fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

الميلشيات الإيرانية في المنطقة.. المهام الموكَّلة ومصادر التمويل

118

منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979م، دخلت منطقة الشرق الأوسط، والعالمين: العربي والإسلامي، مرحلة جديدة غير مسبوقة، لم يشهدها العالم الإسلامي في تاريخه الحديث والمعاصر؛ فقد انتهجت السلطة الإيرانية الجديدة سياسة زرع الفتن والشقاقات والصراعات بين نسيج الأمة الإسلامية الواحدة، وذلك عن طريق استغلال التعددية المذهبية في العالم الإسلامي والعربي لتحقيق أهداف طائفية.

فقد تورطت الاستخبارات الإيرانية في مخططات مشبوهة لتوسيع نفوذها وتنفيذ أجندتها لتهديد استقرار دول الجوار. وعملت على تأسيس أذرع وكيانات وأحزاب سياسية، وميلشيات وتنظيمات وجماعات إرهابية خارجة عن القانون؛ لتوسيع النفوذ الإيراني في المنطقة، وإخضاع العديد من الدول العربية، وتجريدها من سلطتها الواقعية، وتحويلها إلى دول شكلية أسيرة للقرارات والسياسات الإيرانية، تعاني من أزمات وفقر وصراعات داخلية.

وتشكل الجماعات المدعومة من إيران في منطقة الشرق الأوسط ما يسمى: “محور المقاومة”، وهو تحالف من الميلشيات المسلحة التي تضم العديد من الأحزاب السياسية والتنظيمات الإرهابية الخارجة عن نطاق القانون؛ مثل: حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، وجماعات مسلحة عدة في العراق وسوريا؛ هذا التحالف من التنظيمات الإرهابية بمثابة خط دفاع أمامي عن إيران.

فما الأذرع الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط؟ وما مصادر تمويلها؟ وكيف تتم إدارة مواردها المالية؟ وما طبيعة الأهداف الموكلة من إيران إلى أذرعها في منطقة الشرق الأوسط؟ وفي ظل السياسة الإيرانية الطائفية في العالم الإسلامي، إلى أين يتجه مستقبل المنطقة؟

يسلط مركز “رواق” للأبحاث والرؤى والدراسات في هذا التقرير، عبر دراساته وتحليلاته المختلفة، الضوء على الأذرع الإيرانية في العالم العربي والإسلامي، ومصادر تمويلها، وإدارة مواردها المالية، وطبيعة المهام الموكلة إليها، في السطور التالية:

الأذرع الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط:

لطالما لوَّح المسؤولون الإيرانيون بين الحين والآخر بقدرة الحرس الثوري الإيراني، وما يسمى بمحور المقاومة على توسيع نطاق أي صراع ضد إيران إلى كامل منطقة الشرق الأوسط، وزعزعة استقرار العالم اقتصاديًّا وعسكريًّا؛ إذ يرتكز الساسة الإيرانيون ومسؤولو الحرس الثوري على حقائق على الأرض عن قدرات أذرع ووكلاء إيران في المنطقة، وهذه الحقائق باتت تجبر العالم؛ الذي ركز على مدار عقود ماضية على البرنامج النووي الإيراني، على تحويل ناظريه إلى قوة أخرى لا تقل تدميرًا عن مشروع البرنامج النووي الإيراني، وهي الميلشيات الموالية لها خارج حدودها، التي تخوض معارك واشتباكات مسلحة بين حين وآخر نيابة عن إيران.

فباتت الولايات المتحدة تستهدفها بين حين وآخر، كما حدث باستهداف كتائب حزب الله في العراق الموالية لإيران، وسيد الشهداء، وجماعات مسلحة أخرى في سوريا، بالقنابل والصواريخ الأمريكية أوائل فبراير 2024م، ردًّا على استهداف القوات الأمريكية في قاعدة “البرج 22” على المثلث الحدودي العراقي السوري الأردني؛ إضافة إلى قصف الولايات المتحدة مسؤولي الحشد الشعبي والحرس الثوري في العراق؛ أبرزها: يوم مقتل “قاسم سليماني”، قائد فيلق القدس، أوائل عام 2020م.

بينما لا يتوقف الكيان المحتل عن إعلان ضرب ميلشيات إيران في سوريا بشكل شبه يومي، فيمَا عانت المملكة العربية السعودية من ميلشيات الحوثيين في اليمن على حدودها الجنوبية، وتصدت لصواريخهم على مدار أعوام عدة التي يحاولون من خلالها زعزعة استقرار المملكة.

وتأتي الضربات الأمريكية والإسرائيلية على ميلشيات وأذرع إيران بين حين وآخر لتظهر للعامة، وتحديدًا الداخل الأمريكي، وجود صراع بين إيران وأذرعها من جهة، وبين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى. في حين أن الوقائع على الأرض تظهر رغبة الولايات المتحدة والكيان المحتل في إظهار سطوتهما على منطقة الشرق الأوسط، وترتيب أوراق المنطقة، وإدارة الصراعات.

إيران وسياسة الأذرع والوكلاء في العالم العربي:

ورغم أن مساعي تصدير الثورة الإيرانية إلى البلاد المجاورة لم تتوقف في إيران منذ سيطرة الملالي على نظام الحكم في عام 1979م؛ إلا أن نجاح هذه المساعي في تحقيق جزء من أحلام وأهداف الخميني، ومن بعده خامنئي، بات يتمثل اليوم بأنصار وأنظمة وأحزاب وميلشيات مؤيدة وتابعة تفعل ما تؤمر به من طهران.

ويعتمد هذا النجاح على عاملين: الأول: مذهبي ديني شيعي. والآخر: اقتصادي، عبر استغلال الحاجة والفقر والأزمات الاقتصادية التي تعاني منها بعض دول المنطقة، وانتشار البطالة بين العديد من الشباب في مناطق الصراعات مثل سوريا والعراق.

وتمتلك إيران ذراعًا رئيسيًّا تحت اسم: فيلق القدس التابع للحرس الثوري، وهو المسؤول عن إنشاء وتمويل الميلشيات والأذرع الخارجية لإيران؛ حيث ترصد إيران لميلشياتها المختلفة وأذرعها المتعددة في طول المنطقة مليارات الدولارات سنويًّا. (المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات).

لكن هذه الأذرع والميلشيات المتعددة تظل -بحسب مسؤولين إيرانيين- أقل تكلفة من حرب إيران مع العراق في ثمانينيات القرن الماضي، وأكثر نجاحًا من أي حرب قد تخوضها إيران بنفسها لفرض نفوذها؛ فقد نجحت سياسة الأذرع والوكلاء إلى حدٍّ ما في تفتيت العديد من دول المنطقة، التي كانت معادية لإيران في السابق؛ أبرزها: العراق.

ميلشيات حزب الله في لبنان: الذراع الإيراني الأبرز في المنطقة:

من لبنان بدأ المشروع الإيراني التوسعي في المنطقة، فتحول بلد التنوع الديني والثقافي إلى أحد أهم ساحات ميلشيا إيران الشيعية منذ بداية الثمانينيات، مع تفجير السفارة الأمريكية في بيروت بعد الغزو الإسرائيلي عام 1982م، فكان حزب الله في لبنان أداة إيران الرئيسة لاحتلال الدولة اللبنانية تحت غطاء مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.

ما أمَّن لإيران الوصول إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط من جهة لبنان، والانتشار أفقيًّا في منطقة ما زالت بنظر إيران “الهلال الشيعي”، الذي تسعى إليه، ولضمان إقامة حزب الله في لبنان دولة داخل دولة، كان لا بد من العدة والعتاد.

يضم حزب الله في لبنان ما بين 30 إلى 40 ألف مقاتل، يتم تمويلهم وتسليحهم من إيران. ويتحكم الحزب في مفاصل الحياة في منطقة الضاحية الجنوبية وباقي مناطق الجنوب اللبناني؛ حيث أصبحت هذه المناطق خارج سيطرة السلطة الرسمية في بيروت. (مركز حرمون للدراسات المعاصرة).

بل والأكثر من ذلك: أن بوسع ميلشيات حزب الله في لبنان السيطرة على بيروت العاصمة اللبنانية في أي وقت يشاءون، وهذا ما سبق أن أثبته حزب الله في أحداث السابع من مايو 2008م، حيث جرت الأحداث إثر صدور قرارين من مجلس الوزراء اللبناني بمصادرة شبكة الاتصالات التابعة لسلاح الإشارة الخاص بحزب الله، وإقالة قائد جهاز أمن مطار بيروت الدولي العميد “وفيق شقير”؛ الأمر الذي اعتبره الحزب تجاوزًا للبيان الوزاري الذي يدعم ما يسمى بالمقاومة.

ولما كانت الحكومة اللبنانية تعتبر في نظر حزب الله حينها “غير شرعية” بسبب تجاوزها لميثاق العيش المشترك -كما يقول الحزب-، استعمل الحزب القوة لردع الحكومة؛ إلا أن الأحداث توقفت بعد سحب الحكومة للقرارين محل النزاع، ما يعكس تجرد الحكومة اللبنانية من سلطتها على أرض الواقع وتحول الدولة اللبنانية إلى أداة بيد حزب الله وكيل إيران في لبنان.

الميلشيات الإيرانية في الخليج والعراق:

وليس هذا فقط، بل بات حزب الله في لبنان الوكيل العسكري الأبرز لطهران في منطقة الشرق الأوسط، فظهرت فيمَا بعد فروع للحزب كما هو حال حزب الله الحجاز، الذي تأسس في السعودية وامتد نشاطه بين عامي: 1987م – 1996م، وكانت من أبرز عملياته تفجير مبنى البعثة الأمريكية في الخبر عام 1996م، ما أسفر عن مقتل 120 شخصًا بينهم 19 أمريكيًّا.

وفي العراق: ظهر فرع آخر لحزب الله بعد سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين في العراق عام 2003م، بالتزامن مع تشكيل ميلشيات إيرانية عدة، بينها كتائب لواء أبي الفضل العباس، وكتائب كربلاء، وكتائب السجاد، وكتائب زيد بن علي. (الجزيرة).

لكنها عادت لتتوحد جميعها تحت لواء حزب الله العراقي في عام 2006م، فيمَا بقيت ميلشيات إيرانية أخرى خارج التنظيم المركزي لحزب الله، مثل: عصائب أهل الحق، التي تأسست عام 2006م بدعم إيراني مباشر بعد أن انشقت عن ميلشيات جيش المهدي التابعة للزعيم الديني العراقي “مقتدى الصدر”.

إضافة إلى منظمة بدر، وقوات الشهيد الصدر، اللتين تضمان آلاف المقاتلين، لكن جميع هذه الميلشيات يتم تمثيلها بشكل أو بآخر ضمن الحشد الشعبي الذي تشكل عام 2014م لمحاربة تنظيم داعش، ليضم الميلشيات الشيعية الإيرانية الأكثر قوة في العراق، ففي حين يضم التشكيل الرسمي للحشد الشعبي نحو 90 ألف مقاتل، يقدر عدد المتطوعين بنحو 3 ملايين شاب جاهزين للانضمام حال دعتهم إيران. (الجزيرة).

يعكس تأسيس الحشد الشعبي وتحويله إلى مؤسسة رسمية في العراق تأثير إيران الكبير في السياسة العراقية، عبر الأحزاب والتيارات السياسية الشيعية في البرلمان العراقي ودوائر صنع القرار الرسمي، وتجاهل المخاوف العراقية الداخلية والدولية والإقليمية.

إذ وبالرغم من كون الحشد الشعبي مؤسسة رسمية؛ إلا أنه اتهم بارتكاب العديد من الانتهاكات والجرائم بحق المدنيين في العديد من المناطق العراقية المحررة من داعش، كما ينتسب للحشد الشعبي جماعات مصنفة من قبل عدة دول كمنظمات إرهابية؛ مثل: ميليشيات حزب الله العراق، المصنفة من قبل الإمارات العربية المتحدة واليابان كمنظمة إرهابية، وعصائب أهل الحق وغيرها، المصنفة كجماعات إرهابية من قبل الولايات المتحدة.

الأذرع الإيرانية الأخرى في دول المنطقة:

وفي سوريا تمتلك إيران أكثر من 50 ميليشيا مسلحة، إلى جانب الذراع الرئيس حزب الله اللبناني، تحت مسميات لا تخفي البُعد المذهبي والطائفي، وبعضها نشط في العراق؛ مثل: لواء أبي الفضل العباس، وكتائب الإمام علي، وكتائب حزب الله النجباء؛ إضافة إلى: كتائب سيد الشهداء، وحركة الأبدال، وقوات الرضا، ولواء الباقر.

وفي اليمن تتمثل ميليشيات إيران في قوات الحوثيين؛ التي تأسست تحت اسم جماعة أنصار الله عام 1992م، وبدأت نشاطًا عسكريًّا مسلحًا منذ عام 2004م، بالدخول في 6 حروب ضد الجيش اليمني حتى عام 2010م، وقد وصل عدد ميليشيات الحوثي حاليًّا إلى أكثر من 30 ألف مقاتل. (فرنسا 24).

بينما تتمثل ميليشيات إيران في البحرين بسرايا المختار، التي تأسست عام 2011م، واعتمدت أسلوب حرب العصابات والتفجيرات ضد الأهداف المدنية وقوات الأمن؛ إضافة إلى سرايا الأشتر، التي تأسست عام 2012م، وتلقى دعمًا ماليًّا مباشرًا من إيران، والجماعات الشيعية العراقية المرتبطة بالحرس الثوري.

ورغم أن إيران أسست لواء زينبيون عام 2012م، من الشيعة الباكستانيين لتعزيز نفوذها في سوريا، ووصل عدد مقاتليه إلى أكثر من 8 آلاف مقاتل؛ إلا أن الميليشيا تحولت إلى قنبلة موقوتة في باكستان مع عودة مقاتليها إلى بلدهم؛ وهو الأمر ذاته المنطبق على لواء فاطميون، الميليشيا الأفغانية الشيعية، التي أسسها “علي رضا توسولي” في عام 2014م لقتال المعارضة السورية، ويتم تدريبها وتمويلها من قبل الحرس الثوري الإيراني، وعدد مقاتليها نحو 10 آلاف مقاتل.

مصادر تمويل الميليشيات والأذرع الإيرانية:

بسخاء تنفق إيران على ميليشياتها في الخارج، في وقت يعاني فيه الإيرانيون الفقر والبطالة وأزمات أخرى متعددة في قطاعات الصحة والتعليم والطاقة، وغيرها؛ إذ تشير مراكز الدراسات العالمية إلى أن إيران أنفقت على مشاركتها في الحرب في سوريا نحو 100 مليار دولار على مدى سنوات الحرب. (إيران وير).

كما تشير الإحصاءات إلى أن إيران تنفق على حزب الله في لبنان ما بين 700 إلى 830 مليون دولار سنويًّا، وعلى الجماعات والخلايا والتشكيلات المختلفة في سوريا نحو 100 مليون دولار كل عام، وعلى أذرعها في العراق 150 مليون دولار سنويًّا. (إيران وير).

كما أنفق النظام الإيراني على حركة الحوثيين في اليمن ما يقرب من مليار دولار، فيما تدفع 2000 دولار شهريًّا لكل مقاتل غير يمني يقاتل مع الحوثيين؛ إلا أن الانهيار الاقتصادي الذي عصف بإيران جراء تشديد العقوبات الدولية عليها، وسياسات الضغوط القصوى، حذا بها إلى تقليص الإنفاق على ميليشياتها، خاصة العراقية منها.

مع لجوء بعض الميليشيات والأذرع إلى الاستثمار في مشاريع ربحية غير قانونية لتمويل نفسها، ولربما إنعاش خزينة طهران؛ حيث تسيطر ميليشيات حزب الله سواء في العراق أو لبنان على عدة موارد، أهمها تجارة المخدرات؛ إضافة إلى السيطرة على المنافذ الحدودية، والإشراف على أعمال التهريب عبر الحدود.

بينما اتجهت عصائب أهل الحق في العراق إلى فرض إتاوات على التجار والاختطاف على أسس عرقية وطائفية ومذهبية، وطلب فديات مالية، قبل أن تبدأ مع دحر داعش بتهريب نفط مصفى القيارة في محافظة نينوى العراقية؛ أما سرايا الخرساني المشكلة من نحو 7 آلاف مقاتل، فتعتمد في تمويلها على عمليات الاختطاف والمساومة والمقاولة. (الشرق الأوسط).

إضافة إلى التعاون مع ميليشيات كتائب الإمام علي؛ التي تعتمد على الإتاوات من شركات الاتصالات والإنترنت العراقية، كما تتطلع معظم ميليشيات الحشد الشعبي إلى تهريب العملة الصعبة إلى إيران؛ إضافة إلى تهريب النفط العراقي وبيع النفط الإيراني على أنه عراقي للالتفاف على العقوبات المفروضة على إيران؛ كما يعد حاجز الصفرة ضمن قضاء الخالص في محافظة ديالى العراقية أحد أهم مصادر التمويل للميليشيات؛ إذ يدر أموالًا تصل إلى مليون دولار يوميًّا، إلا أن جميع مصادر التمويل تلك تبقى غير كافية لتغطية العمليات العسكرية والاستخباراتية التي تنفذها أذرع إيران في الخارج، في وقت يزداد العجز في موازنة إيران السنوية جراء العقوبات والعزلة الدولية.

لذلك لجأت بعض هذه الميليشيات إلى عمليات السطو والنهب، كما حدث في العراق؛ حيث اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش في تحقيق لها الحشد بشن حملة لتهجير السكان من المناطق السنية والمختلطة، والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، وارتكاب أعمال عنف قد يرتقي بعضها إلى جرائم حرب في تكريت والفلوجة والأنبار وبروانة وغيرها. (العربية).

العقوبات الدولية على إيران وأذرعها:

تفرض العديد من الدول بين حين وآخر حزمًا مختلفة من العقوبات الاقتصادية على إيران وأذرعها وداعميهم؛ ففي مارس من عام 2024م، فرضت الولايات المتحدة عقوبات تتعلق بمكافحة الإرهاب على من وصفتهم بوسطاء ماليين وتجاريين للحوثيين في اليمن، وفيلق القدس الإيراني، وحزب الله اللبناني.

وقالت وزارة الخزانة الأميركية في بيان: إن العقوبات تستهدف 6 كيانات وأفرادًا وناقلتين متمركزتين أو مسجلتين في ليبيريا والهند وفيتنام ولبنان والكويت، مشيرة إلى أنهم شاركوا في تسهيل شحنات السلع والمعاملات المالية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية “ماثيو ميلر”، في بيان: “سنواصل استخدام الأدوات المتاحة لدينا لاستهداف أولئك الذين يشحنون البضائع غير المشروعة لصالح الجماعات الإرهابية”. وأضافت وزارة الخزانة: أنها فرضت أيضًا عقوبات على 11 فردًا وكيانًا يدعمون نظام الرئيس السوري بشار الأسد من خلال “تسهيل التحويلات المالية غير المشروعة والاتجار بالمخدرات”، بحسب ما جاء في البيان.

وتمارس الولايات المتحدة وإسرائيل سياسة المصالح في المنطقة، وتتوسع الميليشيات والأذرع والجماعات المسلحة الإيرانية في المنطقة تحت أعين الولايات المتحدة، وتمارس نشاطاتها المختلفة من هجمات هنا وهناك، وانتهاكات بحق الأقليات والطوائف المختلفة، بموافقة أمريكية وإسرائيلية.

وفي الوقت نفسه تشن الولايات المتحدة وإسرائيل غارات وضربات عسكرية مختلفة بين حين وآخر، لتصوير الخطر الإيراني للرأي العام الداخلي من جهة، وإدارة صراعات المنطقة وتعزيز التحالفات من جهة أخرى.

مستقبل المنطقة في ظل السياسات الإيرانية الحالية:

تتجه المنطقة نحو مستقبل مجهول في ظل سياسة لم يسبق أن شهدها العالم الإسلامي، تقوم على تحريض وتأجيج الطائفية والمذهبية، والتكفير ورفض الآخرين، وتأسيس عصابات وجماعات وميليشيات إرهابية مسلحة موالية للمرجعية الإيرانية، لاستهداف المصالح القومية العربية والإسلامية، وإشعال حروب أهلية عدة، من لبنان إلى سوريا ثم العراق واليمن. وطالت نيرانها أيضًا باكستان وأفغانستان؛ إذ يعد نشر الفتن الطائفية جزءًا أساسيًّا من سياسة إيران، الدولة المحاذية لحدود عالمنا العربي، التي قسمت 4 دول عربية طولًا وعرضًا، محققة أهداف الكيان المحتل التي سعى لتحقيقها منذ إنشائه؛ حيث ضعفت العديد من الدول العربية الفتية، التي ظلت على مدار القرن الماضي بهويتها الوطنية الواحدة، حائط السد المنيع بوجه الكيان الإسرائيلي المحتل، مما أدى في النهاية إلى التدخل الأمريكي في المنطقة بأساطيلها وقواعدها العسكرية المختلفة، لتتحكم بالأوراق، وترسم السياسات، وتفرض الإملاءات.

لذلك، وفي ظل السياسات الإيرانية الإرهابية في المنطقة من جهة، والنفوذ الأمريكي والتدخلات الإسرائيلية من جهة أخرى، ستعاني المنطقة العربية والإسلامية على المدى الطويل، ما لم يتم وضع حدٍّ للتدخلات الخارجية في الشأن العربي والإسلامي.

الخلاصة:

– دخلت منطقة الشرق الأوسط، والعالمين: العربي والإسلامي، مرحلة هي الأخطر في تاريخها الحديث؛ فمع تأسيس نظام الملالي في إيران عقب انتصار ثورة الخميني عام 1979م، انتهجت الدولة الإيرانية سياسة زرع الفتن والشقاقات والصراعات المختلفة في العالم الإسلامي على أسس طائفية ومذهبية شيعية. وباتت الميليشيات الإيرانية كالداء في العالم الإسلامي، تسقط الدول واحدة تلو الأخرى، وتضعف الأمة الإسلامية وتفكك نسيجها.

– يهدف النظام الإيراني من وراء سياسة زرع الفتن الطائفية في العالم الإسلامي إلى إنشاء حركات مسلحة تعمل كجيوش في المنطقة، تحارب وتقاتل لتحقيق مصالح وأهداف إيران في إخضاع دول الجوار والسيطرة عليها، وتحويلها إلى دول شكلية مجردة من سلطتها، كما حدث مع لبنان، الذي بات رهينة في يد ميليشيات حزب الله الإرهابية؛ واليمن الذي يعاني الأمرين من جراء تدخلات إيران في الشأن اليمني، وتسليح ودعم جماعة الحوثيين الإرهابية؛ حتى انتشر الفقر والمجاعات والأزمات الصحية والتعليمية في الدولة اليمنية؛ إضافة إلى سوريا والعراق، التي استثمرت فيهما إيران مئات ملايين الدولارات في الإنفاق على الميليشيات والأذرع والوكلاء، لتأجيج الطائفية وإشعال حروب شاملة على أسس مذهبية وعرقية مختلفة، وامتدت السياسة الإيرانية وتأثيراتها السلبية إلى أفغانستان وباكستان مع عودة مقاتلين من سوريا والعراق إلى بلدانهم.

– تنفق إيران ملايين الدولارات سنويًّا على أذرعها ووكلائها لتعزيز نفوذها وقوتها في المنطقة، في وقت يعاني فيه الداخل الإيراني من أزمات اقتصادية متعددة؛ إذ يرى الساسة الإيرانيون: أن سياسة الأذرع والوكلاء أكثر نجاحًا من أي حرب قد تخوضها إيران بنفسها، فسياسة الوكلاء قد نجحت في فرض الرؤية الإيرانية إلى حدٍّ ما على دول الجوار، وزعزعة استقرار المنطقة، كجزء من سياسة تصدير ثورة الخميني إلى دول الجوار.

المصادر:

بي بي سي عربي

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

مركز حرمون للدراسات المعاصرة

فرنسا 24

إيران وير

الشرق الأوسط

العربية

الجزيرة

الميلشيات الإيرانية في المنطقة.. المهام الموكَّلة ومصادر التمويل

منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979م، دخلت منطقة الشرق الأوسط، والعالمين: العربي والإسلامي، مرحلة جديدة غير مسبوقة، لم يشهدها العالم الإسلامي في تاريخه الحديث والمعاصر؛ فقد انتهجت السلطة الإيرانية الجديدة سياسة زرع الفتن والشقاقات والصراعات بين نسيج الأمة الإسلامية الواحدة، وذلك عن طريق استغلال التعددية المذهبية في العالم الإسلامي والعربي لتحقيق أهداف طائفية.

فقد تورطت الاستخبارات الإيرانية في مخططات مشبوهة لتوسيع نفوذها وتنفيذ أجندتها لتهديد استقرار دول الجوار. وعملت على تأسيس أذرع وكيانات وأحزاب سياسية، وميلشيات وتنظيمات وجماعات إرهابية خارجة عن القانون؛ لتوسيع النفوذ الإيراني في المنطقة، وإخضاع العديد من الدول العربية، وتجريدها من سلطتها الواقعية، وتحويلها إلى دول شكلية أسيرة للقرارات والسياسات الإيرانية، تعاني من أزمات وفقر وصراعات داخلية.

وتشكل الجماعات المدعومة من إيران في منطقة الشرق الأوسط ما يسمى: “محور المقاومة”، وهو تحالف من الميلشيات المسلحة التي تضم العديد من الأحزاب السياسية والتنظيمات الإرهابية الخارجة عن نطاق القانون؛ مثل: حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، وجماعات مسلحة عدة في العراق وسوريا؛ هذا التحالف من التنظيمات الإرهابية بمثابة خط دفاع أمامي عن إيران.

فما الأذرع الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط؟ وما مصادر تمويلها؟ وكيف تتم إدارة مواردها المالية؟ وما طبيعة الأهداف الموكلة من إيران إلى أذرعها في منطقة الشرق الأوسط؟ وفي ظل السياسة الإيرانية الطائفية في العالم الإسلامي، إلى أين يتجه مستقبل المنطقة؟

يسلط مركز “رواق” للأبحاث والرؤى والدراسات في هذا التقرير، عبر دراساته وتحليلاته المختلفة، الضوء على الأذرع الإيرانية في العالم العربي والإسلامي، ومصادر تمويلها، وإدارة مواردها المالية، وطبيعة المهام الموكلة إليها، في السطور التالية:

الأذرع الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط:

لطالما لوَّح المسؤولون الإيرانيون بين الحين والآخر بقدرة الحرس الثوري الإيراني، وما يسمى بمحور المقاومة على توسيع نطاق أي صراع ضد إيران إلى كامل منطقة الشرق الأوسط، وزعزعة استقرار العالم اقتصاديًّا وعسكريًّا؛ إذ يرتكز الساسة الإيرانيون ومسؤولو الحرس الثوري على حقائق على الأرض عن قدرات أذرع ووكلاء إيران في المنطقة، وهذه الحقائق باتت تجبر العالم؛ الذي ركز على مدار عقود ماضية على البرنامج النووي الإيراني، على تحويل ناظريه إلى قوة أخرى لا تقل تدميرًا عن مشروع البرنامج النووي الإيراني، وهي الميلشيات الموالية لها خارج حدودها، التي تخوض معارك واشتباكات مسلحة بين حين وآخر نيابة عن إيران.

فباتت الولايات المتحدة تستهدفها بين حين وآخر، كما حدث باستهداف كتائب حزب الله في العراق الموالية لإيران، وسيد الشهداء، وجماعات مسلحة أخرى في سوريا، بالقنابل والصواريخ الأمريكية أوائل فبراير 2024م، ردًّا على استهداف القوات الأمريكية في قاعدة “البرج 22” على المثلث الحدودي العراقي السوري الأردني؛ إضافة إلى قصف الولايات المتحدة مسؤولي الحشد الشعبي والحرس الثوري في العراق؛ أبرزها: يوم مقتل “قاسم سليماني”، قائد فيلق القدس، أوائل عام 2020م.

بينما لا يتوقف الكيان المحتل عن إعلان ضرب ميلشيات إيران في سوريا بشكل شبه يومي، فيمَا عانت المملكة العربية السعودية من ميلشيات الحوثيين في اليمن على حدودها الجنوبية، وتصدت لصواريخهم على مدار أعوام عدة التي يحاولون من خلالها زعزعة استقرار المملكة.

وتأتي الضربات الأمريكية والإسرائيلية على ميلشيات وأذرع إيران بين حين وآخر لتظهر للعامة، وتحديدًا الداخل الأمريكي، وجود صراع بين إيران وأذرعها من جهة، وبين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى. في حين أن الوقائع على الأرض تظهر رغبة الولايات المتحدة والكيان المحتل في إظهار سطوتهما على منطقة الشرق الأوسط، وترتيب أوراق المنطقة، وإدارة الصراعات.

إيران وسياسة الأذرع والوكلاء في العالم العربي:

ورغم أن مساعي تصدير الثورة الإيرانية إلى البلاد المجاورة لم تتوقف في إيران منذ سيطرة الملالي على نظام الحكم في عام 1979م؛ إلا أن نجاح هذه المساعي في تحقيق جزء من أحلام وأهداف الخميني، ومن بعده خامنئي، بات يتمثل اليوم بأنصار وأنظمة وأحزاب وميلشيات مؤيدة وتابعة تفعل ما تؤمر به من طهران.

ويعتمد هذا النجاح على عاملين: الأول: مذهبي ديني شيعي. والآخر: اقتصادي، عبر استغلال الحاجة والفقر والأزمات الاقتصادية التي تعاني منها بعض دول المنطقة، وانتشار البطالة بين العديد من الشباب في مناطق الصراعات مثل سوريا والعراق.

وتمتلك إيران ذراعًا رئيسيًّا تحت اسم: فيلق القدس التابع للحرس الثوري، وهو المسؤول عن إنشاء وتمويل الميلشيات والأذرع الخارجية لإيران؛ حيث ترصد إيران لميلشياتها المختلفة وأذرعها المتعددة في طول المنطقة مليارات الدولارات سنويًّا. (المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات).

لكن هذه الأذرع والميلشيات المتعددة تظل -بحسب مسؤولين إيرانيين- أقل تكلفة من حرب إيران مع العراق في ثمانينيات القرن الماضي، وأكثر نجاحًا من أي حرب قد تخوضها إيران بنفسها لفرض نفوذها؛ فقد نجحت سياسة الأذرع والوكلاء إلى حدٍّ ما في تفتيت العديد من دول المنطقة، التي كانت معادية لإيران في السابق؛ أبرزها: العراق.

ميلشيات حزب الله في لبنان: الذراع الإيراني الأبرز في المنطقة:

من لبنان بدأ المشروع الإيراني التوسعي في المنطقة، فتحول بلد التنوع الديني والثقافي إلى أحد أهم ساحات ميلشيا إيران الشيعية منذ بداية الثمانينيات، مع تفجير السفارة الأمريكية في بيروت بعد الغزو الإسرائيلي عام 1982م، فكان حزب الله في لبنان أداة إيران الرئيسة لاحتلال الدولة اللبنانية تحت غطاء مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.

ما أمَّن لإيران الوصول إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط من جهة لبنان، والانتشار أفقيًّا في منطقة ما زالت بنظر إيران “الهلال الشيعي”، الذي تسعى إليه، ولضمان إقامة حزب الله في لبنان دولة داخل دولة، كان لا بد من العدة والعتاد.

يضم حزب الله في لبنان ما بين 30 إلى 40 ألف مقاتل، يتم تمويلهم وتسليحهم من إيران. ويتحكم الحزب في مفاصل الحياة في منطقة الضاحية الجنوبية وباقي مناطق الجنوب اللبناني؛ حيث أصبحت هذه المناطق خارج سيطرة السلطة الرسمية في بيروت. (مركز حرمون للدراسات المعاصرة).

بل والأكثر من ذلك: أن بوسع ميلشيات حزب الله في لبنان السيطرة على بيروت العاصمة اللبنانية في أي وقت يشاءون، وهذا ما سبق أن أثبته حزب الله في أحداث السابع من مايو 2008م، حيث جرت الأحداث إثر صدور قرارين من مجلس الوزراء اللبناني بمصادرة شبكة الاتصالات التابعة لسلاح الإشارة الخاص بحزب الله، وإقالة قائد جهاز أمن مطار بيروت الدولي العميد “وفيق شقير”؛ الأمر الذي اعتبره الحزب تجاوزًا للبيان الوزاري الذي يدعم ما يسمى بالمقاومة.

ولما كانت الحكومة اللبنانية تعتبر في نظر حزب الله حينها “غير شرعية” بسبب تجاوزها لميثاق العيش المشترك -كما يقول الحزب-، استعمل الحزب القوة لردع الحكومة؛ إلا أن الأحداث توقفت بعد سحب الحكومة للقرارين محل النزاع، ما يعكس تجرد الحكومة اللبنانية من سلطتها على أرض الواقع وتحول الدولة اللبنانية إلى أداة بيد حزب الله وكيل إيران في لبنان.

الميلشيات الإيرانية في الخليج والعراق:

وليس هذا فقط، بل بات حزب الله في لبنان الوكيل العسكري الأبرز لطهران في منطقة الشرق الأوسط، فظهرت فيمَا بعد فروع للحزب كما هو حال حزب الله الحجاز، الذي تأسس في السعودية وامتد نشاطه بين عامي: 1987م – 1996م، وكانت من أبرز عملياته تفجير مبنى البعثة الأمريكية في الخبر عام 1996م، ما أسفر عن مقتل 120 شخصًا بينهم 19 أمريكيًّا.

وفي العراق: ظهر فرع آخر لحزب الله بعد سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين في العراق عام 2003م، بالتزامن مع تشكيل ميلشيات إيرانية عدة، بينها كتائب لواء أبي الفضل العباس، وكتائب كربلاء، وكتائب السجاد، وكتائب زيد بن علي. (الجزيرة).

لكنها عادت لتتوحد جميعها تحت لواء حزب الله العراقي في عام 2006م، فيمَا بقيت ميلشيات إيرانية أخرى خارج التنظيم المركزي لحزب الله، مثل: عصائب أهل الحق، التي تأسست عام 2006م بدعم إيراني مباشر بعد أن انشقت عن ميلشيات جيش المهدي التابعة للزعيم الديني العراقي “مقتدى الصدر”.

إضافة إلى منظمة بدر، وقوات الشهيد الصدر، اللتين تضمان آلاف المقاتلين، لكن جميع هذه الميلشيات يتم تمثيلها بشكل أو بآخر ضمن الحشد الشعبي الذي تشكل عام 2014م لمحاربة تنظيم داعش، ليضم الميلشيات الشيعية الإيرانية الأكثر قوة في العراق، ففي حين يضم التشكيل الرسمي للحشد الشعبي نحو 90 ألف مقاتل، يقدر عدد المتطوعين بنحو 3 ملايين شاب جاهزين للانضمام حال دعتهم إيران. (الجزيرة).

يعكس تأسيس الحشد الشعبي وتحويله إلى مؤسسة رسمية في العراق تأثير إيران الكبير في السياسة العراقية، عبر الأحزاب والتيارات السياسية الشيعية في البرلمان العراقي ودوائر صنع القرار الرسمي، وتجاهل المخاوف العراقية الداخلية والدولية والإقليمية.

إذ وبالرغم من كون الحشد الشعبي مؤسسة رسمية؛ إلا أنه اتهم بارتكاب العديد من الانتهاكات والجرائم بحق المدنيين في العديد من المناطق العراقية المحررة من داعش، كما ينتسب للحشد الشعبي جماعات مصنفة من قبل عدة دول كمنظمات إرهابية؛ مثل: ميليشيات حزب الله العراق، المصنفة من قبل الإمارات العربية المتحدة واليابان كمنظمة إرهابية، وعصائب أهل الحق وغيرها، المصنفة كجماعات إرهابية من قبل الولايات المتحدة.

الأذرع الإيرانية الأخرى في دول المنطقة:

وفي سوريا تمتلك إيران أكثر من 50 ميليشيا مسلحة، إلى جانب الذراع الرئيس حزب الله اللبناني، تحت مسميات لا تخفي البُعد المذهبي والطائفي، وبعضها نشط في العراق؛ مثل: لواء أبي الفضل العباس، وكتائب الإمام علي، وكتائب حزب الله النجباء؛ إضافة إلى: كتائب سيد الشهداء، وحركة الأبدال، وقوات الرضا، ولواء الباقر.

وفي اليمن تتمثل ميليشيات إيران في قوات الحوثيين؛ التي تأسست تحت اسم جماعة أنصار الله عام 1992م، وبدأت نشاطًا عسكريًّا مسلحًا منذ عام 2004م، بالدخول في 6 حروب ضد الجيش اليمني حتى عام 2010م، وقد وصل عدد ميليشيات الحوثي حاليًّا إلى أكثر من 30 ألف مقاتل. (فرنسا 24).

بينما تتمثل ميليشيات إيران في البحرين بسرايا المختار، التي تأسست عام 2011م، واعتمدت أسلوب حرب العصابات والتفجيرات ضد الأهداف المدنية وقوات الأمن؛ إضافة إلى سرايا الأشتر، التي تأسست عام 2012م، وتلقى دعمًا ماليًّا مباشرًا من إيران، والجماعات الشيعية العراقية المرتبطة بالحرس الثوري.

ورغم أن إيران أسست لواء زينبيون عام 2012م، من الشيعة الباكستانيين لتعزيز نفوذها في سوريا، ووصل عدد مقاتليه إلى أكثر من 8 آلاف مقاتل؛ إلا أن الميليشيا تحولت إلى قنبلة موقوتة في باكستان مع عودة مقاتليها إلى بلدهم؛ وهو الأمر ذاته المنطبق على لواء فاطميون، الميليشيا الأفغانية الشيعية، التي أسسها “علي رضا توسولي” في عام 2014م لقتال المعارضة السورية، ويتم تدريبها وتمويلها من قبل الحرس الثوري الإيراني، وعدد مقاتليها نحو 10 آلاف مقاتل.

مصادر تمويل الميليشيات والأذرع الإيرانية:

بسخاء تنفق إيران على ميليشياتها في الخارج، في وقت يعاني فيه الإيرانيون الفقر والبطالة وأزمات أخرى متعددة في قطاعات الصحة والتعليم والطاقة، وغيرها؛ إذ تشير مراكز الدراسات العالمية إلى أن إيران أنفقت على مشاركتها في الحرب في سوريا نحو 100 مليار دولار على مدى سنوات الحرب. (إيران وير).

كما تشير الإحصاءات إلى أن إيران تنفق على حزب الله في لبنان ما بين 700 إلى 830 مليون دولار سنويًّا، وعلى الجماعات والخلايا والتشكيلات المختلفة في سوريا نحو 100 مليون دولار كل عام، وعلى أذرعها في العراق 150 مليون دولار سنويًّا. (إيران وير).

كما أنفق النظام الإيراني على حركة الحوثيين في اليمن ما يقرب من مليار دولار، فيما تدفع 2000 دولار شهريًّا لكل مقاتل غير يمني يقاتل مع الحوثيين؛ إلا أن الانهيار الاقتصادي الذي عصف بإيران جراء تشديد العقوبات الدولية عليها، وسياسات الضغوط القصوى، حذا بها إلى تقليص الإنفاق على ميليشياتها، خاصة العراقية منها.

مع لجوء بعض الميليشيات والأذرع إلى الاستثمار في مشاريع ربحية غير قانونية لتمويل نفسها، ولربما إنعاش خزينة طهران؛ حيث تسيطر ميليشيات حزب الله سواء في العراق أو لبنان على عدة موارد، أهمها تجارة المخدرات؛ إضافة إلى السيطرة على المنافذ الحدودية، والإشراف على أعمال التهريب عبر الحدود.

بينما اتجهت عصائب أهل الحق في العراق إلى فرض إتاوات على التجار والاختطاف على أسس عرقية وطائفية ومذهبية، وطلب فديات مالية، قبل أن تبدأ مع دحر داعش بتهريب نفط مصفى القيارة في محافظة نينوى العراقية؛ أما سرايا الخرساني المشكلة من نحو 7 آلاف مقاتل، فتعتمد في تمويلها على عمليات الاختطاف والمساومة والمقاولة. (الشرق الأوسط).

إضافة إلى التعاون مع ميليشيات كتائب الإمام علي؛ التي تعتمد على الإتاوات من شركات الاتصالات والإنترنت العراقية، كما تتطلع معظم ميليشيات الحشد الشعبي إلى تهريب العملة الصعبة إلى إيران؛ إضافة إلى تهريب النفط العراقي وبيع النفط الإيراني على أنه عراقي للالتفاف على العقوبات المفروضة على إيران؛ كما يعد حاجز الصفرة ضمن قضاء الخالص في محافظة ديالى العراقية أحد أهم مصادر التمويل للميليشيات؛ إذ يدر أموالًا تصل إلى مليون دولار يوميًّا، إلا أن جميع مصادر التمويل تلك تبقى غير كافية لتغطية العمليات العسكرية والاستخباراتية التي تنفذها أذرع إيران في الخارج، في وقت يزداد العجز في موازنة إيران السنوية جراء العقوبات والعزلة الدولية.

لذلك لجأت بعض هذه الميليشيات إلى عمليات السطو والنهب، كما حدث في العراق؛ حيث اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش في تحقيق لها الحشد بشن حملة لتهجير السكان من المناطق السنية والمختلطة، والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، وارتكاب أعمال عنف قد يرتقي بعضها إلى جرائم حرب في تكريت والفلوجة والأنبار وبروانة وغيرها. (العربية).

العقوبات الدولية على إيران وأذرعها:

تفرض العديد من الدول بين حين وآخر حزمًا مختلفة من العقوبات الاقتصادية على إيران وأذرعها وداعميهم؛ ففي مارس من عام 2024م، فرضت الولايات المتحدة عقوبات تتعلق بمكافحة الإرهاب على من وصفتهم بوسطاء ماليين وتجاريين للحوثيين في اليمن، وفيلق القدس الإيراني، وحزب الله اللبناني.

وقالت وزارة الخزانة الأميركية في بيان: إن العقوبات تستهدف 6 كيانات وأفرادًا وناقلتين متمركزتين أو مسجلتين في ليبيريا والهند وفيتنام ولبنان والكويت، مشيرة إلى أنهم شاركوا في تسهيل شحنات السلع والمعاملات المالية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية “ماثيو ميلر”، في بيان: “سنواصل استخدام الأدوات المتاحة لدينا لاستهداف أولئك الذين يشحنون البضائع غير المشروعة لصالح الجماعات الإرهابية”. وأضافت وزارة الخزانة: أنها فرضت أيضًا عقوبات على 11 فردًا وكيانًا يدعمون نظام الرئيس السوري بشار الأسد من خلال “تسهيل التحويلات المالية غير المشروعة والاتجار بالمخدرات”، بحسب ما جاء في البيان.

وتمارس الولايات المتحدة وإسرائيل سياسة المصالح في المنطقة، وتتوسع الميليشيات والأذرع والجماعات المسلحة الإيرانية في المنطقة تحت أعين الولايات المتحدة، وتمارس نشاطاتها المختلفة من هجمات هنا وهناك، وانتهاكات بحق الأقليات والطوائف المختلفة، بموافقة أمريكية وإسرائيلية.

وفي الوقت نفسه تشن الولايات المتحدة وإسرائيل غارات وضربات عسكرية مختلفة بين حين وآخر، لتصوير الخطر الإيراني للرأي العام الداخلي من جهة، وإدارة صراعات المنطقة وتعزيز التحالفات من جهة أخرى.

مستقبل المنطقة في ظل السياسات الإيرانية الحالية:

تتجه المنطقة نحو مستقبل مجهول في ظل سياسة لم يسبق أن شهدها العالم الإسلامي، تقوم على تحريض وتأجيج الطائفية والمذهبية، والتكفير ورفض الآخرين، وتأسيس عصابات وجماعات وميليشيات إرهابية مسلحة موالية للمرجعية الإيرانية، لاستهداف المصالح القومية العربية والإسلامية، وإشعال حروب أهلية عدة، من لبنان إلى سوريا ثم العراق واليمن. وطالت نيرانها أيضًا باكستان وأفغانستان؛ إذ يعد نشر الفتن الطائفية جزءًا أساسيًّا من سياسة إيران، الدولة المحاذية لحدود عالمنا العربي، التي قسمت 4 دول عربية طولًا وعرضًا، محققة أهداف الكيان المحتل التي سعى لتحقيقها منذ إنشائه؛ حيث ضعفت العديد من الدول العربية الفتية، التي ظلت على مدار القرن الماضي بهويتها الوطنية الواحدة، حائط السد المنيع بوجه الكيان الإسرائيلي المحتل، مما أدى في النهاية إلى التدخل الأمريكي في المنطقة بأساطيلها وقواعدها العسكرية المختلفة، لتتحكم بالأوراق، وترسم السياسات، وتفرض الإملاءات.

لذلك، وفي ظل السياسات الإيرانية الإرهابية في المنطقة من جهة، والنفوذ الأمريكي والتدخلات الإسرائيلية من جهة أخرى، ستعاني المنطقة العربية والإسلامية على المدى الطويل، ما لم يتم وضع حدٍّ للتدخلات الخارجية في الشأن العربي والإسلامي.

الخلاصة:

– دخلت منطقة الشرق الأوسط، والعالمين: العربي والإسلامي، مرحلة هي الأخطر في تاريخها الحديث؛ فمع تأسيس نظام الملالي في إيران عقب انتصار ثورة الخميني عام 1979م، انتهجت الدولة الإيرانية سياسة زرع الفتن والشقاقات والصراعات المختلفة في العالم الإسلامي على أسس طائفية ومذهبية شيعية. وباتت الميليشيات الإيرانية كالداء في العالم الإسلامي، تسقط الدول واحدة تلو الأخرى، وتضعف الأمة الإسلامية وتفكك نسيجها.

– يهدف النظام الإيراني من وراء سياسة زرع الفتن الطائفية في العالم الإسلامي إلى إنشاء حركات مسلحة تعمل كجيوش في المنطقة، تحارب وتقاتل لتحقيق مصالح وأهداف إيران في إخضاع دول الجوار والسيطرة عليها، وتحويلها إلى دول شكلية مجردة من سلطتها، كما حدث مع لبنان، الذي بات رهينة في يد ميليشيات حزب الله الإرهابية؛ واليمن الذي يعاني الأمرين من جراء تدخلات إيران في الشأن اليمني، وتسليح ودعم جماعة الحوثيين الإرهابية؛ حتى انتشر الفقر والمجاعات والأزمات الصحية والتعليمية في الدولة اليمنية؛ إضافة إلى سوريا والعراق، التي استثمرت فيهما إيران مئات ملايين الدولارات في الإنفاق على الميليشيات والأذرع والوكلاء، لتأجيج الطائفية وإشعال حروب شاملة على أسس مذهبية وعرقية مختلفة، وامتدت السياسة الإيرانية وتأثيراتها السلبية إلى أفغانستان وباكستان مع عودة مقاتلين من سوريا والعراق إلى بلدانهم.

– تنفق إيران ملايين الدولارات سنويًّا على أذرعها ووكلائها لتعزيز نفوذها وقوتها في المنطقة، في وقت يعاني فيه الداخل الإيراني من أزمات اقتصادية متعددة؛ إذ يرى الساسة الإيرانيون: أن سياسة الأذرع والوكلاء أكثر نجاحًا من أي حرب قد تخوضها إيران بنفسها، فسياسة الوكلاء قد نجحت في فرض الرؤية الإيرانية إلى حدٍّ ما على دول الجوار، وزعزعة استقرار المنطقة، كجزء من سياسة تصدير ثورة الخميني إلى دول الجوار.

المصادر:

بي بي سي عربي

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

مركز حرمون للدراسات المعاصرة

فرنسا 24

إيران وير

الشرق الأوسط

العربية

الجزيرة

التعليقات مغلقة.