قامت الصين بإجراءات ملموسة لتعزيز وجودها في القرن الإفريقي. في عام 2017، افتتحت الصين أول قاعدة عسكرية لها خارج البلاد في جيبوتي، وهو ما يعكس الأهمية الإستراتيجية للمنطقة في تأمين خطوط التجارة البحرية الصينية. تمتلك هذه القاعدة القدرة على حماية مصالح الصين في خليج عدن ومضيق باب المندب، وتوفير الأمان للطرق التجارية البحرية الحيوية؛ بالإضافة إلى ذلك، قامت الصين بتطوير بنية تحتية رئيسية في المنطقة لتعزيز قدرتها على الوصول إلى الأسواق الإفريقية.

من أمثلة ذلك: إنشاء خط سكة حديد بطول 750 كيلومترًا يربط جيبوتي بأديس أبابا، مما يسهل حركة البضائع بين البر الإفريقي والموانئ العالمية. كما قامت الصين بإنشاء محطة “غاريسا” للطاقة الكهروضوئية في كينيا، وهي أكبر مشروع للطاقة البديلة في القرن الإفريقي، مما يعزز قدرتها على دعم التنمية المستدامة في المنطقة.

3- دور المبعوث الصيني للقرن الإفريقي:

في يناير 2022، عينت الصين مبعوثًا خاصًا للقرن الإفريقي، شيويه بينغ، مما يعكس رغبة الصين في تعزيز دورها السياسي والتأثير على حل الأزمات الإقليمية. تتطلب الأزمة السياسية في إثيوبيا والصومال وكذلك الأزمات الإنسانية في المنطقة تدخلًا دوليًّا مستمرًا.

يأتي تعيين المبعوث ضمن إطار إستراتيجية جديدة تهدف إلى تحسين الاستقرار السياسي وتعزيز العلاقات الاقتصادية في المنطقة.

4- التوجه الصيني نحو السياسة الإقليمية:

تظهر إستراتيجيات الصين الجديدة أنها لم تعد تكتفي بالتواجد الاقتصادي فقط، بل تسعى إلى لعب دور سياسي أكثر فعالية، من خلال دعم محادثات السلام ورعاية المؤتمرات الإقليمية، تهدف الصين إلى التأثير على الأوضاع السياسية في القرن الإفريقي، مما يعكس تحولًا في إستراتيجيتها من التوجه الاقتصادي البحت إلى الانخراط في السياسة الإقليمية (7).

دوافع الإستراتيجية الصينية:

تسعى الصين إلى تأمين المصالح الاقتصادية: مع استثمارات ضخمة في مشاريع البنية التحتية، تهدف إلى تأمين خطوط التجارة الحيوية وضمان استقرار تدفق البضائع.

التوسع الجيوسياسي:

تعكس إستراتيجيات الصين في القرن الإفريقي رغبتها في توسيع نفوذها السياسي والجيوسياسي في القارة، خاصةً في ظل المنافسة مع القوى الغربية والولايات المتحدة.

الاستجابة للتحديات الأمنية:

تسعى الصين إلى أن تكون شريكًا نشطًا في حل النزاعات، مما يعزز من صورتها كقوة قادرة على إدارة الأزمات والتدخل بشكل فعال.

يمكن تفنيد دوافع الإستراتيجية الصينية كالتالي:

1- تعزيز الأمن والاستقرار في شرق إفريقيا:

تسعى الصين من خلال هذه التدريبات إلى دعم الاستقرار في منطقة شرق إفريقيا التي تعاني من مشاكل أمنية عدة مثل الإرهاب والتطرف في تنزانيا وموزمبيق. تدعم الصين الاستقرار الإقليمي كوسيلة لحماية مصالحها وتعزيز وجودها الإستراتيجي في المنطقة.

2- تعزيز التعاون العسكري:

تهدف التدريبات إلى تعزيز التعاون العسكري مع تنزانيا وموزمبيق بالنسبة لتنزانيا، تعزز التدريبات من جاهزيتها العسكرية وتطوير قدرات قواتها من خلال مشاركة فروع متعددة من القوات المسلحة؛ أما موزمبيق، فإنها تسعى إلى تعزيز قدرتها على مواجهة الإرهاب في مقاطعة كابو ديلغادو بدعم من الصين.

3- توثيق العلاقات مع الجيوش الإفريقية:

تعتبر الصين أن التعاون العسكري والتدريب مهمان لتوسيع نفوذها في إفريقيا. من خلال تدريب العسكريين الأفارقة، تعزز الصين علاقاتها وتوسع نفوذها بالقارة. تشير الدراسات إلى أن الصين أصبحت وجهة رئيسية للتعليم العسكري المهني الإفريقي.

4- الترويج للمعدات والأسلحة الصينية:

تسعى الصين أيضًا من خلال هذه التدريبات إلى ترويج معداتها العسكرية. بعد افتتاح المناورة، عرضت الصين نماذج من أسلحتها ومعداتها بما في ذلك الأسلحة الخفيفة ومركبات المشاة والطائرات بدون طيار.

5- موازنة الوجود البحري الهندي:

تتنافس الصين مع الهند على النفوذ البحري في شرق إفريقيا، وتأتي التدريبات كاستجابة للوجود البحري الهندي وتعزيز قدرة الصين على موازنة التواجد الهندي بالمنطقة (8).

مقارنة مع القوى الغربية:

بينما تركز الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية، تبني الصين إستراتيجيتها على أساس التعاون الاقتصادي والاستثمار في مشاريع التنمية؛ هذا الاختلاف في النهج يجعل الصين شريكًا جذابًا للعديد من الدول الإفريقية التي تسعى إلى تطوير بنيتها التحتية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.

6- مقارنة بالدور الأمريكي في القرن الإفريقي:

في الوقت الذي تستثمر فيه الصين بشكل كبير في القرن الإفريقي، تواجه الولايات المتحدة تحديات في الحفاظ على نفوذها في المنطقة. رغم أنها كانت القوة الرائدة في تقديم الدعم العسكري والإنساني، فإن الصين قد تكون قد تجاوزت الولايات المتحدة في بعض المجالات، مثل بناء البنية التحتية وتقديم القروض الإنمائية.

7- التحديات التي تواجهها الصين في القرن الإفريقي:

بينما تعزز الصين وجودها في القرن الإفريقي، تواجه عدة تحديات؛ من بينها: التوترات مع الولايات المتحدة، والصراعات الإقليمية المعقدة، والتحديات الإنسانية التي قد تؤثر على استقرار المنطقة. تحتاج الصين إلى إدارة هذه التحديات بحذر لضمان استمرار نجاح مبادرة “الحزام والطريق” وتعزيز نفوذها بشكل فعال (9).

الانعكاسات المحتملة:

تعتبر مناورات “وحدة السلام – 2024” نقلة نوعية في التحركات العسكرية الصينية في إفريقيا. تعكس هذه التدريبات النهج الجديد للصين في تعزيز وجودها العسكري في شرق إفريقيا وتقديم نموذج للتعاون العسكري على مستوى القارة. مع استمرار هذا الاتجاه، قد توسع الصين وجودها العسكري في إفريقيا وتستمر في تقديم نموذجها الاقتصادي والعسكري كوسيلة لتعزيز نفوذها في القارة.

تنامي التعاون العسكري في المستقبل:

تتوقع الصين تعزيز تعاونها العسكري في إفريقيا، بما في ذلك توسيع التدريبات المشتركة وتعليم العسكريين. قد يشمل ذلك إقامة قواعد عسكرية جديدة وتدريب المزيد من الضباط الأفارقة.

المنافسة الأمريكية:

تؤثر التحركات العسكرية الصينية في شرق إفريقيا على نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة، حيث تسعى الصين لأن تكون الشريك الأمني المفضل بجانب دورها كشريك اقتصادي مفضل، مما يثير قلق واشنطن ويزيد من التنافس بينها وبين الصين في القارة الإفريقية (10).

الخلاصة:

الوجود العسكري الصيني في القرن الإفريقي يعكس إستراتيجية معقدة تشمل تعزيز المصالح الاقتصادية والأمنية. من خلال تحليل أنماط وجود الصين وتحدياتها، يتضح أن بكين تسعى إلى تحقيق أهداف إستراتيجية طويلة الأمد في المنطقة؛ مما يجعل القرن الإفريقي منطقة حيوية في إستراتيجيتها العالمية. بينما تسعى الصين لتعزيز وجودها العسكري، فإنها تواجه أيضًا تحديات كبيرة تتعلق بالاستقرار الإقليمي والتنافس مع القوى الكبرى الأخرى.

وبناءً على ما سبق: تظل الصين قوة متنامية في الساحة العسكرية الإفريقية، حيث تسعى إلى ترسيخ علاقاتها الاقتصادية والثقافية والعسكرية مع شركائها في القارة. تسهم التدريبات العسكرية؛ مثل: “وحدة السلام 2024” في تعزيز مكانة الصين كقوة دولية لا يُستهان بها، وتؤكد على أهمية التفاعل الصيني مع القضايا الأمنية والإقليمية في إفريقيا؛ مما يجعلها لاعبًا رئيسيًا في تشكيل المشهد العسكري والأمني في القارة.

ولكن يبقى السؤال حول كيفية تعامل الصين مع التحديات المقبلة وكيفية استمرارها في تحقيق أهدافها في المنطقة. ستكون السنوات القادمة حاسمة في تحديد مدى نجاح الصين في ترسيخ نفوذها في القرن الإفريقي، وكيفية تأثير هذا النفوذ على الديناميات الجيوسياسية العالمية.

إن تعزيز الصين لدورها في القرن الإفريقي ليس مجرد مسألة اقتصادية، بل هو جزء من إستراتيجية أوسع لتحقيق الهيمنة العالمية. من خلال استثمارها في البنية التحتية، وتعزيز التواجد العسكري، وتوسيع نفوذها السياسي، تسعى الصين إلى أن تكون قوة رئيسية في السياسة الدولية والاقتصاد العالمي.

المصادر: 

1_ قراءات إفريقية

2_ مسارات

3_ تريندز

4_ سكاي نيوز

5_ الجزيرة

6_ مركز أبعاد

7_ الجزيرة

8_ المجلة العلمية الدورية

9_ مركز المستقبل

10_ الشرق الأوسط

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.