fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

الحرب الروسية – الأوكرانية بين صلح فرساي وتمدد الناتو شرقًا

144

الحرب الروسية – الأوكرانية بين صلح فرساي وتمدد الناتو شرقًا

يعتبر التاريخ البشري الغائب الحاضر في كل حادثة ونائبة من نوائب التاريخ؛ فالحاضر لا ينفك عن الماضي، ودروس الغد طريق اليوم؛ بهذه الكلمات يتابع المحللون السياسيون الأوضاع والحروب العالمية، فما بين أوكرانيا وروسيا ما هو إلا تسلسل أحداث تاريخية كانت بالأمس إشارات، واليوم واقع نعيشه.

كذلك توقيع الاتفاقيات والأحلاف والروابط لها امتدادات تاريخية يترجمها الواقع، وعلى سبيل المثال لا الحصر: نجد أنه في أعقاب الحرب العالمية الأولى قد تم توقيع صلح فرساي بين الحلفاء وألمانيا، وفرض الحلفاء على ألمانيا في هذا الصلح نظامًا غير مسبوق للعقوبات والتعويضات، من بينها: التنازل عن إقليم الألزاس واللورين، وتوريد كميات كبيرة من الفحم، وغير ذلك من العقوبات القاسية.

ووَفْق هذه العقوبات والتعويضات دون اللورد كينز الاقتصادي المعروف، والذي كان قد انسحب من مفاوضات الصلح، احتجاجًا على قسوتها هذه العقوبات، قائلًا: “يا إلهي، كيف يمكن لبلد مهزوم الوفاء بهذه المطالب؟! الأرجح أن الغرض من فرض هذه العقوبات كان إذلال ألمانيا بما فيه الكفاية، وتقييد قدرتها على النهوض مرة أخرى”.

صلح فرساي:

هي معاهدة السلام التي تم على إثر توقيعها انتهاء العمليات القتاليّة في الحرب العالمية الأولى، والتي وضعت نهاية للحرب العالمية الأولى.

وقد تم توقيع المعاهدة بعد ستة أشهر من المفاوضات والمشاورات بين الدول الكبرى، هذه المفاوضات التي ضمَّها مؤتمر باريس للسلام في العام 1918م، وقد تم توقيع المعاهدة بشكل رسمي ونهائي بتاريخ: 11 تشرين الثاني من العام 1918م، عندما وقَّعت ألمانيا عليها بصورةٍ نهائيّة.

وتعدُّ معاهدة فرساي واحدةً من عدة معاهدات مختلفة تمّ توقيعها بين الدول المنتصرة والدول المهزومة في الحرب العالمية الأولى، كمعاهدة سيفر مع الدولة العثمانية وغيرها، وقد كانت معاهدة فرساي هي الأشهر بسبب تعلقها بالإمبراطورية الألمانية الطرف الأقوى من الجهة المهزومة في الحرب العالمية الأولى؛ ولذلك تعد المعاهدة من أقسى المعاهدات الدولية على ألمانيا وشعبها، فقد اعترفت الحكومة الألمانية بمسؤوليتها الكاملة عن الحرب وعن الضحايا والخسائر في بند سُمِّي ببند ذنب الحرب.

تأسيس الأمم المتحدة:

وقد نتج عن المعاهدة تأسيس عصبة الأمم التي خلقت لِفضّ النزاعات ومَنع حصولها بين الدول لمنع تَكرار مثل هذه الحرب، وقد أشرفت الولايات المتحدة الأمريكية على هذه المعاهدة وعلى ما يسمَّى النقاط الأربعة عشر التي أصرَّت عليها حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بحُجة السلام العالميّ، وقد أسهمت هذه النقاط في رَسْم السياسية العالمية الحديثة، ومهّدت الطريق لسيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على العالم.

كان صدى توقيع المعاهدة كبيرًا على ألمانيا، من النواحي السياسيّة والاقتصاديّة والعسكريّة وحتّى الاجتماعية، فقد خسرت ألمانيا نتيجة لهذه المعاهدة الكثير من أراضيها وسقطَت الإمبراطورية إلى الأبد، كما تم تمزيق الدولة الألمانية من جديد بشكل أو آخر نتيجة لهذه المعاهدة، وأصبح الاقتصاد الألماني لا يقوى على إطعام شعبِه بعد الحرب نتيجة للخسائر الكبيرة في الحرب، وبسبب قسوة شروط المعاهدة؛ ولذلك رفض أغلبية الشعب الألماني هذه المعاهدة وعَدّوا التوقيع عليها خيانة وطنيّة.

سُمّيت المعاهدة باسم قصر فرساي في ضواحي باريس، فقد وُقعت المعاهدة النهائية في قاعة المرايا في القصر الباريسي، بحضور كبار الدول الأربعة: “بريطانيا، فرنسا، أمريكا، وإيطاليا”، وبالرغم من أن الكثير من كبار المفاوضين رفضوا هذه المعاهدة، إمّا بحجة قساوتها بحسب عالم الاقتصادي الإنجليزي جورج كينز، أو بحجة تساهلها مع الألمان بحسب الفرنسيّين، فقد تم إقرار هذه المعاهدة القاسية، وكانت سببًا في إشعال فتيل الحرب العالمية الثانية من جديد(1).

التاريخ يعيد بعض صفحاته:

ولأن مثل هذه الدروس لا يتم التوقف عندها واستخلاص دلالاتها بسبب غياب الحكمة والتعقل، فإن الأمر فيما يتعلَّق بالأزمة الأوكرانية وبدء العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، يشبه إلى حدٍّ كبيرٍ الحالة الألمانية بعد الحرب العالمية الأولى، أي: إمعان الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الأوروبيين من أعضاء حلف الناتو، في التمادي في إذلال روسيا وتحجميها وإخضاعها لمطالبهم، من خلال التفكير بضم أوكرانيا إلى الحلف، ودعم النظام الحاكم للسير في هذا الاتجاه.

تفكك الاتحاد السوفيتي:

وعلى الناحية الأخرى وبعد تفكك الاتحاد السوفيتي السابق، وتحول 16 جمهورية وكيان كانت داخلة في تكوينه إلى دول مستقلة من بينها أوكرانيا، وحل حلف وارسو، تعهدت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها في الحلف الأطلسي، بعدم تمدد الحلف شرقًا في بلدان أوروبا الشرقية التي كانت تدور في فلك الاتحاد السوفيتي السابق، ولكن بمرور الزمن والوقت تجاهلت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها هذه التعهدات، وتمدد الحلف إلى جمهورية التشكيك وبولندا ودول البلطيق، وحرَّضت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها أوكرانيا على الانضمام إلى هذا الحلف، وهو ما أثار حفيظة روسيا الاتحادية؛ بسبب التهديد المباشر لأمنها القومي ومصالحها الذي يمثِّله انضمام أوكرانيا إلى حلف الأطلسي، وتواجد قواعد عسكرية وصواريخ موجهة لروسيا من أوكرانيا، وطالبت روسيا بضمانات أمنية للحيلولة دون انضمام أوكرانيا وضرورة إرساء مبدأ الأمن غير القابل للتجزئة، أي: أمن روسيا وأمن أوروبا على حدٍّ سواء، وذلك مقابل تعهد روسيا بعدم غزو أوكرانيا.

أزمة البحر الكاريبي 1962:

في عام 1962، نشبت أزمة الكاريبي أو أزمة الصواريخ السوفيتية التي نصبت في كوبا على بعد مسافة 90 ميلًا من الولايات المتحدة الأمريكية، وأصبح العالم ثنائي القطبية آنذاك على شفا حرب عالمية ثالثة نووية، في إطار الردع المتبادل بين القطبين، ولولا تحلي الرئيس الأمريكي الأسبق جون كنيدي ونظيره السوفييتي نيكيتا خروتشوف بالحكمة، واتفافهما على سحب الصواريخ السوفيتية مقابل تعهد الولايات المتحدة الأمريكية بعدم غزو كوبا، لكان الوضع قد انفجر في ذلك الوقت على نحو خطير(2).

الأسماء تختلف وقواعد اللعبة تغيَّرت:

في المواجهة الراهنة في أوكرانيا يمكن القول: بأن الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن ليس جون كنيدي، كما أن الرئيس الروسي الحالي فيلاديمير بوتين ليس خروتشوف، ففي حين كان كنيدي الزعيم الأمريكي يدرك تحول النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية إلى نظام ثنائي القطبية بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من حلف الناتو وبين الاتحاد السوفيتي السابق وحلفائه من حلف وارسو؛ فإن بايدن والولايات المتحدة الأمريكية يعتقدان منذ انهيار القطب السوفييتي أن النظام الدولي أحادي تنفرد بقيادته وإدارته الولايات المتحدة الأمريكية، وما يزال بايدن يعتقد في استمرار هذه الأحادية القطبية رغم صعود الصين وروسيا الاتحادية، وتآكل النفوذ والقوة الأمريكية.

كما أن خروتشوف في الحالة السوفيتية كان يقف على رأس القوة العظمي الثانية في النظام الدولي، ويشغل مكانة القطب الثاني في التفاعلات الدولية، في حين أن فلاديمير بوتين على رأس روسيا الاتحادية منذ انهيار المنظومة السوفيتية وتحول الجمهوريات التي كانت تشكلها إلى دول مستقلة، حاول إنقاذ روسيا من الفساد والمافيات، واستعادة قوتها مرة أخرى وضمان أمنها ومصالحها القومية في الدائرة الأوروبية وفي العالم، وإذا كانت روسيا الاتحادية وبوتين على رأسها لا يطمحان إلى استعادة مجدها الأيديولوجي السابق؛ فإنهما يتمسكان بالطموحات القومية لروسيا ومصالحها في آسيا وأوروبا والعالم(3).

أركان المعادلة الجديدة:

أولًا: يبدو أن روسيا انتزعت مرة أخرى من الصين دور الشرير الدولي الرئيسي والمعارض للغرب عن غير قصدٍ، بالطبع لم تُلغَ مهمة كبح جماح طموحات السياسة الخارجية الصينية من أجندة واشنطن وشركائها الأوروبيين، ولكنها أهملت هذه المهمة، ولم تعد أولوية في الوقت الحالي، وعلاوةً على ذلك فيما يتعلَّق بالقضية الأوكرانية: اتخذت بكين موقفًا شديد الحذر، ويمكن للمرء أن يقول: موقفًا متحفظًا، مؤكدة احترامها مبادئ السيادة والسلامة الإقليمية لجميع الدول، بما في ذلك أوكرانيا.

وحدها المحاولات الصينية الواضحة لحل مشكلة تايوان بالوسائل العسكرية يمكن أن تغير النظام الحالي للأولويات الغربية، لكن مثل هذه المحاولات يبدو غير مرجح في المستقبل القريب.

ثانيًا: لم يتبقَّ لموسكو عمليًّا أيُّ حلفاء أو متعاطفين غربيين.

بقيت قوى كبيرة في أوروبا بعد العام 2014 تدعو إلى مراعاة المصالح الروسية والجمع بين الضغط على الكرملين وإمكانية تقديم بعض التنازلات من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، أما الآن: فنجد أن شخصيات، مثل: زعيم حزب التجمع الوطني الفرنسي اليميني مارين لوبان أو الرئيس التشيكي ميلوس زيمان، تدين الأعمال الروسية، أما بالنسبة إلى الولايات المتحدة؛ فقد أصبح التوجه المناهض لروسيا في واشنطن أقوى من أي وقت مضى.

ثالثًا: تنتظر روسيا توقفًا حتميًّا وطويلًا في الحوار السياسي الرفيع المستوى.

في المستقبل المنظور من غير المرجح أن يستقبل الكرملين سلسلة من الرؤساء ورؤساء الوزراء والمستشارين، ووزراء الخارجية ليصطفوا للالتقاء بالقيادة الروسية.

ويمكن أن تُعزى الزيارات العديدة التي قام بها القادة الغربيون إلى موسكو عشية الأزمة إلى إخفاقات السياسة الخارجية، ولم يكن من الممكن إقناع الجانب الروسي بأيّ شيء، واتّضح أن التسوية السياسية والدبلوماسية غير قابلة للتحقيق.

ويبدو أنَّ المقاطعة السياسية الدبلوماسية الجزئية من قِبَل الغرب أمر محتمل تمامًا.

في بعض الحالات، ستستكمل من خلال تقليص عمل البعثات الدبلوماسية واستدعاء السفراء، وحتى (على غرار أوكرانيا) قطع العلاقات الدبلوماسيّة.

رابعًا: تواجه موسكو سباق تسلُّح طويل ومكلف للغاية، ومع أخذ الأحداث الجارية في أراضي أوكرانيا بعين الاعتبار، سيحدد الغرب مهمة تحقيق أقصى استفادة من مزاياه الاقتصادية والتكنولوجية الواضحة من أجل تقليص الإمكانيات العسكرية الروسية: النووية والتقليدية، بمرور الوقت.

وعلى الرغم من أنه لا يزال من السابق لأوانه إعلان موت الحدِّ من التسلح بشكلٍ عامٍّ، فإنَّ المنافسة مع موسكو في مختلف المعايير النوعية للأسلحة ستشتد في المستقبل المنظور، وفي ظلِّ الظروف الحالية لن يكون من الممكن العودة إلى الحديث عن وقف توسع الناتو أو خيارات أخرى لضمانات ملزمة قانونًا للأمن الروسي.

خامسًا: ستصبح روسيا هدفًا دائمًا وأولوية للعقوبات الاقتصادية الغربية لفترة طويلة مقبلة. سوف يزداد ضغط العقوبات تدريجيًّا، ولكن بشكل ثابت سيستغرق التخلص تمامًا من الاعتماد الحالي على إمدادات الطاقة -وخصوصًا الغاز- وقتًا طويلًا، ومن غير المرجح: أن يوقفه الغرب لاحقًا سيتبع التخلي عن مشروع “نورد ستريم 2” انخفاض في مشتريات الغاز الروسي الَّذي يتمّ توفيره عبر خطوط أنابيب الغاز الأخرى.

ولو تبيَّن أن المصادر البديلة أعلى تكلفة؛ الأمر نفسه ينطبق على المواد الخام الأخرى أو الأسواق العالمية الأخرى، حيث لا تزال روسيا تحتفظ بمكانة بارزة.

سادسًا: سيتم دفع روسيا باستمرار بعيدًا عن السلاسل التكنولوجية العالمية القائمة التي لا تزال ناشئة، والتي تحدد انتقال الاقتصاد العالمي إلى نظام تكنولوجي جديد.

ولهذه الغاية ستُبذل جهود للحد من مشاركة العلماء الروس في مشاريع البحث الدولية، وستُخلق عقبات أمام أنشطة المشاريع المشتركة في مجالات التقنيات العالية، وكذلك لصادرات التكنولوجيا الفائقة من روسيا؛ ونتيجة لذلك سينخفض ​​تعاون موسكو التكنولوجي مع الغرب، بينما سيزداد اعتماد روسيا التكنولوجي على الصين.

سابعًا: ستكون هناك معركة شرسة بين موسكو والغرب على عقول الناس وقلوبهم في بقية العالم، وخصوصًا في بلدان الجنوب العالمي من أجل تحويل روسيا أخيرًا إلى دولة مارقة؛ يحتاج الغرب إلى تحويل روايته عن الصراع الروسي الأوكراني إلى سردية عالمية شاملة(4).

البداية والنهاية امتداد واقعي للطرفين:

قد يختلف المحللون ومنظرو العلاقات الدولية حول طبيعة المواجهة الراهنة في أوكرانيا؛ وهل هي امتداد للحرب الباردة أم أنها حلقة في حرب باردة جديدة أو أنها فقط “نوستالجيا” أو حنين لموروث الحرب الباردة؟ ولكن الاختلاف قد لا يكون كبيرًا حول الخطاب السياسي الذي رافق الأزمة الأوكرانية – الروسية – الغربية، من الفاعلين والمسئولين الغربيين، من الولايات المتحدة الأمريكية أو من الحلفاء الأطلسيين، والنظر إليه باعتباره امتدادًا لخطاب حقبة الحرب الباردة بين المعسكرين، حيث انطوى هذا الخطاب على “شيطنة” روسيا ونزع المصداقية عن خطابها، واعتباره مجرد أكاذيب، ودعاية رخيصة وسيئة السمعة، ولا تكتسب أية قيمة حقيقية أو واقعية، بل هي مجرد تبرير للطموحات الإمبراطورية الروسية؛ سواء منها القيصرية أو السوفيتية، حتى ما يتعلَّق منها بالأمن القومي الروسي أو المصالح الروسية في الدائرة الحيوية الملاصقة لها جغرافيًّا وتاريخيًّا، وكأن روسيا الاتحادية قادمة من كوكب آخر، وتنتمي إلى جغرافيا أخرى غير أوروبية، وتاريخ آخر غير التاريخ الأوروبي، وليس لها مشروعية في حماية أمنها القومي أو صياغة عقيدتها الأمنية كأي دولة كبيرة، وأن عليها التسليم دون مناقشة بما يراه التحالف الغربي والأطلسي وقبول شروطه، والترحيب بتمدد حلف الأطلسي في الدول المحيطة بروسيا للحصول على الرضا الغربي الأمريكي والأوروبي.

وفي هذا الخطاب الأمريكي – الأطلسي، تبدو الخطط الغربية لتوسع وامتداد الأطلسي كما لو كانت خطط “ملائكية” مسالمة، لا غبار لها أو عليها، بل ولا يأتيها الباطل من بين يديها أو خلفها! وهي مسلَّمة ومقدَّسة، وينبغي على الجميع التسليم بها دون جدال أو نقاش.

ولا شك أن هذا الخطاب يعزز الانقسام والاستقطاب ويدفع به إلى أقصى الحدود الممكنة، ويحول دون بناء الجسور وتعزيز الحوار والتفاهم وتأكيد قيم الاحترام المتبادل والأمن المتبادل.

التمدد الشرقي:

والملفت للنظر في الخطاب السياسي الغربي الذي رافق الأزمة؛ ذلك التكرار لمفاهيم القانون الدولي والسيادة، وانتهاك المعاهدات والمواثيق الدولية، وحقوق الإنسان، وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول والديمقراطية، وهي القِيَم والمبادئ والمفاهيم التي لا تحظى بمثل هذا الاحترام وهذه الأهمية في أغلب الحالات التي يكون فيها الغرب والولايات المتحدة الأمريكية هم الفاعلون والقائمون بانتهاك هذه المبادئ.

ويمكن القول: إن أخطر جوانب الهجوم الروسي على أوكرانيا يكمن في انتهاج القوة والعنف لمناصرة الأقلية الروسية والاعتراف بانفصالها في جمهوريتين مستقلتين وليس جمهورية واحدة، وهي سابقة يمكن الاستناد إليها من قِبَل دول وأطراف أخرى تمتلك موارد القوة ومقوماتها لحثِّ أقليات تابعة لها على الانفصال ودعمها عسكريًّا، وهو أمر بالغ الخطورة في ظلِّ التداخل والتشابك القومي والعرقي والثقافي في دول عديدة على وحدة الدول وسيادتها.

ورغم أن نتائج هذه المواجهة بين روسيا وأوكرانيا لم تتضح بعد؛ إلا أن ما بعد هذه المواجهة سيختلف قطعاً عما قبلها(5).

الخلاصة:

يجد العَالَمُ نفسه أمام أزمة حقيقية ما بين ازدواجية في المعايير تارة، ولعبة المصالح تارة أخرى، وعلى هذا الأساس تتعامل الدول العظمى بهذا المنطلق، ولا تتحمل في حسبانها وزن الدماء التي تراق من أجل مصالحها؛ خاصة وأن السجل الأمريكي والاتحاد الأوروبي مليء بالخزي والعار، وكذلك لو نظرنا في صحيفة الدب الروسي نجد أنه يعمل دائمًا وأبدًا للانتصار لمصالحة.

وبالتالي الحرب القائمة هي تضحية أوروبية بالجزء الأوكراني لفرض أجندة معينة، وكذلك من النظرة الروسية هي قطعة من اللحم الشهي الغني بالفيتامينات، وبالتالي هذه الحرب القائمة الآن حرب مصالح بحتة.

1_ D.W

2_ الكويتية

3_ مركز الأهرام للدراسات

4_ ميادين

5_ الشرق الأوسط

التعليقات مغلقة.