fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

قراءة في أبعاد دعوات المتطرفين إقامة كنيس يهودي في المسجد الأقصى

0 45

قراءة في أبعاد دعوات المتطرفين إقامة كنيس يهودي في المسجد الأقصى

منذ النكبة عام 1948، التي تمثلت في قتل وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وبعد ذلك بحوالي 20 عامًا، وقوع حادثة حريق المسجد الأقصى على أيدي متطرف أسترالي الجنسية، لم تتوقف نيران التهويد التي لا تزال مشتعلة أسفل وأمام باحات الأقصى الشريف، حيث يشهد المسجد أكبر الانتهاكات والتهويد والتطرف في تاريخه على أيدي المستوطنين بحماية شرطة الاحتلال الصهيونية.

ووصل الأمر بقادة متطرفين لا يعبأون بشعائر ومقدسات المسلمين في حكومة نتنياهو الدموية، وعلى رأسهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الذي يطالب ببناء كنيس في المسجد الأقصى، زاعمًا أنها تأتي انطلاقًا من الحقوق المتساوية بين اليهود والمسلمين، ولكن في الوقت نفسه سارع مكتب نتنياهو بإعلان رفضه خشية انتفاضة شعبية فلسطينية كبرى لا تُحمد عقباها.

في أغسطس آب عام 1969، دخل المتطرف الأسترالي الجنسية مايكل دنيس روهان في تمام الساعة السادسة صباحًا إلى البلدة القديمة في القدس عبر باب الأسباط وواصل مسيره نحو باب الغوانمة. وهناك اشترى تذكرة من الحارس التابع للأوقاف الإسلامية ودخل المسجد الأقصى حاملًا حقيبة تحتوي على وعاءين وقارورة ماء مليئة بمادتي: البنزين والكيروسين، وتوجه إلى المصلى القبلي في المسجد ووضع حقيبته أسفل درجات المنبر وقام ببلّ وشاح صوفي بمادة الكيروسين، وفرش أحد طرفيه على درجات المنبر والطرف الآخر في الوعاء الذي ملأه بالمواد الحارقة، ثم أشعل الوشاح وفرّ مغادرًا الأقصى عبر باب حطّة والبلدة القديمة عبر باب الأسباط.

يستعرض هذا التقرير في مركز “رواق” للأبحاث والدراسات تطور الأوضاع في الأقصى الشريف، ومدينة القدس المحتلة منذ النكبة وحتى الآن، عمليات التهويد والانتهاكات التي تحدث بشكل مستمر دون توقف، موقف الأزهر الشريف والعالم العربي من بناء كنيس يهودي بالأقصى، وكيف يمكن مواجهة تهويد الأقصى التي تسير على خطى متسارعة من قِبل الاحتلال، ما موقف الشيطان الأكبر “أمريكا” الداعم لدولة الاحتلال؟ قراءة في تواريخ الاقتحامات المتكررة للأقصى منذ النكبة، ماذا عن مخططات تقسيم الأقصى عبر تاريخه وحاضره ومستقبله؟ ما موقف العالم العربي من تصرفات المستوطنين وحكومة الاحتلال الفاشية في محاولة طمس الهوية ومحو المعالم الإسلامية في المسجد الأقصى؟

نعم إن دولة الاحتلال الصهيوني لا تكترث بالآثار والمقدسات الإسلامية وما يتم في القدس حاليًّا وهو محاولة لفرض أمر واقع تهويدي صهيوني. كما أن السجلات والوثائق والدراسات تؤكد أن مخططات التهويد بدأت مبكرًا واستفادت إسرائيل من الجمعيات الاستكشافية البريطانية التي درست تضاريس القدس وتاريخها مبكرًا، كما يحاول المستوطنون بالقطع الاستفادة مما يجري في غزة من مجازر وانشغال المقاومة في مواجهة الاحتلال.

الأزهر الشريف يندد:

وقد رفضت مؤسسة الأزهر الشريف ما يحاك ضد المسجد الأقصى وباحاته من قبل المستوطنين، حيث حثَّت حكومات العالم الإسلامي باتخاذ مواقف جادة وصارمة تجاه التصريحات المتطرفة الصادرة عن وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير تجاه المسجد الأقصى.

ووصفت مؤسسة الأزهر الشريف التصرفات الإسرائيلية في الأقصى والتصريحات المتطرفة والمستفزة الصادرة عن بن غفير حول تأييده إنشاء كنيس يهودي داخل المسجد الأقصى المبارك، معتبرة هذه التصريحات تطرفًا، وأن هذه التصريحات المحرضة لا تصدر إلا عن عقلية متطرفة لا تحترم الأديان ولا مقدسات الآخرين ولا القوانين والمواثيق الدولية، ولا تعرف سوى قانون الغاب والوحشية والإجرام. (آرتي عربي).

وأكد الأزهر أن المسجد الأقصى المبارك كان ولا يزال وسيظل بساحاته وباحاته وكامل مساحاته إسلاميًّا خالصًا، وحقًّا تاريخيًّا للمسلمين، وهو إسلامي المنشأ وأولى القبلتين وثالث الحرمين، وسيظل كذلك رغم المخططات الإسرائيلية الإجرامية في تهويد المعالم التاريخية للمسجد الأقصى ولمدينة القدس.

لذلك يطالب الأزهر حكومات العالم الإسلامي باتخاذ مواقف جادة وصارمة تجاه هذه التصرفات والانتهاكات اليومية وكذلك التصريحات غير المسؤولة والمتكررة من قبل بن غفير والشخصيات الأخرى المتطرفة، التي اعتادت اقتحام المسجد الأقصى والتحريض على العنف والإرهاب ضد الفلسطينيين الأبرياء، ووضع حدّ لهذه التصريحات الإجرامية والممارسات الإرهابية لمسؤولي هذا الكيان المحتل المتطرف. (آرتي عربي).

وكان وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير قد قال في وقت سابق إنه سيبني كنيسًا بالمسجد الأقصى، زاعمًا أنها تأتي انطلاقًا من الحقوق المتساوية بين اليهود والمسلمين، فيما سارع مكتب نتنياهو لتوضيح أنه لا تغيير بالوضع الراهن.

ولطالما دعا بن غفير إلى حرية العبادة لليهود في الأقصى؛ ففي مطلع أغسطس توجه على رأس مجموعة من المتطرفين اليهود إلى المسجد الأقصى احتفالًا بذكرى “خراب الهيكل”، وهي مناسبة دينية يهودية، وأعلن من هناك أن “السياسة هي السماح بالصلاة”.

وبعد وقت قصير تنصل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من هذا التصريح وأعلن أنه لا توجد سياسة خاصة لأي وزير في (جبل الهيكل) المسجد الأقصى، وأن سياسة إسرائيل فيما يتعلق بالحرم القدسي لم تتغير. وكان مسؤولون أمنيون إسرائيليون حذروا بوقت سابق وَفْق “واينت” من أن مثل هذه السياسة يمكن أن تشعل “حربًا دينية”، أو أن تؤدي إلى تصعيد كبير في الوضع الأمني في القدس الشرقية والضفة الغربية. (آرتي عربي).

الخارجية الأمريكية تعارض تصريحات بن غفير المتطرف:

أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية معارضتها الشديدة لتصريحات وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير بشأن بناء معبد يهودي في الحرم القدسي. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر لوكالة “أكسيوس”: إن “تصريحات وأفعال بن غفير غير المسؤولة لا تؤدي إلا إلى زرع الفوضى وزيادة التوترات في المنطقة بأثرها”. وبحسب ميلر فإن الولايات المتحدة “تعارض بشدة” ذلك لأنه سيكون “تجاهلًا صارخًا للوضع التاريخي الراهن فيما يتعلق بالأماكن المقدسة في القدس”، ودعا السلطات الإسرائيلية إلى عدم التخلي عن هذه المبادئ والالتزام بها. (آرتي عربي).

قلق داخلي بين القادة الإسرائيليين من تصريحات بن غفير:

لقد مثلت هذه التصريحات قلقًا بالغًا لدى بعض المعتدلين ولو قليلًا داخل الحكومة الصهيونية، حيث دعا وزير الداخلية موشيه أربيل رئيس الوزراء إلى وضع بن غفير عند حده محذرًا من أن “كلمات بن غفير غير المسؤولة تضع على المحك تحالفات إسرائيل الإستراتيجية مع الدول الإسلامية التي تشكل تحالفًا في الحرب ضد محور الشر الإيراني”، على حد زعمه.

ولطالما دعا بن غفير إلى حرية العبادة لليهود في الأقصى؛ ففي مطلع أغسطس توجه على رأس مجموعة من المتطرفين اليهود إلى المسجد الأقصى احتفالًا بذكرى “خراب الهيكل”، وهي مناسبة دينية يهودية، وأعلن من هناك أن “السياسة هي السماح بالصلاة”. وبعد وقت قصير من ردة الفعل الداخلية والخارجية تنصل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من هذا التصريح وأعلن أنه لا توجد سياسة خاصة لأي وزير في (جبل الهيكل) المسجد الأقصى، وأن سياسة إسرائيل فيما يتعلق بالحرم القدسي لم تتغير.

نتنياهو يرفض طلب بن غفير ببناء كنيس يهودي:

علق مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على تصريحات وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير قائلًا: “إنه لا تغيير على الوضع القانوني القائم في المسجد الأقصى”. وكان بن غفير قد زعم بأن السياسة تسمح بالصلاة في المسجد الأقصى. وقال: إنه سيبني كنيسًا هناك. بعد ذلك تقدم أعضاء في الحكومة مطالبين نتنياهو بوضع حد لبن غفير ونقلت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي عن وزير الداخلية موشيه أربيل قوله: “على نتنياهو التحرك فورًا لوضع حد لبن غفير فيما يتعلق بالأقصى”. وأضاف: “افتقار بن غفير إلى الحكمة قد يؤدي إلى إراقة الدماء وتصريحاته تعرض تحالفاتنا الإستراتيجية ضد إيران للخطر”. (نبض). 

 بعد عدة اقتحامات متتالية خلال الأشهر الماضية من المستوطنين للحرم القدسي إثر قرار فتحه أمام اليهود، أثيرت أسئلة حول أهداف الاعتداءات المتكررة على الأقصى. لذا، فإن المتابع يلحظ جيدًا أن إسرائيل تسعى في سباق مع الزمن إلى استغلال الصمت الدولي والعربي لفرض تغيير جغرافي وسكاني في المدينة.

في الجانب الرسمي الإسرائيلي: خططت المؤسسات الإسرائيلية لاتباع سياسات إسرائيلية مُحكمة لتهويد الأرض في القدس وطرد أهلها من السكان العرب. وبعد أن سيطرت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ عام 1967 على أكثر من 80% من مساحة القدس، تسعى حكومة نتنياهو لفرض واقع احتلالي جديد في المدينة لتصبح نسبة السكان اليهود فيها أكثر من 88%، بينما تكون نسبة العرب 12% خلال هذه الفترة التي تشهد مزيدًا من الصراعات والاعتداءات على الفلسطينيين. كما تجري عملية سيطرة إسرائيلية منظمة على أراضي القدس وعقارات المقدسيين. (نبض).

إقامة “كنيس يهودي” ومخططات هدم المسجد الأقصى:

لا شك أن المخططات الإسرائيلية تتماشى مع خطوات تهويد القدس والمقدسات الإسلامية في المدينة، التي تظهر بين فترة وأخرى مجموعات يهودية متشددة تسعى لفرض الأمر الواقع الإسرائيلي باتباع مسميات التطوير. وقد كشفت دراسات إسرائيلية مؤخرًا عن مخططات لهدم المسجد الأقصى في مدينة القدس، وأكدت أنه بعد حفر 15 مترًا في عمق ساحة جدار البراق، ستصبح عملية بناء الهيكل المزعوم ورؤية مكانه ممكنة؛ كما أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى وجود تصور كامل حول ما بعد هدم المسجد الأقصى وقبة الصخرة، حيث تم تشكيل مجموعة خاصة به من أجل تنفيذ عملية الهدم وبناء الهيكل المزعوم عوضًا عن المسجد الأقصى وقبة الصخرة بعد هدمهما. (الجزيرة).

إن دولة الاحتلال تسعى منذ وقت بعيد ولا تزال حول تبني أفكار تمهيدية لفتح أبواب جديدة وتوسيع بوابات قائمة تاريخيًّا لزعزعة أركان الجدار المحيط بالحرم القدسي واستنزافه حتى درجة الانهيار، وفرض الأمر الواقع الإسرائيلي على المسجد الأقصى وقبة الصخرة في نهاية المطاف.

ومن أجل فرض سياسة الأمر الواقع التهويدي، يتبنى بعض المتطرفين في إسرائيل ما تم اقتراحه مرات عديدة بإقامة “كنيس يهودي” كبير باسم: “أورير شالايم” في موقع قريب من الجدار حيث يشرف على الحرم القدسي. ومن خلال ذلك يجري العمل فيما بعد على إيجاد حفريات تؤدي إلى هدم المسجد الأقصى. وكانت مسألة تعزيز ممر باب المغاربة جزءًا من هذه الخطة التي ستشمل بوابات أخرى تلبي أهداف المجموعة التي شكلت لهذه الغاية.

ومن بين القادة الممولين لمشروع التهويد في القدس والتعدي على المقدسات الإسلامية، كان الوزير الإسرائيلي السابق بيني أيلون هو من قادة هذه المجموعة، وهو الممول لها، حيث استعان في مخططاته لهدم الأقصى وقبة الصخرة بعضو الكنيست الإسرائيلي السابق عومري شارون ابن رئيس الوزراء الأسبق أرييل شارون، فضلًا عن استعانته بأحد الأثرياء اليهود الأميركيين ويدعى أيريا رينيرت المالك لشركات كبرى.

اقتحامات الأقصى لم تتوقف منذ هبّة البراق عام 1929:

المتابع للأحداث على مرِّ التاريخ وتطور القضية الفلسطينية يرى أن الاعتداءات على الأقصى لم تتوقف منذ هبَّة البراق عام 1929، حيث تمت الهبة الكبرى آنذاك دفاعًا عن محاولات العصابات الصهيونية تدنيس وتهويد الأقصى المبارك. ولم تتوقف تلك الانتفاضات منذ نكبة عام 1948 مرورًا باحتلال الشطر الشرقي من مدينة القدس يوم 5 يونيو/حزيران 1967. (الجزيرة).

الأقصى في مواجهة التهويد والاقتحامات:

بعد اقتحام موشيه فيغلن نائب رئيس الكنيست الإسرائيلي ومجموعة من المستوطنين للحرم القدسي منذ بضع سنوات إثر قرار فتحه أمام اليهود، أثيرت أسئلة حول أهداف الاعتداءات المتكررة على الأقصى، وما أساليب الاحتلال الصهيوني الخفية في محاولات تهويده؟

إن المتابع للاعتداءات المتكررة يلحظ أن دولة الاحتلال اللقيطة تسعى في سباق مع الزمن إلى استغلال الصمت الدولي والعربي لفرض تغيير جغرافي وسكاني في المدينة. وفي الجانب الرسمي الصهيوني، خططت المؤسسات الإسرائيلية لاتباع سياسات إسرائيلية محكمة حتى عام 2020 لتهويد الأرض في القدس وطرد أهلها العرب.

وبالطبع، بعد أن سيطرت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ عام 1967 على أكثر من 80% من مساحة القدس، تسعى حكومة نتنياهو الدموية غير الإنسانية لفرض واقع احتلالي صهيوني في المدينة لتصبح نسبة السكان اليهود فيها أكثر من 88%، بينما تكون نسبة العرب 12% بحلول العام المذكور؛ كما تجري عملية سيطرة إسرائيلية منظمة على أراضي القدس وعقارات المقدسيين. (موقع الجزيرة نت).

وفي هذه السطور نبذة تاريخية عن محاولات تهويد الأقصى الشريف وردود الأفعال في الداخل الصهيوني ومدى حدود الرد العربي الإسلامي:

في 11 يوليو / تموز 1971 اقتحمت مجموعة من حركة بيتار مؤلفة من 12 شابًا المسجد الأقصى وحاولت الصلاة فيه. وفي 22 من الشهر نفسه أقامت مجموعة أخرى من الحركة الصلاة في الحرم القدسي.

في 14 يناير / كانون الثاني 1989 قام بعض أعضاء الكنيست بعملية استفزازية عن طريق تلاوة ما يسمى “مقدس الترحم” من داخل الأقصى تحت حماية الشرطة الإسرائيلية. وفي 18 أكتوبر/تشرين الأول 1990، وضع متطرفون يهود الحجر الأساس للهيكل الثالث المزعوم في ساحة الحرم القدسي الشريف، وهو ما أدى إلى هبة فلسطينية واندلاع اشتباكات استشهد خلالها أكثر من 21 فلسطينيًّا، وجرح أكثر من 150 آخرين بعد إطلاق جنود الاحتلال النار على المصلين.

في يوم 28 سبتمبر / أيلول 2000 اقتحم رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون باحات الأقصى المبارك بحماية عشرات من الجنود والمستوطنين، لتندلع إثر ذلك انتفاضة الأقصى التي استشهد وجرح فيها آلاف الفلسطينيين. وفي 23 يوليو / تموز 2007، اقتحم نحو ثلاثمائة مستوطن يهودي المسجد الأقصى وأدوا داخله طقوسًا مشبوهة ادعوا أنها دينية.

في 16 أغسطس / آب 2008 اقتحمت جماعات يهودية متطرفة باحات المسجد الأقصى المبارك من جهة بوابة المغاربة. وفي 9 أكتوبر / تشرين الأول 2008 نفذت مجموعات كبيرة من المستوطنين والحاخامات ورجال السياسة الإسرائيليين وبحراسة مشددة من الشرطة الإسرائيلية اقتحامات جماعية ومسيرات “تهويدية” لمنطقة الحرم القدسي الشريف.

في 9 فبراير / شباط 2009 دخل مئات السياح والسائحات المرتديات “لباس فاضح” المسجد الأقصى بموافقة وحماية الجيش الإسرائيلي. وفي 11 مارس/آذار من العام ذاته اقتحمت مجموعة مكونة من ثلاثين يهوديًّا متطرفًا بلباس تنكري باحات وساحات الأقصى لإقامة شعائر تلمودية داخل المسجد وقرب باب الرحمة. وفي 14 أبريل/نيسان التالي اقتحم عشرات المستوطنين اليهود باحات المسجد الأقصى في مدينة القدس لأداء صلواتهم بمناسبة “عيد الفصح اليهودي”.

من الواضح للغاية مما سبق ذكره أن عام 2009 كان عامًا قياسيًّا للاقتحامات الإسرائيلية لباحات الأقصى المبارك، والتي عادت لتتكرر اليوم. ففي 24 سبتمبر / أيلول من العام نفسه، اقتحمت عناصر من الوحدة المسماة: “خبراء المتفجرات” في شرطة الاحتلال المسجد الأقصى وقامت بجولة داخل باحاته. وفي السابع والعشرين من الشهر نفسه، اندلعت مواجهات مع الشرطة الإسرائيلية وجماعات يهودية داخل الحرم القدسي الشريف وعند بواباته، أسفرت عن إصابة 16 فلسطينيًّا واعتقال آخرين (الجزيرة).

لم تتوقف الاقتحامات خلال السنوات الأخيرة، لكن الاقتحامات المتكررة التي شهدنا -وما زلنا نشهد- فصولها منذ عدة أسابيع تحمل في طياتها مخاطر حقيقية في ظل تحولات المشهد العربي وانشغال الإعلام العربي بها، حيث تسعى المؤسسة الإسرائيلية للإطباق على مدينة القدس وتهويد كافة مناحي الحياة فيها.

ردود الأفعال في الداخل الصهيوني والرد العربي عن تهويد الأقصى:

لقد توالت ردود الفعل العربية والإسلامية على عربدة الكيان الصهيوني تجاه الأقصى الشريف، وما يحدث فيه من أفعال بذيئة تتنافى مع كافة القوانين واحترام المقدسات المسلمة.

وفيما يلي أبرز هذه الردود المتتالية:

غضب مصري:

حذرت مصر في بيان وزارة الخارجية من تداعيات استمرار الانتهاكات ضد الأقصى الشريف من قبل المتطرفين، حيث دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى حث إسرائيل على وقف الاعتداءات ضد الأقصى والشعب الفلسطيني الأعزل الذي يقتل بدم بارد من قبل احتلال غاشم. وقد أعلنت الخارجية المصرية في بيان عبر اتصالات مع مسؤولين دوليين لوقف التصعيد بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، مؤكدة في الوقت ذاته أن ما يحدث في الأقصى من انتهاكات فاقت كل الحدود والتصورات.

الأردن:

رفضت دولة الأردن على لسان وزارة الخارجية الأردنية في بيان “ضرورة وقف التصعيد الخطير في القدس”، محذرة من الانعكاسات الخطيرة لهذا التصعيد الذي يهدد بتفجر الأوضاع بشكل أكبر؛ كما حذرت من تبعات هذا التصعيد على كل جهود تحقيق التهدئة الشاملة، مطالبة بحماية المدنيين واحترام القانون الدولي الإنساني.

رد لبناني:

ذكرت لبنان أن التطورات في فلسطين عمومًا والقدس بصفة خاصة هي نتيجة لاستمرار احتلال إسرائيل الأراضي الفلسطينية ولإمعانها اليومي في الاعتداء على المقدسات الإسلامية.

السعودية:

لقد رفضت المملكة العربية السعودية تصرفات المستوطنين تحت حماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، مما نتج عنه ارتفاع مستوى العنف الدائر في عدد من الجبهات هناك، ومنها أمام باحات الأقصى الشريف بشكل يومي. ودعت السعودية إلى الوقف الفوري للتصعيد بين الجانبين وحماية المدنيين، مجددة دعوة المجتمع الدولي لتفعيل عملية سلمية ذات مصداقية تفضي إلى حل الدولتين.

قطر:

أدانت دولة قطر إجراءات جيش الاحتلال والمستوطنين تجاه الأقصى، وحمّلت الخارجية القطرية إسرائيل وحدها مسؤولية التصعيد الجاري الآن بسبب انتهاكاتها المستمرة لحقوق الشعب الفلسطيني، وآخرها الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى تحت حماية الشرطة الإسرائيلية. وشددت على “ضرورة تحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل لإلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها السافرة للقانون الدولي، والحيلولة دون اتخاذ هذه الأحداث ذريعة لإشعال نار حرب جديدة غير متكافئة ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة” (موقع الجزيرة نت).

الإمارات:

أعربت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان عن قلق بلادها الشديد إزاء تصاعد العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مشيرة إلى أنها بصفتها عضوة غير دائمة في مجلس الأمن تدعو إلى ضرورة إعادة التفعيل الفوري للجنة الرباعية الدولية لإحياء مسار السلام العربي الإسرائيلي. وشددت الوزارة على “ضرورة وقف التصعيد، والحفاظ على أرواح المدنيين”، مقدمة “خالص التعازي لجميع الضحايا الذين سقطوا جراء أعمال القتال الأخيرة”.

المغرب:

أعربت المملكة المغربية عن “قلقها العميق جراء تدهور الأوضاع واندلاع الأعمال العسكرية في قطاع غزة بالتزامن مع تكرار الاعتداءات على المسجد الأقصى”. وذكر بيان لوزارة الخارجية أن المملكة المغربية “طالما حذرت من تداعيات الانسداد السياسي على السلام في المنطقة ومن مخاطر تزايد الاحتقان والتوتر نتيجة لذلك”، داعية إلى “الوقف الفوري لجميع أعمال العنف والعودة إلى التهدئة وتفادي كل أشكال التصعيد التي من شأنها تقويض فرص السلام بالمنطقة”. وأضاف البيان أن “نهج الحوار والمفاوضات يظل السبيل الوحيد للوصول إلى حل شامل ودائم للقضية الفلسطينية على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبدأ حل الدولتين المتوافق عليه دوليًّا”.

العراق:

وفي بيان نقله المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء العراقي جاء فيه: أن “العمليات التي يقوم بها الشعب الفلسطيني اليوم هي نتيجة طبيعية للقمع الممنهج الذي يتعرض له منذ عهود مضت على يد سلطة الاحتلال الصهيوني التي لم تلتزم يومًا بالقرارات الدولية والأممية”.

وأضاف البيان: “لهذا ندعو المجتمع الدولي إلى أن يتحرك لوضع حد للانتهاكات الخطيرة وإعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الذي ما زال يعاني الاحتلال وسياسات التمييز العنصري والحصار والتجاوز على المقدسات وانتهاك القيم والمبادئ الإنسانية” (موقع الجزيرة نت).

من هذا المنطلق نقول: نعم، لقد رفضت ولا تزال كافة الدول العربية والإسلامية استمرار العنف وهدم المنازل في الضفة وغزة، وكذلك زيادة عمليات الاستيطان في القدس بجانب تصرفات دولة الاحتلال في تهويد الأقصى الشريف بشتى الطرق المختلفة، دون أي اكتراث بالقانون الدولي أو حقوق المقدسات المسلمة. ولكنها غير فاعلة على الأرض، وسيظل الاحتلال هكذا ماضٍ في أفعاله لطالما لم يوقفه أحد بشكل حقيقي.

الأمر الذي يؤكد ضرورة توجه دول العالم العربي والإسلامي إلى تحركات تصعيدية أكثر صرامة؛ لأن ما يحدث من احتلال مجرم لا يعرف أو يحترم الأعراف الدولية لن يعود بالشجب والإدانة، إنما بخطوات تصعيدية، منها دبلوماسية مسموعة مثل استدعاء أو طرد السفراء، وبعدها التهديد بوقف النفط، فمثل هذه التصرفات قد ترقى إلى حرب ولكن بشكل مختلف مع عالم غربي ظالم يرتضي ويحلّ دماء الفلسطينيين ويهرول للمساعدة نحو أي ردة فعل تجاه دولة الاحتلال الصهيوني.

إجراءات إسرائيلية تستهدف جعل اليهود أكثرية ساحقة في القدس:

من الناحية العملية وضعت مخططات إسرائيلية تستهدف جعل اليهود أكثرية ساحقة في القدس الشرقية المحتلة عام 1967؛ حيث ستعتمد الزيادة المقترحة لليهود في المدينة على استيعاب اليهود القادمين من الخارج عبر الهجرة اليهودية الكثيفة جنبًا إلى جنب مع الزيادة الطبيعية لليهود.

وفي نفس الوقت ستواكب هذه الزيادة لليهود في مدينة القدس سياسات إجلائية للعرب منها عبر إبطال شرعية إقامتهم في مدينتهم في الحالات التالية: إذا عاش الفلسطيني خارج القدس سبع سنوات متتالية أو حصل على جنسية أخرى أو سجل إقامته في بلد آخر سواء للعمل المؤقت أو للتحصيل العلمي (الجزيرة).

وتبعًا للحالات المشار إليها، فإن المصادر الإسرائيلية تقدر عدد العرب في القدس المعرضين لفقدان بطاقة الهوية العائدة لهم بنحو 60 ألف عربي، وتم كشف ذلك في عام 2021، مما يعني ترحيلهم من مدينة القدس أو إبقاءهم خارجها.

واللافت للنظر في هذه التصرفات الصهيونية المخالفة للمواثيق واحترام الدين الإسلامي وكل ما هو مسلم: أن كافة الإجراءات الإسرائيلية لترحيل عرب القدس وضعت وفق “أحكام القانون الإسرائيلي” والمخططة سلفًا. فصاحب الأرض -وفقًا لنسق تطور الملكية والسكان- معرّض في أي لحظة لسلب حقه وإقامته، بينما يكفي لليهودي القادم من دول العالم المختلفة ويحمل جنسيتها، أن يعلن نية القدوم إلى فلسطين حتى يصبح مواطنًا إسرائيليًّا مقيمًا في القدس، ولا يفقد تلك الصفة حتى لو غاب سبع سنوات أو حمل جنسية أخرى. ويمكن للمتابع وفق القانون الإسرائيلي الظالم أن يلحظ بوضوح أن كافة الاعتداءات والاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى، ومنها الاقتحامات المتكررة منذ أسابيع، إنما تخدم إستراتيجية إسرائيل لتهويد مدينة القدس والتمييز العنصري البغيض بين الصهاينة القادمين من الخارج وما بين صاحب الأرض نفسه (الجزيرة).

مخططات تقسيم الأقصى عبر تاريخه وحاضره ومستقبله:

لم يعد تقسيم الأقصى وتهويده أمرًا في طور التخطيط، بل أصبح واقعًا خطرًا يهدد هوية المسجد الأقصى المبارك، ويستهدف تاريخه وحاضره ومستقبله؛ حيث إن المخططات التي كنا نسمع عنها طوال عقود مضت، والتي جعلت كثيرًا من أهل الأقصى والمنافحين عنه ينادون بأعلى أصواتهم منذ سنوات طويلة أن الأقصى في خطر، باتت اليوم واقعًا يفرض بشكل أكبر يومًا بعد يوم، وخطوة تلو أخرى، وانتهاك يتلوه انتهاكات وسط صمت مطبق إلا من أصوات تكبيرات المرابطين والمرابطات في باحاته المقدسة، والمقاومة التي تعمل على إسنادهم بكل ما أوتيت من إمكانيات وقوة (المركز الفلسطيني للإعلام).

كما أن حكومة الاحتلال الصهيوني والجماعات الاستيطانية المتطرفة تطمح منذ بدء حقبة الاحتلال إلى تقسيم المسجد الأقصى المبارك زمانيًّا ومكانيًّا، واضعة نصب عينيها تجربة تقسيم المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل. إن دولة الاحتلال تحاول تحويل قضية التقسيم إلى أمر واقع يطبقه بالقوة وبشكل تدريجي. فبعد أن كانت اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى تتم بشكل متباعد وعلى مدار أيام مختلفة، أصبحت تجري يوميًّا باستثناء الجمعة والسبت، وعلى فترتين صباحية ومسائية، حتى تطوّرت تدريجيًّا وبات المستوطنون اليوم يؤدّون صلوات تلمودية بشكل فردي وجماعي داخل باحات المسجد.

منذ السابع من أكتوبر الماضي (طوفان الأقصى)، تستغل أعمال البلطجة الصهيونية، ما يجري في غزة من مجازر وانشغال المقاومة بالدفاع عن الأرض في الضفة وغزة؛ حيث لم تكتفِ جماعات الهيكل بذلك، حتى أصبحت اليوم تطالب بتمديد ساعات الاقتحامات والسماح بدخول اليهود من جميع الأبواب وبأداء كامل الصلوات والطقوس التوراتية المزعومة في الأقصى وفتح باب الاقتحامات أيام الجمعة والسبت وتحديد موقع لكنيس داخل المسجد وإنهاء مرافقة الشرطة للمجموعات المقتحمة وعدم إغلاقه أمام اليهود في أي مناسبة إسلامية.

مشروع قديم وبرنامج جديد لحكومة الاحتلال الفاشية:

تقوم الجماعات الاستيطانية المتطرفة باقتحام المسجد الأقصى وتنتهك قدسيته وفق برنامج سياسي تخطه حكومة الاحتلال الفاشية؛ كما أن الاحتلال مستمر في محاولة تهويد الأقصى المبارك، معتبرًا اجتماع الحكومة الإسرائيلية بالقرب من المسجد دليلًا على أن الاحتلال من رأس الهرم إلى أدناه يسير في برنامج تهويد المسجد الأقصى.

من المؤكد وما يدور الآن في باحات الأقصى أن الاحتلال الصهيوني لديه مشروع في القدس يسعى لتنفيذه منذ عام 1967، وهو تهويد المسجد الأقصى وتحويله إلى كنيس يهودي. كما أن المستوطنين يعتقدون أن قبة الصخرة هي مكان هيكلهم، وكانوا يطالبون بتخصيص موقع لأداء صلواتهم التلمودية؛ أما الآن فهم يريدون قبة الصخرة المشرفة التي بناها عبد الملك بن مروان ورصد لها خراج مصر أربع سنوات (المركز الفلسطيني للإعلام).

بالرغم من أن الاحتلال لم يستطع تنفيذ مخططاته التهويدية في السابق؛ لكنه لم يتراجع عنها، وبالتالي فإن الاحتلال الصهيوني لديه قراءة سياسية تفيد أن الواقع العربي ملائم لتنفيذ مشروعه في المسجد الأقصى، ولم يتبق أحد يمكنه إعاقة مشروعه سوى المقاومة الفلسطينية الباسلة التي تقدم الغالي والنفيس دفاعًا عن الأقصى وأراضيها المحتلة.

تغيير الهوية البصرية للقدس عبر الاستيطان والهدم:

إن قوات الاحتلال تشن حربًا غاشمة ممنهجة تزداد كمًا ونوعًا تجاه مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى على حدٍّ سواء. وتريد فرض التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى من خلال التضييق على المصلين المسلمين. كما يهدف المستوطنون إلى تهويد القدس بشكل كامل ويسعون لتغيير الهوية البصرية للمدينة من خلال الاستيطان والهدم، مشيرًا إلى وجود صراع ديمغرافي مع الاحتلال في المدينة.

لذا فقد كان اجتماع قادة الاحتلال منذ فترة أسفل المسجد الأقصى ضربة مؤلمة للعالم العربي والإسلامي، وأن الوجود الفلسطيني داخل المسجد يشكل عائقًا للمحتل لتحقيق أهدافه.

يقوم الاحتلال بمحاولات حثيثة لترسيخ سياسة التقسيم الزماني والمكاني على الأقصى تهدف إلى الوصول إلى إقامة الهيكل المزعوم عبر استغلال المناسبات الدينية والقومية.

في ظل انتهاكات وإجراءات لمنع الفلسطينيين من الدخول للأقصى وخاصة الشبان منهم بجانب عمليات الإبعاد المتكررة بحق المرابطين والمقدسيين (المركز الفلسطيني للإعلام)، ولكن من الواضح أنه لا يزال يبقى المرابطون والمرابطات حجر عثرة في طريق كل مخططات الاحتلال وذلك برباطهم وتواجدهم داخل ساحات الأقصى وأيضًا على أبوابه.

وبالرغم من كل جرائم الاحتلال؛ إلا أن الدعوات خصوصًا من الشباب الفلسطيني مستمرة في مواجهة كل ذلك والمطالبة بضرورة التشديد على استمرار الرباط والحشد داخل المسجد الأقصى المبارك للتصدي لمخططات الاحتلال الخبيثة ومنعه من الاستفراد بالمسجد المقدس واستباحته بشكل كامل (المركز الفلسطيني للإعلام).

دعوات إلكترونية من الشباب الفلسطيني:

وفي المقابل: تلقى الدعوات الشابة وغيرهم من عناصر المقاومة استجابة كبيرة من أهالي القدس والضفة والداخل المحتل الذين يواجهون بصمود شديد إجراءات تعسفية صهيونية لا تتوقف بشكل يومي بجانب الضرب والقتل والاعتقالات.

وفي سياق النضال الفلسطيني لمواجهة مخططات الاحتلال وخاصة مخطط تقسيم المسجد الأقصى، دعا ناشطون للتغريد على وسم (#لن_يُقسم) وتكثيف دعوات الرباط والتواجد في الأقصى ودعوة أهالي الداخل المحتل والقدس لتأدية دورهم المحوري في حماية المسجد مشددين على ضرورة النفير العام لمواجهة الاقتحامات الصهيونية.

وحظيت الدعوة بتفاعل واسع من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي؛ إذ برز وسم (#لن_يُقسم) في قائمة الأكثر تغريدًا خلال الفترة الماضية خصوصًا على منصتي “تويتر” و”فيسبوك”، حيث أكد مغردون عبر حساباتهم الشخصية أن الانتهاكات الصهيونية لن تنجح في تغيير هوية المسجد الأقصى المبارك وطالبوا بضرورة التحرك الفوري والعاجل والرباط في المسجد والدفاع عنه مقابل دعوات المتطرف بن غفير وغيره من حكومة نتنياهو الدموية والأكثر تطرفًا على الإطلاق (المركز الفلسطيني للإعلام).

شبكة أنفاق ومحاولة محو كل الآثار والنقوش العربية الإسلامية:

لقد تم الكشف منذ مدة عن وجود نفق تحت حارة المغاربة، يمتد من أسفل سور الأقصى الجنوبي الغربي حتى حائط البراق؛ ذلك أن النفق عبارة عن قنوات مياه متفرعة، يتم تجهيزها لفتحها أمام السياح الصهاينة (القسطل). وقامت سلطات الاحتلال بفتح النفق أمام السياح بعد تجهيزه وإزالة ما بداخله، وأيضًا محاولة محو كل الآثار والنقوش العربية الإسلامية بداخله، لإزالة أي برهان يشير إلى الوجود العربي فيها. واللافت للنظر الذي يكذب أباطيل دعاة الهيكل المزعوم، أن قنوات المياه أثرية قديمة تعود لعصور طويلة، ووقوعها تحت سيطرة الاحتلال واستغلالهم لها على كل الأوجه، يعد خسارة للموارد الفلسطينية الأثرية الغنية.

يعتبر النفق الذي يقوم به الاحتلال موجودًا تحت حارة المغاربة وحي الشرف. وحسب نشطاء فلسطينيين، فإنه ليس نفقًا عاديًّا، بل هو عبارة عن شبكة من الأنفاق المعقدة. والنفق الرئيسي منها يتجه من الشمال نحو الجنوب تجاه سلوان، وتعود هذه الأنفاق إلى العهد اليبوسي الكنعاني، وهي تندرج تحت أقدم نظام مائي في مدن العالم جميعًا، باسم النظام القدسي المائي.

أضف إلى هذه الانتهاكات الصهيونية المستمرة أن لها فروعًا تتجه بكل الاتجاهات تحت المسجد الأقصى وذلك من خلال شبكة معقدة بكل المقاييس؛ كما أن هناك فرعًا من هذه الأنفاق يتجه نحو جسر باب السلسلة، وحديثًا يتم إنهاء العمل على نفق يتجه من هذه الشبكة نحو باب الخليل، ونفق آخر تجاه مغارة سليمان المجاورة لباب العامود من جهة باب الساهرة، ويخترق هذا النفق البلدة القديمة من تحت مبنى “الهوسبيس”، وذلك وفق نشطاء فلسطينيين (القسطل).

لقد أصبحنا الآن أمام عصابة صهيونية وشبكة خطيرة، وأخطر جزء في الشبكة هي تلك الفتحات في الأنفاق التي تتجه نحو الأقصى. وهناك نفق كبير يسمى “الحشمونائين” نسبة للطائفة “الحشمونية” اليهودية، يمتد من حائط البراق تجاه المدرسة العمرية ويتصل بأنفاق حارة المغاربة، وأيضًا له فتحات نحو المسجد الأقصى.

فتح أبواب السياحة أمام روايات تلمودية توراتية مزيفة:

لا شك أن هذه الأنفاق تمثل خطورة كبيرة؛ لأن أغلب مخططاتها الهندسية مخفية، ولا يسمح الاحتلال بدخول الأنفاق ولا تصويرها؛ كما أن مخطط الأنفاق يشمل محاولة الاحتلال الدخول من خلال حائط البراق بين المتحف الإسلامي والمصلى القبلي. ودخول المنطقة سيكون كارثة كبرى وسيصل عدد الكنائس حينها إلى 102 كنيس حول المسجد الأقصى وفق مهندسين ونشطاء فلسطينيين.

إن الاحتلال يقوم بتوسيع الشبكة وفتح فيها فجوات كبيرة لتصبح بمثابة محطات سياحية تقدم فيها الرواية التلمودية التوراتية، ويسوِّق مرشدو السياحة «الإسرائيليون» الروايات الزائفة الخاصة بهم، مضمونها: أن هذه الأنفاق تعود لعهد الهيكل الأول والثاني. وبسبب الحفر المستمر لهذه الأنفاق، أدى إلى حصول تشققات في مباني المسجد الأقصى وفي الجدران والأرضيات، وهو أمر حقًا خطير يجب مواجهته.

نقول: إن ما يحدث في الأقصى أو المباني من حفريات وغيرها هي محاولات شيطانية لتهويد محيط الأقصى، وهو ما تسبب في تساقط حجارة المسجد الأقصى وفي طابق التسوية وحدوث التشققات في المتحف الإسلامي. كلها مؤشرات على وجود عبث في هذه الساحة ما بين باب المغاربة والمصلى القبلي، والتي تتسع لآلاف المصلين. وإذا تم اختراقها سوف يكون هناك كارثة حلت بالمسجد الأقصى.

مزاعم ظهور “البقرة الحمراء” و”المسيح المخلص”:

إذًا نحن أمام خرافات وأكاذيب لتنديس الأقصى. وعلينا مواجهة هذه الطقوس المزعومة التي تحاك ضد الأقصى الشريف، لاسيما أكاذيب ظهور “البقرة الحمراء العاشرة” المزعومة تلك التي تمثل أهمية كبرى لدى اليهود. يعتقدون أنها “إشارة من الرب” للسماح لهم بالصعود إلى “جبل الهيكل” ودخول المسجد الأقصى الطاهر لتدنيسه الذي حُرم عليهم بسبب الدنس، ومن ثم هدمه لبناء “الهيكل الثالث” المزعوم على أنقاضه؛ كما يزعمون أن ذلك مقدمة لظهور “المسيح المخلص” وتحقيق الخلاص للشعب اليهودي (القسطل).

إن الاقتحامات اليومية للمستوطنين والمتطرفين واستغلال الأوضاع الكارثية والمجازر في غزة فرصة لتنفيذ مخططات اليهود منذ عشرات السنين، وكذلك سلسلة الأنفاق الأخيرة تعتبر من أخطر المشاريع الاستيطانية الكارثية التي تمتد تحت المسجد الأقصى والتي تسعى إلى محاولات تنفيذ مخططات “الهيكل” المزعوم والتي يجب التصدي لها ليس من الفلسطينيين فحسب؛ بل من العالم العربي والإسلامي الذي حان وقت تحركه والخروج عن صمته لوضع حد لهذه التجاوزات ووقف التعدي على المقدسات الإسلامية.

ختامًا: الجامعة العربية تحشد موقف دولي ضد تصرفات إسرائيل المتطرفة تجاه المسجد الأقصى:

رغم تأكيد اللجنة الوزارية العربية المكلفة بالتحرك الدولي لمواجهة السياسات والإجراءات الإسرائيلية غير القانونية في مدينة القدس المحتلة التابعة لمجلس الجامعة العربية بضرورة حشد موقف دولي فاعل ضد محاولات إسرائيل تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى؛ إلا أن ذلك ليس كافيًّا ولا بد من قرارات على أرض الواقع يمكن أن تتمثل في إعادة النظر في العلاقات العربية والإسلامية مع دولة الاحتلال.

وقد أكدت أعمال اجتماع اللجنة الوزارية العربية التي عقدت برئاسة المملكة الأردنية الهاشمية وعضوية كل من مملكة البحرين بصفتها رئاسة القمة العربية الحالية والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية بصفتها العضو العربي في مجلس الأمن والمملكة العربية السعودية ودولة فلسطين ودولة قطر وجمهورية مصر العربية والمملكة المغربية والأمين العام للجامعة الدول العربية في مقر الأمانة العامة للجامعة العربية على هامش أعمال الدورة العادية (162) لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري (قناة النيل للأخبار).

واتفقت اللجنة على أهمية تعزيز التحرك لدى المنظمات الإقليمية والدولية للاستمرار في توثيق الانتهاكات الإسرائيلية في القدس والأماكن المقدسة وخروقات إسرائيل للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وميثاق الأمم المتحدة.

لكن الوضع بحاجة إلى كشف السياسات والإجراءات الصهيونية اللاشرعية التي تستهدف تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم ومواجهة الاعتداءات على المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس المحتلة.

وكذلك ضرورة تعزيز الجهود العربية والاتصالات الدبلوماسية مع الأطراف الدولية المؤثرة للدفع نحو فرض إجراءات تقييدية ورادعة لوقف الاعتداءات على المقدسات تتضمن عقوبات دولية على مطلقي التصريحات من المسؤولين الإسرائيليين المتطرفين وعلى إرهاب المستوطنين والجماعات اليهودية المتطرفة ومحاسبتها على انتهاكاتها وجرائمها في مدينة القدس المحتلة والأقصى الشريف (قناة النيل للأخبار).

الخلاصة:

أولًا يجب أن نؤكد دومًا على دور مؤسسة الأزهر الشريف القوي والثابت منذ العدوان على غزة أو أي انتهاكات ضد الفلسطينيين ورفضها بشدة التصرفات الصهيونية لاسيما التصريحات المتطرفة والمستفزة الصادرة عن بن غفير حول تأييده إنشاء كنيس يهودي داخل المسجد الأقصى المبارك.

إن قوات الاحتلال تشن حربًا غاشمة ممنهجة تزداد كمًا ونوعًا تجاه مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى على حدٍ سواء وتريد فرض التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى من خلال التضييق على المصلين المسلمين.

علينا أن ننتبه جيدًا لما يقوم به الصهاينة من طقوس مزعومة تحاك ضد الأقصى الشريف لاسيما أكاذيب ظهور “البقرة الحمراء العاشرة” المزعومة تلك التي تمثل أهمية كبرى لدى اليهود الذين يعتقدون أنها “إشارة من الرب” ومن ثم بناء “الهيكل الثالث” المزعوم.

تحاول دولة الاحتلال مغتصبة الأرض والعرض فتح أبواب السياحة أمام روايات تلمودية توراتية مزيفة. ولا شك أن هذه الأنفاق تمثل خطورة بالغة؛ لأن أغلب مخططاتها الهندسية مخفية ولا يسمح الاحتلال بدخول الأنفاق ولا تصويرها؛ كما أن مخطط الأنفاق يشمل محاولة الاحتلال الدخول من خلال حائط البراق وعلينا التصدي لذلك سريعًا.

إن الاقتحامات اليومية للمستوطنين والمتطرفين واستغلال الأوضاع الكارثية والمجازر في غزة فرصة لتنفيذ مخططات اليهود منذ عشرات السنين في باحات الأقصى. وكذلك سلسلة الأنفاق الأخيرة تعتبر من أخطر المشاريع الاستيطانية الكارثية التي تمتد تحت المسجد الأقصى.

العالم العربي والإسلامي بات مطالبًا الآن بأن يكون له دور أكثر صرامة وحدّة بعيدًا عن الشجب والإدانة في مواجهة تصرفات المستوطنين وحكومة الاحتلال الفاشية ووقف محاولة طمس الهوية ومحو المعالم والنقوش الإسلامية في المسجد الأقصى؛ لأن ثمة تصرفات أو تحركات من العالم الإسلامي كفيلة جدًا بأن تعيد الغرب حساباته مرة أخرى تجاه دولة الاحتلال.

المصادر:

– آرتي عربي

– الجزيرة

– نبض

– القسطل

– موقع قناة النيل للأخبار

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.