fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

هل سيستمر التقارب الإيراني مع القارة السمراء بعد رحيل إبراهيم رئيسي؟ (تحليل وتوقعات)

50

هل سيستمر التقارب الإيراني مع القارة السمراء بعد رحيل إبراهيم رئيسي؟ (تحليل وتوقعات)

شهدت العلاقات الإيرانية الإفريقية تطورًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة؛ لا سيما في فترة رئاسة إبراهيم رئيسي؛ هذه العلاقات استندت إلى مصالح اقتصادية وإستراتيجية وسياسية متعددة، حيث سعت إيران لتعزيز نفوذها في القارة السمراء من خلال مجموعة متنوعة من الوسائل، بما في ذلك التعاون الاقتصادي والاستثمارات والتبادل الثقافي والتعليمي.

ولكن ومع رحيل إبراهيم رئيسي رئيس دولة إيران، تبرز تساؤلات حول مستقبل هذا التقارب؛ مثل: هل ستستمر إيران في تعزيز علاقاتها مع الدول الإفريقية أم أن التغييرات السياسية المقبلة قد تؤثر على هذا الاتجاه؟

أولًا: أسباب التقارب الإيراني الإفريقي خلال فترة إبراهيم رئيسي:

الأهداف الاقتصادية:

إيران تمتلك احتياطيات ضخمة من النفط والغاز، وتحتاج إلى أسواق جديدة لتصدير منتجاتها بسبب العقوبات الاقتصادية الغربية، وتمثل القارة الإفريقية سوقًا واعدًا للنفط والغاز الإيرانيين؛ فضلًا عن فرص الاستثمار في قطاع البنية التحتية والطاقة.

إيران قامت بتوسيع استثماراتها في دول إفريقية غنية بالموارد الطبيعية، مثل: نيجيريا وأنغولا والسودان؛ مما ساعدها في تأمين موارد إضافية، ودعم اقتصادها المحلي؛ بالإضافة إلى ذلك، فإن إيران سعت لتعزيز التعاون الزراعي مع دول، مثل: زيمبابوي وكينيا لتطوير تقنيات الزراعة وتحقيق الأمن الغذائي(1).

 الأهداف السياسية:

السياسة الإيرانية تهدف إلى كسر العزلة الدولية التي فرضتها عليها القوى الغربية، ووجدت في الدول الإفريقية حلفاء محتملين يمكنهم دعم مواقفها في المحافل الدولية، فعلى سبيل المثال: إيران استفادت من دعم الدول الإفريقية في منظمات مثل الأمم المتحدة، حيث تلقت دعمًا في القضايا المتعلقة ببرنامجها النووي وحقوق الإنسان، وهذا الدعم المتبادل ساعد إيران في تقليل الضغوط الدولية وتعزيز موقفها على الساحة العالمية؛ علاوة على ذلك: إيران سعت لتعزيز علاقاتها مع الدول الإفريقية لتعزيز جبهة مضادة للنفوذ الغربي في القارة، مما ساهم في تحقيق توازن القوى(2).

 الأهداف الإستراتيجية:

تعزيز النفوذ الإيراني في القارة الإفريقية يُمكن أن يُستخدم كوسيلة للضغط على الدول الغربية؛ بالإضافة إلى توسيع رقعة التأثير الإيراني في مناطق جديدة بعيدة عن منطقة الشرق الأوسط التقليدية؛ هذا النفوذ يُمكِّن إيران من توسيع نطاق عملياتها الاستخباراتية والعسكرية، مما يُعزز من قدراتها الدفاعية والهجومية.

إيران قامت بتوسيع شبكة تحالفاتها العسكرية من خلال تقديم الدعم اللوجستي والتدريب لبعض القوات الإفريقية؛ فهذا التعاون الأمني ساعد في تعزيز الاستقرار في بعض المناطق، ولكن في الوقت نفسه، أثار قلق بعض القوى الإقليمية والدولية.

 مجالات التعاون الإيراني الإفريقي:

1. التعاون الاقتصادي والتجاري:

إيران قامت بتوقيع عدد من الاتفاقيات التجارية مع دول إفريقية، تضمنت تصدير النفط والغاز؛ بالإضافة إلى تصدير منتجات صناعية وزراعية؛ هذا التعاون ساعد في تعزيز الاقتصاد الإيراني وتوفير فرص عمل جديدة.

وفي الفترة الأخيرة، إيران استثمرت في مشاريع البنية التحتية، مثل: بناء الطرق والجسور والسدود في دول مثل إثيوبيا وأوغندا.

وهذه الاستثمارات لا تعزز فقط العلاقات الثنائية، ولكنها تساعد أيضًا في تحسين البنية التحتية المحلية؛ مما يعزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في تلك الدول.

2. التعاون التعليمي والثقافي:

افتتحت إيران مراكز ثقافية ومدارس في عدد من الدول الإفريقية، كما منحت العديد من المنح الدراسية للطلاب الأفارقة للدراسة في الجامعات الإيرانية، وهذا التعاون الثقافي ساعد في تعزيز التفاهم المتبادل وتقوية العلاقات الثنائية.

كما إيران نظمت العديد من الفعاليات الثقافية والفنية في إفريقيا؛ مما ساهم في تعزيز الروابط الثقافية، وتعزيز صورة إيران الإيجابية في القارة، وهذا التبادل الثقافي لم يقتصر على التعليم فقط، بل شمل أيضًا الفنون والموسيقى والرياضة.

3. التعاون العسكري والأمني:

إيران قامت بتقديم مساعدات عسكرية لبعض الدول الإفريقية وتدريب قواتها، وذلك في إطار تعزيز علاقاتها الأمنية مع تلك الدول، وهذا التعاون العسكري ساهم في تعزيز القدرات الدفاعية لتلك الدول، وكذلك في تحسين العلاقات الأمنية بين إيران وإفريقيا.

وقد سعت إيران لتعزيز التعاون في مجالات مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة؛ مما ساعد في تحسين الاستقرار والأمن في بعض المناطق الإفريقية، فهذا التعاون الأمني شمل أيضًا تبادل المعلومات الاستخباراتية والتدريب المشترك.

مصالح إيران في إفريقيا:

إيران تسعى إلى تحقيق عدة مصالح من خلال التوغل في القارة الإفريقية، وتشمل هذه المصالح:

1.التوسع الجيوسياسي: تسعى إيران إلى توسيع نفوذها الجيوسياسي في مناطق خارج الشرق الأوسط، لتعزيز مكانتها الدولية وكسب دعم سياسي في الأمم المتحدة والمحافل الدولية الأخرى، لخدمات مشروعاتها وأجنداتها وتحقيق الحلم المجوسي.

2. التحالفات السياسية: إقامة تحالفات مع الدول الإفريقية يمكن أن يوفر لإيران دعمًا في القضايا الدولية؛ خاصة فيما يتعلق بملفها النووي والعقوبات المفروضة عليها؛ بالإضافة إلى خلق تبعية عمياء لهم عن طريق زرع العملاء المختلفين.

3. المصالح الاقتصادية: إفريقيا غنية بالموارد الطبيعية، وإيران تسعى للاستثمار في قطاعات النفط، والغاز، والمعادن، والزراعة لتعزيز اقتصادها ومواجهة العقوبات الاقتصادية.

4. التعاون العسكري: تحاول إيران تعزيز علاقاتها العسكرية مع بعض الدول الإفريقية من خلال بيع الأسلحة وتقديم التدريب العسكري؛ مما يمكنها من الحصول على شركاء استراتيجيين في المنطقة، لتنفيذ اجنداتهم التخريبية(١٣).

ملامح التوغل الإيراني في الداخل الإفريقي:

التوغل الإيراني في القارة الإفريقية يمكن ملاحظته من خلال عدة مظاهر:

1. التواجد الدبلوماسي: افتتاح سفارات جديدة في عدة دول إفريقية، وزيادة الزيارات الدبلوماسية بين المسؤولين الإيرانيين والأفارقة.

2. التعاون الاقتصادي: توقيع اتفاقيات اقتصادية وتجارية مع العديد من الدول الإفريقية، وإقامة مشاريع استثمارية في مجالات الطاقة والبنية التحتية.

3. النشاط الثقافي والديني: إنشاء مراكز ثقافية، ومؤسسات دينية تهدف إلى نشر الفكر الشيعي، والمذاهب العفنة التي هي من وضع أهوائهم.

4. المساعدات الإنسانية: تقديم مساعدات إنسانية وطبية للدول الإفريقية؛ خاصة في المناطق التي تعاني من الصراعات والكوارث الطبيعية(١٤).

ثالثًا: التحديات المستقبلية:

1. التغيرات السياسية الداخلية في إيران:

مع انتهاء فترة رئاسة إبراهيم رئيسي، قد تشهد إيران تغييرات سياسية قد تؤثر على سياستها الخارجية؛ فالقيادة الجديدة قد تتبنى سياسات مختلفة تجاه القارة الإفريقية، مما قد يؤدي إلى تقليص التعاون أو تغيير طبيعته.

التغيرات في القيادة الإيرانية قد تؤدي إلى إعادة تقييم الأولويات السياسية والاقتصادية، مما قد يؤثر على مستوى الاهتمام بالعلاقات الإفريقية.

فالقيادة الجديدة قد تكون أقل ميلًا للاستثمار في العلاقات الإفريقية إذا كانت تواجه ضغوطًا داخلية تتطلب تركيز الموارد على قضايا داخلية(5).

2. التحديات الاقتصادية:

الاقتصاد الإيراني يعاني من ضغوط شديدة بسبب العقوبات الاقتصادية، وقد تكون هناك حاجة لإعادة تقييم الأولويات الاقتصادية بما في ذلك الاستثمارات الخارجية، فانخفاض أسعار النفط وتراجع الإيرادات النفطية قد يؤثر على قدرة إيران على تمويل المشاريع الاقتصادية في إفريقيا.

التحديات الاقتصادية قد تؤدي أيضًا إلى تقليص المساعدات المالية والتقنية التي تقدمها إيران للدول الإفريقية، مما قد يؤثر سلبًا على مستوى التعاون الاقتصادي، فالعقوبات الدولية قد تزيد من صعوبة تنفيذ المشاريع المشتركة وتقييد حركة البضائع والأفراد بين إيران وإفريقيا.

3. التحديات الأمنية:

الوضع الأمني في بعض الدول الإفريقية قد يشكل تحديًا للتعاون الإيراني، حيث إن عدم الاستقرار يمكن أن يعيق تنفيذ المشاريع المشتركة ويعرض المصالح الإيرانية للخطر، فالنزاعات المسلحة والاضطرابات السياسية في بعض الدول الإفريقية قد تؤثر على مستوى التعاون الأمني والعسكري.

التحديات الأمنية قد تتطلب من إيران تكثيف جهودها في مجال التعاون الاستخباراتي والعسكري، مما قد يزيد من تعقيد العلاقات الثنائية.

والتحديات الأمنية قد تؤدي أيضًا إلى زيادة المخاطر على الاستثمارات الإيرانية في إفريقيا، مما قد يؤثر على قرارات الاستثمار المستقبلية(6).

رابعًا: سيناريوهات مستقبلية:

1. استمرار التقارب:

إذا استمرت القيادة الجديدة في إيران في تبني سياسات إبراهيم رئيسي، فقد تستمر العلاقات الإيرانية الإفريقية في التحسن، مع التركيز على تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والعسكري، فالقيادة الجديدة قد تسعى لتعزيز التعاون في مجالات جديدة مثل التكنولوجيا والابتكار.

استمرار التقارب قد يشمل زيادة الاستثمارات في مشاريع البنية التحتية والطاقة، وكذلك تعزيز التعاون التعليمي والثقافي.

هذا السيناريو يتطلب التزامًا قويًّا من القيادة الإيرانية الجديدة ورؤية إستراتيجية طويلة الأمد لتعزيز العلاقات مع إفريقيا.

2. تقليص التعاون:

قد تقرر القيادة الجديدة تقليص حجم التعاون مع الدول الإفريقية، والتركيز على مناطق أخرى أكثر أهمية من الناحية الإستراتيجية أو الاقتصادية؛ هذا السيناريو قد يتضمن تقليص الاستثمارات والمساعدات الاقتصادية والعسكرية.

وتقليص التعاون قد يكون نتيجة لضغوط داخلية أو تحديات اقتصادية، تجعل من الصعب على إيران الحفاظ على مستوى التعاون السابق؛ هذا السيناريو قد يؤدي إلى تراجع العلاقات الثنائية، وتأثير سلبي على المصالح الإيرانية في إفريقيا.

3. تغيير نوعية التعاون:

بدلًا من تقليص التعاون، قد تسعى القيادة الجديدة إلى تغيير نوعية التعاون مع الدول الإفريقية، بالتركيز على مجالات جديدة، مثل: التكنولوجيا والابتكار؛ بالإضافة إلى تعزيز التعاون الثقافي والعلمي، فهذا السيناريو قد يشمل تعزيز العلاقات الأكاديمية والبحثية وتطوير مشاريع مشتركة في مجالات التكنولوجيا والعلوم.

تغيير نوعية التعاون قد يساعد في تعزيز العلاقات الثنائية بشكل مستدام، ويخلق فرصًا جديدة للتعاون بين إيران وإفريقيا؛ فهذا السيناريو يتطلب رؤية إستراتيجية، وتنسيق عالي المستوى بين الجانبين لتحقيق أهداف مشتركة(7).

خامسًا: تأثير العوامل الإقليمية والدولية:

1. التنافس الدولي:

التنافس بين القوى الكبرى، مثل: الصين والولايات المتحدة وروسيا في إفريقيا قد يؤثر على العلاقات الإيرانية الإفريقية؛ هذه القوى تسعى لتعزيز نفوذها في القارة؛ مما قد يجعل من الصعب على إيران المحافظة على مستوى تعاونها مع الدول الإفريقية.

إيران قد تواجه تحديات في مواجهة هذا التنافس، ولكنها قد تسعى للتحالف مع بعض هذه القوى لتحقيق أهداف مشتركة؛ على سبيل المثال: التعاون مع روسيا في بعض المجالات قد يعزز من قدرة إيران على مواجهة التحديات الدولية.

2. الأزمات الإقليمية:

الأزمات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط؛ مثل: النزاعات في سوريا واليمن، قد تؤثر على قدرة إيران على تخصيص الموارد، والاهتمام بالعلاقات الإفريقية، فهذه الأزمات قد تفرض ضغوطًا إضافية على القيادة الإيرانية، وتجعل من الصعب التركيز على تعزيز العلاقات مع إفريقيا.

إيران قد تحتاج لتنسيق جهودها الدبلوماسية لتحقيق توازن بين التعامل مع الأزمات الإقليمية، وتعزيز علاقاتها الإفريقية، فالنجاح في هذا المجال يتطلب توازن دقيق بين الأولويات المختلفة.

3. السياسات الدولية والعقوبات:

العقوبات الدولية المفروضة على إيران تلعب دورًا كبيرًا في تحديد قدرة إيران على توسيع علاقاتها الاقتصادية مع القارة الإفريقية في حال تخفيف العقوبات أو رفعها، يمكن لإيران أن تزيد من استثماراتها وتعاونها التجاري مع الدول الإفريقية.

وفي المقابل: إذا تم تشديد العقوبات؛ فقد تجد إيران نفسها مضطرة لتقليص أنشطتها الخارجية.

وتأثير السياسات الدولية لا يقتصر فقط على الجانب الاقتصادي، بل يمتد أيضًا إلى الجانب الدبلوماسي والعسكري، فالعقوبات قد تقيّد تحركات إيران وتقلل من قدرتها على بناء تحالفات جديدة أو تعزيز التحالفات القائمة.

سادسًا: دور القوى الإقليمية الإفريقية:

1. موقف الاتحاد الإفريقي:

الاتحاد الإفريقي يلعب دورًا محوريًّا في تحديد طبيعة العلاقات بين القارة السمراء والدول الخارجية، فموقف الاتحاد الإفريقي من إيران يمكن أن يؤثر بشكل كبير على مستوى التعاون بين الجانبين، فإذا دعم الاتحاد الإفريقي تعزيز العلاقات مع إيران، فقد يشجع ذلك المزيد من الدول الإفريقية على التعاون مع طهران، والاتحاد الإفريقي يمكنه أيضًا لعب دور الوسيط في تعزيز الحوار والتعاون بين إيران والدول الإفريقية؛ مما يسهم في تحقيق منافع مشتركة للطرفين.

2. تأثير القوى الإقليمية الإفريقية الكبرى:

دول مثل نيجيريا وجنوب إفريقيا ومصر لديها تأثير كبير على سياسات القارة الإفريقية، موقف هذه الدول من إيران يمكن أن يحدد مستوى التعاون المستقبلي.

على سبيل المثال: إذا كانت هذه الدول ترى في إيران شريكًا إستراتيجيًّا، فقد تدفع باتجاه تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية معها.

من ناحية أخرى: إذا كانت هذه الدول تتبنى موقفًا أكثر تحفظًا تجاه إيران بسبب الضغوط الدولية أو المخاوف الأمنية، فقد يؤدي ذلك إلى تقليص مستوى التعاون والتبادل بين الجانبين(9).

سابعًا: تأثير المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية:

1. تعزيز الروابط الثقافية والتعليمية:

المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، يمكن أن يلعبوا دورًا كبيرًا في تعزيز الروابط الثقافية والتعليمية بين إيران والدول الإفريقية؛ هذه الروابط تشمل تبادل الطلاب والأساتذة والمشاركة في مشاريع بحثية مشتركة، وتعزيز هذه الروابط يساعد في بناء جسور التفاهم المتبادل ويعزز العلاقات الثنائية.

2. دعم التنمية المحلية:

المنظمات غير الحكومية الإيرانية يمكن أن تسهم في دعم مشاريع التنمية المحلية في الدول الإفريقية، مثل: مشاريع الرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية؛ هذه الجهود تعزز صورة إيران كدولة داعمة للتنمية والاستقرار في القارة السمراء(10).

ثامنًا: تحليل الفرص والتهديدات:

1. الفرص:

توسيع الأسواق: القارة الإفريقية تمثل فرصة كبيرة لتوسيع أسواق المنتجات الإيرانية؛ خاصة في مجالات الطاقة والمنتجات الصناعية والزراعية.

التعاون التكنولوجي: التعاون في مجالات التكنولوجيا والابتكار يمكن أن يفتح أبوابًا جديدة للتعاون بين الجانبين.

التأثير السياسي: تعزيز العلاقات مع الدول الإفريقية يمكن أن يساعد إيران في كسر العزلة الدولية، وتوسيع نفوذها السياسي على الساحة العالمية.

2. التهديدات:

التحديات الاقتصادية: استمرار العقوبات الاقتصادية والضغوط الداخلية قد يعيق قدرة إيران على الاستثمار في القارة الإفريقية.

الوضع الأمني: عدم الاستقرار في بعض الدول الإفريقية، يمكن أن يؤثر على تنفيذ المشاريع المشتركة، ويعرض المصالح الإيرانية للخطر.

التنافس الدولي: التنافس مع القوى الكبرى؛ مثل: الصين، والولايات المتحدة، وروسيا يمكن أن يحد من قدرة إيران على تعزيز علاقاتها مع الدول الإفريقية(11).

تاسعًا: إستراتيجيات مستقبلية:

1. تعزيز التعاون الاقتصادي:

إيران يمكنها تعزيز التعاون الاقتصادي من خلال توقيع اتفاقيات تجارية جديدة مع الدول الإفريقية، وزيادة استثماراتها في مجالات البنية التحتية والطاقة والزراعة؛ هذه الاستثمارات يجب أن تكون مدروسة جيدًا لضمان تحقيق أقصى قدر من الفوائد المشتركة.

2. التركيز على التكنولوجيا والابتكار:

التعاون في مجالات التكنولوجيا والابتكار يمكن أن يوفر فرصًا جديدة للتنمية المشتركة، فإيران يمكنها تعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي مع الجامعات والمؤسسات البحثية الإفريقية، وتطوير مشاريع مشتركة في مجالات التكنولوجيا الحديثة.

3. تعزيز العلاقات الثقافية والتعليمية:

تعزيز العلاقات الثقافية والتعليمية من خلال تبادل الطلاب والأساتذة وتنظيم الفعاليات الثقافية، يمكن أن يسهم في بناء جسور التفاهم المتبادل وتعزيز العلاقات الثنائية، فإيران يمكنها زيادة عدد المنح الدراسية المقدمة للطلاب الأفارقة، وتوسيع برامج التبادل الثقافي.

4. تعزيز التعاون الأمني:

تعزيز التعاون الأمني والعسكري من خلال تقديم المساعدات العسكرية والتدريب وتبادل المعلومات الاستخباراتية، يمكن أن يساعد في تعزيز الاستقرار والأمن في الدول الإفريقية؛ هذا التعاون يجب أن يتم في إطار احترام السيادة الوطنية وحقوق الإنسان(12).

خطر التواجد الإيراني في إفريقيا:

التواجد الإيراني في إفريقيا يحمل عدة مخاطر محتملة، منها:

1. تأجيج الصراعات الطائفية: نشر الفكر الشيعي يمكن أن يؤدي إلى تصاعد التوترات الطائفية في بعض الدول الإفريقية ذات الغالبية السنية، مما يساهم في زعزعة الاستقرار.

2. التوترات مع القوى الإقليمية: التوسع الإيراني في إفريقيا قد يؤدي إلى زيادة التوترات مع القوى الإقليمية والدولية الأخرى؛ مثل: السعودية وإسرائيل، التي تعتبر النفوذ الإيراني تهديدًا لمصالحها.

3. نقل التكنولوجيا العسكرية: بيع الأسلحة وتقديم التدريب العسكري، يمكن أن يؤدي إلى زيادة التسلح في القارة الإفريقية؛ مما يساهم في تصعيد النزاعات المسلحة لخدمة الأجندة الشيعية.

4. التدخل في السياسات الداخلية: التواجد الإيراني يمكن أن يؤدي إلى تدخل في السياسات الداخلية لبعض الدول الإفريقية، مما يساهم في زيادة الفساد وعدم الاستقرار السياسي(١٥).

وهذا يعني أن التوغل الإيراني في القارة الإفريقية يعكس سعي طهران لتحقيق مصالحها الجيوسياسية والاقتصادية، ولكن هذا التواجد يحمل مخاطر كبيرة على استقرار القارة وعلاقاتها مع القوى الإقليمية والدولية الأخرى.

خاتمة:

بناءً على التحليل السابق، يمكن القول: إن مستقبل التقارب الإيراني مع القارة السمراء بعد رحيل إبراهيم رئيسي يعتمد على مجموعة من العوامل، بما في ذلك التغيرات السياسية الداخلية في إيران والتحديات الاقتصادية والأمنية التي تواجهها.

وعلى الرغم من هذه التحديات، تظل القارة الإفريقية منطقة مهمة لإيران من الناحية الاقتصادية والإستراتيجية، وقد تسعى القيادة الجديدة إلى الحفاظ على هذه العلاقات وتعزيزها بطرق جديدة تتماشى مع المصالح الوطنية الإيرانية.

تحقيق النجاح في هذا المجال يتطلب رؤية إستراتيجية واضحة، والتزامًا قويًّا من القيادة الإيرانية؛ بالإضافة إلى تنسيق عالي المستوى مع الدول الإفريقية لتحقيق أهداف مشتركة تصب في مصلحة الطرفين؛ فقط من خلال العمل المشترك يمكن لإيران والدول الإفريقية بناء علاقات قوية ومستدامة تعزز منازلهما على الساحة الدولية، وتحقق التنمية والازدهار للجميع.

1_ مجلة الدراسات الإفريقية

2_ المنتدى العربي لتحليل الدراسات الإيرانية

3_ مركز الروابط للدراسات الإستراتيجية والسياسية

4_ أسباب

5_ ميدل إيست

6_ الإندبندت

7_مركز الدراسات الأوراسية

8_ الجزيرة

9_ مركز رع للدراسات

10_ مجلة السياسة الدولية

11_المعهد الدولي للدراسات الايرانية

12_ مركز رع للدراسات

١٣_ أفكار

١٤_المنتدى العربي لتحليل السياسات

١٥_سكاي نيوز

التعليقات مغلقة.