fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

الانتخابات الأمريكية.. القواعد والقوانين وأبرز المرشحين

0 43

الانتخابات الأمريكية.. القواعد والقوانين وأبرز المرشحين

مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية في عام 2024، يشهد السباق الرئاسي تغييرات ملحوظة بعد إعلان الرئيس الحالي جو بايدن عدم ترشحه لولاية ثانية، ويعكس هذا التطور مشهدًا سياسيًّا متغيرًا مع ظهور مجموعة جديدة من المرشحين.

قواعد انتخاب الرئيس في الولايات المتحدة الأمريكية:

يشترط فيمن يترشح لمنصب رئيس الولايات المتحدة أن يكون من مواليد الولايات المتحدة الأمريكية، وأن لا يقل عمره عن 35 عامًا، وأن يكون مقيمًا في الولايات المتحدة لمدة 14 سنة على الأقل؛ كما يشترط توفر نفس الشروط فيمن يترشح لمنصب نائب الرئيس، إضافة إلى شرط عدم جواز أن يكون نائب الرئيس من نفس الولاية التي ينتمي إليها الرئيس، وذلك بموجب التعديل الثاني عشر للدستور الأمريكي.

يتم انتخاب الرئيس الأمريكي ونائبه كل أربع سنوات، وعلى خلاف ما يعتقده الكثيرون، فإن الناخبين الأمريكيين لا يقومون بانتخاب رئيسهم مباشرة، بل يتم حسم الانتخابات عن طريق الهيئات الانتخابية أو المجمع الانتخابي (Electoral College) الذي يتكون من 538 مندوبًا؛ هذا العدد يعادل عدد أعضاء الكونغرس الأمريكي بمجلسيه النواب والشيوخ، علاوة على ثلاثة أعضاء من مقاطعة كولومبيا التي توجد بها العاصمة واشنطن، على الرغم من أنها لا تملك أي تمثيل انتخابي في الكونغرس.

تكون لكل ولاية أمريكية داخل هذا المجمع الانتخابي عدد معين من الأصوات، بحسب عدد سكانها وعدد النواب الذين يمثلونها في الكونغرس؛ فعلى سبيل المثال: تكون لولاية كاليفورنيا، وهي أكبر الولايات الأمريكية من حيث عدد السكان، 55 مندوبًا في المجمع، في حين تكون لولاية فلوريدا 27 مندوبًا، بينما تكون لولاية كارولينا الشمالية ثلاثة مندوبين فقط. يحتاج الفائز بمنصب الرئيس من بين المرشحين إلى الحصول على 270 صوتًا على الأقل من مجموع أصوات أعضاء المجمع الانتخابي.

تجرى الانتخابات وفقًا لقاعدة: أن الولاية تعتبر دائرة انتخابية واحدة؛ بحيث إن المرشح الذي يحصل على أغلبية أصوات الناخبين في إحدى الولايات يحصل على جميع أصوات أعضاء المجمع الانتخابي الممثلين لهذه الولاية، بغض النظر عن نسبة الأصوات الشعبية التي حصل عليها في تلك الولاية؛ فعلى سبيل المثال: إذا حصل أحد المرشحين على أغلبية بسيطة في ولاية كاليفورنيا، فإنه يفوز بجميع أصوات المجمع الانتخابي للولاية البالغ عددها 55، ويُستثنى من هذه القاعدة: ولايتا نبراسكا وماين؛ اللتان تطبقان نظامًا نسبيًّا، بحيث يحصل كل مرشح على عدد من أصوات أعضاء المجمع الانتخابي يتناسب مع عدد ما حصل عليه من أصوات الناخبين.

تجدر الإشارة إلى أنه يحق الانتخاب لكل مواطن أمريكي بلغ سن الثامنة عشرة، شريطة أن يستوفي شروط الإقامة المفروضة في الولاية التي يتبعها، والتي تختلف من ولاية إلى أخرى، وأن يلتزم بالمواعيد النهائية المحددة لتسجيل الناخبين(1).

تحديد موعد الانتخابات الأمريكية لعام 2024:

سيتوجه الأمريكيون إلى صناديق الاقتراع في شهر نوفمبر من هذا العام 2024 لانتخاب الرئيس الأمريكي المقبل للبلاد، في منافسة تحظى باهتمام عالمي ويتابع الجميع نتائجها. يهيمن على النظام السياسي في الولايات المتحدة حزبان فقط: “الديمقراطي” و”الجمهوري”، وينتمي كل رؤساء أمريكا في العصر الحديث إلى أحدهما، وفقًا لما نشرته شبكة بي بي سي، ستُجرى انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024 يوم الثلاثاء 5 نوفمبر، وسيتقلد الفائز فيها رئاسة البلاد لفترة أربع سنوات في البيت الأبيض ابتداءً من يناير 2025.

تأثير الولايات الأمريكية في الانتخابات الرئاسية للبيت الأبيض:

تمتلك كل ولاية عددًا معينًا من أصوات المجمع الانتخابي يعتمد جزئيًّا على عدد سكانها، ويبلغ إجمالي هذه الأصوات 538 صوتًا؛ وبالتالي فإن الفائز هو المرشح الذي يحصل على 270 صوتًا أو أكثر؛ هذا يعني أن الناخبين يقررون الانتخابات على مستوى الولاية بدلاً من الانتخابات الوطنية؛ ولهذا السبب فمن الممكن أن يفوز المرشح بأكبر عدد من الأصوات على المستوى الوطني، كما فعلت هيلاري كلينتون في عام 2016، لكنه لا يفوز في المجمع الانتخابي وبالتالي يهزم في الانتخابات.

تميل معظم الولايات بشكل كبير نحو حزب أو آخر، لذلك يركز كل حزب عادة على اثنتي عشرة ولاية أو نحو ذلك ليتمكن من الفوز فيها، وتعرف هذه باسم “ولايات ساحة المعركة”؛ إلى جانب الانتخابات الرئاسية، سيكون هناك تنافس على جميع مقاعد مجلس النواب البالغ عددها 435 مقعدًا، في حين أن 33 مقعدًا فقط من مقاعد مجلس الشيوخ ستكون متاحة للتنافس عليها في الانتخابات. يسيطر الجمهوريون على مجلس النواب بينما يسيطر الديمقراطيون على مجلس الشيوخ.

يعتبر كل مواطن أمريكي يبلغ من العمر 18 عامًا أو أكثر مؤهلًا للتصويت في الانتخابات الرئاسية، التي تُجرى كل أربع سنوات. وعادة ما يتم الإعلان عن الفائز في ليلة الانتخابات، لكن في عام 2020 استغرق فرز جميع الأصوات بضعة أيام.

تُعرف الفترة التي تلي الانتخابات بالفترة الانتقالية إذا ما تغير الرئيس، وفي هذه الفترة تُحدد الإدارة الجديدة، بما في ذلك التشكيلة الوزارية، وتُوضع الخطط للفترة الرئاسية الجديدة. يؤدي الرئيس اليمين رسميًّا لتولي منصبه في يناير في حفل يُعرف باسم حفل التنصيب، يُقام على درجات مبنى الكابيتول في العاصمة واشنطن(2).

أبرز المرشحين لرئاسة البيت الأبيض:

يواجه الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب نائبة الرئيس كاملا هاريس في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في الخامس من نوفمبر 2024، بعد أن أنهى الرئيس جو بايدن مسعاه لإعادة انتخابه وتحرك أغلبية مندوبي الحزب الديمقراطي لدعم هاريس. يخوض السباق أيضًا عدد من المرشحين المستقلين، وفيما يلي قائمة بالمرشحين:

مرشحو الحزب الجمهوري لرئاسة البيت الأبيض:

دونالد ترامب:

حصل ترامب (78 عامًا) على ترشيح الحزب الجمهوري في مؤتمر الحزب في يوليو في ميلووكي، بعد أيام فقط من نجاته من محاولة اغتيال خلال تجمع انتخابي؛ هذه هي محاولته الثالثة للوصول إلى البيت الأبيض.

بعد حادثة إطلاق النار، عاد ترامب إلى مزيجه المعتاد من الكلام الطنان والتظلم، مكررًا ادعاءه بأن الديمقراطيين سرقوا انتخابات 2020. ووصف ترامب، الذي تولى السلطة بين عامي: 2017 و2021، الاتهامات غير المسبوقة التي واجهها في أربع قضايا جنائية بأنها هجوم سياسي ليس فقط ضده؛ بل أيضًا ضد مؤيديه، واصفًا حملته بأنها “انتقام” من أعدائه السياسيين، وتبنى خطابًا بائسًا بشكل متزايد.

وأصبح ترامب في مايو 2024 أول رئيس أميركي سابق يُدان بارتكاب جريمة، ولا يزال يواجه اتهامات بالسعي لتخريب انتخابات 2020. ورفض مزاعم منفصلة حول الاحتفاظ بوثائق سرية بشكل غير قانوني بعد ترك منصبه، لكن المدعين استأنفوا الحكم.

وينفي ترامب ارتكاب أي مخالفات، ومن غير المرجح أن تصل القضايا المتبقية إلى المحاكمة قبل الانتخابات بعد أن قضت المحكمة العليا الأميركية بأن الرؤساء يحق لهم التمتع بالحصانة من الملاحقة الجنائية بسبب أفعالهم الرسمية، كما تأجل الحكم الصادر في نيويورك على ترامب بتهمة تزوير وثائق للتستر على دفع أموال لنجمة أفلام إباحية. رفض ترامب، الذي اختار السناتور الأميركي جيه . دي. فانس نائبًا، الالتزام بقبول نتائج انتخابات 2024 أو استبعاد العنف السياسي المحتمل، ويضع أساسًا للطعن في خسارة الانتخابات المحتملة؛ كما تعهد بالعفو عن المؤيدين المسجونين بسبب الهجوم على مبنى الكونغرس الأميركي في السادس من يناير 2021، ووصفهم بأنهم “محاربون”. ويتطلع ترامب إلى تعيين موالين له في بعض مواقع الخدمة المدنية الاتحادية. ويروج اتحاد من مراكز الفكر والرأي الصديقة لترامب لقائمة أولويات سياسية شاملة تعرف باسم “مشروع 2025″، تستهدف النيل من برامج التنوع واستقلال وزارة العدل، من بين خطط أخرى، على الرغم من أن ترامب سعى إلى النأي بنفسه عنها.

وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية، تعهد ترامب بإحداث تغيير جذري في علاقة الولايات المتحدة مع حلف شمال الأطلسي وبتقديم حل للحرب الأوكرانية من خلال محادثات سلام محتملة قد تتطلب تنازل كييف عن أراض. وجعل ترامب من الهجرة قضية رئيسية في حملته الانتخابية المحلية، ووعد بالترحيل الجماعي، وإنهاء حق المواطنة بالولادة، وحظر السفر الموسع على أشخاص من بلدان معينة، من بين إجراءات أخرى.

وعن الإجهاض، قال ترامب إن القوانين التي تنظم الإجهاض يجب أن تترك للولايات كل على حدة. وقال: إنه لا يؤيد حظر تحديد النسل، وتعهد بإلغاء الكثير من جهود إدارة بايدن في التصدي لتغير المناخ(3).

مرشحو الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية:

كامالا هاريس:

قالت هاريس (59 عامًا): إنها تعتزم انتزاع ترشيح الحزب الديمقراطي والفوز بالانتخابات بعد أن أنهى بايدن مسعاه لولاية ثانية، وأيدها وسط اضطرابات الحزب بعد أدائه الضعيف في مناظرة 27 يونيو 2024 أمام ترامب. ويتيح ترشحها عن الديمقراطيين تقديم رؤية مختلفة للولايات المتحدة تناقض قائمة أولويات ترامب، وقد يساعد الحزب على إحياء ائتلافه من الناخبين الشباب والملونين ونساء الضواحي.

والتف الديمقراطيون سريعًا حول هاريس، عضو مجلس الشيوخ الأميركي السابقة والمدعية العامة السابقة لكاليفورنيا، لكن قد يتحداها مرشح آخر على نيل ترشيح الحزب في مؤتمره في شيكاغو بين يومي 19 و22 أغسطس 2024، وأصبحت هاريس ذات البشرة السوداء من أصول آسيوية، أول امرأة وشخص ملون يتولى منصب نائب الرئيس بعد أن اختارها بايدن لتكون نائبته في انتخابات 2020. وستصبح أول امرأة تتولى منصب الرئيس في تاريخ البلاد الممتد 248 عامًا إذا فازت في نوفمبر 2024.

ومثل بايدن تظهر استطلاعات الرأي أن هاريس ستواجه سباقًا متقاربًا مع ترامب، مع تعادل كلاهما بنسبة 44 بالمئة في حال خوضهما السباق وجهًا لوجه، وفقًا لاستطلاع أجرته رويترز / إبسوس يومي 15 و16 يوليو 2024.

وكانت هاريس واجهة حملة بايدن في قضية الإجهاض في وقت أصبحت فيه المسألة قضية رئيسية بعد أن ألغت المحكمة العليا الأميركية في عام 2022 قرار رو ضد وايد التاريخي عام 1973؛ كما كُلفت ببحث قضايا كثيرة تبدو مستعصية على الحل، تضمنت الأسباب الجذرية للهجرة على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة والقيود المفروضة على حقوق التصويت.

وكمرشحة رئاسية من المتوقع أن تلتزم إلى حد كبير بقواعد اللعبة التي يتبعها بايدن في السياسة الخارجية بشأن القضايا الرئيسية؛ مثل: أوكرانيا والصين وإيران، لكنها قد تتبنى لهجة أكثر صرامة مع إسرائيل بشأن حرب غزة.

ومواقفها تجاه المناخ والطاقة تماثل تلك التي يتبناها بايدن الذي جعل مكافحة تغير المناخ أولوية قصوى. وفي مجال الأعمال والاقتصاد، يُنظر إلى هاريس على أنها صديقة للتكنولوجيا حتى حين تناولت قضايا مزعومة تتعلق بمنع المنافسة والخصوصية، وسعت إلى طمأنة المانحين بأنها تدعم الرأسمالية. وأيدت المجموعات العمالية الرئيسية؛ مثل: الاتحاد الدولي لموظفي الخدمة والاتحاد الأميركي للمعلمين، مسعى هاريس للفوز بالرئاسة(4).

ماريان وليامسون:

دعت الكاتبة صاحبة الكتب الأكثر مبيعًا وخبيرة المساعدة الذاتية ماريان وليامسون (72 عامًا) على منصة التواصل الاجتماعي إكس، إلى مؤتمر ديمقراطي مفتوح بعد انسحاب بايدن من السباق، قائلة: “يجب ألا تتم ببساطة مباركة أي شخص ليصبح مرشحًا”.

وأعادت ماريان وليامسون إطلاق حملتها الرئاسية لعام 2024 ببرنامج قائم على “العدل والحب” بعد أقل من شهر من انسحابها، وتعهدت بمكافحة “رؤية ترامب المظلمة والاستبدادية”. وترشحت وليامسون سابقًا عن الحزب الديمقراطي في الانتخابات التمهيدية الرئاسية لعام 2020، لكنها انسحبت من ذلك السباق قبل بدء أي تصويت(5).

المرشحون المستقلون للجلوس على كرسي الولايات المتحدة الأمريكية:

روبرت إف. كنيدي الابن:

يخوض كنيدي (70 عامًا)، الناشط المناهض للقاحات، السباق مستقلًا بعد أن نافس بايدن في البداية على ترشيح الحزب الديمقراطي. وكنيدي هو نجل السناتور الأميركي روبرت إف كنيدي الذي اغتيل عام 1968 أثناء حملته الانتخابية الرئاسية. وأثار إعلان مفاجئ خلال مباراة نهائي دوري كرة القدم الأميركية (سوبر بول) ركز على علاقته بعمه الرئيس السابق جون إف كنيدي غضب أفراد عائلته ودفعه إلى الاعتذار.

وأبدى كنيدي دعمًا قويًّا لإسرائيل وشكك في الحاجة لوقف إطلاق النار لستة أسابيع، والذي يدعمه بايدن. وقال إنه ينظر إلى الوضع على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة باعتباره أزمة إنسانية ويعارض جدار ترامب الحدودي، وتعهد بإلغاء بنود رئيسية في مشروع قانون المناخ الذي وقعه بايدن بشأن الإعفاءات الضريبية التي يقول إنها تساعد صناعة النفط.

واتخذ مواقف مختلفة بشأن حقوق الإجهاض، بما في ذلك القيود المفروضة على متى يمكن للمرأة الوصول إلى الإجهاض. وقال لرويترز: إنه يعتقد أن كل عملية إجهاض هي “مأساة”، لكنها يجب أن تكون من حق المرأة طوال فترة الحمل.

وتعرض لانتقادات بسبب تقديمه معلومات طبية مضللة على مدار سنوات بشأن اللقاحات، لكنه يقول إنه سيظل يسمح للأميركيين بالحصول عليها. وقالت حملته أيضًا: إن دودة دخلت دماغ كنيدي منذ سنوات وماتت هناك، لكنه تعافى تمامًا. واختار المحامية الثرية نيكول شاناهان لمنصب نائب الرئيس. وتقول حملته: إن كنيدي مدرج رسميًّا في أوراق الاقتراع في عدد قليل من الولايات الخمسين، منها كاليفورنيا وميشيغان ويوتا.

كورنيل وست:

قال الناشط السياسي والفيلسوف والأكاديمي في يونيو إنه سيدشن مسعى من طرف ثالث للوصول إلى منصب الرئيس قد يجتذب الناخبين التقدميين ذوي الميول الديمقراطية. وسعى وست (71 عامًا) في البداية للترشح عن حزب الخضر، لكنه قال في أكتوبر: إن الناس “يريدون سياسات جيدة بدلاً من السياسات الحزبية”، وأعلن ترشحه كمستقل. ووعد بالقضاء على الفقر وتوفير السكن.

جيل ستاين:

تحاول الطبيبة جيل ستاين (74 عامًا) تكرار مسعى الترشح عن حزب الخضر كما فعلت في عام 2016. واتهمت الديمقراطيين بالحنث بوعودهم “تجاه العمال والشباب والمناخ مرات كثيرة، بينما لم يقدم الجمهوريون حتى مثل هذه الوعود أصلًا”.

تشيس أوليفر:

دعا حزب التحرريين كلًّا من ترامب وكينيدي إلى التحدث في مؤتمره في أواخر مايو، واختار في النهاية تشيس أوليفر (38 عامًا)، وترشح أوليفر لمقعد في مجلس الشيوخ عن ولاية جورجيا في عام 2022 وحصل على اثنين بالمائة من الأصوات(6).

هل تقتصر الانتخابات على الرئيس فقط؟

في يوم الاقتراع سينصب الاهتمام على من سيفوز بالرئاسة، ولكن الناخبين سوف يختارون أيضًا أعضاء الكونغرس – الهيئة التشريعية للحكومة – عندما يملأون أوراق اقتراعهم (435 لمجلس النواب و33 للشيوخ)، ويسيطر الجمهوريون على مجلس النواب، ويتولى الديمقراطيون مسؤولية مجلس الشيوخ؛ يقوم هذان المجلسان بتمرير التشريعات التي يمكن أن تكون بمثابة فحص لخطط البيت الأبيض إذا اختلف الطرف المسيطر في أي من المجلسين مع الرئيس.

وعادةً ما يتم الإعلان عن الفائز ليلة الانتخابات، ولكن في عام 2020 استغرق فرز جميع الأصوات بضعة أيام. وتُعرف الفترة التي تلي الانتخابات بأنها فترة انتقالية في حال تغيير الرئيس. يؤدي الرئيس اليمين رسميًّا لتولي منصبه في يناير 2024، في حفل يُعرف باسم حفل التنصيب، يُقام على درجات مبنى الكابيتول في واشنطن العاصمة(7).

تأثير الانتخابات الأمريكية على السياسة الخارجية للبيت الأبيض:

يتسم أثر الانتخابات على السياسة الخارجية بالتعقيد؛ إذ لا توجد معادلة واضحة لقراءة الاتفاق أو الاختلاف المحتمل بين السياسة الخارجية للإدارة الجديدة وسياسة الإدارة القديمة، لكن من الضروري في هذا السياق تسليط الضوء على عدد من العوامل التي من شأنها التأثير في صنع قرار السياسة الخارجية؛ مثل: المشهد السياسي المحلي، والنمط الإداري للرئيس الجديد، وطبيعة التوافق حول الملفات، والتغييرات التاريخية طويلة الأمد، والأزمات الطارئة.

قبل كل شيء ترتبط انتخابات الرئاسة والانتخابات التشريعية في الولايات المتحدة ارتباطًا غير مباشر وطويل الأمد بالسياسة الخارجية؛ لأنها من شأنها تشكيل المشهد السياسي المحلي الذي يحكم هذه السياسة، خصوصًا العلاقة بين البيت الأبيض والكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ؛ فإذا كان الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس لا يسيطر على الكونغرس سيكون من الصعب عليه تنفيذ أجندته أو الوفاء بوعوده المتعلقة بالسياسة الخارجية؛ لأن الكونغرس يملك صلاحيات المصادقة على الاتفاقيات مع الدول الأخرى، وإعلان الحرب، والتحكم في الميزانية.

على سبيل المثال: انتُخب بيل كلينتون – المنتمي للحزب الديمقراطي – رئيسًا للولايات المتحدة عام 1993 تحت شعار: “التغيير”، لكنه واجه أغلبية قوية للحزب الجمهوري في الكونغرس جعلت من الصعب عليه تنفيذ مبادراته في السياسة الخارجية.

وللمضي قدمًا في هذه السياسات، اضطر إلى إقناع الكونغرس، حيث خاض كلينتون مواجهات ومفاوضات مع الكونغرس حول عدد من الملفات، مثل توسع حلف الناتو في أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي، وتأسيس منظمة التجارة العالمية، وعقد اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية “نافتا”؛ إضافة إلى التدخلات الإنسانية في البوسنة وكوسوفو التي شكلت سابقة في عالم ما بعد الحرب الباردة.

لكن السلطة التنفيذية الممثلة بالرئيس والحكومة تملك أدوات أخرى تمكنها من تجاوز الكونغرس فيما يتعلق بصنع قرار السياسة الخارجية؛ فقد أدت القيود التي يمكن أن يفرضها الكونغرس على الرئيس الأمريكي إلى نزوع العديد من الرؤساء الأمريكان إلى استخدام صلاحيات القرارات التنفيذية التي تمكنهم من تجاوز الكونغرس لعقد الاتفاقيات الدولية واتخاذ قرارات من شأنها تغيير دفة السياسة الخارجية الأمريكية.

ورغم أن الكونغرس والمحكمة العليا يملكان صلاحية النظر في القرارات التنفيذية للرؤساء وردها، إلا أن ردها عملية صعبة ومعقدة.

وأبرز مثال على ذلك هو: القرار التنفيذي للرئيس دونالد ترامب الذي يقضي بحظر دخول مواطني سبع دول ذات غالبية إسلامية إلى الولايات المتحدة، رغم رفض عدة محاكم لهذا القرار بعد صدوره بفترة قصيرة؛ إلا أن أثره القانوني لم يُلغَ عمليًّا حتى انتهاء فترة رئاسة ترامب ووصول الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض.

تغير النموذج الإداري في البيت الأبيض:

أبرز التغييرات التي قد تجرها انتخابات الرئاسة ولها انعكاسها على السياسة الخارجية للبلاد، هو تغير النموذج الإداري في البيت الأبيض؛ لأن انتخابات الرئاسة تُحدث تغيرًا مباشرًا في أعلى الهرم الإداري للحكومة الأمريكية، والذي قد يترافق مع تغير في الأولويات والمنطلقات الفكرية والأيديولوجية للسياسة الخارجية، مما يؤدي إلى تغييرات جذرية.

على سبيل المثال: أدى أسلوب الرئيس السابق دونالد ترامب في تجاهل مستشاري وزارة الخارجية وأجهزة الاستخبارات ومستشاريها وتقارير الإحاطة إلى تهميش وزارة الخارجية وتراجع دورها إلى درجة شغور الكثير من المناصب فيها دون أن يملأها الرئيس حتى نهاية فترته. كان هذا التأثير واضحًا في تراجع الدبلوماسية الأمريكية في فترة ترامب.

يمكن التنبؤ بتوجُّه السياسة الأمريكية تجاه أحد الملفات بعد الانتخابات من خلال قراءة موقف الحزبين تجاه هذا الملف قبلها، حيث لا يتوقع أن يكون هنالك آثار للانتخابات على الملفات المتوافَق عليها بين الحزبين، على عكس الملفات الخلافية، ففي حال وجود ما يشبه التوافُق بين المعسكرين السياسيين حول أحد الملفات؛ مثل: تزويد إسرائيل بالسلاح لضمان تفوُّقها العسكري الإقليمي، لا يُرجَّح أن تؤدي الانتخابات إلى تغيير في السياسة الأمريكية تجاه هذا الملف، وكلما زاد الاختلاف بين المعسكرين حول أحد الملفات؛ مثل: الملف الإيراني والاتفاق النووي مع طهران، زادت أهمية الانتخابات في تحديد مسار السياسة الخارجية تجاهه.

ومن أهم ما قد يقود دفّة السياسة الخارجية التغيرات التاريخية طويلة الأمد، التي تشقّ طريقها في المشهد الدولي بشكل موضوعي يشبه الحتمية التاريخية وتسهم في تشكيل وجه العالم، مثل الصعود الاقتصادي للصين والتراجُع النسبي للمكانة الأمريكية بفعل مجموعة من العوامل المحلية والدولية.

محل الأزمات الطارئة من الانتخابات الأمريكية ومدى تأثيرها:

تفرض هذه الملفات أو التوجُّهات الدولية نفسها على جدول أعمال أي إدارة أمريكية في البيت الأبيض من المعسكرين السياسيين اللذين لا يمكنهما تجاهُلها.

وخلافًا للتغيرات التاريخية طويلة الأمد، تواجه السباقات الانتخابية عادةً أزمات طارئة قد تنشأ خلال فترة الحملات الانتخابية، وتفرض نفسها على جدول أعمال الانتخابات، وخطابات المرشحين وسجالاتهم في المناظرات، وقد تطيح بأحد المرشحين وتمنح الفوز لمرشح آخر. ومن هذه المفاجآت ما يُعرف في قاموس السياسات الأمريكية بـ”مفاجأة أكتوبر”، التي قد تحدث في الشهر الأخير قبل الانتخابات، وربما في الأسبوع الأخير؛ مثل: الفيديو الذي نُشر قُبيل انتخابات 2016 ويُظهِر حديثًا فاضحًا لدونالد ترامب، وإطلاق مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) تحقيقًا في تورُّط الحملة الانتخابية لترامب في علاقة مع الحكومة الروسية لتتدخل لصالحها في الانتخابات الرئاسية عام 2016، وفي المقابل إعلان مكتب التحقيقات الفيدرالي قُبيل الانتخابات بأسبوع فتح تحقيق في استخدام المرشحة الديمقراطية المنافسة هيلاري كلينتون بريدها الإلكتروني الشخصي في مراسلات سياسية.

ولا زال فريق من الديمقراطيين وآخر من الجمهوريين حتى اليوم يتهمون مكتب التحقيقات الفيدرالي بتعمُّد إلحاق الضرر بهم في الانتخابات من خلال توقيت إعلان هذه التحقيقات. وتجدر الإشارة هنا إلى أن وقوع مفاجأة قُبيل الانتخابات لا يضمن فعاليتها في تحديد نتيجة السباق الانتخابي(8).

المسألة الفلسطينية والعلاقة مع إسرائيل وموقفها من الانتخابات الأمريكية:

من المعلوم أن إدارة بايدن تلقت منذ 2023 الكثير من السخط من جانب الأمريكيين من أصول عربية وإسلامية، بالنظر إلى الدعم المالي والسياسي والعسكري الواسع الذي تلقته إسرائيل من الولايات المتحدة منذ بداية الحرب على قطاع غزة. وخارج الولايات المتحدة، كانت السفارات الأمريكية في المنطقة العربية ترسل التقارير التي توثِّق نفور الجماهير العربية من تعامل الإدارة الأمريكية مع النزاع الدائر. ولكل هذه الأسباب، ترقَّبت الكثير من التحليلات أن يوجّه العرب الأمريكيون ضربة انتخابية لبايدن خلال السباق الرئاسي.

ومع ذلك، ولتبيان اختلاف توجُّهات بايدن عن سلفه ترامب، من المهم الإشارة إلى بعض خصوصيات علاقة الإدارة الأمريكية الحالية مع الحكومة الإسرائيلية، وبشكل عام ظلّت إدارة بايدن حتى اللحظة متمسكة ببعض الأولويات التي يرفضها نتنياهو بشدة، ومنها فتح المجال أمام قيام دولة فلسطينية على حدود عام 1967، وضرورة وقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية؛ كما تحفَّظت إدارة بايدن في العديد من المراحل على خطط نتنياهو لما بعد الحرب على قطاع غزة، وخصوصًا حين كانت الحكومة الإسرائيلية توحي باتجاهها لإعادة احتلال القطاع، أو تقليص مساحته وإقامة منطقة عازلة داخله. على المقلب الآخر، كانت إدارة ترامب قد ذهبت في سياستها الخارجية بالاتجاه المعاكس تمامًا، إذ اعتبرت أن “الولايات المتحدة لا تعتبر أن المستوطنات في الضفة الغربية مخالفة للقانون الدولي”، كما ذهبت إلى حد الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، وهو ما يتجاهل فكرة العودة إلى حدود عام 1967.

ولهذا السبب كان من الطبيعي أن يتضاعف حجم الاستيطان في الضفة الغربية مرتين في عهد ترامب، مقارنة بمعدلات السنوات السابقة؛ أما صفقة القرن التي عمل عليها ترامب، فلم تأخذ بعين الاعتبار سيادة السلطة الفلسطينية على الضفة الغربية، بل اقترحت منحها السيطرة على أرخبيل من الجزر الأمنية الصغيرة هناك، مع الإشارة إلى أن إدارة ترامب أوقفت عام 2019 جميع أشكال المعونات التي اعتادت الولايات المتحدة على تقديمها للسلطة الفلسطينية. وهذا ما صب في إطار تهشيم هذه السلطة، وضرب إمكانية التفاوض على منحها السيادة الكاملة في المناطق الفلسطينية المعترف بها دوليًّا.

لذلك تتجه التحليلات إلى اعتبار فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة السيناريو الأمثل لأقصى اليمين الإسرائيلي، الذي يتزعمه معسكره اليوم حزب الليكود الإسرائيلي، وفيما يختص بالحرب الدائرة حاليًّا، فمن المرجح أن يتحرر معسكر اليمين الإسرائيلي في حال فوز ترامب من ضغوط الإدارة الأمريكية الحالية التي تسعى لتجديد السلطة الفلسطينية وتسليمها الحكم في قطاع غزة؛ كما سيتحرر اليمين الحاكم في إسرائيل من أي ضغوط أمريكية تدفع باتجاه استئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية للعودة إلى قاعدة الدولتين وفقًا لصيغة اتفاقية أوسلو، لكن في مقابل انسجام ترامب مع أولويات أقصى اليمين الإسرائيلي.

من المرجح أن لا تُظهر إدارة ترامب الكثير من الحماسة للتدخلات العسكرية الفاعلة في المنطقة، بالقدر الذي أظهرته إدارة بايدن في دول عدة مؤخرًا؛ إذ من المعلوم أن ترامب يؤمن بنظريات الانكفاء العسكري، ضمن الحدود التي لا تفقد الولايات المتحدة هيمنتها الإستراتيجية، وهذا ما سيجعل إسرائيل تخسر هذا الدور الموازن للدور الإيراني في اليمن وسوريا والعراق(9).

الخلاصة:

تظهر الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 مشهدًا سياسيًّا متنوعًا، مع مجموعة من المرشحين البارزين من الحزبين الرئيسيين وأيضًا مرشحين مستقلين، وبعد إعلان جو بايدن عن عدم ترشحه، يترك الساحة لمنافسة جديدة قد تعيد تشكيل المشهد السياسي في الولايات المتحدة.

من القضايا الكبرى التي ستحدد سياسة أمريكا تجاه أوروبا والشرق الأوسط، الموقف الأمريكي تجاه أوكرانيا وتجاه إيران، حيث يرى الجمهوريون ضرورة وقف الدعم العسكري لأوكرانيا الذي من شأنه أن يدفع روسيا إلى أحضان الصين، ويمكن أن يترتب على ذلك إضعاف لأقوى حلف للولايات المتحدة مع الدول الأوروبية؛ كما يرفض الجمهوريون الاتفاق النووي مع إيران.

وفي الجهة المقابلة يعتقد الديمقراطيون بضرورة مواصلة تقديم الدعم لأوكرانيا لمقاومة الغزو الروسي، بما يشمل تعزيز العلاقات مع الدول الأوروبية التي تُمثِّل خط المواجهة مع موسكو، والعمل لإعادة الاتفاق النووي مع إيران، ويُتوقع أن تترك الانتخابات الرئاسية الأمريكية في عام 2024 تأثيرًا على السياسة الخارجية الأمريكية.

وتكمن أهمية هذه الانتخابات في التباين بين الحزبين الرئيسيين -الديمقراطي والجمهوري- فيما يتعلق بعدد من القضايا الخارجية؛ مثل: الغزو الروسي لأوكرانيا والعلاقة مع الصين والملف النووي الإيراني، وتغير المناخ. سيعتمد نهج الإدارة الجديدة في البيت الأبيض في يناير 2024 تجاه معظم قضايا السياسة الخارجية على موقفها تجاه القضايا الخارجية الكبرى، مثل قراءتها للعلاقة مع الصين التي ستحدد سياستها تجاه دول آسيا. إذ يرى الجمهوريون في بكين خصمًا لا يمكن التعاون معه، وينبغي فرض أكبر عدد ممكن من العقوبات الاقتصادية عليه، في حين يؤمن الديمقراطيون بحتمية المواجهة مع الصين من خلال العقوبات أيضًا، ولكن بالإضافة إلى توثيق عُرَى التحالفات التي لم يُولِ لها الجمهوريون اهتمامًا مع حلفاء أمريكا في شرق آسيا وجنوبها مثل كوريا الجنوبية واليابان وتايوان ودول آسيا.

المصادر:

1_ نشرة التمكين التابعة لدولة الإمارات

2_ سبق

3_ الشرق الأوسط

4_ الجزيرة

5_ العربية

6_ الحرة

7_ العين

8_ أبعاد

9_ وقائع الشرق الأوسط وإفريقيا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.