fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

التهديدات الإسرائيلية على لبنان

133

استعرت حرب الكلمات الساخنة بين المسؤولين اللبنانيين والإسرائيليين من جديد، ووصلت إلى حد التحذيرات والتهديدات المباشرة، ما أثار المخاوف من إمكانية تصعيد عسكري جديد في المنطقة، حيث أعلن المجلس الأعلى للدفاع في لبنان، الذي يضم الرئيس اللبناني ورئيس الوزراء وقائد الجيش، أنه “يعطي الغطاء السياسي للقوى العسكرية لمواجهة أي اعتداء إسرائيلي على الحدود في البر والبحر“.

واتهم الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الوزراء سعد الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري إسرائيل بتهديد استقرار المنطقة الحدودية بين البلدين، وسط تزايد التوتر بشأن الحدود البرية والبحرية.

ويأتي هذا التحذير في وقت تعمل فيه إسرائيل على بناء جدار على الخط الأزرق، وهو خط الانسحاب الذي وضعته الأمم المتحدة في عام 2000 بهدف التحقق من الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، وهو يتطابق مع خط الحدود الدولية في قسم كبير منه، وتوجد فوارق في عدد من الأماكن، لذا يتحفّظ لبنان على الخط الأزرق في هذه المناطق، ويعارض إقامة الجدار في المناطق التي يتحفظ عليها.

وفي الوقت الذي تقول فيه إسرائيل إن الجدار يقع بالكامل في أراضيها، تشدد الدولة اللبنانية على أنه يمر في أرض تابعة لها لكنها تقع على الجانب الإسرائيلي من الخط الأزرق.

ومن جانب آخر اشتد النزاع بين لبنان وإسرائيل على الحدود البحرية أيضًا فيما يخص الرقعة رقم تسعة في المياه الإقليمية، وهي منطقة على شكل مثلث تصل مساحتها إلى 860 كيلومترًا مربعًا.

وقد بدأ التوتر عندما أدان وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أول مناقصة يجريها لبنان للتنقيب عن النفط والغاز قبالة سواحله ووصف ليبرمان الأمر بأنه خطوة “استفزازية للغاية“، وحث الشركات الدولية على عدم المشاركة، بينما أكد وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز على أن جزءًا من البلوك رقم تسعة، يوجد في المياه التي تقول إسرائيل إنها تابعة لها.

ويرى اللواء جميل السي]، المدير الأسبق لجهاز الأمن العام في لبنان، أن امتلاك إسرائيل للقوة لا يعني أنها ستكون قادرة على تحقيق ما تريده، وأضاف في تغريدة له على تويتر:

“إسرائيل تتحرش جنوبًا! مرة بالبلوك النفطي رقم ٩، ومرة بالتهديد ببناء الجدار الحدودي! إسرائيل لا شك تملك وسائل القوة، لكن، القوة شيء، والقدرة على أن تفعل ما تريد شيء آخر. بين القوة والقدرة مسافة عجز تحدّدها المقاومة”.

لكن الكاتبة الصحفية والخبيرة بالشؤون الإسرائيلية، رندة حيدر، ترى أن الغاية الأساسية من إثارة النزاع من جديد تتجاوز مسألة ترسيم الحدود، قائلة: “المشكلة الأساسية لا تتعلق بالجدار الإسمنتي أو بالبلوك رقم تسعة، إذ إن الأزمة على الحدود ليست جديدة“، وأن الهدف الأساسي من إثارة الموضوع من جديد هو الضغط على الحكومة اللبنانية وحزب الله، من أجل تقليص الهيمنة الإيرانية في لبنان ومنع حزب الله من بناء مصانع صواريخ دقيقة لكبح جماح أي تحرك عسكري معادٍ لإسرائيل من قبل الحزب.

و أن إسرائيل تريد أن توجه رسالة للرأي العام اللبناني لتحذيره من مغبة الوقوع تحت الهيمنة الإيرانية، ودفعه للتحرك ضد سياسات حزب الله الموالية لإيران، كما أنها تريد أن توجه رسالة للرأي العام العالمي لتسلط الضوء على الدور السلبي لإيران في لبنان بعد تنامي دورها في سوريا، بالإضافة إلى تحذير الرأي العام الإسرائيلي من احتمال تصعيد مقبل، في حال حدوث مواجهة عسكرية مع حزب الله”.

كما أوضحت أيضا أن ما يثير مخاوف إسرائيل هي تقديراتها العسكرية التي تقول إن حزب الله سيمتلك خلال عشر سنوات، ألف صاروخ دقيق الإصابة، وتتابع:

“إن معنى امتلاك حزب الله لتلك الترسانة الصاروخية هو أنه قادر أن يصيب أهدافًا في مختلف أنحاء إسرائيل وبدقة بالغة، على خلاف الصواريخ التي استخدمها في حرب تموز، وهذا هو الخطر الحقيقي”.

ويمكن الإشارة إلى أن الاكتشافات البترولية والغاز الطبيعي بمنطقة شرق البحر المتوسط قد أسالت لعاب الكثير من الأطراف بالمنطقة؛ بالسعي إلى فرض أمر واقع معين يحقق لها أكبر قدر من المكاسب عن طريق التلويح باستخدام القوة خصوصًا في ظل حالات عدم الانتهاء من اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية بين دول شرق المتوسط؛ بالإضافة إلى قيام إسرائيل بالاستيلاء على المقدرات الطبيعية للشعب الفلسطيني واستغلال المياه الإقليمية قبالة غزة في التنقيب عن البترول والغاز في ظل حالة الصمت والضعف الفلسطيني والعربي.

التعليقات مغلقة.