fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

خطة التحول الرقمي في مصر… الرؤية والتحديات والإنجازات

123

أصبح التحول الرقمي هو سمة العصر، حيث تتبنى العديد من دول العالم هذا التوجه خلال الآونة الأخيرة؛ إذ يعد واحدًا من أهم سبل التطور والتقدم على كافة الأصعدة، وبدورها تشهد مصر اليوم تحولًا رقميًّا كبيرًا في مختلف المجالات الحيوية، وأصبح المجتمع المصري يشهد تغيرًا كبيرًا في الطريقة التي يتفاعل بها مع التكنولوجيا والإنترنت؛ خاصة أن هذه التقنيات الرقمية الجديدة تعد من أهم الاتجاهات التي تساهم في تطوير وتأمين مستقبل الاقتصاد والتعليم والحكومة والمجتمع.

وقد بدأت الحكومة المصرية بتبني العديد من المبادرات والبرامج التي لتعزيز التحول الرقمي في البلاد، ومن بين هذه المبادرات: مبادرة “الحكومة الإلكترونية”، والتي تهدف إلى تحويل الخدمات الحكومية إلى منصة رقمية تستطيع الجميع الوصول إليها بسهولة، ومبادرة “مصر الرقمية” التي تهدف إلى تطوير البنية التحتية الرقمية وتحسين الوصول إلى الإنترنت في البلاد.

وفي هذا البحث، سوف نتناول الفرق بين التحول الرقمي والرقمنة، والتعريف بأهداف التحول الرقمي؛ بالإضافة إلى تاريخ التحول الرقمي، واستعراض الركائز التي يقوم عليها التحول الرقمي، قبل أن نستعرض معوقات التحول الرقمي، ومناقشة التوجه الاستراتيجي للتحول الرقمي في الدولة المصرية، وكذلك دور التحول الرقمي في دعم بيئة الأعمال، وجذب الاستثمارات في مصر في ضوء رؤية 2030.

ما الفرق بين التحول الرقمي والرقمنة؟

التحول الرقمي والرقمنة يشيران إلى مفاهيم مرتبطة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ولكن يختلفان في المعنى الدقيق لكلمة “رقمي”، وهما مصطلحان يشيران إلى عملية تحويل العمليات والأنشطة من تقنيات تقليدية إلى تقنيات رقمية، وعلى الرغم من أن الاثنين يشيران إلى فكرة واحدة؛ إلا أنه يوجد فرق بسيط بينهما، نستعرضه فيما يلي:

بالنسبة للتحول الرقمي، فهو يشير إلى تحويل العمليات التقليدية العادية إلى العمليات الرقمية باستخدام تقنيات الحوسبة والذكاء الاصطناعي، والتحليل الضخم للبيانات والإنترنت، والأشياء، وغيرها من التقنيات الحديثة، ويستخدم التحول الرقمي في مختلف الصناعات، مثل: الصناعة والتجارة، والخدمات، والتعليم والصحة، وغيرها؛ فالتحول الرقمي الذي يطلق عليه مصطلح: (Digital Transformation) يشير إلى التغيير الشامل الذي يحدث في المؤسسات والمنظمات بسبب التكنولوجيا الرقمية، وهو يشمل تطبيق التكنولوجيا الرقمية على جميع جوانب الأعمال، بدءًا من تصميم وإنتاج وتسويق المنتجات، وصولًا إلى خدمة العملاء وإدارة الموارد البشرية، ويهدف التحول الرقمي إلى تحسين كفاءة العمل والإنتاجية وتحسين تجربة العملاء وزيادة الربحية(1).

وعلى الجانب الآخر: يشير مصطلح الرقمنة إلى عملية تحويل المعلومات من التنسيقات التناظرية إلى التنسيقات الرقمية، مثل تحويل الكتب الورقية إلى صيغ إلكترونية مثل:  PDF، ومن ذلك نفهم أن مصطلح الرقمنة يستخدم في عمليات تحويل الوثائق والصور والصوت والفيديو إلى صيغ رقمية لتسهيل الوصول إليها وتحسين جودتها وحفظها ومشاركتها، إذًا يقصد بالرقمنة (Digitization) عملية تحويل المعلومات من شكلها التنائي التقليدي -مثل الوثائق الورقية- إلى شكل رقمي يمكن تخزينه ومعالجته على الأجهزة الذكية والحواسيب الآلية، ويشمل ذلك استخدام التقنيات الرقمية لتحويل البيانات المكتوبة والمطبوعة والمصورة، وغيرها، إلى ملفات رقمية يمكن الوصول إليها بسهولة ومعالجتها بشكل فعال، وتهدف الرقمنة إلى تحسين التنظيم والإدارة وتوفير الوقت والتكلفة في إدارة البيانات والمعلومات(2).

ما أهداف التحول الرقمي؟

من التعريفات السابقة، ومن توضيح الفرق بين الرقمنة والتحول الرقمي، يمكن أن نتوصل إلى مجموعة من الأهداف التي تسعى الدول إلى تحقيقها من خلال تبني خطة التحول الرقمي، وفي هذه السطور نذكر عددًا من هذه الأهداف:

تتضمن أهداف التحول الرقمي العديد من الأهداف الرئيسية، ومنها:

تحسين الكفاءة والإنتاجية؛ إذ يهدف التحول الرقمي إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي والتحليل الضخم بشكل يساهم في تحسين الكفاءة والإنتاجية في المؤسسات والشركات، علاوة على تحسين تجربة المستخدم، حيث يهدف التحول الرقمي إلى تحسين تجربة المستخدم وتوفير الوقت والجهد عن طريق تقديم خدمات مبتكرة ورقمية تلبي احتياجات المستخدمين.

توفير الوقت والتكاليف يعد أحد أبرز هذه الإهداف، حيث يهدف التحول الرقمي إلى توفير الوقت والتكاليف من خلال التخلص من الأساليب التقليدية وتبني التكنولوجيا الحديثة التي توفِّر حلولًا رقمية لتلك الأساليب؛ هذا بالإضافة إلى تعزيز الشفافية والمساءلة؛ لأن التحول الرقمي يهدف إلى تعزيز الشفافية والمساءلة في المؤسسات والحكومات وتحسين الإدارة والتحكم.

ومن بين أهداف التحول الرقمي أيضًا: يأتي التوسع في العمل، حيث يهدف التحول الرقمي إلى توسيع نطاق الأعمال والفرص والتواصل في المؤسسات والشركات؛ بالإضافة إلى تعزيز الابتكار والإبداع؛ لأن التحول الرقمي يهدف إلى تشجيع الابتكار والإبداع، وتحفيز التفكير الإبداعي لتحقيق المزيد من النجاح والتميز(3).

تاريخ التحول الرقمي:

ظهر الاستخدام الأول لمصطلح: “التحول الرقمي” في الأوساط الصناعية والتجارية في الألفية الجديدة، وقد بدأ التركيز الرسمي على التحول الرقمي في الولايات المتحدة في عام 2010، عندما قدَّمت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما خطة “التحول الرقمي الوطني” كجزء من الاستجابة الحكومية للأزمة المالية العالمية، ومنذ ذلك الحين شهد العالم تحولًا كبيرًا في مجال التكنولوجيا الرقمية والمعلوماتية، وأصبح التحول الرقمي مفهومًا واسع الانتشار، وأصبح جزءًا من أهداف كل من الحكومات والشركات والمؤسسات في جميع أنحاء العالم.

وفي العقد الأخير من القرن الماضي، شهد العالم تحولًا هائلًا نحو الرقمنة والتحول الرقمي، ومن الممكن تحديد بداية هذا التحول في الثمانينيات حينما بدأ استخدام الحواسيب الشخصية في الشركات والمؤسسات، مما ساعد على تطوير التكنولوجيا الرقمية وتحسينها، ثم في التسعينيات بدأ استخدام الإنترنت ينتشر بشكل واسع، وأدَّى ذلك إلى تطوير الاتصالات والتواصل بين الناس والمؤسسات على مستوى عالمي، وتوسع استخدام الإنترنت في بداية الألفية الثانية، حيث أصبح الانترنت يوفر للناس أيضًا وسائل الترفيه والتسوق، والتعلم، وغيرها من الخدمات المختلفة، وفي السنوات الأخيرة شهدنا زيادة ملحوظة في استخدام الهواتف الذكية والتطبيقات المختلفة التي تعتمد على التقنيات الرقمية؛ مما يعزز التحول الرقمي بشكل كبير، حيث توقعت شركة آي. بي. إم (IBM) أن يتم توليد ما يقرب من 2.5 زيتابايت من البيانات يوميًّا بحلول عام 2020؛ مما يدعو إلى التحول الرقمي للعديد من الصناعات والقطاعات(4).

ما الركائز التي يقوم عليها التحول الرقمي؟

نظرًا لأن التحول الرقمي له أهداف عدة ومختلفة، فإن له كذلك عدة ركائز يستند إليها ويعتمد عليها، وبدورنا في “رواق” سوف نستعرض جزءًا من هذه الركائز في السطور التالية، حيث يقوم التحول الرقمي على عدد من الركائز الأساسية التي تسهم في تحقيق أهدافه، وهي:

  1. التحول التكنولوجي، وهو عبارة عن الاستفادة من التقنيات الحديثة والمتطورة في مجالات مختلفة مثل تحليل البيانات، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، والإنترنت الأشياء، وغيرها، بهدف تحسين الأداء والكفاءة وتحسين تجربة المستخدمين.
  2. الإدارة والتحكم، وهو التركيز على إدارة الموارد والعمليات والتحكم فيها بشكل أفضل وذلك باستخدام البرمجيات المتطورة وتحليل البيانات والتحكم بالعمليات بشكل مركزي.
  3. الإستراتيجية والتخطيط، وهو تغيير الإستراتيجية والتخطيط الإداري لتتناسب مع التحول الرقمي، ويتمثل في تحديث المنتجات والخدمات، والمعايير والإجراءات الإدارية لتكون أكثر كفاءة وفعالية ومرونة.
  4. الثقافة والتعلم، وهو تعزيز الثقافة الرقمية وتعزيز قدرات ومهارات العاملين لتحسين أدائهم وتعزيز تحولهم الرقمي ويتم ذلك من خلال التدريب والتطوير والتعليم الرقمي.
  5. التحول الاجتماعي والثقافي، وهو التغيير الذي يطرأ على المجتمعات والثقافات نتيجة للتحول الرقمي وتتضمن ذلك التغيير في النمط الحياتي والتفاعل الاجتماعي والتواصل والعمل، كما يتطلب التحول الرقمي تغييرًا في العقليات والثقافات القائمة في المؤسسات والمجتمعات، حيث يجب أن يصبح الرقمي جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية والعملية الإدارية والتعليمية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ويجب أن يعمل الأفراد والمؤسسات على تعلم التقنيات الحديثة والاستفادة منها بصورة فاعلة وإدماجها في جميع جوانب الحياة.
  6. 6-  البنية التحتية الرقمية: تعتمد نجاح التحول الرقمي على البنية التحتية الرقمية، والتي تشمل الشبكات والتطبيقات والخوادم والأجهزة المتصلة بالإنترنت والتي يمكن الوصول إليها بسهولة وتوفر الخدمات الرقمية اللازمة، حيث يجب أن تكون هذه البنية قادرة على التعامل مع حجم البيانات الهائلة والتحديات الأمنية والخصوصية المتزايدة.
  7. 7-  الاستخدام الفعال للبيانات، إذ تمثِّل البيانات الرقمية الحجر الأساسي للتحول الرقمي، ويجب أن تكون هذه البيانات متاحة وقابلة للوصول والتحليل والاستخدام الفعال في العمليات الإدارية والأعمال، واتخاذ القرارات والابتكارات والتحسين المستمر(5).

معوقات التحول الرقمي في مصر:

مصر كونها إحدى دول العالم الثالث؛ تواجه العديد من المعوقات عند الحديث حول التحول الرقمي؛ لذا عليها بذل المزيد من الجهود في تذليل هذه المعوقات والعقبات لتخطيها، ومن بين هذه المعوقات ما يلي:

  1. قلة الوعي التقني، حيث إن العديد من المواطنين والشركات والمؤسسات لا يفهمون بشكل كافٍ أهمية التحول الرقمي وفوائده، مما يؤثر سلبًا على قدرتهم على استخدام التقنيات الحديثة والتحول للعمل الرقمي.
  2. ضعف البنية التحتية التقنية؛ فمعظم المدن المصرية لا تزال تعاني من مشاكل في توفير الاتصال بشبكة الإنترنت وسرعات اتصال بطيئة، مما يجعل من الصعب تنفيذ تحول رقمي كامل في البلاد.
  3. نقص الموارد المالية؛ إذ تحتاج عملية التحول الرقمي إلى استثمارات كبيرة في البنية التحتية التقنية وتطوير البرمجيات وتدريب العاملين والتسويق والترويج، وهذا يتطلب ميزانيات كبيرة تفتقر إليها العديد من الشركات والمؤسسات والحكومة في مصر.
  4. الثقافة التنظيمية التقليدية؛ إذ تعتمد العديد من المؤسسات والحكومة في مصر على الأساليب التنظيمية التقليدية والإدارة الورقية، مما يجعل من الصعب تبني تقنيات العمل الرقمي والانتقال إلى العمل الإلكتروني؛ بالإضافة إلى البيروقراطية والتعقيدات الإدارية، حيث تشهد العديد من الإجراءات الحكومية في مصر تعقيدات إدارية وبيروقراطية، مما يؤثر على سرعة تبني التقنيات الرقمية وتطبيقها بفاعلية.
  5. الأمن السيبراني، يشكل الأمن السيبراني مشكلة كبيرة في مصر، حيث توجد هجمات إلكترونية متزايدة على الحكومة والشركات والمؤسسات، وهذا يعرقل عملية التحول الرقمي في البلاد(6).

كيف تتغلب مصر على تلك المعوقات؟

وفقًا لتحركات مصر الرسمية ووفقًا لبيانات وتصريحات الحكومة، توجد هناك رغبة حقيقية لدى الدولة في الوصول إلى التحول الرقمي على كافة الأصعدة؛ لذلك يمكن لمصر أن تتغلب على تلك المعوقات التي ذكرناها بالأعلى، ويمكن التغلب على تلك المعوقات من خلال التالي:

تحسين البنية التحتية الرقمية؛ إذ تحتاج مصر إلى استثمارات كبيرة في تطوير البنية التحتية الرقمية، بما في ذلك تحسين الشبكات اللاسلكية والتحول إلى تقنية الجيل الخامس  (5G)، وتعزيز الأمن السيبراني لحماية البنية التحتية الرقمية والبيانات المتداولة عبرها.

كما يمكن التغلب على تلك المعوقات من خلال تعزيز الوعي الرقمي، حيث تعد زيادة الوعي الرقمي بين المواطنين والقطاع الخاص أمرًا أساسيًّا لضمان نجاح التحول الرقمي في مصر، ويمكن تحقيق ذلك عن طريق تقديم التدريب والتعليم حول التقنيات الرقمية والتحفيز على استخدامها في جميع المجالات.

التغلب على معوقات التحول الرقمي يحتاج إلى تعزيز التعاون الدولي، حيث يتطلب التحول الرقمي تعاونًا دوليًّا فعالًا لتحسين البنية التحتية الرقمية وتنمية قطاع التكنولوجيا، وتقاسم المعرفة والخبرات فيما بين الدول، كما يجب تحسين بيئة الأعمال؛ إذ يتطلب التحول الرقمي تحسين بيئة الأعمال في مصر، من خلال تقديم الدعم والحوافز للشركات التي تعمل في مجال التكنولوجيا والابتكار، وتطوير السياسات واللوائح الداعمة لقطاع التكنولوجيا.

التغلب على معوقات التحول الرقمي يحتاج أيضًا إلى التدريب والتعليم، حيث يجب أن يتم توفير التدريب والتعليم اللازم للكوادر العاملة في الحكومة والشركات والمؤسسات، وكذلك للمواطنين العاديين حول استخدام التقنيات الرقمية وكيفية التعامل معها؛ بالإضافة إلى التشريعات والسياسات إذ يجب على الحكومة والمؤسسات الخاصة والعامة وضع التشريعات والسياسات التي تدعم التحول الرقمي وتشجع على الاستثمار فيه؛ بالإضافة إلى توفير الحماية للمستهلكين والأفراد في استخدام التقنيات الرقمية.

هناك عوامل أخرى يمكن أن تساعد الدولة في التغلب على معوقات التحول الرقمي، نلخصها فيما يلي:

– التعاون والشراكات، حيث يجب أن يتم التعاون بين الحكومة والشركات الخاصة والمؤسسات والجهات الأكاديمية والأبحاث لتطوير التقنيات الرقمية وتبادل الخبرات والمعرفة، وتشجيع الشراكات والاستثمارات المشتركة في هذا المجال.

– التوعية والإعلام؛ إذ يجب أن يتم التوعية بأهمية التحول الرقمي وفوائده، وذلك من خلال وسائل الإعلام المختلفة والمبادرات التوعوية والتثقيفية التي تنظمها الحكومة والمؤسسات والجمعيات المدنية.

– التركيز على التعليم الرقمي، فالحكومة عليها أن تعزز التعليم الرقمي في جميع مراحل التعليم، بدءًا من المرحلة الابتدائية وحتى التعليم الجامعي، وتوفير البنية التحتية اللازمة لدعم هذا النوع من التعليم.

– تحسين الأمن السيبراني، يجب على الحكومة تعزيز الأمن السيبراني في مصر، بما في ذلك تحسين تشريعات الأمن السيبراني وتوفير التدريب المناسب للموظفين في هذا المجال.

– تشجيع الابتكار والريادة، يجب على الحكومة دعم الابتكار والريادة في مجال التكنولوجيا الرقمية في مصر، وتوفير الدعم المالي والتقني اللازم للشركات الناشئة والمبتكرة في هذا المجال(7).

ما التوجه الإستراتيجي للتحول الرقمي في الدولة المصرية؟

تعتمد خطة مصر للتحول الرقمي على الإستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي التي تهدف إلى تعزيز التكنولوجيا الرقمية في الحكومة والشركات والمجتمع بشكل عام، وذلك لتحقيق التنمية المستدامة وزيادة فرص العمل وتحسين جودة الحياة للمواطنين، وقد تم الإعلان عن الخطة الوطنية للتحول الرقمي في مصر في عام 2017 بتوجيه من الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتستهدف الوصول إلى مستوى متقدم في التكنولوجيا الرقمية بحلول عام 2030، حيث تهدف هذه الخطة إلى تعزيز النمو الاقتصادي في مصر وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين وتحسين البنية التحتية الرقمية في البلاد.

وتتضمن الخطة الوطنية للتحول الرقمي في مصر العديد من المبادرات والمشروعات، ومن بينها:

– بناء محطات توليد الكهرباء بتقنية الغاز المسال والطاقة الشمسية والرياح، وذلك لتوفير الطاقة اللازمة لدعم النمو الاقتصادي وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين.

– تحسين بنية الاتصالات وتغطية الشبكة الرقمية في البلاد، وذلك من خلال إنشاء مشروعات تحتوي على خدمات الاتصالات المتنقلة والشبكات اللاسلكية والبنية التحتية للإنترنت.

– تنفيذ مشروعات تكنولوجية حديثة في مجال الذكاء الاصطناعي، والتحليل الضخم للبيانات والحوسبة السحابية والإنترنت من الأشياء وغيرها من التقنيات الحديثة.

– تطوير خدمات الحكومة الإلكترونية والرقمية وتوفير خدمات حكومية متكاملة عبر الإنترنت، وذلك لتحسين تجربة المواطنين في التعامل مع الحكومة وتوفير الوقت والجهد.

– دعم التعليم والتدريب في مجال التكنولوجيا الرقمية وتنمية مهارات الشباب في هذا المجال؛ بالإضافة إل تطوير قطاع التعليم الإلكتروني، حيث تم إطلاق مبادرات مختلفة، مثل: مبادرة “مدرستي” التي تهدف إلى توفير الأجهزة اللوحية للطلاب والمعلمين وتحسين التعليم الإلكتروني في مصر.

 -دعم رواد الأعمال والشركات الناشئة، حيث تم تطوير عدد من المبادرات والبرامج التي تدعم رواد الأعمال والشركات الناشئة، وتوفير التمويل والدعم الفني لهم للمساعدة في تطوير حلول تقنية جديدة.

 -تطوير الحكومة الإلكترونية، حيث تم تطوير الخدمات الحكومية الإلكترونية وتسهيل الوصول إليها، وتطوير النظم الإلكترونية لتحسين الجودة والكفاءة في تقديم الخدمات الحكومية، علاوة على تحسين التمويل الرقمي والتجارة الإلكترونية، حيث تم تطوير بوابات الدفع الإلكترونية والمدفوعات الرقمية، وتسهيل التجارة الإلكترونية وتوفير الدعم الفني لأصحاب الأعمال(8).

– دور التحول الرقمي في دعم بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات في مصر في ضوء رؤية 2030:

تسعى مصر إلى جذب المزيد من الاستثمارات وتعزيز بيئة الأعمال من خلال التحول الرقمي وتطبيقاته، ووفقًا لتقرير صادر عن الاتحاد العام للغرف التجارية في مصر في عام 2020، فقد ارتفع عدد المشروعات الرقمية في مصر إلى 2,283 مشروعًا، بزيادة 20 ٪ عن العام السابق، وتبلغ قيمة الاستثمارات في هذه المشروعات حوالي 2.3 مليار دولار، ومن خلال رؤية 2030 تسعى مصر إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث تهدف إلى زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية إلى 8 مليارات دولار سنويًّا بحلول عام 2022، وزيادة عدد المشاريع الصناعية إلى 3,000 مشروع بحلول عام 2025، وفي هذا الصدد فإن التحول الرقمي يساعد على تحسين تنافسية المشاريع المصرية على المستوى الإقليمي والدولي، وزيادة القدرة على التصدير، وزيادة الإيرادات المحلية(9).

وفي هذا الإطار، فإن التحول الرقمي يمثِّل عاملًا أساسيًّا في تحقيق رؤية 2030، والتي تستهدف جذب استثمارات بقيمة 600 مليار دولار خلال الفترة من 2018 إلى 2030، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي بمعدل يصل إلى 7 في المائة سنويًّا.

وقد أشار تقرير صادر عن مؤسسة “أوكسفام” في عام 2019 إلى أن التحول الرقمي يمكن أن يدعم نمو الاقتصاد المصري ويخلق فرص عمل جديدة، حيث يتوقع أن يسهم التحول الرقمي في خلق نحو 4 ملايين فرصة عمل جديدة بحلول عام 2025؛ علاوة على ذلك يتطلع المستثمرون في القطاع الخاص إلى دعم بيئة الأعمال في مصر، ويمكن للتحول الرقمي أن يساعد على تحسين هذه البيئة من خلال تسهيل العمليات التجارية وتحسين الكفاءة والإنتاجية، مما يزيد من جاذبية مصر للاستثمار.

وفي هذا الصدد، تشير الأرقام إلى أن التحول الرقمي في مصر بدأ يحقق بعض النجاحات، حيث ارتفعت قيمة الاستثمارات في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مصر بمعدل يزيد عن 40 في المائة خلال الفترة من 2017 إلى 2018، ووصلت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في هذا القطاع إلى مستوى قياسي جديد بلغ 422 مليون دولار في عام 2018(10).

من جانب آخر: تتضمن خطة التحول الرقمي في مصر إنشاء مناطق تكنولوجية متكاملة تسمى: “المدن الذكية”؛ بهدف جذب الاستثمارات وتعزيز الابتكار والتنمية المستدامة.

وقد تم العمل على بناء عدة مدن ذكية في مصر، مثل: مدينة العلمين الجديدة، ومدينة بدر، ومدينة 6 أكتوبر، ومدينة الفردوس الجديدة، وغيرها، وتهدف هذه المدن الذكية إلى جذب الشركات التكنولوجية وتوفير فرص العمل للشباب المصري، وتحسين جودة الحياة في المجتمعات المحيطة بها.

وقد تم تخصيص ميزانية كبيرة لهذه المشاريع، حيث تصل تكلفة مدينة العلمين الجديدة إلى 45 مليار دولار، وتبلغ تكلفة مدينة بدر 58 مليار جنيه(11).

الخلاصة:

يعد التحول الرقمي أحد معالم التطور التكنولوجي على مستوى كافة دول العالم، وعلى الصعيد المحلي يعد التحول الرقمي أحد معالم الجمهورية الجديدة خاصة في ظل رؤية مصر 2030م التي تستهدف الدولة من خلالها استثمارات بقيمة 600 مليار دولار، لكن هناك بعض المعوقات التي قد تعرقل هذه الخطة، وعلى رأس هذه المعوقات: “قلة الوعي التقني، ضعف البنية التحتية التقنية، نقص الموارد المالية، ضعف الثقافة التنظيمية التقليدية، بالإضافة إلى مشكلات الأمن السيبراني”.

ولذلك فإن مصر بحاجة إلى بذل مزيد من الجهود إذا كانت لديها الرغبة في تحقيق أهدافها من التحول الرقمي الذي يمكن أن يحدث طفرة غير مسبوقة في مجال الاستثمارات الأجنبية أو المحلية على حدٍّ سواء؛ لذا فإن مصر مطالبة في خلال الفترة المقبلة بالعمل على تذليل العقبات التي تواجه عملية التحول الرقمي.

وينتظر التحول الرقمي في مصر مستقبلًا واعدًا يُبنَى على توجه إستراتيجي يهدف لدعم الاقتصاد والتنمية المستدامة؛ خاصة أن خطة التحول الرقمي الوطنية لعام 2030 تضمنت العديد من المبادرات التي تهدف إلى تطوير البنية التحتية الرقمية وتعزيز الابتكار وريادة الأعمال وتحسين الخدمات الحكومية، وتشجيع التعليم الرقمي والتدريب، وتوفير فرص عمل، علمًا بأن هذا التحول يرتكز على الاستثمار في التكنولوجيا والبنية التحتية الرقمية، وتطوير الموارد البشرية، ويمثل فرصة لجذب الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز النمو الاقتصادي وتحسين جودة الحياة للمصريين.

 مصادر تم الاستعانة بها:

1- “التحول الرقمي في العالم العربي: المفاهيم والتحديات والآفاق”، مجلة التقنية والتنمية، العدد 28، 2019.

2- “الرقمنة في الوطن العربي: تحديات وفرص”، منشور في موقع “المشرق نيوز”، 2019م.

3- “رقمنة الحكومة: الرؤية والإستراتيجية والتنفيذ” للدكتور محمد بن إبراهيم السويدي، نُشر في عام 2017 من قبل مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية.

4- “التحول الرقمي في القطاع العام: مفاهيم وتجارب عالمية وعربية” للأستاذ محمد نعيم الخوجة، نُشر في عام 2020 من قبل مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع “موهبة” في السعودية.

5- “التحول الرقمي… بناء الثقافة الرقمية في الشركات” من موقع “العربية نت”، نشر في 14 أكتوبر 2020.

  • التحول الرقمي في العالم العربي: تحديات وفرص”، منشور في موقع “مبادرة التحول الرقمي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، 2020م.
  • 7-  “التحول الرقمي في مصر… كيفية تفعيل دور الحكومة في توفير الخدمات الإلكترونية للمواطنين”، والذي نشر في جريدة الأخبار المصرية في تاريخ 6 فبراير 2021.
  • 8- “التحول الرقمي في مصر… مشروعات حكومية تطوّر الخدمات الإلكترونية”، والذي نشر في موقع مبتدا في تاريخ 23 فبراير 2021.
  • 9- “التحول الرقمي في مصر… تحديات وفرص”، والذي نشر في موقع المصريون في تاريخ 12 مارس 2021.
  • موقع مصراوي: نشر مقالًا بتاريخ: 17 مايو 2021 حول تقرير أصدره بنك الاستثمار الأوروبي يتحدث عن الفرص الاستثمارية في مصر في مجال التحول الرقمي، وذكر التقرير أن مصر تعتبر واحدة من أكثر الدول استثماراً في البنية التحتية الرقمية في إفريقيا.
  • رؤية مصر 2030: الرقمنة”، منشور في موقع المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، 2016م.

التعليقات مغلقة.