fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

التقارب الروسي – الأذربيجاني.. الدوافع والمآلات

41

التقارب الروسي – الأذربيجاني.. الدوافع والمآلات

بعد الحرب الأخيرة في إقليم ناغورني كاراباخ بين أرمينيا وأذربيجان، طرأت تحولات جديدة على المشهد السياسي والإستراتيجي في المنطقة، مما يستدعي إعادة تقييم دور روسيا ونفوذها وسياستها تجاه جنوب القوقاز؛ فالمنطقة ذات أهمية إستراتيجية كبيرة لكثير من اللاعبين الدوليين، ومن بين هؤلاء اللاعبين يأتي الدب الروسي بوزنه وتأثيره.

في ضوء هذه التحولات، يبرز دور القوى العظمى؛ مثل: روسيا، في تحديد الديناميات الإقليمية، وتشكيل سياسات الدول الصغيرة المجاورة. ومن المهم فهم كيف أن التصريحات السياسية والتحركات العسكرية تعكس إستراتيجيات النفوذ والتأثير في المنطقة. وفي ظل التطورات السياسية والاقتصادية في جنوب القوقاز، تبرز أهمية فهم دور روسيا بوصفها قوة إقليمية وتأثيرها على الديناميات الإقليمية والعلاقات الدولية.

إن تحليل هذا الدور يتطلب النظر إلى كثير من العوامل؛ بدءًا من التحولات التاريخية في المنطقة وصولًا إلى النظريات السياسية الحديثة.

أحد الجوانب الرئيسة التي يجب مراعاتها هو النفوذ الاقتصادي والعسكري لروسيا في جنوب القوقاز؛ فعلى الرغم من التحولات السياسية والجيوسياسية في العقود الأخيرة، لا تزال روسيا تحتل موقعًا مهمًّا في الإقليم من خلال قواعدها العسكرية والعلاقات الاقتصادية الوثيقة مع الدول المجاورة؛ يعكس هذا النفوذ الروسي تاريخًا طويلًا من العلاقات والتبادلات الثقافية والاقتصادية في جنوب القوقاز.

من الجوانب الأخرى التي يجب مراعاتها: العوامل الجيوسياسية والإستراتيجية؛ إذ تعد جنوب القوقاز منطقة تنافس بين القوى الإقليمية والدولية، مما يعكس النزاعات القديمة والحديثة والصراعات الجيوسياسية. ويؤدي دور الوسيط في هذه الديناميات دورًا حاسمًا في تشكيل المستقبل السياسي والاقتصادي للمنطقة.

التقارب الروسي – الأذربيجاني:

التقارب الروسي – الأذربيجاني يمثِّل علاقة إستراتيجية تعتمد على مجموعة من العوامل السياسية والاقتصادية والعسكرية التي ترتبط بتاريخ العلاقات بين البلدين وتطورها الحديث.

تأسست العلاقات العسكرية بين روسيا وأذربيجان على قاعدة التعاون والتبادل العسكري، حيث تعاون البلدان في مجال تطوير القدرات العسكرية وتبادل الخبرات والتكنولوجيا العسكرية؛ كما شهدت العلاقات الاقتصادية نموًا ملحوظًا، خاصة في قطاعات الطاقة والنقل والصناعات الثقيلة.

تُعَدُّ قطاعات الطاقة والنفط من أهم مجالات التعاون بين البلدين، حيث تستفيد روسيا من مشروعات الطاقة مع أذربيجان، في حين تستفيد أذربيجان من التكنولوجيا والاستثمارات الروسية في تطوير قطاعها الطاقوي؛ كما تمتلك العلاقات الثقافية بين البلدين أهمية كبيرة في تعزيز التقارب الروسي الأذربيجاني من خلال كثير من المبادلات الثقافية والفنية والتعليمية بين الشعبين.

على صعيد السياسة الخارجية، تُعَدُّ العلاقات الروسية الأذربيجانية جزءًا من إستراتيجية روسيا في المنطقة؛ حيث تهدف روسيا إلى تعزيز التوازنات الجيوسياسية والمصالح الاقتصادية في منطقة القوقاز، ويظهر التحالف العسكري بين روسيا وأذربيجان بوصفه جزءًا من إستراتيجية أذربيجان لتحقيق الأمن القومي والدفاع عن سيادتها، في حين تسعى روسيا من خلال هذا التحالف إلى زيادة نفوذها في المنطقة.

التحولات الأخيرة في جنوب القوقاز تلقي الضوء على تطور العلاقات بين روسيا وأذربيجان، مع تأكيد وزير الخارجية الأذربيجاني السابق توفيق ذو الفقاروف أهمية المرحلة الجديدة التي تمر بها المنطقة.

كما أن التحالف العسكري بين أذربيجان وتركيا يتوقع أن يكون له تأثير حاسم في آسيا الوسطى وجنوب القوقاز، وخروج روسيا من أرمينيا قد يخدم مصالح الغرب، الذي يسعى إلى إزاحة نفوذ موسكو في المنطقة.

التحولات الأخيرة في جنوب القوقاز وتأثيرها في الدور التركي تشكل موضوعًا محوريًّا، وتأكيد عمل ممر زنغزور الإستراتيجي كجزء من أذربيجان يجعل تركيا حليفًا قويًّا للغرب، ويضيف بعدًا جديدًا للتحالفات الجيوسياسية في المنطقة؛ كما أن تصاعد التوترات بين الصين والولايات المتحدة يبرز أهمية المنطقة للعالم، مما يعزز أهمية التحالفات في جنوب القوقاز(1).

دلالات التقارب الروسي – الأذربيجاني:

على الرغم من اتباع أذربيجان بصورة علنية، سياسة حيادية ومتوازنة في التعاطي مع الحرب الروسية الأوكرانية وبنائها على إرثها التاريخي باعتبارها إحدى دول عدم الانحياز، فإن باكو قد تمكنت من تعزيز علاقتها وشراكاتها المختلفة مع موسكو مع المحافظة أيضًا على عدم إثارة غضب الدول الغربية؛ وذلك على النحو التالي:

ظهور باكو في صورة الوسيط المحتمل بين موسكو وكييف:

على الرغم من تمتع أذربيجان بعلاقات وشراكات إستراتيجية مع أوكرانيا، فإنها لم تسارع إلى شجب الحرب الروسية ضد أوكرانيا، كما لم تتبنَّ موقفًا مساندًا بصورة كلية لموسكو. وعلى النقيض من ذلك: لجأت باكو إلى الموازنة بين الطرفين، والظهور في صورة الوسيط المحتمل فيما بينهما؛ فمن ناحية: أعلنت باكو دعمها غير المباشر لأوكرانيا من خلال تسليط الضوء على أهمية الالتزام بالقانون الدولي – ولا سيما السيادة الإقليمية والنزاهة – بصفته أساسًا يجب الاستناد إليه لوقف إطلاق النار بين الطرفين المتنازعين.

ومع اندلاع الحرب، بادرت أذربيجان إلى إرسال شحنة مساعدات إنسانية تقدر بنحو 5 ملايين يورو؛ كما استمرت في تزويد كييف بإمدادات من الغاز التي قدمت جزءًا منه بدون مقابل لصالح أعمال الإغاثة، كما استمرت في مناقشاتها لمشروع الربط بينها وبين أوكرانيا تحت مظلة منظمة جوام للتطوير الديمقراطي والاقتصادي، وبالرغم من ذلك: رفضت باكو تقديم مساعدات عسكرية إلى أوكرانيا أو الانضمام إلى منظومة العقوبات الغربية المفروضة على موسكو.

تعزيز العلاقات التجارية بين الدولتين:

تطوَّرت العلاقات التجارية بين روسيا وأذربيجان بصورة ملحوظة في السنوات الأخيرة؛ ففي لقاء جمع رئيس وزراء أذربيجان علي أسدوف مع نظيره الروسي آنذاك ميخائيل ميشوستين في باكو في شهر مارس 2024، تم تأكيد أهمية تطور العلاقات التجارية بين الدولتين. وذكر أن “روسيا من الشركاء التجاريين المهمين لأذربيجان”، وأن “العلاقات التجارية والاقتصادية بين بلدينا تتطور بشكل مطرد”. وأشار إلى أن حجم التبادل التجاري بين الدولتين وصل إلى مستوى قياسي مرتفع في عام 2023، ليبلغ نحو 4.4 مليار دولار. وأفادت لجنة الجمارك الحكومية الأذربيجانية في شهر مارس 2024 بأن صادرات البلاد المتجهة إلى روسيا زادت في عام 2023 بنسبة 23% تقريبًا، لتصل إلى 1.2 مليار دولار. وارتفعت الواردات من روسيا بنسبة 16% لتتجاوز 3.2 مليار دولار.

كثافة الانفتاح الدبلوماسي المتبادل:

شهدت السنوات الماضية كثافة ملحوظة في الانفتاح الدبلوماسي المتبادل بين روسيا وأذربيجان؛ فعلى سبيل المثال: قام الرئيس الأذربيجاني “إلهام علييف” بزيارة موسكو في شهر إبريل 2024، والتقى الرئيس الروسي “بوتين”، حيث تم خلال الزيارة تأكيد التقارب الإستراتيجي بين الدولتين؛ كما استقبل الرئيس الأذربيجاني “إلهام علييف” نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي “كونستانتين كوساتشيف”، ورئيس مجلس الدوما “ليونيد كلاشينكوف” يوم 2 مايو 2024، وأكد خلال اللقاء أن باكو وموسكو تُظهِران أعلى مستوى من التعاون في حل القضايا الحاسمة في جدول الأعمال الثنائي والمتعدد الأطراف، مضيفًا: أن روسيا مثَّلت عاملًا مهمًّا لتنمية جنوب القوقاز.(2).

سبب التمدد والتواجد الروسي في القوقاز:

على غرار الإمبراطورية الروسية، كانت روسيا الفدرالية دائمًا حامية حمى المسيحيين باسم انتماء مشترك لهذا الدين، وقد عللت هكذا ضم أرمينيا لجيب قره باغ الموجود على الأراضي الأذربيجانية؛ ففي المرحلة الأولى لهذه الحرب بين 1988 و1994، قاتل “متطوعون” سوفيات روس من الجانب الأرميني، وسلحت روسيا أرمينيا أكثر مما فعلت مع أذربيجان.

ومنذ توقف العداء شكليًّا سنة 1994، كانت أرمينيا، وبمساندة روسية، تسيطر ليس فقط على الجيب المبتغى؛ بل كذلك على سبع مقاطعات أذربيجانية مجاورة حتى لا تبقى المنطقة محاصرة ولتأمين استمرارية إقليمية مع أرمينيا.

وقد أدَّى هذا الوضع إلى “تبادل سكاني” مهم، لكن يجدر الإشارة هنا إلى أن كفة الميزان مالت أكثر إلى الجانب الأذربيجاني؛ نظرًا لعدد الأذريين الذين فروا من منازلهم في أرمينيا، وقره باغ، والمقاطعات المجاورة. وفعلًا لم تكن مساندة روسيا لأرمينيا من منطلق الهوية والثقافة فحسب، بل كانت هناك دوافع سياسية وإستراتيجية؛ من بينها: مساندة أرمينيا لمحاولات روسيا للاندماج الإقليمي.

كما تمكنت يريفان من الانضمام إلى الاتحاد الأوروآسيوي وإلى هيكل الدفاع الجماعي؛ أي: منظمة معاهدة الأمن الجماعي، وهو بمثابة حلف أطلسي برعاية موسكو؛ أما باكو فقد كانت على العكس دائمة التوجس من أي شراكة مع موسكو؛ إذ ترى فيها وريثة التقليد الاستعماري الروسي.

على الرغم من هذه الروابط التاريخية التي كانت تجعل من أرمينيا محمية روسية، وتجبر “روسيا الأبدية” على الهرع لنجدة الأخ الأصغر، تتراءى لنا صورة جديدة منذ تاريخ 27 سبتمبر 2023؛ فماذا يعني هذا التحفظ أو هذا الانسحاب الروسي من الصراع بين أذربيجان وأرمينيا؟ ولماذا لم تمد روسيا يد العون لمحميتها التابعة لأسرتها العسكرية، أي منظمة معاهدة الأمن الجماعي؟ هذا التغيير الذي لا يمكن إنكاره والذي يبدو منذ اتفاق العاشر من نوفمبر 2023 إهمالًا تامًّا لأرمينيا؛ إنما هو ثمرة تطور طويل لجميع الفاعلين المحليين والإقليميين في صراع قره باغ(3).

نجاح أذربيجان في لفت أنظار روسيا:

وقد نجحت أذربيجان، خلال أواخر عام 2023، في حسم صراعها الطويل مع أرمينيا حول منطقة ناجورنو كاراباخ، عقب جولات متفرقة من الاقتتال. وقتها شهدت العلاقات الروسية الأذربيجانية تحولات جوهرية نحو المزيد من التقارب، في الوقت الذي أصبحت فيه العلاقات بين روسيا وأرمينيا أكثر توترًا؛ وذلك بفعل قيام أذربيجان بدور محوري في مساعدة روسيا على إبقاء أنشطتها الاقتصادية بعيدة عن طائلة منظومة العقوبات الأمريكية الأوروبية، بجانب توطد العلاقات فيما بين الطرفين(4).

تلاقي المصالح في مجال مشروعات الغاز:

شكَّل مجال الغاز الطبيعي مدخلًا مهمًّا لتعزيز العلاقات بين روسيا وأذربيجان؛ ففي نوفمبر 2022 كشفت أذربيجان عن صفقة مع شركة غازبروم الروسية المنتجة والمصدرة للغاز لتزويد أذربيجان بما مجموعه مليار متر مكعب من الغاز الروسي حتى مارس 2023. وجاء ذلك بالتزامن مع توقيع أذربيجان على اتفاق لتزويد أوروبا بالغاز خلال زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية “أورسولا فون دير لاين” إلى باكو في يوليو 2022؛ حيث رأى المحللون أن توقيع أذربيجان على استيراد شحنات للغاز من موسكو جاء لتلبية احتياجات السوق المحلية، مع ضمان التزامها بتلبية بنود اتفاقها مع الاتحاد الأوروبي.

وفي سياق متصل، وقَّعت شركة النفط الأذربيجانية “سوكار” في أكتوبر 2023 على اتفاقية شاملة مع شركة “Lukoil” الروسية لمعالجة ما يصل إلى 200 ألف برميل من النفط الخام الروسي يوميًّا في مصفاة ستار القائمة في تركيا، مع إقراض الشركة الروسية 1.5 مليار دولار. وتساهم أذربيجان من خلال هذه الخطوة عبر ناقلاتها الحديثة في تقليل تكاليف نقل الغاز الروسي إلى تركيا.

الحرص على صياغة أطر للتعاون المشترك:

عملت كلٌّ مِن: روسيا وأذربيجان، خلال السنوات الماضية، على تطوير أطر جديدة للتعاون بينهما؛ فعلى سبيل المثال: وقَّعت أذربيجان على إعلان للتعاون مع روسيا في فبراير 2022. وعلى الرغم من عدم تضمنه البنود والحقوق التي منحها اتفاق التعاون الموقع مسبقًا بين تركيا وأذربيجان، فإن المراقبين أكدوا أنه كان بمثابة وثيقة ضمان قدمتها باكو طواعيةً إلى موسكو؛ لتأكيد عدم تطلعها إلى تحدي الكرملين أو تبني سياسات مقلقة لروسيا، وذلك على غرار سياسات كل من مولدوفا وأوكرانيا، بما يمنع أي تحرك عدائي من روسيا في مواجهتها، خاصة فيما يتعلق بقضية ناجورنو كاراباخ.

وجاء التوقيع أيضًا بالتزامن مع بدء الحرب الروسية ضد أوكرانيا، مما منح باكو القدرة على المراوغة وعدم التعرض للانتقاد من قِبل الدول الغربية التي ركزت بصورة كبيرة على تطورات الأوضاع على طول الحدود الروسية الأوكرانية(5).

نتائج التقارب الروسي – الأذربيجاني:

لقد أفضى التقارب بين أذربيجان وروسيا إلى عدد من التداعيات الرئيسية المتمثلة فيما يلي:

تزايد التوترات بين أرمينيا وروسيا:

لا يمكن إغفال أن التقارب المتزايد بين روسيا وأذربيجان ينعكس بشكل أو بآخر، على العلاقات بين أرمينيا وروسيا؛ فخلال السنوات الأخيرة تزايد انتقاد المسؤولين في أرمينيا لسياسات موسكو، وتكررت اتهامات رئيس الوزراء الأرميني “نيكول باشينيان” لموسكو بالتقاعس عن دعم أرمينيا في صراعها مع أذربيجان والتخلي عنها.

وتفاقمت التوترات في الشهور الأخيرة عقب الحديث المتصاعد عن إمكانية انضمام أرمينيا إلى الاتحاد الأوروبي؛ كما صرح رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، في شهر فبراير 2024، بأن بلاده جمدت مشاركتها عمليًّا في منظمة معاهدة الأمن الجماعي، وأكد في شهر مارس 2024 أن هذا الإجراء قد يكون إجراءً قانونيًّا؛ وذلك في ضوء اتهامات يريفان للمنظمة بعدم الوقوف بجانبها في الحرب ضد أذربيجان. وفي شهر مايو 2024، أعلنت موسكو أن الرئيس فلاديمير بوتين وافق على سحب القوات الروسية وقوات حرس الحدود من مناطق مختلفة في أرمينيا استجابةً لطلب يريفان.

دعم سياسة التنويع الإستراتيجي لأذربيجان:

نجحت باكو في التعاون مع طرفي النقيض في أوروبا؛ فهي من ناحية وقَّعت على اتفاق لنقل الغاز إلى دول أوروبا، لتعويض نقص الطاقة الذي تعاني منه هذه الدول في ظل تناقص إمدادات الغاز الطبيعي الروسية القادمة إليها. وفي الوقت ذاته، تستمر في إقامة شراكات متميزة مع موسكو؛ إما عن طريق الاتفاقيات الإستراتيجية، أو عن طريق نقل الغاز الروسي إلى الدول الأوروبية أو إلى الدول الأخرى (إيران على وجه التحديد) التي تنالها منظومة العقوبات الأوروبية.

يضاف إلى ذلك: استثمار عدد من الشركات الروسية في أكبر حقول النفط في أذربيجان من دون تعرضها للعقوبات. وأبرز مثال على ذلك: شركة “Lukoil” الروسية، التي لديها استثمارات في حقل غاز “شاه دينيز”، وتمتلك حصة 19.99% منه. ويُعد هذا الحقل أحد أكبر مشاريع مكثفات الغاز في العالم، والذي يُصدر أيضاً الغاز الأذربيجاني إلى الاتحاد الأوروبي.

توفير محفز لتخفيض حدة التوترات بين إيران وأذربيجان:

مرت العلاقات بين أذربيجان وإيران بالعديد من التقلبات؛ وذلك على إثر دعم أرمينيا في حربها ضد أذربيجان، ووجود خلافات حدودية وإثنية، وتخوف طهران من تدشين باكو “لممر زنجزور”، الذي من شأنه أن يُفقد إيران دورها الإستراتيجي في الربط بين أذربيجان وأرمينيا وتركيا. وبالرغم من جميع هذه الخلافات؛ فإن العلاقات بدأت تتحسن على إثر التعاون الاقتصادي بين البلدين. وفي سياق كهذا، توفر العلاقات الإيجابية المتصاعدة بين روسيا وأذربيجان محفزًا جديدًا لتخفيف حدة التوترات والخلافات بين باكو وطهران.

حسم الصراع في ناجورنو كاراباخ لصالح أذربيجان:

صحيح أن الانشغال الروسي بالحرب في أوكرانيا ساعد في إضعاف الموقف العسكري لأرمينيا في مواجهة أذربيجان؛ إلا أن التقارب البرجماتي الحاصل بين روسيا وأذربيجان عزز موقف أذربيجان، وسمح لها بالتمكن من السيطرة بالكامل على منطقة ناجورنو كاراباخ، ودفع الأقليات الأرمينية المقيمة في المنطقة للنزوح باتجاه أرمينيا.

تسارع وتيرة التقارب بين أرمينيا والدول الغربية:

من المرجح أن يؤدي التطور الراهن في العلاقات بين أذربيجان وروسيا إلى تسارع وتيرة التقارب بين أرمينيا والدول الغربية؛ حيث تعمل الدول الغربية على تثبيت نفوذها في منطقة القوقاز والضغط على النفوذ الروسي هناك. ولعل هذا ما يفسر الاجتماعات الدورية بين المسؤولين الغربيين ونظرائهم في الغرب، ومنها: الاجتماع الذي جرى في بروكسل في شهر إبريل 2024 بين رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، ووزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية أنتوني بلينكن، ومديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية سامانثا باور، ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان، وقد أكد المسؤولون الغربيون خلال الاجتماع دعم سيادة أرمينيا وديمقراطيتها وسلامة أراضيها.

وقبل ذلك الاجتماع، وفي شهر مارس 2024، أشار ممثل المفوضية الأوروبية بيتر ستانو إلى إمكانية أن تتقدم أرمينيا بطلب للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وكان البرلمان الأوروبي قد اعتمد في الشهر ذاته قرارًا يدعو إلى دعم رغبة يريفان في التقدم بطلب للحصول على وضع مرشح للاتحاد الأوروبي(6 ، 7 ، 8).

الخلاصة:

إن التقارب الروسي – الأذربيجاني، وما نجم عنه من تصاعد التوترات بين أرمينيا وروسيا، قد منح باكو مكسبًا من أهم مكاسبها الجيوسياسية، وهو المكسب المتمثل في تأكيد السيطرة الكاملة على منطقة ناجورنو كاراباخ.

يُضاف إلى ذلك: أن الحرب الروسية الأوكرانية منحت أذربيجان فرصة اقتصادية مهمة؛ ما جعلها فاعلًا إقليميًّا ودوليًّا لا يمكن الاستغناء عنه في ضوء الحرب القائمة بين روسيا ودول المعسكر الغربي.

وعلى صعيد السياسة الخارجية: تُعَدُّ العلاقات الروسية الأذربيجانية جزءًا من إستراتيجية روسيا في المنطقة، حيث تهدف روسيا إلى تعزيز التوازنات الجيوسياسية والمصالح الاقتصادية في منطقة القوقاز.

المصادر:

1_ أوريان 21

2_ بي بي سي

3_ الجزيرة

4_ انتريجورنال

5_ مركز الدرسات العربي الأوراسية

6_ أزرتك

7_ العربية

8_ الخبر

التعليقات مغلقة.