fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

الهجوم البري الإسرائيلي على غَزَّة… هل يفتح جبهات متعددة ضد الكيان الصهيوني؟

175

الهجوم البري الإسرائيلي على غَزَّة… هل يفتح جبهات متعددة ضد الكيان الصهيوني؟

من البحر، من الجو، من تحت الأرض، ومن فوقها؛ من كلِّ مكان يخرج جنود المقاومة الفلسطينية ليوجِّهوا ضرباتهم الموجعة للإسرائيليين الذين يفرُون لكلِّ اتجاه، وينتظرون الانتقام الفلسطيني في كل لحظة، فمن الجُنوب عند حدود قطاع غزة تأتي الضربات، ثم من الشمال عند حدود لبنان تأتي الضربات الأخرى، والمخاوف الإسرائيلية من أن تتسع الحرب، وتتحول إلى حرب إقليمية متعددة الجبهات.

وربما ما دلل على هذه المخاوف الإسرائيلية من أن أمريكا هبت على الفور لتحمي ابنتها إسرائيل من خطر وجودي، بات يهدد وجودها فعليًّا، عبر إعلان جو بايدن على الفور، الموافقة على مساعدات عسكرية عاجلة للكيان المحتل؛ ومِن ثَمَّ تحريك مجموعة حاملة الطائرات الهجومية و5000 جندي أمريكي لمساعدة الكيان المحتل على الثَّبات، بالتزامن مع إعلان مسؤولين إسرائيليين رفيعين في دولة الاحتلال؛ بأن الدولة العبرية أمام خطر وجودي لم تشعر به منذ نصف قرن عند اندلاع حرب أكتوبر 1973م.

فهل تتسع دائرة الحرب وتتحول إلى حرب إقليمية متعددة الجبهات؟ وما مصير الهجوم البري الإسرائيلي على غزَّة؟ وما قدرات الجيش الإسرائيلي على اقتحام غزّة بريًّا والصمود في حرب إقليمية؟

يركز موقع “رواق” للأبحاث والدراسات في هذا التقرير عبر تحليلاته، عن بعض النِّقَاط المهمة حول الهجوم البري الإسرائيلي على قطاع غزة، وقدرات الجيش الإسرائيلي لحرب متعددة الجبهات.

صدمة الكيان الصهيوني الكبرى:

مع هجوم فصائل وجنود المقاومة الفلسطينية متعدد الضربات والهجمات في 7 من أكتوبر؛ تقف سلطات الاحتلال الإسرائيلي في تل أبيب في صدمة ودهشه كبرى؛ إذ إن سلطات تل أبيب التي أعلنت رسميًّا أنها في حالة حرب تقف في صدمة كبيرة، فهي حتى الآن غير قادرة على الهجوم البري بالرغم من أنها تهيأت لاستدعاء كل جنود الاحتياط وإعلان النفير، حتى وصل عددهم إلى 360 ألف جندي احتياط، في أكبر عملية استدعاء على الإطلاق استعدادًا لغزو بري لقطاع غزَّة.

فقصف الكيان الصهيوني بكل جنونه وبطشه على قطاع غزَّة، لم يستطع وقف زحف جنود المقاومة الفلسطينية، ففي مستوطنات غلاف غزَّة حيث ساد وماد جنود الاحتلال الإسرائيلي لسنوات؛ لا عين قادرة على التصديق ولا عقل يستطيع استيعاب ما حدث.

الأمر جلل ومصيبة الكيان الصهيوني وصدمته تتفاقم، فكيف يقوم جنود المقاومة الفلسطينية بكل هذا؛ إذ نجحوا وببراعة في أسر وقتل وقصف جنود الاحتلال الإسرائيلي، ويدخلون إلى المستوطنات والنقاط العسكرية الإسرائيلية الحصينة زاحفين من غزة ولا يعودون إلا بأسرى وغنائم أو بعد أن يسقطوا من القتلى الكثير، بل ويعيدون ويتوعدون بالأكبر والأضخم الذي لم يأتِ بعد، فقتلى جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي قاربوا الألف ونصف الألف، ما زال عددهم في ارتفاع وأسراهم الذين تعجز سلطات الاحتلال بتل أبيب حتى عن عدهم ما هم إلا مقدمات لنهايات ستغير كل شيْ؛ هكذا قالها جنود المقاومة الفلسطينية وأعلنوا. (العربية).

استعدادات الكيان الصهيوني لعملية عسكرية برية في قطاع غزة:

مع تصاعد التكهنات حول استعدادات جيش الاحتلال الإسرائيلي لبدء عملية عسكرية برية في غزّة، خصوصًا مع الضغوط التي سيواجهها نتنياهو من حكومته اليمينية المتطرفة للرد على جنود المقاومة الفلسطينية؛ لأن ما فعله جنود المقاومة الفلسطينية القادمين من غزة ويقومون به لحد اللحظة من اقتحام مستوطنات والاشتباك داخلها والسيطرة على مدن وثكنات عسكرية، قد أظهر للعالم ضعف وهشاشة الكيان الصهيوني المحتل.

فهجوم جنود المقاومة الفلسطينية في 7 من أكتوبر قد أثبت للجميع قوة جنود المقاومة الفلسطينية وقدراتهم العسكرية على توجيه ضربات موجعه للكيان المحتل وتحريك القضية الفلسطينية، وأظهر أيضًا أن هناك شعبًا يعيش تحت قمع وبطش سلطة احتلال سُلبت أراضيه منه منذ أكثر من 70 عامًا وَسْط صمت دولي وتجاهل للانتهاكات الإسرائيلية المستمرة لحقوق الشعب الفلسطيني.

فجيش الاحتلال الإسرائيلي هذه المرة لن يكتفي بقصف وغارات على قطاع غزة، حتى وإن كان هذا القصف جنونيًّا بعملية تحت اسم: “السيوف الحديدية” تستهدف الأبراج والبنى التحتية وكل شيء في قطاع غزة.

ما أسقط حتى الآن آلاف الضحايا من الفلسطينيين وآلاف الجرحى، ما يشي بأن نتنياهو ربما يكون بطريقه ليتخذ فعلًا الخِيار الذي تفاداه كل أسلافه؛ ألا وهو البَدْء بعملية عسكرية برية داخل القطاع الذي انسحبت منه إسرائيل عام 2005م. (بي بي سي عربية)، وذلك بهدف القضاء على جنود المقاومة الفلسطينية وهو أمر يستحيل تطبيقه، فعلى مدار التاريخ لم تنجح أبدًا أي سلطة احتلال في القضاء على حركات المقاومة المسلحة، وهو أمر يعلمه الجميع، وتدرك سلطات الاحتلال الإسرائيلي ما أعدته فصائل المقاومة الفلسطينية من أنفاق وألغام وصواريخ، وما سيتكبده جيش الاحتلال الإسرائيلي إذ حاول دخول قطاع غزّة بريًّا.

وبالطبع هذه الحرب ستكون مختلفة بالكامل عن كل الحروب السابقة بين الكيان الصهيوني وقطاع غزة، والأمر لا يتعلق فقط بعدد الأسرى الإسرائيليين الكبير الذين قالت جنود المقاومة الفلسطينية أنها نقلتهم إلى مكان آمن في أنفاقها، وبأن عددهم أضعاف مضاعفة أكثر مما يعتقد الكيان المحتل.

في وقت تتحدث تقارير عبرية عن أن العدد يتجاوز 100 أسير حتى الآن، وهو ما يكفي لتبييض سجون الكيان المحتل من معتقلي الفصائل الفلسطينية في أي تبادل بين الكيان الصهيوني والفصائل في المستقبل، ثم إن الأمر لا يقتصر على الرتب الرفيعة لبعض الأسرى، كالضباط والمسؤولين الأمنيين، وقيمتهم الكبيرة بالنسبة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، بل يدور الأمر حول باب من جهنم فُتِح على الكيان المحتل قد لا يستطيع إغلاقه بعد أن نجحت الفصائل الفلسطينية في نقل الحرب إلى داخل ما كان يعتقد الكيان المحتل أنها أرضه الأمنه.

جبهات متعددة وفشل استخباراتي:

بينما يبدو أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلية الموساد وباقي أجهزة الكيان الصهيوني الأمنية والتي لطالما تغنَّى الكيان الصهيوني بقوتها وجبروتها، كانت أول المتفاجئين وآخر مَن يعلم وتنام في عسل حَوَّله جنود المقاومة الفلسطينية لسمٍّ في دقائق.

ومع النظر إلى عدم استعدادات الفصائل الفلسطينية إلى التراجع والموقف الصعب لجيش الاحتلال الإسرائيلي الذي سيواجه الويلات سواء رد بهجوم بري أو لم يرد؛ فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي لن يطيل التفكير قبل أن يحسم شكل الرد، الذي يعلم أنه قد يشعل جبهات عدة، ومنها: الجبهة الشمالية مع حزب الله اللبناني.

فالمخاوف الإسرائيلية من اتساع دائرة القتال لتشمل بالإضافة إلى قطاع غزة الجبهة الشمالية مع لبنان، واضحة تمامًا، وهو ما بدأت أولى إرهاصاته بإخلاء الكيان الصهيوني لمواطنيه، ليس فقط من مستوطنات الجَنُوب في منطقة غلاف غزة، بل من مستوطنات الشمال على حدود لبنان تحسبًا لاتساع دائرة الحرب واشتعال الجبهة الشمالية مع حزب الله في ظل اشتباكات محدودة بين الحزب وجيش الاحتلال الإسرائيلي.

وما هي إلا ساعات حتى بدأت حشود إسرائيل بجنودها ودباباتها تتجه لحدود لبنان، في استعدادات لأي تطورات هناك؛ قد تستتبع تدخلها البري المتوقع في غزّة.

إستراتيجية جيش الاحتلال الإسرائيلي في الهجوم البري على غزة:

الذي سيكون هدفه المعُلن استعادة الأسرى، بينما حقيقة الأمر فإن الكيان الصهيوني يعلم تمامًا بأن هذا احتمال ضئيل، وأن ما يريده حقًّا يتمثَّل في تغيير وجه قطاع غزة تمامًا وتسوية كل شيء فيه بالأرض؛ حتى لا تقوم لجنود المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة أي قائمة، حتى إن جيش الاحتلال الإسرائيلي أعلن بوضوح أن هدفه تغيير واقع قطاع غزة لخمسين عامًا مقبلة؛ إلا أن هذا يتطلب تمهيدًا جويًّا كبيرًا وكبيرًا جدًّا وبحسب مراقبين، لن يجرؤ الكيان الصهيوني على هذا الهجوم البري قبل أن يرهق ويجوع قطاع غزة بحصار غير مسبوق.

وهو ما بدأ به بإعلان قطع الغذاء والكهرباء وكل مقومات الحياة عن غزة، حتى يتيقن الكيان المحتل أنه حَيَّد 90% على الأقل من قوة الفصائل هناك؛ لعلمه أن لا فرصة لجنود الاحتلال الإسرائيلي بالصمود أمام جنود المقاومة الفلسطينية بحرب شوارع داخل أحياء وأزقة القطاع (بي بي سي عربية).

وهو ما ظهر واضحًا لدى اقتحام جنود المقاومة الفلسطينية مستوطنات الكيان الصهيوني عندما حدثت اشتباكات بين الجنود الاحتلال الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية في 22 موقعًا؛ فكانت مواجهات مئات المسلحين من جنود المقاومة الفلسطينية الذين تسللوا إلى الكيان الصهيوني مع آلاف الجنود الإسرائيليين بانتصار ساحق للفلسطينيين الذين ما زال عدد كبير منهم داخل الكيان الصهيوني ويقاتلون جنوده.

حتى وصل الحال بتقارير فلسطينية إلى أن تقول: إن جنودًا إسرائيليين في بعض الثكنات العسكرية الإسرائيلية قُتِلوا عن بكرة أبيهم، وهو ما سيكون حال كثير من جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي إن تجرأ على الهجوم البري، قبل أن ترى أن طيران الكيان الصهيوني سوى غزة بالأرض.

في ظل حقائق أن استدعاء كل جيش الاحتلال الإسرائيلي صوب غلاف غزة، ضرب من الجنون، في ظل ما أعلن عنه جيش الاحتلال الإسرائيلي من مخاوف لهجمات قد تشن من دولتين عربيتين آخرتين.

وهنا الحديث طبعًا عن هجوم حزب الله من لبنان وهجوم لفصائل فلسطينية من الحدود عبر جهة سوريا، وكل هذا جعل الكيان الصهيوني يستبق الأحداث بإخطار دول عدة بما ينوي فعله في غزة.

ورغم عدم إعلان الكيان الصهيوني عن تفاصيل ما ينويه؛ إلا أن المكتوب بات واضحًا من العنوان، فالإسرائيليون قالوا: نحن في خطر وجودي، ونحن في حالة حرب رسميًّا، وربما الآن معركة واسعة النطاق ستكون معقدة مع وجود أسرى في غزة؛ إلا أن الرد سيكون مزلزلًا بحرب برية ستأتي وإن تأخرت، وأمريكا وكل الغرب بجيوشهم وقواتهم معنا؛ في حين ما زال رد جنود المقاومة الفلسطينية: هذه أرضنا، وسنقاتل من أجلها كل الأرض إن اقتضى الأمر.

قدرات جيش الاحتلال الإسرائيلي على خوض حرب غزة:

منذ أن أعطى جيش الاحتلال الإسرائيلي مواعيد نهائية معينة للفلسطينيين لإخلاء شمال غزة، مع اتباع سياسة الأرض المحروقة؛ بقصف لا يستثني بيتًا أو مدرسة أو حتى مستشفى.

والاجتياح البري بدى أنه حقيقة مقبلة لا جدال فيها، والخلاف فقط متى، وإن كانت هذه المتى قبلًا يحسب لها بالساعات، فهي اليوم تتعلق بمدى ومدة تحسب بأكثر من هذا بكثير.

وبعيدًا عن رواية الكيان الصهيوني عن أن أحوال الطقس تسببت في إرجاء الاجتياح البري، وتمثيلية الخوف على وقوع ضحايا مدنيين يقتلهم جيش الاحتلال الإسرائيلي الآن بكل الأحوال من الجو، أو على الأسرى الإسرائيليين في غزة مما لا يجد الكيان المحتل أي مشكله بقتلهم؛ لأن الجميع يعرف بروتوكول هانيبال الإسرائيلي الذي يقول صراحة: إن جنديًّا قتيلًا أفضل من جندي أسير؛ ما يعني أن أمر الإرجاء يتعلق في حقيقته بعوامل عدة، أولها: ما يعترف به حتى قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي على المستوى السياسي، بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي ليس مجهزًا لحرب شوارع ولاشتباكات برية، خاصه قوات الاحتياط التي حضرت إلى معسكراتها دون دراية بأبجديات دورها بالحرب. (فرنسا 24).

كما وأن جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يخض حربًا كهذه منذ عقودٍ ولطالما فشل بمثيلاتها، وخير مثال: الغزو البري في حرب لبنان الثانية عام 2006م، والذي كان عباره عن فوضى كاملة؛ بالإضافة إلى محاولات التوغل البري السابقة الفاشلة بغزة، وهو ما يبرر التدريبات المستمرة ليل نهار لجنود جيش الاحتلال الإسرائيلي على محاكاة الاقتحام البري؛ إلا أن النتائج حتى الآن يبدو أنها غير مرضية لقادة هذا الجيش الذي رأى بأم العين استعدادات الفصائل الفلسطينية التي قالت لكل جيش الاحتلال الإسرائيلي: تعالَوا أهلًا بكم في الجحيم، فهذه أنفاقنا وهذه أسلحتنا، ونحن بالانتظار.  

ومن هنا فهم الإسرائيليون بأن الاندفاع للغزو لمجرد إشباع التعطش للانتقام، سيعني حفر جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي لقبورهم بيدهم بين بيوت وحارات غزة؛ خاصة وأن تحقيق مفاجأة إستراتيجية سيكون مستحيلًا؛ نظرًا لأن فصائل المقاومة الفلسطينية هي التي بدأت الحرب في 7 من أكتوبر، ورأينا ما فعلته فصائل المقاومة الفلسطينية في الهجوم البري؛ فكيف سيكون حال الدفاع الذي يكون أسهل؟!

كما وأن إحدى العوامل هو القلق المتزايد من اشتعال الجبهة الشمالية على حدود لبنان مع ميلشيات حزب الله اللبناني، ورغم التطمينات الدولية ولا سيما الفرنسية بأن حزب الله يريد حفظ ماء الوجه لا التصعيد، وهو ما ينعكس على الأرض في ظل حقيقة أن ميلشياته منذ بداية الحرب أبقت هجماتها على الكيان الصهيوني عند عتبة منخفضة، وقصفًا متبادلًا محدودًا. (فرنسا 24)؛ ولأن الكيان المحتل بالطبع غير مطمئن، جاءت أمريكا لتطمئنه بإرسال حاملتي طائرات مهمتها تدمير كل من يدخل الحرب ضده، والمقصود طبعًا إيران وكل جبهاتها من سوريا ولبنان واليمن والعراق.

ومن أهم عوامل تأخير الهجوم البري أيضًا: انتظار اكتمال التهجير من الشمال إلى الجَنُوب، وهو الدور الذي يطلع به سلاح الجو الإسرائيلي على مدار الساعة، بقصف يحوِّل غزة إلى أثر بعد عين خاصة في الشمال؛ ليختار أهل القطاع إما الموت أو إخلاء الشمال والنزوح للجنوب، وتحديدًا إلى منطقة وادي غزة، والممتدة على طول ساحلي يبلغ 19 كيلومترًا، يبدأ من جبل شجرة البقار إلى البحر الأبيض المتوسط قرب الزهراء في القطاع.

وهذا ليس بالطبع من أجل تجنب سقوط ضحايا من المدنيين خلال الزحف البري، بل لأن هدف الكيان الصهيوني ربما يتعدى الاجتياح ومن ثم العودة، فخطه الكيان المحتل الآن تقوم على تجزئة قطاع غزة وتصغيره رويدًا ورويدًا.

ومن هنا نفهم ما قاله نتنياهو بأن الحرب ضد غزة مختلفة، ونفهم تصريحات المتحدث العسكري باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، بأن الخطوة المقبلة ربما ليست الغزو، كما نفهم ما قاله بايدن قبل أن يغادر الكيان الصهيوني بأن هذه الحرب ستكون طويله جدًّا.

سيناريوهات ما بعد الاجتياح:

في لحظة الاجتياح إن حدث، قطاع غزة سيصبح على الفور خمسة أجزاء، وستزحف وحدات جيش الاحتلال الإسرائيلي على كل المحاور معًا لتقسيم قطاع غزة وتحويله إلى قطاعات متناثرة.

فتزحف أولى الوحدات من محور بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا في النطاق الشمالي، والثانية من محور مدينة غزة، والثالثة من محور دير البلح ومخيم نصيرات، والرابعة من محور خان يونس، أما الخامسة من محور رفح على الحدود المصرية.

وهنا ستكون قوات الاحتلال الإسرائيلي أمام سيناريوهات عدة، أولها الزحف وغزو كل قطاع غزة من الشمال حتى الجَنُوب، بهدف تدمير حماس واجتثثها وقتل معظم جنودها وقادتها؛ وستكون الضريبة عالية جدًّا في جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي سيقتل منه الكثير، ومِن ثَمَّ ينسحب جيش الاحتلال وفقًا لهذا السيناريو لتعود الحدود كما كانت عليه.

أما السيناريو الثاني الذي يبدو أن الكيان الصهيوني خطط له مع بايدن؛ يقوم على حرب طويله يتم إدارتها بصبر وخطوة خطوة، لا يبدأ فيها الزحف البري قبل تهجير معظم الأهالي، ومن ثم يتم تقسيم قطاع غزة إلى نصفين تقريبًا بين شمال محُتل وجنوب فلسطيني.

ووفقًا لهذا السيناريو سيعود الكيان الصهيوني إلى قطاع غزة كقوة احتلال عسكري مباشر لشمال غزة، في حين يترك الجنوب كقطاع صغير يحوى ما تبقى من فلسطينيين، على أن تكون المرحلة التالية عقد صفقة دولية لتهجير كل هؤلاء إلى سيناء المصرية، ومن ثم إعلان قطاع غزة محتلًا بالكامل ومفرغًا من أهله، وهذا بالطبع ما ترفضه الدول العربية وتلوح مصر بالحرب لرده.

أما السيناريو الأكثر رعبًا للكيان المحتل وهو ما تراهن عليه غزة؛ بأن يفشل هجوم جيش الاحتلال الإسرائيلي البري ويتعثر من جرّاءِ المقاومة الهائلة، وهو ما توعدت به فعلًا فصائل المقاومة الفلسطينية حين نشرت فيديوهات توثق قوتها وقدراتها العسكرية خاصه في الأنفاق التي ستتحول قبورًا لجنود الاحتلال الإسرائيلي كما يتعهد الفلسطينيون، وحينها ستجبر تل أبيب على تبادل الأسرى وإنهاء الاجتياح.

كما يبقى سيناريوهان أخران يقومان على افتراض أن يدخل حزب الله وإيران وسوريا الحرب فتتحول إلى حرب إقليمية، أو أن يتسع هذا السيناريو ليشمل ضرب أمريكا لإيران وسوريا ولبنان ما سيستتبع تدخل روسيا ليتحول الأمر إلى صراع عالمي، وهذا السيناريو يستبعده كل المراقبين، في حين يبقى إيمان الفلسطينيين وكثير العرب والمسلمين بأن إنهاء القضية الفلسطينية وتصفية الفلسطينيين يتطلب أكثر من قتلهم بكثير.

الخلاصة:

– إن هجوم فصائل المقاومة الفلسطينية على الكيان المحتل في 7 من أكتوبر، مثل مفاجأة صادمة لقادة هذا الكيان الذين لم يتوقعوا هجومًا يأتيهم بهذه القوة من قطاع غزة، وكشف أيضًا عن ضعف وهشاشة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية -وعلى رأسها: الموساد-؛ لذلك يحاول الكيان الصهيوني حفظ ماء الوجه وإظهار أنه قوة كبرى في منطقة الشرق الأوسط بواسطة إعلان قادة الكيان الصهيوني إطلاق عملية السيوف الحديدية للقضاء على جنود المقاومة الفلسطينية.

– إن جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يخض حربًا كبرى متعددة الجبهات منذ عقود، وقد أخفق في معظم حروبه البرية ضد قطاع غزة أو لبنان، ويدرك قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي القدرات الحقيقية لجيش إسرائيل؛ لذلك سارعوا بطلب المساعدة والدعم العاجل من الولايات المتحدة وحلفائهم الغربيين لردع إيران وأذرعها عن الكيان الصهيوني.

– لقد أظهرت فصائل المقاومة الفلسطينية قدرات قتالية هائلة في أثناء هجومها على الكيان المحتل في 7 من أكتوبر الجاري، وهو ما يؤكد بأن فصائل المقاومة الفلسطينية ليست هشة كما يصورها الكيان الصهيوني وأن بإمكان الكيان الصهيوني القضاء عليها، بل يمكن لفصائل المقاومة الفلسطينية التصدي لهجوم إسرائيلي بري ضخم ضد قطاع غزة وإدارة الحرب ببراعة وتكبيد الإسرائيليين خسائر فادحة.

– يدرك قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي مخاطر دخول أطراف عدة في الحرب ضد الكيان الصهيوني، وعلى رأسها: حزب الله اللبناني؛ لذلك اتخذ الكيان الصهيوني إجراءات لإخلاء مستوطنات الشمال المحاذية لحدود لبنان؛ لعلم الكيان المحتل أن الجبهة الشمالية يمكن أن تشتعل في أي وقت؛ خصوصًا وأن الاشتباكات والقصف المتبادل المحدود بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله لم يتوقف منذ بَدْء عمليه طوفان الأقصى.

المصادر:

فرنسا 24

العربية

سكاي نيوز عربية

بي بي سي عربية

التعليقات مغلقة.