fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

مقدمة في النظام الدولي

595

مقدمة في النظام الدولي

فالنظام الدولى هو نمط “شكل – طريقة – أسلوب” التفاعل والعلاقات بين الفاعلين الدوليين “الدول – المنظمات الدولية – الشركات متعددة الجنسيات – الأشخاص الذين يلعبون دورًا في الساحة الدولية” في كافة المجالات، خلال وقتٍ محددٍ.

وهذا التفاعل يأخذ بعد وقتٍ معينٍ قواعد وأعرافًا تُصبح دولية. 

ومِن أهم سمات النظام الدولي: “المرونة”، فمع تغير أصحاب القوة يتغير شكل النظام “سُنة التدافع“. 

ويبدو أن السرد التاريخي للنظام الدولي كفكرة بدأ مع مناداة “دانتى أليجيري” بحكومة عالمية عام 1315م، ثم أصبح الاتفاق بين الدول مقدمة ظهور هذا النظام. 

ويُطلق البعض مصطلح النظام الدولي الجديد على عدة نظريات “نظام القطب الواحد – النظام متعدد الأقطاب – مرحلة انتقالية بعد انتهاء الحرب الباردة لم تتبلور بعد”. 

أما أهم معايير “طرق قياس” أقطاب النظام الدولي فهي: 

  1. القوة. 
  2. معدل الدخل القومي. 
  3. المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية. 

وأهم الآثار المترتبة على فكرة النظام الدولي هي تآكل مبدأ سيادة الدول. 

أهم العوامل المشتركة بين أقطاب النظام الدولي: 

  1. العقائد الدينية. 
  2. المشتركات الحضارية والثقافية (اليهودية – المسيحية). 
  3. المصالح (لا صديق دائم، ولا عدو دائم، إنما مصالح دائمة – وليس مِن مهمة أمريكا حل مشاكل العالم، وإنما إدارة هذه المشاكل لصالحها). 

مصادر القانون الدولي: 

يستند فقهاء القانون الدولي في تحديد مصادره الرسمية إلى نص المادة رقم: 38 مِن النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، والتي تتضمن: 

  • – الاتفاقات الدولية العامة والخاصة التي تضع قواعد معترفًا بها صراحة مِن جانب الدول المتنازعة. 
  • – العادات الدولية المرعية المعتبرة بمثابة قانون دلَّ عليه تواتر الاستعمال “العُرف الدولي”. 
  • – مبادئ القانون العامة التي أقرتها الأمم المتمدنة. 
  • – أحكام المحاكم ومذاهب كبار المؤلفين في القانون العام في مختلف الأمم “مصدر احتياطي”. 
  • – سلطة المحكمة في الفصل في القضية وفقًا لمبادئ العدل والإنصاف متى وافق أطراف الدعوى على ذلك. 

مع ملاحظة أن هذه المادة أهملت القرارات الدولية كمصدرٍ مهمٍّ مِن مصادر القانون الدولي. 

حقوق الإنسان: 

لقد أسهم الحراك العالمي في تعزيز وتحسين وتطوير حالة حقوق الإنسان على المستوى الفردي والجماعي منذ تأسيس الأمم المتحدة. 

بيد أنه مِن الطبيعي أن ينال النقد أي عمل بشري؛ لتضمنه أوجه التناقض، أو النقص والقصور، أو عدم مسايرة الزمان والمكان، أو غير ذلك مِن الأسباب، بمقتضى طبيعة مصدره (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا) (النساء:82). 

ويمكن تقسيم الانتقادات الموجهة في هذا المجال إلى قسمين رئيسيين: 

– القسم الأول: أوجه النقد الموجهة للمصادر الوضعية. 

– القسم الثاني: أوجه النقد الموجهة لبعض المنظمات الحقوقية. 

  • أهم أوجه النقد الموجهة للمصادر الوضعية: 
  1. أنها -في مُعظمها- وُضِعت في وقتٍ كانت فيه غالبية دول العالم -وخاصة الدول العربية والإسلامية- مُحتلة عسكريًّا: “كميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان”. 
  2. عكست ثقافة المنتصر “العولمة”. 
  3.  لم تراعَ خصوصيات الأمم والثقافات الأخرى، وخاصة الإسلامية. 
  4. عدم وضع آليات واضحة للتنفيذ، وعقوبات عدم الالتزام بها. 
  • أهم أوجه النقد الموجهة لبعض المنظمات الحقوقية: 
  1. الانتقائية والتباين في التطبيق والأولويات. 
  2. أنها أصبحت مطية لتحقيق أهداف الدول الكبرى البعيدة عن الحقوق والحريات “التعامى عن بعض الديكتاتوريات والمظالم، مع تضخيم بعض المخالفات الأخرى”. 
  3.  استخدامها كرأس حربة لخلخلة المجتمعات المستهدفة. 
  4.  قضية التمويل الأجنبي، وتوجيه المنظمات الممولَة ضد مجتمعاتهم وسلطات بلادهم كالمرتزقة. 

مع ملاحظة أن حق الرفض والتحفظ والانسحاب مِن المعاهدات والاتفاقيات الدولية، يقابله ضغوط ومصالح. 

بعض صور انتهاك حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية: 

  • – الإسلاموفوبيا. 
  • – تمدد اليمين المتطرف. 
  • – معاداة الأجانب والمهاجرين. 
  • – عدم بناء المآذن في سويسرا وغيرها. 
  • – منع الحجاب في فرنسا وغيرها. 
  • – عدم الانتصاف للضحايا مِن المسلمين في أوروبا وبورما، إلخ. “جائزة نوبل للسلام لسوتشى”.
  • – رمى المسلمين بالإرهاب والتطرف. 
  • – التنميط الإعلامي للصور السلبية للمسلمين، وربطهم بالعنف والإرهاب والتخلف. 

الدول الوظيفية: 

أطلق الدكتور عبد الوهاب المسيري هذا المصطلح على “إسرائيل” باعتبارها دولة استيطانية تعمل على الدفاع عن المصالح الغربية مقابل دفاع الغرب عنها، فهي دولة وظيفية تعاقدية مع الغرب. 

كما يزرع شخص ما أو جهة ما موظفًا مُعينًا في مستوى إداري مُعين لتحقيق مصالح هذا الشخص أو الجهة، مقابل حمايته ومنفعته. 

الدول المارقة ROGUE STATE “محور الشر”: 

يُعد الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان أول مَن استعمل هذا المصطلح في ثمانينيات القرن الماضي؛ لوصف سياسة نظام العقيد القذافي في ليبيا، وفي منتصف التسعينيات عرَّف مستشار الأمن القومي أنطوني لايك في عهد الرئيس بيل كلينتون الدول المارقة بأنها التي تجد عجزًا مُزمنًا في التعامل مع المجتمع الدولي مِن خلال: 

  • – محاولة الحصول على أسلحة الدمار الشامل. 
  • – مساندة التنظيمات الإرهابية. 
  • – سوء معاملة الشعوب التي تحكمها. 
  • – المعاداة الواضحة الصريحة لأمريكا. 

وكانت غاية ضبط هذه المعايير هي تحديد ملامح السياسة الخارجية الأمريكية، للضغط على هذه الدول حتى تغير نظامها، أو تحملها على انتهاج سياسة مختلفة. 

بعض وسائل التغيير في النظام الدولي: 

  • الحروب العسكرية. سواء أكانت بقرارٍ مِن مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع مِن ميثاق الأمم المتحدة، أو كانت خارج هذه المنظومة، ومن دولة منفردة، أو تحالف دولي. 
  • التغيير مِن الداخل “دعم قوى داخل البلاد مسلحة أو مدنية”. 
  • الحروب الناعمة “الدبلوماسية – منظمات المجتمع المدني”. 
  • العقوبات الاقتصادية. 

العقوبات الاقتصادية: 

(الأداة الوسطى بين الضغط الدبلوماسي، والحرب العسكرية). 

(الأداة الظالمة لمعاقبة شعب كامل بسبب تجاوزات قادته). 

(تعتبر انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، وشكلًا مِن أشكال الإبادة الجماعية – جريمة ضد الإنسانية). 

هي مجموعة الإجراءات الاقتصادية والمالية التي تتخذها دولة أو دول أو منظمة أو هيئة دولية، ضد دولة أو منظمة؛ لحملها على تقديم تنازلات ذات طبيعة سياسية أو اقتصادية أو عسكرية. 

وتكون بإحدى وسيلتين، هما: الحظر أو المقاطعة، وتمثِّل المادتين رقمي: 39، 41 مِن ميثاق الأمم المتحدة الإطار القانوني الدولي لفرض العقوبات الاقتصادية. 

وقد تشمل أشكالًا متعددة مِن القيود على المعاملات المالية، والحواجز التجارية، والتعريفات الجمركية. 

ومِن صورها: 

  • – تعليق تصدير منتج، أو رفض استيراد منتج. 
  • – ايقاف القروض والاستثمارات. 
  • – تجميد الحسابات المالية بالخارج. 
  • – وضع قيود على التجارة الدولية مع البلد المستهدف. 
  • – وقف تأشيرات السفر. 

وقد أثبتت التجارب السابقة تأثير العقوبات الاقتصادية المدمرة على الاقتصاد المحلي، وشعوب وحكومات الدول المستهدفة: (كوبا – فنزويلا – كوريا الشمالية – إيران – … ). 

– استفحال ظاهرة التهريب والفساد وعصاباته. 

– زيادة معدلات التضخم لمستويات قياسية. 

– الهجرة الجماعية للفئات المهنية والطبقات الوسطى. 

أسباب بقاء الولايات المتحدة الأمريكية القوة العظمى الوحيدة في العالم: 

ترى مجلة تايم الأمريكية خمسة أسباب، هي: 

  1. الاقتصاد الأمريكي هو الأكبر في العالم، ويمثِّل حجر الأساس للنظام المالي العالمي، حيث يتم تنفيذ أكثر مِن 80% مِن جميع المعاملات المالية العالمية بالدولار. 
  2. التفوق العسكري. 
  3. أكبر مانح للمساعدات الخارجية في العالم. 
  4. تمتلك أقدم دستور، ومؤسسات قوية، وسيادة قانون، وجامعاتها ومؤسساتها العلمية هي الأفضل في فئاتها. 
  5. المنتج الأول في العالم للنفط والغاز الطبيعي، وتمتلك ثماني شركات تكنولوجيا مِن أكبر تسع شركات في العالم؛ لذلك تُعد الدولة الأكثر فرضًا للعقوبات الاقتصادية. 

وبعد، فهذه مقدمة مختصرة في النظام الدولي بين يدي القارئ الكريم، توطئة لبحثٍ مفصَّل في هذا الموضوع المهم بعون الله وتوفيقه. 

التعليقات مغلقة.