fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

الميناء الأمريكي العائم وقناة بن غوريون.. الأبعاد الإستراتيجية طويلة الأمد للحرب على غزة وتهجير الفلسطينيين وتداعياتها على الأمن القومي المصري

0 42

الميناء الأمريكي العائم وقناة بن غوريون.. الأبعاد الإستراتيجية طويلة الأمد للحرب على غزة وتهجير الفلسطينيين وتداعياتها على الأمن القومي المصري

في 25 من إبريل 2024م الماضي، وبعد مباحثات أمريكية إسرائيلية عدة؛ بدأت إدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” بإنشاء ميناء بحري عائم على سواحل قطاع غزة، بزعم إيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان القطاع للحد من الأزمة الإنسانية التي تسببت فيها الولايات المتحدة والكيان المحتل، من جراء الحرب على قطاع غزة والدعم الأمريكي المقدم لجيش الاحتلال الإسرائيلي حتى اللحظة. وبحسب ما تم الكشف عنه، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي نشر لواءً عسكريًّا في قطاع غزة لحماية وتأمين الميناء العائم الأمريكي بناءً على طلب من الولايات المتحدة، وتكمن أهداف خبيثة تقف خلف قرار الولايات المتحدة والكيان المحتل بإنشاء الميناء العائم.

فمشروع قناة بن غوريون الإسرائيلية قد عاد الحديث عنه بقوة من جديد من قبل مراكز البحث والدراسات المختلفة في الكيان المحتل والولايات المتحدة؛ فشق قناة بن غوريون صعب التنفيذ لتكلفته العالية بسبب طولها الزائد ما لم تخترق قطاع غزة الذي يعوق مساره الأقصر، وللتغلب على ذلك فلا بد من احتلال القطاع وتفريغه من سكانه، ومن ثم جرفه بالكامل ليكون الممر الأنسب لشق القناة الإسرائيلية الجديدة، لتربط إيلات الواقعة على البحر الأحمر بغزة على البحر المتوسط.

فما تفاصيل مشروع الميناء الأمريكي العائم في قطاع غزة؟ وما الدوافع الخبيثة التي تقف وراءه؟ وهل تُعد الحرب الدائرة في قطاع غزة تمهيدًا لإنشاء مشروع قناة بن غوريون؟ وما تداعيات ذلك على الأمن القومي المصري؟

يسلط مركز “رواق” للأبحاث والرؤى والدراسات، في هذا التقرير عبر دراساته وتحليلاته المختلفة، الضوء على دوافع الولايات المتحدة لإنشاء ميناء بحري عائم في قطاع غزة، والأبعاد الإستراتيجية طويلة الأمد للحرب على غزة وتهجير الفلسطينيين لإنشاء قناة بن غوريون، وتداعيات ذلك على الأمن القومي المصري في هذه السطور الآتية.

تفاصيل مشروع الميناء الأمريكي العائم في قطاع غزة:

كشف الرئيس الأمريكي “جو بايدن” في مارس الماضي عن مشروع إنشاء ميناء بحري عائم على سواحل قطاع غزة للمساعدة في إيصال المساعدات الإنسانية إلى المتضررين في القطاع. فيما اختلفت ردود الفعل والتصريحات حول إعلان بايدن؛ إذ رحبت الأمم المتحدة بكل طريقة ممكنة لإيصال المساعدات للمدنيين، وأكدت أن توصيل المساعدات برًا يبقى “أكثر فعالية.

لكن المقرر الأممي الخاص المعني بالحق في الغذاء “مايكل فخري” ذهب إلى حد وصف مقترح بايدن بأنه “خبيث”، لافتًا إلى أن واشنطن تقدم في نفس الوقت القنابل والذخائر والدعم المالي لتل أبيب؛ وطرحت تساؤلات عدة عن دوافع المشروع والجدوى من إنشائه، في ظل توفر العديد من المعابر إلى القطاع وإحجام الكيان المحتل عن إدخال المساعدات الإنسانية عبرها. (روسيا اليوم).

وسيشمل الميناء المؤقت، بحسب ما كشف عنه مسؤولون أمريكيون، رصيفًا بحريًّا سيوفر القدرة على استيعاب حمولات مئات الشاحنات الإضافية من المساعدات يوميًّا. وفي خطوة تُعد مهمة بالنسبة للكيان المحتل، ستخضع جميع الشاحنات للتفتيش من قبل الولايات المتحدة وقبرص، لا من قبل دول عربية، مثل مصر التي تشارك حدودًا برية مع قطاع غزة.

إضافة إلى ذلك؛ كشفت الولايات المتحدة عن نشر ألف عسكري أمريكي من الضباط والجنود في هذه المنطقة الممتدة من قبرص وحتى غزة لتأمين الميناء عند بدء التشغيل؛ وقال مسؤولون أمريكيون: إن هذا المشروع لا يتضمن نشر قوات أمريكية على الأرض في قطاع غزة، بل إن جيش الاحتلال الإسرائيلي سيتولى نشر لواء عسكري في محيط الميناء بسواحل غزة. كما أوضح مسؤولون أمريكيون أن القدرة الاستيعابية للميناء في البداية ستبلغ 90 شاحنة مساعدات إنسانية غذائية وطبية يوميًّا، ثم 150 شاحنة يوميًّا. (الجزيرة).

المواقف الإقليمية من مشروع الميناء الأمريكي العائم:

نظرًا للدور الأمريكي الداعم للكيان المحتل في حربه على قطاع غزة، فمنذ اللحظة الأولى للإعلان الأمريكي عن مشروع الميناء العائم، طرحت العديد من التساؤلات حول دوافع وأهداف ذلك المشروع، في ظل توفر العديد من المنافذ البرية إلى قطاع غزة وإحجام الكيان المحتل عن إدخال المساعدات الإنسانية عبرها، بل وحتى قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي الجانب الفلسطيني من معبر رفح على حدود قطاع غزة مع مصر.

وتكمن العديد من النِّقاط التي تستوجب الوقوف عندها؛ أبرزها:

إطلاق معهد بيغن السادات للدراسات الإستراتيجية الإسرائيلي مصطلح: “ميناء اللا عودة”، وهو الاسم الذي كان يُطلق على نقاط عبور عند شواطئ إفريقية كانت تُستخدم في تجارة الرقيق عبر الأطلسي خلال القرن الثامن عشر؛ فإن المعهد الإسرائيلي يوحي من خلال إطلاقه لهذا الاسم بالهدف الخفي غير المعلن للميناء الأمريكي لتنفيذ عمليات ترحيل منهجية للفلسطينيين من القطاع. (المسار للدراسات الإنسانية).

كما تتصرف فصائل المقاومة الفلسطينية مع هذا الميناء، على ما يبدو، بكثير من الحذر والتدقيق والانتظار قبل أن تقوم بأي إجراء، كونه يحمل في الظاهر عنوانًا إغاثيًّا، لكنها بالتأكيد قادرة بسهولة على تدميره أو استهداف نقاط محدّدة عندما تكتشف أي استخدام له يخرج عن الإطار الإنساني؛ هذا إلى جانب تشكيك العديد من المراقبين في نوايا الولايات المتحدة الحقيقية في ظل تحركاتها المريبة دون التنسيق مع الدول الفاعلة في المنطقة؛ فالولايات المتحدة لم تنسق مع الرئاسة الفلسطينية على اعتبار أن غزة جزء من الأراضي الفلسطينية المعترف بها دوليًّا من قبل 142 دولة بالجمعية العامة للأمم المتحدة. ويبدو أن الولايات المتحدة تسعى لوضع الرئاسة الفلسطينية في موقف حرج عبر ذلك الميناء، فإذا ما قبلت السلطة الفلسطينية بالميناء الأمريكي، فهو بمثابة تعدٍّ على السيادة الفلسطينية من قبل الولايات المتحدة الداعمة للكيان المحتل.

وإذا ما رفضت السلطة، فسيُعد ذلك رفضًا لفك الحصار على القطاع، وكان بمقدور الولايات المتحدة أن تضغط على الكيان المحتل لفتح المعابر بدلًا من إنشاء الميناء.

وبالنظر إلى دور جيش الاحتلال في تأمين الميناء عبر محور نتساريم، إلى جانب وجود عدد من عناصر القوات الأمريكية في محيط الميناء؛ فإن ذلك يندرج ضمن هدف إسرائيل طويل الأمد بتشكيل قوة متعددة الجنسيات في قطاع غزة. وعلى الرغم من الترقب المصري للتحركات الأمريكية والإسرائيلية، إلا أن مراقبين مصريين رأوا أنه لا يوجد تفاهم مع مصر بشأنه، وأنه لن يكون بديلًا عن معبر رفح.

ولم يستبعد وزير الخارجية المصري الأسبق نبيل فهمي أن يكون ذلك الميناء الذي دُشن قبل الأزمة بين القاهرة وتل أبيب قد تم بتفاهم أميركي-إسرائيلي، وبمعادلة توافقات بينهما تهدف إلى دعم مزيد من السيطرة الإسرائيلية على القطاع. (الشرق الأوسط).

أبعاد ودوافع مشروع الميناء العائم الأمريكي في قطاع غزة:

يبدو أن للولايات المتحدة حسابات عدة في منطقة الشرق الأوسط ككل، وليس مع الكيان المحتل فقط؛ إذ ترغب واشنطن، من خلال الممر البحري، في تحقيق عدة أهداف، أبرزها: استحداث موطئ قدم جديد في منطقة البحر المتوسط لمواجهة التمدد الروسي في كل من سوريا وليبيا، هذا إلى جانب النفوذ الصيني الصاعد في المنطقة، حيث تتخوف واشنطن من تنامي الاهتمام الصيني بالتواجد في الموانئ المطلة على شرق البحر المتوسط.

وتُعد منطقة شرق المتوسط من أغنى مناطق العالم بالغاز الطبيعي، وتدرك الدول الصناعية الكبرى الأهمية الاقتصادية المتزايدة للمنطقة في ظل أزمات الطاقة المتفاقمة وما تعانيه القوى الكبرى الصناعية من شح في صادرات الغاز والنفط.

ولذلك يمكن القول: إن أحد دوافع الولايات المتحدة لإنشاء الممر البحري والميناء العائم في غزة هو مزاحمة النفوذ الصيني والروسي في المنطقة ولعب دور أكبر في منطقة شرق المتوسط والتأثير على قضايا الغاز والطاقة، في ظل احتياطيات طاقية في المياه الإقليمية للقطاع تُقدر بنحو 3 تريليونات قدم مكعب من الغاز الطبيعي.

كما يُعد مشروع الممر الكبير، الذي كُشف عنه في مؤتمر قمة العشرين في سبتمبر 2023م، والذي يتخذ من منطقة شرق المتوسط أحد أهم ممراته لأوروبا، دافعًا آخر للولايات المتحدة لإقامة الميناء. حيث اتفقت كل من الولايات المتحدة والسعودية والهند والإمارات وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي على توقيع مذكرة تفاهم بشأن مشروع إنشاء ممر اقتصادي جديد يربط الهند والشرق الأوسط وأوروبا. (المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية).

ويهدف هذا المشروع إلى مواجهة مشروع “الحزام والطريق” الصيني، حيث تسعى واشنطن إلى إضعاف المبادرة الصينية عبر إيجاد طرق تجارية بين أسواق الشرق والغرب، وعدم ترك المنطقة الممتدة من غرب الهند وحتى جنوب أوروبا ساحة مفتوحة للاستثمارات والنفوذ الصيني، مما يؤثر سلبًا على دور الولايات المتحدة في المنطقة.

ويبدو أن الولايات المتحدة تنظر إلى مشروع إنشاء الميناء العائم كجزء من عملية تدريب قتالية لمواجهة التحديات اللوجستية في حال اندلاع صراع في منطقة مضيق تايوان، أو تفاقم الصراع في شرق أوروبا، أو توسع دائرة الحرب في غزة إلى لبنان. (المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية).

إذ تعزز مهمة إنشاء الميناء في غزة من فعالية القوات الأمريكية على إقامة ممرات بحرية، لا سيما وأن هذا الممر يُعد جزءًا من نظام الرصيف العائم المشترك عبر الشاطئ من قبرص وحتى غزة، والذي من شأنه أن يُسهّل على السفن تفريغ المساعدات الإنسانية. كما أنه يعتبر خيارًا استراتيجيًّا يعزز من قدرات البنتاغون ويوفر له مرونة أكبر في التعامل مع الأزمات اللوجستية، وتأكيدًا على قدرات الولايات المتحدة في إدارة خطوط الإمداد والدعم في حالات الطوارئ.

إضافة إلى ذلك، فقد أظهرت الحرب الإسرائيلية الشرسة على قطاع غزة أهمية الدور العربي المحوري، وتحديدًا المصري، في إيصال المساعدات الإنسانية والغذائية إلى سكان القطاع وتنظيم جولات المفاوضات بين الكيان المحتل وفصائل المقاومة، إلى جانب السياسة الخارجية العربية التي نجحت في حشد الدعم والاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.

ما أثار استياء الكيان المحتل وحلفائه الغربيين، ودفعهم للعمل على الحد من الدور العربي، والمصري تحديدًا، عبر إنشاء ممر بحري من قبرص إلى قطاع غزة للحد من إيصال المساعدات عبر معبر رفح أو الإسقاط الجوي الذي تنفذه مصر والأردن والإمارات وغيرها من الدول العربية.

قناة بن غوريون ودور إسرائيل في ميناء الولايات المتحدة على سواحل غزة؛ ولذلك تطمح الولايات المتحدة والكيان المحتل إلى إعادة رسم الأدوار وتشكيل خريطة النفوذ في المنطقة، للحد من الدور العربي الصاعد بشكل كبير وتأثيره على السياسة الأمريكية والإسرائيلية في الشرق الأوسط. فمشروع الميناء الأمريكي العائم يندرج ضمن أهداف إسرائيلية وأمريكية أكبر تجاه المنطقة.

فالسيطرة على قطاع غزة، وإنشاء ممر بحري من القطاع إلى قبرص، ومحاولات تهجير السكان إلى خارج القطاع تُعد خطوات للتمهيد لإنشاء قناة بن غوريون، التي يعود تاريخها إلى عام 1963م؛ حيث طرح مشروع قناة بن غوريون الإسرائيلي ليكون بديلًا لقناة السويس المصرية بعد أن قرر الرئيس المصري الراحل آنذاك، جمال عبد الناصر، إغلاق القناة أمام الملاحة الإسرائيلية؛ إلا أن مشروع قناة بن غوريون لم يُنفّذ بسبب الصعوبات التي اعترضت مساره الجغرافي، في ظل بقاء قطاع غزة خارج السيطرة الإسرائيلية. لكن في حال احتلال الكيان المحتل للقطاع، سيتم اختصار 100 كيلومتر من الطول المخطط لهذه القناة، التي تربط إيلات على البحر الأحمر مع قطاع غزة على البحر الأبيض المتوسط. (سي إن إن الاقتصادية).

وبإلقاء الضوء على تفاصيل المشروع الإسرائيلي، فإن قناة بن غوريون أعرض وأعمق من قناة السويس المصرية، بطول يصل إلى نحو 260 كيلومترًا، وبعمق نحو 50 مترًا، وهي ذات مسارين منفصلين إلا أنهما متوازيان، ما يجعلها مناسبة لعبور أضخم السفن والفنادق والمدن والموانئ العائمة، ونمو منتجعات سياحية وشركات عابرة للقارات ومناطق اقتصادية حرة. (سي إن إن الاقتصادية).

كما سيوفر هذا المشروع الاستعماري بدائل مريحة للمتهربين من الضرائب وللباحثين عن الثروات، وذلك على أنقاض أراضي الفلسطينيين وممتلكاتهم وأرواحهم. ولذلك يؤدي المشروع دورًا محوريًّا في مشروع الممر الكبير، الذي سيربط جنوب أوروبا بالهند مرورًا بقناة بن غوريون بالكيان المحتل.

وإذا ما ربطنا بين مشروع الميناء العائم الأمريكي ومشروع قناة بن غوريون الإسرائيلي، فيمكن القول إن الممر الكبير وقناة بن غوريون والميناء الأمريكي العائم في غزة جميعها تُعد جزءًا من الإستراتيجية الأمريكية الجديدة لتعزيز النفوذ الإقليمي ومواجهة نفوذ روسيا والصين في المنطقة، وضمان التفوق الإسرائيلي والهيمنة على الإقليم.

فمنافسة الكيان المحتل لقناة السويس المصرية من جهة، واحتلال قطاع غزة وتهجير السكان والسيطرة على الموارد الطاقية للقطاع من جهة أخرى، سيعزز من النمو الاقتصادي والنفوذ السياسي للكيان المحتل في الإقليم، ويحد من تأثير الدول العربية الفاعلة نظرًا لما تتمتع به قناة السويس المصرية من دور محوري في الاقتصاد والتجارة العالمية، وبالتالي فإن سلطات الكيان المحتل تدرك الأهمية المحورية لمشروع قناة بن غوريون، إذ من شأن المشروع أن يمنح الكيان المحتل السيطرة على واحدة من أهم نقاط الشحن البحرية في العالم.

وبالنظر إلى دوافع الولايات المتحدة والقوى الأوروبية في دعم مشروع قناة بن غوريون الإسرائيلي، فتكمن العديد من الدوافع وراء ذلك الدعم، أبرزها حادثة جنوح سفينة الحاويات الضخمة “إيفرجيفن” في قناة السويس عام 2021م، وتداعيات ذلك على حركة التجارة الدولية واقتصادات العالم الغربي؛ فقد أظهرت تلك الحادثة الأهمية المحورية والدور الأساسي للدولة المصرية في التجارة العالمية.

كما أثارت تلك الحادثة مخاوف القوى الغربية من احتمال أن يصبح هذا الشريان الحيوي للشحن العالمي نقطة اختناق للعالم الغربي؛ لأن قناة السويس المصرية هي نقطة عبور حيوية لتجارتها ولمرور أساطيلها الحربية.

كما يُعد تقارب الدولة المصرية مع القوى الصاعدة في الشرق (روسيا والصين) وانضمامها لتكتل البريكس الاقتصادي، عامل قلق بالنسبة إلى الولايات المتحدة والكيان المحتل؛ ولذلك عادت فكرة مشروع إنشاء قناة بن غوريون إلى الواجهة من جديد، مع مشروع الممر الأمريكي العائم في القطاع، كتصور إسرائيلي لما سيكون عليه الوضع في الشرق الأوسط عقب الحرب على قطاع غزة.

تداعيات المخططات الأمريكية والإسرائيلية على الأمن القومي المصري:

يعكس الترحيب الإسرائيلي بمشروع الميناء الأمريكي العائم في قطاع غزة، والممر البحري مع قبرص، توافقه مع المخطط الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين إلى خارج القطاع وإنشاء مشروع قناة بن غوريون؛ ففي بداية الحرب على قطاع غزة أعلن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي أن الحرب على غزة ستغير خريطة الشرق الأوسط، ما أحدث موجة من التساؤلات حول الأهداف الإسرائيلية الخفية غير المعلنة. (سكاي نيوز عربية).

أما الآن فباتت الصورة أكثر وضوحًا؛ ونظرًا إلى أن الضرر الأكبر من وراء المخطط الإسرائيلي والأمريكي سيقع على سكان قطاع غزة والدولة المصرية، فقد تصدت مصر والمقاومة الفلسطينية لتلك الأهداف الخبيثة، فالمقاومة الفلسطينية وعلى الرغم من دخول الحرب على غزة شهرها الثامن؛ إلا أنها لا تزال قادرة على توجيه الضربات وإفشال المخطط الإسرائيلي؛ كما أن موقف الدولة المصرية وتصريحات المسؤولين بالقاهرة، بأن مصر ستتصدى لمخططات الكيان المحتل لتهجير الفلسطينيين والاعتداء على السيادة المصرية، بل وصل الأمر إلى حد تلويح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالحرب إذا ما أصر الكيان المحتل على مخططات التهجير؛ حيث في 18 من أكتوبر 2023م التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع المستشار الألماني أولاف شولتز وبحثا خلال اللقاء القضية الفلسطينية وحرب الكيان الصهيوني المحتل على قطاع غزة ومخطط الكيان الذي بات واضحًا للجميع.

وخلال اللقاء صرح الرئيس السيسي قائلًا: “مصر دولة ذات سيادة، حيث إن فكرة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء يعني جر مصر إلى حرب جديدة ضد إسرائيل؛ بالإضافة إلى أن تشديد الحصار على قطاع غزة يهدف إلى تهجير الفلسطينيين إلى سيناء المصرية وهو أمر مرفوض تمامًا”. وأوضح الرئيس السيسي أن تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة يقضي على حل الدولتين. (اليوم السابع).

إذ أدركت مصر سريعًا حقيقة الأهداف الإسرائيلية والأمريكية، وما وراء تصريحات نتنياهو حول تغيير خريطة الشرق الأوسط، فلا ممر كبير، ولا قناة بن غوريون، ستتم طالما فشلت مخططات التهجير الإسرائيلية لأهالي قطاع غزة، ولا يزال الموقف المصري والفلسطيني ثابتًا أمام الأهداف الإسرائيلية والأمريكية الخبيثة تجاه العالم العربي والقضية الفلسطينية.

الخلاصة:

– مثَّل إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن عن إنشاء ميناء عائم على سواحل قطاع غزة وممر بحري يصل غزة وقبرص مفاجأة لدى المراقبين. وتراوحت ردود الفعل ما بين الترحيب والتوجس من المشروع، في ظل الدعم الأمريكي المستمر لجيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين، وعرقلة سلطات الاحتلال دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع عبر المعابر الحدودية البرية؛ كما تخفي الولايات المتحدة دوافع أخرى خلف المشروع، من استحداث موطئ قدم جديد في شرق المتوسط، إلى مواجهة النفوذ الروسي والصيني في المنطقة، وصولًا إلى كون الميناء الأمريكي يُعد جزءًا من مشروع الممر الكبير لتعزيز الهيمنة الأمريكية على المنطقة.

– منذ ستينات القرن الماضي، تسعى الولايات المتحدة للحد من الدور المصري في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ إذ تؤدي الدولة المصرية دورًا محوريًّا في العديد من القضايا العالمية؛ أبرزها: القضية الفلسطينية، وصراعات الغاز الطبيعي في شرق المتوسط، وغيرها من الأزمات الإقليمية.

– إضافة إلى أن قناة السويس المصرية تُعد شريانًا رئيسيًّا للتجارة العالمية؛ ما عزز من نفوذ ومكانة الدولة المصرية على الساحة العالمية، ودفع الكيان المحتل والقوى الغربية إلى تفعيل المخططات القديمة للحد من الدور المصري؛ إذ عادت للواجهة من جديد مشروع إنشاء قناة بن غوريون الإسرائيلي، والمشروط بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء لشق مسار القناة للربط بين خليج العقبة والبحر الأبيض المتوسط.

– أدركت الدولة المصرية وفصائل المقاومة الفلسطينية سريعًا حقيقة الأهداف الإسرائيلية من وراء الحرب على قطاع غزة؛ إذ جاءت تصريحات المسؤولين المصريين الرافضة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة لتضرب المخططات الإسرائيلية والأمريكية عُرض الحائط؛ كما مثَّل صمود المقاومة الفلسطينية واستمرار توجيه الضربات العسكرية ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي تحديًّا أمام مخطط التهجير، وبات واضحًا حقيقة دوافع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والمخططات الإسرائيلية والأمريكية، وإفشالها من قِبَل الدولة المصرية وفصائل المقاومة الفلسطينية.

المصادر:

روسيا اليوم

الجزيرة

المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية

مركز السلام للدراسات الإستراتيجية

سي إن إن الاقتصادية

العربية

سكاي نيوز عربية

اليوم السابع

المسار للدراسات الإنسانية

الشرق الأوسط

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.