fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

دراسة تحليلية حول الأزمة الليبية وانعكاساتها على الأمن القومي المصري

1٬096

صفحة (6/3)

  • المبحث الثاني: التقسيم الداخلي للأطراف الليبية:

المجتمع الليبي مجتمع قبلي بطبيعته، تلعب القبيلة فيه الدور الرئيسي في تشكيل خارطة الولاءات والانتماءات، وكانت الحقبة الملكية ترتكز بشكل أساسي على تحالفات قبلية، واستفاد منها معمر القذافي في نظامه السياسي، بينما قام بإلغاء الأحزاب السياسية، واستغلت القبائل الغياب شبه الكامل لدور الجيش والشرطة والمنظومة المؤسسية لصالحها من خلال الحصول على النفوذ والمكاسب المادية.

والمشهد الداخلي الحالي يمكن التمييز فيه بين ثلاثة مستويات من الأطياف الفاعلة، لكلٍّ منها توجهاتها ومصالحها وترابطها مع أحد أطراف المستوى الآخر، وهذه المستويات هي: المستوى القبلي، ومستوى الجبهات السياسية، ومستوى المليشيات المسلحة.

أولاً: المستوى القبلي في الصراع الليبي:

مع سقوط نظام القذافي، وما تبعه من انهيار لمؤسسات الجيش والشرطة، لم تجد القبائل بدًّا من القيام بدور المؤسسة الأمنية في الدفاع عن نفسها، والمناطق التي تتواجد بها؛ ما دفعها إلى تشكيل ما يسمَّى: بـ”الميليشيات القبلية” سواء من أفراد الجيش السابقين أو من منتسبي القبيلة المدنيين.

ومِن ثَمَّ بات للقبائل دور كبير في رسم الخارطة السياسية الليبية، وزاد من نفوذها: قيام قوات الجيش الوطني في المنطقة الشرقية بالاتفاق مع القبائل الكبرى لتشكيل تحالف إقليمي لمواجهة الميلشيات المتطرفة، مثل: “أنصار الشريعة”، و”داعش”، لكن الوضع يختلف بشكلٍ كبيرٍ في المناطق الغربية والجنوبية، حيث تسيطر الميليشيات القبلية على القرار السياسي في تلك المناطق، كما هو الحال مع قبيلة أولاد سليمان في الجنوب، وهي تمتلك أكبر ميليشيات المنطقة، وتتدخل في الشأن السياسي بشكل لافت للنظر بغية الحصول على مكاسب ونفوذ عن طريق المحاصصة، وكذلك حال ميليشيات قبائل مصراتة والزنتان في المنطقة الغربية.

  • خارطة الصراع القبلي في ليبيا:

هناك نحو 140 قبيلة ليبية لها تداخلات وعلاقات وترابطات عائلية وجغرافية مع دول الجوار؛ إلا أن القبائل الأكثر تأثيرًا في المشهد السياسي لا تتجاوز 30 قبيلة، وتكتلًا عائليًّا، ومع ذلك استطاعت أن تفرض نفسها من خلال ميليشياتها المسلحة وتتحول إلى اللاعبين في المشهد الليبي، ورغم ذلك؛ فإن ليبيا ليست مجتمعًا قبليًّا محضًا، فللمجتمعات المتحضرة “المدن” دورها، وتنقسم كل قبيلة إلى توجهات سياسية مختلفة ومتناقضة، وفي القبائل الليبية عدد من الوجهاء، ولكل منهم تأثير محدود وغير شامل.

والميليشيات المسلحة القبلية تغذي في الغالب طرفي الصراع: السراج وحفتر، ومن الصعب لأي طرف تحقيق أي انتصارات ميدانية دون الدعم القبلي، ولعل الدور الذي قامت به قبيلة المغاربة في مساندة قوات حفتر أبلغ تجسيد لقوة التأثير القبلي في المشهد.

وتتوزع القبائل على ثلاثة محاور:
  • الأول: قبائل غرب ليبيا: (إقليم طرابلس):

تسيطر خمس قبائل كبيرة على صناعة القرار السياسي والأمني في منطقة غرب ليبيا بصورة كبيرة؛ لما تمتلكه من مقومات أمنية وشعبية كبيرة:

1- قبيلة الورفلة: أكبر القبائل الليبية؛ إذ يتجاوز عدد أبنائها مليون نسمة، أي: ما يقرب من سدس سكان ليبيا، وتتمركز في منطقة فزان في جنوب وجنوب شرق العاصمة طرابلس. وتشكل هذه القبيلة إحدى أبرز دعائم مواجهة الجماعات المتطرفة.

2- قبيلة المقارحة: مناهضة للجماعات الإرهابية أيضًا، في وادي الشاطئ في الوسط الغربي الليبي.

3- قبائل ترهونة: المكونة من حوالي 60 قبيلة فرعية، وتتمركز في جنوب غرب طرابلس ويشكل أبناؤها ثلث سكان العاصمة، وكانت قبائل ترهونة قد دعت إلى “مقاومة كل أشكال التدخل الخارجي، وفي مقدمته: الغزو التركي ومَن يسانده”، وتوعدت بمقاضاة تركيا وقطر أمام المحاكم الدولية، مؤكدة أنها ستقف خلف “الجيش الوطني” بكل ما تملك.

4- قبائل مصراتة، أكبر القبائل المعارضة لنظام حكم القذافي، وتملك تأثيرات قوية على درنة وبنغازي، كما أن لها علاقات كبيرة مع الجماعات

 

 المتطرفة، وقد سيطرت داعش على درنة 

قبل أن يتمكن الجيش الوطني من طردها، خاصة أن غالبية المنتمين إلى ميلشيات “درع ليبيا” فصائل من الإخوان المسلمين الليبيين، المنتشرة في الغرب والوسط، ينتمون لهذه القبائل.

 

 

  • الثاني: قبائل شرق ليبيا: (إقليم برقة):

تجتمع جميع قبائل شرق ليبيا بصفة عامة على التصدي للجماعات المتطرفة والعنف المسلح والمهربين، ويقطن هذه المنطقة عدد من القبائل، أبرزها: العبيدات والبراعصة، والعواقير والمسامير، وتعرف بـ”قبائل برقة”، وتعد الداعم الرئيسي للجيش الوطني بقيادة “حفتر”، ويتكون منها عماد الجيش والشرطة، وتعيش في منطقة الجبل الأخضر وطبرق حتى نهاية بنينه بالقرب من بنغازي، ومعظم هذه القبائل لها امتدادات عائلية داخل مصر.

قبيلة المغاربة من أكثر القبائل تأثيرًا في المنطقة الشرقية، تنتشر في أجدابيا، والتي ينتمي إليها إبراهيم الجضران، قائد ميليشيات برقة المؤيد للفيدرالية، والذي حاصر الموانئ النفطية حتى وقت قريب، وكان للقبيلة دور ملحوظ في التوصل إلى اتفاق لإنهاء هذا الحصار بين الجضران والحكومة، كما تعد المغاربة من أكثر القبائل عداءً للجماعات المتطرفة الليبية، خاصة “أنصار الشريعة” في بنغازي، وكتيبة 17 فبراير في القوارش.

وتتميز قبائل المنطقة الشرقية دون غيرها من قبائل المناطق الأخرى بمزيدٍ مِن الاصطفاف مع عملية الكرامة التي قادها اللواء خليفة حفتر.

آخر القبائل في الشرق هم القذاذفة بمنطقة سبها وسط ليبيا، والتي ينتمي إليها معمر القذافي، وهي على عداء شديد مع حفتر، كما أنها تقف ضد حكومة السراج.

  • الثالث: قبائل جنوب ليبيا: (إقليم فزان):

تعاني قبائل الجنوب من تجاهل الأنظمة الحاكمة على مرِّ العصور، ويشهد الجنوب صراعات مستمرة بين القبائل التي تنحدر من أصول إفريقية التبو، والقبائل العربية الزوي، تستفيد من التجارة غير الشرعية والتهريب عبر الحدود مع دولة تشاد؛ كذلك هناك قبيلة أولاد سليمان التي تُعد من أكبر القبائل المسيطرة في الجنوب، وهي على عداء مع قبيلة الطوارق ذات الأصول الأمازيغية، والمحرومة من أدنى حقوقها الطبيعية كالأرقام القومية، وجوازات السفر.

وتعوِّل جميع الأطراف على القبائل سواء في الاستمداد منها بالدعم العسكري أو التأييد السياسي، وحقيقة تعد القبائل أحد الأطراف المعول عليها بشدة للوصول إلى حل توافقي مؤثر في المشهد.

وهناك قبائل وضعت المصلحة الوطنية فوق أي اعتبار، وكان هؤلاء مَن رفضوا تدخل الناتو عسكريًّا في 2011 على عكس بعض قبائل مصراتة وغريان والزاوية، أيدوا الناتو وتدمير البنية التحتية في ليبيا، وبعد سنوات كانت القبائل التي رفضت التدخل الأجنبي في ليبيا هي أول القبائل المساندة والداعمة للمشير خليفة حفتر في تأسيس نواة جديدة للجيش على إثر ما تبقى من الجيش الليبي، والانطلاق من بنغازي إلى الشرق الليبي، في عملية الكرامة مايو 2014، فانحازت كل قبائل الشرق الليبي تقريبًا له، ودخل العديد من أبناء قبائل ومدن شرق ليبيا في الجيش الوطني الليبي تحت قيادة خليفة حفتر.

بينما قبائل وسكان مصراتة وغريان والزاوية وبعض أهالي طرابلس، يؤيدون حكومة السراج ذي الأصول التركية، كما أن سكان تلك المدن: كمصراتة تحديدًا، انحازوا لأصولهم التركية.

ثانيًا: المستوى السياسي في الصراع الليبي:

تعود الأزمة الليبية إلى ضعف مؤسسات الدولة عن القيام بواجباتها، مع تزايد وجود جماعات مسلحة عديدة خارج سيطرة الحكومة.

وتوجد في ليبيا حاليًا أربع سلطات هي الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب برئاسة عبد الله الثني، ومقرها طبرق شرقًا، وحكومة الإنقاذ المنبثقة عن المؤتمر الوطني العام برئاسة خليفة الغويل، وحكومة الوفاق الوطني المنبثقة عن اتفاق الصخيرات([1]) برئاسة فايز السراج غربًا، فضلًا عن السلطة التي يمثلها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، والتي لا تخضع لحكومة الثني وإن تحالفت معها.

ويتصدّر المشهد الليبي الآن، ثلاثة أطراف رئيسة، هي: قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، ورئيس حكومة الوفاق الوطنية والمجلس الرئاسي فايز السرّاج، ورئيس مجلس النواب عُقيلة صالح.

1- مجلس النواب بطبرق:

برئاسة المستشار عقيلة صالح([2])، ويمثِّل البرلمان السلطة التشريعية الوحيدة المنتخبة في ليبيا، بدأ من 4 أغسطس 2014 خَلَفًا للمؤتمر الوطني العام.

مقر مجلس النواب الليبي هو مدينة بنغازي؛ إلا أنه وحسب الإعلان الدستوري بإمكان النواب عقد جلساته في أي مدينة أخرى، حيث توافق غالبية النواب على اختيار مدينة طبرق التي تنعم بالهدوء النسبي لعقد جلساتهم عوضًا عن بنغازي أو طرابلس اللتين كانت تشهد انفلاتًا أمنيًّا.

عدد نواب المجلس هم 200 نائب بينهم 12 نائبًا لن يتم تمثيلهم حيث لم يتمكن المواطنون من انتخابهم في بعض المناطق الليبية التي تشهد تدهورًا أمنيًّا (مثل: مدينة درنة، كانت تسيطر عليها داعش وقت الانتخابات).

ومعترف بالمجلس من المنظمات الدولية والإقليمية والأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي، والاتحاد الأوروبي، ورحَّبت به الحكومات الغربية والعربية.

وقد رفض برلمان طبرق الاعتراف بحكومة السراج – والتي تم فرضها في مؤتمر الصخيرات- بوصفها حكومة “مفروضة من أطراف دولية، ولا تحظى بإجماع من الليبيين، كما أنها لم تحصل على موافقة البرلمان، علمًا بأنها حكومة مدعومة من الأمم المتحدة.  

2- حكومة الوفاق بطرابلس:

متمثلة في رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج([3])، ورئيس مجلس الدولة خالد المشري، وقد دخل أعضاء حكومة الوفاق الوطني يوم 30 مارس 2016 إلى العاصمة الليبية طرابلس –بدعم من السفن الحربية الإيطالية- لمباشرة أعمالهم. وتحظى بدعم وتأييد الإخوان المسلمين “حزب العدالة والبناء”، والفصائل المتحالفة معهم، وتدعمها من خلال القوات العسكرية “درع ليبيا”، كما تحظى بتأييد بعض القبائل تركية الأصل داخل طرابلس التي ينتمي إليها السراج.

وتستمد حكومة الوفاق شرعيتها من الاعتراف الدولي وفق الاتفاق الذي وقعه في مدينة الصخيرات المغربية في ديسمبر سنة 2015 برعاية الأمم المتحدة، ونتج عن الاتفاق السياسي ثلاثة أجسام سياسية، هي: المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، ومجلس النواب “البرلمان”، والمجلس الأعلى للدولة “الاستشاري”.

وتستمد الوفاق قوتها من سيطرتها على البنك المركزي الليبي في طرابلس، وتحكمها في موارد النفط، ويتعامل معها المجتمع الدولي، وتحظى بدعم الأمم المتحدة، ويراهن عليها المجتمع الدولي في مواجهة الجماعات المتطرفة وعصابات الاتجار بالبشر (وقف موجات الهجرة إلى أوروبا وإعادة المهاجرين إلى معسكرات اعتقال في ليبيا).

3- سلطة الحاكم العام خليفة حفتر: “بني غازي”:

أعلن المشير خليفة بلقاسم حفتر([4]) – قائد قوات شرق ليبيا أو ما يعرف بالجيش الوطني الليبي -نفسه حاكمًا عامًّا على ليبيا، وقبوله ما أسماه: “تفويض الليبيين له في قيادة البلاد، وإسقاط اتفاق الصخيرات السياسي الليبي” الموقَّع بإشراف أممي في المغرب.

وقد رُفض إعلان حفتر مِن قِبَل مجلس النواب في طبرق ورئيسه عقيلة صالح، معتبرًا أن حفتر انقلب حتى على الأجسام السياسية الموازية التي تدعمه وعينته في منصبه -ومؤخرًا قامت مصر بالتوفيق بين الطرفين-، وجاءت ردود الفعل الخارجية متفقة مع موقف برلمان طبرق، بما فيها حلفاء حفتر مصر والإمارات وروسيا، والخارجية الروسية وصفت خطوة حفتر بـ”الـمفاجئة”.

جاء إعلان حفتر ليقضي على الآمال المنعقدة على مبادرة([5]) المستشار عقيلة صالح لإنهاء الأزمة في البلاد، والتي كانت تلقى ترحيبًا من أطراف مؤتمر برلين([6])، والتي تضم ثماني نقاط ترتكز على إعادة هيكلة السلطة التنفيذية الحالية المنبثقة من الاتفاق السياسي الموقَّع في الصخيرات وإعادة اختيار أعضائها، وعلى الأقاليم التاريخية الثلاثة: (برقة وطرابلس وفزان)، وإعادة كتابة الدستور مع استمرار مجلس النواب إلى حين إجراء انتخابات تشريعية جديدة، وهي ما تم تطويره حاليًا في إعلان مبادرة القاهرة يونية 2020.

بينما يُنسب إلى حفتر توحيده لما يقرب من 80% من الأراضي الليبية وإخضاعها لسيطرة قوات الجيش انطلاقًا من حدود ليبيا الشرقية مع مصر، وأغلب المناطق الجنوبية، باستثناء المدن في الساحل الشمالي الغربي والعاصمة طرابلس.

ويعد حفتر هو الحاكم الفعلي لشرق ليبيا، لكن هناك إدارة مدنية تتولى اسميًّا السلطة هناك، وبنغازي هي مقر المؤسسات الحكومية الموازية؛ بالإضافة إلى البرلمان الوطني.

 

ثالثًا: مستوى فصائل والمليشيات المسلحة في الصراع الليبي:

تشير التقارير الدولية إلى وجود عددٍ مِن الكتائب والميليشيات المسلحة في ليبيا قد يصل إلى 300 ميليشيا مختلفة التسليح، بمختلف توجهاتها القبلية والسياسية والفكرية، أغلبها مليشيات قبلية منضوية أو متحالفة مع أحد طرفي الصراع السياسي؛ بالإضافة إلى جماعات متطرفة وإرهابية: كداعش، والقاعدة، وغيرهما، كما أن لجماعات التهريب والاتجار بالبشر مليشيات مسلحة في مناطق تواجدها بالجنوب.

ونذكر هنا أهم التشكيلات المسلحة ذات التأثير على الأرض والمسار السياسي:

1- قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي):

بقيادة المشير خليفة بلقاسم حفتر، تضم ائتلافًا واسعًا من الفِرَق والكتائب والمليشيات؛ إما خاضعة لقيادة حفتر أو متحالفة معه، وأغلبها مِن عناصر وفرق الجيش الليبي السابق، وبعض كتائب من (المداخلة) الليبيين، والمليشيات التي شكلتها قبائل شرق ليبيا، ما مكَّن حفتر من بسط سيطرته على كل الأراضي الشرقية في ليبيا، من سرت غربًا إلى الحدود المصرية، ومعظم حقول النفط ومرافق البنية التحتية للموانئ، وانتقلت إلى مهاجمة العاصمة طرابلس مع مطلع هذا العام.

وقوات حفتر هي الأكثر تسليحًا وقوامها بين 30 و45 ألف مقاتل، وأهم فصائلها في طبرق كتيبتان: كتيبة: “عمر المختار” التابعة لرئاسة الأركان في المنطقة العسكرية في طبرق، والثانية: كتيبة “71 مشاة” التابعة لرئاسة ركن الحدود، وفي البيضاء كتيبة: “حسين الجويفي”، وهي كتيبة أمن نظامية، ينتسب إليها مجموعة من الضباط والأفراد الذين يدينون بالولاء لحفتر.

وفي المرج تتمركز كتيبة: “عيسى الوكواك”، وهي كتيبة أمنية نظامية تابعة لرئاسة الأركان؛ بالإضافة إلى كتيبة “قوات الردع”، وكتيبة “الصقور” التابعة لـ”جيش برقة”، وجميعها تدين بالولاء وتقاتل إلى جانب حفتر، فيما يُسمّى: “عملية الكرامة”.

وفي بني غازي كتيبة: اللواء أول مشاة، المكون أساسًا من كتيبة “الفضيل بو عمر” الأمنية، تنسّق مع حفتر، و”الصاعقة” في ثلاث كتائب: 21، و36، و319، تابعة للقوات الخاصة بليبيا غرب بنغازي، وكتائب تابعة لقبيلتي: “المغاربة” و”الزوي”، وهما في صراعٍ دائمٍ على الحقول النفطية.

2- قوات غرب ليبيا (مؤيدة لحكومة الوفاق):

تنتشر القوات والمليشيات التابعة والمؤيدة لحكومة فايز السراج في الساحل الشمالي الغربي لليبيا، من مصراتة حتى الحدود التونسية، وجميعها تحت إمرة غرفة عمليات “ثوار ليبيا”، وهي قوات غير نظامية، سبق لرئيس “المؤتمر”، نوري أبو سهمين، تكليفها حماية طرابلس.

وتقسيمها كالتالي:

أ- المليشيات المتواجدة في طرابلس العاصمة: قوات فجر ليبيا:

تحالف واسع من ميلشيات جماعة الإخوان المسلمين (حزب العدالة والبناء)، وضم ميلشيات “درع ليبيا الوسطى”، و”غرفة ثوار طرابلس”، وكتائب أخرى من مصراته… عبارة عن تحالف يضم مجموعات موالية لحكومة الوفاق، وأشهرها:

1- ثوار ليبيا أو ثوار طرابلس:

بقيادة مهدي الحاراتي، وعبد الحكيم بلحاج، أحد قيادات تنظيم القاعدة، ويقودها حاليًا هيثم التاجوري وهشام بشر، تتبع جهاز الأمن المركزي التابع لوزارة الداخلية في حكومة الوفاق، تحت سيطرة “ثوار ليبيا” على منطقة رشفانة في الضواحي الجنوبية لطرابلس.

2- قوة الردع الخاصة:

تابعة لحكومة الوفاق والأكثر تسليحًا وعددًا في طرابلس، ويقودها عبد الرؤوف كارة، وهذه القوة المسلحة ذات توجه “تكفيري”، وقد صدر أمر من المجلس الرئاسي في 2018 بحلها، وضمها لجهاز ردع الجريمة غير المنظمة والإرهاب؛ إلا أنها رفضت الامتثال للقرار، وتستمر في أعمالها.

3- لواء النواصي أو “القوة الثامنة”:

متهم بخطف المدير المالي لهيئة الاستثمار الليبية العام الماضي، وتنتشر حول مطار معيتيقة.

4– كتيبة بو سليم:

من أكبر الكتائب في العاصمة طرابلس، وتشتهر باسم كتيبة: “غنيوة”، نسبة لقائدها عبد الغني الككلي، وتعود أصوله لحي بو سليم بالعاصمة، وتشكِّل جهاز “قوة الردع المشتركة والتدخل السريع” لسلطة الحكومة، وواحدة من المجموعات المسلحة الرئيسة الأربعة التي تسيطر على وسط طرابلس.

5- اللواء السابع في ترهونة:

مجموعات من الضباط السابقين في الجيش الليبي، قائد اللواء هو محمد الكاني، ويضم نحو 4 آلاف عسكري من بني وليد ورشفانة، وسرت والعجيلات والنوايل، ومنطقة الشاطئ وسبها، كما يضمّ اللواء أيضًا عشرات الأسماء من قيادات الأسلحة المختلفة، ويتمركز هذا اللواء في مدينة ترهونة، على بعد 60 كيلومترًا من جنوب شرق العاصمة طرابلس.

6– لواء البقرة:

يقوده بشير خلف الله، الذي يعرف بـ”بشير البقرة”، وكان طرفًا في العديد من الاشتباكات حول مطار وقاعدة معيتيقة الجوية، يسيطر على بعض المناطق في العاصمة طرابلس، رغم إصدار السراج أوامر بحله في وقت سابق.

ب- المليشيات المتواجدة في مصراتة:

معادية للمشير خليفة حفتر، ومنقسمة بين مؤيد ومعارض لحكومة الوفاق الوطني، والمعارضة منها متحالفة مع فصائل إسلامية موالية للمفتي صادق الغرياني ولخليفة الغويل، وتتواجد بعض هذه الفصائل كذلك في العاصمة، وتسيطر مجموعات من مصراتة على سرت ومحيطها، وتمكنت من تحرير سرت من تنظيم داعش في نهاية 2016.

ويقدر عدد المقاتلين الفعليين فيها حوالي: 25 ألف مقاتل، وتنتشر فيها قرابة 230 كتيبة، شكلت ما يعرف بقوة “درع ليبيا الوسطى”، وتمتلك هذه الكتائب مجتمعة ما يزيد عن 3500 سيارة مجهزة بمضادات للطائرات، وراجمات الصواريخ، وما يزيد عن 200 دبابة، ويتمركز معظمها في معسكرات تابعة للنظام السابق، كما تتمركز باقي الكتائب في ضواحي المدينة.

وقد دخلت جميع كتائب مصراتة، سواء تلك التي تتبع “لواء درع الوسطى”، أو غير المنضوية تحتها: كـ”كتيبة الحلبوص”، و”المرسي”، وقوات “درع الغربية”، في حرب مع “القعقاع” و”الصواعق”، التي يُسيطر عليها قادة من الزنتان، للسيطرة على مطار طرابلس الدولي، ومعسكر “النقلية”، وجمعية “الدعوة الإسلامية”، ورئاسة الأركان العامة، وهي جميعها مقارّ رسمية حكومية، تسيطر عليها تلك المليشيات، وتفرض من خلالها نفوذها على جميع أعمال الحكومة، وساهمت في اقتحام مقر “المؤتمر” مرات عدة، واعتدت على أعضاء البرلمان الليبي.

ج- فصائل الزنتان:

تعارض هذه الفصائل التيارات الإسلامية، وإن بقي عدد منها على صلات مع حكومة الوفاق الوطني و”الجيش الوطني الليبي” في الوقت نفسه، وتسيطر هذه الفصائل على حقول النفط في غرب البلاد، وعينت حكومة الوفاق أخيرًا ضابطًا من الزنتان قائدًا عسكريًّا على المنطقة الغربية.

3- ميليشيات الجنوب:

تُسيطر القبلية على المشهد العسكري في الجنوب، فتتوزع كتائبه على شق عربي بقيادة قبيلة أولاد سليمان وأولاد بو سيف من جهة، وشق قبائل “التبو” من جهة أخرى، ففي مدينة سبها: ينتشر اللواء السادس مشاة، التابع لرئاسة الأركان، لكنه يدين بالولاء لقبيلة أولاد سليمان، ولكتيبة “شهد المهدية” التي تتبع قبيلة أولاد بو سيف.

قبائل “التبو” ولها كتيبتان: “شهداء أم الأرانب”، بقيادة: بركه ولد ورادكو، و”شهداء القطرون” بزعامة اللاشي، متمركزتان في مدينة مرزق. وقبائل “الطوارق” لها كتيبة “تنيري” المكوّنة من عسكريين سابقين، قاتلوا إلى جانب نظام القذافي في مصراتة والبريقة وسرت، وكتيبة: “412”، وهي مجموعة صغيرة من الطوارق، في مدينة أوباري.

ويعتبر إقليم الجنوب مركز عمليات التهريب والسلاح، ويوجد ما لا يقل عن سبعة فصائل إفريقية، تنحدر من تشاد ومالي، والسودان والنيجر والسنغال، وبوركينافاسو وموريتانيا، في المناطق الحدودية في الجنوب الليبي.

ومن أبرز الجماعات المسلحة في الجنوب الليبي: الطوارق، وجماعات تابعة لقبائل التبو، وجماعات جهادية منحرفة تتنقل على الحدود بين دول الساحل والصحراء.

4- المليشيات المتطرفة:

وهي تضم مجموعات متعددة لتنظيمات متطرفة وإرهابية منتشرة في مناطق متفرقة من ليبيا التي لا تخضع لسيطرة أي من الطرفين الرئيسيين: “حفتر والسراج”، أو التي تقل فيها الكثافة السكانية والنفوذ القبلي.

ومن أهمها:

أ- في الشرق الليبي:

كتائب “الدروع الجهادية” وفي البيضاء، وبنى غازي كتائبها تتكوّن بالأساس من جبهات قريبة من التيار الإسلامي، ومنضوين تحت رئاسة الأركان، ككتيبة “17 فبراير”، وكتيبة “شهداء ليبيا الحرة”، وكتيبة “راف لله السحاتي”، وكتائب “أنصار الشريعة”، المنتشرة في سرت أيضًا، وتتجمّع جميع تلك التشكيلات، تحت لواء ما يُسمّى بـ”مجلس شورى الثوار” الذي يخوض حربًا شرسة ضد حفتر.

ب- تنظيم داعش:

يمارس التنظيم لعبة الكر والفر؛ إذ سيطر في فترات على النوفلية وسرت ودرنة وغيرها، ليعود ويخسر أغلب هذه الأراضي. وأغلب مناطقه الآن في الغرب بعد أن هُزم في المناطق الشرقية؛ غير أن له جيوبًا في بعض المدن الشرقية، كما يتواجد على حدود مدينة سرت، ويعمل التنظيم في الصحراء الجنوب، كما نفذ عمليات في طرابلس.

والقيادة الحالية لتنظيم داعش في ليبيا تتكون في الغالب من مواطنين ليبيين، فيما عدا الاستثناء الوحيد، وهو العراقي عبد القادر النجدي (المعروف أيضًا باسم: أبو معاذ التكريتي)، والذي كان أحد قادة التنظيم منذ بدايتها في ليبيا، بينما سابقًا كان المقاتلون الأجانب يسيطرون على الجماعة وقت ظهورها في ليبيا.

وعلى سبيل المثال: أبو أمير الجزراوي، المقاتل السعودي الذي قاد عملية قتل الأقباط المصريين في ليبيا عام 2015.

وبعد انسحابه مهزومًا في سرت، أعاد تنظيم داعش تجميعه في الصحراء ليشكل ما يُسمَّى: (سرايا الصحراء)، وهي وحدات صغيرة مسئولة عن هجمات الكر والفر في ليبيا على مدى السنوات الماضية، بقيادة المهدي سالم دانغو (أبو بركات).

ج- تنظيم القاعدة:

بخلاف المجموعات الموجودة في العاصمة طرابلس، هناك مجموعة “أنصار الشريعة” التي تمكنت في 2012 من قتل أربعة أمريكيين بينهم السفير في هجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي، ولها عدد من الفصائل تنشط في ليبيا وتعمل تحت مسميات مختلفة.

وهذه هي أبرز المليشيات والفصائل المسلحة الموجودة في ليبيا حاليًا، بينما نرجئ الحديث عن الجنود المرتزقة؛ سواء قوات فاغنر الروسية الداعمة لحفتر، أو المقاتلين السوريين التي نقلتهم تركيا الداعمة للسراج، باعتبارهما أداتين لكلٍّ مِن روسيا وتركيا في تدخلهما في الملف الليبي، وليستا من الجماعات المتأصلة في المشهد.

مستوى فصائل والمليشيات المسلحة في الصراع الليبي

صفحة (6/3)

التعليقات مغلقة.