fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

قمة العلا طوت صفحة الخلاف الخليجي

215

قمة العلا طوت صفحة الخلاف الخليجي

 

البداية فتح الحدود البرية والبحرية والجوية بين الدوحة والرياض.

ترحيب أممي ودولي بمخرجات ونتائج القمة… والكويت تُثمِّن الدور الأمريكي والمصري .

اختتمت قمة العلا شمال غرب المملكة العربية السعودية أعمالها مؤخرًا –الثلاثاء 5/1/2021- على إتمام المصالحة الخليجية مع قطر بحضور قادة وملوك ورؤساء بعض الدول؛ بالإضافة إلى مستشار الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر، سبقها بيوم واحد الإعلان عن إعادة فتح الأجواء البرية والبحرية والجوية بين الرياض والدوحة.

 فمنذ الخامس من يونيو  2017 قطعت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع قطر، بعد اتهامات وُجهت للدوحة بدعم العمليات المتطرفة والتدخل في شئون دول الجوار، والتقارب مع إيران، ودعمها لحزب الله، وحركة حماس، والحوثيين في اليمن، وهو الأمرالذي نفته الدوحة.

بدأت الأزمة بعد وقت قصير من تعرض وكالة الأنباء الرسمية القطرية -الجزيرة- ”لعملية اختراق إليكتروني في مايو  2017 من جهة غير معروفة، بحسب ما أفادت به قطر  آنذاك، وهو استدعى قطع العلاقات للدول الأربع بعد أن كشفت أسلوب الدوحة ووضعت يدها على بعض الجراح؛ خاصة وأن قطر غردت خارج السرب بعقد اتفاقيات مع كل من تركيا وإيران وقامت بإيداع ومبادلة العملات مع كلا الدولتين، وفتحت الأجواء الجوية بين الدوحة وطهران.

وضعت العواصم العربية قائمة تضمنت 13 مطلبًا كشرط لإعادة العلاقات الدبلومساية والتجارية، تم اختصارها في 6 مطالب -حسب وسائل إعلام- من بينها: التخلي عن دعم الجماعات المتطرفة، وعدم التدخل في الشئون الداخلية لدول الجوار، وخفض العلاقات مع إيران، وتحييد المنصات الإعلامية التابعة أو الداعمة لها، وفي مقدمتها: الجزيرة، وغيرها من الشروط.

وخلال السنوات الماضية تكبدت دول الخليج وقطر تحديدًا خسائر سياسية ومعنوية: كالشعور بالوحدة، والخروج من المصير المشترك الذي كان يمنحه مجلس التعاون الخليجي، كذلك خسائراقتصادية طالت شركات الطيران، وانخفاض أسعار  الغاز، وهبوط في أسعارالعقارات، كما عانى القطاع الغذائي والزراعي في قطر جراء ارتفاع الطلب وضعف العرض، بخلاف الخسائر الاجتماعية والإنسانية الأخرى؛ إذ ترتبط دول الخليج بعلاقات نسب ومصاهرة فيما بينهم.

مواقف ثابتة:

إذًا فموقف مصر واضح وثابت من الأزمة الخليجية منذ اليوم الأول، وهو تطبيق الشروط التي اتفقت عليها الدول الأربع وأعيد اختصارها في 6 مطالب، ولخصها وزير الخارجية المصر ي سامح شكري في أن الاتفاق يجب أن يضمن لمصر ودول الرباعية أن يكون هناك تقديرًا لأهمية وتكريس المبادئ الخاصة بالعلاقات حتى ما بين الإخوة في عدم التدخل في الشؤون الداخلية، والعمل على مراعاة مصالح الشعوب، وعدم محاولة أو زعزعة دول الجوار، وأن يكون المبدأ قائمًا على العلاقات الأخوية التي تربط بين الدول العربية من حيث الرعاية لمصالحها بشكل مشترك، وعدم المساس بمستقبل واستقرار الشعوب.

وهو ذات المعنى والإطار الذى عبرت عنه الإمارات على لسان الوزير “أنور قرقاش” وزير الدولة للشئون الخارجية الذى غرَّد وعدد الآمال والتطلعات بنجاح قمة العلا في تحقيق المصالحة وتعميق التضامن الخليجى والعربى هذه المرة، وإن كان نفس الأمر عبرت عنه مملكة البحرين مع بعض الحذر، ولكن في نهاية الأمر راهنت على لقاءات قمة العلا في تجاوز الشقاق والخلاف مع قطر.

وبعد هذه السنوات، ومع قرب رحيل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في العشرين من يناير الجاري شددت واشنطن على ضرورة حلحلة الأزمة الخليجية، ومارست ضغوطًا خارجية استثمرتها الكويت وسلطنة عمان لتقريب وجهات النظر بين القادة العرب بُغية تحقيق المصالحة وتطويع قطر، وجعل سياستها تتماشى مع دول الخليج مرة أخرى، بعيدًا عن الاستقطاب الإيراني أوالتركي، مدعومة بمفاوضات مكوكية لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ، ومستشار ترامب السياسي جاريد كوشنر.   

قبل انعقاد قمة العلا بيوم واحد رحبت الرياض والدوحة بفتح المجال الجوي والبري والبحري، وجاء بيان الخارجية المصرية بأن القاهرة تدعم وحدة الصف العربي والعمل العربي المشترك، وتعزيز أواصر التعاون، وهو نفس المعنى الذي أعلنته مصر عندما زار وزير خارجية الكويت القاهرة، ووجَّه الرئيس عبد الفتاح السيسي آنذاك على أهمية الالتزام بالنوايا الصادقة لتحقيق المصلحة المشتركة، وكذلك التكاتف لدرء المخاطر عن سائر الأمة العربية وصون أمنها القومي.

تأتي المصالحة السعودية القطرية بعد أن ألقى ترامب بالعديد من الأوراق التي بحوزته على الطاولة، ومنها: الملف الإيراني، وإعادة تخصيب اليورانيوم ، وقضية لوكيربي، وهو ما عزا بالرئيس الأمريكي الذي ستنتهي فترة ولايته تمام الساعة 12 من مساء يوم 20 من الشهر الجاري إلى تحريك غواصات وقطع بحرية، وحاملة طائرات، وعتاد عسكري ضخم، ورفع حالة الاستنفار العام، ما يوحي بنشوب حرب وشيكة في المنطقة، وهذا ما يبدو في الظاهر أو العلن؛ فمن مصلحة أمريكا وإسرائيل الإبقاء على “بعبع” إيران لاستنزاف ثروات الخليج، وزرع قواعد عكسرية داخل أراضيه لتشغيل مصانع إنتاج السلاح وبيعه للعرب.

جوهر الاهتمام الأمريكي بدا أكثر حدة بعد ضخ بكين استثمارات مالية في إيران بأموال تخطت 150 مليار دولار خلل عام من جائحة كورونا، الأمر الذي لم يقبله ترامب وصعَّد على إثره من حدة التوتر التجاري مع بكين في محاولة منه للتأثير على الاقتصاد الصيني الذي بات يهدد الاقتصاد الأمريكي “الأقوى في العالم” والأكثر استدانة أكثر بـ 22 تريليون دولار، ما يعني تضخم النفوذ الصيني وتغلغله بعد انقشاع جائحة كورونا -إذا ما نجح العالم في التغلب عليه- وقد تتحول أنظار الاتحاد الأوروبي والاقتصادات الناشئة إلى الصين، بعد فشل الرأسمالية في مواجهة الجائحة.

قمة العلا قد تنهي الخلاف والفرقة بين الأشقاء:

نجاح قمة العلا يمكن لها أن تنهي حالة الفرقة والخلاف بين الأشقاء العرب، وذلك بلم  الشمل واستعادة الدوحة إلى النسيج العربي والحاضنة الخليجية مرة ثانية، وإذا ما حدث هذا فإنه يعد نجاحًا للرباعي العربي بعد تحييد الدوحة ولجم ارتباطها مع إيران وتركيا؛ خاصة مع دخول لاعب يطمح في تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية على حساب العرب، وهي: تل أبيب التي تراقب عن كثب ما يحدث لتحقيق مزيد من التطبيع، ما يعني أهمية التوصل إلى نهج جديد في التناول والتعاطي مع القضايا الشائكة بالمنطقة.

أبرز ما جاء في القمة :

أبرز ما جاء في بيان قمة العلا هو التأكيد على الأهداف السامية لدول مجلس التعاون الخليجي، وتفعيل المركز الخليجي لمكافحة الأوبئة في ظل انتشار وتفشي فيروس جائحة كورونا، فضلًا عن تنفيذ رؤية الملك سلمان عاهل المملكة العربية السعودية، واستكمال متطلبات الاتحاد الجمركي، ومنح المواطنين السعوديين، والقطريين حرية التنقل والحركة، ودعم وتحفيز الاقتصاد الرقمي، والعمل على تطوير المناهج وتعزيز التعاون ومكافحة الفساد، وتعزيز التعاون العسكري تحت إشراف المجلس العسكري الخليجي لمواجهة التحديات.

الخارجية المصرية ترحب بإعلان القمة وتثمن جهود رأب الصدع:

رحبت الخارجية المصرية بما تم في قمة العلا، وأكدت على أن حرص مصر الدائم على التضامن بين دول الرباعي العربي وتوجههم نحو تكاتُف الصف، وإزالة أية شوائب بين الدول العربية الشقيقة، ومن أجل تعزيز العمل العربي المشترك في مواجهة التحديات الجسام التي تشهدها المنطقة، وهو ما دأبت عليه مصر بشكل دائم، مع حتمية البناء على هذه الخطوة المهمة من أجل تعزيز مسيرة العمل العربي، ودعم العلاقات بين الدول العربية الشقيقة؛ انطلاقًا من علاقات قائمة على حُسن النوايا، وعدم التدخُل في الشئون الداخلية للدول العربية.

وثمنت الخارجية المصرية كل جهد مخلص بُذل من أجل تحقيق المصالحة بين دول الرباعي العربي وقطر، وفي مقدمتها: جهود دولة الكويت الشقيقة على مدار السنوات الماضية، مؤكدة على أن مصر تقدر  وتثمِّن كل جهد مخلص بُذل من أجل تحقيق المصالحة بين دول الرباعي العربي و قطر ، وفي مقدمتها جهود دولة الكويت الشقيقة على مدار السنوات الماضية.

وأشارت الخارجية إلى أن التوقيع على بيان العلا، يأتي في إطار الحرص المصري الدائم على التضامُن بين دول الرباعي العربي وتوجههم نحو تكاتُف الصف وإزالة أية شوائب بين الدول العربية الشقيقة، ومن أجل تعزيز العمل العربي المشترك في مواجهة التحديات الجسام التي تشهدها المنطقة، مشددة على هذا ما دأبت عليه مصر بشكل دائم، مع حتمية البناء على هذه الخطوة المهمة من أجل تعزيز مسيرة العمل العربي، ودعم العلاقات بين الدول العربية الشقيقة انطلاقًا من علاقات قائمة على حُسن النوايا، وعدم التدخُل في الشئون الداخلية للدول العربية.

و”يؤكِّد توقيع جمهورية مصر العربية على بيان العُلا، توثيق العلاقات الأخوية التي تربط مصر الشقيقة بدول المجلس، انطلاقًا مما نص عليه النظام الأساسي بأن التنسيق والتعاون والتكامل بين دول المجلس إنما يخدم الأهداف السامية للأمة العربية”.

الأمير محمد بن سلمان: الأنشطة الإيرانية تهدف زعزعة الاستقرار بالمنطقة:

كان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أشاد بالدورين الكويتي والأميركي لرأب الصدع بين دول المنطقة، مؤكِّدًا على دور القمة في تعزيز أواصر الأخوة، لافتًا إلى أن: “الأنشطة الإيرانية تهدف لزعزعة الاستقرار بالمنطقة”، وأضاف: “نواجه تحديات السلوك الإيراني التخريبي”.

وأضاف ولي العهد السعودي: “نحن اليوم أحوج ما نكون فيه هو توحيد الجهود للنهوض بمنطقتنا ومواجهة التحديات التي تحيط بنا، وخاصة التهديدات التي يمثِّلها البرنامج النووي للنظام الإيراني وبرنامجه للصواريخ البالستية ومشاريعه التخريبية الهدامة التي يتبناها ووكلاؤه من أنشطة إرهابية وطائفية، هدفها: زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة؛ مما يضعنا أمام مسؤولية دعوة المجتمع الدولي للعمل بشكل جدي لوقف تلك البرامج والمشاريع المهددة للسلم والأمن الإقليمي والدولي”.

أمير الكويت يشيد بالدور الأمريكي والمصري:

من جهته قال أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح: “نهنئ الجميع بما تحقق من إنجاز  تاريخي في قمة العلا، مشيدًا بما تحقق من إنجاز بدعم أمريكي ودور مصر الرائد ودعمها الواضح لقضايا المنطقة، مؤكِّدًا نسعى لدعم العمل الخليجي والعربي المشترك”، مشيرًا إلى أن “إعلان العلا سيُسمى: اتفاق التضامن.

حاكم دبي: قمة إيجابية موحدة للصف مرسخة للأخوة:

فيما أعرب نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عن قوله بأن المتغيرات والتحديات المحيطة بالمنطقة تتطلب قوة وتماسكًا وتعاونًا خليجيًّا حقيقيًّا، وعمقًا عربيًّا مستقرًّا.

ووصف بن راشد القمة بالإيجابية الموحدة للصف المرسخة للأخوة ، وأنها جاءت تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمير محمد بن سلمان.

أمريكا تدعو كافة الدول الخليجية إلى تسوية الخلافات:

ودعا وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، الدول الخليجية كافة إلى تسوية خلافاتها واستئناف كافة العلاقات لمواجهة التحديات المشتركة، مشددًا على أن استئناف العلاقات الدبلوماسية الكاملة أمر حتمي لجميع الأطراف في المنطقة.

وأكَّد أن الخليج الموحد سيجلب ازدهارًا إضافيًّا، موجِّهًا الشكر إلى الكويت على جهود الوساطة التي تبذلها ودعمها حل النزاع الخليجي.

الاتحاد الأوربي: المصالحة تستعيد وحدة مجلس التعاون وتعزز الاستقرار الإقليمي:

كما رحب الاتحاد الأوروبي بالمصالحة الخليجية التي تم إعلانها والمصادقة عليها في بيان العلا الختامي للقمة الخليجية الـ41، بمشاركة الدول الخليجية الست.

ونقلت وكالات الأنباء في بيان عن الاتحاد الأوروبي بأن المصالحة الخليجية تستعيد وحدة مجلس التعاون بالكامل، وتُعزز الاستقرار الإقليمي.

تساؤلات مطروحة:

تبقى التساؤلات مطروحة حول آلية التنفيذ والتطبيق في ظل انفتاح قطر مع كل من إيران وتركيا ودعمها الواضح للإخوان المسلمين، فهل يمكن التخلي عن هذه الأشياء وطيّ ونسيان خلافات الماضي، والنظر إلى المستقبل للتغلب على التحديات التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط والخليجية على وجه الخصوص؟

جزءًا من هذه التساؤلات أجاب عنها وزير الخارجيّة السعودي -الأمير فيصل بن فرحان- خلال مؤتمر صحفي على هامش قمة العلا، ووصف ذلك بقوله: جرى طيّ كامل لنقاط الخلاف، مشيدًا بما حدث، وأكد على أن جميع الأطراف راضية وسعيدة، وستعاود المطارات و النقاط والبوابات الحدودية البرية والبحرية استقبال المواطنين، وستعود الأمور إلى ماكنت عليه في السابق.

وشدد وزير الخارجية السعودي بقوله: مهم أن يكون للخليج موقف موحد من إيران، وسيجري تطبيق ما تم عليه مِن اتفاقات في قمة العلا، معبِّرًا عن تفاؤله وما ستنعم به المنطقة من تركيز الجهود العربية نحو مزيدٍ من الاستقرار.

وقد تكشف الأيام القادمة المزيد عن ماهية التعامل مع المصالحة الخليجية التي شملت الدوحة والرياض، فيما تراقب المنامة ودبي ما ستُسفر عنه تلك الخطوات رغم الحضور والمشاركة في قمة العلا الخليجية والإشادة بها، في ظل تساؤلات تبقى مطروحة.

 

التعليقات مغلقة.