fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

توقعات وردود أفعال.. ماذا بعد رحيل الرئيس الإيراني؟!

53

توقعات وردود أفعال.. ماذا بعد رحيل الرئيس الإيراني؟!

أثار حادث تصادم طائرة رئيس الجمهورية الإيرانية ووزير خارجية العديد من التساؤلات؛ خاصة بعد تضارب التصاريح المتعلقة بالحادث سواء كانت من مؤسسة الرئاسة، أو من الحرس الثوري الإيراني، أو من وكالات الأنباء الرسمية، وهذا التضارب وضعنا أمام حقيقة واحدة: أن الحادث يشوبه العديد من الجوانب الغير مفهومة، وربما تكون مرتبطة بجناية دولية.

وبعد أن غيب الحادث عددًا من النخبة الحاكمة في الدولة الإيرانية، قدم عدد من الخبراء والمنصات الإعلامية المختلفة العديد من السيناريوهات المتوقعة للدولة الإيرانية والحياة السياسية لما بعد موت “رئيسي”؛ خاصة مع وجود العديد من القضايا والملفات المعلقة والتي لم يتم حسمها بالنسبة للجانب الإيراني وبالنسبة للمجتمع الدولي.

وهنا يستعرض “رواق” الملامح السياسية والحياة الدبلوماسية للدولة الإيرانية؛ خاصة مع موت اثنين من أهم أركان الدولة، وهما: رئيس الدولة ووزير خارجيتها.

وبما أن الدستور في إيران كان قد رسم خارطة واضحة المعالم للتعامل مع حالات الخلاء السياسي، فقد سارعت السلطات الرسمية إلى معالجة الفراغ الرئاسي خلال سويعات من إعلان حالة الوفاة، بيد أن غياب رئيسي وعبد اللهيان أثار تساؤلات عن تداعيات غيابهما المفاجئ على الساحة السياسية بالبلاد.

وبالنظر إلى أن الراحلين يعدان من أبرز المسؤولين في إدارة الجمهورية الإيرانية خلال السنوات الثلاث الماضية، انقسمت الأوساط الإيرانية بين من توقع أن يؤثر غيابهما على السياستين الداخلية والخارجية بشكل مباشر، وآخرين قللوا من أهمية الأفراد في صياغة السياسات العليا للبلاد.

ما بعد موت الرئيس في الدستور الإيراني؟

بحسب وكالات الأنباء الإيرانية الرسمية؛ فإنه كان من المقرر إجراء انتخابات الدورة الرئاسية الرابعة عشرة في يونيو عام 2025، وذلك بعد انتهاء فترة الأربع سنوات للحكومة الثالثة عشرة التي أجريت في وقت سابق، لكن بسبب الحدث المفاجئ الذي تعرضت له مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والوفد المرافق له ووفاتهم جميعا، ستقام الانتخابات قبل الموعد المقرر.

وجاء في المادة 131 في الدستور الإيراني: في حال توفي رئيس البلاد أو تم عزله أو استقال أو غاب أو مرض لمدة تزيد عن شهرين، أو في حال انتهت ولايته الرئاسية ولم يتم انتخاب رئيس جديد للبلاد عوضًا عنه بسبب عوائق معينة أو غيرها من الأمور المشابهة، يتولى النائب الأول لرئيس الجمهورية بعد موافقة المرشد الأعلى وإعطاء الصلاحيات والمسؤوليات رئاسة البلاد حتى يقوم المجلس المشكل من رئيس مجلس النواب ورئيس السلطة القضائية والنائب الأول للرئيس باتخاذ الترتيبات اللازمة لانتخاب رئيس جديد خلال مدة أقصاها خمسون يومًا.

أما في حال توفي النائب الأول لرئيس البلاد أو غير ذلك من الأمور التي تمنعه ​​من أداء مهامه، وكذلك إذا لم يكن للرئيس نائب أول، فيجب تعيين شخص آخر ليحل محله.

وجاء في المادة 132: خلال الفترة التي تكون فيها صلاحيات ومسؤوليات رئيس الجمهورية من مسؤولية النائب الأول للرئيس أو أي شخص آخر يتم تعيينه بموجب المادة 131، لا يجوز عزل الوزراء أو حجب الثقة عنهم، ولا يجوز إعادة النظر في الدستور أو القوانين.

وقام المرشد الأعلى للثورة الإيرانية الاثنين 20 مايو 2024 بتعيين محمد مخبر نائب رئيس الجمهورية مديرا للسلطة التنفيذية استنادًا إلى المبدأ المذكور في الدستور، وبحسب ما أعلنه مقر الانتخابات في البلاد، وبالتنسيق مع مجلس صيانة الدستور، فقد تم الانتهاء من الجدول الزمني للانتخابات وستكون فترة تسجيل المرشحين من 30 مايو إلى 3 يونيو 2024 ولمدة 5 أيام.

ومن ثم سيقوم مجلس صيانة الدستور بمراجعة مؤهلات المسجلين في الفترة من 4 إلى 10 يونيو، وفي 11 يونيو 2024 وسيتم نشر أسماء المرشحين للانتخابات الحكومية الرابعة عشرة، وبحسب المتحدث باسم مقر الانتخابات، فإن الموعد النهائي لإعلان المرشحين هو من 12 إلى 26 يونيو2024، على أن يتم التصويت لانتخاب الرئيس التاسع لإيران في 28 يوليو 2024.

وأعلن مقر الانتخابات استعداده لإجراء التصويت الإلكتروني في عدة مناطق، بما في ذلك مدينة طهران وبعض المدن الكبرى الأخرى، لكن هذا الأمر يخضع لموافقة مجلس صيانة الدستور الذي لم يتخذ قرارا نهائيا بعد، وستبدأ الحكومة الرابعة عشرة عملها اعتباراً من يوليو 2024 وتستمر حتى عام 2028(1).

بعد حسم الأمور دستوريًّا، بدأ الحديث عن ملامح المرحلة المقبلة في السياسة الإيرانية، وما إذا كانت هذه السياسة ستتغير في ظل احتدام الاوضاع بالشرق الأوسط، لكن على المستوى الداخلي فسيكون الأمر واليد العليا للحرس الثوري الإيراني.

مجتبى نجل خامنئي وعلامات الاستفهام:

إن خامنئي كان رئيسًا قبل أن يصبح المرشد الأعلى؛ لذا ألقى هذا بمستقبل إيران بأكمله في الهواء، فلقد كان رئيسي يعتبر أحد مرشحين اثنين واضحين ليحل محل المرشد الأعلى، ولكن الآن وبعد موت “رئيسي” فهناك واحد فقط، وهو مجتبى نجل المرشد الأعلى، وحال حدوث ذلك، سيخلق فعليًّا سلالة دينية، في حين كانت الثورة تدور حول إنهاء سيطرة عائلة واحدة على جميع أدوات السلطة في إيران.

وفي هذا الشأن، ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أنه في الوقت الذي تطرح فيه وفاة رئيسي أسئلة ملحة بشأن قيادة إيران، من المتوقع أن يلعب مجتبى خامنئي دورًا رئيسيًّا.

وأضافت الصحيفة، خلال تقرير منشور عبر موقعها الإلكتروني، أنه بالنسبة لمعظم الإيرانيين، فإن الابن يمثل لغزًا، حيث لا يشغل منصبًا عامًا، ونادرًا ما يظهر علانية، ولا يلقي خطابات.

وأوضحت “وول ستريت جورنال” أن مجتبى، الذي تربطه علاقاته قديمة بشخصيات بارزة في المؤسسة المخابراتية والأمنية في إيران، ازداد قوة في الظل، لا سيما في عهد رئيسي، الذي كان ينظر إليه باعتباره رئيسًا مرنًا بدون قاعدة للسلطة الشخصية.

وخلال السنوات الأخيرة، تكهن كثيرون أن مجتبى قد يكون المرشح الأوفر حظًّا لخلافة والده، لكنَّ مراقبي إيران والمحللين السياسيين يقولون: إنه أمر غير مرجح، وبدلاً من ذلك، بحسب قولهم، سيكون أكثر قوة بعيدًا عن دائرة الضوء.

في حين أن هناك رؤى أن مجتبى والشبكة التي حوله كانت تتولى السيطرة على مدار العقدين الماضيين؛ الآن بالتأكيد بالنسبة لخامنئي نفسه، يتمثل التحدي الأساسي في إيجاد شخص بنفس الصفات الدقيقة لرئيسي”.

وليس مستبعدًا أن تهيئ الساحة حيث يمكن لمجتبى الاحتفاظ بسلطته وتوسيع نطاقها مع الاحتفاظ بدوره الخفي، بعيدًا عن التدقيق العام” -على حد قوله-(2).

تغول الحرس الثوري الإيراني وانفراده بالبلاد:

أسس الخميني الحرس الثوري الإيراني، الذي صنفته الولايات المتحدة “منظمة إرهابية” عام 2019، ويضطلع بدور محوري في عملية “تعزيز الدولة”، من أجل حماية الجمهورية كنظام سياسي.

وتصاعدات قدرات وقوة الحرس الثوري خلال العقدين الماضيين، بحسب “بلومبرغ” التي أشارت إلى دوره الفعال في تعزيز شبكة وكلائه وفصائله المسلحة في الشرق الأوسط لحماية مصالح إيران، ونشر نفوذها ومقاومة الوجود الأميركي في المنطقة.

تمر إيران التي تنتظر انتخابات رئاسية سابقة لأوانها في 28 يونيو 2024، بحالة من “عدم اليقين” مع سعي البلاد لاختيار رئيس جديد خلفًا للراحل إبراهيم رئيسي.

ويهيمن الحرس الثوري على الاقتصاد الإيراني، وجمع عددًا كبيرًا من الأصول، من بينها تكتل تجاري يدير شركات صناعية، ومصافي نفط، وشركات هندسية، ويشارك في مشروعات يُقدر رأسمالها بمليارات الدولارات.

وإقليميًّا، رسم خامنئي مع الحرس الثوري خارطة سياسة إيران في المنطقة، وحدد ملامح وضعها الأمني.

وبعد انسحاب الولايات المتحدة في عام 2018 من الاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى العالمية، ثم الوصول إلى حافة الصراع بين الجانبين بعد اغتيال القيادي البارز قاسم سليماني، اضطلع الحرس الثوري بدور أكثر بروزًا في إدارة البلاد، وظهر ذلك بشكل جلي من خلال الطريقة التي ردت بها طهران على الهجوم على قنصليتها في دمشق، في أبريل الماضي، وتحميلها تل أبيب المسؤولية.

وعندما ردت إيران باستهداف إسرائيل بوابل من الصواريخ والمسيرات، صدر القرار بمعرفة المرشد، وعدد من كبار قادة الحرس الثوري، بحسب مصدر مطلع على عملية صنع القرار في طهران لـ”بلومبرغ”.

ولا يزال خامنئي يحتفظ بما يكفي من السلطة لكبح جماح الجيش، ولكن خليفته لن يكون في وضع جيد على الأقل بداية تولي مهمة، ويقدم موت رئيسي كذلك فرصة للجماعات المتنافسة داخل الحرس الثوري، والفصيل السياسي المتشدد المحيط بخامنئي، لإحكام قبضتيهما على زمام السياسة الإقليمية لطهران، وتعزيز أوضاعهما قبل أي عملية انتقال إلى السلطة.

ومن المتوقع أن يكون الحرس الثوري له القول الفصل في خلافة خامنئي، وعلى الأقل سيزيد إحكام قبضته على النظام.

ويحل محل رئيسي كرئيس مؤقت قبيل الانتخابات المقررة في 28 يونيو 2024، الضابط السابق في الحرس الثوري، والذي تربطه علاقات وثيقة بمكتب خامنئي، محمد مخبر(3).

ومن المتوقع أن يؤثر غيابه ويخل بتوازُن القُوى داخل النظام، ويثير منافسة غير صحية بين الفصائل والشخصيات السياسية، بل وربما يصبح مقدمة لتغيير النظام السياسي في إيران، ومن الممكن أن يؤثر موت رئيسي على انسجام “مجلس خبراء القيادة”، وبالتالي يغير مسار مستقبل الحكم في إيران.

الأحزاب السياسية والتكتلات بالداخل الإيراني:

سواء كان موت رئيسي هو السيناريو المفضل لابن خامنئي أم لا، فإنه يعزز مكانته كبديل للمرشد الأعلى، حيث سيكون الوريث المحتمل لإرث والده الذي أسسه منذ الثورة الإسلامية في إيران. وعلى الرغم من التحديات المتعلقة بالمسائل التشريعية، فإن هذا السيناريو قد يعزز من احتمال تأسيس نظام قيادة دينية مبنية على الوراثة، وقد يؤدي إلى تحوُّل النظام السياسي في إيران من نظام ديمقراطي إسلامي إلى نظام سلالة شيعية على المدى الطويل.

علاوة على ذلك قد تؤدي وفاة رئيسي إلى إحداث فوضى بين مختلف الفصائل والأحزاب السياسية، فنتيجة لرحيله، سيخسر أولئك الذين كانوا يعتمدون عليه منذ عقود، أي: رجال الدين اليمينيين في مقاطعة خراسان، والجبهة الشعبية المحافظة لقوى الثورة الإسلامية؛ فضلًا عن الجماعات الأصولية المتطرفة، سيخسرون مواقعهم، وقد يواجهون صعوبة في العثور على بديل مناسب ليحلّ محلّه.

ويمكن للنزاعات داخل المعسكرات الأصولية أن تشكل تحديًا كبيرًا للنظام أيضًا؛ فالمنافسة بين الشخصيات السياسية في إيران شديدة لدرجة أنهم يلجؤون إلى أعنف حملات الدعاية والتشهير ضد بعضهم البعض من قِبل المخبرين والصحافيين الذين يكشفون عن فساد الخصوم، وقد أصبح هذا السيناريو تقليدًا، شهدته المنافسة على رئاسة البرلمان العام الماضي.

أما بالنسبة للمعتدلين والإصلاحيين وغيرهم من الأحزاب المهمشة، فإن رحيل رئيسي يمكن أن يدفعهم للخروج من حالة السبات التي يعيشونها والسعي للحصول على حصة من السلطة مرة أخرى. ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال مخاطبة الرأي العامّ والانخراط في الصراعات الداخلية للنخبة الحاكمة.

التغيير في الشخصيات السياسية:

تغيير الشخصيات السياسية وإعادة توزيع السلطة قد يسبب اضطرابات كبيرة في المشهد السياسي وقد يغير من نسيجه؛ بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي نشر الفضائح إلى تشويه سمعة النظام ككل ومفاقمة أزمة الشرعية التي يواجهها.

لقد كان الافتقار إلى الشرعية تحديًا حيَّر النظام لعدة سنوات -إنْ لم يكن لعقود-، وقد تفاقمت هذه الأزمة منذ الانتفاضة الشعبية التي كانت تحت شعار: “المرأة، الحياة، الحرية” عام 2021، حيث توسَّعت الفجوة بين النخبة الحاكمة وعامة الشعب؛ مما دفع الناس إلى التوقُّف عن المشاركة في الأنشطة المدنية والسياسية كطريقة للاحتجاج والعصيان المدني، مما أضعف النظام بشكل أكبر.

في ظلِّ الظروف الحالية، سيكون من الصعب وغير المرغوب فيه للنظام أن يشجع الناس على التصويت دون أن يخسر سمعته أو مكانته على الساحة الدولية.

وقد قاطعت عامة الشعب الانتخابات الرئاسية الأخيرة (2021) وانتخابات المجلس الإسلامي ومجلس الخبراء (2023)، مسجلة أدنى معدلات مشاركة منذ بداية الثورة الإسلامية؛ هذا يعني أن هناك شعورًا في إيران بضرورة التحرك بسرعة تحسُّبًا للانتخابات الرئاسية المقبلة، وسيتعين تنظيم الانتخابات خلال فترة زمنية قصيرة، حيث ينصّ الدستور على إجراء الانتخابات في غضون خمسين يومًا لاختيار رئيس جديد.

ونظرًا لضيق الوقت المتاح لإطلاق حملات انتخابية وبسبب غياب القواعد الشعبية الفعّالة، قد يُطلب من المرشحين المحتملين الحصول على الدعم من خلال الحصول على موافقة مكتب المرشد الأعلى – أعلى هيئة حاكمة في إيران – بدلًا من الاعتماد على قوتهم وتأثيرهم السياسي.

ومن ثَمّ، فإن الشخصية السياسية التي تتمتع بأعلى قدر من الولاء للنواة الأساسية التي تحكم البلاد وتمتلك روابط قوية بالحرس الثوري الإيراني – المؤسسة التي تسيطر على موارد إيران الإستراتيجية والاقتصادية – قد يكون لديها فرصة أفضل للارتقاء إلى منصب الرئيس المستقبلي للجمهورية الإسلامية.

ومحمد باقر قاليباف الرئيس الحالي للبرلمان، والقيادي في الحرس الثوري الإيراني محمد مخبر نائب الرئيس الحالي والمحسوب على المرشد الأعلى؛ وعلي لاريجاني عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام والضابط في الحرس الثوري الإيراني، وسعيد جليلي Saeed Jalili عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام، الذي ترشح أيضًا للانتخابات الرئاسية عام 2021، لكنه انسحب لصالح إبراهيم رئيسي.

ويمكن أن يكون إسحاق جهانجيري Ishaq Jahangiri، نائب الرئيس السابق والوزير وعضو البرلمان، من بين الشخصيات التي قد تترشح للانتخابات المقبلة.

من المرجَّح دائمًا أن تؤدي الأحداث غير المتوقعة إلى نتائج مفاجئة.

إن التغيير المفاجئ في منصب الرئيس قد يهز أساس النظام السياسي غير المستقر أصلاً في إيران، والذي يحاول النظام الإيراني يائسًا الحفاظ عليه، أو قد يغير مسار عملية تولي القيادة على المدى الطويل(4).

المنهج الإيراني الخارجي وتغيراته:

المرحلة التالية ما بعد رئيسي، وعبد اللهيان، لن تتغير فيما يتعلق بالنهج الذي تسلكه القيادة الإيرانية، وفق صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” في وقت تشهد فيه المنطقة صراعات محتدمة.

يدعم ذلك طبيعة النظام السياسي في إيران، والذي تعود فيه الكلمة الفصل إلى المرشد الأعلى للثورة الإيرانية؛ الأمر الذي يجعل من الرئيس وطاقمه مجرد منفذين لسياسات الدولة، ومن سيخلف رئيسي سيمضي على نهجه بالتأكيد.

إيران وفق مراقبين ستواصل سياستها التي كان ينفذها رئيسي وعبد اللهيان في استمرار سياسة الميل شرقًا التي تنتهجها طهران، والتي تعني الاستمرار في تعزيز العلاقات مع كلٍّ من: روسيا والصين، مع التأكيد على عدم تغيير السياسة الخارجية الإيرانية بعد “رئيسي” فيما يتعلق بالعداء لإسرائيل، فإن الأحداث الداخلية بعد الإعلان عن وفاة رئيسي ووزير خارجيته، والوفد المرافق لهما، قد تشغل طهران بعض الشيء عن عدائها لإسرائيل.

داخليًّا الأمر مختلف، فبعد حادث الطائرة، وشغور منصب الرئيس، قد تشهد حراكًا سياسيًّا جديدًا؛ خاصة مع الإعلان المرتقب عن تنظيم انتخابات لاختيار رئيس جديد، وهذا الحراك ربما يشهد عودة لمحاولات السياسيين الإصلاحيين في إيران للمشهد من جديد بعد أن كانوا قد تم تحييدهم من قبل الجناح المتشدد في السياسة الإيرانية(5).

دلالات إيرانية على السيناريوهات المقبلة:

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، في وقت سابق: «إيران لن تحدث أي وقفة في تفاعلها الإقليمي والدولي»، وفقًا لما نقلته وكالة «مهر» الحكومية.

وكتب كنعاني في منصة «إكس»: أن «إيران فقدت رئيس جمهورية كُفئًا ووزير خارجية أنشط، ولكن لن تحدث أي وقفة في المسار».

فيما تحدث القيادي في «الحرس الثوري» الإيراني، محسن رضائي، عن دور رئيسي وعبد اللهيان فيما وصفه بـ«تعزيز الانفتاح الإيراني مع دول المنطقة والعالم. ونقل موقع «راشا تودي» عن رضائي أن «نهج رئيسي الذي يتضمن فتح أبواب الدبلوماسية أمام الجميع سيستمر».

وقال رضائي: «فقدنا شخصيات مهمة؛ إنها خسارة كبيرة لإيران، لكننا سنتغلب على الأزمة»(6).

هل تتأثر العلاقات العربية الإيرانية بعد رحيل رئيسي؟

يرى البعض أنه سيكون هناك تحسُّن في أن المستقبل سيتأثر بعوامل مختلفة، والتطورات الإقليمية والدولية يمكن أن توسع أو توقف عملية تطور العلاقات بين إيران والعالم العربي، لكن عامل الإرادة الثنائية بين الجانبين سيكون أكثر فعالية.

كذلك إن من أهم العوامل التي ينبغي أن تساعد في تعزيز العلاقات بين طهران والدول العربية هو القرب الجغرافي والأمن والمصير المشترك “وفي كل السياسات من أجل المصالح الوطنية في العواصم الإسلامية، لا ينبغي أن ننسى أن الدول الإسلامية أعضاء في أمة إسلامية واحدة”.

بالإضافة إلى أن سياسات النظام وإستراتيجياته هي من تحدد السياسة الخارجية للبلاد، والحكومة بشكل عام والخارجية بشكل خاص ينفذان السياسات الكبرى فحسب، فإن ما يتغير بتغيير الحكومات في إيران هو خطاب الحكومة وطريقتها في تنفيذ القرارات المتخذة(7).

الخلاصة:

إن حادث سقوط المروحية الرئاسية قد رسم علامات استفهام كبيرة ستؤثر الإجابة عنها بشكل أو بآخر على المشهد السياسي خلال المرحلة المقبلة، فإن المرحلة المقبلة لا تخلو من تحديات؛ لا سيما في ظل تساؤل الشارع الإيراني عن سبب استخدام مروحية لنقل الرئيس ووزير خارجيته في ظروف مناخية قاسية، أو مبررات حضورهما مراسم تدشين سد على الحدود حيث الوجود العسكري الإسرائيلي.

وبعيدًا عن نظرية المؤامرة، فإن غياب رئيسي سيؤدى إلى خلل كبير في المنظومة السياسية في الداخل، بل سينعكس خارجيًّا بشكل كبير؛ خاصة في ظل منطقة مشتعلة، ومحاولات النظام الإيراني أن يستعرض نفوذه العسكري والسياسي على المستوى الإقليمي وتحقيق أكبر المكاسب الممكنة في ملف المفاوضات النووية.

فالمرحلة التالية ما بعد رئيسي، وعبد اللهيان، لن تتغير فيما يتعلق بالنهج الذي تسلكه القيادة الإيرانية، في وقت تشهد فيه المنطقة صراعات محتدمة.

يدعم ذلك طبيعة النظام السياسي في إيران والذي تعود فيه الكلمة الفصل إلى المرشد الأعلى للثورة الإيرانية الأمر الذي يجعل من الرئيس وطاقمه مجرد منفذين لسياسات الدولة، ومن سيخلف رئيسي سيمضي على نهجه بالتأكيد.

إيران ستواصل سياستها التي كان ينفذها رئيسي وعبد اللهيان فيما يتعلق باستمرار العداء مع إسرائيل، وتقديم الدعم للفلسطينيين في الحرب الدائرة في غزة، وكذلك في استمرار سياسة الميل شرقًا التي تنتهجها طهران والتي تعني الاستمرار في تعزيز العلاقات مع كلٍّ من: روسيا والصين.

1_ ذا ميدل إيست

2_ الشروق

3_ الشرق

4_ أبعاد

5_ إرم

6_ الشرق الأوسط

7_ الجزيرة

التعليقات مغلقة.