fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

دراسة| قانون الهوية اليهودية الجديد لدولة الكيان الصهيوني

168

سابقت حكومة الاحتلال الصهيوني الزمن لفرض سياساتها العدوانية والتصعيدية على أهل مدينة القدس المحتلة، بعد الفرصة الذهبية التي منحها إياها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بعدما اعترف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، وطوال سنوات عانى المقدسيون قوانين العنصرية والتهجير والتنكيل وسرقة الأراضي والحقوق والأملاك والاستيطان، ليضاف إليها مؤخراً قانون أكثر خطورة يسمى “سحب الجنسية” (الهوية المقدسية) ، وبعد مصادقة الكنيست الصهيوني ، على مشروع القانون الذي يتيح سحب الهويات الإسرائيلية التي تمنحهم إقامات دائمة من السكان العرب بالقدس المحتلة ، سرت حالة من الغضب في الشارع الفلسطيني عموماً والمقدسي خصوصاً، معتبرين القانون “عنصرية” واستهدافاً مباشراً للوجود الفلسطيني، وبداية لمرحلة التهجير الكبيرة.

بنود قانون الهوية الهيودية لدولة الكيان الصهيوني[1]

قانون أساس:

“إسرائيل – الدولة القومية للشعب اليهودي”

1- المبادئ الأساسية

(أ‌) أرض إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي، وفيها قامت دولة إسرائيل.

(ب‌) دولة إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي، وفيها يقوم بممارسة حقه الطبيعي والثقافي والديني والتاريخي لتقرير المصير.

(ج‌) ممارسة حق تقرير المصير في دولة إسرائيل حصرية للشعب اليهودي

2- رموز الدولة

(أ‌) اسم الدولة “دولة إسرائيل”.

(ب‌) علم الدولة أبيض وعليه خطان أزرقان وفي وسطه نجمة داود زرقاء.

(ت‌) شعار الدولة هو الشمعدان السباعي، وعلى جنبيه غصنا زيتون، وكلمة إسرائيل تحته.

(ث‌) النشيد الوطني للدولة هو نشيد “هتكفا”.

(ج‌) تفاصيل رموز الدولة تحدد في القانون.

3-عاصمة الدولة : القدس الكاملة والموحدة هي عاصمة اسرائيل.

4– اللغة

(أ‌) اللغة العبرية هي لغة الدولة.

(ب‌) اللغة العربية لها مكانة خاصة في الدولة، تنظيم استعمال اللغة العربية في المؤسسات الرسمية او في التوجه اليها يكون بموجب القانون.

(ت‌) لا يمس المذكور في هذا البند بالمكانة الممنوحة فعليًا للغة العربية.

5-لمّ الشتات تكون الدولة مفتوحة امام قدوم اليهود ولمّ الشتات

6-العلاقة مع الشعب اليهودي

(أ‌) تهتم الدولة بالمحافظة على سلامة أبناء الشعب اليهودي ومواطنيها، الذين تواجههم مشاكل بسبب كونهم يهودًا او مواطنين في الدولة.

(ب‌) تعمل الدولة في الشتات للمحافظة على العلاقة بين الدولة وأبناء الشعب اليهودي.

(ت‌) تعمل الدولة على المحافظة على الميراث الثقافي والتاريخي والديني اليهودي لدى يهود الشتات.

7-الاستيطان اليهودي : تعتبر الدولة تطوير استيطان يهودي قيمة قومية، وتعمل لأجل تشجيعه ودعم إقامته وتثبيته.

8-التقويم الرسمي: التقويم العبري هو التقويم الرسمي للدولة، وإلى جانبه يكون التقويم الميلادي تقويمًا رسميًا.

9-يوم الاستقلال ويوم الذكرى

(أ‌) يوم الاستقلال هو العيد القومي الرسمي للدولة.

(ب‌) يوم ذكرى الجنود الذين سقطوا في معارك إسرائيل ويوم ذكرى الكارثة والبطولة هما يوما الذكرى الرسميين للدولة.

10– أيام الراحة والعطل: يوم السبت واعياد الشعب اليهودي هي أيام العطلة الثابتة في الدولة. لدى غير اليهود الحق في أيام عطلة في اعيادهم، وتفاصيل ذلك تحدد في القانون.

11-نفاذ القانون: أي تغيير في هذا القانون يستلزم أغلبية مطلقة من أعضاء الكنيست.

 

الآثار المترتبة على القانون

  • قانون اساس :

من المعلوم ان دولة الكيان المحتل  لا تملك دستوراً وإنما تسير شئونها من خلال مجموعة من القوانين الأساسية و هذا القانون قد أضيف اليها في محاولة ممنهجة لاكساب مخططات الكيان المحتل شرعية قانونية.

  • اهدار اصنام العجوة المسماه بالديموقراطية و العلمانية (فصل الدين عن الدولة) :

حيث يترتب على القانون أن الكيان الصهيوني  هي “الدولة القومية للشعب اليهودي”، وأن حق تقرير المصير فيها “يخص الشعب اليهودي فقط”، الأمر الذي يستثني غيرهم من ابناء الديانات الاخرى (خصوصا عرب 48) ويهمش دورهم السياسي والاجتماعي في البلاد. ويلزم القانون المحكمة العليا في الكيان الصهيوني  بتفضيل “الهوية اليهودية للدولة” على القيم الديمقراطية في حال وقع تناقض بين الهوية والديمقراطية، في بلد لطالما تغنى بالديمقراطية واتهم غيره بالعنصرية. فقد عمد الوزراء الذين عملوا على بلورة القانون إلى حذف أي ذكر للديمقراطية، لكنهم اضطروا إلى الإتيان على ذكرها بشكل صوري بعد الضجة الكبيرة التي تم إثارتها بشأن هذه النقطة بالتحديد.

  • اللغة مصدر من مصادر الهوية :

فيما يتعلق بلغة الاأراضي المحتلة ، فقد تم استبعاد اللغة العربية، التي كانت إلى جانب العبرية لغة شبه رسمية للدولة، إذ ستصبح العبرية اللغة الرسمية في إسرائيل، على أن يكون للعربية “مكانة خاصة” وفق ما ينص القانون و هو ما يرسخ هوية الدولة الدينية و يعمل على ترسيخ واقع جديد وفق طبيعة المرحلة في اطار المراحل الاستراتيجية لترسيخ الاحتلال .

  • تغيير ديموغرافية القدس (التركيبة السكانية) :

يمنح القانون الحكومة حق سحب الهوية الإسرائيلية من أي مواطن عربي من سكان القدس، في حال إدانته بالمشاركة في “نشاطات معادية للدولة” و هى عبارة فضفاضة يسمح بغطاء قانونى لكافة اعمال التهويد و طمس هوية مدينة القدس حيث انه بموجب القانون الجديد سيكون بإمكان سلطات الاحتلال طرد كل من يتم سحب الإقامة منه إلى خارج هذه المناطق. وينص المشروع على السماح لوزير الأمن الداخلي بسحب الإقامة الدائمة من أي مقيم في الأراضي المحتلة إذا قدّم وثائق مزوّرة للحصول على الإقامة، أو إذا ارتكب أعمالاً تشكّل خطورة على سلامة الجمهور وأمنه، أو إذا مسّ بأمن “إسرائيل”. وسينطبق هذا على كل المهاجرين الذين وصلوا الأراضي المحتلة، وكذلك على سكان شرقي القدس.

  • شرعنة جريمة الاستيطان:

يخالف هذا البند من القانون مخالفة صارخة للقوانين الدولية، حيث يضفى الصبغة القانونية و الشرعية  لجرائم الاستيطان و مصادرة و نزع الاراض الفلسطينية لصالح اليهود بل يشجعه و يدعمه بصورة فجة إذ ينص على أن “تنمية الاستيطان اليهودي من القيم الوطنية، وستعمل (إسرائيل) على تشجيعه ودعم الاستيطان“. و هو امر مخالف لكافة الاعراف و القوانين الدولية و انتهاكا لها بحيث اظهر  مدي التبجح و اذراء الكيان الصهيوني للقوانين و الاعراف الدولية التي صيغت لحفظ الحقوق الاصلية و مواجهة محاولات ادعاء حقوق مكتسبة مزيفة.

 

الموقف الفلسطيني من القانون

  • منظمة التحرير الفلسطينية ( التى تسيطر عليها حركة فتح):

كشف أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية د. صائب عريقات[2]، أن فلسطين ستقدم شكوى إلى محكمة العدل الدولية في شأن قانون «القومية اليهودية»، الذي أقره «الكنيست» واعتبر بموجبه إسرائيل «دولة يهودية» ومنح اليهود حق الاستيطان في أرض فلسطين من البحر إلى النهر. قائلا «إن بعثة فلسطين لدى الأمم المتحدة ستقدم سؤالاً إلى الدائرة القانونية في الأمم المتحدة في شأن مشروعية (قانون القومية) ومدى توافقه مع ميثاق المنظمة الدولية». وأضاف: «إذا كان (القانون) يخالف ويناقض كل ما قامت عليه الأمم المتحدة لتحقيقه من أمن واستقرار وتعايش وحل بالطرق السلمية، فإن عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة سيكون عليها علامة سؤال». «إن هناك اتصالات مع دول العالم لإطلاعها على خطورة هذا القانون، والتوجه إلى محكمة العدل الدولية لتقديم رأي كامل حول اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل، وحول هذا القانون، لمعرفة موقفها، خصوصاً أنه يدمر كل ما سعت الأمم المتحدة إلى تطبيقه». «سنقدم طلباً إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لتوضيح إذا كان من حق إسرائيل بهذا القانون الاحتفاظ بعضويتها في الجمعية العامة، التي بدورها حرمت جنوب أفريقيا عام 1964 من ممارسة صلاحياتها من الأمم المتحدة بسبب قوانينها وقراراتها، وهذا القانون أشد خطراً، وإلى زوال» . ” إن قانون «القومية اليهودية» «نسف كافة المرجعيات وقرارات الشرعية الدولية التي اتخذت منذ 1949».

  • حركة المقاومة الاسلامية (حماس):

وصف الناطق باسم حركة “حماس” فوزي برهوم[3] إقرار “قانون القومية” بأنه “شرعنة رسمية للعنصرية الإسرائيلية، واستهداف خطير للوجود الفلسطيني وحقه التاريخي في أرضه، وسرقة واضحة لممتلكاته ومقدراته”. ” ان هذه السياسات الإسرائيلية الخطيرة تتطلب وحدة وقوة وتماسك الشعب الفلسطيني ومكوناته المختلفة، والتوافق العاجل على استراتيجية وطنية نحمي بها شعبنا وندافع عن حقوقه ومقدراته”.

  • الهيئة الاسلامية العليا :

اعتبر رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، عكرمة صبري، اعتبر أن القانون الأخير هو “الأخطر” الذي يهدد وجود الفلسطينيين بالقدس المحتلة. مؤكدا أن حكومة الاحتلال تسعى من خلال تلك القوانين العنصرية إلى محو الوجود الفلسطيني في المدينة المقدسة، بعد أن حصلت على الضوء الأخضر الأمريكي والدولي. وأن هذه القوانين “قد تكون شرارة مواجهات جديدة وعاصفة داخل مدينة القدس تستمر شهوراً طويلة”، معتبراً أن حكومة الاحتلال “تلعب بالنار، وتحاول أن تسابق الزمن لفرض سياسة الأمر الواقع على المدينة المحتلة وسكانها بقوانين ظالمة وعنصرية”.  “حكومة الاحتلال تعلم أن وضع القدس بات أشبه بقنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة؛ بسبب خطواتها التعسفية بحق المقدسيين، ومن ثم فهي تحاول من خلال تلك القوانين فرض سيطرتها ومنع أي خطر عليها”.”أن كل تلك القوانين لن تفلح في القضاء على روح المقدسيين بالدفاع عن أرضهم وحقوقهم وما يجري بحق أقصاهم”، وقال إن الاحتلال “سيفاجأ بأن كل قانون عنصري جديد سيقابله صمود ورد أقوى”.[4]

موقف الدول العربية من القانون

  • الموقف الرسمي لمصر من القانون :

أعلنت مصر رفضها تبني الكنيست الإسرائيلي لقانون “يهودية الدولة”، مؤكدة أن القانون يكرس لمفهوم الاحتلال والفصل العنصري، ويقوض فرص السلام والتوصل لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية. حيث اعلنت الخارجية المصرية، في بيان لها ” عن رفضها لتبني الكنيست الإسرائيلي لقانون “الدولة القومية للشعب اليهودي”، والذي ينص على أن إسرائيل هي الوطن القومي للشعب اليهودي الذي يعود له حصراً حق تقرير المصير، لتداعياته التي تكرس من مفهوم الاحتلال والفصل العنصري، وتقوض من فرص تحقيق السلام والوصول إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، فضلا عما ينطوي عليه من آثار محتملة على حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وهو حق ثابت نصت عليه مقررات الشرعية الدولية وغير قابل للتصرف”.[5]

  • الموقف السعودي من القانون:

عبر رئيس مجلس الشورى السعودي، عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، عن رفض المملكة العربية السعودية واستنكارها لإقرار الكنيست الإسرائيلي القانون المسمى “الدولة القومية للشعب اليهودي”. قائلا “المملكة تؤكد أن هذا القانون يتعارض مع أحكام القانون الدولي ومبادئ الشرعية الدولية، والمبادئ السامية لحقوق الإنسان، ومن شأنه تعطيل الجهود الدولية الرامية إلى إيجاد حل سلمي للنزاع الفلسطيني والإسرائيلي، وعلى المجتمع الدولي الاضطلاع بمسؤولياته والتصدي لهذا القانون أو أي محاولات إسرائيلية تهدف إلى تكريس التمييز العنصري ضد الشعب الفلسطيني ومحاولة طمس هويته الوطنية والمساس بحقوقه المشروعة”.[6]

  • الموقف الاردنى من القانون:

اعتبر الأردن، أن قانون “القومية” الذي أقره الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي ، يمثل “تعارضًا صارخًا مع القانون الدولي، ويكرس الفصل العنصري”. حيث اعلنت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام جمانة غنيمات، في بيان بثته وكالة الأنباء الرسمية، إن “القانون الإسرائيلي الجديد يكرس الفصل العنصري في إسرائيل والأراضي المحتلة[7]”.

  • الموقف التونسي من القانون :

أدانت وزارة الخارجية التونسية ، تبني الكنيست الإسرائيلي قانون قومية الدولة الذي يعرف إسرائيل بأنها “دولة يهودية”، داعية إلى توفير حماية دولية للفلسطينيين والتصدي للسياسات الإسرائيلية التي وصفتها بالعنصرية. ففي بيان صادر عن الخارجية التونسية، “تعبر تونس عن إدانتها الشديدة لهذا الإجراء الذي يكرس مرة أخرى استهتار إسرائيل بقرارات الشرعية الدولية وتنكرها للحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، وخاصة حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، التي بدونها لا يمكن أن تنعم المنطقة بالأمن والاستقرار”[8].

  • الموقف اللبناني من القانون :

اعتبر الرئيس اللبناني العماد ميشال عون أنّ “مصادقة الكنيست الإسرائيلي على ما يسمى قانون القومية هو عدوان جديد على الشعب الفلسطيني وحقه بتقرير مصيره، وبدولة مستقلة عاصمتها القدس، وباستعادة كامل أراضيه”.”هذا القانون الذي يلغي حق العودة لفلسطينيي الشتات ويفتح باب الهجرات واسعاً أمام اليهود هو انتهاك صارخ لقرارات الأمم المتحدة التي أكدت على حق العودة للفلسطينيين وفي مقدمها القرار رقم 194″.[9]

  • الموقف التركي من القانون :

أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن القانون الإسرائيلي الذي ينص على أن اليهود فقط لهم حق تقرير المصير يضفي شرعية على القمع ويظهر أن إسرائيل دولة فاشية وعنصرية مشيرا إلى أن روح هتلر عاودت الظهور بين الإداريين في إسرائيل“. وقال أردوغان خلال لقاء لنواب البرلمان من حزب العدالة والتنمية الحاكم: “لا يوجد فرق بين هوس هتلر بالعرق الآري وعقلية إسرائيل وهذا القانون يظهر أن إسرائيل أكثر دولة صهيونية وفاشية وعنصرية في العالم“ ودعا المجتمع الدولي إلى التحرك ضدها[10].

  • الموقف القطري من القانون :

أعلنت دولة قطر “استنكارها” الشديد لما يسمى بقانون القومية الذي تبنتها إسرائيل، مؤكدة على أنه قانون يكرس للعنصرية ويقضي على ما تبقى من آمال في عملية السلام وحل الدولتين. ووفقا لبيان وزارة الخارجية القطرية، تعد هذه الخطوة “نكسةً في طريق التعايش والسلام العادل وتمييزا صارخا تجاه العرب من أصحاب الأرض في الوقت الذي تتجه فيه الحضارة الإنسانية إلى الاحتفاء بالتنوع وإلى تعضيد قيم التسامح والتفاعل الحضاري البناء بين الشعوب والثقافات واللغات المختلفة”[11].

و يرى محللون و سياسيون ان سحب هويات الإقامة من المقدسيين استهداف للوجود الفلسطيني في عاصمتنا المحتلة حيث ان هذا القانون يعكس استخفاف دولة الاحتلال بالقانون الدولي والإنساني والاتفاقيات الأممية، ويهدف إلى تهجير المقدسيين قسراً، وتفريغ المدينة المقدسة من سكانها الأصليين في انتهاك صريح وفاضح لاتفاقية جنيف الرابعة و أن حرمان الإنسان من هويته وتجريده منها “عمل لا أخلاقي، ومناف لجميع القيم الإنسانية والأخلاقية”، و أن “إسرائيل حوّلت الفلسطينيين المقدسيين من السكان الأصليين للمدينة المقدسة إلى مقيمين، وعملت على إقرار تشريعات ظالمة لحرمانهم من الهويات، وقامت بسحبها من نحو 14500 مواطن فلسطيني مقدسي”.حيث يهدف الاحتلال الي تكريس محاولات خلق واقع جديد على الأرض لإنهاء حل الدولتين، والقضاء على فرص السلام وزعزعة أمن المنطقة واستقرارها[12].

تشير أرقام مركز القدس للمساعدة القانونية إلى أن تعداد الفلسطينيين بمدينة القدس يبلغ 315 ألفاً و633 مواطناً، بينهم 21 ألفاً و28 حصلوا على الهوية الإسرائيلية. ويشمل هذا العدد الفلسطينيين من الأراضي المحتلة عام 48 والذين نقلوا أماكن إقامتهم إلى القدس، كما يشمل جزءاً من أهالي قرية “بيت صفافا” جنوباً، ممَّن أعطيت لهم هوية إسرائيلية قبل احتلال القدس عام 1967.[13]

و لقد جاءت مصادقة الكنيست الإسرائيلى يوم 19/7/2018 على قانون أساس الدولة القومية بأغلبية 62 نائباً مقابل 55 نائباً ، ضمن سلسلة خطوات وإجراءات منهجية لاستكمال السيطرة على الأراضى الفلسطينية والتى تأتى ضمن تحقيق مشروعهم الأوسع بإيجاد ما يسمى إسرائيل الكبرى، فقانون القومية بما تضمنه من بنود يؤكد بأن طبيعة الصراع مع العدو الإسرائيلى هو صراع وجود وليس صراع حدود، حيث لم يرد أى بند فى القانون يحدد حدود معالم دولة إسرائيل، كما يعزز حالة العنصرية والتمييز العرقى [14].

ويعد هذا القانون هو الأخطر فى تاريخ الكيان المحتل لان مصادقة السلطة التشريعية للكيان المحتل عليه يؤكد أن دولة الاحتلال الصهيونية قائمة على التعصب والاستعلاء العنصرى، خاصة أن الصهيونية تستمد جذورها الأيديولوجية من إرث الشعب المُختار, وهو ما سيطرح العديد من المخاطر والتهديدات على مستقبل الشعب العربى الفلسطينى، حيث سيعزز الاستيطان الاستعمارى الكامل لفلسطين التاريخية دون تمييز بين أراضى 48 و67 و التى يمكن القول ان تلاشت سياسيا بعد اتفاقات اوسلو للسلام ضمن المخططات الاستراتيجية الممنهجة للتعامل مع قضية الاحتلال من قبل الكيان المحتل و داعميه من الولايات المتحدة الامريكية و اوروبا ، و يأتى هذا القانون متزامنا مع الإسراع فى سياسة و مخططات تهويد الاراض المحتلة و تغيرها ديموغرافيا و التطهير العرقى للفلسطينيين و ترحيلهم  من أرضهم، فضلاً عن طمس الهوية والشخصية والثقافة الوطنية كلياً، من خلال إلغاء دور ومكانة اللغة العربية، وإلغاء القوانين والمواثيق الأممية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالصراع الفلسطينى/ الإسرائيلى، ومن ثم شطب وتصفية ملفات اللاجئين والقدس والحدود والأمن والإستيطان بشكل يضمن تصفية ما تبقي من اثار للقضية ، وتغيير قواعد اللعبة كلياً، حيث أعطى قانون يهودية الدولة حق تقرير المصير لليهود دون سواهم لخدمة أهداف اليمين الصهيونى الذى يعمل على إحياء حلم الآباء ليس لتصفية القضية الفلسطينية فقط وبشكل نهائى ولكن تصفية شعب بكامله لصالح كيان يكرس العنصرية ويمنحها قانوناً.

ويمثل هذا القانون يمثل هذا الإجراء منعطفاً قانونياً وسياسياً جديداً ونقطة تحول نوعية فى المواجهة المحتدمة بين المشروعين الفلسطينى العربى من جهة، والصهيونى الأمريكى من جهة ثانية، لما له من دلالات وتداعيات على مستقبل الصراع لأن القانون فتح الباب أمام عمليات الاستيطان الاستعمارية لليهود فقط دون سواهم فى فلسطين كلها من النهر للبحر دون تحديد حيث يأتى هذا القانون ضمن ارهاصات ما اعلن عنه تحت عنوان صفقة القرن  لحل القضية الفلسطينية و التى شملت عدد من الاجراءات التى تمثل بوضوح تصفية كاملة للقضية سواء سياسيا او قانونية او دوليا و جغرافيا و ديموغرافيا.

يأتى هذا القانون لينسف أي مظهر للديموقراطية المزيفة في إسرائيل، الديموقراطية المُفصّلة على المقياس العنصري والمخصصة لليهود فقط، ويحسم ما وصف بالتوتر بين الطابع اليهودي والطابع الديموقراطي للدولة بحيث يصبح التعريف وفق القانون الجديد دولة يهودية غير ديموقراطية، فلا إشارة في القانون الجديد للديموقراطية والمساواة بين جميع المكونات، ليصبح بمجمله مجموعة من البنود التي تؤكّد التفوق العنصري (العرقي) لليهود كأفراد وكشعب في كل المجالات، وهو لا يترك مجالاً للشك بأن هناك نوعين من المواطنة: لليهود مواطنة درجة أولى وللعرب درجة ثانية. فهذا القانون، لم يهبط فجأة، بل يرتبط بسياق سياسي ينطوي على جملة تطورات حصلت على مستوى الصراع الفلسطيني مع الاحتلال خلال العقدين الأخيرين، تلك التطورات التي أحدثت هزات ارتدادية داخل المجتمع الإسرائيلي، نتج منها تحوّلات عميقة في بنيته السياسية عبّرت عن ذاتها في العقد الأخير لجهة الانزياحات المتتالية باتجاه اليمين وسطوة الأحزاب الدينية اليهودية الموغلة في التطرف . حيث تم وضع مشروع القانون على جدول أعمال الكنيست منذ سبع سنوات، في ظل رفض الجانب الفلسطيني الاستجابة لشرط الاعتراف بـإسرائيل كدولة يهودية، وهي الورقة التي بدأت حكومة اليمين، بقيادة نتانياهو، التلويح بها لوضع المزيد من العقبات في وجه العملية السياسية المتعثرة، والضغط على الفلسطينيين وابتزازهم.[15]

إنَّ ما طرحته القائمة العربية في الكنيست من ورقة مضادة تحت عنوان «تحويل إسرائيل إلى دولة كل مواطنيها»، مسألة في غاية الأهمية، وتفتح الطريق أمام الجماهير العربية في الداخل المحتل عام 1948 ومعها قوى الديموقراطية والسلام في إسرائيل لخوض المعارك السياسية الكبرى مع الاحتلال وسياسات الاحتلال، وفي مواجهة الأحزاب المتطرفة التي وجدت تعبيرها السياسي في تيار الصهيونية الدينية، مجسداً بحزب «البيت اليهودي» في شكلٍ خاص.

و يمكن اجمال القول في التعليق علي هذا القانون في النقاط التالية:

  1. هذا القانون ياتى في سياق انهاء و تصفية القضية الفلسطينية و التي اعلن عنها تحت عنوان “صفقة القرن” حيث يأتي كخطوة تنفيذية ضمن مخططات الكيان الصهيوني المحتل من طرف واحد مدعوما من الادراة الامريكية و ضوء اخضر من الدول الغربية
  2. يوضح هذا القانون حالة الضعف و التردي العربي خصوصا فيما يتعلق بقضايا الازمات العربية ذات الاهتمام المشترك و هو ما بدا جليا من خلال التغير الاستراتيجي و الجوهرى في التعامل مع القضية الفلسطينية و الصراع مع الكيان الصهيوني المحتل من خلال انه شأن فلسطيني خاص و لا يتعدى دور الانظمة العربية و منظاتهم دور الداعم او الراعى للسلطة الفلسطينية في تقرير ما تراه مناسبا
  3. تمثل المفاوضات و الاتفاقيات التي تمت في اوسلو في سبتمبر 1993 الشرارة الاولى للمرحلة الجديدة من تغيير طبيعة الصراع مع الكيان المحتل من خلال نقل و حصر ادارة القضية الفلسطينية و تقرير مصيرها في يد السلطة الفلسطينية ، اضافة الي ما ترتب عليها من واقع جديد بتلاشي و نهاية عملية للمطالبات الاعلامية من الانظمة العربية ذات الصلة بالقضية بأن اساس حل القضية هو العودة الي حدود 48 و 67 و بالتالي بدأت الكيان المحتل في الانتقال الي المرحلة الجيدية من ادراة الصراع و فرض واقع جديد للازمة
  4. يمثل رد الفعل العربي سواء الرسمي او الشعبي فصلا من فصول الضعف و التردي و تراجع الاهتمام بالقضية الي تحول جذري في تعاطي جل الانظمة العربية من تطوير العلاقات و التطبيع مع الكيان المحتل بشكل رسمي او غير رسمي في مختلف المجالات (سياسية – دبلوماسية – اقتصادية – امنية – ثقافية – رياضية) بصورة تدعو للازدراء و الحسرة فهذا الفصل من الصراع يمكن القول بأنه كاشفا لحقيقة التردي و السقوط العربي و الاسلامي اكثر من منشأ لوضع جديد.
  5. استمرار ادارة الصراع مع الكيان المحتل وفق قواعد اللعبة الغربية بالركون الي مقررات الامم المتحدة و قوانينها و قراراتها الوهمية اصبح امر مموج و يدعو الي الشفقة ، و ان خطاب المطالبين بحل الدولتين القائم علي قرارات الامم المتحدة و اعتباره خيارا استراتيجيا اصبح خطابا خارج سياق الواقع و الزمن و ما هي الا عبارات اعلامية لم تعد تمثل حتى ادنى حدود اللباقة و احترام العقل و المنطق. فالصراع بات واضحا لكل ذي عينين او ادنى ادراك للحواس المختلفة انه صراع ايدلوجيا بالمقام الاول و ان الاستراتيجيات الحالية البالية قد تعتبر فصل مخزيا من فصول القضية و قد ترقى في بعض الاعتبارات الي خيانتها.
  6. يجب اعادة بناء استراتيجية مواجهة جديدة قائمة علي ادراك حقيقي للقضية و طبيعة الصراع من خلال مسارات عملية حقيقية في المحاور المختلفة ” سياسيا – اقتصاديا – اعلاميا – مجتمعيا – ثقافيا – عسكريا “.

[1] وكالة الاناضول

[2] مؤتمر صحفي

[3] الحياة اللندنية

[4] الخليج اون لاين

[5] الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية المصرية

[6] صحفية سبق السعودية

[7] الوكالة الرسمية للأردن (بترا)

[8]  Sputnik

[9] اليوم السابع

[10] وكالة الصحافة اليمنية

[11] Sputnik

[12] الخليج اون لاين: نقلا عن حنان عشراوي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية

[13] الخليج اون لاين

[14] الاهرام : مقال للواء محمد عبد المقصود

[15] الحياة اللندنية : علي بدوان المتخصص فى الشئون العربية والدولية

التعليقات مغلقة.